وأنا أتابع بشغف قدرة الفرنسيين على التغيير فى الانتخابات النيابية الأخيرة، انتقلت فجأة لساحات التاريخ متأملًا المسافة الثقافية بين القاهرة وباريس. دخلت مصر إلى آفاق العصر الحديث عبر البوابة الفرنسية بنهاية القرن الثامن عشر وتحديدا مع قدوم الحملة الفرنسية (1798 و1801).. أحدثت الحملة احتكاكًا بالعقل المصرى تولدت منه شرارة حضارية من نوع ما أيقظت الشخصية المصرية التى انزوت وتوارت خلف ضعفها وهوانها ومستعمريها قرونًا طويلة.
لم يكن الفرنسيون فاتحين، كما كل الغزاة عربًا وعجمًا.. الكل جاء غازيًا مغرمًا بالمكان، وباستعباد خلق الله فى استنبات أرض فيها من الخيرات ما كان كفيلًا بتسييل لعاب الطامعين.. بصعوبة شديدة فتح المصريون أعينهم بعد قرون من ظلمة القهر، وإذا بهم امام محتل بغيض وفاجر ولكن ستظل الحسنة التاريخية للفرنسيين انهم نبهوا المصريين إلى أن هناك على الشاطئ الآخر عالم جديد فى فكره وعصره وعلومه ووسائل عيشه. قدم بونابرتة إلى مصر بعد 9 سنوات من أخطر الثورات فى العصور الحديثة – الثورة الفرنسية 1789 – التى صدرت للعالم قيما جديدة عن الحق والعدل والخير والجمال. خطط بونابرتة أن تكون مصر قاعدة للامبراطورية الفرنسية فى قلب العالم، وإذا بالمصريين العائدين من دهاليز وكهوف التاريخ يجبرونه على الرحيل، ويجبرون حملته وجيشه على مغادرة مصر للأبد بعد أقل من 3 سنوات من حملة بونابرتة.
خرج نابليون وذهبت حملته، واندفع المصريون من القاهرة إلى باريس لتعلم فنون وعلوم عصر جديد، لتتغير مصر وتنهض وتصبح درة الشرق الحقيقية التى هضمت التاريخ واستعادت قدرتها على تسجيل لحظات الزمن انطلاقا من العقل، بعيدا عن الخرافة. الفارق بين لحظة–641 م، و1798 م–أن اللحظة الأولى كانت لحظة إجهاض حضارى، أما اللحظة الثانية فقد كانت وظلت لحظة تنوير وإفاقة حضارية رائعة.. كل غزو ملعون بما فى ذلك حملة بونابرتة الآثمة، لكن عندما نتأمل التاريخ ونعيد قراءته بهدوء بعيدا عن مؤثراته الأولى سندرك أن هناك نوعًا من الغرام الحضارى بين الفرنسيين ومصر. لا يمكن أن نغفل أن اكتشاف حجر رشيد وفك طلاسم الحضارة المصرية القديمة كان على يد الفرنسيين، ولا يمكن أن نتجاهل أن بدايات النهضة الحديثة فى مصر منذ بدايات القرن التاسع عشر هبت رياحها قادمة من باريس. كما يقول الدكتور طه حسين فى مؤلفه مستقبل الثقافة فى مصر: إن وحدة الدين ووحدة اللغة لا تصلحان أساسًا للوحدة السياسية، ولا قوامًا لتكوين الدول. وبعد قرابة 15 قرنًا على تعريب مصر يبدو أننا يجب أن نعيد قراءة طه حسين من جديد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كامل عبدالفتاح القاهرة باريس قدرة الفرنسيين البوابة الفرنسية الحملة الفرنسية
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة القاهرة يلتقي أسرة أول مجلة شبابية تصدر عن وحدة بحوث الهجرة
أجرى الدكتور محمد سامى عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة حوارا مفتوحا مع طلاب نموذج محاكاة المنظمة الدولية للهجرة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ممثلين عن أسرة تحرير مجلة "هچرة" أول مجلة شبابية متخصصة فى قضايا الهجرة تابعة لوحدة بحوث ودراسات الهجرة برعاية ا.د. حنان محمد علي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وا.د. عادلة رجب مدير وحدة بحوث ودراسات الهجرة.
وفى مستهل اللقاء استعرض الطلاب مع رئيس الجامعة الهدف من إصدار المجلة وخطوات نشأتها وتشكيل هيئة تحريرها، وكيفية اختيار موضوعاتها.
كذلك استعرض الطلاب محاور موضوع أول عدد للمجلة وكلن عن الهجرة والصحة النفسية، ثم العدد الثاني عن الهجرة والزينوفوبيا. كما تطرق الحوار إلى دور الجامعة والكلية والوحدة في تحفيز الطلاب على المشاركة في الأنشطة العلمية التى انبثقت منها فكرة المجلة، ومشاركة الطلاب بأفكارهم وآرائهم، إضافة إلى ترجمة أحدث الموضوعات المنشورة دوليا فى مجالات اهتمام المجلة.
رئيس جامعة القاهرة يؤكد أهمية ممارسة الأنشطة الطلابيةوجرى خلال اللقاء حوار مفتوح بين رئيس جامعة القاهرة والطلاب تناول كيفية استقبال الجامعة لطلابها الوافدين وعلاقة الهجرة بالتعليم، وأشار د. محمد سامى عبد الصادق إلى جهود الجامعة في إدماج الوافدين فى المجتمع الجامعى، وما تقدمه الجامعة من دعم لرعايتهم.
وأكد رئيس جامعة القاهرة أهمية ممارسة الأنشطة الطلابية، وطالب أسرة تحرير المجلة بتوسيع دائرة انتشارها، لما تحتويه من موضوعات مهمة، ودورها التوعوي بقضية الهجرة التى باتت تشغل الرأى العام، وأبدى استعداد إدارة الجامعة نشر المجلة إلكترونيا على المنصة الرقمية للجامعة، لتعم فائدتها، وتقديم كل سبل الدعم لها.
وأعرب د. محمد سامى عبد الصادق عن تقديره للجهود التى تبذلها إدارة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ووحدة بحوث ودراسات الهجرة بالكلية، مشيدا بأسرة تحرير مجلة "هجرة" وطريقة تناولهم للموضوعات طرحهم للأسئلة.
وقد أدار الحوار يوسف جرانت يونان الطالب بالفرقة الرابعة علوم سياسية صاحب فكرة المجلة، وشاركته تيريز حسام سعد الطالبة بالفرقة الرابعة بقسم الاقتصاد، ومعها ماجي ريمون كامل مسئولة فريق الميديا ومصممة المجلة، وا.منار محمد السحماوي رئيسة نموذج المحاكاة وخريجة دفعة ٢٠٢٤ كنموذج لتواصل الخريجين مع كليتهم، وا. حنان الجنيدي مساعد إداري وحدة دراسات الهجرة.