قضية التحرر الوطني فـي إفريقيا التي لا تنتهي
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
الأسبوع الماضي تابعت على شاشة قناة «آر تي» الروسيَّة لقاء جمع أحفاد القادة الأفارقة الأسطوريين، أو الآباء المؤسِّسين لمرحلة التحرُّر الوطني في إفريقيا على هامش منتدى «روسيا ـ إفريقيا» الذي استضافته مدينة سانت بطرسبرج الروسيَّة، وافتتحه الرئيس بوتين، وشارك فيه عددٌ من رؤساء الدوَل الإفريقيَّة.
شارك أحفاد جمال عبدالناصر من مصر ونيلسون مانديلا من جنوب إفريقيا وباتريس لومومبا من الكونغو، وسامورا ميتشيل من موزمبيق، وجوليوس نيريري من تنزانيا، وكينث كاوندا من زامبيا، وأحمد بن بيلا من الجزائر.
هؤلاء الزعماء شاركوا جمال عبدالناصر رحلة الكفاح لتحرير إفريقيا من الاستعمار، حتى نالت معظم الدوَل الإفريقيَّة استقلالها في ستينيَّات القرن الماضي أي منذ ستِّين عامًا.
العجيب في الأمْرِ، أنَّه بعد مرور كُلِّ هذه السنوات، ما زالت إفريقيا تتحدَّث عن الاستقلال الوطني والتحرُّر من الاستعمار، وهو ما تجلَّى في الانقلاب العسكري الذي وقع في النيجر مؤخرًا، ورفع شعار التخلُّص من الهيمنة الفرنسيَّة على مقدَّرات النيجر الغنيَّة باليورانيوم، والذي وجد تأييدًا شَعبيًّا جارفًا، وخرج النيجريون إلى الشوارع بالآلاف يؤيِّدون الانقلاب ويندِّدون بالموقف الدولي المناهض له، والذي يضغط لعودة الرئيس المَدني المنتخب الذي قامت سُلطة الانقلاب بوضعه تحت الإقامة الجبريَّة.
الدوَل الإفريقيَّة ما زالت مصرَّة حتى الآن على ترديد نغمة التحرُّر الوطني والهيمنة الأجنبيَّة، رغم أنَّ حكَّامها هم مَنِ استعانوا وتحالفوا مع المستعمر القديم، وصارت هذه ذريعة لاستمرار الانقلابات العسكريَّة، في الوقت الذي برأت فيه دوَل العالَم في آسيا وأميركا اللاتينيَّة من لعنة الانقلابات، وشهدت تطوُّرًا في الحياة السِّياسيَّة وتداولًا سلميًّا للسُّلطة؛ انعكس بالإيجاب على الأوضاع الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة لشعوبها، بَيْنَما معظم الدوَل الإفريقيَّة تعاني الفقر وانعدام الأمن والاستقرار السِّياسي، وتكابد شعوبها التشرُّد والهجرة غير الشرعيَّة، والبحث عن النجاة فوق مركب متهالك يستقرُّ بركَّابه في قاع المتوسط.
خلال السنوات الثلاث الماضية وقَعَتْ انقلابات في مالي وغينيا وبوركينا فاسو وأخيرًا النيجر، إضافةً إلى محاولات انقلابيَّة فاشلة، وصراع دامٍ على السُّلطة وحرب أهليَّة مستعرة في السودان، خلَّفت آلاف القتلى وملايين المُشرَّدين. تشير الأحداث الأخيرة في إفريقيا إلى صراع شرس على النفوذ بَيْنَ المستعمر القديم فرنسا والحليف الإفريقي الجديد روسيا، بعد فشل فرنسا في توفير الحماية لمستعمراتها القديمة، وعجزها عن القضاء على الجماعات الإرهابيَّة المسلَّحة التي تمدَّدت في الغرب الإفريقي، وتبدو الآن في طريقها للانسحاب تحت ضغط الانقلابات العسكريَّة التي رفع قادتها راية التحرُّر من الحماية الفرنسيَّة، واستبدالها بالنفوذ الروسي وذراعه العسكري مجموعة «فاجنر» التي وعَدَتْهم بحلِّ المشكلات الأمنيَّة مقابل طرد الفرنسيِّين من مناجم اليورانيوم.
