شبكة انباء العراق:
2024-07-28@02:21:03 GMT

متى نتصالح مع أنفسنا ؟

تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

لسنا مغالين إذا قلنا إن العرب من اكثر الشعوب خصومة لأنفسهم، ومن أكثر الشعوب بغضا لبعضهم البعض. وهذه هي الحقيقة المرة التي لن يجرؤ على قولها أحد. فبصرف النظر عما يقوله الشعراء والخطباء والسياسيون عن التآخي والتلاحم والانسجام الوطني، يبقى التنافر والتناحر متجذرا في أوساطنا على وجه العموم، ثم جاءت الفضائيات ومواقع التواصل لتغذي النعرات، وتعمق الخلافات، وتشجع العداوات.

.
في العراق كانت لدينا وزارة للمصالحة الوطنية، يترأسها: عامر حسان الخزاعي (وهو طبيب)، وفي سوريا كانت لديهم وزارة للمصالحة الوطنية يترأسها: علي حيدر (وهو طبيب أيضاً) اما لماذا اختاروا الأطباء لهذه المهمة. لا ادري ؟. لكن تلك الوزارات لم تنجح في ترميم نسيجنا الممزق، وفشلت في إعادة الثقة إلى نفوس المواطنين، وعجزت عن ترسيخ سيادة القانون والعدالة الانتقالية. .
وحتى لا نذهب بعيدا دعونا نتحدث عن حملات التحريض والتشتيت والكراهية التي تمولها، أو تفتعلها الفضائيات وفي مقدمتها قناة (الشرقية)، التي ما انفكت تمارس استخفافها بأبناء الجنوب في مسلسلاتها وبرامجها، وتتعمد إظهار الجنوبي بمظهر الساذج والمغفل والجاهل والمتخلف في معظم سيناريوهاتها المعدة لهذا الغرض. وربما شاهدتم الحلقة التي عرضها (مجيد السامرائي) في برنامجه (أطراف الحديث) في حلقة خصصها للانتقاص من عروبة سكان الأهوار. .
قد يطول بنا المقام لاستعراض الحملات التي تبنتها القنوات العراقية الأخرى في غرس بذور الحقد والكراهية بين صفوف الشعب الواحد، على الرغم من انها تعلم علم اليقين ان ابناء المحافظات ليسوا على وفاق في التعامل مع بعضهم البعض. احيانا يعبّرون عن استخفافهم بالآخر بصيغة نكتة، أو على شكل مزحة أو طرفة. .
وخير مثال على توسع هذه الثغرات بين صفوف الجماهير هي مباريات كرة القدم بين نوادي المحافظات، بل بين نوادي المحافظة الواحدة، لأنك عندما تحضر لقاءات نوادي الزوراء والجوية في بغداد، تشعر انك وسط معركة تسقيطية بين عدوين لدودين لا ينتميان إلى هذا البلد. هتافات وأهازيج مشحونة بالشتائم والألفاظ الجارحة. . وتجد هذا التنافر بين طلاب الأقسام الداخلية في المعاهد والجامعات، احدهما يلمز الآخر ويتنابز معه بدوافع موروثة. .
لا نريد التعمق في متاهات هذا التنافر المستشري في معظم البلدان العربية. وربما كانت ليبيا والجزائر في طليعة البلدان التي انبرت منذ عام 1991 لمحاربة هذه الآفة الاجتماعية الخطيرة. لكن المشكلة تكمن في فشل منظمات المجتمع المدني، وفي همجية الكيانات السياسية التي ظل قادتها متمسكين بإعلاء شأن قراهم وعشائرهم وابناء عمومتهم، والانتقاص من ابناء القرى البعيدة عن مصدر القرار. .
اذكر ان (ساطع الحصري) كتب في مذكراته، وكان وزيرا للمعارف في الحقبة الملكية: انه لم ينم ليله عندما طلبوا منه إنشاء معهد للمعلمين في الموصل ومعهد آخر في ذي قار. . يقول الحصري: انه كان ضد فكرة تعليم ابناء الشمال وابناء الجنوب، لأنهم في نظره ينتمون إلى مجتمعات فلاحية تنحصر وظيفتها في توفير غلة الصيف وغلة الشتاء لسكان فالعاصمة بغداد وضواحيها. .
هكذا كان يفكر معظم قادة العراق، وهكذا ظلت هذه المعتقدات المناطقية راسخة في عقولهم وفي نفوسهم حتى يومنا هذا. .
ولله في خلقه شؤون. . .

