خبير عسكري أميركي يفكك للجزيرة نت تحديات وأهداف قمة الناتو
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
واشنطن- افتتح الرئيس الأميركي جو بايدن رسميا مساء الثلاثاء قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في واشنطن بالإعلان عن تقديم مساعدات عسكرية ضخمة وتوفير منظومات دفاع جوي جديدة ومهمة لتعزيز قدرات أوكرانيا ضد روسيا.
وفي كلمته الافتتاحية، حاول الرئيس الأميركي طمأنة دول الحلف بالتزام بلاده المطلق تجاههم ضد التهديدات التقليدية، إضافة للتهديد الذي قد يحمله وصول خصمه دونالد ترامب للبيت الأبيض مع قرب إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية يوم الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ولإلقاء الضوء على قمة الناتو وما تعنيه للأمن العالمي، أجرت الجزيرة نت، حوارا مع روبرت بيرسون، أستاذ العلاقات الدولية في أكاديمية "ويست بوينت" العسكرية الأميركية الشهيرة، حيث يركز بيرسون في أبحاثه على القضايا العسكرية وعلى السياسة الخارجية والداخلية لروسيا والدول السوفياتية السابقة، وسينشر قريبا كتابه الجديد عن "الإستراتيجية الروسية الكبرى في القرن الـ21".
وحصل بيرسون على شهادة الدكتوراه من جامعة ييل، ودرجة الماجستير من جامعة ستانفورد، وهو زميل غير مقيم في معهد الحرب الحديثة، وفيما يأتي نص الحوار الذي تنبّه الجزيرة نت، إلى أن الآراء الواردة فيه تعكس وجهة نظر البروفيسور بيرسون، ولا تعبّر عن أي موقف رسمي لوزارة الدفاع أو الحكومة الأميركية.
بعد 75 عاما، هل تعتقد أن حلف الناتو يجب أن يستمر في كونه حجر الزاوية لأمن أميركا الشمالية وأوروبا؟مما لا شك فيه أن منظمة حلف شمال الأطلسي هي الركيزة الأساسية التي تدعم الأمن والاستقرار في المنطقة الأوروبية الأطلسية، ويجب أن تظل كذلك.
وكما يتضح من حرب روسيا في أوكرانيا، فإن المشهد السياسي والاقتصادي والأمني في أوروبا الشرقية كان سيبدو مختلفا كثيرا اليوم، لو لم يسمح حلف شمال الناتو بعضوية هذه الدول. لقد عمل الناتو كرادع فعال ضد العدوان الروسي على الحلفاء، وسيستمر في القيام بذلك طالما استمرت الدول الأعضاء بالاستثمار في قدراتها الدفاعية الوطنية وعلاقات التحالف أيضا.
وما التحديات والتهديدات التقليدية الرئيسية التي تواجه حلف الناتو الآن؟أولا وقبل كل شيء، هي حرب روسيا الوحشية في أوكرانيا، حتى لو تم احتواء الأعمال العدائية المسلحة داخل أراضي أوكرانيا -كما أعتقد أنه سيكون- فإن اندلاع حرب تقليدية ضخمة على حدود الناتو يضع ضغطا هائلا بخصوص القدرة على الحفاظ على الاستقرار والأمن في أوروبا خارج أوكرانيا.
لكن الأمر الأكثر خطورة هو ما قد يحدث إذا سُمح لروسيا بالانتصار في أوكرانيا، لقد أظهر الرئيس فيلاديمير بوتين مرارا وتكرارا أنه الأكثر عدوانية وخطورة عندما يعتقد أن الزخم في صفه بمواجهة معارضة ضعيفة، وإذا لم يستمر الناتو في معارضة الغزو الروسي بقوة، فلن يؤدي ذلك إلا إلى زيادة جرأة بوتين على القيام بالمزيد من الأعمال العدائية.
وما التحديات والتهديدات الرئيسية غير التقليدية التي تواجه الناتو؟لا شك في أن الشعبوية والانعزالية وزيادة النعرة القومية والاستقطاب آخذة في الارتفاع في العديد من دول حلف الناتو اليوم، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وتميل كل هذه الظواهر إلى تقويض الفهم المشترك لقيمة وأهمية حلف الناتو بين الدول الأعضاء؛ الأمر الذي يهدد بتآكل الوحدة داخله. وفي تحالف يعمل على أساس الإجماع، فإن الافتقار للوحدة يعني الافتقار للعمل الفعال والمشترك.
وهل تعتقد أن نسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي المخصصة لميزانية الدفاع للدول الأعضاء، كافية لمواجهة التحديات المتزايدة التي يواجهها الحلف؟نص "تعهد فيلنيوس" لعام 2023، الذي تم تبنيه في قمة الحلف الأخيرة على اعتبار نسبة 2% حدا أدنى وليس سقفا أعلى، ومن غير الواضح إذا كان ذلك كافيا لمواجهة التحديات وتهديدات الأمن في السنوات القادمة، ذلك لأننا لا نعرف بالضبط ما قد تكون عليه، لكن يبدو أن الأمور لن تصبح أقل صعوبة في المستقبل المنظور وقد تزداد سوءا.
