يمن مونيتور:
2025-01-30@23:21:50 GMT

كل شيء ضائع على الجغرافية اليمنية!

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

كل شيء ضائع على الجغرافية اليمنية!

عبد الحفيظ العمري

ليعذرني أريك ماريا ريماك على استعارة عنوان روايته “كل شيء هادئ على الجبهة الغربية”، مع شيء من التحريف، لأنني أراه هو العنوان المناسب لهذه الحقبة من الزمن التي نعيشها، أو بالأصح نتجرّعها.

فها نحن على مشارف نهاية السنة الثامنة من السنوات العجاف، ولا نزال ندور في هذه الحَلَقة المفرغة التي تبدأ من الحرب إلى الهدنات المتوالية، بفعل الضغط الخارجي، وتمديدها، ثم تدور الدائرة، بدون بصيص أمل عن انفراجه تامة، ولو من بعيد.

الجديد في الأمر، هو كثرة الهموم التي تتزايد سنة بعد أخرى، بحيث إن ما تستطيعه هذه السنة ربما لا يكون متاحاً السنة القادمة، وهكذا دواليك.

فاحسبوا كم غير المستطاع المتراكم طيلة هذه السنوات العجاف؟!

أظن أن الحرب قد جعلتنا آلاتٍ هدفها أن (تعيش) كيفما اتفق!

إذ صرنا نجاهد كيف ندفع اليوم إلى نهايته، ونخرج منه بدون أضرار، وكأنه حِمْل ثقيل على كاهلنا نريد رميه إلى الغد المجهول.

هناك عبارة وضعها د. أحمد خالد توفيق على غلاف كتيبات سلسلة (سافاري)، متحدثاً عن بطل السلسلة الطبيب علاء عبد العظيم: “مغامرات طبيب شاب يجاهد كي يظل حياً وكي يظل طبيباً”.

بشكل مشابه، يمكننا القول إن حياتنا اليوم في اليمن، هي مغامرات شعب مُنهَك، يجاهد كي يظل حياً، وكي يظل بعقله!

أليس إنجازاً عظيماً أن يظل المرء بعقله في أرض الزلازل هذه، التي تعيش وسط كميات اللامعقول التي تجتاحنا كل حين؟

لذا، لم يحن بعد مجيء عام فيه يغاث فيه الناس وفيه يعصرون، وإنْ كانت هناك طبقات من المجتمع قد أغاثتها الظروف الراهنة، فصعدت لأعلى عليين في سنوات الحرب هذه، فعلى الجهة الأخرى قد (سُحقت) طبقات أخرى في نفس المدة، ولعل الطبقة التعليمية هي من أكثر الطبقات المجتمعية التي نالها الأذى؛ فشريحة واسعة من معلمي المدارس والمعاهد وأكاديميي الجامعات قد صارت على قارعة الحياة داخل هذه الجغرافية المشتعلة، أو تاهت في بلدان الشتات تبحث عن ملاذها الآمن.

بشكل مشابه، يمكننا القول إن حياتنا اليوم في اليمن، هي مغامرات شعب مُنهَك، يجاهد كي يظل حياً، وكي يظل بعقله!

وهذا ليس مستغرباً، لأن أي حرب في التاريخ، تقوم بخلخلة طبقات المجتمع الذي تجتاحه، واليمن ليس استثناءً من ذلك، لكن خطورة الأمر أن الشريحة التعليمية هي رأس حربة الطبقة الوسطى (التي تمثل أكثر من 42℅ من إجمالي سكان اليمن)، تلكمُ الطبقة التي تترنح بين محاولتها المحافظة على موقعها المجتمعي أو السقوط إلى دَرْك الضياع، وكل يوم يمر في أتون الحرب يقربها من سقوط قد لا تقوم لها قائمة بعد ذلك.

وهنا يجب أن نتذكر أن الطبقة الوسطى في أي مجتمع تمثل دينامو حركته ونشاطه، فكيف إذا ذوت تلك الطبقة؟!

يقول د. أحمد خالد توفيق في روايته (يوتوبيا):

“الطبقة الوسطى هي التي تلعب في أي مجتمع دور قضبان الجرافيت في المفاعلات الذرية.. إنها تبطئ التفاعل ولولاها لانفجر المفاعل.. مجتمع بلا طبقة وسطى هو مجتمع قابل للانفجار”.

أما تناثر النسيج المجتمعي، فلا يخفى على كل متابع لمواقع التواصل الاجتماعي، ما تتحفنا به كل أسبوع تقريباً، من أخبار جرائم تشيب لها الولدان!

لقد توحش الناس في زمن السقوط الذي نعيشه، فلم يبقَ إلا أن نقول بكل ثقة: “مرحبا بكم في الغابة!”

هذه هي ضريبة الحرب التي ندفعها، ولا نزال، ما دامت المدافع تزمجر في ميادين القتال المختلفة على الخريطة المشتعلة، فهل يعي الساسة فداحة الأمر أم أنهم لا يزالون في غفلتهم سامدين؟

 

نقلا عن العربي الجديد

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الجغرافيا الحرب اليمن

إقرأ أيضاً:

شومان: أئمة المذاهب الفقهية تعكس روح التعاون والاحترام التي يجب أن تسود بيننا اليوم

قال  الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، رئيس مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، إن  الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، يقود جهودا عالمية بارزة في مجال الحوار الإسلامي الإسلامي، وقد حظيت دعوته لهذا الحوار في البحرين قبل عامين بقبول وترحيب كبير من مختلِف المدارس الإسلامية ومن المقرر أن تعقد أولى جلسات هذا الحوار الشهر المقبل.

