لجنة نصرة الأقصى تبارك مضامين خطاب قائد الثورة وتدعو للخروج المشرف بعد غد الجمعة
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
الثورة نت|
باركت اللجنة العليا للحملة الوطنية لنصرة الأقصى في اجتماعها الأسبوعي اليوم برئاسة مستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى العلامة محمد مفتاح، الخطاب المهم لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها وآله أزكى الصلاة وأتم التسليم.
وأكدت اللجنة تأييدها الكامل لما تضمنه خطاب السيد القائد من مواقف قوية وواضحة فيما يتصل بالدفاع عن حقوق ومصالح الشعب اليمني والتصدي للمؤامرات التي تسعى إلى تجويعه وتشديد الحصار عليه.
وعبرت عن تفويضها المطلق لقائد الثورة في أي خيارات يتخذها لانتزاع الحقوق المشروعة للشعب اليمني ومواجهة العدوان والحصار بما في ذلك مواجهة التصعيد الاقتصادي من قبل النظام السعودي الذي يأتي خدمة لأمريكا وإسرائيل، بعد فشلهما في الحد من العمليات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية المستمرة لنصرة الأشقاء في قطاع غزة.
وأشادت في هذا الشأن بالعمليات العسكرية المستمرة والفاعلة للقوات المسلحة وقواتها البحرية والقوة الصاروخية وسلاح الجو المسير على مدى الفترة الماضية من العدوان الصهيوني على قطاع غزة وحتى الأسبوع الجاري.
وأفادت بأنه لا خيار أمام أبناء شعبنا الحر العزيز وقيادتهم الثورية وهم يشاهدون المجازر اليومية للعدوان الإجرامي الصهيوني الأمريكي ضد أبناء الشعب الفلسطيني في غزة إلا الاستمرار في تصعيد العمليات العسكرية ضد العدو الصهيوني وداعميه الغربيين وفي المقدمة أمريكا وبريطانيا ومواصلة الحظر البحري على سفنه والسفن الأخرى المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة.
وحيت اللجنة الدور الجهادي للمقاومة الفلسطينية وعملياتها العسكرية التي تكبد العدو الصهيوني وقواته العسكرية الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد.
كما أشادت بما طرحه السيد القائد خلال خطابه التاريخي من إيضاحات حول خطوات التغييرات الجذرية والإصلاحات الشاملة لمؤسسات الدولة والنهج السليم الذي تم اعتماده لإحداث التغيير الإيجابي المنشود في العمل المؤسسي لمختلف مؤسسات الدولة وتحقيق قوة دورها في بناء اليمن الجديد.
واطّلعت اللجنة العليا على تقرير بشأن سير أنشطة التعبئة والاستنفار على المستويين الرسمي والشعبي نصرة لأبناء الشعب الفلسطيني وحجم المشاركة الشعبية الكبيرة في هذا المسار الذي يعزز من قدرات الشعب اليمني واستعداده للتعامل مع أي طارئ.
وأقرت البرنامج التنظيمي للمسيرة الأسبوعية الكبرى التي ستقام عصر يوم الجمعة في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء نصرة لأبناء غزة المظلومين، والمسيرات المباركة التي ستقام بالتزامن في المحافظات والمديريات الحرة تحت شعار “ثابتون مع غزة.. وسنتصدى لأمريكا ومن تورط معها”.
ودعت أبناء الشعب اليمني الأحرار إلى المشاركة المليونية في مسيرات يوم الجمعة، تعزيزا لذلك الحضور المليوني في المسيرات الأسبوعية طيلة الأشهر الماضية التي نظر إليه أحرار العالم بكل احترام وتقدير، وكان محل اهتمام وتحليل الإعلام العربي والدولي.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: اللجنة العليا للحملة الوطنية لنصرة الأقصى صنعاء
إقرأ أيضاً:
نص كلمة قائد الثورة حول تطورات العدوان على غزة والمستجدات الإقليمية والدولية
الثورة نت/
نص كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول آخر تطورات العدوان على غزة والمستجدات الإقليمية والدولية 19 شوال 1446هـ / 17 أبريل 2025م.
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
يواصل العدو الإسرائيلي عدوانه الهمجي، الإجرامي، الوحشي، ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة، بشراكةٍ أمريكية، ودعمٍ أمريكي، وإذنٍ أمريكي، ويرتكب في كل يوم جرائم الإبادة الجماعية، ويستخدم كل الوسائل الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني:
يقتل الناس بكل وحشية.
يلقي القنابل الأمريكية المدمِّرة على النازحين، بعد أن تحوَّل معظم سكان قطاع غَزَّة إلى نازحين، يلقي عليهم القنابل الأمريكية المدمِّرة والحارقة إلى خيامهم؛ فيحرقهم، ويقتلهم، ويمزِّق الأطفال إلى أشلاء، والبعض إلى جثامين متفحمة، في داخل تلك الخيام.
يستهدف أيضاً المنشآت الصِّحِيَّة، التي هي متضررة أصلاً، وتؤدي خدمات محدودة للغاية، تكاد تكون منعدمة، كما فعله بالمستشفى الأهلي في قطاع غَزَّة، المعروف بـ(المستشفى المعمداني)، الذي دمَّره على من فيه من المرضى، والأطباء، والكوادر الصِّحِيَّة، في جريمة وحشية بشعة، يندى لها جبين الإنسانية.
يواصل التجويع: لأكثر من شهر ونصف الشهر وهو يمنع دخول أي مساعدات غذائية، أو دوائية، أو الوقود، إلى قطاع غَزَّة، وبحسب تصريحٍ للأمين العام للأمم المتحدة، يقول فيه: [مرَّ أكثر من شهرٍ كامل دون قطرة مساعدات إلى غَزَّة، لا طعام، ولا وقود، ولا دواء، غَزَّة ساحة قتل، والمدنيون في دوامة موتٍ لا نهاية لها]، كل المنظمات العاملة في غَزَّة أيضاً تشهد على نفاد المواد الغذائية، وإغلاق المخابز والأفران، والمعاناة الحقيقية من الجوع.
يستخدم العدو الإسرائيلي أيضاً التعطيش: يحاول أن يمنع على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة حتى شربة الماء، منع عنهم الماء الذي كان في إطار مشاريع توصل الماء إليهم (إلى القطاع)، وهم كانوا في أمسِّ الحاجة إلى ذلك، عندما حاول البعض من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة الإصلاح لخطوط الماء تلك، قام باستهدافهم بالغارات الجوية وأبادهم.
يمنع دخول الوقود، من أجل احتياجهم إليه في قطاع غَزَّة لتشغيل المضخَّات، التي تضخ المياه.
يستهدف الآبار.
دمَّر خزانات المياه.
يحاولون بكل جهد أن يحرمهم حتى من شربة الماء؛ لـذلك يخلق معاناة رهيبة جدًّا، معاني منها الأهالي في قطاع غَزَّة بشكلٍ رهيب.
المواد الغذائية تتعفن وهي محملةٌ على الشاحنات الموقفة، والممنوعة من الدخول من المعابر إلى قطاع غَزَّة؛ بينما الشعب الفلسطيني يتضوَّر جوعاً في القطاع، والمواد الغذائية ممنوعةٌ عليه.
وهكذا يستخدم العدو الإسرائيلي كل أصناف الجرائم، من: إبادةٍ جماعية، وتدميرٍ لكل مقومات الحياة، وتجويع، وحرمان من الاحتياجات الإنسانية الضرورية.
ويسعى– في نفس الوقت- إلى احتلال أجزاء واسعة من قطاع غَزَّة، يحاول بالفعل أن يحتل بشكلٍ كامل (مدينة رفح)، ويحاول بعد فصلها عن (خان يونس) أن يتوسع شيئاً فشيئاً، فيما هو اجتياح واحتلال من جهة قطاع غَزَّة، وفيما هو أيضاً تهديد للأمن القومي المصري من جهةٍ أخرى، وانتهاك واضح، وتجاوز صريح للاتِّفاق الإسرائيلي المصري أيضاً.
العدو الإسرائيلي يواصل كل هذه الجرائم بدعمٍ كاملٍ أمريكي، وتبنٍ كاملٍ أمريكي؛ ولهـذا هو بهذا التشجيع الأمريكي، والدعم الأمريكي، الذي يقابله التخاذل العربي والإسلامي، هو لم يعد مركزاً على مسألة الأسرى؛ لأن المسألة كانت متاحةً في إطار الاتِّفاق، وكان بإمكانه أن يستمر الاتِّفاق حتى يتم استكمال تبادل الأسرى، لكنه حتى مع صراخ أسراه، في إطار ما يُبث من وسائل الإعلام من فيديوهات لهم، وهم يناشدونه، ويستغيثون، ويطلبون إتمام الصفقة، وإجراء تبادل للأسرى، هو لا يكترث إلى نداءاتهم تلك، ولا إلى أهاليهم، ولا إلى التظاهرات التي تخرج من الكيان الإسرائيلي نفسه، في المطالبة بإتمام الصفقة من أجل التبادل، وأطروحاته- هو والأمريكي معاً التي يقدمانها- هي أطروحات ظالمة، تُعَبِّر عن طغيان، وبغي، واستكبار، وظلم، وإجرام، فهم يريدون التجاوز على ملف الأسرى، أو الابتزاز بالإفراج عنهم دون صفقة تبادل، ودون حتى التزام بوقف العدوان، والاستحقاقات الإنسانية للشعب الفلسطيني:
في دخول المساعدات والبضائع.
في إعادة الإعمار.
في إيقاف العدوان على قطاع غَزَّة.
الأمريكي والإسرائيلي، يسعيان معاً لأن يبتزا الشعب الفلسطيني ومجاهديه، بالإفراج عن الأسرى دون صفقة تبادل، دون التزام بما تم الاتِّفاق عليه سابقاً؛ أو بالاتِّفاق مجدداً على ما يُثَبِّت تلك الحقوق الإنسانية الضرورية للشعب الفلسطيني، ليست شروطاً تعجيزية، وليست أطروحات غير معقولة ولا منطقية، من جانب (حركة حماس)، أو الشعب الفلسطيني، كلها استحقاقات إنسانية في الحد الأدنى:
دخول الغذاء والدواء.
إيقاف الإبادة والقتل.
دخول الاحتياجات الضرورية للإيواء، للوقود… لغير ذلك من المتطلبات المعروفة.
ولكن الطغيان الأمريكي والإسرائيلي يتنكَّر لكل ذلك.
