البرغوثي للجزيرة نت: اليوم التالي للحرب في غزة لن يكون إلا فلسطينيا
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
رام الله- قال أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي إن إسرائيل فشلت بعد 9 أشهر من حرب الإبادة على قطاع غزة في تحقيق أهدافها. وأضاف أن هناك مجموعة عوامل تضغط على تل أبيب للمضي قدما في اتفاق لوقف إطلاق النار، وإبرام صفقة تبادل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفي حوار مع الجزيرة نت، أشار القيادي الفلسطيني إلى أن غزة حركت العالم حتى أصبحت قضية فلسطين جزءا من أي سياسة داخلية في أي بلد، في وقت باتت فيه إسرائيل أكثر عزلة على المستوى الدولي.
وشدد البرغوثي على ضرورة الحفاظ على دور منظمة التحرير الفلسطينية، و"إنهاء تبعيتها للسلطة الفلسطينية"، وإدخال كافة القوى والفصائل فيها، ودعا إلى تشكيل حكومة وفاق وطني فلسطيني بشكل عاجل، تضمن وحدة غزة والضفة الغربية، وإحباط مشاريع خلق "آلية عميلة للاحتلال".
وفيما يلي نص الحوار:
مع دخول العدوان على غزة شهره العاشر، لماذا لم تحسم إسرائيل المعركة؟
بفضل صمود ومقاومة وبسالة الشعب الفلسطيني كله، فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها الأربعة الرئيسية:
الهدف الأول: كان اقتلاع المقاومة وقد فشل. الهدف الثاني: كان السيطرة العسكرية على قطاع غزة، والآن يعترفون أنهم عاجزون عن فرض سيطرتهم العسكرية، والدليل على ذلك أعمال المقاومة التي تجري في كل أنحاء القطاع، بما في ذلك مناطق دخلتها الدبابات الإسرائيلية في بداية العملية البرية، ولم تستطع فرض سيطرتها. الهدف الثالث: استعادة الأسرى بالقوة، وقد فشلت إسرائيل، باستثناء تلك الحادثة الفريدة التي تمت بمعونة أميركية كاملة، والتي استعادت فيها 4 أسرى. الهدف الرابع: وهو أهم هدف لإسرائيل والمحرك لكل الحرب على غزة، وهو التطهير العرقي لكل القطاع بالكامل، وإجبار سكانه على الرحيل تحت القصف والدمار والتدمير بإلقاء ما لا يقل عن 80 ألف طن من المتفجرات.ويزيد ذلك عن حجم القوة التدميرية للقنبلتين النوويتين اللتين أُلقيتا في الحرب العالمية الثانية على المدينتين اليابانيتين هيروشيما وناغازاكي، مع ذلك فشل الاحتلال في إجبار أهل غزة على الرحيل، وجابه صمودا بطوليا.
وحِقد الاحتلال الآن على الشمال والقصف الذي يقوم به في مدينة غزة وأحيائها، بسبب أن أهل الشمال ومدينة غزة لعبوا دورا حاسما في كسر معادلة أو هدف التطهير العرقي عندما صمد 700 ألف إنسان فلسطيني تحت القصف والتدمير، وكذلك صمود باقي المناطق.
فكل الدمار والتدمير الذي حاولت إسرائيل من خلاله تنفيذ التطهير العرقي فشل فشلا ذريعا، وهذا ليس محصورا فقط في غزة، بل يشمل كل فلسطين.
جوهر هذا الهجوم الإسرائيلي كان استكمال تنفيذ مخطط الإبادة والتطهير العرقي لاستكمال المشروع الاستيطاني الإحلالي الإسرائيلي الصهيوني، لذلك -برأيي- السبب الرئيسي في الفشل هو الصمود البطولي رغم التضحيات الهائلة للشعب الفلسطيني بأسره.
آلاف المتظاهرين الإسرائيليين يتوجهون إلى مقر إقامة #نتنياهو في #قيسارية للمطالبة بإبرام صفقة تبادل مع الفصائل الفلسطينية وإجراء انتخابات#حرب_غزة #فيديو pic.twitter.com/WJxTJO0FJS
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) June 27, 2024
إذن ماذا حققت إسرائيل في 9 أشهر؟القتل والدمار والإجرام وجرائم الحرب: 86 ألف جريح وأكثر من 48 ألف شهيد، 72% منهم من النساء والأطفال وغالبيتهم الساحقة مع المدنيين، وتدمير كل مؤسسات غزة من جامعات ومدارس ومرافق صحية، هذا هو الشيء الذي حققته إسرائيل.
