عربي21:
2024-07-27@19:59:00 GMT

الهجرة النبوية.. و غزّة

تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT

الناظر بعمق إلى الهجرة النبويّة بمعانيها العظيمة يراها بنسخة جديدة في غزّة، هنا تتجلّى الهجرة ودونها أيّ مكان آخر يريد أهله أن يجسّدوا الهجرة ولو بمعنى واحد من معانيها، لننظر ونرَ:

فالهجرة هي بداية فكرة تمّ الانحياز التامّ لها إيمانا عقليا وشعورا قلبيّا وسلوكا عمليّا، ثم تم الاستعداد التام للتضحية من أجلها مهما بلغ حجم التضحيات بالروح والمال وكلّ ما يملكه صاحب هذه الفكرة ماديّا ومعنويّا.



وهذا ما فعله رسول الله ودعا أتباعه أن يفعلوه، فكرة وأيّ فكرة، فكرة من شأنها أن تحقّق حريّة الإنسان وكرامته، وأن تقيم العدل وتقطع دابر الظلم والفساد والجهل والضلال، فكرة هي بمثابة النور الذي سيبدّد كلّ الظلمات والآصار والأغلال الموروثة والمغروسة بتجذّر وعمق، فكرة ستحدث ثورة وانقلابا كاملا على كلّ ما كانت عليه الأوضاع التي تلخّص بكلمة واحدة: الحضيض الحضاري الآسن، اجتماعيا وسياسيا واقتصاديّا وتربويا وثقافيا، ستبدل ذلك برقيّ حضاري ونهضة في جميع ميادين الحياة.

لذلك كانت الهجرة تسير بخطّين؛ خطّ عملي واضح للعيان بمسار رسول الله وصاحبه ومن تبعه من مكة إلى المدينة، وكان هناك مسار مواز في عالم الفكرة الجديدة التي تتعزّز وتتجذّر، فيهاجر أصحابها إليها سيرا حثيثا، طاردين بذلك كل الموروث الجاهلي وراحلين منه إلى عالم الفكرة الجديدة التي منها ستنطلق أمّة عزيزة مجيدة حرّة كريمة ذات سيادة وريادة وقيادة للبشرية جمعاء.

إذا كان المسار الظاهر في جغرافية محدّدة المعالم (من مكة إلى المدينة)، فإن المسار الثاني مسار عالميّ يؤسس لنهضة أمّة ستقود البشرية وتهاجر بها إلى معالم هذه الفكرة، وهو ما نجحت به بالفعل وتمّت الهجرة بقيادة رسول الله وأتباعه من بعده لتحقّق الهجرة بكلّ أبعادها
فإذا كان المسار الظاهر في جغرافية محدّدة المعالم (من مكة إلى المدينة)، فإن المسار الثاني مسار عالميّ يؤسس لنهضة أمّة ستقود البشرية وتهاجر بها إلى معالم هذه الفكرة، وهو ما نجحت به بالفعل وتمّت الهجرة بقيادة رسول الله وأتباعه من بعده لتحقّق الهجرة بكلّ أبعادها، وقد حقّقت فيما بعد ديار الإسلام المهجر الذي يُهاجر إليه كلّ من يريد أن يتعلّم علوم ومعارف الحضارة الإنسانية العالمية التي سادت على البشرية جمعاء.

غزة اليوم تسير ذات الخطى:

الفكرة آمنت بها ثلّة من الشباب، هي ذات الفكرة بذات المفاهيم الحركية والدلالات الثورية، فهموا فكرة التوحيد على أنّها طريقة عمل لتحقيق الحريّة، هي خميرة ثورة لا تبقي في النفس أية ذرّة من مهانة أو خضوع أو استسلام لغير الله، استعداد تام لحملها وللتضحية الشاملة من أجلها، بالنفس والمال والولد والبيت وكلّ شيء، وسارت بهم الهجرة مسارين كما كانت في سيرتها الأولى؛ المسار ذا المعالم الجغرافية المحدودة، وبما أوتوا من جهد وبأس، في نطاق قطاع غزّة ومحيطه، في تدافع المهاجرين الحرّ لهذه الكلمة العظيمة. وقد نجحوا في ذلك أيّما نجاح، طاردهم المجرمون من كل أنحاء العالم وجاءتهم أمريكا وأوروبا مع قصّاص الأثر؛ هذه الدويلة المارقة، حتى إذا وقفوا على فتحة النفق، بمكرهم الذي لا يرون فيه مكر الله، وليردّ الله كيدهم ويجعله في نحرهم. ولترتفع قولة الحق الأولى: لا تحزن إن الله معنا.

