في ظلال #طوفان_الأقصى “90”

قبيل كلمته أمام #الكونجرس كيف يفكر #نتنياهو وماذا يخطط

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

يشعر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، المتفرد في الحكم، والمستقل في القرار، والمتحالف مع جنسه من الأحزاب الدينية المتطرفة، والمطمئن إلى أغلبية ضئيلة تؤيد حكومته، وتحافظ عليها وتجعلها مستقرة، وتحميها من المعارضة، وتحول دون حجب الثقة عنها وسقوطها في الكنيست، رغم حالة شبه الإجماع الدولي على رفض سياسته، وإدانة عدوانه على قطاع غزة، وتشوه صورة كيانه، وتراجع حجم التأييد الدولي له، والدعوات الدولية الرسمية والشعبية المتصاعدة في أنحاء العالم، لوقف الحرب وإنهاء القتال، ووضع حدٍ للمعاناة الإنسانية المهولة لسكان قطاع غزة.

مقالات ذات صلة لتعذرنا الحكومة هذه المرة 2024/07/10

ورغم المظاهرات الشعبية الإسرائيلية الواسعة التي ينظمها معارضوه في مختلف المدن “الإسرائيلية”، والتي زاد حجمها واتسع إطارها وتعددت مراكزها، بعد انضمام غانتس وآيزنكوت، عضوي مجلس الحرب السابقين إليها، والاحتجاجات التي يقوم بها ذوو الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، للمطالبة بالموافقة على الصفقة واستعادة الأسرى، واستطلاعات الرأي المتكررة التي تظهر تراجع شعبيته، وتزايد المعارضين لسياسته، والداعين لوقف الحرب واستعادة الأسرى والخروج من مأزق غزة، ولو بقيت حركة حماس في السلطة، ودفعت الحكومة أثماناً باهظة مقابل ذلك.

ورغم الانقسامات السياسية التي يعيشها كيانه، والضغوط التي يتعرض لها من حلفائه، والخلافات العميقة بينه وبين وزير حربه وقيادة أركان جيشه، والبيانات المضادة بينه وبين المسؤولين الأمنيين والعسكريين، والتي تظهر ضعف جيشه، وخلافه مع توجهات رئيس الحكومة السياسية، الذي يتهم بأنه يفضل مصالحه الشخصية على مصالح الكيان، ولا يعنيه مستقبل وسلامة الأسرى وحياة أفراد الجيش في الميدان، ويصر على استمرار الحرب رغم المعطيات الحقيقية التي تضعها قيادة الأركان بين يديه، والتي تظهر تراجع الدافعية القتالية للجيش، وإنهاك عناصره، وعدم جاهزيته، وشكواه من نقص الذخيرة والعتاد، وحاجته إلى الجنود والمقاتلين، فضلاً عن قدرة حركة حماس على ترميم قدراتها، وإعادة تنظيم صفوفها، والمبادرة بعملياتٍ نوعيةٍ موجعةٍ، ألحقت بهم خسائر فادحة، وأضعفت قدرة الجيش، وأثرت سلباً على معنويات جنوده.

رغم ذلك كله يشعر نتنياهو بأنه وبعد تسعة أشهر من الحرب والقتال، وخسارته مئات الجنود والضباط أثناء القتال في قطاع غزة، واحتمال مقتل الأسرى الإسرائيليين والفشل في استعادتهم، أنه أمام فرصة تاريخية قد لا تتحقق، وأمام مكسبٍ كبيرٍ قد يتمكن من تجييره لصالحه، وتحقيق أكثر من إنجازٍ به، كأن ينجو من المساءلة والمحاسبة والعقاب، ويستمر رئيساً للحكومة الإسرائيلية، ويحقق حلمه بأن يكون “طالوت إسرائيل”، وملكها “المنقذ المخلص”، وذلك بمواصلة الحرب والقتال حتى تحقيق الأهداف التي أعلن عنها، ظناً منه أن المقاومة قد ضعفت، وأن جاهزيتها قد تراجعت، وأن أسلحتها قد نفذت، وأن الشعب الفلسطيني قد أنهك وتعب، الأمر الذي من شأنه أن يدفع قيادته نحو التنازل والتراجع عن شروطها التي أعلنت عنها.