ولكن بهذا العمل الإجرامي وبجرائم الحرب التي ارتكبتها بما فيها الإبادة والعقوبات الجماعية والتجويع حتى الموت وجريمة التطهير العرقي، حققت إسرائيل عزلة دولية لا سابق لها في تاريخ الكيان الصهيوني، ستترك أثرا هائلا.
كما أن غزة حرّكت العالم حتى أصبحت قضية فلسطين جزءا من أي سياسة داخلية في أي بلد، ورأينا ذلك في الانتخابات البريطانية والفرنسية، ونراها الآن في الانتخابات الأميركية.
حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر التطبيع المشين أن يهمش القضية الفلسطينية، فارتد عليه بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لأن هذه القضية أصبحت القضية المركزية الأولى في العالم بأسره.
تُجرى هذه الأيام جولة جديدة من المفاوضات لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، ما تقديركم لنهايتها؟هناك احتمالان:
الاحتمال الأول: أن يُجبَر نتنياهو على الموافقة على الصفقة ووقف إطلاق النار، وهنا تضغط عدة عوامل من بينها العزلة الدولية والغضب العالمي على ما يقوم به نتنياهو، وعائلات الأسرى الإسرائيليين، وضغط المعارضة التي لا تختلف مع نتنياهو في أهداف الحرب، لكنها أصبحت تدرك أن الهدف الرئيسي للعملية العسكرية قد فشل ولا يمكن إصلاح ذلك.ويبقى العامل الأكبر هو الفشل في تحقيق أهداف العدوان الإسرائيلي، ومعاناة إسرائيل من 3 أمور هي:
الأمر الأول: أن هذه أطول حرب في تاريخها وهي غير معتادة ولا تستطيع احتمال حرب طويلة الأمد، ولا تستطيع احتمال تهجير أكثر من 100 ألف الآن من مناطق مختلفة من الشمال والجنوب. الأمر الثاني: أن الاقتصاد الإسرائيلي على وشك الانهيار، وهناك تقديرات تقول إن تكلفة هذه الحرب بلغت 33 مليار دولار، وستصل إلى 70 مليارا، وبالتالي إسرائيل عاجزة عن أن تستمر. الأمر الثالث: انهيار قطاعي الزراعة والسياحة، وقطاع تكنولوجيا المعلومات، الذي يشكّل 50% من صادرات إسرائيل، بات يتعرض لأزمة عميقة بسبب تجنيد الاحتياط.ومن العوامل التي تجبر نتنياهو على التراجع عن حربه أيضا الخسائر البشرية التي لم تعتد إسرائيل على تكبدها، خاصة بعد أن رأى العالم أنها خسرتها في مواجهة مقاومة تُعتبر صغيرة بالمقارنة مع الجيوش التي حاربتها إسرائيل في السابق، وفي مواجهة تصميم وإرادة الشعب الفلسطيني.
الاحتمال الثاني: هو تعطيل الصفقة، وهناك عوامل تدفع في هذا الاتجاه، أبرزها أن نتنياهو يعرف أن نهاية الحرب هي نهايته السياسية، وأنه سيحاسب على فشله في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفي إدارة هذه الحرب، وأن هناك 4 قضايا فساد تنتظره، كل واحدة يمكن أن تذهب به إلى السجن، لذلك يعمل بكل طاقته لمحاولة إطالة أمد هذه الحرب وتصعيدها في شمالي غزة، سعيا منه لتعطيل إمكانية حدوث صفقة.في نهاية المطاف إسرائيل ستضطر لوقف هذه الحرب، لأنه في كل يوم تزداد الأصوات التي تقول إنها فشلت وإن الاستمرار فيها حماقة كبرى.
