"الوفد" تكشف عن أسباب إرتفاع حالات الغرق بشواطئ الإسكندرية
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
ارتفعت في الفترة الأخيرة عدد حالات الغرقى على شواطئ المحافظات الساحلية، وخصيصًا المطلة على البحر المتوسط مثل محافظة الإسكندرية ومرسى مطروح، بفعل التغيرات المناخية، وما أحدثته من تأثير في تغير التيارات المائية، وذلك في الوقت الذي يعتبر المواطنون تلك المحافظات بشواطئها ملاذا للهروب من درجات الحرارة المرتفعة فيصطدموا بمصير أسود تفرضه عليهم تلك التغيرات ألا وهو "الغرق" وكانت محافظة الإسكندرية قد شهدت خلال الاسبوع الماضى غرق 5 اشخاص، والتى جاءت بالشواطئ الغربية، والممتدة من الدخيلة وحتى الكيلو21 بداية الساحل الشمالى، ومرورا بشواطئ العجمى.
وانتشرت منذ بداية فصل الصيف الأمواج المرتفعة بشكل ملحوظ، والتي قد تكون واحدة من ملامح التغيرات المناخية التى يقف العالم أجمع لمحاولة مواكبتها، والتصدي لأثارها السلبية على البشرية.
وتعتبر شواطئ الإسكندرية الغربية والمعروفة بمجموعة شواطئ العجمى، هى الأكثر خطورة بالإسكندرية، وهى شواطئ تمتد بالشريط الغربى الساحلى، وبه عدد من الشواطئ الشهيرة والتى تجذب إليها آلاف المصطافين سنويا بسبب الطبيعة الساحرة لمياه البحر والرمال البيضاء الناعمة، إلا أن تلك الشواطئ الناعمة بها خطر مميت، حيث تتميز تلك الشواطئ بشدة التيارات المائية "الدوامات" نظرا للطبيعة الجغرافية لتلك المنطقة الغربية والتى تعتبر بداية الساحل الشمالى، ولم يتم تنفيذ مشروعات حماية الشواطئ بها.
كما ان شواطئ غرب الإسكندرية بحى العجمى تتميز بالخطورة المرتفعة فى السباحة خاصة لمن لا يجيدون السباحة فى التيارات المائية الشديدة، وكان شاطئ النخيل فى مقدمة شواطئ العجمى ذات درجة الخطورة المرتفعة، وذلك بسبب حواجز الأمواج الخاطئة التى تؤدى إلى زيادة شدة التيارات المائية "الدوامات" التى تسبب الغرق.
ورصدت "الوفد" دور التأثيرات المناخية في ارتفاع أو انخفاض الأمواج
" شاطئ الهانوفيل "
ويعتبر شاطئ الهانوفيل بالعجمى، من بين مجموعة تلك الشواطئ فى صعوبة السباحة، بسبب التيارات المائية والمنطقة المفتوحة بلا حواجز، وهناك منطقة بشاطئ الهانوفيل تدعى "المقبرة" يصعب أى شخص مهما كان يجيد السباحة النزول فيها، لأنها تتميز بالخطورة الشديدة.
" شاطئ ابو تلات "
أما شاطئ "أبو تلات" فهو من أخطر شواطئ العجمى، حيث أدت الطبيعة الجغرافية لهذا الشاطئ بالقرب من مصب نهر النيل من اختلاط مياه البحر بمياه النيل ووجود تيارات مائية شديدة، حيث اشتهر شاطئ "أبو تلات" بالدوامات المستمرة طوال أشهر السنة، ولا يسمح بالسباحة به لخطورته.
" شاطئ النخيل "
تصدر شاطئ النخيل، عدد حالات الغرقى في الإسكندرية على مستوى المحافظة، وذلك على الرغم من غلقه أمام المصطافين نظراً لخطورته الشديدة، إلا أن البعض قرر التسلل إلى الشاطئ أملا في الاستمتاع بالشاطئ الخالي من المصطافين، إلا أن الأمر تحول إلى رحلة ذهاب بلا عودة بين أحضان أمواج الشاطئ الذي تسبب في غرق العشرات خلال العام الماضى
حيث أن شاطئ النخيل به 6 حواجز أمواج فى عرض البحر على مسافة من الشاطئ بينها 7 فتحات للمياه تصب مباشرة فى عمق البحر، تلك الفتحات مع وجود الحواجز ومع شدة اندفاع الموج تؤدى إلى اندفاع المياه بشدة لتعبر من بين تلك الفتحات بعد أن صدتها حواجز الأمواج، وفى حالة انسحاب الموج لا يجد مخرجا أيضا سوى تلك لا فتحات فيخلق دوامات السحب مع كل موجة تنسحب إلى عمق البحر مرة أخرى، وتسحب معها أى شخص متواجد فى تلك المنطقة، مسببة الغرق واندفاع الجثة إما داخل عمق البحر وراء الحواجز، أو تحتجزها الكتل الصخرية لحواجز الأمواج، خاصة أن حواجز الأمواج بشكلها المدبب، خلق كهوف وممرات ضيقة ومظلمة أسفل تلك الحواجز .
