جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-28@00:40:41 GMT

تراجع وانهيار البترودولار

تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT

تراجع وانهيار البترودولار

 

 

علي الرئيسي *

هل التغير في سياسات ما يُسمى نظام البترو- دولار سيؤثر سلبًا على هيمنة الدولار الأمريكي؟ لمدة نصف قرن باعت الولايات المتحدة أسلحة مُتقدمة للمملكة العربية السعودية، مقابل أن تبيع نفطها بالدولار. ولكن الآن السعودية تعلن بوضوح أنها تدرس تسعير نفطها بعملات أخرى.

تعود العلاقات الأمريكية-السعودية إلى العام 1933، وبعد عام واحد من تأسيس المملكة منحت السعودية شركة ستاندرد أويل حق التنقيب عن النفط في المنطقة الشرقية، وهذا التحالف أدى لتأسيس شركة أرامكو (الشركة العربية الأمريكية للنفط) في العام 1938، والتي تبعها اكتشاف كميات هائلة من الخام.

وفي السنوات التالية، كان النفط عاملًا مهمًّا في الانتصار الذي تحقق في الحرب العالمية الثانية.

وفي العام 1945، التقى الرئيس الأمريكي فرانكلين د. روزفلت، الملك عبد العزيز ابن سعود، ورغم أن اجتماعهما طغت عليه نتائج مؤتمر يالطا الذي عقد قبل أيام قليلة، لكنه كان بداية لتحالف إستراتيجي بين البلدين.

ورغم أن "البترودولار" يشير ببساطة إلى النفط مسعَّرا بالدولار، إلا أنَّ المصطلح يأخذ أبعادا أكبر من ذلك؛ لأنَّ الفائض لمصدِّري النفط الذين يتقاضون دخولهم من بيع النفط بالدولار، يعيدون تدويرها من خلال شراء سندات الخزانة الأمريكية؛ وبالتالي يساعدون الولايات المتحدة على تمويل عجزها التجاري. طبعًا هذا الاتفاق كان مقابل الحماية الأمريكية للمملكة حسب بعض المراقبين. وقد تم تداول هذه المسألة من جديد مؤخرا بسبب تكهنات بأنَّ نظام البترودولار قد انتهى رسميًّا في التاسع من يونيو؛ بمناسبة الذكرى الخمسين للاتفاقية العسكرية والاقتصادية التي وقعها هنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكية والأمير فهد بن عبدالعزيز آل سعود في العام 1974، إثر حظر النفط الذي قامت به الدول النفطية العربية بعد حرب 1973.

 

اتفاقية 1974 دشنت عهدًا جديدًا من التعاون الوثيق، وذلك من خلال إنشاء لجان مشتركة في مجال التعاون الاقتصادي والعسكري. نصُّ الاتفاقية يشير إلى الجهود الأمريكية لتشجيع المملكة العربية السعودية على مواصلة إنتاج النفط بالكميات اللازمة لتلبية الطلب العالمي وبأسعار منخفضة ومستقرة، وتشير إلى اهتمام إستراتيجي بتعزيز العلاقات السياسية، ولكن لا تذكر بيع النفط السعودي بالدولار أو شراء السعودية لسندات الخزينة الأمريكية، كما لا تذكر موضوع الحماية الأمريكية للمملكة.

التكهنات التي تشير إلى أنَّ العائلة المالكة بالسعودية تود أن تقوم بإصلاح سياسة تسعير النفط، أو التخلي عن البترودلار، أو حتى الترتيبات الأمنية تبقى أخبارًا لم يتم التحقق منها. ولكن ليس سرًّا بأن الأمير محمد بن سلمان والمسؤولين الأمريكان يتباحثون حول اتفاقية أمنية جديدة ستكون لها تبعات جيوسياسية واسعة.

