مواجهة طويلة بين حماس ونتنياهو.. هل تكون طوفان الأقصى الأخيرة؟
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
من المفارقات في مسيرة وتطور العمل العسكري لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تزامنها مع صعود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سدة رئاسة الوزراء.
وخلال تلك العلاقة الممتدة لأكثر من ربع قرن استمرت مسيرة الحركة ومسيرة نتنياهو بصعود الحركة وتطورها وصعود نتنياهو وبروز نجمه، وتحول إلى أطول رئيس وزراء حكم في إسرائيل إلا أن رحلته تلك لم تخلُ من انتكاسات وإخفاقات تسببت في بعض منها حماس.
صعد نتنياهو سلم السلطة عام 1996 وتولى رئاسة الحكومة الإسرائيلية كأصغر رئيس للوزراء في تاريخ إسرائيل.
تزامن صعوده مع عمليات الثأر لاستشهاد يحيى عياش التي بدأت في عهد سلفة شمعون بيريز وكانت سببا في خسارته في الانتخابات أمام نتنياهو.
فقد وقع في عهده 5 علميات لتفجير باصات في عدة مدن إسرائيلية بين 1997 و1998، أسفرت عن مقتل وجرح أكثر من 200 إسرائيلي.
وفي محاولة منه لتعزيز صورته لدى الشارع الإسرائيلي التي اهتزت بسبب عمليات التفجير؛ عمد نتنياهو في العام 1997 للموافقة على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل.
رغب نتنياهو في البداية باغتيال الرئيس السابق للمكتب السياسي موسى أبو مرزوق، لكن مسؤولي الموساد حذروه من أن إيذاء مواطن أميركي رفضت السلطات تسليمه سيضر بالعلاقات مع الولايات المتحدة، فتقرر أن يكون مشعل الهدف.
ففشلت العملية وشكلت لجنة تحقيق إسرائيلية، كما تسببت بتوتر العلاقة مع الأردن التي وقعت العملية على أراضيها.
وأسفر فشل العملية عن إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين أبرز مؤسسي الحركة وإطلاق سراح 70 أسيرا فلسطينيا من المعتقلات الإسرائيلية.
تنحى نتنياهو عن زعامة حزب الليكود واعتزل العمل السياسي منتصف عام 1999 بعد حجب الثقة على حكومته من قبل الكنيست.
وعاد بعدها بسنتين للعمل السياسي واسلتم عدة مناصب قبل أن يفوز بانتخابات الكنيست ويعود لرئاسة الوزراء عام 2009.
شهدت سنوات التسعينيات من القرن الماضي موجة من الهجمات ردا على اغتيال يحيى عياش (أسوشيتد برس) شاليط.. "القرار الصعب"بعد 14 عاما عادت المواجهة مجددا بين حماس ونتنياهو الذي قاده حظه السيئ ليكون رئيس الحكومة التي توافق على صفقة شاليط مع حماس.
فقد أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006 ولم تستطع حرب 2008 على قطاع غزة من تحريره من الأسر، وعارض نتنياهو وقف إطلاق النار في حينه، معربا عن مخاوفه بشأن إعادة تسليح حماس قائلا: "هذا ليس استرخاء، إنه اتفاق إسرائيلي على إعادة تسليح حماس… ما الذي سنحصل عليه مقابل ذلك؟"
في عام 2011 أُرغم نتنياهو على اتخاذ "قرار صعب" حسب وصفه للموافقة على صفقة شاليط التي أطلقت عليها المقاومة اسم وفاء الأحرار.
وكسرت تلك الصفقة لاءات إسرائيل التي تصر على عدم الإفراج عن أسرى تصفهم بأن " أيديهم ملطخة بالدماء"، وأسرى عرب وأسرى من داخل الخط الأخضر.
فقد تم الإفراج عن أسرى من ذوي الأحكام العالية وأسرى من الخط الأخضر وأسرى عرب.
ووصف نتنياهو قرار الإفراج عن أسرى فلسطينيين من أجل إعادة شاليط بأنه "من أصعب القرارات التي اتخذها".
القائد أحمد الجعبري مع الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط (رويترز) 2012 موجة جديدةفي العام التالي 2012 سعى نتنياهو لترميم صورته أمام جمهوره بأنه "أبو الأمن الإسرائيلي"؛ فقرر اغتيال القائد العسكري في كتائب القسام أحمد الجعبري الذي قاد مفاوضات شاليط.