" انخفاض الكثافة "
وقال المهندس عمرو السيد على الرغم من أن الشواطئ الشرقية بعروس البحر المتوسط هى الأكثر شهرة وإقبالا، إلا أن الشواطئ الغربية أيضا لها عشاقها، فهى تتفوق على الشواطئ الشرقية بعدة مميزات، يأتى فى مقدمتها، الرمال البيضاء الناعمة التى تتميز بها شواطئ العجمى وأبو تلات والكيلو 21 بداية الساحل الشمالى، بالاضافة إلى أن الشواطئ الغربية تتميز بانخفاض الكثافة، مما يعطى فرصة أكبر للإستمتاع بالبحر والرمال الناعمة، بعكس الشواطئ الغربية التى تشهد زحاما كبيرا خاصة فى أشهر ذروة موسم الصيف.
بالاضافة إلى شواطئ القطاع الغربى بالإسكندرية، هى الشواطئ الأكثر عددا للشواطئ، حيث تمتد شواطئ القطاع الغربى بطول الساحل الغربى لمحافظة الإسكندرية، والذى يبدأ من منطقة الدخيلة وحتى "سيدى كرير"، ويصل عدد الشواطئ بالقطاع إلى نحو 35 شاطئا، تتنوع فئات تلك الشواطئ وفقا لمنظومة الأسعار التى وضعتها الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية، حيث يوجد بالقطاع الغربى شواطئ عامة تبدأ من 5 جنيهات للفرد، وأخرى مميزة وشاطئ سياحى.
يوجد بالقطاع الغربى 3 شواطئ عامة بسعر دخول 5 جنيهات للفرد وهى (شاطئ المكس العام يقع بحى غرب، شاطئ شهر العسل العام ويقع بحى العجمى، شاطئ الهانوفيل العام ويقع بحى العجمى).
كما يوجد 22 شاطئا "الخدمة لمن يطلبها"، برسم دخول 10 جنيهات شامل الحصول على كرسى وشمسية لكل 4 أفراد واستعمال دورات المياه ووحدات خلع الملابس، وللحصول على كرسى إضافى بقيمة 2 جنيه والشمسية 3 جنيه، ويسمح للمواطن بدخول الشاطئ بمعداته الشخصية مقابل رسم دخول 2 جنيه للفرد،وهى (شاطئ الدخيلة الشرقى، شاطئ الدخيلة الغربى، شاطىء بليس 1،شاطئ هدير، شاطئ الملاح، شاطئ السلام، شاطئ الهانوفيل،شاطئ زهراء الهانوفيل، شاطئ الكنارى،شاطئ مارينا أبو يوسف، شاطئ "أبويوسف 1، شاطئ أبو يوسف 2، شاطئ الزهور، شاطئ فاميلى بيتش الشرقى،شاطئ فاميلى بيتش الغربى،شاطئ شط الإسكندرية الغربى،شاطئ الصفا، شاطئ ابوتلات، شاطئ ابو تلات (منطقة الاندية )، شاطئ كرير 1، شاطئ كرير 2 ببرج العرب، زهراء كرير (منطقة الاندية ) ببرج العرب.و9 شواطئ مميزة، برسم دخول 15 جنيها للفرد شامل الحصول على كرسى وشمسية لكل 4 أفراد واستعمال دورات المياه ووحدات خلع الملابس، وللحصول على كرسى إضافى بقيمة 2 جنيه وللشمسية 3 جنيهات، وهى ( شاطئ بليس 2، شاطئ البيطاش، شاطئ الهانوفيل، شاطئ الهانوفيل الشرقى، شاطئ الهانوفيل الغربى، شواطئ شهرزاد، شاطئ السلام 2،شاطئ أبوتلات 1، شاطئ ابوتلات 2 ). وأخيرا الشواطئ السياحية حيث يوجد بالقطاع الغربى شاطئ سياحى واحد بسعر دخول 20 جنيها للفرد، وهو شاطئ شط الإسكندرية.
وعلى الرغم من المميزات الكثيرة التى تتمتع بها الشواطئ الغربية، إلا أن هناك تحذير من تلك الشواطئ بسبب ارتفاع الأمواج ووجود التيارات البحرية فى بعض أوقات الصيف، نظرا لعدم وجود حواجز الأمواج على غرار الشواطئ الشرقية التى تتميز بأنها الأكثر أمنا بسبب انتهاء مشروع الحماية البحرية ووضع حواجز الأمواج فى معظم الشواطئ الشرقية.
" علاقة طردية لامواج البحر "
كشف الدكتور احمد السيد خبير بالمناخ
أظهرت دراسة حديثة وجود علاقة طردية بين سلوك أمواج البحار والمحيطات والتغيرات المناخية، فكلما ارتفعت درجة الحرارة، أصبحت الأمواج أكثر قوة وتدميرا، لذا فإن الارتفاع المطرد في مستوى سطح البحر يضع المناطق الساحلية على خط المواجهة مع تأثيرات تغير المناخ.
ويعد ارتفاع الأمواج سببا رئيسيا لغلق الشواطئ أمام الجمهور حفاظا على حياتهم، خاصة بعد تزايد أعداد الغرقي فى مختلف الشواطىء، كان من بينهم أسر كاملة، واضاف ان ارتفاع في الأمواج، وتحذيرات للمصطافين من نزول عدد من الشواطئ غربي، المحافظة، مشهد تكرر كثيرًا خلال فصل الصيف في الإسكندرية، وذلك بسبب التغيرات المناخية العديدة التي تؤثر في حالة الطقس بشكل كبير.