ويهدفُ هذا الاتفاق الأكثر شمولًا حسب ما ورد في مقال كارلا نورلوف في بروجكت سندكت، إلى إضفاء الطابع الرسمي على التزام الدفاع المتبادل، ومنح الولايات المتحدة إمكانية استخدام الأراضي السعودية، وحظر منح الصين قواعد على الأراضي السعودية، وتطبيع العلاقات السعودية-الإسرائيلية، إضافة إلى تقديم الدعم للبرنامج النووي المدني السعودي. لذلك يعتقد الامريكان بأنَّ من ضمن الأسباب التي أدت لهجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر هو لإفشال هذا الاتفاق.

مهما يكن من موضوع اتفاقية السعودية حول بيع النفط بالدولار، هناك محاولات للتخلص من التعامل بالدولار او على الأقل خفض من استخدامه؛ فالبنوك المركزية قد ضاعفت من شرائها من الذهب بين الأعوام 2000 إلى 2022، كما حافظت على نفس النسبة في العام 2023. وبنفس القدر من الأهمية، تسوية المعاملات الثنائية بالعملات المحلية أصبحت أكثر شيوعًا. في العام 2023 ، الهند لأول مرة تقوم بتسوية مشترياتها من النفط من الإمارات العربية المتحدة بالروبية الهندية. والصين استخدمت الرمبيني لتسوية نصف معاملاتها التجارية عبر الحدود واستثماراتها، والاستفادة من نظام المدفوعات بين البنوك عبر الحدود واتفاقيات مبادلة العملة التي وقعها بنك الشعب الصيني مع أكثر من 40 بنكا مركزيا.

التحوُّل عن البترودولار يمكن أن يعزى إلى عدة أسباب. وقبل العام 2000، كانت الولايات المتحدة هي الشريك التجاري الأول لأكثر من 80٪ من دول العالم، أما حاليا فهذه النسبة تراجعت إلى 30٪ ، وأخذت الصين تقريبا دور الولايات المتحدة. كما تغيَّر مشهد الطاقة العالمي بشكل كبير. وكانت الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على المملكة العربية السعودية للحصول على النفط، ولكنَّ طفرة النفط الصخري في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وضعت البلاد على طريق الاستقلال في مجال الطاقة. والآن أصبحت الصين المستورد الرئيسي للنفط السعودي، على الرغم من أنَّ العديد من البلدان، بما في ذلك السعودية نفسها، تتبنى مصادر الطاقة المتجددة لتسريع التحول للطاقة النظيفة.

ازدياد قوَّة الجنوب العالمي، بفضل ازدياد انتقال التقنية وعولمة سلاسل التوريد، وتصاعد التوتّرات الجيوسياسية، يدفع العالم نحو نظام متعدد الاقطاب، بينما أظهر استخدام الولايات المتحدة للعقوبات بشكل واسع مخاطر سياسية ومالية في الاعتماد على الدولار كعملة احتياطية ووسيط للتبادل، ووحدة حساب. ويُنظر إلى خفض التداول بالدولار على نحو متزايد كأفضل طريقة للتخفيف من هذه المخاطر وتعزيز النمو. ونتيجة لذلك، تقوم الدول بتنويع احتياطاتها من العملات الأجنبية: ففي العام 2022، انخفضت حصة الدولار في الاحتياطات العالمية بمعدل يعادل عشر مرات أسرع من ذلك على مدى العقدين السابقين، إلى 58%، من 73% في العام 2001.

وفي الوقت نفسه، تسهل الترقية الرقمية باستخدام نظام التسوية النقدية المحلية للتجارة والدفعات عبر الحدود، متجاوزة القيود المرتبطة بتمويل الدولار وتعزيز الصمود المالي. وعلى سبيل المثال، نفذت بنوك إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وتايلند مؤخرًا نظامًا يستند إلى رمز الاستجابة السريعة يمكن للمقيمين من خلاله إجراء دفعات رقمية عبر الحدود دون استخدام عملة مركبة.

