جريدة الوطن:
2025-03-30@10:36:41 GMT

قضية التحرر الوطني فـي إفريقيا التي لا تنتهي

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

قضية التحرر الوطني فـي إفريقيا التي لا تنتهي

الأسبوع الماضي تابعت على شاشة قناة «آر تي» الروسيَّة لقاء جمع أحفاد القادة الأفارقة الأسطوريين، أو الآباء المؤسِّسين لمرحلة التحرُّر الوطني في إفريقيا على هامش منتدى «روسيا ـ إفريقيا» الذي استضافته مدينة سانت بطرسبرج الروسيَّة، وافتتحه الرئيس بوتين، وشارك فيه عددٌ من رؤساء الدوَل الإفريقيَّة.
شارك أحفاد جمال عبدالناصر من مصر ونيلسون مانديلا من جنوب إفريقيا وباتريس لومومبا من الكونغو، وسامورا ميتشيل من موزمبيق، وجوليوس نيريري من تنزانيا، وكينث كاوندا من زامبيا، وأحمد بن بيلا من الجزائر.


هؤلاء الزعماء شاركوا جمال عبدالناصر رحلة الكفاح لتحرير إفريقيا من الاستعمار، حتى نالت معظم الدوَل الإفريقيَّة استقلالها في ستينيَّات القرن الماضي أي منذ ستِّين عامًا.
العجيب في الأمْرِ، أنَّه بعد مرور كُلِّ هذه السنوات، ما زالت إفريقيا تتحدَّث عن الاستقلال الوطني والتحرُّر من الاستعمار، وهو ما تجلَّى في الانقلاب العسكري الذي وقع في النيجر مؤخرًا، ورفع شعار التخلُّص من الهيمنة الفرنسيَّة على مقدَّرات النيجر الغنيَّة باليورانيوم، والذي وجد تأييدًا شَعبيًّا جارفًا، وخرج النيجريون إلى الشوارع بالآلاف يؤيِّدون الانقلاب ويندِّدون بالموقف الدولي المناهض له، والذي يضغط لعودة الرئيس المَدني المنتخب الذي قامت سُلطة الانقلاب بوضعه تحت الإقامة الجبريَّة.
الدوَل الإفريقيَّة ما زالت مصرَّة حتى الآن على ترديد نغمة التحرُّر الوطني والهيمنة الأجنبيَّة، رغم أنَّ حكَّامها هم مَنِ استعانوا وتحالفوا مع المستعمر القديم، وصارت هذه ذريعة لاستمرار الانقلابات العسكريَّة، في الوقت الذي برأت فيه دوَل العالَم في آسيا وأميركا اللاتينيَّة من لعنة الانقلابات، وشهدت تطوُّرًا في الحياة السِّياسيَّة وتداولًا سلميًّا للسُّلطة؛ انعكس بالإيجاب على الأوضاع الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة لشعوبها، بَيْنَما معظم الدوَل الإفريقيَّة تعاني الفقر وانعدام الأمن والاستقرار السِّياسي، وتكابد شعوبها التشرُّد والهجرة غير الشرعيَّة، والبحث عن النجاة فوق مركب متهالك يستقرُّ بركَّابه في قاع المتوسط.
خلال السنوات الثلاث الماضية وقَعَتْ انقلابات في مالي وغينيا وبوركينا فاسو وأخيرًا النيجر، إضافةً إلى محاولات انقلابيَّة فاشلة، وصراع دامٍ على السُّلطة وحرب أهليَّة مستعرة في السودان، خلَّفت آلاف القتلى وملايين المُشرَّدين. تشير الأحداث الأخيرة في إفريقيا إلى صراع شرس على النفوذ بَيْنَ المستعمر القديم فرنسا والحليف الإفريقي الجديد روسيا، بعد فشل فرنسا في توفير الحماية لمستعمراتها القديمة، وعجزها عن القضاء على الجماعات الإرهابيَّة المسلَّحة التي تمدَّدت في الغرب الإفريقي، وتبدو الآن في طريقها للانسحاب تحت ضغط الانقلابات العسكريَّة التي رفع قادتها راية التحرُّر من الحماية الفرنسيَّة، واستبدالها بالنفوذ الروسي وذراعه العسكري مجموعة «فاجنر» التي وعَدَتْهم بحلِّ المشكلات الأمنيَّة مقابل طرد الفرنسيِّين من مناجم اليورانيوم.
يبدو أنَّ الصراع بَيْنَ روسيا والغرب انتقل من جبهات القتال في أوكرانيا إلى مناطق النفوذ في إفريقيا الغنيَّة بالثروات الطبيعيَّة والمواد الأوَّليَّة ـ خصوصًا اليورانيوم ـ الذي يُستخدَم في تشغيل محطَّات الطَّاقة النوويَّة في أوروبا التي أعادت تشغيلها بعد أزمة الغاز الروسي، و اندلاع الحرب مع أوكرانيا، ونجحت روسيا في التغلغل وسط ضبَّاط الجيش، خصوصًا الرُّتب الوسطى في كثير من الدوَل الإفريقيَّة، التي ينتشر فيها الفساد، والفقر وانتهاكات حقوق الإنسان، واحتكار السُّلطة من قِبل زعماء ظلوا في الحُكم عقودًا طويلة، وورَّثوا أبناءهم السُّلطة من بعدهم، لتظلَّ هذه مبرِّرات الاستيلاء على السُّلطة من قِبل العسكر في إفريقيا. عقب كُلِّ انقلاب تُدين الأُمم المُتَّحدة والاتِّحاد الإفريقي، وتهدِّد بالعقوبات والحصار الاقتصادي، ولكن سرعان ما تخفت هذه المطالب مع دخول قادة الانقلاب في تحالفات دوليَّة وتقديمهم تنازلات سياسيَّة وتسهيلات عسكريَّة للدوَل العظمى، ويصبح الحُكم العسكري أمْرًا واقعًا، ويتوقف الحديث عن الديمقراطيَّة والدستور والحُكم المَدني، حتى يخلع الضبَّاط الزيَّ العسكري ويرتدون البدلة المدنيَّة الأنيقة.
محمد عبد الصادق
Mohamed-abdelsadek64@hotmail.com
كاتب صحفي مصري