من هنا فأنا أنصح صانعي السياسات بدول الحلف وسكرتاريته العامة بالتخطيط للأسوأ ووضع ميزانية له، وهو ما يعد إستراتيجية حكيمة، فإذا كان الحلف محظوظا، فستعزز هذه المخصصات أهداف الردع، ولن تضطر الدول أبدا لاستخدام القدرات العسكرية المتزايدة، ولكن إذا حدث وواجهنا أسوأ الحالات، فعلى الأقل تكون دول الحلف مستعدة بشكل أفضل.
كيف يمكنك التمييز بين رؤية الرئيس جو بايدن ومنافسه الرئيس السابق دونالد ترامب لمستقبل حلف الناتو؟أظهر الرئيس بايدن نفسه مؤيدا ثابتا للدور المركزي الذي يلعبه حلف الناتو في ضمان الأمن الأميركي، وإذا فاز بولاية ثانية، فأنا واثق من أنه سيواصل الاستثمار في الحلف، بما يتفق مع السنوات الـ75 الماضية من السياسة الخارجية الأميركية من الحزبين.
ومن الواضح أنه من الصعب التنبؤ بسياسة ترامب حال فوزه بالانتخابات، ذلك لأن تصريحاته العلنية لا تتطابق دائما مع أفعاله، فلدى ترامب تاريخ طويل في التعبير عن الشكوك حول فائدة دور أميركا في حلف الناتو، مما قد يشير إلى محاولته الانسحاب منه إذا فاز بالانتخابات القادمة.
كما سبق واقترح ترامب أنه لا ينبغي للناتو أن يقدم مساعدة للأعضاء الذين لا يخصصون نسبة 2% لميزانية الدفاع، وهو ما قد يشير إلى أنه لا يزال منفتحا على البقاء في الحلف، ولكن بشروطه، ورغم أن التناقضات بين الرئيسين بايدن وترامب صارخة، فإنه لا يزال من غير المؤكد إلى حد كبير كيف ستبدو الأمور بعد الانتخابات.
تحت أي ظروف يمكن أن نرى علاقة تعاون جيدة بين روسيا وحلف الناتو؟يعتقد الكثير من المراقبين والخبراء أن الرئيس بوتين هو المشكلة، وأن خروجه من السلطة ذات يوم سيفتح الباب أمام إمكانية ذوبان الجليد بين الطرفين. وفي حين أن بوتين يعد إشكالا في حد ذاته، إلا أن الخلاف الأعمق بكثير يظل متعلقا بالنظام الاستبدادي المسيطر في روسيا.
وإلى أن يتم استبدال هذا النظام بأكمله وليس فقط رئيسه، ويطالب شعب روسيا بديمقراطية فاعلة ويؤسسها، فيمكن القول إن هناك أملا ضئيلا في التقارب مع حلف الناتو، ولكن لسوء الحظ، لا أتوقع أن أرى ديمقراطية ذات مغزى في روسيا في المستقبل المنظور، وربما لن نراها أبدا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حلف الناتو
إقرأ أيضاً:
أردوغان يحذّر من حرب كبرى بعد إذن أميركي بضرب روسيا
حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن التصعيد الأخير بين روسيا وأوكرانيا قد يضع المنطقة والعالم على شفا حرب كبرى.
وأعرب أردوغان عن مخاوفه من التصعيد الجديد في الحرب بين روسيا وأوكرانيا بعد الضوء الأخضر الذي أعطته واشنطن لكييف لاستخدام الصواريخ الأميركية لقصف الأراضي الروسية، ووصف الخطوة الأميركية بأنها "خطأ كبير".
وقال الرئيس التركي، في تصريحات أدلى بها اليوم الأربعاء خلال عودته من البرازيل، بعد مشاركته في قمة مجموعة العشرين، إن "هذه التطورات قد تضع المنطقة والعالم على شفا حرب كبيرة، ولا يمكن التوصل إلى نتيجة باتباع مفهوم: أنا ومن بعدي الطوفان".
وقال "هذا القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي جو بايدن لن يؤدي فقط إلى تصعيد النزاع، بل سيؤدي أيضا إلى رد فعل أقوى من جانب روسيا".
وحذر أردوغان من ارتكاب أدنى خطأ في الحرب الروسية الأوكرانية، ودعا جميع الأطراف لتوخّي الحذر.
وأجاز الرئيس بايدن هذا الأسبوع لكييف إطلاق صواريخ أميركية بعيدة المدى إلى عمق الأراضي الروسية، حسب ما أكد مسؤولون أميركيون، لكن ما زالت الشروط الدقيقة لهذا الإذن مجهولة، ولم تُعلن عنه واشنطن رسميا.
وردّت روسيا بتوقيع الرئيس فلاديمير بوتين -أمس الثلاثاء- مرسوما يوسع إمكانية استخدام بلاده السلاح النووي، وقال إن موسكو قد تفكر في استخدام أسلحة نووية إذا تعرضت لهجوم صاروخي تقليدي مدعوم من بلد يمتلك قوة نووية.