لتبدأ جولة جديدة من الصراع بين حماس وجيش الاحتلال وهدفت إسرائيل من الحرب وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة.
لتتفاجأ إسرائيل بقصف مدينة تل أبيب والقدس وأن صواريخ المقاومة زاد مداها وفعاليتها وأسهمت في تقوية مكانة حماس والمقاومة الفلسطينية، فكان لتلك الحرب التي استمرت 8 أيام فقط أثر إيجابي في إبراز القوة العسكرية للمقاومة وقوة سلاح الأنفاق، وفرض نوع من معادلة الردع والرعب.
فكانت بمثابة الفشل الأمني والعسكري والمعنوي لنتنياهو حيث لم يحقق أيا من أهدافه فيها.
مقاومة أشد عودالم يرغب نتنياهو بإبقاء الوضع على ما أسفرت عنه المواجهة الأخيرة فقرر في السابع من يوليو/تموز 2014 شن عدوان على غزة سماه "الجرف الصامد"، وردت عليه المقاومة بمعركة "العصف المأكول".
وتمكنت خلالها المقاومة من قصف حيفا لأول مرة وتوقفت الرحلات الجوية في مطار بن غوريون. كما كشفت خلالها المقاومة عن طائرتها المسيّرة التي لم تتمكن منظومات دفاع جيش الاحتلال من اكتشافها إلا بعد أن اخترقت العمق الإسرائيلي بأكثر من 30 كيلومترا.
وتمكنت المقاومة من قتل 68 عسكريا بين ضابط وجندي وأسرت الجندي شاؤول آرون، الذي لا يزال يقبع في الأسر.
عملية شارع دينزغوف في تل أبيب (الفرنسية) انتفاضة السكاكين
في عام 2015 نفذت كتائب القسام في الضفة الغربية عملية أسفرت عن مقتل مستوطنين في مستوطنة إيتمار لتندلع بعدها انتفاضة السكاكين في أكتوبر/تشرين الأول، واستمرت حتى عام 2016، وتميزت بقيام فلسطينيين بعمليات طعن متكررة لعسكريين ومستوطنين إسرائيليين.
وفي حين كانت المقاومة الفلسطينية تعمل على تطوير نفسها والاستعداد للحرب القادمة كان نتنياهو يسعى لاكتشاف ما تملكه المقاومة في ظل مساره السياسي الذي كانت أعمال المقاومة تؤثر فيه.
سيريت متكال.. فضيحة أمنيةأفاقت إسرائيل على انتكاسة كبرى عام 2018 عندما اكتشفت كتائب عز الدين القسام وحدة التجسس "سيريت متكال"؛ حيث منيت قيادة الاحتلال الأمنية والاستخباراتية بفشل ذريع في خان يونس، إذ قُتل وأصيب عدد كبير من أفرادها بمن فيهم قائدها والسيطرة على معداتها وملفاتها والتي باتت تعرف بكنز المعلومات لدى حماس.
فقد سعت قوة خاصة ومختارة من وحدة "سيرت متكال" التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية إلى زرع أجهزة تجسس متطورة على شبكة اتصالات القسام في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
المقاومة تحدد الموعد
قبل خروجه من رئاسة الحكومة بشهر؛ خاض نتنياهو حربا جديدة مع حماس عام 2021 حين قررت الحركة أول مرة توقيت بدء المعركة واستهداف عدة مدن إسرائيلية إثر اقتحام آلاف من قوات الاحتلال باحات المسجد الأقصى واعتدائهم على المصلين فيه، معلنة انطلاق معركة سيف القدس.
فقد أمهلت المقاومة الاحتلال لسحب جنوده من المسجد الأقصى وكف الاعتداء عن حي الشيخ جراح حتى مساء 10 مايو/أيار، قبل أن ترد بإطلاق نحو 150 صاروخا.
وكان أكبر ميزات تلك المعركة أنها المرة الأولى في تاريخ الصراع بين الطرفين تقرر المقاومة بدء المعركة واعتماد سياسة الهجوم بدل الدفاع، كما كان من ميزاتها اشتعال أكثر من جبهة أثناء المعركة، فقد اشتعلت الضفة والقدس وداخل الخط الأخضر، وهذا اعتبرته أوساط أمنية إسرائيلية الصفعة الأكبر والتي أسست لمرحلة جديدة بجغرافيا المواجهة، وانتهت بدخول عشرات آلاف الفلسطينيين للأقصى بالتكبيرات وابتعاد الجنود عن طريقهم. واعتبر العديد من الخبراء العسكريين أن ما جرى يعد "هزيمة إستراتيجية لإسرائيل".