لا شك أنَّ هناك تسارعًا في عملية التحول بعيدًا عن الدولار.. فقد ذكر صندوق النقد الدولي أن استخدام الرمبيني في عمليات الدفع عبر الحدود مع الصين في 125 اقتصادًا ازداد من 0% في العام 2014 إلى 20% في العام 2021. حيث بلغ استخدام الرمبيني 70% في ربع هذه الاقتصادات. والانتقال بعيدًا عن البترودولار عامل مهم. ففي العام 2023، تم تسوية خُمس تجارة النفط العالمية بعملات غير الدولار. وأدت علاقات الطاقة المتعمقة بين السعودية والصين إلى عقود مستقبلية طويلة الأجل لتداول النفط بالرمبيني ("البترويوان").

وفي عالم متعدد الأقطاب ناشئ، تُمكّن الترقية الرقمية الاقتصاديات من تطوير آليات دفع بديلة. فقد أقر بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك مؤخرًا أن مجموعة صغيرة من الدول تشهد "انخفاضًا في حصص الدولار في الاحتياطيات الرسمية"، بينما عدد قليل من البنوك المركزية تزيد من شراء الذهب.

ومع استمرار تآكل الثقة نتيجة للمخاطر الجيوسياسية، ستستمر هذه الأرقام في الارتفاع. وستكون الاستعانة بالترقية الرقمية لإنشاء إطار تسوية تعدُّدي لعمليات التداول عبر الحدود بالعملات المحلية أمرًا حاسمًا لتجنب تجزئة مكلفة لنظام الدفع العالمي في عالم متعدد الاقطاب.

 

* باحث في قضايا التنمية والاقتصاد

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

يلا شوت الآن.. بث مباشر مشاهدة مباراة منتخب نيوزيلندا والولايات المتحدة الأمريكية اليوم في أولمبياد باريس 2024

يلا شوت الآن.. بث مباشر مشاهدة مباراة منتخب نيوزيلندا والولايات المتحدة الأمريكية  اليوم في أولمبياد باريس 2024.. يشهد عشاق كرة القدم حول العالم، وخاصة في الولايات المتحدة ونيوزيلندا، موعدًا حاسمًا يوم السبت الموافق 27 يوليو 2024، حيث يلتقي المنتخبان في مواجهة نارية ضمن منافسات الجولة الثانية بدور المجموعات في أولمبياد باريس 2024. 

وتستعرض لكم بوابة الفجر الإلكترونية عبر موقعها الإلكتروني كافة الخدمات التي يحتاجها متابعيها وقرائها، وتسهيل جميع عمليات البحث ذات الصلة في جوجل.

لذلك ترصد بوابة الفجر الإلكترونية عبر موقعها، كافة التفاصيل والمعلومات المطلوبة عن مباراة الولايات المتحدة الأمريكية ونيوزيلندا خلال السطور التالية في التقرير الآتي.

مباراة منتخب نيوزيلندا والولايات المتحدة الأمريكية New Zealand vs  America اليوم في أولمبياد باريس 2024 مباراة أمريكا ونيوزيلندا في أولمبياد باريس 2024

تأتي هذه المباراة في ظل تطلعات جماهيرية عريضة لتحقيق الفوز والعبور إلى الدور التالي.
تجمع المباراة بين فريقين يسعيان جاهدًا لتحقيق الانتصار، فمنتخب نيوزيلندا يطمح إلى مواصلة عروضه القوية والاقتراب من صدارة المجموعة حيث فاز في الجولة الأولى واستحوز على ٣ نقاط، بينما يسعى منتخب أمريكا إلى تعزيز موقعه في الترتيب وتحقيق نتيجة إيجابية تعزز من ثقته بنفسه. وتزيد أهمية هذه المواجهة كونها ستحدد بشكل كبير فرص تأهل الفريقين إلى الأدوار النهائية.