يبدو أنَّ الصراع بَيْنَ روسيا والغرب انتقل من جبهات القتال في أوكرانيا إلى مناطق النفوذ في إفريقيا الغنيَّة بالثروات الطبيعيَّة والمواد الأوَّليَّة ـ خصوصًا اليورانيوم ـ الذي يُستخدَم في تشغيل محطَّات الطَّاقة النوويَّة في أوروبا التي أعادت تشغيلها بعد أزمة الغاز الروسي، و اندلاع الحرب مع أوكرانيا، ونجحت روسيا في التغلغل وسط ضبَّاط الجيش، خصوصًا الرُّتب الوسطى في كثير من الدوَل الإفريقيَّة، التي ينتشر فيها الفساد، والفقر وانتهاكات حقوق الإنسان، واحتكار السُّلطة من قِبل زعماء ظلوا في الحُكم عقودًا طويلة، وورَّثوا أبناءهم السُّلطة من بعدهم، لتظلَّ هذه مبرِّرات الاستيلاء على السُّلطة من قِبل العسكر في إفريقيا. عقب كُلِّ انقلاب تُدين الأُمم المُتَّحدة والاتِّحاد الإفريقي، وتهدِّد بالعقوبات والحصار الاقتصادي، ولكن سرعان ما تخفت هذه المطالب مع دخول قادة الانقلاب في تحالفات دوليَّة وتقديمهم تنازلات سياسيَّة وتسهيلات عسكريَّة للدوَل العظمى، ويصبح الحُكم العسكري أمْرًا واقعًا، ويتوقف الحديث عن الديمقراطيَّة والدستور والحُكم المَدني، حتى يخلع الضبَّاط الزيَّ العسكري ويرتدون البدلة المدنيَّة الأنيقة.
محمد عبد الصادق
Mohamed-abdelsadek64@hotmail.com
كاتب صحفي مصري
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: فی إفریقیا
إقرأ أيضاً:
زيزو: إذا أراد نادي الزمالك استمراري سأبقي حتى تنتهي الأزمة المالية
القاهرة (د ب أ)
أكد أحمد مصطفى زيزو، نجم فريق الزمالك المصري لكرة القدم، استعداده للبقاء في الفريق في حال رغبة مسؤولي ناديه في ذلك. وينتهي تعاقد زيزو مع فريقه الحالي بنهاية الموسم ولم يتم حسم تجديد تعاقده من عدمه حتى الآن. وقال زيزو عبر حسابه الرسمي بمنصة تبادل الصور «انستجرام»، اليوم الأربعاء:«احتراماً وتقديراً لجماهير نادي الزمالك أريد أن أوضح أنني لا أحب الخوض في التفاصيل»، مشيراً إلى أن كامل تركيزه في الملعب لأن هذا هو عمله، على حد وصفه، مؤكداً أن العديد من الأخبار الخاطئة انتشرت حوله في الفترة الماضية.
وأضاف:«هدفي الأول والأخير هو الحفاظ علي استقرار النادي وأرى أن الزمالك وجماهيره يستحقان الأفضل دائماً، كما أعتقد أن العلاقة بين ناد كبير وأحد لاعبيه يجب أن تكون قائمة على الاحترام المتبادل، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها النادي حالياً».
وأوضح: «في هذا السياق، أجد أن الحديث عن هذا الملف أمر محزن ومؤسف للغاية ويجب إيقافه وجميعنا يدرك الظروف التي يمر بها النادي». وتابع زيزو: «فيما يتعلق بهذا الموضوع، لطالما اثبت مدى حبي وإخلاصي للزمالك وجماهيره ولا أحتاج إلى تبرير ذلك، كما أنني على دراية تامة بالمعاناة التي يتحملها مجلس الإدارة بسبب الأعباء المالية المتراكمة والمصاريف الكبيرة».
وتابع: «إذا أراد نادي الزمالك استمراري سأبقي حتى تنتهي الأزمة المالية وإذا كنت الملف الأخير الذي سينظر فيه بعد صرف مستحقات اللاعبين وتجديد العقود وجلب لاعبين جدد فأنا مستعد للانتظار وإذا رأى النادي الاستفادة من الجوانب المالية المتعلقة بي وتصب في مصلحته، فساكون جاهزاً للتعاون بأي طريقة ممكنة».
وأضاف: «في النهاية هدفي الوحيد هو رؤية الزمالك وجماهيره في أفضل حال». وكان زيزو قد انضم إلى الزمالك في عام 2019 قادماً من موريرنسي البرتغالي، ومنذ ذلك الحين حقق لقب الدوري المصري مرتين والكأس مرتين وكأس السوبر الأفريقي مرتين وكأس الاتحاد الأفريقي (الكونفيدرالية) مرتين وكأس السوبر المصري مرة واحدة.