الغرب ليس كتلة صماء واحدة في التوجهات الفكرية
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
في أحد المقالات التي كتبتها في الأسابيع الماضية، بعد الحراك الشعبي الكبير في العديد من الدول الغربية، تحدثت عن أهمية معرفة الغرب من الداخل الشعبي، ونظرته ورؤيته الفكرية تجاه قضايا العالم ومشكلاته، وماذا تكون نظرته للآخر وقضاياه ومشكلاته؛ لأن ما جرى بعد الحرب على غزة بعد السابع من أكتوبر العام المنصرم، والفضائع الضخمة التي ارتكبت على الشعب الفلسطيني، ومنها إبادات جماعية مروعة شهدها العالم بالنقل المباشر، وغيرها من الأعمال التي تقشعر منها الأبدان، جعلت الشباب في بعض الجامعات الغربية، ونخبا فكرية وسياسية فيها، سواء في هذه الجامعات أو البرلمانات أو في مؤسسات المجتمع المدني ترفع أصواتها معارضة ومستنكرة ما يجري من قتل وتنكيل وتهجير، فهذه المظاهرات والاعتصامات الأخرى، داخل الجامعات تضامنًا مع مظلومية هذا الشعب، وأن توقف هذه الحرب الظالمة، ويستعيد هذا الشعب حقوقه العادلة، كما أقرتها القوانين الدولية، ومحاكمة مرتكبي جرائم الحروب السابقة واللاحقة، لذلك قلت في المقال السابق نحن: «بحق نحتاج إلى معرفة ومتابعة واستقصاء جدي، ونحن بأمس الحاجة إلى الإنصاف في قضايانا المصيرية، وإعطاء صورة صادقة عن حقيقة الواقع الذي تم تحريفه في الغرب، من خلال مؤسسات فاعلة وقوية ومؤثرة».
ولا شك أن هذه الدراسة قدمت جهدًا إيجابيًا، لكنه لم يكن جهدًا من داخل شعوب الغرب وتياراته والكتل الفكرية فيه لها رؤيتها، لكنه في مقدمة هذا الكتاب، كانت دراسته في الاستغراب كرد على المركزية الغربية، فيقول د. حسن حنفي في تفسير هدف هذا الكتاب فيقول: «مهمة علم الاستغراب هو القضاء على المركزية الأوروبية، بيان كيف أخذ الوعي الأوروبي مركز الصدارة عبر التاريخ الحديث داخل بيئته الحضارية الخاصة، مهمة هذا العلم الجديد رد ثقافة الغرب إلى حدودها الطبيعية بعد أن انتشرت خارج الحدود إبان عنفوانه الاستعماري من خلال سيطرته على أجهزة الإعلام وهيمنته على وكالات الأنباء، ودور النشر الكبرى، ومراكز الأبحاث العلمية، والاستخبارات العامة، مهمته القضاء على أسطورة الثقافة العالمية التي يتوحد بها الغرب، ويجعلها مرادفة لثقافته، وهي الثقافة التي على كل شعب أن يتبناها حتى ينتقل من التقليد إلى الحداثة». وفي هذه المقدمة التي أشرنا فيها إلى بعض ما طرحه د. حنفي، أشرنا قبل ذلك أن الغرب عندما أسس ما سمي بـ(الاستشراق)، لم يكن الهدف منه المعرفة فقط بعيدة عن الأغراض والأهداف الأخرى، التي لم تكن ظاهرة في بداية احتلاله، بل كان له هدف استعماري، وهذا الهدف لم يكن مطروحًا في فترة الحروب الصليبية، فالغرب في زحفه الاستعماري الجديد، كانت نظرته خافية تجاه اهتمامات أخرى، ألا وهي مسألة الاختراق الفكري أو الغزو الثقافي، كتوجه جديد ينشط في الجامعات والمؤسسات الثقافية والتربوية، يختلف عما كان عليه في صراعات سابقة مع العالم العربي والإسلامي، كما يسميها العديد من الباحثين العرب والأجانب، وهذه التغّيرات أتت بعد الفشل الذي حصل للغرب بعد الغزوات الصليبية العديدة، التي استخدمت القوة والعنف والسيطرة العسكرية، دون غيرها من الطرق والأساليب والوسائل، حيث لم تستعمل قضية اختراق المجتمعات العربية المسلمة في الفترات، ولا كانت النظم السابقة تفكر في هذه النظرة آنذاك، ولم يتم التخطيط لها مسبقًا، ولا حاولت في ذلك.