د. كمال فتاح حيدر

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

لا صوت يعلو فوق صوت وقف العدوان

في ظلال #طوفان_الأقصى “96”

لا صوت يعلو فوق صوت وقف العدوان

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

صحيحٌ أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ما زالت بخير، وأنها ما زالت تقف على أقدامها بكل ثباتٍ ورسوخٍ ولم تسقط، وتحتمل الضربات العنيفة، والقصف الجوي المتواصل، والغارات المكثفة، وتواجه مختلف التحديات ولم تنهر، وقادرة على توجيه ضرباتٍ صاروخية ولم تعجز، وتستطيع القتال على كل المحاور والجبهات وتناور باقتدار، وتقصف الدبابات والآليات المصفحة والجرافات ولا تفشل، وتزرع العبوات وتنصب الكمائن وتعد الفخاخ وتجهز المصائد وتنجح، وتقنص الجنود وتصادهم من نقطة الصفر ومن بعيد، وتتجرأ عليهم ويلاحقهم رجالها، ويصلون إليهم في كمائنهم وينالون منهم، ويستدرجونهم إلى حقول الألغام التي أعدوها، وكمائن الموت التي جهزوها.

مقالات ذات صلة تأملات قرآنية 2024/07/25

ويدرك العدو الإسرائيلي، جيشاً وحكومة، أن المقاومة الفلسطينية ما زالت تمتلك قدراتٍ كبيرة، وأنها تستطيع ترميم كتائبها بسهولة، وإعادة بناء قوتها بسرعة، وأنها لا تشكو من نقصٍ في عدد المقاتلين، ولا عجزٍ في الذخيرة وأسلحة الميدان، وليس عندها مشكلة في العبوات والقذائف المحلية الصنع التي أثبتت جدارتها، وتمكنت من إصابة المئات من آلياته وحرقها أو إعطابها وإخراجها عن الخدمة.

وأن قيادتها قادرة على سرعة التواصل مع وحداتها، وإصدار الأوامر لها، وتوجيهها إلى المناطق التي تريد، والأهداف التي ترصد، بما يؤكد أن البنية التنظيمية للمقاومة ما زالت متماسكة، وأن آليات الاتصال والتواصل الآمنة لم تتضرر، وأن عملية التنسيق بين وحداتها وكتائب المقاومة الأخرى فاعلة، وأنها تستطيع أن تردف بعضها، وأن تنسق فيما بينها، وأن تتعاون وتتشارك في تنفيذ بعض العمليات العسكرية النوعية.

كما يدرك العدو أن المقاومة الفلسطينية مستقلة في قرارها، وواضحة في سياستها، وتعرف أين تضع أقدامها، وكيف تدرس خطواتها، وأنها ثابتة على مواقفها، وتصر على تحقيق أهدافها، ولا تفكر أبداً في التراجع أو الاستسلام، ولا في الانكفاء والاختفاء.

وأن عمليات الاغتيال والقتل التي طالت بعض قادتها والكثير من مقاتليها، لم تفت في عضدها، ولم توهن عزائمها، ولم تؤثر على فاعليتها، بل أظهرت قدرتها الفائقة على تعويض القادة، وتبديل المواقع، وتوزيع المهام، والانتقال من مكانٍ إلى مكانٍ.

وكما أنها تصنع عبواتها، وتعد متفجراتها، وتعيد تصنيع بعض أسلحتها، وتدور القذائف والصواريخ الإسرائيلية التي لم تنفجر، فإنها تقوم بأوسع عملية تجنيد وتدريب في صفوف المقاومة، التي يتنافس في اللحاق بها الكثير، ويسعى للقتال معها الأكثر، في وقتٍ لا تشكو فيه من حاجةٍ إلى رجال، ولا إلى المزيد من المقاتلين.

كما أن المقاومة ما زالت قادرة على الاحتفاظ بالجنود والضباط الإسرائيليين الأسرى الذين لديها، وما زال العدو عاجزاً عن الوصول إليهم أو تحديد أماكنهم واستنقاذهم، وجل ما يستطيعه هو قتلهم قصفاً أو خنقاً تحت الأنقاض، أو استعادة ما يتركه المقاتلون الفلسطينيون من جثامين إسرائيلية خلفهم، ممن لا يستطيعون نقلهم أو الاحتفاظ بهم في أماكنهم.

وسيبقى العدو عاجزاً عن استنقاذهم بالقوة واسترجاعهم أحياءً، إذ أن المقاومة قد أحسنت إخفاءهم، واطمأنت إلى أماكنهم، وهي في النهاية تؤكد أن جيش العدو بغير صفقةٍ مشرفةٍ لن يستعيدهم أحياءً أبداً، والمقاومة جادة وصاحبة مصداقية عالية، والعدو يعرف عنها ذلك، وليس في حاجةٍ لأن يجربها من جديد أو يختبرها أكثر، فقد خبرها كثيراً وعرفها جيداً.

ولا يخفي العدو شكواه من قدرة المقاومة الفلسطينية الحيوية المنظمة، الفاعلة المنسقة، المتجددة المتنقلة، التي ألحقت بصفوف جيشه عدداً كبيراً من القتلى والجرحى، الذين تشهد عليهم طائرات الهليكوبتر التي تحط في مناطق مختلفة من قطاع غزة لنقل القتلى والجرحى، وتفضحهم مستشفياتهم، التي تعلن بين الحين والآخر عن أعداد الجنود والضباط الذين يصلون عليها بحالاتٍ سيئةٍ.

