اعترف بفلسطين، أعد التمويل إلى الأونروا، احترم القانون الدولي، تعامل مع المجتمع المسلم في بريطانيا، وأصدر توجيهاً بشأن بيع الأسلحة لإسرائيل. هذه خمس سبل بإمكان ستارمر أن يثبت من خلالها أن الحكومة قد تغيرت بالفعل.

رسالة بسيطة جداً يتم إيصالها إلى حكومات تيار الوسط في العالم الغربي، ولكن مازالوا رغم العديد من الإخفاقات محلياً وخارجياً لا يستوعبونها.

لقد صمت آذانهم فلم تعد تسمع هدير الاحتجاجات الشعبية.

والرسالة هي: إن الحكومات التي لم تزل في السلطة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تخفق في تدجين أسوأ تجاوزات الرأسمالية، بل إنها تتربع على هوة في الثروة آخذة في الاتساع.

إنها تخفق في إدامة دولة الرعاية والحفاظ على الخدمات الأساسية التي تحتاجها الشعوب، وتخوض حروباً لا تكسبها، وتراكم مستويات غير مسبوقة من الديون الوطنية، وتفشل المرة تلو الأخرى في إنتاج مجتمعات مستقرة.

لا يمكنهم السماح للبنوك بأن تفشل، ولكنهم يلقون بمتقاعديهم إلى الكلاب. ودفاعاً عما يطلقون عليه اسم الديمقراطية الليبرالية – وما هو بالديمقراطية ولا بالليبرالية – ينزعون بشكل متزايد نحو تبني الوسائل غير الليبرالية. وهذا النظام السياسي المتهاوي هو الذي يتحمل المسؤولية الأولى عن صعود اليمين المتطرف.

كانت هذه الرسالة صارخة وواضحة في فرنسا نهاية الأسبوع المنصرم. حيث تحولت الانتخابات السريعة التي دعا إليها إيمانويل ماكرون، المنتمي إلى نادي بلير، إلى كارثة انتخابية عليه، ولكن لحسن الحظ ليس على فرنسا.

على غير ما هو متوقع، حقق اليسار، الذي لم يزل منحسراً ومشطوباً منذ زمن، نصراً مبهراً في الانتخابات البرلمانية، مرغماً اليمين المتطرف على احتلال المرتبة الثالثة.

لقد وجه الناس في فرنسا رسالة غاية في الوضوح، ومفادها أن عطشهم وشهيتهم للتغيير الحقيقي، التغيير الراديكالي، أقوى بكثير من عطش وشهية الرئيس الذي يزعم أنه يقودهم.

رسالة واضحة

وفي بريطانيا، تم توجيه نفس الرسالة إلى كير ستارمر، الذي فاز بأغلبية برلمانية، ولكن بعدد من الأصوات غاية في الضآلة. فلم يحصل ستارمر سوى على 34 بالمائة من الأصوات، وهو ما يقل 600 ألف صوت عما حصل عليه جريمي كوربين في انتخابات عام 2019 ويقل ثلاثة ملايين صوت عما حصده الزعيم السابق لحزب العمال من أصوات في انتخابات عام 2017.

وكانت الرسالة أكثر وضوحاً في الدوائر التي يشكل المسلمون أغلبية الناخبين فيها.

يفيد تحليل حصل عليه موقع ميدل إيست آي، ولكن نتائجه لم تنشر بعد، بأن نصيب حزب العمال من الأصوات في أعلى 20 دائرة انتخابية مسلمة تراجع بنسب تتراوح بين 15 بالمائة و 44.6 بالمائة.

منذ انتخابات عام 2019، تراجعت حصة حزب العمال بما نسبته 44.6 بالمائة في برادفورد ويست، وما نسبته 35.5 بالمائة في بيرمنغهام هول غرين أند موزلي، وما نسبته 40.5 بالمائة في بيرمنغهام ليدي وود، وما نسبته 36.2 بالمائة في ديوزبري أند باتلي، وما نسبته 35 بالمائة في ليستر ساوث، وما نسبته 20 بالمائة في إلفورد نورث، وما نسبته 15 بالمائة في لوتون نورث.

