الانضباط العسكري.. دلالات وطنية
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
برنامج الانضباط العسكري الذي يُقام حاليًا بمحافظة ظفار، وتشرف على تنفيذه وزارة الثقافة والرياضة والشباب، وعدد من الجهات العسكرية والأمنية والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة، يحمل دلالات عميقة على الاهتمام بالشباب والجيل الناشئ، والحرص على استغلال أوقاتهم وصقل شخصيتهم وتعزيز الهوية الوطنية في نفوسهم وتنمية مداركهم وطاقاتهم.
إنَّ سلطنة عُمان تُدرك أن الشباب هم عماد المستقبل، لذلك سعت دائمًا إلى تسخير الإمكانيات والقدرات لترفد الشباب والأجيال الناشئة بكل مُمكنات العلم والمعرفة، وتنمية شخصيتهم وتوسيع مداركهم ليكونوا قادرين على مواكبة التطور العالمي في الابتكار والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مع الحفاظ على هويتهم العُمانية وثقافتهم المستمدة من تاريخ عُمان وحضارتها ودينها والعادات والتقاليد السمحة والرزينة.
لذلك فإن برنامج الانضباط العسكري جاء شاملًا ليُعطي المشاركين جرعةً من الانضباط والتقيد بالقيم وغرس مبادئ روح العمل الجماعي، وتعزيز المهارات الفردية، والتدريب على الكثير من أوجه الحياة وفق ضبط وربط عسكري متقن، يهذب النفس، ويضيف الكثير من الجوانب الإيجابية لمستقبل المشاركين الذين بلا شك سيسهم هذا البرنامج في جعلهم أمام واقع حياة رسخ في نفوسهم مبادئ وطنية وأخلاقية ودينية ستضيف لهم العديد من الإيجابيات التي سينفعون بها أنفسهم ووطنهم ومجتمعهم.
وتكمن شمولية البرنامج فيما يحتويه من أنشطة عسكرية وثقافية ودينية واجتماعية وعلمية، تكسب المشارك ثقافة الالتزام العسكري لخدمة الوطن والدفاع عن مكتسباته والذود عنه والولاء للقائد، فيما تصقل الجوانب الثقافية عقلية المشارك وتنمي فيه الثقافة والاطلاع والمعرفة، وفي الجوانب الدينية يتسلح المشارك بالدين الإسلامي الحنيف الذي يعصم الإنسان من الوقوع في الخطايا الدنيوية، فيما تكسبه الجوانب الاجتماعية مزيدًا من التلاحم مع المجتمع، وتبني أفكار ذات عائد للمجتمع والإسهام في الجوانب الاجتماعية المهمة، فيما يعزز المشارك الجوانب العلمية المتعلقة بالتكنولوجيا والتطور العلمي، لذلك فإن كل هذه الأنشطة تصب في تكوين شخصية تتمتع بالعديد من الصفات التي تجعله إنسانًا ناجحًا وصالحًا وسط مجتمع يحتاج إلى كل فرد يتمتع بكل هذه القدرات والمعارف.
إن المجتمعات تواجه اليوم تحديات كبيرة، خاصة في ظل عالم مفتوح وأفكار من هنا وهناك قد تتسلل إلى عقول الشباب، وتهدم مستقبلهم وتشكك في هويتهم وانتمائهم وعقيدتهم، ومثل هذه البرامج من شأنها أن تشكل درعًا حصينًا للشباب يحافظون فيه على انتمائهم وهويتهم الوطنية.
كما أن مثل هذه البرامج وما تحققه من أهداف وطنية وشخصية للفرد المشارك، قابلة للتوسع في السنوات القادمة، لما لها من مردود واسع يسهم بتعزيز جوانب مهمة في شخصية المشارك، خاصة وأنها تأتي في مرحلة مهمة من حياة الطالب، ومن منطلق ما تسهم به من تكوين شخصية الفرد من نواحٍ عديدةٍ فإنها فرصة سانحة لتتوسع وتشمل أعدادًا أكبر من الطلبة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
دلالات انتقال مركز الثقل من باب المندب إلى خليج العقبة
آخر ما تبحث عنه المملكة العربية السعودية اشتعال نيران الحرب في الخليج العربي كنتاج طبيعي لفشل المفاوضات الأمريكية الإيرانية حول برنامج طهران النووي.
اشتعال مياه الخليج وانضمامها إلى مياه البحر الأحمر التي تشهد مواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة أنصار الله الحوثية في اليمن؛ كارثة ثلاثية الأبعاد أمنيا وسياسيا واقتصاديا للمملكة العربية السعودية التي تحيطها مياه البحر الأحمر والخليج العربي والمحيط الهندي من جهاتها الثلاث، يفاقمها التصعيد الخطير ما بين الهند وباكستان بأبعاده الجيوستراتيجية في ممرات بحر العرب والمحيط الهندي.
