واشنطن- افتتح الرئيس الأميركي جو بايدن رسميا مساء الثلاثاء قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في واشنطن بالإعلان عن تقديم مساعدات عسكرية ضخمة وتوفير منظومات دفاع جوي جديدة ومهمة لتعزيز قدرات أوكرانيا ضد روسيا.

وفي كلمته الافتتاحية، حاول الرئيس الأميركي طمأنة دول الحلف بالتزام بلاده المطلق تجاههم ضد التهديدات التقليدية، إضافة للتهديد الذي قد يحمله وصول خصمه دونالد ترامب للبيت الأبيض مع قرب إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية يوم الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ولإلقاء الضوء على قمة الناتو وما تعنيه للأمن العالمي، أجرت الجزيرة نت، حوارا مع روبرت بيرسون، أستاذ العلاقات الدولية في أكاديمية "ويست بوينت" العسكرية الأميركية الشهيرة، حيث يركز بيرسون في أبحاثه على القضايا العسكرية وعلى السياسة الخارجية والداخلية لروسيا والدول السوفياتية السابقة، وسينشر قريبا كتابه الجديد عن "الإستراتيجية الروسية الكبرى في القرن الـ21".

وحصل بيرسون على شهادة الدكتوراه من جامعة ييل، ودرجة الماجستير من جامعة ستانفورد، وهو زميل غير مقيم في معهد الحرب الحديثة، وفيما يأتي نص الحوار الذي تنبّه الجزيرة نت، إلى أن الآراء الواردة فيه تعكس وجهة نظر البروفيسور بيرسون، ولا تعبّر عن أي موقف رسمي لوزارة الدفاع أو الحكومة الأميركية.

بعد 75 عاما، هل تعتقد أن حلف الناتو  يجب أن يستمر في كونه حجر الزاوية لأمن أميركا الشمالية وأوروبا؟

مما لا شك فيه أن منظمة حلف شمال الأطلسي هي الركيزة الأساسية التي تدعم الأمن والاستقرار في المنطقة الأوروبية الأطلسية، ويجب أن تظل كذلك.

وكما يتضح من حرب روسيا في أوكرانيا، فإن المشهد السياسي والاقتصادي والأمني في أوروبا الشرقية كان سيبدو مختلفا كثيرا اليوم، لو لم يسمح حلف شمال الناتو بعضوية هذه الدول. لقد عمل الناتو كرادع فعال ضد العدوان الروسي على الحلفاء، وسيستمر في القيام بذلك طالما استمرت الدول الأعضاء بالاستثمار في قدراتها الدفاعية الوطنية وعلاقات التحالف أيضا.

وما التحديات والتهديدات التقليدية الرئيسية التي تواجه حلف الناتو الآن؟

أولا وقبل كل شيء، هي حرب روسيا الوحشية في أوكرانيا، حتى لو تم احتواء الأعمال العدائية المسلحة داخل أراضي أوكرانيا -كما أعتقد أنه سيكون- فإن اندلاع حرب تقليدية ضخمة على حدود الناتو يضع ضغطا هائلا بخصوص القدرة على الحفاظ على الاستقرار والأمن في أوروبا خارج أوكرانيا.

لكن الأمر الأكثر خطورة هو ما قد يحدث إذا سُمح لروسيا بالانتصار في أوكرانيا، لقد أظهر الرئيس فيلاديمير بوتين مرارا وتكرارا أنه الأكثر عدوانية وخطورة عندما يعتقد أن الزخم في صفه بمواجهة معارضة ضعيفة، وإذا لم يستمر الناتو في معارضة الغزو الروسي بقوة، فلن يؤدي ذلك إلا إلى زيادة جرأة بوتين على القيام بالمزيد من الأعمال العدائية.

وما التحديات والتهديدات الرئيسية غير التقليدية التي تواجه الناتو؟

لا شك في أن الشعبوية والانعزالية وزيادة النعرة القومية والاستقطاب آخذة في الارتفاع في العديد من دول حلف الناتو اليوم، بما في ذلك الولايات المتحدة.