تُعتبر هذه المباراة فرصة ذهبية لمنتخبي الولايات المتحدة ونيوزيلندا لإثبات جدارتهما والتقدم خطوة نحو تحقيق إنجاز تاريخي في أولمبياد باريس. كما أنها تمثل تحديًا كبيرًا للاعبين الذين يسعون لتقديم أداء قوي يرضي جماهيرهم ويؤكد على تطور كرة القدم في البلدين.

في خضم هذه الأجواء الحماسية، تتجه الأنظار إلى اللاعبين الذين يتحملون مسؤولية كبيرة في هذه المباراة الحاسمة. ومن المتوقع أن يشهد اللقاء تنافسًا شرسًا بين الفريقين، حيث يسعى كل منهما للسيطرة على مجريات اللعب وتحقيق النتيجة التي تضمن له الاستمرار في البطولة.

موعد مباراة الولايات المتحدة الأمريكية ونيوزيلندا في أولمبياد باريس

يشهد عشاق كرة القدم في الوطن العربي موعدًا هامًا يوم السبت الموافق 27 يوليو 2024، حيث يلتقي منتخبا الولايات المتحدة ونيوزيلندا في مواجهة مثيرة ضمن أولمبياد باريس 2024. وستختلف أوقات انطلاق المباراة حسب التوقيت المحلي لكل دولة عربية، حيث ستبدأ في تمام الساعة 6:00 مساءً بتوقيت الجزائر والمغرب وتونس، و8:00 مساءً بتوقيت مصر والسعودية، وغيرها من التوقيتات الأخرى للدول العربية.

القنوات الناقلة لمباراة نيوزيلندا والولايات المتحدة الأمريكية

يمكن لعشاق كرة القدم متابعة مباراة منتخب نيوزيلندا ضد منتخب الولايات المتحدة في أولمبياد باريس 2024 عبر مجموعة قنوات بي إن سبورتس، والتي حصلت على حقوق بث حصري للمسابقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وستكون قناة بي إن سبورتس 2 هي القناة المخصصة لنقل هذه المباراة المثيرة.

معلق مباراة امريكا ونيوزيلندا

أعلنت إدارة قنوات بي ان سبورت عن تعيين المعلق نوفل باشي للتعليق على أحداث مباراة منتخب امريكا ومنتخب نيوزيلندا في أولمبياد باريس 2024، وذلك في إطار مباريات الجولة الثانية من البطولة.

ترتيب امريكا ونيوزيلندا في المجموعة 
 

ترتيب المجموعة الثانية (A) 

منتخب فرنسا الأولمبي3 نقاط
منتخب نيوزيلندا الأولمبي3 نقاط
منتخب غينيا الأولمبيلا يوجد نقاط
منتخب امريكا الأولمبيلا يوجد نقاط

 

 

مقالات مشابهة

  • كيف كتب اليمن نهاية دبلوماسية المئة ألف طن
  • رغم النفي .. العدل الأمريكية تدعو محكمة اتحادية إلى رفض طعن تيك توك في قانون لحظرها
  • شاهد مباراة منتخب نيوزيلندا والولايات المتحدة الأمريكية بث مباشر مجانا.. مباراة منتخب نيوزيلندا ???????? و???????? الولايات المتحدة الأمريكية | أولمبياد باريس 2024
  • يلا شوت الآن.. بث مباشر مشاهدة مباراة منتخب نيوزيلندا والولايات المتحدة الأمريكية اليوم في أولمبياد باريس 2024
  • نتنياهو يتسبب في تراجع الإجماع المؤيد للاحتلال داخل واشنطن
  • صواريخ على قاعدة عين الأسد تستقبل نتائج المباحثات العراقية الأمريكية
  • ارتفاع أسعار النفط مع توقعات بزيادة طلب الولايات المتحدة أكبر مستهلك للطاقة
  • تحرّك أمريكي لإجهاض التهدئة .. وصنعاء تحذّر الرياض: الاتفاق ملزم
  • تراجع يفوق التوقعات لطلبات إعانة البطالة في الولايات المتحدة
  • تراجع اسعار النفط وسط مخاوف من الطلب في الصين