لم يرد رئيس النظام السوري بشار الأسد على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول رغبته بإعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق لما كانت عليه سابقاً (قبل اندلاع الثورة)، كذلك لم يعلن عن موقفه من دعوة الزيارة التي ينوي أردوغان توجيهها له.

وفي تفسيره لصمت الأسد حيال تصريحات أردوغان المتكررة، يؤكد الباحث في مركز "الحوار السوري" أحمد القربي، أن ردود فعل النظام السوري على مسار التطبيع مع تركيا منذ بداياته كانت "سلبية"، حيث لم يقابل النظام السوري التوجه التركي نحو التطبيع إلا بشروط، منها سحب أنقرة لقواتها من سوريا.



وأضاف لـ"عربي21"، أنه من الواضح أن النظام ينطلق من نقطتين في تعامله مع مسار التطبيع مع تركيا، الأول دفع أنقرة لتقديم تنازلات أكبر، وعدم منح الرئيس التركي مكاسب سياسية مجانية، حيث يعلم الأسد أن الاجتماع مع أردوغان يُعطي لحزب "العدالة والتنمية" المكاسب على الصعيد الشعبي التركي، وليس بالضرورة أن يخرج الاجتماع بالنتائج المرجوة، كما هو اللقاء بين وزير الخارجية التركي السابق مولود جاويش أوغلو ووزير خارجية النظام فيصل المقداد في أيار/ مايو 2023.

حسابات متعلقة بإيران
وتابع القربي، أن النقطة الثانية التي ينطلق منها النظام، هي الموقف الإيراني، مبينا أن "إيران كانت منشغلة بوفاة الرئيس إبراهيم رئيسي والانتخابات الرئاسية، وترتيب البيت الداخلي، وبذلك يبدو أن الأسد فضل التريث بانتظار موقف طهران".

وعلى النسق ذاته، يُفسر الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة تأخر رد الأسد على تصريحات أردوغان، إلى "الموقف الإيراني"، ويقول: "يبدو أن دعوة رأس النظام لزيارة تركيا لم ترق للجانب الإيراني".

ويقول لـ"عربي21": "ينتظر الأسد تشكيل حكومة جديدة في طهران، ومعرفة توجهاتها الخارجية للولوج بالمصالحة مع القيادة التركية أو التريث وترك الباب مفتوحا أمام كل المتغيرات".



أما عن سبب تكرار أردوغان التصريحات بخصوص التقارب مع النظام، يعتقد خليفة أن أنقرة تتماشى مع توجه روسيا، رغبة منها في تحقيق مكاسب في ملفات أخرى، وقال: "في الوقت نفسه يعتبر أردوغان أن التقارب لا يضر مصالح تركيا مع الدول العربية بعد التطبيع مع نظام الأسد من قبل الدول النافذة في الجامعة العربية مثل السعودية والإمارات ومصر والأردن".

الكرة في ملعب النظام
ولم يختلف الباحث في مركز "جسور للدراسات" وائل علوان، مع القراءات السابقة، ويقول لـ"عربي21": "نرى أن الرئيس التركي مهتم جدا بقبول الوساطة الروسية والتفاعل الإيجابي معها وترك الكرة بملعب النظام".

ويردف: "في المقابل فإن النظام لا يريد الذهاب إلى رفض الوساطة الروسية، خاصة وأن روسيا تتفهم موقف النظام والموقف الإيراني، وفي نفس الوقت يدرك النظام أنه غير قادر على التنازل والدخول في التزامات تتعلق بأمن الحدود ومكافحة الإرهاب وعودة اللاجئين، لذلك هو يفضل السكوت، فالرد سيكون إما برفض المبادرة الروسية وهذا محرج للنظام وروسيا أو بقبول المبادرة والدخول في ورطة التنازلات التي يخشاها".