عندما سئل عن علاقته بالمجتمع المسلم، أجاب رئيس الوزراء العمالي الجديد متهرباً: "لدينا تفويض قوي، ولكننا لم نحصل على الأصوات. سوف نعالج ذلك، إلا أنه لا يوجد ما يشكك في التفويض الذي حصلنا عليه، وهو تفويض بالتغيير، تفويض للتجديد، وتفويض بتكريس السياسة في خدمة الناس."

ومع ذلك لم يفت كبار شخصيات حزب العمال أن يلاحظوا رفض المجتمع المسلم في بريطانيا لحزبهم.

فهذا ويز ستريتنغ، وزير الصحة الجديد، الذي كثيراً ما كان يصوت كنائب برلماني معارض ضد وقف إطلاق النار في غزة، ثم لم ينجح إلا بفارق ضئيل لا يتجاوز 528 صوتاً في إلفورد نورث، يعترف قائلاً: "إذا ما تأملنا في النتائج في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك إلفورد نورث، فمن الواضح جداً أن غزة كانت مشكلة حقيقية في هذه الانتخابات بالنسبة لحزب العمال."

يعتبر الصوت المسلم أكبر كتلة انتخابية داخل الحزب، وهي كتلة لا ترتبط لا بكوربين ولا باليسار الشعبوي.

تجدهم يتفقون على فلسطين وفي معارضتهم للكثير من الحروب المدمرة التي تشنها القوى الغربية في البلدان المسلمة، وهو ما لم يزل كوربين يعارضه بشجاعة وإصرار، ولكنهم يختلفون حول بعض القضايا الاجتماعية.

ما كان ينبغي أن تكون قوة الصوت المسلم، الذي أطاح بأربعة من نواب حزب العمال لصالح مستقلين مناصرين لغزة، مفاجأة لستارمر، الذي لم يدخر وسعاً عندما كان زعيماً للمعارضة في بذلك كل الجهود لمغازلة وكسب اللوبي المؤيد لإسرائيل.

اكتسب ستارمر عن جدارة، وعن سبق إصرار وترصد، رفض المسلمين التصويت لحزبه، وهو الذي بنى حساباته بدلاً من ذلك على فرضية أنه سوف يكسب أصوات المحافظين الساخطين على قيادة حزبهم. ولذلك قام زعيم حزب العمال عن وعي بالإطاحة بالأركان الرئيسية لسياسة حزبه حول فلسطين.

إعادة تدوير الإخفاقات

لقد غير ستارمر سياسة الحزب من خلال القول بأن حزب العمال لا يمكنه الاعتراف بالدولة الفلسطينية إلا إذا كان ذلك مقبولاً لدى إسرائيل. كما رفض معاداة الصهيونية وحركة بي دي إس لمقاطعة إسرائيل، والتي كان ذات يوم بوصفه محام يدافع عن حقوق الإنسان من المروجين لها.

لم يكتف بدعم القصف الوحشي الإسرائيلي لغزة من خلال القول مراراً وتكراراً إن إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها، بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين قال في مقابلة مع إذاعة إل بي سي إن إسرائيل لها الحق في منع الكهرباء والماء عن غزة، كما صوت ضد الدعوة إلى وقف إطلاق النار.

وحينما سئل أحد كبار مستشاريه حول الشرق الأوسط في بداية الحرب على غزة كم ينبغي أن يموت من الفلسطينيين قبل أن يطالب حزب العمال بوقف لإطلاق النار أجاب: "بقدر ما يتطلبه الأمر."

كما حظر ستارمر على ممثلي الحزب المشاركة في المسيرات الداعمة لفلسطين، ومنع حزبه حملة التضامن مع الشعب الفلسطيني من وصف إسرائيل في نشراتها أثناء المؤتمر السابق للحزب بأنها دولة أبارتيد.

ورفض رئيس حزب العمال استقبال أي وفد فلسطيني خلال السنوات الأربع التي تزعم فيها المعارضة. وقام ستارمر بدلاً من ذلك باستشارة طوني بلير حول كيفية التعامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ثمة توقعات بترشيح أتباع بلير مثل دافيد ميليباند لمناصب هامة مثل سفير بريطانيا لدى واشنطن. وها هو صوت بلير يؤخذ تارة أخرى على محمل الجد فيما يتعلق ببعض القضايا مثل الهجرة.