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: فی إفریقیا

إقرأ أيضاً:

غينيا تنضم إلى ستة بلدان أفريقية للإشادة بالوساطة المغربية لإستعادة مكانتها داخل الإتحاد الإفريقي

زنقة 20. الرباط

انضمت جمهورية غينيا إلى البلدان التي أشادت بـ “القدرة على الابتكار” و”الحنكة الدبلوماسية” للمغرب، وذلك عقب دعوة المملكة إلى مشاورات غير رسمية مع كل من غينيا وبوركينا فاسو والغابون ومالي والنيجر والسودان، في إطار رئاسة المغرب لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي.

وفي رسالة موجهة إلى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أكد رئيس الدبلوماسية الغينية، موريساندا كوياتي، أن هذه المبادرة تعكس “تقدما فعليا في تدبير التغيرات السياسية في إفريقيا، وتجسد مرة أخرى القدرة على الابتكار والحنكة الدبلوماسية” للمملكة المغربية التي دعت، بصفتها رئيسة لمجلس السلم والأمن لشهر مارس، إلى مشاورات غير رسمية مع هذه البلدان الإفريقية الستة في 18 مارس الجاري بأديس بابا.

وتأتي رسالة الوزير الغيني في أعقاب رسائل مماثلة لرؤساء دبلوماسية كل من بوركينا فاسو والغابون والنيجر ومالي، الذين أشادوا أيضا بـ “المبادرة النبيلة” والدور الحاسم” الذي اضطلعت به الرئاسة المغربية لمجلس السلم والأمن في تكريس هذه المشاورات غير الرسمية.

كما نوهوا، في رسائلهم، بالريادة الجديدة للمغرب على رأس المجلس، ولا سيما “بصمة المملكة المغربية القائمة على النهوض بحوار بناء ومستنير بالواقعية والإنصات المتبادل”، مما يؤكد أهمية ومكانة المغرب في الساحة السياسية الإفريقية والدولية”، بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وتعكس هذه المبادرة المغربية لدعوة البلدان التي تمر بانتقال سياسي إلى مشاورات غير رسمية حرص المملكة على مواكبة هذه الدول المعنية، وخاصة في ما يتعلق بتسريع عملية الانتقال السياسي، من خلال مشاريع ملموسة، بهدف مساعدتها على رفع التحديات المتعلقة بمجالات التنمية، والأمن الغذائي والصحي، ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، وكذا تسريع عودتها إلى النظام الدستوري.