ومن جانب النظام السوري، يقول المتحدث باسم "المصالحة السورية" عمر رحمون، "لدينا العديد من الأمور الأكثر ضرورة من الزيارة واللقاء بين الأسد وأردوغان"، معتبرا أن "الزيارة هي تفصيل ثانوي قياسا بالانسحاب من الأراضي السورية وإنهاء الاحتلال، وإنهاء الاحتلال أمر ضروري قبل أي لقاء، ثم اللقاء يكون على أرض محايدة ولا يكون أول لقاء على أرض العدو"، وفق تعبيره.

ما تأثيرات التصريحات على المسار؟
وفي أواخر العام 2022 بدأ مسار التطبيع بين تركيا والنظام السوري، وصولا إلى أيار/ مايو حيث عقد أول اجتماع بين وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران والنظام السوري، في العاصمة الروسية موسكو، والاجتماع كان تتويجا للعديد من اللقاءات التي جمعت رؤساء استخبارات تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري، فضلا عن لقاء وزير الدفاع التركي بنظيره في حكومة الأسد بموسكو في كانون الأول/ ديسمبر عام 2022، حيث اتفقا على تشكيل لجان مشتركة من مسؤولي الدفاع والمخابرات.

لكن هذا المسار سرعان ما توقف بسبب الملفات الشائكة، وجاءت تصريحات أردوغان الأخيرة لتفتح باب التساؤلات عن استئنافه وصولا إلى الاجتماع بين أردوغان والأسد.

في هذا الجانب، يعتقد الباحث أحمد القربي أن أي تطور في مسار التطبيع يحدده الضغط الروسي على النظام السوري، معتبرا: أنه "في حال كانت روسيا جادة، فلا بد من الضغط على النظام السوري؟".

أما الباحث في الشأن التركي، سعيد الحاج يشير في مقال له نشره على "الجزيرة نت" إلى عوائق حقيقية تقف في مسار تطبيع علاقات أنقرة مع دمشق، في مقدمتها عدم استقرار الأوضاع في سوريا، وجمود مسار الحل السياسي، واشتراطات النظام السوري بهذا الخصوص، ومواقف بعض الأطراف الخارجية، فضلا عن إرث العقد الماضي الذي تميز بموقف تركي رسمي رافض للاعتراف بالنظام، والعمليات العسكرية التركية على الأراضي السورية، وغير ذلك.

ويقول: "لذلك يستبعد كثيرون حصول لقاء بين أردوغان والأسد من باب أن هذه العقبات حقيقية وكبيرة، بيد أن نظرة أعمق على مسار العلاقات بين الجانبين، وكذلك على نظرة كل منهما له وعلى مصالح الطرفين، تشي بتحليل مختلف يقول بتراجع أهمية معظم هذه العوائق، ذلك أن الخطوات العديدة التي خطاها الجانبان نحو بعضهما بعضا قد ساهمت في تبديد الكثير من ظلال العقد الماضي، لا سيما بعد التراجع الكبير لخطر المعارضة السورية على استقرار النظام".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد تركي منوعات تركية بشار الأسد أردوغان التطبيع تركيا سوريا سوريا تركيا أردوغان بشار الأسد التطبيع سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری مسار التطبیع

إقرأ أيضاً:

أمين عام الناتو يزور تركيا اليوم

أنقرة (زمان التركية) – يزور الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، اليوم الاثنين، العاصمة التركية أنقرة، حيث سيلتقي بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.

وأفاد حلف الناتو في بيانه أنه روته سيجتمع مع كل من وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، ووزير الدفاع التركي، يشار جولر، بجانب لقائه مع أردوغان.

وسيلتقي روته أيضا بممثلي الصناعات الدفاعية التركية، كما سيزور الشركة التركية للصناعات الجوية والفضائية (توساش) التي تعرضت لهجوم إرهابي في الثالث والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وفي تصريحات أدلى بها يوم الأحد، أفاد مسؤول تركي أن أردوغان سيبحث مع روته آخر التطورات بالحرب الروسية الأوكرانية بجانب رفع العراقيل أمام المشتريات الدفاعية بين أعضاء الحلف والتصدي المشترك للإرهاب.