وهذا هو الرجل الذي ارتكب أسوأ الأخطاء، وأخطرها تداعيات في السياسة الخارجية البريطانية في الشرق الأوسط، منذ أزمة السويس.

لقد غزا بلير العراق على أساس باطل، ونجم عن ذلك تفجر حرب أهلية طائفية مريرة دمرت البلد وأطلقت العنان لنسخة أشد فظاعة من القاعدة، تمثلت في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

ألقى بلير خطبة عصماء في جنازة آرييل شارون، واصفاً الزعيم الإسرائيلي، الذي تسبب في اندلاع الانتفاضة الثانية عندما اقتحم المسجد الأقصى وتجول في باحاته، والذي كان القائد العسكري الإسرائيلي المسؤول عن مذابح صبرا وشاتيلا، بأنه "رجل دولة عظيم."

إن إعادة استخدام القادة الذين أخفقوا بشكل ملموس هو من مواصفات الامبراطوريات التي تحتضر. ولكن ثبت بالممارسة العملية أن الإخفاق ليس عائقاً أمام إعادة الاستخدام.

ولا أدل على ذلك من أن ديفيد كاميرون، الذي يتحمل المسؤولية كرئيس للوزراء عن إشعال الحرب الأهلية في ليبيا، أعيد تدويره ليصبح في عهد ريشي سوناك وزيراً للخارجية. والآن، يعيد ستارمر تدوير بلير وفريقه للاستخدام تارة أخرى.

هل بالفعل نضب مخزوننا من الإطارات الجديدة بسرعة فاضطررنا إلى استخدام الإطارات المستعملة؟

اكتساب المصداقية

إن الرسالة التي يبعث بها الناخبون في أرجاء العالم الغربي إلى زعمائهم شيء مختلف تماماً.

وفحواها أنكم إذا أردتم أن تكون لديكم مصداقية فلابد أن تكسبوها. يجب عليكم أن تستمعوا إلى ما يقوله الناس لكم. لقد وصل ستارمر إلى السلطة بقوله أقل ما يمكن من الكلام – سواء كزعيم للمعارضة أو كمرشح للانتخابات.

فهل يتذكر أحد شيئاً واحداً تحدث عنه، سياسة واحدة اقترحها أثناء حملته الانتخابية؟ أنا لا أتذكر.

لا بأس بذلك حتى الوصول إلى السلطة، ولكن لا يكفي لكي يتمكن المرء من البقاء فيها. فمن أجل البقاء في السلطة، ينبغي على ستارمر أن يثبت حدوث تغيير فعلي في الحكومة.

من الملاحظ أنه فشل في ذلك في موقعه كزعيم للمعارضة، حيث كان موقفه لا يختلف في شيء عن موقف سوناك بشأن غزة.

هناك خمسة أمور يمكن أن يقوم بها ستارمر مباشرة لإثبات أن الحكومة تغيرت بالفعل.

أولاً، بإمكان بريطانيا أن تعترف بالدولة الفلسطينية، دون أن تنتظر الإذن بذلك من إسرائيل – فانتظار ذلك يشبه انتظار غودوت، والتي لن تصل يوماً.

وكان إد ميليباند قد اقترح ذلك – وإن كان يعتبر ذلك إجراءً رمزياً أكثر من أي شيء آخر – أي الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو الأمر الذي أقره البرلمان. من الجدير بالذكر أن دولة فلسطين اليوم معترف بها كدولة ذات سيادة من قبل 145 من بين 193 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ولقد آن لبريطانيا أن تنضم إليهم وتصبح واحدة منهم.

ثانياً، بإمكان بريطانيا أن تقوم مباشرة بإعادة التمويل إلى وكالة الغوث الدولية (الأونروا)، الوكالة الأممية الوحيدة القادرة على توفير التعليم والإغاثة والتشغيل والرعاية الصحية والتغذية للاجئين الفلسطينيين داخل غزة وفي مختلف أنحاء العالم العربي.

