التواصل مع الشعب، والاستماع إلى مطالبه، والعمل على حل مشاكله، توجيهات أساسية تضمنها التكليف الرئاسى لحكومة مصطفى مدبولى؛ ولضمان تحقيقها تم استحداث وزارة (الشئون النيابية والاتصال السياسى)، فى خطوة أراها مهمة للغاية بعد سنوات مضت افتقرت فيها البلاد إلى حياة سياسية حقيقية؛ بسبب غياب دور الأحزاب، التى لا يراها الناس ولا يشعرون بها إلا فى المواسم والأعياد.
هذه الحالة الضبابية، غالبا ما تجعل المسئول وصانع القرار بعيدا عن حياة الناس، لا يعيش حياتهم، ولا يشعر بأوجاعهم وآلامهم، فتغيب الثقة بين الحكومة بالشعب، فلم يعد المواطن يثق باى تصريح ولا بأى وعد، ويتسع صدره لاستقبال المزيد من مشاعر الغضب والرفض.
إن أى علاقة بشرية على وجه الأرض تقوم على مبدأ (هات وخذ) بين الطرفين، وترى ذلك فى العلاقة بين الأب وأبنائه، والزوج وزوجته، والحبيب وحبيبته، وهذا المبدأ أدرك النظام أهميته مؤخرا، فقرر العمل به كأداة قوية للمشاركة السياسية وإستعادة ثقة الشعب؛ ومن ثم الانطلاق فى خدمته وتلبية احتياجاته وحل مشاكله.
هذه الخطوة، جاءت فى وقتها المناسب، ولاسيما بعد أن فقد الناس ولسنوات طوال بوصلة التواصل مع المسئولين فى المحافظات ونقل مشاكلهم إليهم بسبب تعطيل العمل بقانون انتخابات المجالس الشعبية المحلية، التى كانت رئة ثالثة يتنفس بها الشعب، يبث من خلالها شكواه لمسئول لا ينزل إليهم، إلا إذا حدثت مصيبة واشتعلت من أجلها (الميديا).
والمهم هنا ليس فى استحداث الوزارة وإنما توفير ضمانات نجاحها واستمراريتها، ورغبة النظام فى جعلها همزة وصل حقيقية بين المواطن والمسئول، وواقعا ملموسا يحرك المياه الراكدة فى الأحزاب السياسية.
فإذا ما توفرت هذه الضمانات ستنجح هذه الوزارة، ولا سيما وإنها إحدى ثمار جلسات الحوار الوطنى، الذى جمع الأحزاب على مائدة مشاكل مصر، وهو ما عجز عن القيام به أكثر من 105 أحزاب، نصفها وأكثر ولد ميتا لا صوت له ولا حركة، استأجر غرفة أو غرفتين ووضع عليها لافتة ورقية أو خشبية وادعى الوطنية وطالب بالمشاركة السياسية.
إن الاتصال السياسى بمفهومه الجماهيرى الشامل يعد إحدى دعائم الديمقراطية، ووسيلة قوية لربط القاعدة بالقمة، بتمهيد الطريق أمام الوزير والمحافظ وأى مسئول لاتخاذ القرار السليم الذى يتفق ونبض الشارع والمطالب الجماهيرية، وهذا ما ستعتمد عليه حكومة الدكتور مدبولى خلال السنوات المقبلة لتحقيق أهدافها التنموية.
وتحمل الوزارة التى اسندت مهامها للمستشار محمود فوزى العديد من الأهداف والرسائل السياسية والشعبية أولها تحقيق رغبة الرئيس فى ضرورة الالتحام بالناس والتواصل مع كل فئات القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى «انزلوا للناس وتلمسوا احتياجاتهم، تعايشوا بينهم، وعالجوا مشاكلهم أولا باول»، كما أنها تحمل رسالة أخرى لجميع الأحزاب المصرية؛ لكى تقوم بدورها السياسى المفقود فى نقل نبض الشارع بكل ملامحه ورتوشه إلى صناع القرار، ومن ثم ستختفى القرارات العشوائية التى تخنق الناس وتتعارض مع حياتهم المعيشية.
شعور بالتفاؤل يتسلل إلى قلمى وأنا أكتب هذه السطور التى تتزامن مع اقتراب بزوغ قانون الإدارة المحلية (المجالس الشعبية) فى ثوبه الجديد، لأنه سيكون شريانا مهما لتحقيق أهداف وزارة الاتصال السياسى، بما تتيحه مناقشات المجالس المحلية المنتخبة من أجواء ديمقراطية تتسم بالصراحة والشفافية، تصب فى النهاية فى تقوية العلاقة ودعم الثقة بين المواطن والمسئول، وهذه وحدها أقوى ضمانة لأى نظام يسعى إلى إصلاح سياسى يزرع الانتماء والولاء لوطن يتسع للجميع.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التواصل مع الشعب حكومة مصطفى مدبولى حياة الناس
إقرأ أيضاً:
سفير تونس بالقاهرة: العلاقات السياسية مع مصر في أبهى صورها
قال سفير تونس بالقاهرة ومندوبها الدائم بالجامعة العربية محمد بن يوسف، إن التاريخ حافل بالعلاقات المتميزة بين تونس ومصر، وحتى في بعض الفترات التي شهدت حدوث بعض الاختلافات في التوجهات السياسية لم تنقطع العلاقات أبدًا.
