خرج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. عن صمته للمرة الأولى الأربعاء منذ الانتخابات التشريعية، واعتبر أن "أحدًا لم يفز"، فيما يبذل زعماء تكتل اليسار وتحالف الوسط في فرنسا جهودا حثيثة لمحاولة طرح تصورات لتشكيل حكومة قابلة للاستمرار في حكم البلاد.

وفي رسالة إلى الفرنسيين نشرتها صحف محلية، دعا ماكرون "جميع القوى السياسية في مؤسسات الجمهورية ودولة القانون والحكم البرلماني  إلى الانخراط في حوار صادق ومخلص لبناء غالبية صلبة تكون بالضرورة ذات تعددية".

 زعماء اليسار الفرنسي أكدوا تصميمهم على قيادة الحكومة وإحداث تغييرات جوهرية في السياسة والاقتصاد (شترستوك) 

وحل تكتل اليسار في المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية التي أجريت الأحد الماضي، ويليه في الدرجة الثانية تحالف الوسط، وفي المرتبة الثالثة التجمع الوطني الذي يمثل أقصا اليمين.

وانزلقت فرنسا إلى حالة من الغموض السياسي بعد هذه النتيجة الغير المتوقعة والمربكة أيضا، حيث لم يحصل أي تحالف على أغلبية مطلقة تسمح له بتشكيل الحكومة منفردا.

وتتواصل مفاوضات شاقة في صفوف اليسار وأيضا داخل معسكر تحالف لوسط الذي يتزعمه ماكرون.

وقد أكد التحالف اليساري الذي تصدر نتائج الانتخابات التشريعية أنه يريد تطبيق برنامجه، ولو اضطر إلى عقد تحالفات لكل مسألة على حدة.

واتهمت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان اليوم الأربعاء ماكرون بأنه السبب المباشر في المأزق السياسي الذي تشهده البلاد.

تيارات متباينة

وفيما كانت البلاد تترقب مدّا يمينيا متطرفا في الدورة الثانية من الانتخابات الأحد، فوجئت باختراق لتحالف الجبهة الشعبية المؤلف من أحزاب متباينة لا بل متعارضة أحيانا بين اليسار الراديكالي والشيوعيين والاشتراكيين والبيئيين، مدفوعا بنسبة مشاركة وصلت إلى 66,63% من الناخبين.

ويتعين الآن على الأحزاب التي كانت تدخل في مشاحنات يومية في الماضي، أن تتفاهم حول عدة مسائل، بدءا بتعيين شخصية توافقية يمكنها تجسيد مشروعها المشترك.

وفي هذا السياق، قد يعلن التحالف اليساري اسما في نهاية الأسبوع أو الأسبوع المقبل، لتولي رئاسة الحكومة.

وأعلن رئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فور الثلاثاء أنه مستعد لتولي هذا المنصب، ووصفه مسؤول كبير في الحزب بأنه "الشخصية الوحيدة التي يمكنها طمأنة" الفرنسيين.

أما القوة اليسارية الرئيسية الأخرى، وهي حزب "فرنسا الأبية" (راديكالي) فتقترح النائبة كليمانس غيتي البالغة 33 عامًا، وتحظى بشعبية كبيرة بين النشطاء، وهي أقل إثارة للانقسام بكثير من زعيم الحزب جان لوك ميلانشون الاستفزازي الذي يتمتع بكاريزما لكن ينفر منه البعض حتى في صفوف معسكره، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.

كما يُطرح أحيانا اسما كليمنتين أوتان المنشقة عن حزب فرنسا الأبية، وزعيمة المدافعين عن البيئة مارين تونديلييه.

حدود التحالف

ومع حضورهم تباعا الثلاثاء إلى الجمعية الوطنية، أوحى نواب اليسار باستبعاد توسيع قاعدتهم السياسية باتجاه اليمين الوسط، في حين أنهم لم يحصلوا سوى على 190 مقعدا نيابيا، بعيدا عن الغالبية المطلقة وهي 289 مقعدا.

وقال العضو البيئي في مجلس الشيوخ يانيك جادو في تصريح لشبكة تي إف 1 الخاصة "لا أعتقد أنه يمكن اليوم تشكيل ائتلاف أوسع من الجبهة الشعبية الجديدة في الحكومة"، معتبرا أن "التحالفات ستُبنى في الجمعية الوطنية".

من جانبه، حذر منسق "فرنسا الأبية" مانويل بومبار بأن اليسار سيطبق برنامجه وأن على "كل من التكتلات تحمل مسؤولياتها، فإما التصويت على مقترحاتنا.. أو الإطاحة بنا".

ويعتزم التحالف اليساري بصورة خاصة إلغاء تدابير أساسية اتخذها المعسكر الرئاسي، بدءا بإصلاح نظام التقاعد، وهو الإجراء الأبرز في ولاية ماكرون الثانية على الرغم من رفضه على المستوى الشعبي.

كما يعتزم إلغاء قانون حول الهجرة وإصلاح نظام مساعدات البطالة، وزيادة الحد الأدنى للأجور.