ويشعره بالمزيد من القوة والتحدي، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ضعيفة، بل عاجزة ومترددة، وهي راحلة وغير باقية، وخاسرة ولن تنجح، ولا مستقبل لها ولم يعد المزيد من الوقت أمامها، ولا تستطيع أن تأخذ أي قرارٍ أو أن تقوم بأي إجراءٍ من شأنه التأثير على سياسة الحكومة الإسرائيلية، فضلاً عن احتمالات فوز الرئيس السابق دونالد ترامب، وسيطرة الجمهوريين على مجلسي الشيوخ والنواب، وهو الحزب الأقرب إلى الكيان، والراعي له والمحافظ عليه، والضامن له والحريص على أمنه واستقراره، وتفوقه وقوته.

ويساعده في تعزيز عوامل قوته، والصمود أمام التحديات التي تواجهه، والمراوغة في مواقفه، وعدم الحسم في قراره من الصفقة، أو استعجاله لها، زيارته المرتقبة إلى واشنطن، وخطابه أمام مجلسي النواب والشيوخ يوم 24 تموز الجاري، الذي سيستعرض فيه قوته، وسيبين عزمه وإصراره على مواصلة حربه، مستغلاً التأييد الذي يحظى به كيانه من أعضاء المجلسين.

وفي زيارته المرتقبة، التي يعول عليها كثيراً، ويحلم أن يعود منها طاووساً متغطرساً مختالاً، سيعيد طرح روايته، واجترار سرديته الكاذبة التي حاول فرضها بعد أيامٍ من طوفان الأقصى، وسيستعرض تصوره لوقف الحرب، وإنهاء القتال، واليوم التالي في قطاع غزة، وشكل الحكم المطلوب، ودور الدول العربية “المعتدلة” ومعها الدول الكبرى في إدارة غزة، وحفظ أمنها، وإعادة بنائها، والمهمة التي يجب أن تقوم بها بنزع أسلحة المقاومة، وتجريدها من قوتها، ضماناً لأمن “إسرائيل”، وحفظاً لحياة مستوطنيها ومصالحها الخاصة.

لهذا وغيره، لن يكون نتنياهو سهلاً في المفاوضات، ولن يعطي الوسطاء شيئاً بسهولةٍ أبداً، وقد لا يوافق على الصفقة ولو أنه من صاغها ووضع بنودها، وسيماطل في الحوارات، وسيضيف بنوداً جديدة، وسيشطب أخرى كان قد وافق عليها، وسيستمر في نفس الدائرة المغلقة التي وضع الجميع فيها، يرسل الموفدين، ويوسع صلاحياتهم، ثم يأمرهم بالعودة ويستبدلهم، ويستعيد منهم الصلاحيات التي منحهم إياها.

وسيستغل فترة المفاوضات، التي تشارك فيها شخصياتٌ أمريكية رفيعة وعالية المستوى، وأخرى عربية على مستوى الرؤساء والملوك والأمراء، في توسيع إطار العمليات العسكرية في كل مناطق قطاع غزة، وتعميقها واستهداف المدنيين في مقارهم وأماكن لجوئهم، ظناً منه أنه سيجبر الفلسطينيين على الخروج ضد المقاومة، والتخلي عنها، ومطالبتها بوقف القتال، والامتناع عن تنفيذ عملياتٍ عسكرية ضد جنوده، علَّ قيادة المقاومة، التي ستخيب رجاءه، تتراجع عن مواقفها وتتنازل عن ثوابتها، وتقبل تحت ضغط النار ومعاناة الشعب بما يعرضه عليها، وتلتزم بشروطه وتوافق على مخططاته.

بيروت في 10/7/2024

moustafa.leddawi@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: طوفان الأقصى الكونجرس نتنياهو قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

ترامب يخطط لتعيين والد صهره مبعوثا خاصا للبحيرات الكبرى

في خطوة لافتة يعتزم الرئيس دونالد ترامب تعيين مسعد بولس والد صهره مبعوثا خاصا لمنطقة البحيرات الكبرى في شرق أفريقيا، وفقا لمصادر مطلعة.

ويأتي هذا التوجه في وقت تسعى فيه جمهورية الكونغو الديمقراطية -التي تعاني من أحد أكبر النزاعات في القارة- إلى إبرام اتفاق بشأن المعادن الإستراتيجية مع واشنطن.