" دوبان الجليد بالقطب الشمالى "
قال الدكتور أحمد عبد العال رئيس هيئة الأرصاد الجوية السابق،
إلى أن التغيرات المناخية لها تأثيراتها التى طالت العالم أجمع، وبالتالي فإن لها تأثيرها على مصر وبحارها سواء الأبيض المتوسط أو الأحمر، وهذه التغيرات مع وجود هواء نشط قادم من جنوب القارة الأوروبية فيؤدي إلى ارتفاع أمواج البحار.،عن التأثيرات على المدى البعيد وغرق الاسكندرية كما قيل من فترة بسبب التغيرات المناخية، فأكد عبد العال أن ارتفاع الأمواج لاعلاقة له بارتفاع مستوى سطح البحر.
وأوضح أن ارتفاع مستوى سطح البحر يأتي عندما يزيد ذوبان الجليد في القطب الشمالي خاصة مع التغيرات المناخية المشهودة، فتزيد ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات، فيؤدى هذا إلى غرق بعض الأماكن المنخفضة عن سطح البحر.
وتابع عبد العال: "وهذا الارتفاع فى منسوبب المياة قد وقفت له الحكومة بقوة لحماية المدن الساحلية من الغرق، فقد قامت هيئة حماية الشواطئ في مصر بعمل مصدات للميناء، حتى لاتسبب المياه نحر للشواطئ وتدخل على المدن"، مختتما أنه من المتوقع أن تهدأ الأمواج ويقل هذا الارتفاع بها مع بداية أو منتصف الإسبوع القادم.
" لا علاقة بين التغيرات والامواج "
قال الدكتور اسامة محمد استاد المناخ
أن ما يحدث الآن من ارتفاعات في أمواج في البحار لا يمكن القول بأنه ناتج عن التغيرات المناخية العالمية، فهو ليس بظاهرة تم عمل أبحاث عليها لنتأكد أنه ناتج هذه التغيرات، فلا يوجد علاقة مباشرة بين التغيرات المناخية وارتفاع الأمواج.
متابعا "ولكن لو ان تكرر ارتفاع الأمواج أكثر من مرتين أو ثلاثة خلال موسم الصيف، وقتها يمكن القول بأن التغيرات المناخية أدت إلى تكوين خلية من الضغط الجوي المنخفض، يتبعه مع ارتفاع درجة الحرارة سرعة للرياح، مع اتجاه الهواء تؤدى إلى ارتفاع الأمواج على السواحل المصرية".
ولكن هناك تفسير علمي لظاهرة ارتفاع الأمواج أوضحها أستاذ المناخ قائلا "الفترة الماضية كان هناك انخفاض في درجات الحرارة، ومصادر الهواء كانت قادمة من شرق أوروبا وطقسها بارد، فالهواء البادر عندما يسير على مسطح مائي سخن تنشط فيه الرياح، وفي نفس الوقت كان الضغط منخفض، وهذين هما العنصرين المساعدين على نشاط الرياح، ونشاط الرياح هو ما يتسبب في ارتفاع الأمواج"، منوها أنه طالما هناك ارتفاع فى الأمواج، فيكون هناك سحب، وهذا ما أدي إلى غرق بعض المواطنين في السواحل الشمالية في مصر.واستكمل أنه ليس كل نشاط في الرياح يؤدى إلى ارتفاع فى الأمواج، ولكن الأمر مرتبط ومتعلق بإتجاه الهواء، قائلا "لو أن الهواء قادم من أوروبا فيرفع الأمواج على شواطئنا، ولكن لو قادم من الجنوب فيرفع الموج فى الجانب الأخر من البحر على الشواطئ الأوربية"
" الرايات الحمراء "
قال الدكتور محمد عبد الرازق رئيس الادارة المركزية للسياحة والمصايف
بسبب ارتفاع الامواج والرياح وحفاظا على سلامة المواطنين تم رفع الرايات الحمراء على شواطئ القطاع الغربى
بناءً على تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية، شهدت شواطئ القطاع الغربي رياحًا قوية أدّت إلى ارتفاع منسوب مياه البحر وارتفاع الأمواج، ممّا اضطرّ إلى إخلاء هذه الشواطئ من الروّاد ومنع نزولهم حفاظًا على أرواحهم، مع تواجد أفراد الإنقاذ بشكل مكثّف على أبراج المراقبة، وذلك لمتابعة الوضع ورصد أى مخاطر محتملة.
وطالبنا جميع المواطنين بضرورة الانتباه وعدم السباحة على شواطئ القطاع الغربي حتى يتمّ اعتدال الطقس، وذلك حفاظًا على اروح المواطنين.
أوضح رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف، أنه تم رفع الرايات الحمراء على شواطئ القطاع الغربي من شاطئ الدخيلة حتى شاطئ سيدي كرير، كما تم رفع الرايات الصفراء على شواطئ القطاع الشرقي، كما تم التشديد على منع النزول نهائيًا في شواطئ العجمي.