طوفان الأقصى.. انكشاف الحقيقة
استيقظت إسرائيل والعالم في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على حدث لا تزال تفاعلاته لم تظهر بشكل كامل. فقد قررت المقاومة وعلى رأسها كتائب عز الدين القسام البدء بمعركة طوفان الأقصى واقتحام مقرات جيش الاحتلال حول قطاع غزة ودخول المستوطنات هناك.
وأسرت المقاومة المئات وقتلت العشرات من جنود الاحتلال كما أسرت عددا من المدنيين. ولا تزال المعركة مستمرة ولكنها وضعت نتنياهو في مأزق كبير؛ فقد أظهرت ضعف جيش الاحتلال وأدخلت المجتمع الإسرائيلي في حالة من التجاذب بين مكوناته المختلفة وتصاعد الاحتجاجات على نتنياهو وسياسته التي أوصلت إسرائيل إلى ما وصلت إليه من ضعف وخسارة.
وخسرت إسرائيل العديد من الجنود؛ حيث فاق عدد القتلى من الجنود 700 قتيل، كما خسرت العديد من المعدات والآليات واظهرت المقاومة أنها أقوى مما توقع الاحتلال ونتنياهو.
وتستمر المعركة ليدخل العام 2024 وإسرائيل بقيادة نتنياهو في شبه عزلة دولية وحصار بحري وهجمات جوية من لبنان واليمن والعراق وإيران وفقدت إسرائيل سلاحها الأهم وهو الردع.
وبات نتنياهو رئيس الوزراء الأطول حكما في تاريخ إسرائيل ينتظر صدور مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بحقه وحق وزير دفاعه يوآف غالانت.
وفي إسرائيل في حال انتهاء الحرب فإنه يواجه تهم الفساد التي ستفضي إلى سجنه وقد تنهي حياته السياسية.
فهل تكون طوفان الأقصى هي ساحة المواجه الأخيرة بين حركة حماس ونتنياهو، ويسدل الستار على واحدة من أطول قصص المواجهة بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات طوفان الأقصى نتنیاهو فی
إقرأ أيضاً:
ما تداعيات طوفان الأقصى على سقوط نظام الأسد وتحرير سوريا؟
في تغريدة لافتة قال الإعلامي السوري مقدم برنامج "الاتجاه المعاكس" على قناة الجزيرة، د. فيصل قسام "للتاريخ: اختلفوا واتفقوا مع "يحيى السنوار" كما تشاؤون، تجادلوا حوله كما تحبون، فهو مثير للجدل بكل تأكيد، لكن سأقول اليوم: إذا حاول أحد السوريين أو غيرهم أن يربط يحيى السنوار بالمشروع الإيراني سأكون منزعجا جدا".
وتابع "توقفوا عن هذه الأسطوانة المشروخة، وتذكروا أن السنوار سواء كان يدري أو لا يدري فقد لعب دورا تاريخيا في تحرير سوريا من الاحتلال الفارسي، ولولا السنوار لما كان طوفان سوريا، كان بودي أن أشرح أكثر لكن خلينا ساكتين الآن".
للتاريخ:
اختلفوا واتفقوا مع "يحيى السنوار" كما تشاؤون. تجادلوا حوله كما تحبون، فهو مثير للجدل بكل تأكيد. لكن سأقول اليوم:
إذا حاول أحد السوريين أو غير السوريين أن يربط يحيى السنوار بالمشروع الإيراني سأكون منزعجاً جداً. توقفوا عن هذه الاسطوانة المشروخة، وتذكروا أن السنوار، سواء…
تغريدة القاسم لاقت استحسانا كبيرا فعلق عليها الكاتب والناشط الأردني طارق أسعد التميمي بالقول "ولذلك أطلب من السوريين شكر السنوار وشباب غزة، سواء كان يقصد أم لم يقصد، وهو لم يقصد، فلولا طوفان الأقصى لما تداعى محور الشر السبئي، ولما فتح الشباب حلب وحماة وحمص ودمشق بهذه السهولة، والله غالب على أمره".