وتميل كل هذه الظواهر إلى تقويض الفهم المشترك لقيمة وأهمية حلف الناتو بين الدول الأعضاء؛ الأمر الذي يهدد بتآكل الوحدة داخله. وفي تحالف يعمل على أساس الإجماع، فإن الافتقار للوحدة يعني الافتقار للعمل الفعال والمشترك.

وهل تعتقد أن نسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي المخصصة لميزانية الدفاع للدول الأعضاء، كافية لمواجهة التحديات المتزايدة التي يواجهها الحلف؟

نص "تعهد فيلنيوس" لعام 2023، الذي تم تبنيه في قمة الحلف الأخيرة على اعتبار نسبة 2% حدا أدنى وليس سقفا أعلى، ومن غير الواضح إذا كان ذلك كافيا لمواجهة التحديات وتهديدات الأمن في السنوات القادمة، ذلك لأننا لا نعرف بالضبط ما قد تكون عليه، لكن يبدو أن الأمور لن تصبح أقل صعوبة في المستقبل المنظور وقد تزداد سوءا.

من هنا فأنا أنصح صانعي السياسات بدول الحلف وسكرتاريته العامة بالتخطيط للأسوأ ووضع ميزانية له، وهو ما يعد إستراتيجية حكيمة، فإذا كان الحلف محظوظا، فستعزز هذه المخصصات أهداف الردع، ولن تضطر الدول أبدا لاستخدام القدرات العسكرية المتزايدة، ولكن إذا حدث وواجهنا أسوأ الحالات، فعلى الأقل تكون دول الحلف مستعدة بشكل أفضل.

كيف يمكنك التمييز بين رؤية الرئيس جو بايدن ومنافسه الرئيس السابق دونالد ترامب لمستقبل حلف الناتو؟

أظهر الرئيس بايدن نفسه مؤيدا ثابتا للدور المركزي الذي يلعبه حلف الناتو في ضمان الأمن الأميركي، وإذا فاز بولاية ثانية، فأنا واثق من أنه سيواصل الاستثمار في الحلف، بما يتفق مع السنوات الـ75 الماضية من السياسة الخارجية الأميركية من الحزبين.

ومن الواضح أنه من الصعب التنبؤ بسياسة ترامب حال فوزه بالانتخابات، ذلك لأن تصريحاته العلنية لا تتطابق دائما مع أفعاله، فلدى ترامب تاريخ طويل في التعبير عن الشكوك حول فائدة دور أميركا في حلف الناتو، مما قد يشير إلى محاولته الانسحاب منه إذا فاز بالانتخابات القادمة.

كما سبق واقترح ترامب أنه لا ينبغي للناتو أن يقدم مساعدة للأعضاء الذين لا يخصصون نسبة 2% لميزانية الدفاع، وهو ما قد يشير إلى أنه لا يزال منفتحا على البقاء في الحلف، ولكن بشروطه، ورغم أن التناقضات بين الرئيسين بايدن وترامب صارخة، فإنه لا يزال من غير المؤكد إلى حد كبير كيف ستبدو الأمور بعد الانتخابات.

تحت أي ظروف يمكن أن نرى علاقة تعاون جيدة بين روسيا وحلف الناتو؟

يعتقد الكثير من المراقبين والخبراء أن الرئيس بوتين هو المشكلة، وأن خروجه من السلطة ذات يوم سيفتح الباب أمام إمكانية ذوبان الجليد بين الطرفين. وفي حين أن بوتين يعد إشكالا في حد ذاته، إلا أن الخلاف الأعمق بكثير يظل متعلقا بالنظام الاستبدادي المسيطر في روسيا.