هل تقبل حماس بوجود قوة عربية على أرض غزة؟#الجزيرة_مباشر #غزة pic.twitter.com/OHITmgKQlQ
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) May 15, 2024
تنشغل الأروقة السياسية بخطط اليوم التالي في غزة وهناك من تحدث عن استقدام قوات دولية أو عربية، برأيكم كيف سيكون اليوم التالي للحرب ومَن سيحكم غزة؟اليوم التالي في غزة لن يكون إلا فلسطينيا، ولن نسمح لأحد بأن يتدخل في شؤوننا الداخلية، لا نقبل قوات دولية ولا عربية ولا من أي مكان تأتي لتكون محل الاحتلال الإسرائيلي، ولا أن يبقى الاحتلال.. كل ذلك مرفوض، والحل لا يكون إلا بخروج القوات الإسرائيلية بالكامل من قطاع غزة، وإنهاء هذا العدوان الإجرامي.
يجب أن يوحد الفلسطينيون طاقاتهم، وأن تتشكل حكومة وفاق وطني -كما ندعو إلى ذلك منذ زمن- تضمن وحدة غزة والضفة الغربية وإحباط مشاريع الاحتلال لخلق آلية عميلة للاحتلال، وتضمن وجود إدارة فلسطينية لشؤون الناس، سواء في الضفة أو قطاع غزة بعيدا عن سيطرة الاحتلال.
لن يستطيع أحد أن يفرض على الشعب الفلسطيني أي حلول على الإطلاق، وما دام الفلسطينيون باقين في القطاع وفشل الاحتلال في ترحيلهم، فستبقى المقاومة، وإن بقيت المقاومة لن تستطيع إسرائيل البقاء في غزة. وإسرائيل جربت ذلك عام 2005، وكانت قوة المقاومة أقل من قوتها الآن بآلاف المرات، ومع ذلك لم تستطع تل أبيب احتمال إبقاء جيشها في غزة، كما لم تستطع من قبل أن تبقيه في جنوبي لبنان.
وكشفت هذه الحرب وهذا العدوان بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أمرين:
الأول: على الصعيد العالمي انكشف الطابع العدواني الإجرامي لمرتكبي جرائم الحرب الإسرائيليين. الثاني: كُشفت محدودية القوة الإسرائيلية لدرجة أن الأصوات تتعالى في الولايات المتحدة وتقول: بدل أن تكون تل أبيب قاعدة إستراتيجية للمصالح الأميركية الإمبريالية في المنطقة، تحولت إلى عبء على واشنطن وعلى كل المنظومة الغربية. ما تقييمك لدور منظمة التحرير الفلسطينية خلال الحرب؟أحب أن أؤكد أن منظمة التحرير والطريقة التي أُديرت بها الأمور فيها، سببت حالة من الضعف الشديد لأنها لم تقم بما كان يجب أن تقوم به، خاصة دعم احتياجات الشعب الفلسطيني في مقاومته الباسلة، لذلك الآن لا يوجد سوى طريق واحد للحفاظ على دورها ولحماية حق الشعب الفلسطيني في تمثيل نفسه من محاولات أطراف عديدة أن تتحدث باسم الفلسطينيين، وتستولي على حقهم في تمثيل أنفسهم.
من يريد أن يحافظ على منظمة التحرير ودورها يجب أن يعيدها إلى دورها الوطني التحرري، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بفتح أبوابها لدخول جميع القوى إليها بما فيها حماس والجهاد الإسلامي، وإعادة بنائها بشكل ديمقراطي كامل، بحيث تتشكل قيادة وطنية موحدة، على أسس ديمقراطية.
آن الأوان لحدوث هذا التغيير، وهذا ليس ضد أحد، بل من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني بكامله، والمنظمة. لا أحد يريد استبدالها ولا الحلول مكانها، لكن كل الشعب الفلسطيني يريد أن يرى منظمة فاعلة وقوية ومؤثرة وقائمة بواجبها، لا أن تكون ملحقا بالسلطة الفلسطينية.