لم تقدم إسرائيل أي دليل على مزاعمهما بأن عناصر في وكالة الغوث شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر أو أن ما يقرب من 10 بالمائة من موظفي الوكالة يعملون لصالح حماس.

لا يوجد شح في الدوافع السياسية لمنع التمويل عن الوكالة الأممية الوحيدة التي تعترف بوجود اللاجئين الفلسطينيين. لا ينبغي بحال أن تكون بريطانيا جزءاً من هذا العمل الشنيع الذي يستهدف تخريب الوكالة التي تمثل العمود الفقري لجهود الإغاثة.

كيف يمكن للمرء أن يتحدث عن الدولة الفلسطينية، وفي نفس الوقت يساعد إسرائيل على تدمير نظامها التعليمي، الذي تقوم عليه بشكل حصري وكالة غوث اللاجئين.

احترام القانون الدولي

قامت مجلة ذي لانسيت مؤخراً بإعادة إحصاء معدلات الوفيات في غزة، مستخدمة الفرضية التي تقول إن الوفيات غير المباشرة تصل إلى ما يتراوح بين ثلاثة وخمسة عشر ضعفاً لأعداد الوفيات بشكل مباشر.

وقد قلت تعليقاً على ذلك: "إذا ما طبقنا تقديرنا المحافظ الذي يفترض وجود أربع وفيات غير مباشرة مقابل كل وفاة مباشرة على رقم الوفيات المعلن، وهو 37396، فإن من المعقول أن يصل عدد الوفيات المقدر بسبب الحرب الحالية في غزة إلى 186 ألفاً أو حتى إلى ما يتجاوز ذلك. إذا ما استخدمنا تعداد السكان في قطاع غزة، والذي قدر في عام 2022 بما يزيد عن 2.3 مليون نسمة، فإن معدل الوفيات الناجمة عن الحرب يشكل نسبة لا تقل عن 7.9 بالمائة من تعداد السكان في القطاع."

إن الاستمرار في حرمان وكالة غوث اللاجئين من التمويل في مثل هذه الظروف لا يقل عن خطيئة التواطؤ في ارتكاب جريمة القتل.

ثالثاً، ينبغي على بريطانيا تطبيق القانون الدولي – وذلك ببساطة شديدة لأنه بينما تتراجع كل من بريطانيا والولايات المتحدة بوصفهما قوتين دوليتين، فإن بريطانيا لن تجد بداً من الاعتماد على الإقناع وعلى نظام دولي يتركز على القواعد والأحكام، بدلاً من الاعتماد على القوة المجردة أو على العقوبات.

ينبغي أن يكون جلياً حتى لشخص مثل ستارمر أن بريطانيا لا يمكنها الدفاع عن نظام دولي يرتكز على القواعد والأحكام إذا ما مضت في انتهاك جميع الأحكام من خلال دعمها لإسرائيل.

ينبغي على بريطانيا الامتناع عن اعتراضاتها على المحكمة الجنائية الدولية، والتي تنظر الآن في إصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو. وقد ورد في أحد التقارير أن من غير المحتمل أن تمضي قدماً في اتخاذ هذه الخطوة القانونية، وهو أمر مشجع لو حصل.

كما أن المؤشر الإيجابي الآخر هو تعيين ريتشارد هيرمر، المحامي الخريت الذي انتقد انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي، في منصب المدعي العام.

إلا أن تعيين هيرمر في هذا المنصب يمكن أن يعقبه إجراء رابع، ألا وهو إصدار توجيه من قبل محامي الحكومة حول مدى قانونية الاستمرار في تزويد إسرائيل بالأسلحة أثناء قيامها بأعمال حربية، بما ينتهك معاهدة الإبادة الجماعية أو معاهدة جنيف. حينما كان ديفيد لامي وزيراً للخارجية في حكومة الظل (أيام المعارضة) قال إن لديه مخاوف حقيقية من سلوك الجيش الإسرائيلي في غزة، وقد حث الحكومة حينذاك على إصدار توجيه قانوني حول مبيعات السلاح إلى إسرائيل. أما وقد غدا وزيراً للخارجية فإنه لا يوجد ما يحول دون تنفيذه ذلك بنفسه الآن، فهل سوف يفعل؟

وخامساً، ينبغي على ستارمر بوصفه رئيساً للوزراء الالتقاء والتشاور مع ممثلي المجتمع المسلم في بريطانيا وإنهاء القطيعة التي لم تزل قائمة بين الحكومة وبينهم.