في يوم الأسير الفلسطيني، هناك استحقاق كبير جدًّا يتعلق بموضوع الأسرى الفلسطينيين، السجون الاسرائيلي مكتظَّة بالآلاف من الأسرى الفلسطينيين، من كل الفئات من أبناء الشعب الفلسطيني: من الأطفال؛ عدد كبير من الأطفال في السجون الإسرائيلية أسرى، عدد من النساء أيضاً في السجون الإسرائيلية، من المسنين، من المرضى، من الكبار، من الصغار، من الشباب؛ وكلهم يعانون أشدَّ المعاناة، التعذيب بكل أشكاله في داخل السجون الإسرائيلية، وهناك بين كل آونةٍ وأخرى شهداء يرتقون؛ نتيجةً للتعذيب من قبل العدو الإسرائيلي، الذي يمارس أبشع التعذيب، وأسوأ المعاملة، وكل أساليب الاضطهاد والقهر والإساءة، إضافةً إلى الانتهاك للحرمات وللكرامة الإنسانية، فكيف يمكن شطب هذا الملف، وتجاهل هذه المعاناة لأبناء الشعب الفلسطيني، بالآلاف في السجون الإسرائيلية.
الأمريكي لا يعتبر– هو والإسرائيلي- لا يعتبر أن هؤلاء الذين هم بالآلاف، من الكبار والصغار، من الأطفال، والنساء، والمسنين، والمرضى، من الشباب أيضاً، الذين هم في المعتقلات الإسرائيلية، في السجون الإسرائيلية، يعانون أسوأ المعاملة وأشد الاضطهاد، وكل أصناف التعذيب، لا يرى لهم أي حق، ولا يعتبر أنه من الصحيح أن يكونوا قضية للشعب الفلسطيني، يطالب بها، يتمسَّك بها، يعمل ما يحتاج إلى أن يعمل من أجل الإفراج عنهم، هل كان العدو الإسرائيلي سيفرج عنهم من دون أن يكون هناك أسرى؟ لا، بالتأكيد لا، ولم يحدث ذلك يعني، كانت مسألة أن يكون هناك أسرى؛ لإجبار العدو على صفقات تبادل، كانت مسألةً ضرورية، أُلْجِئ إليها الشعب الفلسطيني ومجاهديه إلجاءً، لم يكن لهم من خيار آخر.
العدو الإسرائيلي– وبحماية أمريكية- متكبِّر، متغطرس، ظالم، حتى الأحكام التي يطلقها على الأسرى الفلسطينيين بالمؤبد لأضعاف مضاعفة، البعض يصدرون عليهم أحكاماً بالسجن لخمسمائة عام! لأربعمائة عام! لمائتي عام! لثمانمائة عام! شيءٌ لا نظير له في كل العالم، مع التعذيب الشديد، مع الاضطهاد، مع الانتهاك للكرامة، للحرمات… وغير ذلك، حالات القتل من التعذيب تتكرَّر، أصبحت روتيناً، وممارسةً مستمرِّة من قبل العدو الإسرائيلي ضد الأسرى الفلسطينيين، فكيف يمكن شطب هذا الملف، وشطب هذه القضية، والتجاهل لها؟! من حق الشعب الفلسطيني أن يكون هناك صفقات تبادل في مقابل الأسرى.
بينما تُعْتَبر المسألة من أساسها أن العدو الإسرائيلي هو ظالم، ليس له أي حق في كل ما يقوم به ضد الشعب الفلسطيني، من قتل، من احتلال، من اختطاف، وهو يمارس عملية الاختطاف بشكلٍ يومي، في كل يوم وهناك أعداد كبيرة يقوم باختطافها، وإدخالها إلى السجون من الضِّفَّة الغربية، من القطاع، من الضِّفَّة في كل يوم هناك عمليات اختطاف وأسر بشكلٍ مستمر، مع الإهمال الطبي، مع الحرمان من كل الحقوق الإنسانية للسجناء، يعني: العدو الإسرائيلي لا يلتفت إلى أي شيء؛ لـذلك محاولاته أن يتخلص من هذا الملف، وأن يقفز من عليه، وأن يحقِّق مكاسب لإخراج أسره من دون صفقات تبادل، أو أن يبقى الموضوع كما هو عليه من تدمير، واجتياح، وقتل لهم، العدو الإسرائيلي هو يستهدفهم، هو يقتلهم، يقتل أسره أيضاً، أسره لدى الإخوة المجاهدين في قطاع غَزَّة. هذا من نسبة لقطاع غَزَّة.
العدو الإسرائيلي مستمرٌّ في انتهاكاته، واعتداءاته، وجرائمه، في الضِّفَّة والقدس:
الاستهداف لحرمة المسجد الأقصى: الانتهاك لحرمته، والاستباحة والتدنيس لباحاته بشكلٍ متكرِّر، في هذه الأيام بشكلٍ يومي، مع مناسبة اليهود في ما يُسَمّونه بـ[عيد الفصح اليهودي]، بشكلٍ يومي من أكابر مجرميهم، وقطعان مستوطنيهم المجرمين، الغاصبين، الذين يُنَفِّذون اقتحامات يومية إلى المسجد الأقصى، ويُنَفِّذون هناك طقوسهم الخرافية، مع الرقص، والغناء، والاستهتار، والعبارات المسيئة والمستفزة والمسيئة، وبشكلٍ يومي أمام مرأة ومسمع المسلمين، بكل ما للمسجد الأقصى من قُدْسِيَّة عظيمة في الإسلام، وهم يتغافلون ويتجاهلون ذلك.
هذا يعتبر بحد ذاته جريمة كبيرة جدًّا، ويفترض بالمسلمين ألَّا يسكتوا عنها، وأن يكون لهم تحرُّكٌ جاد، وفي نفس الوقت هو يأتي كعملية ترويض وتمهيد، لتنفيذ المخطط اليهودي الصهيوني ضد المسجد الأقصى نفسه؛ لأن هذه المسألة واضحة بالنسبة لليهود، لديهم هدف واضح وصريح ومعلن، هو: السيطرة التَّامَّة على المسجد الأقصى، وتحويله إلى هيكلهم المزعوم.
فالسكوت عن عمليات الترويض، والاقتحامات اليومية، والتدنيس المستمر، هو تفريطٌ كبيرٌ من جانب المسلمين تجاه مُقَدَّس من أعظم مُقَدَّساتهم، وحينما تصل الحالة بالمسلمين إلى المبالاة، والتجاهل، والتغافل، والصمت، والسكوت تجاه مُقَدَّساتهم، تجاه قضاياهم المهمة، المتعلقة بدينهم حتى؛ فهـذا مؤشرٌ خطير، يُشَجِّع العدو ضدهم، يعتبر من خلاله: أن واقع هذه الأُمَّة وصل إلى درجة ألَّا تهتم بأي شيءٍ من شؤونها، بأي قضيةٍ من قضاياها، مهما كانت مهمة، ومهما كانت مُقَدَّسة، ومهما كان لها أيضاً جذورها الدينية، ومهما كانت تجاهها من التزامات الدينية، وهذا يُطَمِّع العدو أكثر فأكثر ضد هذه الأُمَّة، ضد بقية أوطانها، ومُقَدَّساتها، وحقوقها، يراها أُمَّة مُهدرة، مستباحة، يسهل له أن يفعل بها ما يشاء ويريد.
العدو يسعى للتهويد- بلا شك- للقدس، للأقصى، يسعى للسيطرة التَّامَّة، يسعى لتحقيق هدفه الشيطاني:
حوَّل البلدة القديمة في القدس إلى ثكنة عسكرية.
قام بإبعاد خطيب المسجد الأقصى؛ لإدانته لجرائم الإبادة اليهودية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في غَزَّة.
أيضاً في الضِّفَّة الغربية يقوم باقتحام المسجد الإبراهيمي، وفي نفس الوقت ترافق مع عمليات الاقتحام: منع للصلاة، إغلاق للمسجد في وجوه المصلِّين، وتفريغه للرقص والغناء، والاحتفالات اليهودية الصهيونية.
فعل نفس القصة في بيوت بعض الفلسطينيين، كما في (طولكرم)، الإخراج للأهالي (لأبناء الشعب الفلسطيني) من بيوتهم، من منازلهم، وتفريغها للجنود الصهاينة اليهودية ليحتفلوا فيها.
يستمر بالاستهداف اليومي للشعب الفلسطيني في الضِّفَّة:
بالقتل يومياً.
بالاختطاف يومياً لأطفال، لكبار، لصغار، لنساء، لرجال.
بالتدمير أيضاً، والتدمير بشكل واسع وممنهج، يهدف فعلياً إلى التهجير القسري بشكلٍ متدرِّج.
النهب للممتلكات، وهذه مسألة واضحة، وتشمل مناطق واسعة.
كل هذه الانتهاكات تشمل المدن والمحافظات في الضِّفَّة الغربية.
العدو الإسرائيلي هو يستمر في كل هذه الانتهاكات، دون إعطاء أي اعتبار لأي شيء: لا لاتِّفاقيات سابقة، حتى مع السلطة الفلسطينية، التي تتعاون معه في الضِّفَّة الغربية تحت عنوان [التنسيق الأمني] وللأسف الشديد، ولا يعطي اعتباراً لا لمواثيق أمم مُتَّحِدة، ولا لحقوق إنسان… ولا لأي شيء، واطمئن من جهة الموقف العربي، أنه ليس هناك أي تحرُّك فعلي ولا جاد من جانب العرب، ويستند إلى المعونة الأمريكية، والشراكة الأمريكية، والدعم الأمريكي.
العدو الإسرائيلي فيما يفعله في قطاع غَزَّة، من إجرام، وإبادة جماعية، واعتداءاته في غيرها، هو معتمدٌ على الأمريكي؛ ولـذلك نقلت قناة أمريكية عن مجرمٍ من قادة الإجرام اليهودي الصهيوني قوله: [نُنَسِّق مع الأمريكيين في كل شيء]، فعلاً هم يُنَسِّقون معهم، هم شركاؤهم في كل ما يلحق بالشعب الفلسطيني من معاناة ومأساة، في كل ظلم، في كل إجرام ضد الشعب الفلسطيني، [نُنَسِّق مع الأمريكيين في كل شيء، وهم منحونا حُرِّيَّةً مُطلقةً للتصرف في قطاع غَزَّة]، والأمريكي يُقَدِّم نفسه بهذا المستوى، والإسرائيلي يرتبط به هذا الارتباط: الأمريكي يمنح العدو الإسرائيلي الحُرِّيَّة المطلقة، يعني: يُبيح له الشعب الفلسطيني، وفعلاً الأمريكيون يُحَرِّضون، وليس فقط يأذنون، ويبيحون، ويقدِّمون الدعم، ويقدِّمون الخطط، ويشاركون بأشكال مُعَيَّنة، محدودة في الإطار اللوجستي؛ الأمريكيون يحرّضون، ويشاركون، ويشتركون في الهدف نفسه، ويتبنّون مسألة التهجير، يتبنّون مسألة الإبادة، يقولون للإسرائيليين: [اقتلوهم جميعاً]، يعني: اقتلوا كل أبناء الشعب الفلسطيني، [اقتلوهم جميعاً، ولا تبقوا منهم أحداً]، هكذا يخاطبونهم تجاه الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة.
