لماذا يستعجل أردوغان في لقاء الأسد؟
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
ذكر رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، قبل أيام، أنه قد يوجّه دعوة إلى بشار الأسد لزيارة تركيا في أي لحظة، مبديا رغبته في ترميم علاقات بلاده مع النظام السوري. وقال في تصريحاته للصحفيين: "وصلنا الآن إلى مرحلة بحيث أنه بمجرد اتخاذ بشار الأسد خطوة لتحسين العلاقات مع تركيا، سوف نبادر بالاستجابة بشكل مناسب"، بعد أن وصف بشار الأسد قبل ذلك بـ"السيد"، مشيرا إلى أنه اجتمع معه في الماضي، ويمكن أن يلتقيا مرة أخرى.
تصريحات أردوغان توحي بأنه يستعجل لقاء بشار الأسد لسبب ما، كما أن هناك آراء مختلفة في تفسير تلك التصريحات وأسبابها. وهناك من يعزوها إلى الانتخابات التي يسعى حزب العمال الكردستاني إلى إجرائها في المناطق التي يسيطر عليها في سوريا، ومن يربطها بالتوازنات الدولية والإقليمية المتغيرة في ظل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والحديث عن احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة، كما أن ملف اللاجئين السوريين في تركيا حاضر في النقاشات الدائرة حول جدوى لقاء أردوغان المرتقب مع بشار الأسد.
تركيا ضغطت على الولايات المتحدة لتمنع حزب العمال الكردستاني من إجراء الانتخابات المحلية في المناطق التي يسيطر عليها في شمال شرقي سوريا، الأمر الذي أدى إلى تأجيل تلك الانتخابات. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنه "لا توجد بيئة انتخابية نزيهة وحرة وشفافة لإجراء هذه الانتخابات"، إلا أن أنقرة تطلب من واشنطن إلغاء خطة الانتخابات المحلية تماما في تلك المناطق، لا تأجيلها.
قد يرى أردوغان، بناء على المعلومات الاستخباراتية، أن هناك فرصة للحصول على تنازلات من النظام السوري في الظروف الراهنة، يمكن استغلالها في تسهيل القيام بعمليات عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، وتمهيد الطريق أمام عودة اللاجئين إلى مناطق آمنة تحت حماية الجيش التركي
ويرى محللون أن تصريحات الرئيس التركي رسالة إلى الولايات المتحدة قبل قمة حلف شمالي الأطلسي (الناتو) في واشنطن، واجتماعه مع مسؤولين أمريكيين على هامش القمة، مفادها أن تركيا منفتحة على كافة الخيارات من أجل القضاء على خطر حزب العمال الكردستاني بما فيها التطبيع مع النظام السوري بوساطة روسية، إن لم تلجم الولايات المتحدة طموحات المنظمة الإرهابية الانفصالية واستمرت في دعمها.
أردوغان صرح، خلال مأدبة إفطار مع جنود في العاصمة أنقرة في آذار/ مارس الماضي، أنه بحلول الصيف سيتم تأمين حدود تركيا مع العراق بالكامل، مضيفا أن تركيا ستكمل حتما ما تبقى من أعمالها في سوريا. ويقوم الجيش التركي في هذه الأيام بعملية عسكرية واسعة في شمال العراق، لإتمام الطوق على حزب العمال الكردستاني، وسد الثغرات التي تستغلها المنظمة الإرهابية. وقد تكون تصريحات أردوغان من أجل التهيئة لعملية عسكرية مماثلة في شمال سوريا.
الولايات المتحدة تدعم حزب العمال الكردستاني بالمال والسلاح، إلا أن روسيا وإيران وشبيحة النظام السوري هم أيضا يدعمون المنظمة الإرهابية ويحمونها في سوريا. وفي كثير من المواقع التي يقصفها الجيش التركي في شمال سوريا، يقتل ويصاب جنود النظام السوري مع عناصر حزب العمال الكردستاني، ليدل على وجود التنسيق والتعاون بين الطرفين. وبالتالي، قد لا تحصل أنقرة على أي نتيجة إيجابية من التطبيع مع دمشق في ملف مكافحة حزب العمال الكردستاني، وتبقى المنظمة الإرهابية كورقة ضغط يستخدمها النظام السوري وحلفاؤه لابتزاز تركيا.
هناك من يذهب إلى أن بشار الأسد ضاق ذرعا بتدخلات إيران في شؤون سوريا، ويسعى إلى الابتعاد عنها، ولا يرغب في المشاركة في الحرب التي قد تندلع بين إسرائيل ووكلاء إيران في المنطقة، في ظل الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف الضباط الإيرانيين، والأنباء التي تتحدث عن اعتقال مستشارته الإعلامية لونا الشبل، من قبل ضباط الحرس الثوري الإيراني والتحقيق معها واغتيالها، بتهمة التجسس لصالح إسرائيل.
وقد يرى أردوغان، بناء على المعلومات الاستخباراتية، أن هناك فرصة للحصول على تنازلات من النظام السوري في الظروف الراهنة، يمكن استغلالها في تسهيل القيام بعمليات عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، وتمهيد الطريق أمام عودة اللاجئين إلى مناطق آمنة تحت حماية الجيش التركي.