ولذلك اطلب من السوريين شكر السنوار وشباب غزة سواء كان يقصد ام لم يقصد وهو لم يقصد
فلولا طوفان الاقصى لما تتدعى محور الشر السبئي
ولما فتح الشباب حلب وحماه وحمص ودمشق بهذه السهولة
والله غالب على امره pic.twitter.com/QL890AgRhb
وعلق اليمني سيف المثنى، كاتب وباحث في مركز واشنطن للدراسات اليمنية قائلا "السنوار أوقف العالم على رجل واحدة، كشف النقاب عن كذبة وحدة الساحات، وأعاد للثورات سيرتها الأولى، كانت عصاه القشة التي قصمت المحور والعصا التي تحولت إلى ثعبان يسعى في سوريا، فإذا هي تلقف ما يأفكون، فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون، عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد".
السنوار أوقف العالم على رجل واحدة، كشف النقاب عن كذبة وحدة الساحات، وأعاد للثورات سيرتها الأولى.
كانت عصاه القشة التي قصمت المحور والعصا التي تحولت إلى ثعبان يسعى في سوريا، فإذا هي تلقف ما يأفكون ، فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون.
عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد.
ما تضمنته تغريدة القاسم، والتعليقات الموافقة لها تثير تساؤلات حول حقيقة تأثير وتداعيات طوفان الأقصى على سقوط نظام الأسد، وتحرير سوريا، وهل كان للأول بالفعل ذلك الدور الكبير في تحريك الثاني؟ وإن كان الأمر كذلك فكيف أثر طوفان الأقصى على تحريك طوفان سوريا؟ وهل يمكن أن تتوسع دوائر تأثير الطوفان لتشمل دولا أخرى في قابل الأيام؟
في مناقشته للأسئلة المثارة لفت الكاتب والباحث السياسي السوري، أحمد قاسم إلى أهمية استرجاع السياق الذي جرى فيه تمدد المشروع الإيراني في المنطقة، والذي جاء في إطار "استخدام إيران كأداة لعملية التغيير الديمغرافي في منطقتنا، إن كان في العراق أو سوريا أو اليمن وصولا إلى لبنان، للتحضير لما يسمى بـ"إسرائيل الكبرى" على حد قوله.
وأضاف "وكانت إيران هي الذراع القذر الذي تمت به عمليات قتل وتشريد واستباحة أعراض وممتلكات الشعوب العربية التي وصلت إيران إليها، رأينا هذا في العراق بعد سقوط صدام حسين، ورأينا ماذا عملت في لبنان، وماذا عملت في سوريا، وما الذي فعلته في اليمن، فكل بلد كانت تدخله تحوله إلى مزبلة، تقضي على اقتصاده، وتدمر البنى التحتية بالكامل، مع اشتغالها على الموضوع الديني الأيدلوجي".
أحمد قاسم كاتب وباحث سياسي سوري
وواصل قاسم حديثه لـ"عربي21" بالقول "وبعد التمدد الإيراني في المنطقة، ونتيجة لتكبرها، ومحاولة إيران اللعب بتلك الأوراق بعيدا عن الإرادة الدولية، وبعيدا عن إرادة أمريكا وإسرائيل، جرى استهداف المحور الإيراني في المنطقة، وحدث ما حدث في سوريا، ولن يتوقف الأمر عند ذلك، بل سيتم استهداف العراق، وسيتم استهداف إيران نفسها، وربما تكون النتيجة إسقاط نظام الملالي نفسه".
وتابع "ومن أهم تداعيات طوفان الأقصى على ما حدث في سوريا، انكشاف حقيقة المشروع الإيراني في المنطقة، وبدء استهدافه في لبنان، وهو ما ساهم بالتالي بتوافر الموافقة الدولية لإنهاء الوجود الإيراني في المنطقة، لأنه كان بالأساس بموافقة ومباركة دولية، ولغايات عديدة، لكن حينما ظهرت مآرب إيران الأخرى، كان من أهم تداعيات ذلك كشف الغطاء عن الوجود الإيراني في سوريا، وكان من نتائجه أن سمح للسوريين دوليا بالتحرك ضد هذا الوجود".
من جهته أشار الكاتب والباحث السياسي الأردني، خالد عبد الهادي إلى "الدور الرمزي لطوفان الأقصى، فما قامت به المقاومة الفلسطينية في طوفان الأقصى يحمل رسالة تتعلق بالقدرة على تحدي الاحتلال والمواجهة، وهو ما قد يساهم في إعادة إحياء قضايا التحرر والمقاومة في الوعي العام العربي".