من أين للأمريكي أن يمنح العدو الإسرائيلي الحُرِّيَّة المطلقة، أن يبيح له الشعب الفلسطيني، وإبادة الشعب الفلسطيني؟! هذا منتهى الطغيان، منتهى الإجرام! العدو الأمريكي يقدّم نفسه كآلهة في الأرض، يأذن بإباحة الآخرين، بإباحة دمائهم، وأموالهم، وأعراضهم، وممتلكاتهم، هذا هو منتهى الطغيان والإجرام، لا إنسانية، لا قوانين، لا أعراف، لا تقاليد… ولا أي شيء، على ماذا يمكن أن يستند الأمريكي في أن يبيح الآخرين للإسرائيلي، أن يبيح أعراضهم، دمائهم، أموالهم، أرضهم، أوطانهم، ممتلكاتهم؟! هذا هو فقط الهمجية، الوحشية، الإجرام بكل ما تعنيه الكلمة.
ولـذلك فالأمريكي يواكب العدو الإسرائيلي؛ للاستمرار في هذا الإجرام، وهذا العدوان، وهذه الإبادة الجماعية، وهذا الإجرام الذي لا مثيل له أبداً، يُقَدِّم له باستمرار شحنات الأسلحة، التي لا تتوقف عمليات النقل لها بشكلٍ مستمر، يكاد أن يكون يومياً، هناك في هذه الأيام تكثيف أمريكي، لتزويد العدو الإسرائيلي بشحنات الأسلحة بكميات ضخمة، من القنابل والذخائر لإبادة الشعب الفلسطيني؛ لمواكبته في جرائم الإبادة، وأيضاً لتعبئة المخازن (المخازن الأمريكية، والمخازن الإسرائيلية)، بعد نفاد ما قد نَفِد خلال الفترة الماضية.
في مقابل كل هذا العدوان، وهذا الإجرام، وهذا الطغيان، هناك ثباتٌ عظيم لإخوتنا المجاهدين من (كتائب القسام، وسرايا القدس، وبقية الفصائل)، بالرغم من الظروف الصعبة للغاية، الصعبة جدًّا جدًّا، لكنهم يتصدُّون تصدِّياً بطولياً للعدو الإسرائيلي، يقاتلون ببسالة، ويوقعون العدو في كمائن الموت، استمروا حتى بالرشقات الصاروخية، والقصف بقذائف الهاوون، يشتبكون معه أيضاً من المسافة صفر، المشاهد تبيِّن هذا الاستبسال والتفاني.
العدو الإسرائيلي، في ما يعمله في لبنان أيضاً- وهو مستمرٌ في انتهاكه للاتِّفاق، الذي كان الأمريكي ضمينٌ عليه فيه، كما كان ضميناً في الاتِّفاق في قطاع غَزَّة– يستمر أيضاً بتشجيعٍ أمريكي، وإذنٍ أمريكي، ويستند إلى إذن الأمريكي، يستمر في الانتهاكات اليومية للاتِّفاق، والاعتداءات اليومية على لبنان.
التَّوَجُّه الإسرائيلي هو عدوان، وليست هذه حالة جديدة، تجاه لبنان نفس لبنان، يعني: ليست المسألة من هذه الآونة فقط؛ منذ تواجد المحتلُّون الصهاينة على أرض فلسطين، وأصبح لهم كيانٌ غاصبٌ محتل، بدأوا بالاعتداءات على لبنان من زمان مبكر، وفي مراحل كثيرة، وسبق لهم الاجتياح الكامل للبنان إلى بيروت، وهكذا هم يشكِّلون خطراً مستمرّاً ضد لبنان، أطماعهم واضحة ومعلنة، على مستوى مخططهم الصهيوني: لبنان محسوب ضمن مناطق وبلدان الشام، التي هي ضمن المخطط الصهيوني [إسرائيل الكبرى].
مُؤَخَّـــراً، هناك تصريح لما يسمى بـ[وزير الخارجية الإسرائيلي]، قال فيه- وهذا قبل أيام فقط، قبل أيام، بعد الاتِّفاق- قال فيه، وهو تصريح مع قناة عربية، قناة عربية: [إن السلام ممكنٌ مع لبنان، إن فرض الجيش الإسرائيلي سيطرته على لبنان كله]، هذا ما ينبغي أن يستفز الجانب الرسمي في لبنان بكل مكوناته، وأن يستفز أيضاً كل اللبنانيين، أن يدركوا أن مثل هذا التصريح هو يُعَبِّر عن مخطط، وعن معتقد، وعن تَوَجُّه، وعن سياسات.
هذا بالفعل ما يسعى له العدو الإسرائيلي، ويحاول أن يحقِّقه، ولو أن العدو الإسرائيلي تمكَّن في عدوانه وتصعيده الكبير ضد لبنان، ومحاولته للاجتياح البري، لو تمكَّن أن يجتاح برياً، وأن يكسر المقاومة، وأن يتجاوز الإخوة المجاهدين من (حزب الله)، الذين كانوا يتصدُّون له بكل بطولة واستبسال، لو تمكَّن من اجتيازهم، لقام- فعلاً- باجتياحٍ كامل للبنان؛ لأن هذه رؤيته، يُعَبِّر عنها، سياساته، وتوجُّهاته، وتصريحاته، وأفعاله، وأقواله، في كل المراحل الماضية، على مدى عقود من الزمن، واضحة، في أنه يطمع بالسيطرة التَّامَّة على لبنان، وإذا لم يكن هناك توجُّهٌ لمنعه من ذلك؛ فبالتأكيد هو يسعى إلى ألَّا يبقى للبنان أي سيادة ولا استقلال، وأن يكون خاضعاً له خضوعاً تامّاً، ومستباحاً له: يحتل ما يشاء ويريد، يتمركز أينما يشاء ويريد، يضع له قواعد عسكرية ومواقع عسكرية أينما يشاء ويريد؛ بل هو يسعى الآن إلى أن يبدأ في عمليات نهب لنهر الليطاني، لديه أطماع واضحة، وتوجُّهات واضحة وعدوانية، هو:
مستمرٌّ في الاستباحة للأجواء اللبنانية بكلها.
مستمرٌّ في الغارات والقتل.
مستمرٌّ أيضاً في الاعتداءات بإطلاق النار وبالمدفعية أيضاً.
ومستمرٌّ كذلك في الاحتلال لمراكز داخل الأراضي اللبنانية، كمواقع عسكرية يستخدمها ضد الشعب اللبناني.
يحاول أن يعيق أبناء الشعب اللبناني من العودة والاستقرار في مساكنهم بأمان، يستهدف حتى الغرف الجاهزة، التي تستخدم للإيواء؛ لأن البيوت مُدَمَّرة، والمنازل دمَّرها العدو الإسرائيلي، وحينما يوفِّر البعض لهم غرفاً جاهزة؛ للسكن فيها، والإيواء فيها، يقوم بالاستهداف لها، هذه تصرفات يومية، واعتداءات يومية.
ولـذلك فالعدو الإسرائيلي يُشَكِّل خطراً، وتهديداً، وعدواناً يومياً ضد لبنان، ينتهك سيادة لبنان كل يوم، هو خطر على استقلالها، على حُرِّيَّتِها، هو المشكلة على لبنان، العدو الإسرائيلي هو المشكلة، هو الخطر، هو الشَّرّ على لبنان؛ أمَّا المقاومة اللبنانية، أمَّا (حزب الله)، فهو الذي قام بأعظم دورٍ، في طار الحق المشروع بكل الاعتبارات، لإنقاذ لبنان من السيطرة الإسرائيلية، من العدوان الإسرائيلي.
بجهاد وتضحيات (حزب الله) تحقَّقت انتصارات كبيرة على العدو الإسرائيلي، لم يسبق أن تحقَّق مثلها للمسلمين العرب ضد العدو الإسرائيلي، تحقَّق الردع لمدّة زمنية طويلة، نَعِمَ فيها الشعب اللبناني بالأمن والأمان والاطمئنان؛ ولـذلك من واجب كل اللبنانيين (رسمياً، وشعبياً) أن يكونوا مساندين للمقاومة، داعمين للمقاومة، وأن يدركوا أنها خيار الضرورة، الذي لا يمكن الاستغناء عنه أبداً، لو تم الاستغناء عن هذا الخيار، والتفريط بهذا الخيار؛ لتحوَّلت المسألة إلى خطر كبير جدًّا، حينها لا يبقى في مواجهة العدو الإسرائيلي أي عائق عن تنفيذ أهدافه، بالسيطرة التَّامَّة على لبنان، وخسارة كل شيء، خسارة الحُرِّيَّة والاستقلال.
(حزب الله) قدَّم أعظم التضحيات، هذه التضحيات في ثمرتها الأولى: حماية لبنان، واستقلال لبنان، وكرامة الشعب اللبناني؛ ولـذلك الواجب هو: المساندة لحزب الله، المساندة للمقاومة، التَّمَسُّك بهذا الخيار، وليس التآمر على المقاومة.
ما يسعى له العدو الإسرائيلي حالياً، مع استمراره في النكث بالاتِّفاق، وعدم الاستكمال له، وعدم الالتزام به: أن يحوِّل الأولوية لدى بعض الجهات الرسمية في لبنان، وبالاستفادة من بعض القوى والمكونات، التي لها موقفٌ سلبي دائماً من خيار المقاومة، وتتماهى مع العدو الإسرائيلي، يحاول أن تتحوَّل أولوياته هو إلى أولويات.
الأولوية الوطنية، الأولوية الصحيحة، التي يجب أن تكون أولوية لكل اللبنانيين (رسمياً، وشعبياً)، وهي مسؤولية- بكل ما تعنيه الكلمة- على الدولة في لبنان، هي: العمل على إخراج العدو الإسرائيلي مما هو محتلٌ له في الأراضي اللبنانية، وفي نفس الوقت الإيقاف لاعتداءاته، وإرغامه على الالتزام بالاتِّفاق، والإعادة للإعمار في جنوب لبنان، هذه الأولوية الوطنية، الأولوية الصحيحة، التي هي مسؤولية أيضاً على الدولة في لبنان؛ ولـذلك لا ينبغي التجاهل لهذه الأولوية، والذهاب نحو تبنِّي أولويات العدو الإسرائيلي، بالمطالبة بتسليم سلاح المقاومة، هذا غير صحيح إطلاقاً، يفترض أن يكون التَّوَجُّه هو: إرغام العدو الإسرائيلي على تنفيذ الاتِّفاق بشكلٍ كامل، إكمال الانسحاب من الأراضي اللبنانية، التَّوَقُّف عن الاستباحة للبنان بالغارات والقتل، وإطلاق النار، والاستباحة للأجواء اللبنانية، هذا هو الموقف الصحيح، والتَّوَجُّه الصحيح.
في سوريـــــا، العدو الإسرائيلي مستمرٌ في الاستباحة لها، وثَبَّت له تسع قواعد في مناطق مختلفة من الجنوب السوري، ووضع خطوطاً حمراء، حتى على الجماعات التكفيرية في سوريا ولداعمها، حتى في مسألة تواجدهم، ومستوى ونوعية هذا التواجد وأين، العدو الإسرائيلي يتعامل معهم على هذا النحو.
