في الوقت الذي ما زال فيه جيش الاحتلال يعاني من ورطة حقيقية في حربه على غزة، فإن أصواتا عسكرية وسياسية آخذة في الارتفاع تسعى إلى جرّه إلى جولة قتالية أخرى، وهذه المرة في الجبهة الشمالية أمام حزب الله.

آشار كوفمان رئيس معهد جوان بي كروك لدراسات السلام الدولي بجامعة نوتردام بالولايات المتحدة، ذكر أن "الأصوات الإسرائيلية الداعية لحرب مع حزب الله تتجاهل أنه تنظيم لا مثيل له في تاريخ الشرق الأوسط الحديث من حيث قوته العسكرية والسياسية والاقتصادية، ولو بدعم إيراني هائل، مما يجعله مؤهلا للعب دور مركزي في أي سيناريو إقليمي محتمل".



وأضاف في مقال نشره موقع "محادثة محلية" وترجمته "عربي21" أنه "خلافاً للشعب اللبناني، فإن الرأي العام الإسرائيلي يؤيد الحرب ضد الحزب بزعم وضع حد للتوتر المتصاعد في الشمال، ورغبة بإحداث تغيير في موازين القوى معه، الذي يُنظر إليه على أنه يهدد وجود دولة الاحتلال برمّتها، ومعظم وسائل الإعلام تؤجج الرأي العام، وغالباً ما يعزز معلقو الاستوديوهات الادعاء بضرورة ضرب الحزب "مرة واحدة وإلى الأبد".

وأوضح أن "جيش الاحتلال يبث رسائل متضاربة بشأن استعداده لحرب في الشمال، معترفاً أنه بعد تسعة أشهر من القتال في غزة، فإن تشكيلاته القتالية منهكة، وغير مستعدة لحرب شاملة في الشمال، لأنه في حال اندلاعها ستمتد إلى بقية أنحاء الدولة، التي يبدو أنها تريد هذه الحرب الشاملة، لكنها غير مستعدة لها، في حين أن الحزب مستعد لها، لكنه لا يريدها، على الأقل الآن".

وأشار إلى أنه "من أجل زيادة التهديد ضد الحزب، يقول الوزراء وكبار الضباط والمعلقين في وسائل الإعلام الإسرائيلية، إنه إذا اندلعت الحرب، فيجب اعتبارها حربا ضد لبنان الدولة، وليس فقط ضد الحزب، لأن الجيش لا يملك القدرة على توجيه ضربة قاتلة للحزب دون الإضرار بالبنية التحتية الوطنية في لبنان، في حين أن التحدي الذي يواجهه في هذا الموضوع ذو شقين: أولهما "بنك الأهداف" في لبنان محدود، بعكس بنك أهداف الحزب في إسرائيل، لأن البنية التحتية اللبنانية أصلا على وشك الانهيار".

وأوضح أن "التهديدات الإسرائيلية بإعادة لبنان فعلاً للعصر الحجري قد لا يقبل النظام الدولي بتنفيذها، وإن حصلت فمن المرجح أن تزداد عزلة الاحتلال الدولية إذا تحول لبنان من دولة فاشلة، كما هو الآن، إلى دولة مدمرة، وبدت بيروت مثل غزة، وقد يعود عليه كارتداد سياسي ودبلوماسي سلبي، وفي الوقت ذاته سيكون عليه التعامل مع الدمار الذي سيلحقه به الحزب".


وأكد أن "دعوة العديد من دول لمواطنيها لمغادرة لبنان خوفا من حرب شاملة، ورفعت من تحذيرها لهم من السفر لإسرائيل، يعني أنها لن تكون مكانًا آمنًا، وفي نهاية المطاف يستفيد الحزب من حرب الاستنزاف المستمرة التي تبدو اليوم أكثر انسجاماً مع رؤيته الاستراتيجية طويلة المدى القائمة على التآكل المستمر لقوة "الكيان الاستغلالي"، كما يسميه الحزب، الذي يعتقد أن حربه الشاملة ضد الاحتلال ورقة لا تستخدم إلا مرة واحدة فقط، ويحتمل أن هذا ليس الوقت المناسب لطهران للزجّ بالحزب في هذه الحرب".