الدبلوماسية السعودية تقف حائرة بين هذه الحرائق المشتعلة، فهي وإن كانت تبحث عن مخرج عبر رفع مستوى التعاون مع روسيا والصين لتحسين بيئتها الاقتصادية والأمنية والسياسية، وتتفاعل إيجابا مع طروحات الإدارة الأمريكية لسلام إقليمي يضم الكيان الإسرائيلي، فإنها تبقى حائرة في كيفية التعامل مع الولايات المتحدة التي تزداد تطلبا وجشعا وتناقضا وسوء إدارة عندما يتعلق الأمر بالملفات العربية والإقليمية.
تتحرك الإدارة الأمريكية ومعها الكيان الإسرائيلي فيما بين الصدوع العربية براحة واقتدار منقطع النظير لا تجد له مثيل في الصدوع العربية الإيرانية، أو العربية التركية، أو حتى الصدوع الأمريكية الروسية الصينية، وهذا ما بدا واضحا في خليج العقبة والخلاف حول الدور الإسرائيلي والاميركي في جزيرتي تيران وصنافير
الضغوط الأمريكية التي يحركها الجشع والضعف العربي ولد مفارقة جيوسياسية للمملكة العربية السعودية، فزيارة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى طهران في السابع عشر من نيسان/ أبريل الفائت، للتعبير عن تمسك المملكة السعودية باتفاقية بكين للمصالحة وتطبيع العلاقات ورفضها المشاركة في الحملة البرية والجوية على حركة أنصار الله وحكومتها في صنعاء، والانفتاح على موسكو وبكين، وفي الآن ذاته كبح التصعيد جنوب البحر الأحمر والخليج العربي، سعّرت التوتر في العلاقة الأمريكية السعودية على نحو ظهرت ذبذباته في علاقة الرياض مع الشركاء العرب خصوصا جمهورية مصر العربية، بنقلها مركز الثقل من صنعاء ومضيق باب المندب إلى قناة السويس ومدخل خليج العقبة في جزيرتي تيران وصنافير، حيث تطالب أمريكا بقاعدة عسكرية أمريكية للتعويض عن الموقف السعودي من النفوذ الصيني جنوب البحر الأحمر والخليج العربي.
نقل مركز الثقل إلى خليج العقبة
قاعدة على بوابة خليج العقبة بديل للتصعيد جنوب البحر الأحمر يريدها الجيش الأمريكي لتأمين قناة السويس ومنع دخول أي سفن "مشبوهة" يُحتمل استخدامها في نقل أسلحة ومعدات عسكرية إلى قطاع غزة أو الأراضي اللبنانية، خاصة تلك القادمة من إيران بحسب زعم مسؤولين غربيين لموقع مدى مصر؛ الذي أكد أن المسؤولين المصريين يرفضون هذا المقترح ويتحفظون على تفاصيله، في حين تشير تقديرات إلى أنه محاولة للضغط على مصر تتجاوز النزاع جنوب البحر الأحمر وقطاع غزة نحو تمدد النفوذ الصيني والروسي في مصر وقناة السويس.
الهروب من الضغط على الخصوم إلى الضغط على الشركاء تحول إلى سياسة جديدة تهدد بتفكك التحالفات والشركات العربية البينية التقليدية، وهو ما بدا واضحا في السودان، إذ برزت التوترات العربية في المواقف المتباينة من الحرب المشتعلة فيها بين أطراف عربية متنافسة كالإمارات العربية المتحدة، ومصر والمملكة العربية السعودية، وصولا إلى تركيا، والموقف ذاته يبرز مجددا في خليج العقبة وسوريا ولبنان، إذ تتضارب المصالح العربية فيها على نحو يفوق ما حدث ويحدث في اليمن والسودان وإن كان بصخب أقل.
ختاما.. أمريكا والكيان الإسرائيلي الحاضر الأبرز في الخلافات والتباينات العربية، إذ تتحرك الإدارة الأمريكية ومعها الكيان الإسرائيلي فيما بين الصدوع العربية براحة واقتدار منقطع النظير لا تجد له مثيل في الصدوع العربية الإيرانية، أو العربية التركية، أو حتى الصدوع الأمريكية الروسية الصينية، وهذا ما بدا واضحا في خليج العقبة والخلاف حول الدور الإسرائيلي والاميركي في جزيرتي تيران وصنافير التي تحولت إلى مفارقة استراتيجية عربية تهدد باختراق أمني وجيوسياسي إسرائيلي خطير، بالتزامن مع اشتعال صراع عربي عربي شمال البحر الأحمر؛ يمتد أثره إلى الأردن والعراق الطامح بمد خطوط للنفط الغاز عبر خليج العقبة وموانئه العربية.
x.com/hma36