على كُلٍّ، ما يعمله العدو الإسرائيلي في قطاع غَزَّة وفلسطين بشكلٍ عام (في القطاع، والضِّفَّة، والقدس)، وما يعمله ضد لبنان بشكلٍ يومي، ما يعمله في سوريا، كل هذا شاهدٌ واضح على أن شعوبنا بحاجة مُلِحَّة، وحاجة ضرورية، إلى أن تمتلك إمكانات الردع والحماية.
العدو الإسرائيلي هو المعتدي، هو الذي يقتل يومياً، يعتدي بكل أشكال الاعتداءات يومياً، يحتل، ينتهك الأعراض، ينهب الممتلكات، يُدَمِّر، يتوسَّع هو في موقف العدوان؛ إذاً شعوبنا نحن، أُمَّتنا نحن، بلداننا نحن، بحاجة إلى أن تمتلك إمكانيات الحماية؛ لتحمي نفسها، لتدافع عن نفسها، لتدافع عن نفسها خطر عدوٍ يقتل، يُدَمِّر، يحتل، ينهب، يختطف، يمارس كل الجرائم بحقها، الأُمَّة هي المفتقرة إلى إمكانيات الحماية والدفاع.
لو امتلك الشعب الفلسطيني من اليوم الأول الإمكانات اللازمة للدفاع عن نفسه، لو اتَّجهت الحكومات والأنظمة والبلدان العربية، منذ بداية الخطر الصهيوني اليهودي على فلسطين، إلى التسليح الواسع للشعب الفلسطيني، والتدريب، والتجهيز، والدعم، والمساندة؛ لكان الوضع مختلفاً تماماً.
الحالات التي نرى فيها– مثلاً- قوة في الردع والحماية، في مثل ما عليه الحال مثلاً: في موقف (حزب الله)، نجد الأهمية الكبيرة بشكلٍ واضح لإمكانات الردع، لإمكانات الحماية، لوسائل القُوَّة في مواجهة العدو، وهذه مسألة واضحة تماماً، مسألة واضحة تماماً، يعني: عندما نرى- مثلاً- الفاعلية للمقاومة الفلسطينية، التي أعاقت العدو الإسرائيلي، بكل ما يمتلك وإلى اليوم، عن استكمال التهجير للشعب الفلسطيني من فلسطين، واستكمال الاحتلال التام، والتصفية التَّامَّة للقضية الفلسطينية، ما الذي أخر ذلك إلى اليوم، كل هذه العقود من الزمن، أكثر من خمسة وسبعين عاماً؟ هي المقاومة، المواجهة، التَّصَدِّي، الثبات، بالرغم من الإمكانات المحدودة للغاية، كيف لو كانت هذه الإمكانات بمستوى أكبر، والمساندة بمستوى أكبر، والدعم بمستوى أكبر؛ لكان الوضع مختلفاً عمَّا هو عليه.
هذه المسألة معروفة، في مسألة: احتياج الشعوب لحماية نفسها إلى إمكانات الردع، إلى وسائل القُوَّة، هذه المسألة هي بديهية في كل العالم؛ ولـذلك تسعى البلدان، تسعى الشعوب في مختلف أنحاء الدنيا، إلى أن تمتلك وسائل القُوَّة لهذا الهدف: لحماية نفسها، ولتوفير الردع الذي تدافع به عن نفسها.
ما يُطرح على العكس منه تماماً، وباستغفال عجيب جدًّا، هو في الساحة العربية فقط! المطلوب من العرب والمسلمين على وجه التحديد، أمريكياً، وإسرائيلياً، وأوروبياً، أن يكونوا في الحالة التي يستهدفهم فيها العدو مجرَّدين من كل إمكانات الدفاع والحماية، ومن كل وسائل القُوَّة؛ ولهـذا يأتي البعض حتى في هذه الظروف- بعد كل الذي فعله العدو الإسرائيلي ويفعله، وبعد كل ما يقوم به الأمريكي معه، وبعد التَّبنِّي الأمريكي الصريح لمسألة التهجير للشعب الفلسطيني من قطاع غَزَّة- بطرح ما يطرحه الأمريكي والإسرائيلي، ولكن بشكل تبنٍ من أنظمة عربية، وأصوات لبعض المكونات، في مسألة: تجريد الشعب الفلسطيني من السلاح في قطاع غَزَّة، والتهجير للمقاومة من قطاع غَزَّة، ونزع سلاحها.
هذا الطرح الذي هو طرح غير منطقي نهائياً، طرح سخيف بكل ما تعنيه الكلمة، من الأولى بامتلاك السلاح؛ للحماية، للدفاع عن الأرض والعرض والحق، من الأولى باعتباره صاحب الحق، وباعتباره المظلوم والمعتدى عليه، أن يمتلك السلاح للدفاع عن نفسه؟ الشعب الفلسطيني هو الأولى، هو الذي ينبغي أن يكون هناك اهتمام كبير بتسليحه؛ لأنه صاحب الحق، وفي نفس الوقت- ومع ذلك أيضاً- هو المعتدى عليه، وهو الذي يمتلك مجاهدوه الضوابط، والالتزامات الإنسانية والأخلاقية، لاستخدام هذا السلاح في الإطار المشروع والحق، وليس في إطار الإجرام والطغيان والعدوان.
في هذه الآونة الأخيرة تصاعد الحديث عن مسألة نزع سلاح المقاومة: في فلسطين (في قطاع غَزَّة)، وفي لبنان أيضاً، وهذا شيءٌ مؤسفٌ جدًّا، حينما يكون هناك تبنٍ من بعض الأنظمة العربية، وبعض القوى والأصوات العربية، لهذا الطرح الإسرائيلي والأمريكي، معنى ذلك: أن يتحوّل الشعب الفلسطيني والشعوب العربية إلى مجرَّد خرفان، يذبحها العدو في عيد الفصح، أو عيد المساخر… أو أي مناسبة، أو حتى بغير مناسبة.
الشعب الفلسطيني لديه تجارب مُرَّة في تاريخه:
بعد النكبة في العام 48، قامت آنذاك السلطات المصرية والأردنية، التي تولَّت إدارة قطاع غَزَّة والضِّفَّة الغربية، بسحب سلاح المجموعات الفلسطينية والأهالي، ثم فيما بعد ذلك ماذا حدث؟ تركوهم فريسةً في نكسة العام 67، كان هذا هو التَّوَجُّه الخاطئ، كان المفترض هو تسليحهم، تدريبهم، تجيِّشهم، التمكين لهم من وسائل الحماية ووسائل القُوَّة والردع.
كذلك بعد الغزو الصهيوني للبنان، وافقت آنذاك (منظمة التحرير الفلسطينية) على التخلِّي عن سلاحها، في العام 82، وبعدها بأيام فقط حدثت مجزرة (صبرا وشاتيلا)، التي ذُبح فيها الآلاف من الفلسطينيين.
وصولاً– فيما بعد ذلك- إلى (اتِّفاقية أوسلو) في العام 93، والتي أفضت إلى نزع سلاح (حركة فتح)، وتحويلها (تحويل السلطة الفلسطينية) إلى شرطي أمن العدو الإسرائيلي، وإسقاط خيار الكفاح المسلَّح بعد ذلك، والنتيجة ما هي؟ من تلك الفترة إلى الآن كل ما يحدث هو مؤامرات ومشاريع؛ لتصفية الوجود الفلسطيني على كامل جغرافيا فلسطين.
حينما يطرح اليوم تهجير الشعب الفلسطيني حتى من قطاع غَزَّة، معنى ذلك: التبنِّي لتهجيره من كل فلسطين.
العدو الإسرائيلي الذي لا ينبغي أن يُسَلَّح، ولا أن يمتلك السلاح، تسليحه هو الخطر؛ لأنه عدوٌ ظالمٌ، مجرمٌ، محتلٌ، مغتصبٌ، يستخدم أعتى السلاح، وأفتك أنواع القنابل، لاستهداف النازحين المدنيين في خيامهم القماشية، ويعتدي على المستشفيات، يُدَمِّرها، يقتحمها، يقتحم حَضَّانات الأطفال الخُّدَّج والرُّضَّع ويقوم بإبادتهم.
من هو الذي لا ينبغي أن يقتني السلاح، ولا أن يمتلك السلاح؟ أليس هو العدو الإسرائيلي، بكل ما هو عليه من إجرام ووحشية؟ فكيف تتحول المسألة أن يتم تسليحه بكل أنواع السلاح، حتى السلاح النووي، وأن تكون مخازنه مليئة بكل أنواع الذخائر والقذائف، ثم تحرم الشعوب المظلومة، المعتدى عليها، المضطهدة، المستباحة، المقتولة، المذبوحة، التي تُحتَل أوطانها، تُنتَهك أعراضها، تُنهَب ممتلكاتها، تُحرَم من حق امتلاك السلاح، ويقال عن هذا بأنه مشكلة، بأنه خطأ، بأنه خطر!
التبنِّي لمسألة أن تكون شعوبنا منزوعة السلاح، والشعوب المستهدفة بالدرجة الأولى أمريكياً وإسرائيلياً منزوعة السلاح، ومجرَّدةً من كل وسائل القُوَّة، يعني: أن تكون بدون حماية، أن تكون مستباحة، أن تقتل بكل بساطة، بدون ردة فعل، وإلَّا فمن الذي يوفِّر لها الحماية؟
هذه المسألة مهمة لكل المسلمين؛ لأن الأمريكي والإسرائيلي والغرب عموماً، يثبِّتونها قاعدة تجاه أي بلد من أبناء هذه الأُمَّة، أو أيِّ قوى من أبناء هذه الأُمَّة يأتي الدور عليها لاستهدافها، أنَّه يجب أن تُمْنَع من السلاح، وأن تجرَّد من السلاح، وألَّا يبقى بيدها أي وسيلة لحماية نفسها.
نعرف كمسلمين ما حدث على المسلمين سابقاً في (البوسنة والهرسك)، دع عنك ما حصل على مدى التاريخ، نتيجةً لترك الجهاد في سبيل الله، والتَّخلِّي عن مبدأ عظيم من مبادئ الدين، وعن تعليمٍ إلهيٍ مُقدَّس، هو قول الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال:60]، ما حدث في (البوسنة والهرسك)، هناك إبادة حصلت بشكلٍ فظيعٍ جدًّا للمسلمين، وتفرَّج كل العالم، قُتِل مئات الألوف، انتهكت الأعراض بشكلٍ فظيع، الاغتصاب لعشرات الآلاف من المسلمات، والتدمير الشامل، والأمور الفظيع التي حصلت؛ عندما بدأ المسلمون يمتلكون هناك وسائل الحماية والقُوَّة، توفَّر لهم القليل جدًّا من السلاح؛ حينها تم الاتِّفاق على إيقاف تلك الجرائم، ووقف إطلاق النار، وهكذا هو الحال.