وإلى أن يتم استبدال هذا النظام بأكمله وليس فقط رئيسه، ويطالب شعب روسيا بديمقراطية فاعلة ويؤسسها، فيمكن القول إن هناك أملا ضئيلا في التقارب مع حلف الناتو، ولكن لسوء الحظ، لا أتوقع أن أرى ديمقراطية ذات مغزى في روسيا في المستقبل المنظور، وربما لن نراها أبدا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حلف الناتو

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: منظومة قيادة جديدة للمقاومة تتشكل بالضفة

قال الخبير العسكري العقيد ركن حاتم الفلاحي إن الكمين الذي أعدته كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لقوات الاحتلال في الضفة الغربية يوم الثلاثاء يعكس تطورا نوعيا في عمليات المقاومة، ويؤكد تشكل منظومة قيادة وسيطرة للعمل في هذه المنطقة.

وأضاف الفلاحي -في تحليل للمشهد العسكري على الجزيرة- أن هناك عمليات دقيقة يجري التخطيط لها في الضفة، مشيرا إلى أن الصور التي نشرتها القسام للعملية تؤكد قدرة المقاومة على تنفيذ عمليات نوعية في مناطق سيطرة لقوات الاحتلال.

وتابع أن هذه المناطق مقطّعة بشكل كامل وتخضع لقيود أمنية مشددة، مما يعني صعوبة نقل أدوات التفجير.

ولفت الفلاحي إلى أن المقاومة نفذت كمينا مدبرا وليس عاجلا؛ مما يشير بوجود استطلاع وزرع للعبوات بما يتناسب مع ردة فعل الاحتلال.

ويرى الخبير العسكري أن هذه العملية تعكس قدرة المقاومة على قراءة أفكار الجيش الإسرائيلي، وقدرتها على إيصال أدوات تفجير إلى هذه المناطق المهمة، مما يعني احتمال تنفيذ مزيد من العمليات في الفترة القادمة.

كمين مركب

وقد نشرت كتائب القسام مقطعا مصورا للكمين المركب الذي أوقعت فيه قوة إسرائيلية بالقرب من قرية المطلة في الضفة الغربية المحتلة أول أمس الثلاثاء.

وقالت القسام إن مقاتليها انطلقوا من مدينة جنين لتجهيز الكمين على بوابة الجدار الفاصل الموازي لقرية المطلة، مشيرة إلى استخدام 3 عبوات، واحدة لإخراج القوة الإسرائيلية واثنتان للفتك بها.

وأظهر الفيديو رصد مقاتلي القسام لموقع الكمين، وعملية تجهيز العبوات قبل تفجير العبوة الأولى لاستدراج القوات الإسرائيلية.

وبعد التفجير، وصلت قوة إسرائيلية إلى المكان وتم تفجير عبوة في اثنين من أفرادها، ثم تفجير الثالثة في أحد الضباط.

ووصلت قوة جديدة للبحث والتفتيش، وكان الجنود يقفون على بعد خطوات من الكاميرات التي زرعتها القسام لكنهم انسحبوا من المكان دون أن ينتبهوا لها.

وكانت القسام قد أعلنت عن العملية التي نفذتها بعد استشهاد 3 من قادتها بالضفة الاثنين الماضي، بينما أعلن جيش الاحتلال إصابة ضابط وجنديين في الكمين.

مقالات مشابهة

  • رئيس وزراء المجر: أوكرانيا لن تحصل على عضوية الاتحاد الأوروبي أو «الناتو»
  • خبير عسكري: الاحتلال يتعمد قتل المدنيين بغزة ومبرراته واهية
  • ماذا وراء توغل الاحتلال المفاجئ بتل الهوى؟.. خبير عسكري يجيب
  • مكتب زيلينسكي يوضح سبب رفض كييف أي اتفاق سلام مع موسكو
  • الأمن الوطني يفكك شبكة دولية ويضبط 200 ألف حبة كبتاجون في بغداد
  • بومبيو يقترح على ترامب هزيمة روسيا بـ500 مليار دولار لأوكرانيا
  • خبير عسكري: أنفاق غزة معجزة إبداعية حيدت مزايا إسرائيل العسكرية
  • الناتو: لا مؤشرات على أي هجوم محتمل في أراضي الحلف
  • روسيا: أحبطنا خطط الناتو لنشر قاعدة بحرية في بحر آزوف
  • خبير عسكري: منظومة قيادة جديدة للمقاومة تتشكل بالضفة