فالقوة المسلحة في تلك المراحل الماضية كانت هي الخيار الوحيد لهم في هذه الغزوات العدوانية، التي كانت شديدة القسوة، ولم يسلم منهم حتى أتباع الديانات الكتابية الأخرى ومنهم المسيحيون العرب، الذين وقفوا ضد هذه الحملات، لكنها كانت سياسية وقاسية على الجميع، لكنها خرجت بالقوة نفسها بعد عدة قرون، وهذه قضية من المسلمّات التي لا فكاك منها لكل الشعوب تجاه الغزوات الخارجية والسعي لطردها، وأن تتحرر من الاحتلال الأجنبي البغيض، لكن الحملات الاستعمارية الجديدة المعاصرة، التي جاءت في التسعينيات والعشرينيات من القرنين الماضيين، كانت لها مرئيات أخرى تجاه تغريب المجتمعات واختراقها من الداخل بعكس الحملات الصليبية السابقة، كما أشرنا آنفاً، وقد كان بعض الباحثين الغربيين الذين ساهموا في الاختراق الفكري بعد دخول الاستعمار، كانوا أساتذة كبارا في بعض الجامعات العربية والمعاهد العليا ومنها الجامعات المصرية وفي الشام، وكان بعضهم كُتابا في بعض الصحف العربية وبعضها باللغات الأجنبية، ومعهم مستشرقون كتبوا عشرات المؤلفات في الفلسفة العربية والتاريخ والأدب والفقه الإسلامي وكافة العلوم الأخرى التي أنتجها العرب والمسلمون.
وكانت حملة فكرية منظمة ومعدة إعدادا ضخما، والهدف من ذلك خلخلة القناعات الفكرية عند العرب المسلمين، ومحاولة التهوين من فكرهم واعتباره مجرد أفكار وآراء مستوحاة من ثقافات أخرى، والدعوة إلى نبذ الماضي العربي الإسلامي، والنظر للمستقبل وفق ما قام به الغرب تجاه الكنيسة والقساوسة، تحت دعاوى كثيرة، ومقارنة ما جرى من تحولات خاصة بفكرهم لنقله إلى العالم العربي، مع الاختلاف الكبير بينهما. ولا شك أن هذا الأمر كان له هدف فكري وثقافي وتربوي، ولذلك أشار د. حسن حنفي في مقدمة هذا البحث «الاستغراب» في مواجهة «التغريب»، شرح أن الهدف هو أن يتم تحويل هذه الثقافات العربية، إلى ثقافة غربية، لكن تحت مسميات تحديث اللغة، أو تشجيع اللغات المحكية، أو العامية، كما حصل في الشام من خلال دعوات بعض الأدباء، ومنهم سعيد عقل، وغيرهم ممن تبع الغرب في رؤيته الفكرية كاملة، من هذه المنطلقات، قال د. حسن حنفي في كتابه «الاستغراب»: إن الرؤية الغربية كانت تغريب المجتمعات العربية وهو الهدف الأهم، ومما قاله في هذا الجانب: «إن التغريب نوع من الاغتراب بالمعنى الاشتقاقي للفظ أي تحول الأنا إلى الآخر. لكن بعد الاستقلال الوطني عاد المستعمر من خلال الثقافة، وانتشر التغريب. استقلت البلاد لكن احتُلت الأذهان». وهذه هي المشكلة الخطيرة فيما قاله الاستشراق؛ لأن الاستعمار وإن ذهب فقد ترك من يقوم بالدور نفسه في القيام بما خُطط له». وفي بقية فصول هذا الكتاب، تحدث في الفصول التالية عن: تكوين الوعي الأوروبي، ومدارسه التأسيسية في الفلسفة، ما بعد الكانطية، والرومانسية، والهيجلية، والوضعية، وفلسفات العدم، ومظاهر الأمل في وعي العالم الثالث، وانتقال الحضارة من الشرق إلى الغرب، وصورة الشرق والغرب في وعي الأنا والآخر.