ما حصل على المسلمين في (ميانمار)، إبادة جماعية، ولم يفدهم أحدٌ بشيء، لم يتدخَّل أحدٌ لحمايتهم، أي شعب مسلم يستباح، يُقْتَل، لا يتدخَّل أحد، لا تفعل لهم الأمم المُتَّحِدة شيئاً، ولا مجلس الأمن شيئاً؛ أمَّا الأوروبيون وغيرهم من اليهود والنصارى، هم- أصلاً- يبتهجون بذلك، إن لم يكونوا هم من يشارك، ومن يدعم، أو يتبنى، أو هو الذي يفعل.
ما حصل على أُمَّتنا الإسلامية في مختلف أوطانها، في فترة الاستعمار المباشر، ما فعلته فرنسا في الجزائر، وهي في هذه الأيام تدخل في مضايقات، وسياسات استفزازية ضد الشعب الجزائري، ما فعلته فرنسا في الجزائر أمر فظيع جدًّا من الإجرام، والطغيان، والإبادة الجماعية، ما فعلته أسبانيا، ما فعلته إيطاليا، ما فعلته مختلف البلدان الأوروبية في عدوانها واستعمارها لبلدان أُمَّتنا الإسلامية.
نحن الأُمَّة التي نحتاج إلى السلاح أكثر من أي أُمَّة أخرى، وهذه الشعوب هي الأولى بأن تتوفَّر لها وسائل الحماية والقُوَّة؛ لتدفع عن نفسها الخطر.
بدلاً من أن تتماهى الأنظمة العربية مع الطرح الإسرائيلي والأمريكي، والأولويات الأمريكية والإسرائيلية، واجبها الديني، والإنساني، والأخلاقي: أن تتحرَّك في إطار مواقف عملية لمساندة الشعب الفلسطيني، وإذا لم تتحرَّك على مستوى الموقف العسكري، فلتتحرَّك في بقية الخطوات: المقاطعة السياسية والاقتصادية، العمل على كل الجبهات والميادين الأخرى، كل خطوة عملية لها أهمية، عندما تكون خطوة عملية لفرض العزلة على العدو الإسرائيلي، العزلة السياسية، المقاطعة بكل أشكال المقاطعة.
الخطوات التي قامت بها (جزر المالديف)، في منع السُّواح الإسرائيليين من دخول (جزر المالديف)، خطوة عملية، وكان لها قيمة؛ لأنها خطوة عملية، وكذلك ما قامت به (بنقلادش) أيضاً خطوة عملية، وهو يأتي أيضاً في المقاطعة السياحية مع العدو الإسرائيلي، خطوة عملية.
الخطوات العملية هي المطلوبة؛ لأن الكثير من الأنظمة العربية والإسلامية لم يصل بعد إلى أي موقف عملي، أو خطوة عملية، لا على المستوى السياسي، ولا الاقتصادي… ولا في أي مجال، فالخطوات التي هي خطوات عملية هي الشيء المهم جدًّا.
الصوت الإنساني المتضامن مع الشعب الفلسطيني ينبغي أن يتنامى، وأن يتَّسع في كل البلدان، وأن يحظى بالتشجيع، في هذا الأسبوع خرجت تظاهرات في بلدان كثيرة، نأمل أن تتنامى هذه التظاهرات، وأن تتوسع، وأن تكبر، وأن يترافق معها أيضاً الأنشطة الطلابية من جديد، كما كان في الأشهر الماضية، التظاهرات خرجت في أمريكا، في بريطانيا، وفي فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وسويسرا، والنمسا، وهولندا، وإيرلندا، والنرويج، والسويد، أيضاً في بلدان أخرى: في كوريا الجنوبية، واليابان.
الأمريكي يحاول أن يُسكت الصوت الإنساني، سواءً في أمريكا، أو حتى في الغرب الكافر بشكلٍ عام، الأوروبيون أيضاً تحاول بعض أنظمتهم ذلك، وهناك فيما يتعلَّق بالنشاط الطلابي تَحَرُّكٌ لمنعه، وقمعه، بشكل مكثَّف وبارز، ومفضوح في نفس الوقت.
الأمريكي يتجاهل القوانين، يتجاهل الحقوق المعروفة والمعترف بها، ويستهدف الجامعات بالضغط الممنهج:
يمنع عنها مخصصاتها المالية.
يضغط على الطلاب: يُنفِّذ عمليات اعتقالات لبعض الطلاب، ترحيل لطلاب آخرين، إيقاف أيضاً لمسألة الطلاب الوافدين للتعليم وفق مُنح دراسية أو غير ذلك…
وهكذا يستهدف الجانب التعليمي، بالضغط، والمضايقة، والمصادرة لِحُرِّيَّة التعبير، وحُرِّيَّة التظاهر، وحُرِّيَّة أن يتضامنوا إنسانياً مع الشعب الفلسطيني.
الأمريكي- بشكلٍ مكشوف– يُجَرِّم المطالبة بوقف الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، يعتبر هذا جريمة، يعتبر هذا معاداة للسامية، يعتقل، يصادر الحقوق، يستخدم أشكالاً كثيرة من الأعمال التعسفية والإجراءات التعسفية؛ لمنع ذلك.
في ألمانيا: هناك خطوات في نفس الاتجاه. في هولندا: هناك تعامل سلبي جدًّا مع الطلاب، واعتداءات بالضرب المبرِّح، وهذا التَّوجُّه هو فضيحة في العالم الغربي، فضيحة، وهي درس مهم، درسٌ مهم حتى في الوسط التعليمي، والوسط النخبوي والطلابي والجامعي؛ ليعرفوا مستوى سيطرة الصهيونية اليهودية على أوطانهم وبلدانهم، وأنها تشكِّل خطراً على حُرِّيَّتهم، على إنسانيتهم؛ لأنه لا يسمح حتى بالصوت الإنساني، في القضايا الإنسانية البحتة، الخالصة، في مسألة أن يدخل الغذاء والدواء للشعب الفلسطيني، في مسألة التَّوقُّف عن إبادة الأطفال والنساء، العدو الإسرائيلي يقتل آلاف الأطفال، آلاف النساء، في جرائم وحشية رهيبة جدًّا، ثم يكون هناك منع لأي صوتٍ إنساني، يتضامن مع الأطفال والنساء، مع المظلومين، مع شعبٍ مضطهد ومظلوم بكل ما تعنيه الكلمة!
في العالم الإسلامي، خرجت تظاهرات حاشدة وضخمة في (بنغلادش)، بمئات الآلاف، أتمنى أن نرى مثل هذه المشاهد في بلدان إسلامية وعربية، هذه خطوة متقدِّمة، هذا صوت مهم، خرجت مظاهرات في باكستان، وفي تركيا والسنغال.
في الدول العربية، خرجت بعض المظاهرات المحدودة، بعض الوقفات أيضاً في: المغرب، موريتانيا، تونس، لبنان، الأردن.
اليمن يتصدَّر كل البلدان على مستوى العالم، وعلى مستوى أُمَّتنا الإسلامية، في خروجه الشعبي المليوني العظيم جدًّا، في العاصمة صنعاء (في ميدان السبعين) أكبر مشهد عالمي للخروج الشعبي المتضامن مع الشعب الفلسطيني، وكذلك الحضور بزخمٍ شعبيٍ واسعٍ جدًّا، وجماهيريٍ في بقية المحافظات، وفي ساحات كثيرة جدًّا.
الموقف اليمني يتميَّز بتكامله، التكامل رسمياً وشعبياً، (على المستوى الرسمي، وعلى المستوى الشعبي) موقفٌ واحد، صوتٌ واحد، تحرُّكٌ واحد، وأيضاً التكامل في الموقف على مستوى المجالات، التكامل في الموقف؛ لأنه على مستوى الإسناد العسكري، التَّحرُّك الشعبي، التَّحرُّك على كل المستويات، في إطار جبهة الإسناد اليمنية، في (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس)، وبزخمٍ عظيمٍ جدًّا في الأنشطة الشعبية: من مظاهرات، من فعاليات، من ندوات، من وقفات؛ وأيضاً على مستوى الاتِّساع والنشاط في ساحات واسعة في مختلف المحافظات، وبالاستمرار، وبالثبات على الموقف، هذه ميزة عظيمة ومهمة جدًّا.
اللقاء العلمائي، الذي نظَّمته رابطة علماء اليمن في هذا الأسبوع، هو أيضاً في هذا السياق، ضمن هذا التكامل، تَحَرُّك كل فئات شعبنا العزيز، الجميع يستشعر مسؤوليتهم من كل الفئات، رسمياً، وشعبياً، ونخبوياً، اللقاء العلمائي هذا ليس هو الأول، هو في سياق لقاءات مستمرة، مكثفة ودورية، ويأتي متزامناً مع كلِّ محطة مهمة؛ من أجل المزيد من التعبئة والدفع، وكانت كلمات آبائنا العلماء الأجلّاء كلمات عظيمة، مهمة، قوية، والبيان عن اللقاء أيضاً بياناً مهماً ومفيداً، والنشاط الذي يقوم به الآباء العلماء الأجلّاء في الوسط الشعبي من: تعبئة، وتوعية، وتذكير، وتحريض، واستنهاض، هو يأتي في إطار مهامهم ومسؤولياتهم المقدَّسة، ويقدِّم النموذج، الذي ينبغي أن يكون عليه كل العلماء المسلمين في بقية البلدان الإسلامية.
في ظل هذه التطورات والأحداث، وتجاه المظلومية الكبرى للشعب الفلسطيني، وتجاه هذه القضية كقضية دينية إسلامية، على المسلمين فيها التزامات، ومسؤوليات، وواجبات دينية وإيمانية، من صميم دينهم، يجب أن يكون هناك نشاط علمائي واسع، في مختلف بلدان العالم الإسلامي؛ لاستنهاض الشعوب، لتذكيرها بمسؤوليتها، وبالعواقب الخطيرة جدًّا لتفريطها في هذه المسؤولية، ولتوعيتها عن الأعداء؛ لتمتلك البصيرة الكافية، والوعي اللازم تجاه العدو، وتجاه الصراع مع ذلك العدو.
الأنشطة التعبوية مستمرة في التدريب والتأهيل، ومختلف الأنشطة؛ ولـذلك الموقف اليمني هو حالة فريدة، وملهمة، ونموذج، نموذج لبقية البلدان، لبقية الشعوب.
شعبنا العزيز، بالرغم من أنه يعاني معاناة كبيرة جدًّا، على مستوى الوضع المعيشي، والظروف الاقتصادية، وهو في مواجهة عدوان على مدى عشر سنوات، مع كلِّ ذلك لم يتذرَّع بالذرائع الواهية، ولم يصطنع المبررات التافهة، وغير الصحيحة، التي لا تنفع عند الله؛ إنما تحرَّك لأداء واجبه الإيماني، الجهادي، المقدَّس في سبيل الله تعالى، واستجاب لله، استجاب لكتاب الله، استجاب لتوجيهات وتعليمات رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، تحرَّك من منطلق انتمائه الإيماني، وجسَّد في هذه المحطة التاريخية المفصلية المهمة انتماءه الإيماني، وقول رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”: ((الْإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ))، وهذا أغاظ العدو الأمريكي جدًّا، وأغاظ العدو الإسرائيلي جدًّا، مثَّلت هذه الجبهة جبهة قوية، وجبهة ملهمة، وجبهة تمثِّل حافزاً للآخرين، ونموذجاً مهماً وملهماً للآخرين؛ فاتَّجه الأمريكي في عدوانه الذي يُسنِد به العدو الإسرائيلي ضد بلدنا، بهدف التأثير على الموقف اليمني بكل الوسائل، وبالعدوان العسكري.
