جريدة الوطن:
2025-02-24@03:37:53 GMT
قضية التحرر الوطني فـي إفريقيا التي لا تنتهي
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
الأسبوع الماضي تابعت على شاشة قناة «آر تي» الروسيَّة لقاء جمع أحفاد القادة الأفارقة الأسطوريين، أو الآباء المؤسِّسين لمرحلة التحرُّر الوطني في إفريقيا على هامش منتدى «روسيا ـ إفريقيا» الذي استضافته مدينة سانت بطرسبرج الروسيَّة، وافتتحه الرئيس بوتين، وشارك فيه عددٌ من رؤساء الدوَل الإفريقيَّة.
شارك أحفاد جمال عبدالناصر من مصر ونيلسون مانديلا من جنوب إفريقيا وباتريس لومومبا من الكونغو، وسامورا ميتشيل من موزمبيق، وجوليوس نيريري من تنزانيا، وكينث كاوندا من زامبيا، وأحمد بن بيلا من الجزائر.
هؤلاء الزعماء شاركوا جمال عبدالناصر رحلة الكفاح لتحرير إفريقيا من الاستعمار، حتى نالت معظم الدوَل الإفريقيَّة استقلالها في ستينيَّات القرن الماضي أي منذ ستِّين عامًا.
العجيب في الأمْرِ، أنَّه بعد مرور كُلِّ هذه السنوات، ما زالت إفريقيا تتحدَّث عن الاستقلال الوطني والتحرُّر من الاستعمار، وهو ما تجلَّى في الانقلاب العسكري الذي وقع في النيجر مؤخرًا، ورفع شعار التخلُّص من الهيمنة الفرنسيَّة على مقدَّرات النيجر الغنيَّة باليورانيوم، والذي وجد تأييدًا شَعبيًّا جارفًا، وخرج النيجريون إلى الشوارع بالآلاف يؤيِّدون الانقلاب ويندِّدون بالموقف الدولي المناهض له، والذي يضغط لعودة الرئيس المَدني المنتخب الذي قامت سُلطة الانقلاب بوضعه تحت الإقامة الجبريَّة.
الدوَل الإفريقيَّة ما زالت مصرَّة حتى الآن على ترديد نغمة التحرُّر الوطني والهيمنة الأجنبيَّة، رغم أنَّ حكَّامها هم مَنِ استعانوا وتحالفوا مع المستعمر القديم، وصارت هذه ذريعة لاستمرار الانقلابات العسكريَّة، في الوقت الذي برأت فيه دوَل العالَم في آسيا وأميركا اللاتينيَّة من لعنة الانقلابات، وشهدت تطوُّرًا في الحياة السِّياسيَّة وتداولًا سلميًّا للسُّلطة؛ انعكس بالإيجاب على الأوضاع الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة لشعوبها، بَيْنَما معظم الدوَل الإفريقيَّة تعاني الفقر وانعدام الأمن والاستقرار السِّياسي، وتكابد شعوبها التشرُّد والهجرة غير الشرعيَّة، والبحث عن النجاة فوق مركب متهالك يستقرُّ بركَّابه في قاع المتوسط.
خلال السنوات الثلاث الماضية وقَعَتْ انقلابات في مالي وغينيا وبوركينا فاسو وأخيرًا النيجر، إضافةً إلى محاولات انقلابيَّة فاشلة، وصراع دامٍ على السُّلطة وحرب أهليَّة مستعرة في السودان، خلَّفت آلاف القتلى وملايين المُشرَّدين. تشير الأحداث الأخيرة في إفريقيا إلى صراع شرس على النفوذ بَيْنَ المستعمر القديم فرنسا والحليف الإفريقي الجديد روسيا، بعد فشل فرنسا في توفير الحماية لمستعمراتها القديمة، وعجزها عن القضاء على الجماعات الإرهابيَّة المسلَّحة التي تمدَّدت في الغرب الإفريقي، وتبدو الآن في طريقها للانسحاب تحت ضغط الانقلابات العسكريَّة التي رفع قادتها راية التحرُّر من الحماية الفرنسيَّة، واستبدالها بالنفوذ الروسي وذراعه العسكري مجموعة «فاجنر» التي وعَدَتْهم بحلِّ المشكلات الأمنيَّة مقابل طرد الفرنسيِّين من مناجم اليورانيوم.