إسماعيل هنية: يجب استثمار التضحيات والمتغيرات الكبيرة لصالح قضيتنا والمضي قدما نحو إنجاز مشروع التحرير والعودة، ومشروع التحرير يقوم على تشكيل قيادة وطنية موحدة في إطار منظمة التحرير وحكومة وفاق وطني بالضفة والقطاع#حرب_غزة pic.twitter.com/xtAa7CdH9X
— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 31, 2024
فيما يتعلّق بالحوار الداخلي، مَن المسؤول عن تأجيل لقاء الفصائل في القاهرة الذي كان مقررا أواخر يونيو/حزيران الماضي؟الذي طلب التأجيل هم الإخوة في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وحسب ما فهمنا الآن غيّروا موقفهم، نحن نريد أن نتأكد من ذلك، وما زال الباب مفتوحا لإجراء هذا الحوار في الصين، ولكن أقول إن الهدف ليس الوصول إلى حوار فقط وإنما الوصول إلى اتفاق.
يكفينا كل هذه الجولات، فالجمهور أصبح يتندر على كثرة الحوارات دون نتائج.
المطلوب الآن اتفاق سريع على 3 أمور:
أولا: تبنّي نهج المقاومة والكفاح بديلا للنهج الذي فشل، خاصة بعد أن مزقت إسرائيل اتفاق أوسلو ودمرته ورمته في سلة المهملات. ثانيا: تشكيل قيادة وطنية موحدة للشعب الفلسطيني على أسس ديمقراطية. ثالثا: تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة وبسرعة حتى تصبح الظروف مناسبة لمشاركة الشعب الفلسطيني في استعادة حقه في الانتخابات الحرة والديمقراطية.المعركة كبيرة والخسائر هائلة والتضحيات لا توصف، ويجب أن نحول هذه التضحيات العظيمة والكبيرة إلى نتائج لمصلحة الشعب الفلسطيني، حتى نكون أمناء على أرواح كل الشهداء ومعاناة الجرحى وكل المعاناة التي عاشها شعبنا، خاصة أهل غزة البواسل الصامدين الأبطال.
هل نفهم أن هناك ترتيبات للقاء قريب؟لم تصلنا بعد معلومات مؤكدة، الذي فهمناه أن تأجيل الاجتماع كان مجرد تأجيل هكذا يُقال. سنتأكد من ذلك، ولكن لا يجب التأجيل أكثر، ومرة أخرى أؤكد لسنا بحاجة إلى حوارات جديدة.
الحوارات استُكملت والمطلوب الآن الوصول إلى نتائج وإلى توافق وطني على برنامج وطني كفاحي، ومقاومة المشروع الصهيوني الذي يطال -ليس فقط غزة- بل القدس والضفة وكل أراضي فلسطين، فنحن في مواجهة مع المشروع الاستعماري الاستيطاني الإحلالي الإسرائيلي.
المسألة ليست فقط مواجهة إنهاء الاحتلال ولا حتى فقط إنهاء نظام الأبارتايد العنصري، بل التصدي وإسقاط كل منظومة الاستعمار الاستيطانية الإحلالية التي كانت السبب في كل النكبات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ نهاية القرن التاسع عشر.
كلمة أخيرة تختم بها؟ننحني جميعا احتراما وإجلالا لشعبنا العظيم سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية في طولكرم وجنين وكل أنحاء فلسطين على هذه البطولة والبسالة والتمسك بحقوقنا الوطنية. وآمل أن ترقى القيادات الفلسطينية جميعا إلى مستوى الوحدة النضالية التي صنعها المناضلون على الأرض.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الشعب الفلسطینی التطهیر العرقی منظمة التحریر الیوم التالی هذه الحرب قطاع غزة یجب أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
كاميرون هدسون: ترمب لن يسمح بأن يكون السودان ملجأ للإرهاب .. قال إن ردة فعل واشنطن ستكون قوية على القاعدة الروسية في البحر الأحمر
قال الدبلوماسي الأميركي السابق، كاميرون هدسون، إن إدارة الرئيس، دونالد ترمب، ستكون مهتمة بمسألة الحرب في السودان، لأنها لا تريد أن يكون ملجأ آمناً للإرهاب، ولا تريد تشظيه ليصبح مثل الصومال أو ليبيا، وأضاف في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، من العاصمة الكينية نيروبي، أن الإدارة الأميركية تسعى لحفظ الأمن على طول البحر الأحمر،
دبلوماسي أميركي سابق: ترمب لن يسمح بأن يكون السودان ملجأ للإرهاب
كاميرون هدسون قال لـ«الشرق الأوسط» إن ردة فعل واشنطن ستكون قوية على القاعدة الروسية في البحر الأحمر
نيروبي: الشرق الأوسط / محمد أمين ياسين
قال الدبلوماسي الأميركي السابق، كاميرون هدسون، إن إدارة الرئيس، دونالد ترمب، ستكون مهتمة بمسألة الحرب في السودان، لأنها لا تريد أن يكون ملجأ آمناً للإرهاب، ولا تريد تشظيه ليصبح مثل الصومال أو ليبيا.