كشف رئيس الادارة المركزية ان تنقسم رايات البحر إلى ثلاثة ألوان التي تعبر كل منها عن حالة البحر، الراية الخضراء وتعنى أن حالة البحر آمنة وتسمح بالنزول للمياه، والراية الصفراء تعني أن حالة البحر غير مستقرة نسبيا وتسمح بالنزول ولكن مع أخذ الحيطة والحذر.
أما حينما تجد الراية الحمراء على الشاطئ، فهذا يعني أن هذه الشوطئ ممنوع فيها العوم نظرا لخطورة وحظر النزول إلى مياه البحر نهائيا ويجب الانصياع لتعليمات رجال الإنقاذ بشكل كامل، لأن نزولها يعني تعرض حياة الشخص للموت.
وأكد على زيادة عدد الغطاسين والمنقذين فضلاً عن الانتشار الكامل لفرق الإنقاذ والغطاسين وتكثيف تواجد عمال أبراج المراقبة بجميع شواطئ الإسكندرية.،وأشار إلى التنسيق الكامل مع مستأجري الشواطئ لاتخاذ كافة سبل الحماية والأمان للرواد والمصطافين وخاصة مستأجري شواطئ العجمي كونها من الشواطئ المفتوحة ذات المواجهات الواسعة ، والتي تشكل خطورة علي حياة المواطنين في حال ارتفاع الأمواج.
" زيادة موجات السحب "
أكد الدكتور أيمن عبد المنعم الجمل مدير معهد بحوث الشواطئ
أن هناك علاقة طردية بين ارتفاع سطح البحر، وما يسمى بموجات السحب داخل البحر والمتسببة في وقوع المزيد من الغرقى، وهو ما نتج عنه زيادة أعداد الغرقى في الشواطيء في السنوات الأخيرة.،وضرب بذلك مثلًا ما يحدث في شاطئ النخيل من وقوع المزيد من الغرقى كل عام، وكذلك وقوع غرقى بشاطئ الأوبيد بمدينة مرسى مطروح في الفترة الأخيرة على الرغم من المعروف عنه بأنه شاطئ آمن، موضحًا أن ذلك بسبب زيادة موجات السحب الناتجة عن ارتفاع منسوب مياه البحر نتيجة ارتفاع درجات الحرارة.
تابع أن واحدًا من آثار التغيرات المناخية على البيئة البحرية كذلك هو زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون الذي يتسبب في ارتفاع نسبة حموضة المياه، مشيرًا إلى أن تلك الحموضة تهاجم الكائنات البحرية ذات الطبقات الخارجية المكونة أساسًا من طبقات الكالسيوم مثل "الكابوريا، وأم الخلول، والعديد من الكائنات الصدفية، والتي أصبحت طبقتها الخارجية ضعيفة بفعل هذه الحموضة التي عملت على تآكل طبقة الكالسيوم الخارجية، بل أدى الأمر كذلك إلى اختفاء بعض أنواع الأسماك، وهو ما أثر أيضًا على عمل الصيادين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإسكندرية اغلاق الشواطئ التيارات المائية حالات الغرق شواطئ العجمي التغیرات المناخیة التیارات المائیة على شواطئ القطاع ارتفاع الأمواج على الرغم من شاطئ النخیل تلک الشواطئ إلى ارتفاع میاه البحر سطح البحر على کرسى إلا أن
إقرأ أيضاً:
ما أسباب ارتفاع أسعار الذهب؟ وهل ينصح بالاستثمار فيه حاليا؟
لقد كانت أسواق الذهب في عام 2024 محط أنظار العالم، حيث ارتفعت بنسبة 24%، وحقق المعدن الأصفر بداية استثنائية لعام 2025، ففي حين أن التوقعات العالمية كانت تشير إلى أن الذهب قد يصل إلى 3000 دولار للأوقية بنهاية العام الجاري، فاجأ الذهب الجميع باقترابه من هذا المستوى في فبراير/شباط 2025، متجاوزًا التوقعات وأصبح واحدًا من الأصول الأكثر طلبًا في العالم.
سجل الذهب في عام 2024 متوسط سعر للربع الرابع بلغ 2663 دولارًا للأوقية، ليصل متوسط السعر السنوي إلى 2386 دولارًا للأوقية وما لفت الانتباه خاصة هو ارتفاع الطلب على الذهب من حيث القيمة، إذ قفزت التداولات العالمية إلى مستويات تاريخية، مسجلةً قيمة ربع سنوية بلغت 111 مليار دولار، لتصل القيمة الإجمالية للتداولات في عام 2024 إلى 382 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ السوق.
المعدن الثمين، الذي لطالما اعتُبر ملاذًا آمنًا في أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي والجيوسياسي، استمر في مسار صعودي لم يكن متوقعًا. ومع كل قمة جديدة يصل إليها، يتوقع العديد من المستثمرين والمتداولين حدوث تصحيح أو هبوط كبير، ولكن الذهب يثبت للجميع أنه لا يزال يواصل طريقه بثبات، مسجلًا قممًا جديدة في أسواقه.