يبدو أنَّ الصراع بَيْنَ روسيا والغرب انتقل من جبهات القتال في أوكرانيا إلى مناطق النفوذ في إفريقيا الغنيَّة بالثروات الطبيعيَّة والمواد الأوَّليَّة ـ خصوصًا اليورانيوم ـ الذي يُستخدَم في تشغيل محطَّات الطَّاقة النوويَّة في أوروبا التي أعادت تشغيلها بعد أزمة الغاز الروسي، و اندلاع الحرب مع أوكرانيا، ونجحت روسيا في التغلغل وسط ضبَّاط الجيش، خصوصًا الرُّتب الوسطى في كثير من الدوَل الإفريقيَّة، التي ينتشر فيها الفساد، والفقر وانتهاكات حقوق الإنسان، واحتكار السُّلطة من قِبل زعماء ظلوا في الحُكم عقودًا طويلة، وورَّثوا أبناءهم السُّلطة من بعدهم، لتظلَّ هذه مبرِّرات الاستيلاء على السُّلطة من قِبل العسكر في إفريقيا. عقب كُلِّ انقلاب تُدين الأُمم المُتَّحدة والاتِّحاد الإفريقي، وتهدِّد بالعقوبات والحصار الاقتصادي، ولكن سرعان ما تخفت هذه المطالب مع دخول قادة الانقلاب في تحالفات دوليَّة وتقديمهم تنازلات سياسيَّة وتسهيلات عسكريَّة للدوَل العظمى، ويصبح الحُكم العسكري أمْرًا واقعًا، ويتوقف الحديث عن الديمقراطيَّة والدستور والحُكم المَدني، حتى يخلع الضبَّاط الزيَّ العسكري ويرتدون البدلة المدنيَّة الأنيقة.
محمد عبد الصادق
Mohamed-abdelsadek64@hotmail.com
كاتب صحفي مصري
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: فی إفریقیا
إقرأ أيضاً:
سلامة: الفائدة العسكريّة لبقاء إسرائيل في النقاط الـ5 غير موجودة
أكّد وزير الثّقافة غسان سلامة أنّ لبنان سيشارك في القِمة العربية الطارئة، المتعلّقة ببحث مصير الفلسطينيين.وفي حديث عبر قناة الـ"LBCI"، قال سلام إن المهم هو الترتيبات، التي ستلي القِمة وإذا ما حصلت عرقلة إسرائيلية لأي اتفاق ينص على بناء بيوت جاهزة للفلسطينيين.
وعن الحرب، التي اندلعت في لبنان، قال: "طرف جديد أُدخل في معادلة ما بعد حرب الخريف الماضي وهو الأميركيّ وعلينا أن نتابع الآلية التي تجعل من أميركا وفرنسا واليونيفيل ضامنات لانسحاب إسرائيل من جنوبنا إذ إنّ هذه الترتيبات وُضعت منذ شهرين ما لا يسمح لنا أن نرى بعد قدرتهنّ على الضغط".
وأضاف: "إسرائيل تقدّم ذريعة لحزب الله ببقائها.. فلتنسحب حينئذ فتكون لا تقدّم الذريعة تلك".
وشدّد على أنّ الفائدة العسكريّة لبقاء إسرائيل في النّقاط الخمس غير موجودة، لافتًا إلى "وجود أهداف أخرى سياسية".
كذلك، رأى سلامة أنَّ التدخّلات الخارجية في لبنان، جرت أحياناً، بمبادرات خارجية وأحياناً بمطلب داخليّ، لكن على الأطراف الداخلية أن تنشأ تفاهماً داخلياً تكمن فيه الاستقلالية.
وفي سياق آخر، أوضح سلامة أنّ البنى التحتية ليست هي الوحيدة التي تحتاج إلى إعادة إعمار، وقال: "البنى الفوقية أيضاً بحاجة إلى إعادة بناء وذلك باحترام التنوع، الذي يتميز به المجتمع اللبنانيّ وببناء رقعة مشتركة بين تاريخ الفئات اللبنانية جميعها".
وأكّد أنّ موضوع إعادة الإعمار له أفضلية في عمل الحكومة، وقال: "البيان الوزاري يشدد على صندوق مخصص لذلك لكي لا تذهب الأموال في اتجاهات مختلفة".