ورغم ما قد يكون لديه من نزعة للتصرف كحاكم سلطوي، ينبغي على ستارمر تجنب إعادة الخدعة القديمة التي مارسها طوني بلير، بتشكيل منتديات بديلة عن مجلس مسلمي بريطانيا (إم سي بي)، لمجرد أنه لم يكن يحتمل التحدث معهم.

تغيير تام

أوجد بلير المجلس الصوفي الإسلامي في عام 2006، وانطلقت مؤسسة كويليم البائدة الآن في 2008 بتمويل من وزارة الداخلية وصل إلى أكثر من 674 ألف جنيه إسترليني (ما يقرب من 864 ألف دولار أمريكي). وكانت الغاية الأساسية من هذه المشاريع هي تشويه صورة تيار الإسلام السياسي وتحميله المسؤولية عن نشر التطرف.

وقد ذكر صحفي ميدل إيت آي إيان كوبين أن أحد المسؤولين في الحكومة البريطانية أخبره بأن مؤسسة كويليم إنما "أنشئت من قبل دائرة الأمن ومكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية."

كانت الخطة في البداية تقضي بتمويلها سراً بأموال يبدو في الظاهر أنها قادمة من أحد المحسنين في منطقة الشرق الأوسط، ولكنها تصل إلى المؤسسة عبر جهاز المخابرات إم آي 6.

ينبغي على ستارمر وضع حد لهذا الكلام الفارغ، فإنه لا يجدي نفعاً. فإقامة منظمات زائفة موالية للحكومة هو ما يفعله الطغاة من أمثال فلاديمير بوتين.

لا ينطلي مثل هذا الأمر على أحد في روسيا، كما أنه لا ينطلي على المسلمين في هذا البلد، بل كل ما يفعله هو أنه يعيق عمل المخابرات المضادة.

كما أنه لن يساعد حزب العمال على استعادة الصوت المسلم. ينبغي على ستارمر أن يبدأ بالتحدث مع ممثلي المجتمع المسلم أنفسهم، فبريطانيا لديها الكثير منهم ممن لا تنقصهم الخبرة والحذاقة.

تحتاج بريطانيا تغييراً تاماً في سياستها الخارجية، ولكن المؤشرات لا تبشر بخير.

فهذا وزير الخارجية ديفيد لامي يتصرف كما لو كان الحبل السري للسفينة الأم في واشنطن، ولمّا ينفصل عنها بعد.

هل هذه فكرة حكيمة، بينما يجد الديمقراطيون صعوبة بالغة في التعامل مع ما يعتري سلوك بايدن من عوار كثير، وبينما يترقب دونالد ترامب، بما يعتمل في نفسه من رغبة انتقامية، الفرصة للانقضاض على السلطة من جديد.

ما هي خطة ستارمر البديلة فيما لو عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض؟ أين ستكون بريطانيا حينها؟ فقد قطعت نفسها من الاتحاد الأوروبي وهي تنجرف دونما موجه في وسط الأطلسي.

لقد وعد ستارمر بتحقيق الاستقرار. ينبغي على السياسة الخارجية المتوازنة والبناءة أن تستهدف تخفيف التصعيد بدلاً من إعادة التصعيد الممارسة حالياً. لن يتمكن بحال من الدفع باتجاه سياسة تناسب القرن الحادي والعشرين من خلال التمسك بالمنهج الأطلسي، والذي تجاوزه الزمن وانتهت صلاحيته.

إذا كانت كل حرب منذ كوسفو في عام 1998 ثبت خطأها بالنسبة للتحالف الغربي، مع الأخذ بالاعتبار أن محاولة دفع روسيا للخروج من أربعة أقاليم في أوكرانيا إنما هو مثال أخير على الإخفاق العسكري. لقد حان وقت إعادة كتابة المنهج.

