عمدت مليشيا الحوثي الإرهابية ذراع إيران في اليمن، منذ انقلابها على الشرعية الدستورية، إلى شن حرب واسعة تستهدف كل ما يتعلق بالجمهورية في مناطق سيطرتها، وصولاً إلى حد تغيير أسماء المؤسسات والمعالم التي تحمل أسماء ثوار 26 سبتمبر واستبدالها بأسماء طائفية عنصرية.

المدارس كانت أحد أهداف المليشيا، حيث قامت بتغيير اسم مدرسة "الشهيد علي عبد المغني" أحد ثوار 26 سبتمبر الواقعة في مديرية الوحدة بصنعاء، إلى مدرسة "الإمام محمد بن عبد الله النفس الزكية"، وهو اسم ذو مدلول طائفي، في خطوة تكشف حجم مساعيها في مواصلة حربها ضد الجمهورية ومنجزاتها.

كما عمدت أيضاً إلى إزالة اسم "ثورة 26 سبتمبر" المنقوش في بوابة دار الرئاسة في العاصمة المختطفة صنعاء، وهو اسم وضعه الثوار تخليداً لعظمة الثورة، واستبداله بمسمى ثورة انقلابها الدموية، في خطوة أثارت استياء شعبياً واسعاً.

مخطط تغيير أسماء المدارس بدأ في مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2021 حين أصدرت المليشيا قرارًا تضمن تغيير اسم مدرسة تحمل اسم الشهيد ذاته "علي عبد المغني" بمنطقة بلاد الروس في ريف صنعاء.

ولم تقتصر مساعي مليشيا الحوثي على تغيير أسماء المدارس التي تحمل أسماء ثوار 26 سبتمبر والجمهورية فحسب، إنما عمدت أيضاً إلى تغيير أسماء مدارس تحمل الهُوية اليمنية التاريخية الإسلامية.

وأقدمت المليشيا في وقت سابق على تغيير اسم مدرسة "نشوان الحميري" باسم أحد قتلاها، في مسعى منها لطمس ما ترسخ في ذاكرة الأجيال عن الشخصية اليمنية نشوان بن سعيد الحميري الذي كان عالماً ومؤرخاً وأديباً عاش في القرن الثاني عشر الهجري والمعروف عنه مناهضته لأفكار الإمامة.

وكانت نقابة المعلمين اليمنيين أعلنت، في وقت سابق، رصد تغيير مليشيا الحوثي أسماء أكثر من 43 مدرسة حكومية في مناطق تحت سيطرتها، وأطلقت عليها أسماء عناصر من قتلاها وقادتها، ضمن حملتها لـ"حوثنة" ثقافة المجتمع وتاريخه.

هذه المساعي الحوثية لقيت سخطاً شعبياً واسعاً في وسائط التواصل الاجتماعي، مؤكدين مدى الحقد الدفين الذي تكنه المليشيا تجاه ثورة 26 سبتمبر والجمهورية.

الصحفي أدونيس الدخيني علق على مساعي المليشيا تغيير أسماء المدارس قائلاً: "قبل أن تستبدل مليشيا الحوثي الإرهابية أسماء المدارس التي تحمل أسماء ثوار السادس والعشرين من سبتمبر، كانت قد أخفت مقتنيات الثوار من المتحف الحربي، وحذفت الدروس المتعلقة بهم من المنهج الدراسي، ودفنت بعض صرعاها جوار الجندي المجهول في ميدان السبعين".

وأضاف الدخيني متسائلاً في منشور له على الفيسبوك: "فلماذا هذا الاستغراب، بالوقت الذي لا تخفي قيادة مليشيا الحوثي العداوة من ثورة سبتمبر، كما لو أنها للمرة الأولى تتطاول على واحدة من ثوابت اليمنيين؟".

وأكد أن الحوثي وجد كساقطٍ وأجيرٍ إيراني، ومحمل بحقده على ثورة سبتمبر. منذ اليوم الأول دشن حربه عليها وعلى اليمنيين عموماً، مشيراً إلى منع المليشيا احتفال اليمنيين العام الماضي بثورة السادس والعشرين من سبتمبر في صنعاء وإب والحديدة وشنت حملة الاختطافات وداست على العلم الجمهوري في جولة ريماس.

يقول الصحفي عبد السلام القيسي: إن "الجماعة وهي تؤصل وجودها الطائفي تذهب لاستهداف أسماء علي عبدالمغني، اللقية، الزبيري، الوحدة، الهندوانة، ولا تمس المدارس التي اسمها الفاروق، الصديق".

واعتبر القيسي، أن تغيير مليشيا الحوثي أسماء المدارس، دلالة أن عداءها للجمهورية لبّ الإشكالية، "لذا هي تسعى لطمس ستين سنة جمهورية، قبل معركتها الطائفية، فهي تريد جرنا إلى القرون الأول لتستفرد وتدفن الجمهورية".


المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: ملیشیا الحوثی

إقرأ أيضاً:

د. مزمل أبو القاسم: يوسف عِزَّت ينعي المليشيا!