لقد هاجر مهاجرو غزة هجرة عملية كفكرة أمنوا بها وضحّوا من أجلها بكل غاليهم ونفيسهم، وكانت لهم الهجرة الثانية لتكشف زيف الفكرة التي يقوم عليها هذا العالم المهاجر منذ زمن طويل مع الشيطان وإلى حيث يريد لهم الشيطان، إذ ماذا يعني تماهي سياسات دول الاستكبار العالمي التامّ مع هذا الكيان وأهدافه الشريرة على مستوى المنطقة ملتقى الحضارات والعالم أجمع؟ هذه هجرة هذا العالم المجرم والحضارة الإنسانية الفاسدة.

غزّة تعيد البوصلة إلى حيث الهجرة الصحيحة نحو القيم الإنسانية الصحيحة، العدالة الحقيقية ورفع الظلم وتحقيق حرية الشعوب المستعبدة والمستحمرة، شعوب يحكمها حكّام مجرمون ليس لهم وظيفة إلا خدمة أهداف الاستعمار في بلدانهم، يستحمرون شعوبهم وهم مُستحمرون لمن يحفظ لهم عروشهم ويديم لهم سلطانهم. هذه المعادلة التي دكّت غزة أركانها بضرب رأس الأفعى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وستبقى تداعياتها وتفاعلاتها طيلة فترة هذه الحرب التي يصرّ فيها معسكر الباطل على باطله، غزّة هاجرت وذهبت بالهجرة إلى روحها وعنفوانها ودخلت دائرة فعلها، وضربت بمشروع هجرتها تلك الهجرة الظالمة التي جعلت الإنسان غريبا في وطنه وجعلت الغريب مستوطنا في وطن ليس لهويصر فيها معسكر الحق على نقض عرى هذه الحالة البليدة من الاستعمار والاستحمار، ولن يتوقّف هذا الصراع، وإن توقّفت الحرب فستبقى الهجرة الصادقة هي البوصلة التي تشير إلى الطريق وتفشل الهجرة الكاذبة التي سارت بها الأمّة نحو جحيم هذا الغرب المجرم.

كان بإمكان غزّة ومقاومتها أن تحيي احتفال الهجرة بالطريقة التي تميت الهجرة كما هو الحال في أغلب الدول العربية والإسلامية، تقرأ قصة الهجرة كحدث تاريخي في قديم الزمان ويترنّم الناس بما تجود به حناجر المنشدين، ويحضر ذلك الوفد الرسمي للدولة في الصف الأول ليتمظهر بشكل الهجرة بعيدا عن جوهرها، بينما البلاد يعشعش فيها الشيطان بكلّ تفاصيله.. البلد مستلب حضاريا وسياسيا واقتصاديا وأسواقه تغصّ ببضائع أعدائه، الأجساد حاضرة والعقول غائبة والإرادة ميّتة والعزائم غائبة. بأية هجرة هؤلاء يحتفلون؟

غزّة هاجرت وذهبت بالهجرة إلى روحها وعنفوانها ودخلت دائرة فعلها، وضربت بمشروع هجرتها تلك الهجرة الظالمة التي جعلت الإنسان غريبا في وطنه وجعلت الغريب مستوطنا في وطن ليس له. غزّة ومحور المقاومة وقفا بطوفان عظيم ليواجه جحافل ظلامهم، انطلق بكلّ ما أوتي من قوّة وبأس وعزم، تسعة شهور من الحرب الضروس من قبل العالم كلّه ومن دار في فلكه من منافقين وأعراب، لن تنطفئ نار هذه الحرب إلّا بطلوع البدر وبزوغ فجر الحريّة لهذه الامة، أمّة الهجرة بقيادة غزّة بإذن الله.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الهجرة التضحيات غزة غزة الهجرة تضحيات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة رياضة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رسول الله

إقرأ أيضاً:

بايدن: انسحبت من الانتخابات “إنقاذاً للديموقراطية”

المناطق_متابعات

أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه قرر الانسحاب من الترشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 “إنقاذاً للديموقراطية”، ولفسح المجال لأصوات شابّة جديدة.