إعلانفي هذا المقال، سنناقش مجموعة من النقاط المهمة للمستثمرين والمستهلكين:
أسباب ارتفاع الذهب: سنستعرض العوامل الاقتصادية والجيوسياسية التي أدت إلى الارتفاع الملحوظ في أسعار الذهب، وتأثير هذه العوامل على أسواق المعادن النفيسة. هل سيكمل الذهب رحلته؟ ماذا يفعل المستثمر والمستهلك في الشرق الأوسط تجاه الذهب؟ كما نلقي الضوء على دور الذهب في الثقافة الاستثمارية العربية ومدى فعاليته كوسيلة للحفاظ على الثروة في ظل التحديات الاقتصادية الحالية. أولًا: أسباب ارتفاع الذهبشهدت أسعار الذهب أخيرًا ارتفاعًا غير مسبوق، ما جعله محط أنظار المستثمرين والمستهلكين في العالم.
لكن، ما الأسباب وراء هذه الزيادة الكبيرة؟
الحقيقة أن صعود الذهب لا يمكن ربطه بعامل واحد فقط، بل هو نتيجة لتشابك عدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية تؤثر على الأسواق المالية.
من تصاعد التوترات السياسية العالمية إلى التقلبات الاقتصادية الإقليمية والدولية، يمر الذهب بفترات من التقلب مدفوعة بحالة عدم الاستقرار التي تسيطر على المشهد المالي العالمي.
وفي هذا الجزء، سنتناول أبرز العوامل التي أسهمت في ارتفاع أسعار الذهب، مع تحليل تأثير كل منها على مسار هذا المعدن النفيس في الوقت الحالي.
1- الأسباب الجيوسياسية
في عالم تتزايد فيه التوترات الجيوسياسية، يبرز الذهب كملاذ آمن للمستثمرين الذين يسعون للحفاظ على ثرواتهم من التقلبات العالمية ولعل أبرز العوامل التي أسهمت في هذا الارتفاع المتواصل في أسعار الذهب هي العقوبات الغربية على روسيا، وتداعياتها اللاحقة على الأسواق الدولية، إضافة إلى التحركات الإستراتيجية لبعض القوى الكبرى مثل الصين وعدم الاستقرار في مناطق جغرافية مختلفة سياسيا وعسكريا .
تجميد الأصول الروسية.. نقطة التحولمنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 2022، فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الاتحاد الأوروبي سلسلة من العقوبات القاسية على روسيا، بما فيها تجميد جزء كبير من احتياطاتها النقدية المستثمرة في البنوك الأوروبية.
فقد بلغت الأصول المجمدة نحو 400 مليار دولار من أصل 624 مليار دولار، وهو ما يعادل نحو 65% من إجمالي الاحتياطي الروسي الخارجي. هذا التجميد كان له آثار كبيرة في إشعال موجة عالمية من القلق بشأن الاستثمارات في الأصول التي تخضع لسيطرة الغرب، مما دفع العديد من الدول إلى إعادة النظر في إستراتيجياتها الاستثمارية والاتجاه نحو ملاذات آمنه متعددة ومنها الذهب.
رد الفعل الصيني.. التحوط الذكيفي الوقت الذي أدت فيه العقوبات المفروضة على روسيا إلى توجيه رسائل تحذير واضحة إلى الاقتصادات الكبرى الأخرى، لم يكن بإمكان الصين تجاهل المخاطر المحتملة على استثماراتها الخارجية.
إعلانالصين، التي كانت تمتلك استثمارات ضخمة في السندات الأميركية تصل إلى تريليون دولار قبل بداية الأزمة الروسية الأوكرانية، بدأت منذ عام 2022 في تقليص هذه الاستثمارات تدريجيا.
وفي إطار سعيّها إلى التحوط من المخاطر الجيوسياسية، اتجهت الصين بشكل متزايد نحو شراء الذهب كوسيلة لتقليل تعرضها للضغوط الناتجة عن السياسات الأميركية.
وبحلول منتصف 2024، انخفض حجم استثمارات الصين في السندات الأميركية إلى 782 مليار دولار بنسبة تراجع بلغت قرابة 21% مما يعكس تحولًا إستراتيجيًا نحو الأصول ذات القيمة الثابتة مثل الذهب حيث ارتفعت احتياطات الذهب بمقدار 330 طنا (16.9% ارتفاع في حجم الاحتياطات) تقريباً في الفترة ما بين 2022 و2024.
هذه التحركات لم تقتصر على الصين فحسب، بل تبعتها العديد من الدول.
عدم الاستقرار السياسي الأوروبيتعيش أوروبا منذ سنوات تحولات سياسية هامة ومن أبرزها ارتفاع النفوذ اليميني في العديد من العواصم الأوروبية، و"السلوك الترامبي" في الحكم الذي يهدد الاستقرار السياسي والاقتصادي في القارة إضافة إلى فشل التعامل مع ملف الحرب الروسية الأوكرانية، مما جعل الوضع أكثر تعقيدًا.
ومن المتوقع أن تؤدي هذه التحولات إلى تصاعد التوترات في السياسات الداخلية والخارجية ورفع حالة عدم اليقين السياسي، وعلى سبيل المثال ألمانيا، التي يتوقع دخول حزب البديل إلى الحكومة (في الانتخابات القادمة)، أو في رومانيا وبولندا، إضافة إلى التراجع السياسي والاقتصادي في فرنسا وإيطاليا.
