لجريدة عمان:
2024-07-28@10:50:40 GMT

الحرب السودانية ..حراك الخارج وعجز الداخل !

تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT

ثمة حراك عربي إقليمي هذه الأيام حول الوضع في السودان، بدا من الواضح أنه بمثابة مؤشر على تحولات محتملة لنهاية الحرب هناك، بعد مضي عام وثلاثة أشهر من اندلاعها في أبريل من العام الماضي.

ومنذ اكتمال الهيكل التأسيسي لتنسيقية القوى الديموقراطية المدنية (تقدم) إثر انعقاد مؤتمرها العام في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مايو الماضي، تحركت أوساط إقليمية وعربية، بعد ذلك، في محاولات نحو وقف الحرب السودانية، ما عكس مؤشرات قوية على إدراك قوى إقليمية ودولية لخطر انهيار الدولة في السودان وتداعيات ذلك الانهيار على المنطقة العربية والإفريقية.

مؤتمر القوى المدنية والسياسية السودانية الذي احتضنته القاهرة بين يومي 6 و 7 من هذا الشهر بدعوة من وزارة الخارجية المصرية؛ كان بداية لذلك الحراك، حيث نجح المؤتمر في جمع فرقاء سياسيين مختلفين ودفع بهم نحو اتخاذ موقف واحد ضد الحرب في ظل تداعيات الأوضاع الخطيرة التي نجمت عن الحرب مسجلة أرقامًا غير مسبوقة عالميًا في معدلات النزوح والكوارث التي لحقت بالشعب السوداني.

وفي حراك مكمّل لما بدأ في القاهرة، كانت هناك زيارة مهمة لنائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي إلى السودان، هذا الأسبوع، التقى خلالها رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان للتباحث حول العودة إلى استئناف مفاوضات منبر جدة (المنبر الذي رعى أول مفاوضات بين الجيش والدعم السريع برعاية المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة في 12 مايو 2023) فيما كانت الزيارة المفاجئة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أمس الأول الثلاثاء، إلى بورتسودان للقاء رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، من أكبر المؤشرات على أن الحراك الإقليمي والعربي نحو إنهاء الحرب أصبح احتمالًا واردًا بقوة في الأيام المقبلة.

هناك لقاءات أخرى بين قوى وفرقاء سياسيين سودانيين - عسكريين ومدنيين - تجري في عواصم مختلفة من أديس أبابا إلى جنيف لتصب في الهدف ذاته: الأمر الذي يؤكد على تجاوب دولي وإقليمي كبير لمسألة وقف الحرب السودانية.

ليس خافيًا اليوم على كل متابع لمجريات الحرب السودانية، أن هذه المبادرات الإقليمية والدولية لوقف الحرب تؤكد حقيقة لابد من الإقرار بها؛ وهي أن طبيعة هذه الحرب الجارية في السودان تتصل على نحو عضوي بديناميات إقليمية وخارجية، بعد أن تبين للجميع أن خسائرها الفادحة على الشعب السوداني - عبر أرقام غير مسبوقة لأعداد النازحين داخل السودان (حوالي 12 مليونًا) - أصبحت مؤشرات مزعجة للمجتمع الإقليمي والدولي وتنذر بكوارث غير محتملة في منطقة جيوسياسية متى ما انهارت فيها الدولة فإن ثمة شرورا قابلة للامتداد ستنجم في كافة الدول المحيطة بالسودان.

وما سيبدو واضحًا، كذلك، في زحمة هذا الحراك، أن طبيعة الأزمة السودانية إذ تضطلع بإدراك مؤشرات القلق فيها قوى إقليمية ودولية، فإنها تكشف، من ناحية أخرى، عن هشاشة القوى السياسية السودانية التي عجزت عن تحقيق حد أدنى من الاستجابة لواجب الوطن، أي منع الدولة السودانية من الانهيار.

فإذا عرفنا، مثلا، أن القاهرة قد جمعت فرقاء سياسيين سودانيين يستحيل اجتماعهم في الخرطوم على حل قضايا الوطن المصيرية - كقضية الحرب - فإن ذلك يدل بوضوح إلى أي مدى بلغ انسداد مأزق النخب السياسية والعسكرية في السودان.

هذا سيعني، كذلك، أنه حتى في حال توقف الحرب بسبب فاعليات إقليمية ودولية، فإن مأزق النخب السياسية السودانية وعجزها عن تدبير اجتماع سياسي سيبقى على حاله من عدم القدرة على الاستفادة من درس الحرب، وهو أمر نخشى معه القول: إن الاختلاف بين تلك النخب ليس فقط حول طبيعة الصراع السياسي، بل هو اختلاف على صورة الوطن ورمزيته؛ لأن عدم استفادة النخب السودانية من درس الحرب اليوم هو بذاته الوجه الآخر لمؤشر استمرار الحرب الأهلية السودانية التي اندلعت في عام 1955 (قبل استقلال السودان في عام 1956م) وظلت مستمرة حتى عام 2017 .

ولهذا يمكننا القول إن أسباب اندلاع الحرب الأهلية الأولى في السودان عام 1955 (حرب الجنوب الذي انفصل عن السودان في عام 2011) هي ذاتها الأسباب التي أوصلت الحرب أخيرا إلى المركز السياسي في الخرطوم من تلك الهوامش التي ظل المركز يصدر الحرب إليها لأكثر من 60 عامًا !