وأشار إلى أن "القيادة الإسرائيلية تفترض أن الحرب مع الحزب ولبنان مسألة وقت فقط، لكن الآن قد لا يكون التوقيت المثالي، لأن الجيش النظامي والاحتياط منهك بعد تسعة أشهر من القتال في غزة منذ السابع من أكتوبر، والمصلحة الشخصية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هي إطالة أمد القتال من أجل بقائه سياسياً، ومن الممكن أن هذه النقطة بالتحديد هي التي ستقوده لحرب ليس مستعدا لها، فلدى نتنياهو سجل مثبت بأن مصلحة الدولة والمجتمع ليست في صدارة اهتماماته".

 تشير هذه القراءة الإسرائيلية الموضوعية إلى أن حزب الله يضبط نفسه في الوقت الحالي عن الذهاب إلى حرب شاملة، لأنه ليس لديه مصلحة بتحويل لبنان بأكمله ساحة معركة، أما الإسرائيليون فلديهم سبب وجيه للقلق، ليس فقط من طموحات الحزب طويلة المدى ضدهم، ولكن من حكومتهم وزعيمها، الذي قد يغريه الضغط الشعبي للتعامل مع هذه المسألة، والخلاصة أن الحزب الذي يشهد "ذروة" قوته، قد يجرّ الاحتلال إلى حرب ستكون مرحلة أخرى وحاسمة في هزيمة الاستراتيجية التي يتبنّاها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال حربه حزب الله اللبناني لبنان فلسطين حزب الله الاحتلال حرب صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله

إقرأ أيضاً:

نعيم قاسم: استهداف بيروت يقابله ضرب تل أبيب.. والمفاوضات تجري وفق مسارين

شدد الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، الأربعاء، على أن استهداف الاحتلال الإسرائيلي للعاصمة اللبنانية بيروت سيكون مقابله ضرب "تل أبيب"، مشيرا إلى أن المقاومة اتخذت مسارين في التعامل مع العداون المتواصل على لبنان وهما "الميدان والمفاوضات".

وقال قاسم في كلمة مصورة، إن "العدو الإسرائيلي اعتدى على العاصمة بيروت باغتيال الشهيد (مسؤول الإعلام في حزب الله) محمد عفيف وهو في اللباس المدني"، مشيرا إلى أن على الاحتلال أن "يتوقع أن يكون الرد على وسط تل أبيب بعد استهدافه بيروت وأن يفهم أن الأمور ليست متروكة".

وأضاف أن حزب الله "واجه معركتين الأولى إسناد غزة والثانية صد العدوان الإسرائيلي على لبنان"، مشيرا إلى أنهم "حرصوا على أن نقدم الإسناد لغزة آخذين بعين الاعتبار الظروف في لبنان، يشرفنا أن نكون من القلة في دعم غزة مع العراق واليمن وإيران بينما العالم كله يتفرج".

وأشار قاسم إلى أن "حزب الله مر بأزمة حقيقية بعد اغتيال الأمين العام السيد حسن نصر الله لكن بعد 10 أيام استطعنا استعادة عافيتنا ولملمة جراحنا"، لكنه شدد على أن الحزب "استطاع أن يسترد عافيته بعد الخسائر التي تكبدها"، موضحا أن "المقاومة تقاتل الجيش حيث يتقدم".


وبحسب الأمين العام لحزب الله، فإن "المقاومة وافقت وافقت سابقا على طرح بايدن - ماكرون على قاعدة أنه يمكن إنهاء الحرب لكنهم اغتالوا الأمين العام".

ولفت إلى أن حزب الله "كان يتوقع أن العملية على الحافة الأمامية (في جنوب لبنان) تستمر لمدة 15 يوما لكنها طالت أكثر من ذلك بسبب مقاومة أولي البأس"، مشيرا إلى أن  "وزير الخارجية الإسرائيلي غير أهداف (العدوان) حين قال إن الهدف ليس تدمير حزب الله".

