إذا تركت نفسك براحتها يمكن أن تجلس ساعة واثنتين وثلاثا وربما أكثر وأنت تشاهد مقاطع فيديو على تطبيق التيك توك.. وبعد كل هذا الوقت تشعر أنك استفدت من شيء واحد فقط بعد مشاهدة عشرات الفيديوهات أنك ضيعت كل هذا الوقت من عمرك بلا فائدة!
ومع ذلك.. معظم صناع المحتوى على التيك توك، ناس تحاول أن تعبر عن نفسها وهذا حقها، ويبدو الشكل العام للتطبيق إنه أهم منصة رقمية للحريات.
والواقع أن هذه الحرية غير حقيقية لغياب حرية الاختيار.. فقد باتت المنصات الرقمية من أول اليوتيوب إلى الفيسبوك وإكس تويتر سابقًا.. وحتى التيك توك، تحاصرك أينما ذهبت، وكلما توهمت أنك نجوت منها بالهروب إلى الفن الحقيقى تجده تحول معظمه، شكلا ومضمونًا مثل الذى تراه على هذه المنصات!
ووصل الأمر إلى أن الفنانين المبدعين ونجوم السينما والغناء الذى كان الجمهور يراهم قبل ذلك فى برج عاجى وبمفردهم تحت الأضواء نزلوا الشارع وأصبحوا ينافسون جمهورهم فى صناعة المحتوى على المنصات الرقمية.. ولذلك من العادى أن نرى هذه الأيام النجوم والجمهور وهم يتبادلون الصفعات واللكمات فى الحفلات والشوارع!
كنت، وما زلت، على يقين أن سبب موت عبدالحليم حافظ، كان نابعا من داخله، وليس من مرض الكبد فقط.. وقد مات فعليًا يوم أن تجرأ الجمهور الجديد عليه فى حفلته الشهيرة التى غنى فيها أغنيته الأخيرة قارئة الفنجان.. وهذا الجمهور الذى ظهر فى أواخر السبعينيات مع الانفتاح الاقتصادى والفراخ الفاسدة والشيبسى، لم يكن يناسبه ما يقدمه صوت عبدالحليم من غناء وبألحان العبقرى محمد الموجى وأشعار النادر نزار قبانى.. هو يريد أن يرقص على منولوجات عدوية وكتكوت الامير!
ونفس الشيء يمكن أن تقوله على أم كلثوم وصلاح جاهين.. وتقريبًا كل جيل المبدعين الكبار معظمهم مات فنيًا وواقعيًا فى نهاية السبعينيات، حتى ولو عاش بعضهم إلى نهاية الألفية الثانية!
صحيح.. كل عصر له نجومه وأبطاله، وكل زمن وله جماله، ولا شيء اسمه الزمن الجميل عندما نتحدث عن الزمن الماضى، فهذا الزمن كان فيه كذلك ما هو أسوأ.. ويوجد فى الزمن الحالى ما هو أجمل بكثير من الزمن الماضى الذى يقولون عنه «الجميل»!
والمشكلة الحقيقية، على ما اعتقد، أن تقنيات وتكنولوجيا الزمن الحالى هى التى تتحكم فى أفكار وعقول ورغبات وعواطف البشر.. وأن مخاوف العلماء والخبراء من سيطرة الذكاء الاصطناعى على العالم ليس معناه سيطرة الآلات والروبوتات ولكن مخاوفهم من سلب حرية الاختيار من البشر وتحويلهم إلى مجرد الآت يتم تغذيتها بالأفكار والعواطف المعلبة الجاهزة والموجهة لنمط معيشى وأسلوب حياة معين وتعليبهم كسلع تباع وتشترى على نواصى شوارع المنصات الرقمية مثل التيك توك والفيسبوك!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الناصية مقاطع فيديو تطبيق التيك توك صناع المحتوى التیک توک
إقرأ أيضاً:
أمينة النقاش: لن يوجد تطوير لمهنة الصحافة بدون حرية
قالت الكاتبة الصحفية أمينة النقاش، إنه لن يوجد تطوير لمهنة الصحافة بدون حرية، وأية مقارنة بين وضع دولة نامية مثل مصر، بدول متقدمة مثل اليابات وبريطانيا أو الغرب بشكل عام فهو خطأ كبير.
أشارت النقاش إلى أهمية أن تدعم الدولة الصحافة، لأنها مثل البرلمان الشعبي، فهي عين المجتمع التي تجري على المؤسسات التي تحكمه، وعين الأجهزة الرقابية لمقاومة الفساد بكل أنواعه ولمقاومة الشائعات، مؤكدة أن الإعلام ينشط ويزدهر، بتلبية احتياجات الجمهور، وذلك أيضًا يتم بتوسيع مساحة الحرية.
وبالنسبة للمدارس الصحفية، أكدت النقاش أن المشكلة لم تكن على الإطلاق في نوعية المدارس ولكن تتمثل في خدمة من وتلبية احتياجات من؟.
جاء ذلك خلال كلمته بجلسة "المحتوى الصحفي المأمول بين الحرية والمسؤلية" المنبثقة عن جلسات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين، الذي ينعقد من الفترة ١٤ إلى ديسمبر الجاري بنقابة الصحفيين، اليوم السبت، وهناك تحديات مهنية على رأسها رواتب الصحفيين، وهو تحدي نتاج لغياب إصدار صحف جديدة أو تصورات جديدة للعمل الصحفي، فلا نتذكر أن جريدة جديدة حصلت على ترخيص عمل مؤخرًا، وهو ما يقلل من فرص العمل، وينعكس على رواتب الصحفيين.