لكن العديد من الكتاب الذين يعتبرون أكثر اقترابًا من الفكر الغربي، انتقدوا الدكتور حسن حنفي في كتابه الاستغراب، ومنهم الباحث جورج طرابيشي، ود. علي حرب، ففي كتاب جورج طرابيشي (المثقفون العرب والتراث)، تناول فيه ناقدا ما كتبه د. حسن حنفي في مسألة «الاستغراب» فقال: «إن إنشاء علم جديد مقابل «الاستشراق» القديم (دراسة علماء الحضارة الغربية للحضارات غير الأوروبية) يكون هو «الاستغراب» أي أخذ الحضارة الأوروبية موضوع دراسة مستقلة كموضوع، وهدم الاستشراق كله، وأخذه موضوع دراسة بدل أن يكون هو دراسة موضوع. وبعبارة أخرى (تحويل الدارس إلى مدروس). ولكن السؤال الذي يطرح نفسه للحال هو: هل تملك الثقافة العربية الإسلامية فعلًا وعمليًا، في المرحلة الراهنة من تطورها، أن تؤسس علمًا؟». أما د. علي حرب فرد على د. حسن حنفي في كتابه (نقد النص)، فقال عن كتاب الاستغراب لـ د.حسن حنفي: «الاستغراب هو على الضد رؤية الشرق للغرب ووصفه أو موضعته وتشييئه. وإذا كانت المركزية الأوروبية تجعل من الغرب المركز والمحور أو المرجع والمصدر، فإن الاستغراب هو دفاع عن النفس بتحجيم الغرب ورده إلى حدوده الطبيعية، بإبراز خصوصيته والقضاء على عالميته أو قطبيته». لكنني أختلف مع ما قاله هؤلاء الكتاب عن دراسة د. حسن حنفي عن الاستغراب، ونظرتهم وضحت مما طرحناه من تعليقات.
لكنني أرى أن هذه الدراسة الكبيرة، لم تنزل إلى القاع الغربي ومن داخله، بل اتجهت إلى سطح الغرب، وما أنتجه من رؤى علمية وفلسفية، والصراع بين الأنا والآخر، وهذه بعيدة عن معرفة الغرب كشعوب، وهذا ما فعله الاستشراق حقيقة، وإن كان أغلب المستشرقين، كانوا مجندين لهدف استعماري، وليس هناك متجرد للمعرفة الخالصة من الأغراض، لذلك جاءت دراسته، كأنها تقترب من أسس دراسته في الفلسفة، كما درسها في السوربون، وكان الأفضل أن ندرس الغرب كثقافة وممارسة حياة وطبيعة بشرية كما يعيشها ويمارسها من داخله.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی کتابه من خلال فی هذه
إقرأ أيضاً:
إيران قوة للعرب
د. إسماعيل بن صالح الأغبري
إيران تلك الجغرافيا الواسعة والمساحات الشاسعة، التي تتجاوز 1.6 مليون كيلومتر مربع، ما يجعلها متعددة الثروات والطاقات؛ سواء الكامنة في باطن الأرض من الذهب الأسود أو الغاز أو البادية على سطحها مما وهب الله الطبيعة فيها من أنهار وزروع.