وخلال ندوة نظمها جَنَاح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، بعنوان «نحو حوار إسلامي إسلامي»، دعا المسلمين جميعًا أن يستلهموا من نهج النبي ﷺ في تعامله مع المخالفين في الدين، وأنه إن كان نبينا قد قبل التعامل والتعايش مع المخالف في الدين، فنحن أولى بالتواصل بيننا كمسلمين، وأن نقبل التنوع والاختلاف، وفي هذا الجانب تقع مسؤولية كبيرة على عاتق المؤسسات الدينية، التي ينبغي أن تسعى لإرساء قيم التعايش وقبول الآخر، اقتداءً برسول الله ﷺ وتعاليم شريعتنا السمحة.

حكم سداد الديون المتراكمة على الجمعية الخيرية من أموال الزكاةحكم بيع قائمة بأرقام الهواتف لمساعدة الآخرين في التواصل مع أصحابها.. دار الافتاء توضح

وأشار الدكتور عباس شومان في قضية الحوار الإسلامي الإسلامي إلى نموذج يقتدى به في الاختلاف والاحترام، وهو نموذج العلماء المسلمين الأوائل، الذين أسسوا المدارس الفقهية المختلفة بروح من الاحترام المتبادل والمحبة والتقدير، دون أن يكون هناك صراع أو تعصب بينهم. على سبيل المثال، مدارس أهل السنة الأربعة (الحنفية المالكية الشافعية والحنبلية) نشأت على أيدي أئمة عظام كانوا يتبادلون الاحترام فيما بينهم. والإمام الشافعي كان يُجل الإمام أبا حنيفة رغم أنه لم يلتقِ به، إذ وُلد الشافعي في العام نفسه الذي تُوفي فيه أبو حنيفة (150 هـ). وقد تعلم الشافعي على يد تلاميذ الإمام أبي حنيفة، خاصةً الإمام محمد بن الحسن الشيباني.

وأضاف أن الإمام الشافعي كان يقول عن الإمام أبي حنيفة: «كل الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه». وقد بلغ من احترام الشافعي لأبي حنيفة أنه حين صلى العشاء في بلد دفن فيها أبو حنيفة، صلى الوتر ثلاث ركعات متصلة، على مذهب أبي حنيفة، وعندما سُئل عن ذلك، أجاب: «استحييت أن أخالف الإمام في حضرته».

 وتابع: الإمام أحمد بن حنبل، كان من تلاميذ الإمام الشافعي، ورغم ذلك أسس لنفسه مذهبًا فقهيًا مستقلًا. وكان الإمام أحمد يُجل الشافعي احترامًا كبيرًا، حتى إنه قال: «ما نسيت مرة بعد موت الشافعي أن أدعو له في صلاة من صلواتي».

وأكد أن هذه العلاقة المميزة بين أئمة المذاهب تعكس روح التعاون والاحترام التي يجب أن تسود بين المسلمين اليوم. وليس المقصود من هذا الحديث التركيز على المذاهب الفقهية تحديدًا، وإنما ضرب مثال على إمكانية التعايش والتوافق بين المختلفين، سواء في المذاهب الفقهية أو العقائدية، بل وحتى في الدين نفسه. يقول الله تعالى في كتابه: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، ويقول: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}. وهذه الآيات تبين أن الإنسان له حرية الاختيار؛ فمن شاء أن يؤمن فله ذلك، ومن شاء أن يكفر فهو حر في اختياره، مع أن الكفر لا يساوي الإيمان في القيمة أو المآل، لكن الشريعة الإسلامية منحت الإنسان حرية اختيار طريقه، سواء كان الإسلام أو غيره.

وفي ختام حديثه، أشار إلى أنه رغم وضوح هذه المبادئ في شريعتنا، إلا أننا لم نقبل تعدد الأديان أو نمارس التعايش الحقيقي الذي يفرضه ديننا. على سبيل المثال، عند دخول النبي ﷺ المدينة المنورة، وجدها تضم قبائل يهودية كثيرة، ولم يُطردوا أو يُقصوا، بل عقد معهم معاهدات سلام واتفاقيات تضمن حقوقهم طالما التزموا بعدم العداء؛ وعندما نقضوا العهد، عوقبوا على نقضهم وليس لاختلافهم الديني. فإذا كان هذا التعايش بين المسلمين وغير المسلمين مقبولًا ومطبقًا في شريعتنا، فمن باب أولى أن يكون التعايش بين المسلمين أنفسهم واقعًا ملموسًا. داعيا إلى عدم الانقسام بين المسلمين ونبذ الخلافات التي نراها اليوم بين سُني وشيعي، وسلفي وأشعري، وماتريدي ومعتزلي، بل وحتى داخل المذهب الواحد نجد الفُرقة والتنازع.

مقالات مشابهة

  • استجابة لشكاوى المواطنين.. الإسكندرية تصلح الطبقة الأسفلتية بمنطقة كوبري النوبارية
  •  تدريب 15 طالبة جامعية على نظم المعلومات الجغرافية بالشرقية
  • بالفيديو: حريق شقة بالجزائر الوسطى
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • “هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎
  • حقائق مدرسية من أعماق الذاكرة
  • استراتيجية اليهود في تدمير الطبقة المتوسطة
  • شومان: أئمة المذاهب الفقهية تعكس روح التعاون والاحترام التي يجب أن تسود بيننا اليوم
  • دير البلح.. المدينة الهادئة التي استقبلت مليون نازح تعود لـالنوم باكرا
  • طقس العراق اليوم.. امطار متفرقة في المناطق الوسطى والغربية مع اعتدال بدرجات الحرارة