وأعلن بايدن في بيان مساء الأحد الماضي الانسحاب من السباق نحو البيت الأبيض، معلناً دعمه لنائبته كامالا هاريس لنيل ترشيح الحزب الديموقراطي لمنافسة المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وذلك بعد تعرضه لضغوط شديدة من داخل حزبه، إثر الأداء الهذيل الذي أظهره في المناظرة أمام ترامب في يونيو الماضي.

أخبار قد تهمك البرازيل: انسحاب بايدن سيحول موقف الحزب الديمقراطي من الدفاع إلى الهجوم 22 يوليو 2024 - 9:18 مساءً تعليق جمع التبرعات لبايدن.. مصادر تؤكد والحملة تنفي 20 يوليو 2024 - 8:34 صباحًا

وقال بايدن، مساء الأربعاء في أول خطاب للأمريكيين منذ انسحابه: “لقد كان شرفا لحياتي أن أكون رئيسا لكم، لكنّني أعتقد أنّ الدفاع عن الديموقراطيّة التي باتت على المحكّ، هو أكثر أهمّية من أيّ لقب. لقد قررتُ أنّ أفضل طريقة للمضيّ قدما هي تمرير الشعلة إلى جيل جديد. هذه هي أفضل طريقة لتوحيد أمّتنا”.

وأضاف الرئيس، البالغ 81 عامًا في خطابه الذي ألقاه من مكتبه بالبيت الأبيض: “في الأسابيع الأخيرة، اتّضح لي أنّه يتوجّب عليّ توحيد حزبي”، مضيفا أنّ “الوقت” حان لكي تكون هناك “أصوات جديدة… أصوات أشخاص أصغر سنا”.

وشدّد بايدن على أنّه ليس بطّة عرجاء، مؤكداً أنه سيواصل العمل على الاقتصاد وقضايا السياسة الخارجيّة الرئيسة لبقية فترة وجوده في منصبه، والمقدرة بستة أشهر.

ولم ينس بايدن الإشادة بنائبته كاملا هاريس، التي اقتربت بشدة من نيل ترشيح الحزب الديموقراطي رسمياً لانتخابات الرئاسة الأمريكية، واصفاً إياها بأنها “ذات خبرة” و”قوية” وكانت “شريكة رائعة”، مضيفاً: “الآن الاختيار متروك لكم يا أيّها الشعب الأمريكي”.

وتابع بايدن خطابه قائلا إنّ “أمريكا فكرة، فكرة أقوى من أيّ جيش، أكبر من أيّ محيط، وأقوى من أيّ ديكتاتور أو طاغية. إنّها أقوى فكرة في تاريخ العالم”.

بدوره سخر الرئيس الأمريكي السابق والمرشّح الجمهوري دونالد ترامب من خطاب بايدن، قائلا إنّه “بالكاد مفهوم، وسيّئ جداً!”.

وقُبيل ذلك، سخر ترامب خلال تجمّع انتخابي بولاية كارولاينا الشماليّة، من انسحاب بايدن من السباق الرئاسي، معتبرا أنّ “بايدن لا يعرف حتى أنّه على قيد الحياة”.

مقالات مشابهة

  • إطلاق أول شخصية بالذكاء الاصطناعي تحكي السيرة النبوية في المعرض الدولي للحضارة الإسلامية بالرباط
  • المغرب.. إطلاق أول شخصية بالذكاء الاصطناعي تحكي السيرة النبوية
  • المفكر المغربي طه عبد الرحمن: تناولت السيرة النبوية من منظور فلسفي
  • أبو الغيط: الدول العربية رفضت فكرة قرار تقسيم فلسطين
  • أبو الغيط: الدول العربية رفضت فكرة قرار تقسيم فلسطين لعدم اتسامه بالعدل
  • أستاذ علوم سياسية: فكرة المقاومة الفلسطينية ظهرت في ثلاثينيات القرن الماضي
  • مصالحة الذات.. كيف نصبح أصدقاء مع أنفسنا؟
  • ازدادت ثرواتهم...وانخفضت ضرائبهم... مجموعة العشرين تناقش فكرة فرض ضرائب على أثرى الأثرياء
  • مطلق الجعيد: مهرجان العلمين نقلة نوعية للسياحة المصرية
  • بايدن: انسحبت من الانتخابات “إنقاذاً للديموقراطية”