* يعتبر المقال التحليلي الذي كتبته يوسف عزت (المستشار السياسي السابق لقائد المليشيا) من أهم وأخطر الوثائق التي تناولت الصراع الحالي في السودان بالتحليل مؤخراً، لجهة أن كاتبه خبيرٌ بدروب ودهاليز المليشيا، وعالمٌ بكل تفاصيلها على المستويات كافة، السياسية والاجتماعية وحتى العسكرية منها.

* أقرَّ عزت في مقاله الخطير بأن المليشيا تعيش حالةً مريعة من الفوضى والانفلات الأمني، وذكر أنها تعاني من تراجع ملحوظ على كل الصُعُد، وأن مناطق نفوذها تُظهر اختلالاً أمنياً خطيراً انعكس في انتشار أعمال النهب، وانتهاكات حقوق المدنيين، ويمكن تحليل آثار هذا الانفلات من خلال بعدين أساسيين، يتعلق أولهما بفقدان التأييد الشعبي، إذ أسهمت الانتهاكات الميدانية في تقويض الثقة الشعبية بالقوات، خاصةً في المناطق الحضرية، التي كانت أكثر تضرراً من عمليات النهب والاعتداءات، كما انعكست تلك الانتهاكات على صورة القيادة باعتبارها غير قادرة على السيطرة على عناصرها، مما أدى إلى عزلة متزايدة في الأوساط المجتمعية.
* اعترف يوسف عزت أيضاً بأن غياب المحاسبة الداخلية أدى إلى بروز مجموعات متفلتة تعمل خارج السيطرة المباشرة للقيادة، مما كرّس بيئة من الفوضى وصعوبة استعادة النظام، ووصل إلى خلاصة مهمة مفادها أن حالة الانفلات الأمني أضعفت قدرة المليشيا على تقديم نفسها كفاعل منظم ومشروع، وخلقت حالة من الاستقطاب السلبي ضدها داخل المجتمعات المحلية.

* كذلك تطرق المستشار السابق إلى التناقض البيِّن في الخطاب السياسي للمليشيا، التي اعتمدت قيادتها خطاباً يركز على مواجهة الإسلاميين (الكيزان)، وأن ذلك الخطاب أكسبها دعماً مؤقتاً من القوى المدنية المناهضة للنظام السابق، غير أن وجود عناصر محسوبة على الإسلاميين داخل صفوفها قوّض مصداقية ذلك الخطاب، وكشف عن تناقض جوهري بين الشعارات والممارسات.

* في جزئية أخرى تعرض يوسف عزت بالتحليل إلى تأثيرات الحرب على الأولويات السياسية، وذكر أنها فرضت أولويات جديدة على قيادة المليشيا، حيث أصبح للحشد القبلي والاجتماعي أولويةً تفوق الالتزام بالمشروع المدني، مما أدى إلى تراجع الرؤية السياسية إلى مجرد أداة تكتيكية.

* خَلُص عزت إلى أن غياب الخطاب السياسي المتماسك الذي يعكس رؤية مستقبلية واضحة أدى إلى فقدان الدعم الشعبي وانكشاف المليشيا أمام المجتمع الدولي كفاعل غير قادر على الالتزام بمبادئ التحول المدني.

* في محور ثالث تطرق يوسف عزت إلى معضلة ضعف القيادة وتعدد مراكز القرار، وذكر أن المليشيا تعاني أزمةً قياديةً بنيوية، تتجلى في غياب مركز موحد لاتخاذ القرارات الاستراتيجية، وتظهر تلك الإشكالية بجلاء في تعدد دوائر صنع القرار، حيث يشكل التداخل بين القائد الأول (حميدتي) ونائبه (عبد الرحيم) مصدراً لتضارب القرارات وتباطؤ الاستجابة للأحداث.

* وتناول عزت تأثيرات المحيطين بالقيادة من أفراد الأسرة والمقربين لقيادة المليشيا، وذكر أنها تسببت في خلق ديناميكيات معقدة تُعيق اتخاذ قرارات حاسمة، وتحدث عن غياب التخطيط طويل الأمد، وعاب على قيادة المليشيا افتقارها إلى رؤية استراتيجية، حيث يعتمد اتخاذ القرارات على ردود الفعل الآنية من دون تحليل معمق للعواقب المستقبلية.

* خلُص عزت إلى أن غياب القيادة المركزية الموحدة انعكس بالسلب على كفاءة إدارة الحرب، وتسبب في قرارات متضاربة، مما أضعف الموقف السياسي والعسكري للمليشيا.
* في المقال الخطير غاب يوسف عزت على قيادة المليشيا تورطها في تحالفات متباينة مع قوى سياسية وعسكرية، وكان آخرها تبني مشروع “السودان الجديد”، لكن هذه التحالفات تعاني (بحسب عزت) من تناقضات بنيوية واضحة، وتتضارب برأيه مع التركيبة الأسرية والاجتماعية للمليشيا، إذ يتطلب مشروع السودان الجديد إعادة هيكلة القوات لتصبح (مؤسسة قومية ديمقراطية)، في حين أن بنيتها القائمة تعتمد على قيادة الأسرة والولاءات القبلية.