وأضاف في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، من العاصمة الكينية نيروبي، أن الإدارة الأميركية تسعى لحفظ الأمن على طول البحر الأحمر، «وهذا يعني أن تظل روسيا وإيران بعيدتين عن حيازة أي قواعد في تلك المنطقة»، كما تريد لحركة السفن والملاحة أن تمضي في حركتها بصورة آمنة.
وقال هدسون الباحث البارز في برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن إدارة ترمب، تهتم أيضاً بالسلام في منطقة «الشرق الأوسط»، ولتحقيق هذا الأمر، تحتاج إلى توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية التي وقع عليها السودان سابقاً، لكن كيف يمكن لهذه الاتفاقية أن تمتد وتتسع في ظل ظروف الحرب التي يخوضها السودان؟ ولكي تضمن السلام في السودان، من الضروري أن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط.
القاعدة البحرية الروسية
وتعليقاً على الاتفاق بين السودان وروسيا، بمنح الأخيرة قاعدة بحرية على البحر الأحمر، قال: «لست متأكداً من مدى صدقية ذلك الاتفاق، وما تلك الصفقة، لكن إن كان هذا صحيحاً، فمن المؤكد سيكون إشكالية كبيرة لترمب، وسيكون له رد فعل قوي حتى يعلم السودان أن ذلك الاتفاق كان خياراً سيئاً، و«يجب أن يخاف الناس من ذلك»، وأضاف: «لذلك لا أتمنى أن أرى روسيا تهدد مصالحه في البحر الأحمر».
وبشأن أولوية الملف السوداني، قال: «إدارة ترمب لم تعين بعد فريقها الذي سيدير الشؤون الأفريقية، وهذه تتطلب تعيين بعض الموظفين الرسميين الذين يمكن أن يديروا هذا الملف، ربما لا يتم هذا فورياً، ونأمل أن يكون قريباً، لأن الوضع في السودان يقتضي الإسراع في ذلك الملف، وأعتقد جازماً أن الرئيس ترمب سيعين مبعوثاً خاصاً للسودان، يساعد ذلك في خلق تفكير جديد، بالنسبة لما يمكن أن يفعله في السودان».
وتوقع هدسون أن تواكب إدارة ترمب أي متغيرات يمكن أن تحدثها الحرب في السودان، في إشارة منه إلى التطورات على المستوى العسكري الميداني، وقال: «الوضع الآن أن الجيش السوداني استطاع أن يستعيد العاصمة الخرطوم، لكن هناك أيضاً إمكانية أن تستولي قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، ومن ثم تسيطر على كل إقليم دارفور، ومن ثم سيؤدي ذلك إلى وجود حكومة ثانية في الفاشر».
خيارات الإدارة الأميركية
وتابع: «لا أستطيع أن أتنبأ كيف يمكن أن تستجيب إدارة الرئيس دونالد ترمب لذلك السيناريو، ربما يتيح الوضع الراهن إمكانية لمفاوضات سلام أعتقد أن الإدارة الأميركية ستدعمها، لكن هذا السيناريو يمكن أيضاً أن يحدث فوضى كذلك وفقاً لما ستؤول إليه الأمور، وفي ليبيا توجد حكومتان، ونحن نتحدث مع كلتيهما». وفي هذا الصدد أشار هدسون، إلى شهادة وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أمام الكونغرس، التي وصف فيها «قوات الدعم السريع» بأنها ميليشيا ارتكبت جرائم إبادة جماعية، وقال: «لذلك لا أعتقد أن وزارة الخارجية يمكن أن تدخل في مفاوضات معها، أو تتعامل مع الحكومة في الفاشر بوصفها حكومة شرعية».