إيران ذات الموقع المرتبط، بما يسمى سابقا بأوروبا الشرقية، وخاصة ذات الاتصال الجغرافي بالجمهوريات الإسلامية الدائرة آنفًا في فلك الاتحاد السوفيتي؛ أي إنها يمكن أن تصبح همزة الوصل بين هذه الجمهوريات وبين الدول العربية الباحثة عن تعدد المنافذ لأغراض التجارة والاستثمار أو السياحة والأسفار، كما يمكن أن تصبح إيران الملاذ للعرب الباحثين عن متنفس آخر يختلف عن غرب أوروبا، والتي مارست عليهم ثقافة الاستعلاء والأمر والإملاء، والآخر هو ما يسمى بشرق أوروبا الذي قد يشاركهم كثيرًا من القيم والمبادئ والمُثُل.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية بما لديها من رصيد تأريخي وحضارة ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ يمكنها مع الدول العربية أن تلتقي على ما يعزز المكانة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية فتصبح المنطقة إقليمًا صاعدًا مُستقلًا عن سطوة الاستعلاء والإملاء القادم من الغرب.
تلك إيران من الناحية التاريخية، وكيف يمكن للعرب الاستفادة منها لو تخلص الكثير من العرب من النظرة الضيقة ذات الأبعاد المنغلقة القومية والمذهبية. أما اليوم فالجمهورية الإسلامية الإيرانية يمكن أن تصير ردءًا للعرب وكهفًا وحصنًا لهم وموئلًا تصد عنهم جملة السيل العارم من الضغوط القادمة من الغرب وإسرائيل؛ فالجمهورية الإسلامية هي الدولة الوحيدة من بين سبع وخمسين دولة إسلامية لا تعترف بإسرائيل دولة قائمة ذات سيادة، وتعتبِر هذا الموقف موقفًا مبدئيًا عقائديًا (أيديولوجيًا) لا يجوز التنازل عنه شرعًا؛ وبذلك كان يمكن للعرب مواجهة ضغوط التطبيع بهذه القوة الإيرانية المجاورة لهم.
وإيران الدولة الوحيدة في العالم الإسلامي الداعمة سرًا وجهرًا وبالمال والعتاد جميع أشكال المقاومة ضد إسرائيل؛ سواء أكانت منطلقاتها إسلامية كحماس أو الجهاد الإسلامي في فلسطين أو حزب الله في لبنان أو أنصار الله في اليمن، أو منطلقاتها غير إسلامية كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ذات التوجه الاشتراكي أو الجماعات المُقاوِمة ذات التوجه الوطني والقومي، فكان يمكن للعرب أن يستظلوا بهذا الجانب في التملص من ضغوطات الغرب عليهم من أجل التطبيع مع إسرائيل بحجة الخوف من خلق جبهات في أراضيهم ذات أيديولوجيات ترفع السقف عاليا في العداء لإسرائيل.
إيران بما تمتلكه من ترسانة صاروخية بالستية وما أحدثته الصناعات الحربية من تقنيات الطائرات المسيرة، والتي كانت الركن القوي الذي ركنت إليه روسيا خلال الأزمة المندلعة بينها وبين أكرانيا خاصة في بداية اشتعالها، جميع ذلك كان يمكن للعرب اتخاذه عذرا في الإفلات من ضغوط الغرب من أجل التطبيع مع إسرائيل، بل كان يمكن للعرب المماطلة إلى أقصى الحدود في عدم التطبيع بحجة وجود قوة في المنطقة يُحسب لها ألف حساب، وهذا إن لم يرد أحد منهم الإفادة من إيران في استنساخ مكامن قوتها وسر إقدامها على النهضة في مجالات معرفية وعسكرية.
خلال هذه الجولة من الحرب بين إيران وإسرائيل والتي اندلعت فجر يوم الجمعة 13 يونيو 2025 والتي استمرت 12 يومًا وبناءً على التقارير التي أفادت بأن إسرائيل لا منافس لها في هذه المنطقة في المجالات العلمية والمعرفية إلّا إيران؛ بل إن إيران تقدمت في بعض مجالات الفيزياء على إسرائيل، وهو ما يُقلقها؛ إذ ربما قد تكون مفاعلات إيران النووية للأغراض السلمية قد تأثرت إلا أنها لم تزل تحتفظ بالعقول والبحث العلمي ما يدل على أن الغرب وإسرائيل يضعون ضوابط شتى من أجل التحكم في المعارف والعلوم في العالم الإسلامي.