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الحرب السودانیة فی السودان

إقرأ أيضاً:

عوامل الفشل وغرابة التصريحات الحكومية في مفاوضات الحرب السودانية

زهير عثمان حمد

مفاوضات الحرب السودانية، التي بدأت بمبادرة جدة ومرّت بمبادرة القاهرة ووصلت إلى مفاوضات جنيف، لم تؤتِ ثمارها المرجوة حتى الآن. تتسم هذه المفاوضات بمجموعة من التحديات والعقبات التي تعرقل تحقيق السلام والاستقرار. بالإضافة إلى ذلك، تُثير التصريحات الحكومية الغامضة المخاوف من المراوغة والتسويف في المحادثات القادمة.
عوامل الفشل , ضعف الجهود الدولية: على الرغم من احتجاج المجتمع الدولي على تفاقم الأزمة، لم تُحقق الجهود الدولية سوى نجاح محدود في ضمان وصول المساعدات الطارئة للأشخاص الأكثر حاجة. يتجاوز عدد النازحين السودانيين 10 ملايين، بينما تستمر محادثات جنيف دون تحقيق تقدم ملموس.
1. منع المساعدات الإنسانية: كلا من الجيش وقوات "الدعم السريع" يمنعان وصول المساعدات الإنسانية إلى معاقل كل منهما، مما يفاقم الأزمة الإنسانية ويعرض حياة المدنيين للخطر. على سبيل المثال، في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، يُمنع المدنيون من مغادرة مناطق النزاع.
2. تعدد المنابر والمطالب: المجموعات الراعية للمفاوضات تطلب من أحد طرفي النزاع تنفيذ مطالب الطرف الآخر، مما يفتح مجالاً للمراوغة. بدلاً من ذلك، يجب على الوسطاء تبني المطالب الإنسانية الملحة ومحاولة إقناع الطرفين بتنفيذها، مما يزيد من فرص التعاون الدولي.
3. خرق الهدن: الجيش و"الدعم السريع" يتبادلان الاتهامات بخرق الهدن التي وصلت إلى نحو 14 هدنة. هذا السلوك يجعل من الصعب تحقيق أي تجاوب، خاصة مع استغلال الهدن لأهداف النقل العسكري للمعدات والعتاد والمقاتلين وإعادة التموضع.
غرابة التصريحات الحكومية
التصريحات الحكومية الغامضة والمبهمة تزيد من المخاوف من أن تكون المفاوضات مجرد وسيلة لإطالة أمد الحرب. هذه التصريحات تعكس عدم الجدية في الوصول إلى حل سلمي وتُثير الشكوك حول نوايا الأطراف المتنازعة.
وتيرة التوقعات
على الرغم من المخاوف من أن تؤدي مفاوضات جنيف غير المباشرة إلى إطالة أمد الحرب، فإن فتح حوار مباشر بين طرفي النزاع يعتبر خطوة ضرورية. تفتقر الدول الراعية للمفاوضات، مثل الولايات المتحدة والأمم المتحدة، إلى القدرة على اتخاذ إجراءات فعّالة للضغط نحو السلام، مما يجعل من الصعب التوصل إلى حل شامل في الوقت الراهن.
خطة الأمم المتحدة البديلة
من المهم أن تكون للأمم المتحدة خطة بديلة تعتمد على مدى تعنت أو تجاوب طرفي النزاع. هذه الخطة يجب أن تستند إلى فهم ديناميات القوة والمساومة لكل طرف والاستفادة منها للضغط باتجاه تقديم بعض التنازلات. تحقيق بيئة من الثقة والتعاون يمكن أن يمهد الطريق لاتفاق بعيد المدى.
إذا انتهت مفاوضات جنيف دون تحقيق تقدم ملموس سوى خلق بيئة من الثقة والتعاون، فإنها لن تكون جولة خاسرة تماماً. يجب اعتبار هذه النتيجة مكسباً للجميع، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار تصريحات المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، التي أكدت على أهمية دفع العملية إلى الأمام من دون رفع التوقعات بشكل مبالغ فيه.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • استهداف الأمن لكوادر الحرية والتغيير وبيان «محامو الطوارئ» حول أبناء الغرب
  • امريكا لن تتدخل ولكنها ستدفع المجتمع الدولي
  • د. مزمل أبو القاسم: ♨️ منبر جنيف.. تجريب المُجَرََّب‼️
  • مقتل 22 مدنيا في هجوم للدعم السريع على الفاشر السودانية
  •  هل ياتري ستكون سويسرا الفرصة الأخيرة للحيلولة دون انهيار الدولة؟؟
  • عوامل الفشل وغرابة التصريحات الحكومية في مفاوضات الحرب السودانية
  • محاضرة الدكتور/ عز الدين عمر أحمد موسى عن جذور الأزمة السودانية
  • أفورقي يفاجئ الجيش بطرد القائم بأعمال السفارة السودانية في أسمرا .. مصادر: سبب الطرد نشاط مخابراتي يهدد أمن إريتريا
  • الخارجية السودانية: ندرس المبادرة الأميركية لوقف إطلاق النار
  • "الغارديان" تكشف عن أدلة دامغة حول تورّط الإمارات في الحرب الأهلية السودانية