لقد عززت التقلبات السياسية والاقتصادية في القارة الأوربية المخاوف بشأن استقرار النظام المالي الأوروبي، مما دفع المستثمرين إلى زيادة الطلب على الذهب كأداة للتحوط من المخاطر. إضافة إلى أن تلك التوترات قد أدت إلى تراجع قيمة العملات الأوروبية وتصاعد الضغوط على الأسواق المالية فيها.
إعلان العقوبات الأميركية وسلاح الدولارتستخدم الولايات المتحدة الدولار الأميركي كأداة رئيسية للهيمنة على النظام المالي العالمي، مما يمنحها قدرة كبيرة على فرض عقوبات اقتصادية على الدول والشركات.
ويشكل الدولار أكثر من 60% من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية كما يسيطر سيطرة شبه تامة على سوق التحويلات البنكية، مما يعزز قوة الولايات المتحدة في توجيه ضربات اقتصادية مباشرة للدول التي تتعارض مع مصالحها السياسية أو الاقتصادية.
ومن خلال هذه الهيمنة، تستطيع واشنطن تجميد الأصول الخارجية لدول معينة أو منعها من الوصول إلى النظام المالي الدولي، مما يؤثر تأثيرا كبيرا على اقتصاداتها وتجارتها. ولذلك، اتخذت العديد من الدول تدابير تحوط ضد العقوبات الأميركية، مثل بناء احتياطات ذهبية لتقليل الاعتماد على الدولار.
أزمة الديون الأميركيةرغم قوة الاقتصاد الأميركي، فإنه لا يزال عالقًا في دوامة خطر الديون التي تضخمت تضخما غير مسبوق، فتجاوزت 36 تريليون دولار في ديسمبر/كانون الأول الماضي. ومع وصول إدارة جديدة تتبنى شعار ضبط الإنفاق وتقليص العجز، يبدو أن السيطرة على الدين أصبحت أولوية، لكن حتى أكثر التوقعات تفاؤلًا تشير إلى تباطؤ نمو الدين العام وليس خفضه.
وفي ظل تقليص الإنفاق الحكومي وتسريح الموظفين، تواجه الإدارة تحديات إضافية قد تؤثر على استقرار الاقتصاد. ومع استمرار تراكم الديون بوتيرة قياسية، تزداد المخاوف بشأن التصنيف الائتماني الأميركي، خاصة بعد خفضه في النصف الثاني من 2023.
هذا الوضع قد يدفع المستثمرين إلى العزوف عن أدوات الدين الأميركية، والبحث عن ملاذات آمنة مثل الذهب، المعادن النادرة، والعقارات، في ظل تصاعد المخاطر الاقتصادية.
توترات الشرق الأوسطتُعتبر منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق تأثيرًا في الاقتصاد العالمي، حيث يمر عبرها نحو 35% من النفط العالمي، كما أنها تُعد ممرًا حيويًا لـ 60% من تجارة النفط الدولية.
إعلانهذه المنطقة تتمتع بأهمية كبيرة في حركة التجارة العالمية عبر ممرات مائية إستراتيجية مثل مضيق هرمز وباب المندب وقناة السويس، حيث يمر منها نحو 40% من حركة التجارة العالمية.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مع انطلاق عملية "طوفان الأقصى" وقيام إسرائيل بهجوم على غزة، شهدت المنطقة تصعيدًا كبيرًا في المواجهات بين المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى. إضافة إلى التصعيد الأكبر بين إيران وإسرائيل، وظهور تدخلات غربية أميركية في المنطقة لدعم الكيان الإسرائيلي في مواجهته مع أصحاب الأرض.
توقف حركة ملاحة جميع أنواع السفن في البحر الأحمر بفعل المواجهات المتزايدة في المنطقة، أثار قلقًا دوليًا عميقًا بشأن استمرارية تدفق التجارة والسلع الأساسية. هذا الاضطراب في حركة الملاحة أصبح أحد العوامل التي دفعت المستثمرين إلى التحوط، مما ساهم في زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن.
التوترات في شرق آسياارتفاع المخاطر الجيوسياسية بسبب النزاعات المستمرة بين الصين وتايوان والصين والفلبين والاحتكاك غير المباشر بين الكوريتين والتوتر السياسي الذي شهدته كوريا الجنوبية زاد من القلق والتوتر في الأسواق الآسيوية مثل البورصات الصينية والأسواق الأخرى مما يدفع المستثمرين إلى البحث عن أصول مستقرة مثل الذهب، الذي يحافظ على قيمته في الأوقات الصعبة.
مشتريات البنوك المركزية الآسيوية:ارتفعت مشتريات البنوك المركزية في آسيا إلى مستويات 394 طنا في عام 2024 منها 100 طن للصين فقط.