الدوافع والتحديات السياسية

ووفقا لتقارير إعلامية، يهدف هذا التعيين إلى تعزيز النفوذ الأميركي في المنطقة، ولا سيما في ظل التنافس المتزايد على الموارد الطبيعية بين القوى الكبرى.

تسعى حكومة رئيس جمهورية الكونغو فيليكس تشيسيكيدي إلى اتفاق يضمن لها دعما عسكريا أميركيا (رويترز)

وتسعى واشنطن إلى تأمين إمدادات مستقرة من المعادن الإستراتيجية مثل الكوبالت والليثيوم، والتي تعد أساسية لصناعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة.

ومن المتوقع أن يلعب المبعوث الجديد دورا محوريا في التفاوض على اتفاقيات ثنائية تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري بين الولايات المتحدة والكونغو الديمقراطية.

اتفاق دفاعي ممول بالمعادن

وتشير تقارير صحفية إلى محادثات متقدمة بشأن اتفاق دفاعي يتضمن منح امتيازات في قطاع التعدين مقابل دعم عسكري أميركي.

وبحسب موقع صوت أميركا- أفريقيا، فإن هذا الاتفاق سيوفر للكونغو الديمقراطية دعما عسكريا أميركيا مقابل منح شركات أميركية امتيازات أكبر في قطاع التعدين المحلي.

منجم النحاس والكوبالت في جنوب الكونغو الديمقراطية (رويترز)

وفي هذا السياق، تسعى كينشاسا إلى تحقيق توازن بين الاستفادة من الاستثمارات الأجنبية والحفاظ على سيادتها الوطنية على مواردها الطبيعية، خاصة بعد انتقادات سابقة طالت اتفاقياتها مع الصين ودول أخرى.

إعلان تنافس دولي على الموارد الكونغولية

تعتبر جمهورية الكونغو الديمقراطية واحدة من أغنى دول العالم بالمعادن، إذ تمتلك ما يقدّر بـ70% من احتياطي الكوبالت العالمي، بالإضافة إلى مخزونات هائلة من النحاس والذهب والماس.

وهذه الثروات جعلت البلاد هدفا رئيسيا للقوى العالمية، إذ تسعى كل من الصين والولايات المتحدة وأوروبا إلى تأمين حصص لها في قطاع التعدين هناك.

خريطة الكونغو الديمقراطية (الجزيرة)

وبحسب تقرير نشره موقع سيمافور، فإن إدارة ترامب ترى في هذا الاتفاق فرصة لتعزيز مكانة الولايات المتحدة بالمنطقة ومواجهة النفوذ الصيني المتزايد، خاصة أن بكين كانت المستفيد الأكبر من المعادن الكونغولية خلال العقد الماضي.

ويأتي تعيين المبعوث الأميركي الجديد وسط تحولات جيوسياسية كبيرة في منطقة البحيرات الكبرى، إذ تسعى الدول الكبرى إلى تأمين مصالحها الاقتصادية والإستراتيجية.

ورغم اعتبار هذا التعيين فرصة لتعزيز العلاقات بين واشنطن وكينشاسا فإن التساؤلات تبقى قائمة بشأن مدى استفادة الشعب الكونغولي من هذه الشراكة، وما إذا كانت ستؤدي إلى تنمية مستدامة أم إلى تعزيز الهيمنة الأجنبية على موارد البلاد.

مقالات مشابهة

  • لماذا لن يعود نتنياهو لقرار الحرب؟
  • استطلاع رأي يظهر أن غالبية الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب والانسحاب من قطاع غزة
  • في مواقع تسليم الأسرى.. ضبط أجهزة تجسس إسرائيلية مموهة
  • ترامب يخطط لتعيين والد صهره مبعوثا خاصا للبحيرات الكبرى
  • إعلام إسرائيلي: حكومة نتنياهو قررت عدم الالتزام باتفاق غزة منذ لحظة توقيعه
  • المعارضة الصهيونية: نتنياهو يرفض دفع الثمن السياسي لوقف الحرب
  • قائد في أمن المقاومة .. ضبط أجهزة تجسس مموهة
  • كيف أدارت المقاومة حربا نفسية تفوقت على السردية الإسرائيلية؟
  • يديعوت: نتنياهو يرضخ لإملاءات ترامب بشأن الحرب والسلم وتبادل الأسرى
  • المعارضة الإسرائيلية تحذر من موت الأسرى بحال عودة الحرب إلى غزة