ويزيد في فضائحهم الأخبار التي تنقل من المقابر التي لا يتوقف شق القبور فيها، وتنظيم الجنائز العسكرية على مداخلها، رغم عمليات الرقابة العسكرية المشددة، ومحاولات التعتيم المقصودة، خوفاً من تصدع الجبهة الداخلية، وانهيار الروح المعنوية للشعب والجيش معاً، الذي يخاف من الجنائز، وينفر من التوابيت، ويخشى أن يلحق بجنوده ما أصاب زملاءهم.

رغم ذلك كله فإن المقاومة تدرك أن شعبها في خطر، وأنها عانى الكثير وما زال، وتكبد خسائر فادحة في الأرواح التي تزداد كل يومٍ، وأن عدد شهدائه وجراحاه يتجاوز بكثير المائة والخمسين ألفاً، فضلاً عن الدمار الهائل، والنزوح المستمر، والمعاناة القاسية، والجوع والعطش، والحصار والحرمان، والمرض والعدوى، والقذارة والمجاري والقمامة، والحشرات والكلاب الضالة، والشمس الحارقة والصيف القائظ، والخيام اللاهبة وغرف النايلون الحرقة، والحاجة إلى كل شيء، والنقص في كل شيء.

وتدرك أن عدوها يستفرد به ويضغط عليها به، وأنه ماضٍ في استهداف المدنيين، وملاحقة النازحين، وقتل المرضى، وجرح الجرحى، وزيادة معاناة الناس بكل الأشكال الممكنة، ظناً منه أنه بهذه الوسائل الدنيئة يستطيع أن يركع المقاومة، وأن يخضعها ويجبرها على تقديم تنازلاتٍ عجز عن تحقيقها بالقوة، ولم يتمكن من إنجازها رغم القسوة والعنف وطول المدة، والعون والسند الغربي والأمريكي بالأسلحة المدمرة والصواريخ المزلزلة.

لهذا كله فإن المقاومة الفلسطينية ترفع الصوت وتنادي بوقف العدوان، ولا تروى أي أولويةٍ تتقدم على وقف الحرب وإنهاء القتال، وتريد أن تحقق عودةً آمنةً كريمةً مطمئنةً لأبناء شعبها إلى منازلهم وبيوتهم في شمال القطاع، وتأمين الآخرين بسلامٍ في الوسط والجنوب، وتسعى للتوصل إلى تهدئةٍ مع العدو الصهيوني، يوافق فيها على صفقةٍ مضمونةٍ توقف الحرب وتسحب الجيش، وتنص على عملية تبادل مشتركة للأسرى من الجانبين، تمهيداً للوصول إلى هدوءٍ شاملٍ، وانسحابٍ كاملٍ، واتفاقٍ واضحٍ على رفع الحصار والمباشرة في التعويض وإعادة الإعمار.

لهذا كانت المقاومة حكيمةً مرنةً، عاقلةً متزنةً، مسؤولةً أمينةً، وتعاملت مع الوسطاء بإيجابية، ولم تكن خشبيةً في مواقفها، ولا عدميةً في شروطها، بل أبدت قبولاً بالعرض، وتنازلت عن بعض الشروط، ولانت مواقفها في بعض البنود، أملاً في التوصل إلى صفقةٍ تريح شعبها وتطمئن أهلها، وترفع عنه الأعباء والمعاناة، وتبقي عليه صامداً في أرضه، ثابتاً في مناطقه، فشعبنا يستحق بعض الراحة ليضمد جراحه ويثبت، والكثير من الاستجمام ليستعيد عافيته ويواصل.

بيروت في 26/7/2024

moustafa.leddawi@gmail.com

مقالات مشابهة

  • انخفاض طفيف في درجات الحرارة وأمطار متفرقة في السودان
  • «قصور الثقافة» تعلن فتح باب المشاركة في الموسم الجديد لنوادي المسرح
  • لن تبنوا كشك ليمون مما هُدم
  • لا صوت يعلو فوق صوت وقف العدوان
  • مصالحة الذات.. كيف نصبح أصدقاء مع أنفسنا؟
  • الفراشات تخزّن الكهرباء
  • الصين تتحرك في البحر الأحمر وتكشف كيف نجت معظم سفنها من هجمات الحوثيين؟
  • «الأرصاد»: الأجواء صيفية معتدلة على معظم مناطق البلاد
  • اقتصادي: رفع سعر المنتجات البترولية سيؤدي لـ"ارتفاع أسعار معظم السلع"
  • أجواء صيفية معتدلة في معظم مناطق البلاد خلال الأيام القادمة