وحتى اتفاق داتون للسلام، الذي أنهى حرب البوسنة التي استمرت لثلاث سنين ونصف السنة، قد ينهار الآن تحت وطأة الضغط الذي تمارسه القومية الصربية.

إن اللحظة التي يندد فيها ستارمر بآخر الفظائع الروسية في أوكرانيا بينما يبقى صامتاً إزاء نفس الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في غزة على مدار الساعة، هي اللحظة التي نرى فيها أنه لم يطرأ أي تغيير على الحكم في بريطانيا.

ميدل إيست آي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بريطانيا ستارمر الانتخابات غزة سوناك بريطانيا غزة انتخابات اوكرانيا البرلمان البريطاني مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجتمع المسلم فی بریطانیا حزب العمال بالمائة فی ستارمر أن من خلال ما کان فی غزة إذا ما

إقرأ أيضاً:

فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟

تبرر إسرائيل وحلفاؤها كل ما قامت وتقوم به من تدمير في الأراضي الفلسطينية بحقها في الدفاع عن نفسها، ولكن بعض الخبراء القانونيين يجادلون بأنها لا تستطيع التذرع بهذا الحق تلقائيا، كما يُفهم في السياق القانوني.

وذكرت نشرة فوكس بأن إسرائيل، منذ دخول الاتفاق بينها وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) حيز التنفيذ، صعّدت غاراتها في الضفة الغربية، مما أدى إلى نزوح أكثر من 40 ألف فلسطيني، وبعد انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار الهش أصلا، قطعت الكهرباء ومنعت دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، بعد أكثر من عام من الحرب قتلت فيه أكثر من 61 ألف فلسطيني، ودمرت البنية التحتية للرعاية الصحية في القطاع، وشردت حوالي 90% من السكان.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيكونوميست: هذه أوراق بيد أوروبا حال تعمق خلافها مع أميركاlist 2 of 2تايمز: ما قصة الثورة التي يريد ستارمر إطلاق شرارتها في بريطانيا؟end of list

ومع أن لكل دولة حسب القانون الدولي الحق في الدفاع عن النفس -كما تقول النشرة في تقرير بقلم مراسلها عبد الله فياض- فإن لهذا الحق الذي أصبح يتكرر منذ عقود، حدودا تربطه بهجوم مسلح من دولة أخرى، وهو ما ليس متوفرا في حالة إسرائيل التي هاجمتها حماس من أراضٍ تسيطر عليها.

وإذا كان البعض يجادل بأنه لم يكن أمام إسرائيل، من الناحية الأخلاقية، خيار سوى استخدام القوة لمحاسبة حماس على أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فإن هذه الحجج الأخلاقية لا تكفي، لأنه في النهاية لا شيء يمكن أن يُبرر أخلاقيا قتل عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء.

إعلان حجج قانونية مبهمة

ولأن القوانين هي التي تحكم العالم، يمكن لإسرائيل الرد بقوة متناسبة لاستعادة النظام، لكن شن حرب والادعاء القاطع بأنها دفاع عن النفس لا يستند إلى أساس قانوني ظاهريا، وادعاؤها لا يغير جوهريا كيفية تصرفها في قطاع غزة والضفة الغربية، ولن يضفي شرعية على جميع أفعالها خلال هذه الحرب، حسب النشرة.

وأشارت النشرة إلى أن الفهم العميق لمعنى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها سيساعد في توضيح ما إذا كانت حربها دفاعا عن النفس أو عدوانا، وإذا تبين أنها عدوان، فإن ذلك يجب أن يدفع حلفاءها إلى إعادة النظر في نوع الدعم السياسي الذي يقدمونه لها في مثل هذه الأوقات.

ويعتمد ادعاء إسرائيل بالدفاع عن النفس على حجج قانونية مبهمة، مع أن هناك إطارين قانونيين رئيسيين للنظر في حق الدفاع عن النفس، أولهما ميثاق الأمم المتحدة، وهو معاهدة ملزمة قانونا للدول الأعضاء، وثانيهما، القانون الإنساني الدولي الذي يُرسي قواعد السلوك المتعلقة بالنزاعات المسلحة.