2- الأسباب الاقتصادية
هناك أسباب اقتصادية أدت إلى زيادة الطلب على الذهب بعضها يتعلق بسلوك الدول ومخاوفها الاقتصادية المستقبلية وأخرى تتعلق بسلوك المستثمرين ورؤيتهم المستقبلية وثالثة ترتبط بنمو صناعات يزداد فيها الطلب على الذهب وسوف استعرض أهمها:
إعلان الحرب التجاريةتمثل السياسات الاقتصادية العالمية، وخاصة نهج التعريفات الجمركية الذي تبنّاه الرئيس الأميركي ضد الدول التي تحقق فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة أو تمتلك موارد طبيعية يسعى لاستغلالها، (تمثل) حالة من الاضطراب الاقتصادي.
وهذه السياسات لا تؤدي فقط إلى زيادة التوتر بين الدول، بل تؤثر أيضًا على استقرار كبرى الشركات العالمية، كما أن استمرار هذه السياسات دون ضبط قد ينعكس سلبًا على الاقتصاد العالمي بأسره، بما فيها الاقتصاد الأميركي نفسه، مما سيؤدي في النهاية إلى تداعيات خطِرة على الأسواق الدولية ومزيد من التوجه إلى الملاذات الآمنة وعلى رأسها الذهب.
التوقعات بارتفاع التضخممن المتوقع أن تؤدي سياسات ترامب التجارية في نهاية المطاف إلى ارتفاع أسعار السلع والمنتجات داخل الاقتصاد الأميركي والعالمي. وكما هو معروف، فإن التضخم يُعدّ من أكبر العوامل التي تؤدي إلى تآكل الثروات والقوة الشرائية، مما يدفع المستهلكين والمستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة للحفاظ على قيمة أموالهم، مثل الذهب والعقارات وغيرها من الأصول ذات القيمة المستقرة.
ومع التوقعات الحالية التي تشير إلى أن هذه الرسوم ستؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، بدأ العديد من المستثمرين في التحوط ضد هذه الارتفاعات بزيادة الطلب على الذهب.
مسار خفض الفائدةفي نهاية فترة رئاسة جو بايدن، بدأ الاحتياطي الفدرالي الأميركي في مسار خفض أسعار الفائدة استجابةً لمؤشرات اقتصادية متعددة وتأثير هذا الخفض على أسعار الذهب كان ملحوظًا.
وعادةً يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى تقليل تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول غير المدرة للعائد مثل الذهب، مما يزيد من جاذبيته كملاذ آمن. وفعلا، شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا، إذ وصلت إلى مستويات قياسية جديدة بعد هذا القرار.
وعلى الرغم من التوقعات بارتفاع التضخم وتصريحات رئيس الفدرالي الأميركي جيروم باول بأنه "لا يحتاج إلى التسرع في تعديل أسعار الفائدة" إلا أن الأسواق لا تزال متفائلة بعض الشيء باستمرار هذا النهج حتى ولو بوتيرة متباطئة مقارنة بما كان متوقعا سابقا، ما قد يدفع باتجاه مزيد من انخفاض قيمة الدولار واتجاه المستثمرين إلى زيادة حيازتهم الذهب.
إعلان مشتريات البنوك المركزية والاستثماراتتقود البنوك المركزية، ومستثمرو صناديق الاستثمار المتداولة، الطلب العالمي على الذهب، وحسب توقعات مجلس الذهب العالمي فإن البنوك المركزية واصلت قيادة السوق، وجمعت الذهب بوتيرة قياسية في الأعوام الأخيرة، حيث تجاوز حجم الشراء 1000 طن للعام الثالث على التوالي (1044.63 طنا)، مع تسارع الشراء بشكل حاد في الربع الرابع من 2024 إلى 333 طنًا إضافة إلى أن الاستثمار في الذهب وصل في 2024 إلى أعلى مستوى له في أربع سنوات عند 1180 طنًا بزيادة بنسبة 25%.
وبناء على تقرير لمجلس الذهب العالمي ارتفع إجمالي الطلب على الذهب إلى 4974.5 طنا في عام 2024 مقابل 4945.9 طنا في عام 2023 وبمقدار زيادة بلغ 28.6 طنا من الذهب خلال عام.
زيادة الإنفاق على المجوهراتبلغ الطلب على المجوهرات 1877 طناً، إذ لم يتمكن المستهلكون من شراء سوى كميات أقل نظرا لارتفاع الأسعار، ومع ذلك، قفز الإنفاق على المجوهرات الذهبية بنسبة 9% إلى 144 مليار دولار وفقا لمجلس الذهب العالمي.
الطلب من قطاع التكنولوجيابفعل النمو المتصاعد في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بدأ استخدام الذهب بكثافة في العديد من الصناعات المختلفة المرتبطة بالتكنولوجيا سواء الهواتف المحمولة أو غيرها.
ووفقا لمجلس الذهب العالمي فقد جاء الطلب السنوي على الذهب من التكنولوجيا مرتفعاً حيث نما بمقدار 21 طناً بنسبة 7% في عام 2024، مدفوعاً إلى حد كبير بالنمو المستمر في تبني الذكاء الاصطناعي.
وبعد استعراض أهم الأسباب الجيوسياسية والاقتصادية لارتفاع الذهب.