وشدد قاسم على أن "المقاومة لا تعمل بطريقة عمل الجيوش وليس من مهمتها منع تقدم العدو بل واجبها أن تقاومه أينما يتقدم"، مشيرا إلى أن "الكلمة للميدان والنتائج تُبنى على ما يحصل في الميدان ولدى المقاومة القدرة على خوض حرب طويلة".

وحول المفاوضات المتواصلة لوقف إطلاق النار، أوضح الأمين العام لحزب الله أنهم "تلقوا المقترح الأمريكي بشأن وقف إطلاق النار وقدموا ملاحظاتهم عليه"، لافتا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي "يتوقع أن يأخذ ما يريده بالاتفاق لا بالميدان وهذا غير ممكن".

وبيّن قاسم أن "الموضوع الآن مرتبط بالرد الإسرائيلي وبالجدية عند (رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو"، مشيرا إلى أنهم "يتفاوضون على وقف العدوان بشكل كامل وحفظ السيادة اللبنانية"، حسب تعبيره.

وأكد قاسم أن تفاوض حزب الله "ليس تحت النار لأن إسرائيل هي تحت النار أيضا"، مشيرا إلى أنهم "يعملون وفق مسارين الميدان والمفاوضات ولا نعلق الميدان بانتظار المفاوضات".

وتأتي تصريحات نعيم قاسم مع زيارة المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين إلى العاصمة اللبنانية بيروت لاستئناف مفاوضات وقف إطلاق النار بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي.


ووصف الأمين العام لحزب الله جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانها المتواصل على لبنان بـ"الوحش البشري"، قائلا "نواجه وحوشا بشرية إسرائيلية تدعمها وحوش بشرية كبرى أمريكية".

وأكد استمرار مقاتلي حزب الله في التصدي للاحتلال الإسرائيلي وجعل "الكلفة مرتفعة على العدو"، مشددا على أنه "من غير الممكن للمحتل الإسرائيلي أن يستقر أو يتقدم في أرضنا وسيطرد".

ومنذ 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، يشن الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة وغير مسبوقة على مواقع متفرقة من لبنان، ما أسفر عن سقوط الآلاف بين شهيد وجريح، فضلا عن نزوح ما يزيد على الـ1.2 مليون، وفقا للبيانات الرسمية.

في المقابل، يواصل حزب الله عملياته ضد الاحتلال الإسرائيلي موسّعا نطاق استهدافاته؛ ردا على الجرائم الإسرائيلية المتواصلة في لبنان، منذ بدء التصعيد الإسرائيلي الكبير ضد الأراضي اللبنانية.

مقالات مشابهة

  • ماذا قالت تقارير إسرائيليّة عن نعيم قاسم؟ رسائل عديدة
  • سقوط نتنياهو دوليا وأوروبا تجهز زنزانته.. اكتئاب في تل أبيب وصواريخ حزب الله تدك حيفا وبوتين يجهز النووي
  • أكثر من 44 ألف شهيد في اليوم الـ412 لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة
  • مقتل باحث إسرائيلي في جنوب لبنان.. ما الذي كان يفعله هناك؟
  • باحث سياسي: مفاوضات إنهاء الحرب خارج قاموس الحكومة الإسرائيلية المتطرفة
  • مقتل باحث آثار إسرائيلي شهير في قلعة تطل على مدينة صور اللبنانية برصاص حزب الله
  • جيش الاحتلال يعلن مقتل باحث إسرائيلي في استهداف مبنى جنوبي لبنان
  • كمين مثير لـحزب الله في الجنوب.. باحثٌ إسرائيلي يُقتل داخل موقع أثري!
  • نعيم قاسم: سنضرب تل أبيب ردا على استهدف الاحتلال الإسرائيلي لبيروت
  • نعيم قاسم: استهداف بيروت يقابله ضرب تل أبيب.. والمفاوضات تجري وفق مسارين