هيئة ثلاثية

ومع ترقب مفاوضات طويلة وشاقة، طلب ماكرون الإثنين من رئيس الحكومة المستقيل غابريال أتال البقاء في منصبه "لضمان استقرار البلاد" ولا سيما قبل ثلاثة أسابيع من دورة الألعاب الأولمبية التي تنظمها باريس.

غير أن مجال تحرّكه بات محدودا في مواجهة جمعية وطنية معادية له إلى حد كبير.  وهذا الوضع غير مسبوق في فرنسا التي اعتادت الاستقرار السياسي بفضل دستور عام 1958.

وقد صارت الجمعية الوطنية هيئة ثلاثية متنافرة الرؤى: الجبهة الشعبية الجديدة بـ 190 مقعدا،  و معسكر ماكرون بـ 160 مقعدا،  وأقصى اليمين بأكثر من 140 مقعدًا.

وعلى الهامش، تشغل مجموعة الجمهوريين (اليمينية) 66 مقعدًا ويمكنها أن تضطلع بدور محوري. لكن ما بين 30 و40 من نوابها سيجتمعون الأربعاء لاختيار رئيس لهم وتغيير اسمهم، بعد أن قرر رئيسهم التحالف -من دون تشاور معهم- مع حزب التجمع الوطني قبل الجولة الأولى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها خلال حكم ترامب الثاني المرتقب؟

دونالد ترامب في طريقه إلى البيت الأبيض، ويشكل حكومته ويعين وزراءه يوما بعد يوم. وكان ماسك من أبرز الأسماء فهو رجل أعمال كبير ومن أغنى أثرياء العالم، وقد بات الآن جزءا من السلطة. يسعى صاحب منصة إكس لتقليل الإنفاق الحكومي الأمريكي، الأمر الذي قد يؤثر على الكونغرس وعلى عامة الناس، فماذا هو فاعل؟

اعلان

يبدو أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لم يأخذ الأمر بجدية عندما قدم إيلون ماسك مقترحا بتقليص حجم الحكومة. لكن الاقتراح الذي أخذ على أنه مزحة، قد يصبح حقيقة من الممكن أن تؤدي إلى حصول صراع دستوري حول توازن القوى في واشنطن.

هناك لجنة استشارية خارجية ستعمل مع أشخاص داخل الحكومة لتقليل الإنفاق وتخفيف اللوائح. هذه اللجنة صممت لتصبح وزارة تدعى "كفاءة الحكومة"، ووضع ترامب على رأسها ماسك أغنى رجل في العالم، وفيفيك راماسوامي، رجل الأعمال والمرشح الرئاسي الجمهوري السابق.

بدأت التصريحات تنتشر، وقال ماسك وراماسوامي هذا الأسبوع إنهما سيشجعان ترامب على إجراء تخفيضات، وذلك من خلال رفض إنفاق الأموال المخصصة من قبل الكونغرس، وهي العملية المعروفة باسم الحجز.

يأتي ذلك بالرغم من أن الاقتراح يتعارض مع قانون صدر عام 1974 بهدف منع الرؤساء المستقبليين من السير على خطى ريتشارد نيكسون- الرئيس الأمريكي السابع والثلاثين-، الذي امتنع عن تقديم كل تمويل لا يعجبه.

دونالد ترامب وإيلون ماسك في بنسلفانيا 5 تشرين الأول أكتوبر 2024Alex Brandon/AP

كتب ماسك ورامسوامي في مقال رأي بصحيفة وول ستريت جورنال: "نحن جاهزون لتلقي هجمات من الكيانات القوية ذات المصالح في واشنطن. نتوقع أن ننتصر. إن الوقت المناسب لاتخاذ إجراءات حاسمة هو الآن".

وكان ترامب قد اقترح فعلا اتخاذ خطوة كبيرة كهذه، وقال العام الماضي إنه "سيستخدم سلطة الحجز المعترف بها منذ فترة طويلة للرئيس من أجل الضغط على البيروقراطية الفيدرالية المتضخمة لتحقيق مدخرات هائلة".

ستكون محاولة مثيرة لترامب من أجل توسيع سلطاته، إذا تمتع بدعم الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وكذا المحكمة العليا الأمريكية ذات الأغلبية المحافظة، وقد تصبح هذه، بين عشة وضحاها، واحدة من أكثر المعارك القانونية التي تشهدها إدارته الثانية.

Relatedبعد جدل في الكونغرس.. إدارة بايدن توافق على صفقة أسلحة بقيمة 20 مليار دولار لدعم إسرائيلالكونغرس يفتح أبوابه للمتحولين جنسيا.. سارة ماكبرايد تصبح أول برلماني أمريكي عن هذه الفئةسكان فلوريدا يحصون خسائر الإعصار ميلتون بانتظار إقرار الكونغرس حزمة مساعدات عاجلة

يقول ويليام غالستون وهو زميل بارز في دراسات الحوكمة في مؤسسة بروكينغز، وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن: "قد ينجو ترامب من العقاب. وسوف تتحول سلطة الكونغرس في الإنفاق إلى رأي استشاري".