وتستند هذه المبادرة إلى الرؤية الملكية للعمل الإفريقي المشترك، والتي تقوم على مبدأ التضامن الفاعل، خاصة تجاه هذه الدول، حتى تتمكن من استعادة مكانتها داخل الاتحاد الإفريقي، وتساهم بدورها في تعزيز الأجندة الإفريقية للسلم والأمن والتنمية.

وإذ لا يمكن للمغرب، الذي يعتز بجذوره الإفريقية، أن يتحمل رؤية هذه البلدان تتخلف عن الركب، فهو يواصل العمل بمبدأ التضامن لمواكبتها وتسريع عودتها إلى النظام الدستوري والمؤسسات الإفريقية.

وهكذا، أبانت المملكة دائما عن التزام فعال ومتضامن تجاه هذه البلدان الستة لمساعدتها على تسريع عمليات الانتقال الخاصة بها، بناء على الأسس المؤسساتية الديمقراطية التي يدعو إليها الاتحاد الإفريقي، وبالتالي تسريع عملية إعادة إدماجها بالكامل في المنظومة الإفريقية.

وقد تم إجراء مشاورات غير رسمية منتظمة مع مجلس السلم والأمن مكنت من تحديد التحديات التي تواجهها هذه البلدان خلال مراحلها الانتقالية، بالإضافة إلى تلك المتعلقة بالتنمية من قبيل التغير المناخي والأمن الغذائي أو الصحي.

كما أتاحت هذه المشاورات بحث سبل تجاوز هذه التحديات الخاصة بالمرحلة الانتقالية، مع إشراك القطاعات التقنية المختصة في اللجنة والمؤسسات المتخصصة للاتحاد الإفريقي من أجل تقييم حجم هذه الإشكاليات واتخاذ التدابير اللازمة لمعالجتها.

وتتماشى هذه المشاورات غير الرسمية تماما أيضا مع المبادرات والجهود التي يبذلها المغرب، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل تعزيز السلام والاستقرار والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في إفريقيا، ولا سيما المبادرة الملكية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي ومسار الدول الإفريقية الأطلسية.

كما تجسد التضامن الفاعل للمملكة إزاء البلدان الإفريقية وإرادتها الراسخة لتوطيد التعاون الإفريقي خدمة لرفاه شعوب القارة، وذلك بهدف بروز إفريقيا مزدهرة ومستقرة قادرة على رفع التحديات المتعددة التي تعترضها.

وقد رسخ المغرب، تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مكانته كفاعل لا محيد عنه في الوساطة في عدد من الأزمات الإفريقية. ويندرج هذا النهج ضمن الرؤية الملكية المستنيرة التي تعكس التزام المملكة الدائم برفع التحديات المعقدة التي تعيق التنمية والاستقرار في إفريقيا، وذلك من خلال الدعوة إلى مقاربة استباقية وشاملة تستند إلى مبادئ المواكبة والتضامن الفاعل.

غينيا

مقالات مشابهة

  • وزير الحرس الوطني يقلّد رئيس الجهاز العسكري رتبته الجديدة
  • موعد مباراة الزمالك وستيلينبوش جنوب الإفريقي بالكونفيدرالية
  • «زايد للأعمال الخيرية والإنسانية» تنتهي من تنفيذ 7 برامج رمضانية داخل وخارج الدولة
  • العليمي: استعادة صنعاء صار أقرب من اي وقت مضى
  • غينيا تنضم إلى ستة بلدان أفريقية للإشادة بالوساطة المغربية لإستعادة مكانتها داخل الإتحاد الإفريقي
  • الصين وجمهورية الكونغو تتعهدان بتعزيز تطوير التعاون الصيني-الإفريقي
  • التقصي في جرائم الحرب وعدم الإفلات من العقاب
  • تركيا تعتقل محامي إمام أوغلو
  • الأورمان تنتهي من توزيع مليون كرتونة مواد غذائية في المحافظات
  • الأورمان تنتهي من توزيع مليون كرتونة مواد غذائية بالدقهلية والمحافظات