وقالت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن حالة إسرائيل لا ينطبق عليها الحق في الدفاع عن النفس، لأنها لم تتعرض لهجوم من دولة أخرى، بل إن الهجوم شنته جماعة مسلحة داخل منطقة تسيطر عليها إسرائيل وتحتلها بشكل غير قانوني، لا يمكنها ادعاء الحق في الدفاع عن النفس.

وفي عام 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا بشأن الجدار الذي كانت إسرائيل تبنيه حول الضفة الغربية، واعتبرت أن الحاجز غير قانوني، لأنه سيحمي من التهديدات القادمة من منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالفعل، مما يعني أنها لم تكن تتصرف كما زعمت، دفاعا عن النفس. وكتبت محكمة العدل الدولية "لا يمكن لإسرائيل بأي حال من الأحوال الاستناد إلى تلك القرارات لدعم ادعائها بممارسة حق الدفاع عن النفس".

إعلان

وفي سياق هذا الرأي الاستشاري، يُمكن اعتبار أي إجراء يُتخذ لتعزيز أو إدامة قبضة إسرائيل العسكرية على الفلسطينيين امتدادا للاحتلال، وليس دفاعا عن النفس، وقال محامو جنوب أفريقيا إن "ما تفعله إسرائيل في غزة، تفعله في أراض خاضعة لسيطرتها"، واستنتجوا أن أفعالها تُعزز احتلالها، وبالتالي لا ينطبق عليها قانون الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة".

وقد كتب رئيس محكمة العدل الدولية عند إصداره رأي المحكمة الاستشاري، الذي قضى بعدم قانونية الاحتلال، أن "دولة إسرائيل ملزمة بإنهاء وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة بأسرع وقت ممكن"، ولكن إسرائيل استمرت في بناء المستوطنات غير القانونية على الأراضي المحتلة، وحصار غزة، وفرض حكم عسكري على الفلسطينيين ينتهك حقوقهم الإنسانية.

وهذا -حسب النشرة- ما يجعل إسرائيل معتدية بموجب القانون الدولي، قبل وبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وما دامت كذلك فلا يحق لها ادعاء حق الدفاع عن النفس، وتقول ألبانيز إن "استمرار احتلال ينتهك بشكل عميق لا رجعة فيه حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، يعد شكلا دائما ومستمرا من أشكال العدوان".

حجة إسرائيل

ورغم ذلك يجادل بعض الخبراء بأن مبرر إسرائيل للحرب يندرج ضمن الإطار القانوني الدولي، وذلك لأن السابع من أكتوبر/تشرين الأول يرقى إلى مستوى "هجوم مسلح"، وهو ما تنص عليه المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، ومن شأنه أن يُفعّل حق الدولة في الدفاع عن نفسها.

وقد أوضح إريك هاينز، أستاذ الدراسات الدولية بجامعة أوكلاهوما، أسباب لجوء إسرائيل إلى الدفاع عن النفس في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بحجة أن حجم الهجوم وعدد الضحايا المدنيين، يُشكل "هجوما مسلحا" ويجعل الرد العسكري مبررا.

بيد أن المسألة لا تقف عند كون السابع من أكتوبر/تشرين الأول كان هجوما مسلحا، إذ يرى أردي إمسيس، أستاذ القانون الدولي بجامعة كوينز، أن ذلك لا يبرر حق الدفاع عن النفس لأن ذلك الحق لا ينطبق داخل الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.

إعلان

وهذا يقود إلى الجزء الثاني من الأساس وراء حجة إسرائيل -كما تقول النشرة- وهي المقولة بأن غزة لم تكن تحت الاحتلال منذ أن سحبت إسرائيل مستوطناتها وجيشها من القطاع عام 2005، ومع ذلك، فإن هذا الوصف مرفوض على نطاق واسع من قبل جماعات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، وحتى وزارة الخارجية الأميركية تُدرج قطاع غزة في تعريفها للأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، كما أكدت محكمة العدل الدولية مجددا أن غزة، من وجهة نظر قانونية، تحت الاحتلال.

