روح شانغهاي والمساهمة في تعزيز السلام والتنمية العالمي
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
تشو شيوان *
انعقدَ الاجتماع الرابع والعشرون لمجلس رؤساء دول منظمة شانغهاي للتعاون في أستانا يوم الخميس. ووقع زعماء الدول الأعضاء وأصدروا "إعلان أستانا الصادر عن مجلس رؤساء دول منظمة شانغهاي للتعاون"، ووافق الاجتماع رسميًّا على انضمام بيلاروسيا إلى منظمة شانغهاي للتعاون، وقرَّر أن تتولى الصين الرئاسة الدورية للمنظمة من عام 2024 إلى عام 2025.
هذه هي القمة الأولى التي تُعقد في شكل "منظمة شانغهاي للتعاون+". وهي تشير إلى أن مفهوم منظمة شانغهاي للتعاون يحظى بشعبية كبيرة في العصر الجديد، وينتشر أصدقاء الدول الأعضاء في جميع أنحاء العالم، ويساهمون في الحفاظ على السلام والازدهار في القارة الأوراسية والعالم.
ومن التعاون الأمني، إلى التعاون الأمني والاقتصادي، وحتى في مجالات الصحة والأمن والتنمية والعلوم الإنسانية. خلال 23 عامًا بعد إنشاء منظمة شانغهاي للتعاون، أيدت الدول الأعضاء دائمًا "روح شانغهاي"، وعززت بشكل مشترك الوحدة والثقة المتبادلة، ونفذت تعاونًا متعدد الأطراف، ونجحت في بناء منظمة شانغهاي للتعاون لتصبح حاجزًا أمنيًا وجسرًا للتعاون ورابطة ودية وقوة بناءة في المنطقة، مما يشكل نموذجا لنوع جديد من العلاقات الدولية والتعاون الإقليمي.
لقد نشأت منظمة شانغهاي للتعاون بسبب الاحتياجات الأمنية. كانت "القوى الثلاث" المتمثلة في الإرهاب والانفصالية والتطرف راسخة في آسيا الوسطى منذ عقود. وأصبحت هذه القضايا أكثر خطورة خاصة بعد العزو الأمريكي إلى أفغانستان. واستناداً إلى آلية اجتماع "شانغهاي الخمسة" التي تهدف إلى التعامل مع قضايا أمن الحدود، تأسست منظمة شانغهاي للتعاون في شانغهاي في 15 يونيو 2001. وعلى المستوى الداخلي، تتبع المنظمة مبادئ "الثقة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والمساواة والتشاور واحترام تنوع الحضارات والسعى وراء التنمية المشتركة"؛ وعلى المستوى الخارجي، وتنتهج المنظمة مبادئ عدم الانحياز وعدم استهداف الدول والمناطق الأخرى والانفتاح على العالم الخارجي. لقد تطورت المنظمة الآن لتصبح أكبر منظمة إقليمية شاملة وأكثرها اكتظاظًا بالسكان في العالم حيث تضم 10 دول أعضاء رسمية، ودولتين مراقبتين، و14 شريك حوار.
وتعدُّ الصين أحد الأعضاء المؤسسين للمنظمة، وقد اقترحت دائما خططا وإجراءات لتحقيق استقرار المنظمة وتنميتها على المدى الطويل. ومن بينها، يعد البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق مثالا ناجحا للتعاون العملي. وفي سبتمبر 2013، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة الحزام والطريق في كازاخستان، الأمر الذي حظي باستجابة إيجابية من الأوساط الاجتماعية في كازاخستان. وخلال أكثر من عشر سنوات، اتخذت الصين البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق كنقطة انطلاق مهمة لتعزيز التنسيق بين استراتيجيات التنمية مع الدول الأخرى، وحققت نتائج مثمرة.
واعتبارًا من العام 2021، يبلغ إجمالي الناتج المحلي للدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون حوالي 23.3 تريليون دولار أمريكي، أي أكثر من 13 مرة أكبر مما كان عليه عند إنشائها. وقد زاد إجمالي التجارة الخارجية للدول الأعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون ما يقرب من 100 مرة في عشرين عاما، وزادت حصتها في إجمالي التجارة العالمية من 5.4% في عام 2001 إلى 17.5% في عام 2020. وتفتح الدول الأعضاء لمنظمة شنغهاي للتعاون مسارات جديدة للتكامل الاقتصادي والتحديث الوطني.
وتقترح الصين إرساء نظرة حضارية تقوم على المساواة والتعلم المتبادل والحوار والشمول، وتجاوز الحواجز الحضارية من خلال تبادل الحضارات، وتجاوز الصراعات الحضارية من خلال التعلم المتبادل بين الحضارات، وتجاوز التفوق بين الحضارات من خلال التعايش بين الحضارات. وفي الوقت نفسه، أنشأت منظمة شانغهاي للتعاون العشرات من آليات الاجتماعات والتشاور متعددة المستويات والمجالات. ومن خلال سلسلة من أنشطة التبادل الثقافي والشعبي، تم تعزيز أساس الرأي العام للتنمية طويلة المدى للمنظمة وتم إنشاء نموذج جديد للتبادلات الشعبية.
وفي الوقت الراهن، تؤيد الصين التعددية القطبية العالمية المتساوية والمنظمة، والعولمة الاقتصادية الشاملة، وتمارس التعددية الحقيقية، وتعزز الحوكمة العالمية في اتجاه أكثر عدالة ومعقولة، وهي تسعى جاهدة إلى القضاء على عجز السلام، وعجز التنمية، وعجز الأمن، وعجز الحوكمة. وترغب الصين في العمل مع شركائها في هذه المنظمة ومع المزيد من الدول والمنظمات الدولية التي توافق على "روح شانغهاي" لبناء مجتمع المصير المشترك لمنظمة شانغهاي للتعاون.
* صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لشكر في المنتدى الدولي للبرلمانيين الإشتراكيين الشباب: احترام سيادة الدول يحقق السلام
زنقة 20 ا مراكش | محمد المفرك
افتُتحت بمدينة مراكش أشغال الدورة الثالثة لمنتدى البرلمانيين الشباب، اليوم الجمعة، بكلمة ألقاها إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أكد من خلالها على أهمية المنتدى كفضاء للنقاش الحر والمسؤول، وإطار لإنتاج رؤى سياسية جديدة تعكس طموحات الشباب وتلامس التحديات المعقدة التي يواجهها العالم اليوم.
وفي كلمته، أشار لشكر إلى أن الإنسانية تعيش لحظة دقيقة يتشابك فيها اللايقين السياسي والاقتصادي، وسط تصاعد التهديدات التي تطال أسس السلم والتعايش الدوليين.
وعبر لشكر عن قلقه من تعاظم الحروب المدمّرة، وما يرافقها من دعايات مغرضة وصمت دولي مريب، في ظل نظام اقتصادي وصفه بـ”الجشع”، يضع الربح فوق الحياة، والاستهلاك فوق الاستدامة.
وانتقد الكاتب الأول بشدة ما اعتبره تهديداً متزايداً للحريات الإنسانية بفعل أنظمة تكنولوجية تعزز العزلة وتصنع وعي الأفراد خارج إرادتهم، مشيراً إلى أن النموذج الديمقراطي المبني على دولة الحق والقانون أصبح عرضة لتشكيك خطير بفعل صعود رؤى استبدادية تلقى قبولاً متزايداً وسط أزمات الثقة واللايقين.
لشكر شدد على أن القوى التقدمية اليوم مطالبة بإعادة التأكيد على التزامها بالقيم الإنسانية الأساسية، وعلى ضرورة الانتقال من الشعارات إلى الأفعال، عبر تبني نموذج اقتصادي جديد قائم على العدالة المجالية، والعدالة بين الأجيال، وسياسات إعادة التوزيع، والعدالة الضريبية، وتنظيم الاحتكارات، وتعزيز السيادة الاقتصادية.
كما دعا إلى عدالة بيئية شاملة عبر ميثاق أخضر عالمي، ومساواة حقيقية تضمن الإدماج الاجتماعي للنساء والأقليات، وإصلاح جذري للحوكمة الرقمية، إلى جانب دبلوماسية مسؤولة تضمن سلاماً إنسانياً دائماً، في احترام كامل لسيادة الدول ووحدة أراضيها.
ولم يخف لشكر انتقاده للمنظومة الدولية الحالية، معتبراً أن الإصلاح الحقيقي لا يتجسد فقط في تمثيلية شكلية لدول الجنوب داخل هيئات القرار، بل في الاعتراف بالمظالم التاريخية التي تعرضت لها، وفي مقدمتها الاستعمار، واستغلال الموارد، والديون المجحفة، ونقل الصناعات الملوثة.
وأكد أن استعادة السيادة الكاملة لشعوب الجنوب، ثقافياً وعلمياً واقتصادياً وسياسياً، هو المدخل الأساسي لبناء تعددية عالمية حقيقية تحترم الكرامة ولا تفرض الهيمنة.
وعبّر لشكر عن إدانته للانتهاكات التي تطال الأقليات ذات المرجعية الإسلامية في عدد من الدول، محذراً من خطابات الكراهية والسياسات التمييزية التي تُغذي العنصرية وتُقوّض التعددية. كما شدد على ضرورة الدفاع عن حقوق الإنسان بشكل مبدئي وغير انتقائي.
وفي موضوع الهجرة، اعتبر لشكر أن التعامل الأمني الضيق غير كاف، داعياً إلى معالجة جذرية من خلال دعم التنمية في الدول الأصلية، واحترام حقوق المهاجرين، وتفكيك شبكات الاتجار بالبشر.
كما أكد أن تحقيق السلام العالمي لا يمكن أن يتم دون احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، معتبراً أن النزاعات الانفصالية والوصايات الجديدة تهدد استقلال الدول الوطنية، لاسيما في بلدان الجنوب، مشدداً على قدسية وحدة التراب الوطني وضرورة جعلها من ثوابت المرافعات الدولية للشباب البرلمانيين.
وبخصوص القضية الفلسطينية، جدد لشكر دعم حزبه الكامل لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، داعياً إلى وقف إطلاق النار فوراً وفتح معبر غزة لتأمين المساعدات الإنسانية، معتبراً أن إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان شرطا أساسيا لتحقيق سلام عادل ودائم.
وفي سياق التغير المناخي، شدد على أن بلدان الجنوب تدفع الثمن الأكبر رغم مسؤوليتها المحدودة عن التلوث الصناعي، داعياً إلى إصلاح آليات التمويل الدولي لتحقيق عدالة مناخية، وتمكين الدول النامية من الانتقال الطاقي العادل.
وفي ختام كلمته، دعا لشكر إلى تفعيل الدبلوماسية البرلمانية كقناة حيوية لتعزيز التعاون بين دول الجنوب وبناء تحالفات استراتيجية تدافع عن السيادة والحق في التنمية، مشيراً إلى أن حقوق الإنسان يجب أن تُقارب بشكل متوازن يراعي الخصوصيات الثقافية دون أن تكون ذريعة للمساس بالسيادة.