الأمريكي يُصَعِّد، في جولته التي استأنف بها عدوانه على بلدنا بالغارات الجوية، نفَّذ في هذا الأسبوع أكثر من (مائتين وعشرين غارة)، بواسطة طائرات الشبح، المسمَّاة [قاذفة بي 2]، وبالطائرات الحربية [إف 18]، وأنواع أخرى من الطائرات، كل هذا في سياق إسناده للعدو الإسرائيلي، استهدف محافظات متعددة: صنعاء، الحديدة، صعدة، عمران، الجوف، البيضاء، مأرب، ذمار… عِدَّة محافظات.
الأمريكي في عدوانه، في هذه الجولة التي استأنفها على بلدنا، حاول أن يكثِّف كما قلنا، ونفَّذ خلال هذه الفترة منذ بداية هذه الجولة في العدوان على بلدنا، يعني: قرابة شهر كامل، نفَّذ فيه الكثير من الغارات، يعني: أكثر من (تسعمائة غارة وقصف بحري) على مدى هذا الشهر.
هذا العدوان– الذي يستهدف فيه الكثير من الأعيان المدنية، كما شرحنا في الكلمة الماضية: يستهدف خزانات المياه، المرافق الصحية، الاتصالات العامة، مرافق كذلك خدمية، ومنازل في الأحياء السكنية- هو عدوانٌ فاشل بكل ما تعنيه الكلمة، لم يتمكن أبداً لا من إيقاف العمليات المساندة للشعب الفلسطيني، التي ينفِّذها شعبنا العزيز، وقواته المسلحة، لم يتمكن أصلاً من تأمين السفن الإسرائيلية، والملاحة الإسرائيلية عبر (البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن، والبحر العربي(، لا زلت مقفلةً تماماً في وجه العدو الإسرائيلي.
ولـذلك في المقابل هناك عمليات مستمرة، استمرار العمليات، الاستمرار في منع السفن الإسرائيلية، هذا دليلٌ واضحٌ بشكلٍ تام على فشل العدو الأمريكي، وفشل عدوانه، وأنَّه لا نتيجة لعدوانه في تحقيق أهدافه لإسناد العدو الإسرائيلي، وحمايته، وتمكينه من الملاحة من جديد.
في العمليات التي نفَّذها اليمن؛ لإسناد الشعب الفلسطيني:
نفَّذت قواتنا خلال هذا الأسبوع عِدَّة عمليات بالقصف الصاروخي وبالمسيَّرات، باتجاه يافا المحتلة وعسقلان، كان أبرزها عملية الأحد، التي تمَّ فيها استهداف مطار [بن غوريون] بـ(صاروخ ذي الفقار)، واستهداف قاعدة صواريخ تابعة للقوات الجوية للعدو الإسرائيلي شرق أسدود، وذلك بـ(صاروخ فرط صوتي)، كان من نتائج هذه العمليات: توقُّف الرحلات الجوية في مطار (اللُّد)، الذي يسمى مطار [بن غوريون]، وفرار الملايين من الصهاينة اليهود إلى الملاجئ على نحوٍ غير مسبوق، والمشاهد التلفزيونية تبيَّن ذلك الفرار الجماعي، والذعر، والرعب العام، والذي تزامن مع ما يسمى بـ[عيد الفصح اليهودي]، يعني: هذه الصواريخ (الفرط صوتية، وذو الفقار) هي هدية العيد لأولئك المجرمين، هذه العملية تعتبر دليلاً واضحاً على فشل العدوان الأمريكي في إيقاف العمليات، أو الحد من القدرات كما يزعم، ليس هناك أي نتيجة لعدوانه.
تواصل أيضاً قواتنا التَّصَدِّي للعدو الأمريكي، والاستهداف المستمر لحاملة الطائرات، والاشتباك معها، كان هذا خلال هذا الأسبوع.
أيضاً الاستمرار في منع الملاحة للعدو في (البحر الأحمر، والبحر العربي)، وتوقَّفت الملاحة بشكلٍ تام، لا زالت متوقِّفة، لا زالت متوقِّفة بفضل الله تعالى، نقصد (الملاحة على العدو الإسرائيلي)، ومعه الأمريكي، الذي ورَّط نفسه بسبب العدوان على بلدنا.
في نفس الوقت تم إسقاط طائرة استطلاع مسلّح نوع [إم كيو 9]، وهذه الطائرة هي (التاسعة عشر)، قد أسقطت القوات المسلحة في الدفاع الجوي تسعة عشرة طائرة [إم كيو 9]، خلال عمليات الإسناد للشعب الفلسطيني، وهذا إنجاز، وعدد مهم، وعدد كبير، وهي طائرة مهمة للعدو الأمريكي، يعتمد عليها اعتماداً كبيراً، وهذا العدد الذي تم إسقاطه، يدل على فاعلية القوات اليمنية، وفاعلية عملياتها، وتصدِّيها للعدوان بفاعلية وتأثير كبير.
فيما يتعلَّق أيضاً بإجمالي ما تم تنفيذه من عمليات خلال هذا الشهر، هذا العدد الإجمالي يبيّن أيضاً حجم هذا الإسناد، وفاعلية الموقف، وقوة الموقف: العمليات بلغت إلى (ثمان وسبعين عملية)، نُفِّذَت بـ(مائة وواحد وسبعين) صاروخ بالِسْتِي، ومُجَنَّح، وفرط صوتي، وطائرة مُسَيَّرة، هذا منذ الخامس عشر من شهر رمضان إلى الآن، عدد مهم من العمليات، سواءً فيما كان للعمق الفلسطيني، أو ما كان للاشتباك مع العدو الأمريكي.
استهداف حاملة الطائرات والقطع البحرية المرافقة لها شمال البحر الأحمر، وهي يتهرب هناك، وترابط هناك في أقصى شمال البحر الأحمر، في مسافة بعيدة جدًّا عن بلدنا، تم الاستهداف لها بعدد (مائة واثنين وعشرين) ما بين صاروخ بالِسْتِي، ومجنَّح، وطائرة مسيَّرة، في (ثلاثة وثلاثين عملية اشتباك)، كانت تستمر لساعات طويلة، وكانت من نتائج هذه العمليات: تحييد شبه كامل لدور حاملة الطائرات في البحر الأحمر؛ وبالتالي لجأ العدو إلى استقدام حاملة طائرات أخرى، ونشرها في المحيط الهندي، وفي أقصى البحر العربي، كذلك لجأ إلى استخدام طائرات الشبح، المسمَّاة بالقاذفات [بي 2].
عندما نتأمل لماذا لجأ الأمريكي إلى استقدام حاملة طائرات أخرى، ولماذا لجأ إلى استخدام قاذفات القنابل، التي تعتمد على قاعدة أمريكية في المحيط الهندي، تبعد قرابة أكثر من (4000 كيلو) عن بلدنا، يعني: بعيدة جدًّا، في عمق المحيط الهندي، مسافة قرابة (4000 كيلو) أو أكثر، لماذا لجأ الأمريكي إلى ذلك؟ لأنه أصبح فاشلاً، ضعيفاً، في مدى فاعلية عملياته وتأثيرها لإسناد العدو الإسرائيلي، يعني: ما كانت تقوم به [ترومان] أصبح عملاً دفاعياً بحتاً بالدرجة الأولى، بالكاد أنها تدافع عن نفسها في الاشتباك معها، دون أن تتمكن من أن يكون لها فاعلية: لا في تأمين الملاحة الإسرائيلية، ولا في إعاقة العمليات ضد العدو الإسرائيلي في العمق، فاستقدام حاملة الطائرات أخرى هو فشل، يبيّن أنَّ تلك الأولى لم يكن لها دور يذكر، ولا دور مؤثِّر لتحقيق الأهداف، التي أراد الأمريكي تحقيقها لصالح العدو الإسرائيلي؛ ولـذلك فالموقف اليمني فعَّال، مؤثِّر، وقوي، ولهـذا لجأ العدو الأمريكي لاستقدام المزيد من إمكاناته وقدراته.
في هذا الشهر نفسه (شهر شوال) إلى الآن:
تم إسقاط عدد (أربع طائرات) استطلاع مسلّح أمريكي نوع [إم كيو 9]، ووصل بهذا العدد- كما شرحنا سابقاً- إلى (تسع عشرة طائرة) خلال مرحلة الإسناد.
أيضاً تنفيذ (أربع عمليات) إطلاق لصواريخ (قدس)، على طائرات التَّنَصُّت والتزويد والحربي الأمريكية، في عمليات منفصلة في البحر الأحمر، وإجبارها على المغادرة.
وأيضاً أكثر من (إحدى عشر) عملية اعتراض وتصدِّي لطيران العدو الأمريكي، بما فيها اعتراض طائرات الشبح، المسمَّاة بالقاذفة الاستراتيجية [بي 2]، وكذلك الطائرات الحربية الـ[إف 18] في أجواء بلدنا، وإفشال عددٍ من العمليات، والبعض جزءٌ كبيرٌ من العمليات تم إفشالها، يعني: خلال كل هذه المُدَّة هناك عمليات اعتراض ناجحة، فشل الأمريكي بسببها في تنفيذ عِدَّة عمليات، وفي تنفيذ قصف على أهداف متعدِّدة، وهناك أيضاً على مستوى اعتراض كامل في بعض الحالات، أو اعتراض جزئي في حالات معيَّنة، فالموقف فاعل في التَّصَدِّي للعدوان الأمريكي.
هناك أيضاً عدد (ستة وعشرين عملية) باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، نُفِّذت بعدد (ثلاثين) ما بين الصاروخ بالِسْتِي، وفرط صوتي، وطائرة مسيَّرة، وهذا كذلك خلال هذا الشهر.
فهناك فاعلية كبيرة تثبتها العمليات، يثبتها الواقع، يثبتها الموقف؛ في حجم هذه العمليات، وفي مستواها، وفي زخمها، أنَّ القدرات- بحمد الله- لا زالت معافاة، وقوية جدًّا، ولم تتأثر، لم تتأثر بالعدوان الأمريكي، بل إنَّها تتنامى، وتقوى، ويزداد المعنيون في هذه المجالات ابتكاراً وإتقاناً على مستوى التصنيع، على المستوى التقني، على مستوى التكتيك العملياتي.