وتساءلت النشرة كيف يمكن لإسرائيل الرد قانونيا ما دام الاحتلال لا نهاية له في الأفق؟ لترد بأن هناك العديد من السبل القانونية التي يمكن لإسرائيل اتباعها مع ضرورة الالتزام بقانون الاحتلال، وهو فرع من القانون الإنساني الدولي، يحدد كيفية التعامل مع الهجمات الصادرة من الأراضي المحتلة.

والرد في هذه الحالة -كما تشير النشرة- يكون من خلال إنفاذ القانون، وذلك بالقمع المتناسب الذي تشنه الشرطة على مرتكبي العنف إذا لم ينتهك حقوق الناس، وكقوة احتلال، كان بإمكان إسرائيل استخدام "القوة الضرورية والمتناسبة لصد الهجوم، كما قال إمسيس، موضحا أنه لكي يكون أي استخدام للقوة قانونيا، "يجب أن يكون ضروريا ومتناسبا مقارنة بالقوة المستخدمة ضدها".

نهج انتقائي

ووصلت النشرة إلى أن إسرائيل يصعب عليها الادعاء بأن حربها على غزة كانت دفاعا عن النفس، أو حربا ضد حماس فقط، ناهيك عن كونها ردا مُتناسبا مع أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لأنها خلال عام، استخدمت التجويع الجماعي كسلاح في الحرب، ودفعت البنية التحتية للرعاية الصحية في غزة إلى الانهيار، وخلقت ظروفا مواتية لانتشار أمراض تمكن الوقاية منها، كما قتلت أكثر من 150 صحفيا.

كل هذا يعني أن إسرائيل، حتى لو استطاعت الادعاء بأنها بدأت الحرب دفاعا عن النفس، فإن أفعالها في الحرب نفسها لا يمكن اعتبارها قانونية، وقال كلايف بالدوين، كبير المستشارين القانونيين في المكتب القانوني والسياسي لمنظمة هيومن رايتس ووتش، "مهما كانت المبررات القانونية المحتملة لاستخدام القوة، يجب على جميع الأطراف دائما الامتثال لقانون النزاع المسلح ومعرفة أن جرائم الحرب لا يمكن تبريرها أبدا".

إعلان

هناك أيضا حقيقة مزعجة لإسرائيل وحلفائها عندما يجادلون بأن مبادئ الدفاع عن النفس تمنح إسرائيل ترخيصا لشن هذا النوع من الحرب في غزة، وهي أن للفلسطينيين، كشعب خاضع للاحتلال، الحق في المقاومة بموجب القانون الدولي، وذلك يشمل المقاومة المسلحة.

وخلصت النشرة إلى أن قبول كون إسرائيل تتصرف دفاعا عن النفس بدلا من كونها قوة احتلال تُوسّع سيطرتها العسكرية، يعني أن حلفاءها على استعداد لانتهاك القانون الدولي كلما كان ذلك مناسبا، وهذا النوع من النفاق نهج انتقائي في تحديد القوانين التي ينبغي تطبيقها على إسرائيل وتلك التي ينبغي تجاهلها، ولا بد أن تكون له عواقب عالمية، لأنه يقوض شرعية النظام القانوني الدولي، ويشجع إسرائيل ودولا أخرى على الاستمرار في انتهاك القوانين دون عقاب.

مقالات مشابهة

  • بريطانيا تدعو إسرائيل إلى إنهاء منع وصول المساعدات والكهرباء لغزة
  • بريطانيا تعلن عن اجتماع عسكري لقادة جيوش الدول الداعمة لأوكرانيا
  • الاتحاد الآسيوي يضع خارطة طريق توضح المعايير التي ينبغي الالتزام بها
  • فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟
  • بريطانيا تقود "قمة افتراضية" لمناقشة السلام في أوكرانيا
  • بريطانيا تستضيف قمة افتراضية لتعزيز السلام في أوكرانيا
  • بريطانيا تستضيف قمة افتراضية لدعم السلام في أوكرانيا وسط تحفظات روسية
  • وزراء خارجية مجموعة السبع يشيدون بالاجتماع الذي عُقد بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في المملكة
  • تايمز: ما قصة الثورة التي يريد ستارمر إطلاق شرارتها في بريطانيا؟
  • السعودية تتفوّق على مصر وإسرائيل.. الدول التي تمتلك أقوى «مقاتلات عسكرية»!