* انتقد يوسف عزت في المقال المطول تعامل قيادة المليشيا مع التحالفات كأدوات مرحلية، من دون التزام فكري أو سياسي حقيقي بالمبادئ التي تقوم عليها تلك التحالفات، ووصل إلى خلاصة مفادها أن غياب رؤية استراتيجية للتحالفات والثبات عليها جعل المليشيا تبدو كفاعل (انتهازي)، مما يهدد استمرارية التحالفات ويؤدي إلى عزلة سياسية متزايدة.

* أشار يوسف عزت إلى أن الصدام المباشر الذي حدث بين المليشيا والدولة المركزية تسبب في إعادة تشكيل الاصطفافات القبلية بصورة غير مسبوقة، وللمرة الأولى في تاريخ السودان الحديث، أصبحت المجتمعات العربية منقسمة بين دعم الجيش والمليشيا.

* توصل عزت إلى خلاصة مفادها أن الصدام مع الدولة المركزية أسهم في تفكيك التحالفات القبلية التقليدية وأدى إلى تعميق الانقسامات المجتمعية وأعاد المكونات العربية في غرب السودان إلى محيطها التقليدي والتحالف مع قوى الهامش التي كانت تستخدم هذه المجتمعات لقمعها، كأداة لسلطة المركز، وتساءل: هل تمتلك قيادة (الدعم السريع) استراتيجية واضحة لحماية المجتمعات التي تقع في مناطق سيطرتها وضمان بقائها؟
وتطوع بالإجابة وذكر أنها لا تمتلك استراتيجية متكاملة لتحقيق هذا الهدف، وذلك للأسباب التالية:
1. الارتجالية بدل التخطيط الاستراتيجي.
2. التناقض في الخطاب السياسي والممارسات.
3. غياب قيادة موحدة لاتخاذ القرارات.
4. الاعتماد على تحالفات ظرفية غير مستدامة.
5. عدم القدرة هلى التخلص من إرث الماضي.
* باختصار غير مخل نقول إن المستشار السابق لحميدتي نعى المشروع السياسي والعسكري للمليشيا وشيعه إلى مثواه الأخير بعد أن دمغه بالفوضى والعشوائية وانعدام الانضباط ووصمه بانعدام المصداقية وغياب الرؤية السياسية وضعف القيادة وتعدد مراكز القرار علاوةً على تناقض التركيبة الأسرية والاجتماعية للمليشيا وانتهازيتها واعتمادها على تحالفات هشة يغلب عليها الطابع المناطقي والعنصري ولا تمتلك أي قابلية للبقاء والتطور!
* أطلق يوسف عزت رصاصة الرحمة على مشروع دولة آل دقلو، التي حاولت أن تلبس لكل حالةٍ لبوسها، لتتزيأ (بالقضية) المزعومة تارةً، وتتنكر في هيئة الهامش وتسطو على أدبياته وشعاراته القديمة تارةً أخرى، وتدعي السعي إلى تطبيق الديمقراطية والمدنية مرةً ثالثةً، وتحاول مغازلة القوى المناهضة للكيزان بالحديث عن حربٍ مع الفلول تارةً رابعة، لتنحصر المحصلة في مشروع فوضوي فاشي موغل في الوحشية والإجرام، أذاق الملايين من أهل السودان الويل، وتسبب لهم في معاناةٍ غير مسبوقة بواحدةٍ من أقذر الحروب في التاريخ الحديث، ليحصد قادة المليشيا كراهيةً غير مسبوقة، ويحظى أوباشها برفضٍ عارم، استدعى من غالب أهل السودان أن يتصدوا لهم كلٌ على حسب استطاعته، وكانت المحصلة خسراناً مبيناً، للمليشيا وقادتها وكل من وما يَمِتُّ إليها بِصلة، وأصبح الانتماء إليها أو التواصل معها بأي نهج يمثل جنايةً لا تغتفر وخيانةً بل وصمة تلاحق صاحبها أينما حل ورحل.. فهل هناك خسران أكثر من ذلك لمشروع دولة الدقالوة العنصرية الفاشية المجرمة؟

د. مزمل أبو القاسم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • اليمن يطالب بعقوبات دولية صارمة على «الحوثي»
  • ???? طرد المليشيا من الخرطوم يعنى طردها من كل السودان
  • الكشف عن أطعمة تحارب سرطان القولون والمستقيم: ستنقذ حياتك
  • مليشيا الحوثي تفرج عن قتلة شيخ قبلي في عمران بعد ساعات من احتجازهم
  • اليمن: عقيدة «الحوثي» تتنافى مع مفهوم الدولة الوطنية
  • د. مزمل أبو القاسم: يوسف عِزَّت ينعي المليشيا!
  • مليشيا الحوثي تعتدي على بائع برتقال في إب وتصادر بضاعته وسيارته
  • أوروبا تحارب ويسكي بوربون الأمريكي وتثير غضب ترامب.. هكذا رد الأخير
  • مليشيا الحوثي تشيّع قيادات ميدانية جديدة وسط تكتم على خسائرها البشرية
  • اليمن يدعو إلى ملاحقة قادة «الحوثي» كمجرمي حرب