ومع هذه الأدلة الواضحة في زخم العمليات، في فاعليتها، في تنوعها، في قوتها، فيما تحققه من نتائج؛ هناك أيضاً اعترافات صريحة وواضحة للأمريكيين أنفسهم، وهي كثيرة جدًّا، وللإسرائيليين، وفي هذا المقام أكتفي ببعضٍ منها كشواهد من اعترافاتهم، وأترك البقية للإعلام، لوسائل إعلامنا، هناك الكثير جدًّا من الاعترافات والتصريحات، التي تعبِّر بإحباط أمريكي، وإحباط إسرائيلي، تجاه هذا الصمود والثبات في الموقف اليمني، والفاعلية والاستمرار في العمليات.
من التصريحات الأمريكية لمسؤولين أمريكيين، سيناتوران أمريكيان في رسالة مشتركة، وجِّهت منهما إلى (ترامب) المجرم: [يحذران من أن الضربات على اليمن تُعَزِّز قدرات أنصار الله]، هذا الذي نقوله للأمريكي: عدوانك على بلدنا يساهم دائماً في أن نزداد قوة، في أن تزداد قدراتنا العسكرية، وأن تتعزَّز، وأن تكون أكثر فاعليةً وأكثر تطويراً، وفعلاً هو يساهم في ذلك، [مؤكدين أنَّ تلك العمليات العسكرية تشكِّل انتهاكاً لصلاحيات الكونغرس الأمريكي، المتعلِّقة بالإشراف على الأعمال القتالية]؛ لأن (ترامب) تجاوز صلاحياته القانونية في أمريكا، يعني: بحسب صلاحياته، ليس له أن يفتح حرب على دولة أخرى دون تصويت الكونغرس، [وأكَّدا أنَّ الحملة العسكرية لم تؤدِ إلى تحقيق الرد المنشود، بل شجَّعت الحوثيين على تعزيز صفوفهم]، هذا اعتراف يعني من شخصيات مسؤولة هناك.
في مجلة أمريكية أيضاً تنقل عمَّن؟ عن (ترامب) نفسه، الذين يطبِّلون لـ(ترامب)، ويعظِّمونه، ويمجِّدونه، وينظرون إليه بإكبار، لينظروا وليسمعوا اعترافه، ماذا قال (ترامب)؟ قال وهو مندهش، هذا تعبير عن اندهاشه: [الحوثيون يصنعون الصواريخ بالفعل، لم يخطر ببال أحد أنهم يصنعون الصواريخ، وهي متطوِّرة للغاية، ومتينة للغاية]، هذا الاعتراف ممن؟ من الكافر المجرم (ترامب)، الذي هو منذهل، ومندهش، من أنَّ اليمنيين يتمكنون بالفعل من تصنيع الصواريخ، يعني: ليس المسألة كما يقوله الأمريكيون دائماً: [أنها مجرَّد صواريخ مهرَّبة من إيران إلى اليمن]، أصبح لديهم قناعة كاملة بأنَّ هذه الصواريخ تصنَّع في اليمن، ويصنِّعها يمنيون، [وهي أيضاً] يشهد لها (ترامب) بأنها [متطوِّرة] ليس فقط [للغاية]، [متطوِّرة للغاية، ومتينة للغاية].
هناك سيناتور أمريكي سابق، يقول أيضاً: [اليمنيون يُعرَفون بصمودهم]، يعني: هذا ترجمة كلامهم، كل هذا هو مترجم عن كلامهم الذي هو بلغتهم الإنجليزية، [اليمنيون يُعرَفون بصمودهم]، وهذا شيء عظيم، هذه ميزة عظيمة لشعبنا اليمني: أن يكون معروفاً في العالم بصموده، أنه شعبٌ صامد، شعبٌ ثابت؛ لأنه يستمد هذا الصمود، وهذا الثبات من إيمانه بالله، من توكله على الله، من ثقته بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، من إيمانه بموقفه الحق، أنَّه موقفٌ عظيم، موقف يستند إلى الحق، إلى العدل، إلى البصيرة، إلى الوعي، إلى القيم، إلى الأخلاق، ليس موقفاً طائشاً، ولا عبثياً، ولا مستهتراً؛ بل موقف حق، يجسِّد القيم، الأخلاق الإنسانية، الإيمانية، الدينية، والأعراف اليمنية.
أيضاً هناك تصريحات أخرى، دبلوماسي أمريكي سابق يؤكِّد: [أنَّ اليمنيين على الجانب الصحيح من التاريخ]، لاحظوا هذا التعبير: [على الجانب الصحيح من التاريخ]، يقول: [أنهم قاموا بقصف اليمنيين بشكلٍ مباشرٍ وغير مباشر لمدة عشر سنوات، لكن اليمنيين أثبتوا أنهم لا يقهرون]، لماذا أثبتوا ذلك؟ لأنهم يعتمدون على الله القهَّار، القاهر فوق عباده، يستندون إليه، يقول: [القصف الشامل، الذي كلَّف الولايات المتَّحدة مليارات الدولارات، لم يحقق شيئاً، ومن وجهة نظر العالم: اليمنيون على الجانب الصحيح من التاريخ، لكننا لسنا كذلك]، يقول: لكن الأمريكيين ليسوا كذلك، يعني: كل العالم يرى اليمنيين في الموقف الصحيح، في قضية حق، قضية إنسانية، يُجمِع عليها كل الضمير الإنساني في مساندة الشعب الفلسطيني، الذي يُذبح، ويُقتَل، ويُدمَّر، ويباد بشكلٍ وحشيٍ لا نظير له، وكأنه ليس في وسط أُمَّة مسلمة، ولا في وسط محيط إنساني، كأن هذا العالم عالم آخر، ليس فيه أي إنسانية، ولا قيم، ولا أعراف، ولا ضوابط، ولا أخلاق، ولا قيم… ولا أي شيء، جرائم رهيبة جدًّا، فالموقف اليمني المساند للشعب الفلسطيني، في الاتِّجاه الصحيح، الذي يعترف به كل العالم، وينسجم مع كل شيءٍ من الحق، سواءً على مستوى التعليمات الإلهية، أو ما ينسجم معها من: القيم، والأخلاق، والقوانين، والمواثيق، والأعراف.
هناك تصريح أيضاً للإعلام الأمريكي، لمجلة أمريكية، يقول: [حرب ترامب ضد الحوثيين]، يعني: ضد اليمنيين؛ لأنها حرب ضد اليمنيين، ليست فقط ضد فئة معينة، ماذا يقول هذا الإعلام الأمريكي؟ يقول: [قد تتحول إلى فضيحة لأمريكا، وعلى إدارة ترامب الانتباه أكثر للتاريخ]، يعني: أن يستذكر دروساً من التاريخ القريب، [حركة الحوثيين خرجت من كل حروبها أقوى، وإذا استمر الفشل؛ قد يقرر ترامب أنَّ هذه الحرب لا تستحق العناء]، يعني: حينما يستمرون في فشلهم، وفشل مكلِّف، يكلِّفهم الكثير، [في نهاية المطاف قد يصلون إلى نتيجة أنه لا فائدة، فليوقفوا حربهم]، حينها ماذا؟ قال: [وحينها سيعلن الحوثيون انتصاراً تاريخياً على الشيطان الأكبر]؛ لأنه بقدر ما يكون الفشل الأمريكي مع حجم العدوان؛ سيكون حجم الانتصار كبيراً، وعظيماً، ومهماً، وهذا أيضاً درس مهم جدًّا، هذا في هذا السياق.
لنا أيضاً تعليقٌ– باختصار جدًّا- فيما يتعلَّق بالحرب التجارية من أمريكا على شركائها التجاريين، على أصحابها، وأصحاب العلاقات معها، لماذا فعلت أمريكا ذلك؟ لماذا فعل (ترامب) ذلك؟ المشكلة الكبيرة التي تواجهها أمريكا في:
الديـــون:
أكبر مديون في العالم هو السلطات الأمريكية، أكبر دين في العالم عليها، ديون هائلة جدًّا جدًّا جدًّا، وتواجه مشكلةً في العجز المالي، الذي يهدد كل عام بإغلاق جزئي للمكاتب الفيدرالية والحكومية، يعني: يحصل عندهم في كل عام عجز في المال، يهدد بإغلاق بعض مكاتبهم، على هذا المستوى من المشكلة لديهم.
وكذلك العجز التجاري:
لديهم مشكلة في العجز التجاري– كيف هذه المسألة؟! وهي ذات إشكالية كبيرة جدًّا عليهم، هي من دلائل أنهم يتوجهون نحو الانحدار، وتتنامى بلدان في المقابل- لديهم مشكلة في العجز التجاري: هناك تراجع في الإنتاج في أمريكا، وتزايد في الاستيراد، وهذا مشكلة بالنسبة لوضعهم الاقتصادي.
هناك تراجع في القدرة على المنافسة الاقتصادية في إطار القواعد (قواعد التجارة الحُرَّة)، والنظام العالمي للتجارة، يعني: هناك نظام معمول به في العالم، وأمريكا كانت متمسِّكةً به؛ لأنه كان لصالحها فيما مضى؛ أمَّا الآن حينما تراجعت قدرتها على المنافسة، تريد أن تخرج على ذلك النظام، وأن تتجاوزه؛ لأن هناك منافسة قوية لها من بقية البلدان، من شركائها، من اليابان، من الصين، من الاتحاد الأوروبي… وغيرها، فهناك مشكلة في المنافسة الإنتاجية والتجارية، يعني: لم يعد هناك قدرة على المنافسة وفق القواعد؛ لـذلك ماذا فعل (ترامب)؟ خرج عن تلك الأنظمة، وتلك القواعد، والتجارة الحُرَّة، والمنافسة الحُرَّة؛ إلى سياسة الابتزاز، والضغط، والعقوبة، والإجراءات التي هي ابتزاز بكل ما تعنيه الكلمة، وخروج عن ذلك النظام، فتعامل مع المشكلة بأسلوب العنجهية والابتزاز، وانقلب على تلك القواعد، والأنظمة، والقوانين، والاتِّفاقات، التي هي معتمدة في التجارة العالمية.
لهـــذا أضـــرار كبـــيرة، نتحدث عنها باختصار:
الأضرار والآثار لقرار (ترامب) بحسب من؟ بحسب تصريحات المسؤولين الأوروبيين، والقادة الأوروبيين، والجهات العالمية التي هي ذات علاقة بالموضوع، مثل: منظمة التجارة العالمية، كيف يصفون القرار الأمريكي في أضراره ونتائجه؟
أضراره ونتائجه، بحسب تصريحات المسؤولين والخبراء والجهات الدولية والأوروبية، هي:
الركود الاقتصادي، يعني: لنلاحظ كم هو الغباء الموجود حالياً في أمريكا، كم هو التأثير للحالة الارتجالية، الطغيانية، العنجهية في التعامل مع الأمور والمشاكل، سواءً على المستوى السياسي، أو الاقتصادي، أو العسكري، العقلية الآن التي تحكم أمريكا، هي عقلية مستفزة، متغطرسة، وحمقاء في نفس الوقت، الركود الاقتصادي.
التضخم وغلاء الأسعار.
التراجع الحاد في البورصات والأسهم.
التأثير على صناعات ومصانع وشركات، والتسبب لها بخسائر.
البطالة وتسريح موظفين.