لا شك أن ضعف الجمهورية الإسلامية الإيرانية- إن وقع- له نتائج سلبية على البلاد العربية؛ ومنها: انكسار كافة أشكال المقاومة لفقدانها الظهير والنصير؛ وبذلك تكون إسرائيل في حراكها وهيمنتها كالسد الذي انهار فاندفعت مياهه مغرقة جميع من يحيط بها، وكذلك صيرورة إسرائيل الرقم الأوحد الذي يأمر وينهى في المنطقة، ومعاودة إسرائيل والغرب لأقصى الضغوط من أجل تطبيع جميع الدول العربية معها وإرهاصات ذلك بادية للعيان؛ حيث إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، سيضغطان دبلوماسيًا واقتصاديًا من أجل مزيد من توقيع اتفاقيات إبراهام، التي تنص على التطبيع مع إسرائيل بالإكراه، كما إن اعتبار رئيس وزراء إسرائيل (نتنياهو) نفسه مجدد إسرائيل بعد نشأتها الأولى عام 1948، وأنه من الممكن أن يصبح شعار إسرائيل على خارطتها وعلى حائط الكنيست بأن حدودها من النيل إلى الفرات شعارًا واقعيًا، يدفعه إلى مزيد من الضغط لتحقيق التطبيع وأهدافه، على أن النبوءات التي يتحاكم إليها الإسرائيليون حسب نصوصهم الدينية، آتية لا محالة، خاصة وأن نتنياهو ردَّد بعد إيقاف تبادل إطلاق النار بين إيران وإسرائيل مصطلحات دينية، وذهب إلى حائط البراق (المبكى) ليصب الدموع شكرًا للرب الذي وقف مع بني إسرائيل؟! ولا ننسى أن الصهيونية المسيحية تدعم هذا التوجه على اعتبار التعجيل بنزول المسيح المخلص في أرض الميعاد، وبذلك اجتمعت على العرب ما بدأ يشيع في بعض بلاد الغرب وما تؤمن به زعامات إسرائيل وبروتوكولاتها.
إن تراجع قوة إيران- لا سمح الله- سيؤدي إلى مزيد من سعي إسرائيل نحو قضم عدد من الدول العربية، وإن لم يكن ذلك فلا أقل من فرض هيمنة سياسية واقتصادية ومعرفية على هذه الدول.
وإذا كان الشاه قبل قيام الجمهورية الإسلامية هو العصا الغليظة والشرطي الذي أقامه الغرب سيفًا مُسلَّطًا على عدد من البلاد العربية، فإن اليوم إسرائيل باتت شرطي الغرب وعصاه الغليظة في هذه البلاد!
لذا.. على العرب أن يتنبهوا أن إسرائيل لم تنشأ لوحدها؛ بل إن الغرب تواطأ على نشأتها وزراعتها؛ فهي مدعومة بقوى كبرى، ثم إن قيامها ليس مجرد قيام دولة واستقلال شعب؛ بل قيامها مصبوغ بأيديولوجية وعقائد مأخوذة من الكتب المُحرَّفة، ومدفوع قيامها بثارات الانتقام، والنظرة للأغيار على أنهم دون "شعب الله المختار"!
ومن كان عقائدي النشأة لا تلجمه إلّا قوة عقائدية أخرى، والعرب الذين تراقصوا طربًا على قيام إسرائيل بالعدوان على إيران، قد يعضون أصابع الندم لاحقًا بسبب ما سيفقدونه من هوية بلدانهم واستقلالها أمام المارد الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا وغربيًا، ثم قد يقفون يومًا يذرفون الدموع عند حائط (المبكى) طلبًا إلى العودة إلى حائط البراق، فلا يؤذن لهم ولا يستطيعون.
فوا أسفا.. متى العرب من سُباتهم يفيقون؟
رابط مختصر