وأضاف السفير خلال استضافته في حوار مفتوح للجنة العلاقات الخارجية برئاسة حسين الزناتي بعنوان "مصر وتونس.. تحديات وطموحات مشتركة" ان العلاقات الحالية بين البلدين في أبهى صورها، والتي تجلت في زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد لمصر في أبريل ٢٠٢١ التي كانت زيارة تاريخية في فترة ما لم تكن العلاقات في المستوى الذي تشهده اليوم، وحدثت نقلة نوعية على مستوى العلاقات ونشأت كيمياء كبيرة بين القيادتين في البلدين، وكان انعكاسها إيجابيا على العلاقات الثقافية والفنية، وتلاها في 2022 عقد اللجنة العليا المشتركة برئاسة رئيسي وزراء البلدين في تونس.
كما أشار إلى أنه عقدت في سبتمبر الماضي لجنة تشاور سياسي، وأنه يجري الإعداد حاليا لزيارة وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي إلى تونس.
وذكر أن هناك تشابهًت كبيرًا بين مصر وتونس على مستوى الثقافة والانفتاح والاهتمام بالتعليم، وعشق الفن والتراث؛ فكانت ولاية المهدية التونسية مهدًا لأول دولة شيعية في تاريخ الإسلام، وهي مسقط رأس المعز لدين الله الفاطمي اول الخلفاء الفاطميين في مصر، وانشئ جامع الزيتونة على غرار الجامع الأزهر العريق وشارع الحبيب بورقيبة هو المعادل لميدان التحرير.
وأضاف: "كنا اول دولة اندلعت منها شرارة الربيع العربي ورحل الرئيس بن علي عن تونس
يوم 14 يناير 2011، ويوم 15 كان لدينا رئيس مؤقت استنادا إلى الدستور. وبفضل وعي ونضج الشعب التونسي وارتفاع نسبة التعليم لم تحدث لدينا خسائر كبيرة أو أعمال عنف وتوترات".
وتابع/ "لا يمر شهر أو شهرين إلا ويشهد علاقات على مستوى القمة أو اتصالات هاتفية، وخلال اللقاءات على المستوى العربي والدولي وتحدث دائما لقاءات بين رئيسي البلدين، وفي السادس من أكتوبر شهدنا انتخابات رئاسية في تونس وتلقينا التهاني وكانت تهنئة مصر خاصة ولم تكن مجرد رسالة تهنئة لكن اتصال من الرئيس السيسي بالرئيس قيس سعيد".
وعن مسيرة تونس الديمقراطية بعد عام 2011؛
قال "عشنا أوضاعا متشابهة مع ما مرت به مصر بعد 2011، فقد كانت هناك محاولة لأخذ البلدين نحو اوضاع لا يعرفها النسيج الاجتماعي فيهما في مجتمعين منفتحين وغير منغلقين ويؤمنان بالدولة وعشنا عشر سنوات اضطرابات عديدة بسبب طبقة سياسية لم تنجح في أخذ البلاد نحو التقدم وتجسيد طموحات المجتمع الذي قام بثورة وينتظر ان تتغير الأمور.
وتابع “ما حدث ان الأوضاع ساءت ونشأ حنين لما قبل عام 2010 والتي ثار عليها الناس، فالرئيس قيس سعيد انتخب عام 2019، لكن بعد الرئيس بن علي كنا قد انتقلنا من نظام رئاسي طبق منذ عام 59 إلى نظام برلماني مختلط ويقترب اكثر من الديمقراطية، لكنه لم يكن هينا مع التعود من قبل على النظام الرئاسي والذي كنا نعيشه في 2010، وأصبحنا وفقًا للدستور الجديد ننقسم بين ثلاث سلطات مجلس نواب يشكل الحكومة ورئيس جمهورية لديه بعض الصلاحيات، ورئيس للحكومة يعينه رئيس الجمهورية ولديه كل السلطة التنفيذية وتقسمت السلطة لوضع غريب وكانت هناك اصوات عديدة بأن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر”.
واستطرد بقوله “في 25 يوليو 2021 جمد الرئيس قيس سعيد مجلس النواب، حيث كانت هناك أوضاعًا مزرية وصلت للعراك ولم تكن مقبولة للمجتمع التونسي وسار في مسار ديمقراطية تونسية تكرس الحقوق والحريات للجميع وتستجيب لطموحات الشعب التونسي، وتقوم مسيرة الإصلاح هذه على تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، فكانت العشرية التي مضت تشهد عدم تطبيق القانون على الجميع سواسية، وتعزز المسار الإصلاحي بتنظيم انتخابات تشريعية أسفرت عن انتخاب مجلس نواب جديد وانتخابات للمجالس المحلية وتنفيذ المجلس الوطني للجهات والأقاليم، والذين ناقشا الميزانية."
وأسفرت الانتخابات في اكتوبر الماضي عن انتخاب الرئيس قيس سعيد لفترة جديدة مدتها خمس سنوات باغلبية 69% بمشاركة 2.8 مليون تونسي، والشعار الذي رفعه الرئيس لفترته الجديدة محاربة الفساد.