وأردف "أما بالنسبة لسوريا فإن المزاج الشعبي يتأثر بهذه الأحداث، ويزيد من حالة التوتر الداخلي بسبب الظروف المستمرة في البلاد، والتي تشهد منذ سنوات مطالب بالإصلاح والتغيير، كما أن طوفان الأقصى أثار اهتماما إعلاميا وشعبيا كبيرا في المنطقة، مما قد يساهم في تحفيز قوى أخرى لاستثمار هذا الزخم للتعبير عن مطالبها بالعدالة والحرية".
وتابع لـ"عربي21": "لكن من المهم التأكيد على أن الحالة السورية لها عواملها الداخلية المستقلة، فالنظام السوري جزء من محور المقاومة، وأي تحول في مواقف الأطراف الإقليمية والدولية المحيطة به، مثل روسيا التي باتت منشغلة بشكل كبير في حرب أوكرانيا، يمكن أن يؤثر على المشهد السوري، كما أن حزب الله يواجه أيضا ضغوطا شديدة، سواء بسبب الاستهداف الإسرائيلي أو الوضع الداخلي اللبناني، وهو ما يحد من قدرته على المناورة".
خالد عبد الهادي كاتب وباحث سياسي أردني
وأكمل فكرته بالقول "في المقابل تسعى إيران إلى الحفاظ على أمنها واستقرارها الداخلي، وتجنب التصعيد الكبير مع التوازن بين دعم المقاومة وضمان عدم التورط في مواجهات كبرى، وفي هذا السياق استغلت هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة الأخرى هذه الظروف وانقضت على النظام السوري، وباتت تسيطر على مساحات واسعة من الجغرافيا السورية".
وعن تداعيات طوفان الأقصى على ما حدث في سوريا قال عبد الهادي "إيران كانت حذرة من التدخل المباشر في معركة طوفان الأقصى خوفا من استنزاف القوى الاستراتيجية في محور المقاومة، وتدخل حزب الله في المعركة ـ رغم إيجابيته في إسناد غزة ـ إلا أنه أثر سلبا على الوضع العسكري للمحور ككل، مما قلل من قدرته على دعم النظام السوري، وإيران كانت تحتاج إلى وقت للتحضير قبل التصعيد، وعارضت الاندفاع نحو التصعيد المبكر".
وأضاف "إيران خفضت تدخلاتها العسكرية في سوريا تحت ضغط إسرائيلي، مما جعل من الصعب عليها تقديم الدعم الكامل للنظام السوري أو الحفاظ على توازن القوى في المنطقة، كما أن مقتل غالبية قادة حزب الله من الصفين الأول والثاني، واستهداف غالبية مستشاري الحرس الثوري الإيراني في سوريا عبر الغارات الإسرائيلية، إضافة إلى تدمير مخازن الأسلحة، وإحجام المليشيات العراقية عن الدخول إلى سوريا، كل ذلك أظهر ضعفا كبيرا في محور المقاومة".
وفي ذات الإطار علق المدون والناشط السوري، مصعب العوا على تغريدة القاسم بالقول “قرأت تغريدة القاسم، التي أشار فيها إلى أن السنوار سواء كان يدري أو لا يدري لعب دورا أساسيا في أحداث سوريا، وبالفعل فإن ما فعله السنوار شكل ظروفا إقليمية مناسبة، وإن لم تقصدها فصائل المقاومة الفلسطينية".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "ومن المؤكد أن إخواننا أصحاب ردع العدوان اهتبلوا الفرصة، واقتنصوا الظروف القائمة بعد تدمير بنية حزب الله التحتية، واستهداف قيادة الصف الأول والثاني فيه، وإضعاف المحور الإيراني، إضافة إلى انشغال روسيا في أوكرانيا، فحلفاء نظام الأسد في وضع لم يعد يمكنهم من التدخل كالسابق، أما العرب فقد تخلوا عن الأسد بعد أن عجزوا عن إصلاحه، وهو ما عزز نجاح عملية ردع العدوان".
مصعب العوا ناشط ومدون سوري
واستبعد العوا في ختام حديثه إمكانية توسيع دائرة تأثير طوفان الأقصى على دول أخرى في المنطقة، لأن "الدول الأخرى المقصودة لم تتحقق فيها بعد شروط معادلة التغيير، في الوقت الذي اكتملت عناصرها في سوريا.. فعوامل التغيير تراكمية وليست وليدة اللحظة، ومن الوارد أن تؤثر في تحسين شروط إدخال التيارات الإسلامية ضمن السيستم السياسي، ودعوتها للمشاركة إما للتخفيف من ضغط الشارع أو لإفشال تلك التيارات عبر تجارب تظهر ضعفها وفشلها".