خطط مفصلة.. تقليص.. واستعداد للصد

قدم ماسك ورامسوامي نظرة أكثر تفصيلاً حول آلية عملهما في وزارة كفاءة الحكومة، فيما أورداه في الصحيفة الأمريكية ذات الانتشار الواسع. وتطال الخطط أهدافا كانت موجودة من أمد بعيد، ومنها قطع مبلغ 535 مليون دولار مخصص لهيئة الإذاعة والتلفزيون العامة. 

كما كتب الاثنان أنهما سيعلنان عن "الحد الأدنى لعدد الموظفين المطلوبين في أي وكالة بما يمكنها من أداء عملها حسب الدستور والقانون. وقد يؤدي هذا الأمر إلى "تخفيضات جماعية في عدد الموظفين في جميع أنحاء الحكومة لفيدرالية"، وينظر إلى ذلك على أنه جزء من خطط أخرى تعتبر أكثر طموحًا.

لافتة تشير إلى البحث عن موظفين عند مبنى هيئة البريد الأمريكية في كولورادو 7 تشرين الثاني نوفمبر 2021 David Zalubowski/AP

وجاء أن بعض الموظفين يمكنهم أن يختاروا أن يحصوا على "مدفوعات نهاية الخدمة الطوعية لتسهيل الخروج السلس". ولكن سيتم تشجيع آخرين على الاستقالة من خلال إلزامهم بالحضور إلى المكتب خمسة أيام في الأسبوع، ما ينهي المرونة التي أتيحت في عصر الوباء بشأن العمل عن بعد. 

وقال إيفرت كيلي رئيس الاتحاد الأمريكي لموظفي الحكومة، إن مثل هذه التخفيضات من شأنها أن تضر بالخدمات المقدمة للأمريكيين الذين يعتمدون على الحكومة الفيدرالية. 

وقال كيلي إن نقابته التي تمثل 750 ألف موظف في الحكومة الفيدرالية وواشنطن، مستعدة لمحاربة محاولات خفض القوى العاملة. وأضاف "لقد كنا هنا من قبل، وسمعنا هذا النوع من الخطاب، ونحن مستعدون".

المصادر الإضافية • أ ب

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية طهران تنفي صحة التقارير المتداولة حول لقاء سري بين إيلون ماسك والسفير الإيراني لدى الأمم المتحدة بعد اتهامات بالتواصل مع بوتين ومسؤولين روس.. ديمقراطيان يطالبان بالتحقيق مع إيلون ماسك إيلون ماسك رسميًا في البيت الأبيض.. ترامب يفي بوعده للملياردير ويختاره لإدارة لجنة استشارية دونالد ترامبالمحكمة العليا الأمريكيةإيلون ماسكالكونغرسميزانية الحزب الجمهورياعلاناخترنا لك يعرض الآن Next زلزال سياسي: المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال في حق نتنياهو وغالانت يعرض الآن Next صفقة كواليس البرلمان الأوروبي: هل هي تثبيت المفوضين؟ أم تجاوز للشفافية؟ يعرض الآن Next تجدد القصف الإسرائيلي على غزة وضاحية بيروت الجنوبية.. ودعوات دولية لاعتقال نتنياهو وغالانت يعرض الآن Next روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ بداية الحرب يعرض الآن Next خلافات تعصف بمحادثات "كوب 29".. مسودة غامضة وفجوات تمويلية تعرقل مسار الاتفاق اعلانالاكثر قراءة حدث "هام" في منطقة الأناضول.. العثور على قلادة مرسوم عليها صورة النبي سليمان سحابة من الضباب الدخاني السام تغلف نيودلهي: توقف البناء وإغلاق المدارس أسعار زيت الزيتون ستنخفض إلى النصف في الأسواق العالمية اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما حب وجنس في فيلم" لوف" اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29قطاع غزةضحاياإسرائيلروسياالصراع الإسرائيلي الفلسطيني فرنساالحرب في أوكرانيا بنيامين نتنياهوالذكاء الاصطناعيوفاةصاروخالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • خبر وفاة سعد الصغير في السجن يتصدر السوشيال ميديا ونجله يخرج عن صمته
  • هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها خلال حكم ترامب الثاني المرتقب؟
  • جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فرنسا لأجل فلسطين
  • مزارعو فرنسا يصعّدون تحركهم للضغط على الحكومة
  • إلى التي تجسد كرامة هذه المنطقة... هكذا عايد ماكرون السيدة فيروز في عيدها
  • وزير الاستثمار: الحكومة تعمل على إزالة التحديات التي يواجها مجتمع الأعمال
  • البلدة التي لم أحدثك عنها.. اغنية جديدة لغسان زقطان
  • طفلة تسائل الحكومة عن تسول الأطفال الذي يمس بسمعة المغرب قبل تنظيم المونديال
  • أزمة بين فرنسا وأذربيجان بسبب "الاستعمار" و"جرائم ماكرون"
  • الرئيس الجزائري يعيّن حكومة جديدة برئاسة «العرباوي»