جدير بالذكر أن استهداف روسيا لأوكرانيا بصاروخ باليستي جديد متوسط المدى تفوق سرعته سرعة الصوت يوم الخميس الماضي ردا على استهداف كييف لها بصواريخ بريطانية وأمريكية، أسفر عن تصاعد الحرب التي انطلقت في فبراير/ شباط من عام 2022 بالتزامن مع اجتياح روسي واسع للأراضي الأوكرانية.

وأكدت تركيا، التي تدين الاحتلال الروسي لأوكرانيا، أنها تدعم وحدة الأراضي الأوكرانية وستقدم الدعم العسكري لكييف، غير أن تركيا تعارض في الوقت نفسه العقوبات الغربية على موسكو التي تجمعها بها علاقات مهمة بمجالات الدفاع والطاقة والسياحة.

وخلال قمة مجموعة العشرين الأخيرة في البرازيل، صرح أردوغان أن خفض روسيا شروط استخدام السلاح النووي هو سلوك خاص بها وإجراء متخذ ضد الأسلحة التقليدية. وشدد أردوغان على ضرورة بحث مسؤولي الناتو لهذه الخطوة.

وكان أردوغان قد سبق وحذر من احتمالية تأجيج قرار الولايات المتحدة بالسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ باليستية بعيدة المدى لضرب العمق الروسي للحرب المندلعة.

وأكد أردوغان في تصريحاته الأسبوع الماضي أثناء عودته من البرازيل أن كل هذه التطورات تضع المنطقة والعالم على شفا حرب كبرى وأن التعامل بمفهوم “أنا ومن بعد الطوفان” لن يحقق شيئا قائلا: “ننتظر ونأمل من الجانبين الروسي والأوكراني الحفاظ على الهدوء دون أعمال استفزازية والتركيز على السلام”.

من جانبها، ترى موسكو أن الولايات المتحدة وحلفائها انخرطوا في الصراع مع روسيا بشكل مباشر بإعطائهم الضوء الأخضر إلى أوكرانيا لاستهداف العمق الروسي بالصواريخ المقدمة من الدول الغربية.

وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد صدق مؤخرا على تغييرات تخفض عتبة استخدام الأسلحة لنووية كرد على الهجمات بالأسلحة التقليدية.

هذا ويشغل رئيس الوزراء الهولندي، مارك روتيه، منصب الأمين العام للحلف منذ يونية/ حزيران الماضي. وفي أول مؤتمر صحفي له، تطرق روتيه إلى توقعات تركيا فيما يخص مكافحة الإرهاب قائلا: “فيما يخص مكافحة الإرهاب، نتفق مع الصديق المقرب أردوغان الذي يشدد على ضرورة تناول الموضوع في إطار حلف الناتو”.

 

Tags: أوكرانياالأسلحة النوويةالأمين العام لحلف الناتوالحرب الروسية الأوكرانيةحلف الناتورجب طيب أردوغانروسيافلاديمير بوتينمارك روتيهمكافحة الإرهاب

مقالات مشابهة

  • مقتل 3 أطفال بقصف للنظام السوري على ريف إدلب
  • هل يتولى مسعود أوزيل قيادة اتحاد الكرة التركي؟
  • حليف أردوغان: تركيا محاطة بحلقة من النيران
  • تركيا .. اعتقال رئيس بلدية تركي في ديار بكر
  • توقعات بتخفيض المركزي التركي أسعار الفائدة 250 نقطة أساس
  • شكوك جديدة بشأن مخزون النظام السوري من الأسلحة الكيميائية
  • فواصل تراثية.. عرض فني راقص يحتفي بالتنوع الثقافي السوري
  • أمين عام الناتو يزور تركيا اليوم
  • هاكان فيدان: تركيا لم تشترط على الأسد المصالحة مع المعارضة
  • أردوغان يؤيد اعتقال نتنياهو