محاولة إبعاد النظام السوري عن إيران سبق أن جرّبتها دول عربية، إلا أنها فشلت في كل مرة، نظرا لحجم التغلغل الإيراني في شؤون سوريا وحاجة النظام إلى الدعم الإيراني. ومن المؤكد أن أنقرة على علم بفشل تلك المحاولات وأسبابه. ويبدو أن كل ما تريده تركيا من النظام السوري، هو نوع من الضوء الأخضر للقيام بعملية عسكرية جديدة في الأراضي السورية،التصريحات تشير إلى أن الحكومة التركية تقوم بمناورة ما، للقضاء على خطر الإرهاب الانفصالي في سوريا، وتأمين حدودها، وإقامة مناطق آمنة لعودة اللاجئين إلى بلادهم، ولكنها يجب أن تتواصل مع قادة الثورة السورية لطمأنتهم، والتنسيق والتعاون معهم، وعدم التساهل مع العنصريين الذين يستهدفون اللاجئين في تركيا، كيلا تظهر أمام العالم أنها تخذل الملايين الذين وثقوا بها وعملوا معها نظرا لما يتمتع به بشار الأسد حاليا من شرعية في تمثيل سوريا لدى الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، ومن المستبعد جدا أن يكون هدف تركيا إعادة تدوير بشار الأسد وتأهيل نظامه.
تركيا أكدت قبل حوالي شهر على لسان وزير دفاعها، أنها تتمسك بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254، وصياغة دستور شامل، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، واستتباب الأمن والاستقرار في جميع أنحاء سوريا، وإن تم كل ذلك فهذا يعني رحيل النظام الحالي وإقامة نظام ديمقراطي جديد. وليس هناك ما يدل على تراجع تركيا عن هذه الشروط، كما أن تصريحات أردوغان حول رغبته في لقاء الأسد جاءت بعد تراجع النظام عن اشتراط انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية.
ويقول الناطق باسم حزب العدالة والتنمية، عمر تشليك، إن "أنقرة تسعى من خلال عملية التطبيع مع دمشق، إلى أن تكون سوريا آمنة لملايين السوريين الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم، مؤكدا أن بلاده لن تخذل أبدا أي شخص وثق بها وعمل معها".
هذه التصريحات تشير إلى أن الحكومة التركية تقوم بمناورة ما، للقضاء على خطر الإرهاب الانفصالي في سوريا، وتأمين حدودها، وإقامة مناطق آمنة لعودة اللاجئين إلى بلادهم، ولكنها يجب أن تتواصل مع قادة الثورة السورية لطمأنتهم، والتنسيق والتعاون معهم، وعدم التساهل مع العنصريين الذين يستهدفون اللاجئين في تركيا، كيلا تظهر أمام العالم أنها تخذل الملايين الذين وثقوا بها وعملوا معها.
x.com/ismail_yasa
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أردوغان الأسد تركيا سوريا العمال الكردستاني سوريا الأسد تركيا أردوغان العمال الكردستاني مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العمال الکردستانی المنظمة الإرهابیة الولایات المتحدة النظام السوری فی شمال سوریا اللاجئین إلى الجیش الترکی بشار الأسد مناطق آمنة فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
اعتقالات في صفوف فلول نظام الأسد وضبط متفجرات في حملة أمنية بدمشق
أعلنت وزارة الداخلية السورية عن شن حملة أمنية في أحياء دمشق القديمة ضد عناصر مرتبطة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، ما أسفر عن اعتقالات وضبط أسلحة وذخائر ومتفجرات.
وقالت الداخلية السورية في بيان، الأربعاء، إن مديرية أمن دمشق أطلقت حملة أمنية في أحياء دمشق القديمة بهدف تعزيز الأمن والاستقرار، مشيرة إلى أنها تمكن إلقاء القبض على عدد من العناصر التابعة لفلول النظام المخلوع.
وأضافت أنه تم العثور في حوزة عناصر النظام المخلوع "على عبوات ناسفة وأسلحة وذخائر كانت معدة للتفجير في مناطق حيوية".
ونشرت الداخلية السورية صورا عبر حسابها على منصة "فيسبوك" تظهر بنادق ومتفجرات وأجهزة اتصالات لاسلكية ضمن المضبوطات خلال الحملة الأمنية في دمشق.
وضمن عمليات الأمن في دمشق، أعلنت وزارة الداخلية عن القبض على ماهر زياد حديد وهو أحد القادة العسكريين في حي التضامن الواقع جنوبي العاصمة خلال عهد النظام المخلوع.
وأوضحت الوزارة أن حديد "متورط بجرائم قتل واعتقال وتغييب بحق المدنيين في حي التضامن"، مشددة على أنه "سيُقدم إلى القضاء المختص لاستكمال الإجراءات القانونية اللازمة".
يأتي ذلك على وقع استمرار مساعي السلطات الأمنية السورية لملاحقة "فلول" النظام المخلوع في مختلف المدن السورية، وذلك مع تعهد الحكومة الجديدة بالسير في مسار العدالة الانتقالية ضمن المرحلة المقبلة.
والاثنين، أعلنت وزارة الداخلية السورية عن إلقاء القبض على شادي عادل محفوظ أحد عناصر مخابرات النظام المخلوع، مشيرة إلى أنه متورط بـ"جرائم حرب" خلال الهجمات التي شنتها "فلول" النظام في منطقة الساحل مطلع الشهر الجاري.
وفي شباط /فبراير الماضي، كشف الأمن السوري عن القبض على أشخاص ارتكبوا مجازر بحق المدنيين في حي التضامن، موضحا أن من بين الموقوفين ثلاثة شاركوا في مجزرة "حفرة التضامن" المروعة.
وفجر الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر، دخلت فصائل المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق، وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.
وفي 29 كانون الثاني/ يناير، أعلنت الإدارة السورية الجديدة عن تعيين قائد قوات التحرير أحمد الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية، بجانب العديد من القرارات الثورية التي قضت بحل حزب البعث العربي الاشتراكي ودستور عام 2012 والبرلمان التابع للنظام المخلوع.