سنتطرق إلى الإجابة عن السؤال الثاني:
ثانيا: هل سيكمل الذهب رحلته؟حتى كتابة هذا التقرير لم تختفِ أي من الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الذهب، لذلك سيظل الذهب رهينة المستجدات والتطورات المستقبلية، ومع اعتلاء البيت الأبيض إدارة أميركية جديدة أكثر شعبوية نتوقع أن تؤثر على الاقتصاد العالمي مما يزيد من حجم التقلبات وهذا يدفع المستثمر والمستهلك إلى التحوط إلى حين الاستقرار.
إعلانوفي ظل التطورات الاقتصادية والجيوسياسية الحالية، من المتوقع أن يظل الذهب محور اهتمام المستثمرين، حيث تتأثر تحركاته بعدة عوامل رئيسية، مثل التوترات الجيوسياسية والسياسات النقدية للبنوك المركزية، ومعدلات التضخم في مناطق مختلفة من العالم.
وقد يظل الذهب أداة جذب رئيسية للتحوط ضد التقلبات الاقتصادية، ولهذا يبقى المشهد العام مرهونًا بالتطورات العالمية، مما يجعل الذهب في مركز اهتمام المستثمرين الذين يسعون إلى تحقيق التوازن بين المخاطر والعوائد في ظل بيئة اقتصادية متغيرة.
ثالثا: ماذا يفعل المستثمر والمستهلك في الشرق الأوسط تجاه الذهب؟تختلف طبيعة المستثمر في المنطقة العربية والشرق الأوسط وفقًا لعدة عوامل رئيسية، منها الوضع الاقتصادي الشخصي، وحجم السيولة المتاحة، ومصدر الأموال -سواء كانت مدخرات شخصية أم تمويلًا خارجيًا- ومدى تقبله للمخاطر الاقتصادية والتقلبات الجيوسياسية في بلاده.
وفي نهاية المطاف، يبقى المستثمر رهينة للبيئة الاقتصادية التي يتحرك فيها، حيث تؤثر الأوضاع الداخلية والخارجية مباشرة على قراراته الاستثمارية.
وهنا نستعرض بعض الحقائق المؤثرة:
تراجع الإقبال على الذهب في 2024تشير البيانات إلى أن المستهلك العربي تأثر بوضوح بالارتفاع الحاد في أسعار الذهب، ما انعكس على انخفاض الطلب على الحُلي والمصوغات الذهبية خلال عام 2024.
فقد بلغ حجم الطلب على الذهب المستخدم في المجوهرات نحو 157 طنًا، مقارنة بـ 171.5 طنًا في عام 2023، أي بتراجع نسبته 8% تقريبًا.
ولم يكن المستثمر العربي في العملات والسبائك الذهبية بعيدًا عن هذا الاتجاه، حيث انخفض حجم الطلب من 114.1 طنًا في 2023 إلى 109.5 أطنان في 2024، وهو انخفاض مماثل بنسبة 8% تقريبًا.
التفاوت الإقليمي في الطلب على الذهبمن الضروري الإشارة إلى أن هذا الاتجاه لا يسري بالتساوي في جميع أنحاء المنطقة، إذ تختلف أنماط الطلب بين دول الخليج، التي تتمتع بوفرة السيولة وسهولة الوصول إلى الاستثمارات الذهبية، ودول أخرى تواجه ضغوطًا اقتصادية تحدّ من قدرة مواطنيها على الاستثمار في الذهب. فعلى سبيل المثال، يبلغ المتوسط السنوي للطلب في دولة الإمارات 4.36 غرامات للفرد، ولا يتجاوز 0.8 غراما في بعض الدول الأخرى داخل الإقليم.
إعلان الذهب بين العقوبات والضغوط الاقتصاديةتلعب الأوضاع السياسية دورًا محوريًا في تحديد مستويات الطلب، إذ تدفع العقوبات الاقتصادية بعض الدول إلى زيادة الإقبال على الذهب كملاذ آمن، كما هو الحال في إيران التي قد تكون مسرحَ موجة قوية لشراء الذهب تحوطا من المخاطر. في المقابل، تواجه دول أخرى ضغوطًا اقتصادية تقلل من قدرة الأفراد والمستثمرين من شراء الذهب، مما يؤدي إلى تراجع الطلب في السوق المحلية.
الحذر والتحوط.. الإستراتيجية الأفضلفي ظل هذه المتغيرات، يبقى التحوط هو الإستراتيجية الأفضل، ومن الضروري توخي الحذر في طرق الاستثمار:
فمن غير الحكمة الدخول في استثمارات ذهبية باستخدام أموال مقترضة، إذ يؤدي ذلك إلى زيادة المخاطر بشكل كبير، خاصة في ظل التقلبات الحالية التي تجعل الأسواق غير مستقرة. الاستثمار في الذهب يجب أن يكون قرارًا مبنيًا على إمكانيات مالية حقيقية، وليس على رهانات قد تكون مكلفة في حال حدوث أي تغيرات غير متوقعة. الذهب يظل أداة رئيسية للتحوط وحفظ الثروة، لكن توقيت الاستثمار وآلياته يجب أن يُحددا بدقة، مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الاقتصادية المحلية والعالمية. وبالنسبة للمستثمر العربي، فإن الموازنة بين التحوط من التقلبات وتجنب المجازفات غير المحسوبة تبقى مفتاحًا أساسيًا لاتخاذ قرارات استثمارية ناجحة.