وأضاف: «أتوقع أن يكون أداء إدارة ترمب في الملف السوداني أفضل من إدارة الرئيس السابق جو بايدن، التي كانت تتعامل مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، باعتبار أن كليهما مدان، وغير شرعي بالمستوى نفسه، نأمل من إدارة ترمب أن تعدّ الجيش السوداني رغم ارتكابه جرائم في الحرب، لكنه مع ذلك يظل مؤسسة دستورية من مؤسسات الدولة، وينبغي أن يعامل على هذا الأساس».
بايدن كان بطيئاً
ورأى هدسون أن «إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، كانت بطيئة في رد فعلها عندما وقع انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وعندما اندلعت الحرب في البلاد، كما أن تجاوبها كان بطيئاً، ولم تقم بتعيين مبعوث خاص إلّا بعد مرور عام على الحرب، التي ظلت مشتعلة كل هذا الوقت. لذلك اعتقادي أن إدارة بايدن لم تول السودان اهتماماً كافياً، كانت خاملة في البداية، ثم صرحت بأنها تتعامل مع الجيش والدعم السريع بالمستوى نفسه، ثم أوقفت تفاهماتها مع الجيش والذين يتحاربون على الأرض، وقررت أنها ستتفاهم فقط مع القوى المدنية، لكن هذه القوى لم تكن منظمة وموحدة، ولا تملك تصوراً لوقف الحرب».
وتابع هدسون أن محاولة الإدارة السابقة العودة بالأوضاع في السودان إلى مرحلة الثورة ليست صائبة، ولن تستطيع أن تعود بالزمن إلى الوراء، وتتخلى عن التعامل مع حالة الحرب التي كانت قد بدأت بالفعل.
وبشأن مصير العقوبات الأميركية على قادة طرفي الحرب، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، قال: «إذا كانت إدارة جو بايدن تريد فرض عقوبات، كان ينبغي أن تفعل ذلك منذ بداية الحرب، وليس في الأيام الأخيرة».
وأضاف هدسون: «في اعتقادي أن الإدارة السابقة أساءت استعمال العقوبات، لكن على أي حال فإن العقوبات لا تزال سارية، وأمام إدارة ترمب فرصة لاستخدام هذه العقوبات في ماذا تريد أن يحدث في السودان، وأن تضع قائمة بالشروط التي يمكن أن تعمل على رفع العقوبات وتحديداً عن الجنرال البرهان، ورأيي أن تتحدث الإدارة الأميركية علناً عن الطريقة التي يمكن أن ترفع بها العقوبات، وتنص على هذه الشروط بوضوح شديد لإزالتها».
البرهان لا يريد الحرب
ووصف الدبلوماسي الأميركي السابق، رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، عند زيارته إلى بورتسودان في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأنه جنرال «حكيم جداً»، ويستشعر أن الحرب مدمرة لبلده وشعبه ولاقتصاده.
وقال: «ما سمعته منه أنه لا يريد لهذه الحرب أن تستمر أكثر مما يجب»، ويرى أن مبررات إنهاء الحرب ليست كافية، ويجب أن يكون هناك سلام، هو لا يريد للقتال أن يتوقف ثم تعود الحرب لتبدأ من جديد.
وأضاف: «في تقديري أن البرهان يريد وقف الحرب، لكن يجب أن يجد حلاً لتهديدات (قوات الدعم السريع)، "لذلك ليس الأمر أن تقف الحرب فقط، وبالنسبة له يجب أن يكون هناك حل مستدام في السودان حتى لا تعود الحرب مرة أخرى، وهذا ما يجب أن يفكر فيه الناس».
وأشار هدسون إلى العلاقات الجيدة التي تربط الرئيس دونالد ترمب، مع جوار السودان العربي، وقال: «كل هذه الدول لها مصالح في السودان، يمكن استيعابها في إطار صفقة لمساعدة السودان للخروج من الحرب، وأظن أن الرئيس ترمب سيعمل نفوذه لتشجيع الحوار... لكن كما قلت للبعض من قبل إنه يصعب التنبؤ بتصرفاته، ولن تستطيع أن تعرف ما الذي سيفعله».