التأثير على الاستثمار في مجالات كثيرة.
كل هذه الأضرار أولاً تحدث في أمريكا، وفي أوروبا، شركاء أمريكا، في اليابان، الدول التي هي ذات علاقة قوية على مستوى التبادل التجاري مع أمريكا، أصحابها، جماعتها.
كان هناك أضرار فورية للقرار، يعني: حجم الخسائر لحظة إعلان القرار الأمريكي كانت بـ(التريليونات)، بالتريليون في أسواق الأسهم، أيضاً كانت خسارة كبار التجار في أمريكا والغرب في يومٍ واحد لأكثر من (مائتي مليار دولار).
في ردود الفعل، وفي توصيف القرار، من قِبَل كبار المسؤولين من أصحاب أمريكا (من الأوروبيين والجهات الدولية)، كانت على النحو التالي:
ماذا يصفون قرار (ترامب)؟ بأنـــه:
[تهديد للاقتصاد العالمي].
[زلزال للاقتصاد العالمي].
[حرب تجارية].
كل هذه التوصيفات منهم، من كبار المسؤولين في بريطانيا، في فرنسا، في ألمانيا، في إيطاليا… في مختلف البلدان الأوروبية.
[ضربة كبيرة للاقتصاد العالمي، لها تداعيات على الاقتصاد والأمن العالميين].
[قرار خطير للغاية، وسيؤدي إلى أزمة عالمية، والأمريكيون أول من يتضرر منها]، هذا في تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي، [وستؤدي إلى إضعاف الاقتصاد العالمي لفترة طويلة].
هكذا هي العقلية الترامبية الآن، العقلية الأمريكية، التي تتعامل مع العالم بدون مراعاة لمصالح أي بلد نهائياً، ومع التعليق للقرار، إلَّا أنَّه أيضاً بقيت هذه الحرب التجارية قائمة على قدم وساق مع الصين، ومع بعض البلدان، وعلى مجالات متعددة، والحالة الراهنة يصفونها بأنها: [حالة من انعدام اليقين، انعدام الاطمئنان]، يعني: وضع مهزوز جدًّا للاقتصاد في أوروبا، وفي أمريكا، وفي تلك البلدان ذات العلاقة القوية على المستوى الاقتصادي مع أمريكا، ويستاهلوا كلهم يستاهلوا، هذا هو سكوتهم عمَّا يجري في قطاع غزة، تواطؤهم على مظلومية الشعب الفلسطيني.
الحــــــل: والحل عجيب هنا يعني، ما هو الحل؟ هم يقولون:
[أنَّ البلدان النامية متضررة جدًّا من القرار، لكن لديها فرصة في السلامة من آثاره، الحــل هو:
أولاً: الوقوف بوجه أمريكا في سياساتها العدوانية والتخريبية، على العالم أن يتعلَّم أن يقول لأمريكا: لا].
على الجميع أن يتعلموا ذلك، أن يقفوا بوجه طغيانها، طغيانها قد زاد، عنجهيتها، استكبارها، تعاليها، غطرستها، ظلمها، عدم مبالاتها بالناس، في أي أضرار تسببها سياساتها على الناس؛ لـذلك يجب أن يتعلم الجميع أن يقول: لا لأمريكا، أن يقفوا بوجه سياساتها الخاطئة، والظالمة، والسيئة، والخطيرة، والمخرِّبة.
بالنسبة للدول النامية لديها فرصة لفصل تبعيتها الاقتصادية لأمريكا، أن تتحرر من الارتباط بالدولار، تتحرر في النشاط الاقتصادي، والتبادل التجاري من العلاقة مع أمريكا، تتعامل فيما بينها، تتعامل مع بلدان أخرى، تنشِّط حركتها التجارية من غير الارتباط بأمريكا، وتسعى للاستقلال الاقتصادي.
هذه المسألة هي هامة؛ لأنها درس حصل لكل الدول الأخرى، بالذات التي هي بعيدة عن أن تتعاطف مع المظلومين، درس كبير، ودرس لأُمَّتنا.
فيمـــا يتعلَّـق بموقفنـــا: نحن نؤكِّد على ثباتنا على موقفنا؛ لأنه موقفٌ أصيل، موقفٌ إيمانيٌ، موقفٌ قرآني، بلدنا (رسمياً، وشعبياً) اتَّخذ هذا الموقف لمساندة الشعب الفلسطيني، والوقوف معه كموقفٍ إنسانيٍ، إيمانيٍ، دينيٍ، قرآنيٍ، جهاداً في سبيل الله، وابتغاءً لمرضاة الله، هو موقف بالأصالة، ليس وكالةً عن أحد، ولا نيابةً عن أحد، ولا عمالةً لأحد، هذا موقف بالأصالة، وهو الموقف الذي يجب أن يتبناه كل المسلمين أجمع.
نحن كشعبٍ يمني ينتمي للإسلام، ندرك واجباتنا الإسلامية، الجهادية، القرآنية، وكما قلنا في كلماتٍ ماضية: أنَّ موقع وموطن والظروف التي توجب الجهاد في مواجهة العدوان الإسرائيلي، والطغيان الأمريكي والإسرائيلي، هي أكثر من أيِّ مقامٍ آخر، من أيِّ معركةٍ أخرى، من أيِّ ظروفٍ أخرى، يعني: متى سيجاهد المسلمون، إن لم يقفوا بوجه الهمجية، والطغيان، والإجرام، والظلم الإسرائيلي والأمريكي؟! وضد مَن سيقفون وسيجاهدون؟!
كل الأوامر في القرآن الكريم، التي أمرنا الله فيها بالجهاد في سبيله، والقتال في سبيله، تتحتم في هذا الواجب الإنساني، والديني، والإيماني، لنصرة الشعب الفلسطيني، وضد الهمجية والإجرام والطغيان الأمريكي والإسرائيلي، وإلَّا فمتى سنجاهد؟!
نحن كشعبٍ يمني، ينتمي للإسلام، يؤمن بالقرآن، لن نقبل أبداً بأن يكون للأمريكي فيتو على القرآن، لا يمكن أن نقبل بذلك أبداً، الأمريكي يستخدم الفيتو في مجلس الأمن؛ لإسقاط قرارات لوقف الظلم ضد الشعب الفلسطيني، لوقف الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، يتَّخذ هذا الفيتو في المقامات الدولية، في المحافل الدولية، يضغط على الأنظمة لتتبنى توجهه ذلك، لا يمكن أن نقبل أن يكون أمر الأمريكي فوق أمر القرآن، وأن نعطِّل كتاب الله من أجل الأمريكي، ولن نقبل أبداً، ولا يكون، ولن يكون بإذن الله وتوفيقه، أن يكون سقف استجابتنا لله ربنا “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” تحت مستوى الإذن الأمريكي؛ لأن هذه الحالة- للأسف- أصبحت عند الكثير من المسلمين! أصبح سقف استجابتهم لله، ومستوى أيضاً التزامهم بالقرآن، تحت مستوى ما يأذن به الأمريكي؛ أمَّا فيما لا يأذن، أو فيما- بحسب أولوياته- قد وصل إلى منعه، يستجيبون سريعاً، لن يكون سقف استجابتنا لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” تحت الإذن الأمريكي، الذي يعمل كفرعون، {آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ}[طه:71].
استجابتنا لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” فوق كل اعتبار، على رغم أنف الأمريكي، وأضرابه، وأمثاله، وكل الطغاة، والمجرمين، والمستكبرين، والظالمين، على رغم أنفهم جميعاً، نستجيب لله أولاً، نداءاته، أوامره الحق، التي نتحرّك أيضاً فيها بما يتطابق تماماً مع فطرتنا الإنسانية، مع القيم الإنسانية، فوق كلِّ اعتبار، فوق كل طغيان، فوق كل لوم من أيِّ لائم؛ ولـذلك نحن مستمرون في موقفنا، وثابتون على مستوى العمليات العسكرية، وعلى مستوى الأنشطة بكل مجالاتها، وبكل أنواعها، ومطمئنون إلى رعاية الله، وعونه، ونصره.
يا أيها المسلمون جميعاً، إنَّ النصر من الله، والعون من الله، والهداية من الله، والتوفيق من الله، يأتي كلُّ ذلك مع الاستجابة العملية لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”:
{إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد:7].
{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ}[الحج:40].
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}[العنكبوت:69].
أمَّا الحالة الأخرى: حالة القعود والتخاذل، فمقترنٌ بها الوعيد من الله، الوعيد:
{إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ}[التوبة:39].
{فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[التوبة:24].
{رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}[التوبة:87]، وفي آية: {وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}[التوبة:93]، الطبع على القلوب.
الوعيد: {خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا}[البقرة:243].
كم في القرآن الكريم من وعيد؛ ولـذلك نحن ثابتون على موقفنا، متوكلون على الله، {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[آل عمران:122]، نستمر في الأنشطة.
الخروج في الأسبوع الماضي كان عظيماً، وكبيراً، ومهماً أيضاً، يحبط العدو، الذي يتمنى أن يكسر ويحطِّم معنويات وإرادة شعبنا العزيز، الخروج الواسع هو تضامن مهم، مؤثِّر، مفيد، وملهم للآخرين ليتحركوا، ليخرجوا، هو مهم في حساب المسؤولية الدينية، وهي قبل كل شيء في فعل كل ما يمكن، عندما يكون بوسعنا وإمكاننا أن نسهم أيضاً بهذا النوع من الإسهام، وهو: الخروج الأسبوعي في مظاهرات مليونية كبيرة، ولذلك أهميته وأثره؛ فلنفعل، الله يقول: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ}[التوبة:120]؛ ولـذلك هذا مما يغيظ الكفار، هذا أيضاً هو فيه نيلٌ من العدو، تأثيرٌ على العدو.
طبيعة هذا الصراع مع أولئك الأعداء من اليهود والنصارى، هو يتطلَّب هذا التحرك الجماهير الواسع؛ ولهـذا يقول الله: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[التوبة:41].
الخروج الشعبي الواسع هو إحباط لمعنويات العدو الأمريكي، يقصف، يُسخِّر أبواقه الإعلامية، يُثبِّط، يتَّخذ كل إجراءاته، ويعمل كل ما يستطيع، في نهاية الأسبوع يخرج شعبنا العزيز بالملايين ثابتاً على موقفه، مستمراً في موقفه، العمليات العسكرية مستمرة، كل شيءٍ مستمر، التصدي بفاعلية، هذا له تأثير على معنويات العدو.
ولـذلك يا شعبنا العزيز، أدعوكم إلى الخروج المليوني الواسع يوم الغد إن شاء الله تعالى، في العاصمة صنعاء، وفي بقية المحافظات، وحسب الترتيبات المعتمدة، أدعوكم بدعوة الله: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}[التوبة:41]، اخرجوا كجزءٍ من جهادكم:
استجابةً لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
نصرةً للشعب الفلسطيني المظلوم.
إحباطاً للأعداء وكل مكرهم وكيدهم.
نَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ المَظْلُوم وَمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَّاء.
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