سودانايل:
2024-07-27@09:41:50 GMT

حجوا إلى جدة ولا تسعوا بين أديس والقاهرة

تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT

السودانيون في ماضيهم القريب عقدوا مؤتمراً للصلح بين الزعيم ناصر والملك فيصل، عرف باسم (مؤتمر اللاءات الثلاث)، الذي رفع فيه المؤتمرون الشعار الثلاثي الرافض للصلح والاعتراف والتفاوض مع الكيان الصهيوني، في ذلك العام لم تكن بعض البلدان قد رُسمت على خارطة أطلس العالم، ورغم ذلك فلقد تدهورت أوضاع هذا القطر الإفريقي – العربي حتى غرق في الحضيض، فاشتعلت الحرب بعد أن اختلفت نخبه السياسية والعسكرية واختصمت وفجرت في الخصومة، أي لعنة حلّت بهذا الشعب الكريم ودولته؟، بعد أن كان رمزاً من رموز رأب التصدعات التي أصابت جدران الدول المجاورة ونسيج الشعوب الصديقة، إنّه لأمر مزعج، أن تعلم بأن الوضع العام للدولة السودانية قبل أن يتركها البريطانيون، كان الأفضل على المستويين الإفريقي والعربي، وكانت الآمال الاقتصادية معقودة على نواصي هذه البلاد الجميلة، المحتوية على كنوز الأرض ظاهراً وباطناً والمملوءة بخيرات السماء، لذلك كانت ومازالت هدفاً لعمالقة السوق العالمية، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ينجح السودانيون هذه المرة في الالتفاف حول الطموحات الزائدة لأصحاب الغرض والمصلحة والمتربصين؟، وهل يقدرون على الخروج بصيغة جامعة وتوليفة كاملة، لهذا العدد الكبير من المنابر العديدة المطروحة في الساحة؟، المنابر التي تزعم حرصاً على إيجاد حل سريع وعاجل للمعضلة الأمنية والسياسية؟، وهل استوعب السودانيون الدرس المستفاد من نشوب هذه الحرب اللعينة؟، التي اشتعلت بسبب التباعد الوجداني والرؤيوي بين المكونات الاجتماعية والكيانات السياسية؟، إذا لم يستوعبوا كل ذلك فتأكد أن المحصّلة سوف تكون كسابقاتها من المحصلات غير ذات الجدوى، وهي الدوران حول الصنم القديم، والقنوط واليأس من تحقيق الإبداع والابتكار لرؤية جديدة مغايرة، تهز عرش الإخفاق التاريخي الذي اتسمت به الدولة القديمة المرفوضة رفضاً باتاً من جيل التغيير الجديد.


لقد آن الأوان للسودانيين أن يعلموا بأن قوتهم في وحدتهم، وطالما أنهم ما ينفكوا يصفون بعضهم بعضا بأولاد البلد وأبناء الشتات الدخيلين القادمين من وراء الحدود، لن يفلحوا في صناعة مجدهم الوطني، لاستشراء النزعات المناطقية وافتقارهم للقيمة الأخلاقية، وكما يقول المثل التقليدي (أكلت يوم أكل الثور الأبيض)، فإنهم لو لم يتركوا هذا المسلك المهلك سيأكلون، يوم أن قبلوا بأن يكون الكره والبغض هو الطريق لحلحلة نزاعاتهم السياسية ونزعاتهم الاجتماعية، ومادامت الجماعة والفرد منهم مرهون للدوافع الجهوية، لن يسلم الفرد ولن تنجو الجماعة من خبث الأجندة الوافدة، ومن زاوية النظر إلى المؤتمرين الذين انعقدا في الأيام المنصرمة بأديس أبابا والقاهرة، يرى المراقب وبكل وضوح الأسباب الحقيقية وراء التجاذب بين الجهتين، وهنا يمثل أمامنا واقع الأزمة المستحكمة – هشاشة الجبهة الداخلية، وأكذوبة وحدة الوجدان الوطني الذي تغنى بتماسكه الموسيقار محمد عثمان وردي، وقرض شعره هاشم صديق والفيتوري ومحمد المكي إبراهيم، فبعد كل هذا الجهد (الوطني) المقدّر والمنظور، ها هو السودان يرث الحرب، كيف حدث هذا؟، الإجابة بسيطة، وهي أن الزيف لا يصنع وطناً تتداعى أطرافه لتنعم بنعيم مركزه، والجبن لا يؤسس لجيش يحمي الدستور والوطن والمواطن، فما صنعناه بأيدينا عاد وبالاً علينا بما كسبت أيدينا، وما شدونا به لحناً وطنياً شجياً من أناشيد حفظناها على ظهر القلب، ارتد نشازاً وجدانياً ترك الغالب من أهلنا خارج منصة التأسيس، ما هكذا تورد الإبل يا روّاد تأسيس مؤتمري القاهرة وأديس، إنّ حلم الطفل السوداني أكبر من رؤية الحاضرين لمؤتمر القاهرة، وأعظم من الهتافات الصادرة من المعجبين الصائحين باسم الحرية والسلام، والعدالة المفقودة.
عليكم بجدة ولو طال سفركم وسعيكم إليها، وأنتم ما تزالون تهرولون بين صفا أديس أبابا ومروة قاهرة المعز، وعليكم بما اختارته أرض الحرمين من خيار، فهي وكما هو معلوم أنها من ساهمت في ايقاف مسلسل الدماء المنهمرة بين الأشقاء اللبنانيين، فوضعت حداً للمأساة التي طالت واستطالت بين الفصائل العسكرية والأحزاب السياسية، الحال الذي يشبه حال بلاد السودان اليوم، حدث ذلك بعد استجابة الفرقاء اللبنانيين وإذعانهم لنداء مؤتمر الطائف الشهير، وجميعنا أمل في أن يلعب منبر جدة الدور نفسه مع الفرقاء السودانيين، لما لأرض الحرمين من موقع يخفق به قلب هذا الشعب الطيب الكريم، فالمملكة العربية السعودية تعتبر من أكبر البلدان اكتظاظاً بالسودانيين، الذين تغربوا عن وطنهم بحثاً عن لقمة العيش والرزق الحلال، لذا آلت على نفسها أن تكون مكاناً محايداً لعقد لجان الصلح ورأب الصدع، وأن تبقى صالة مفتوحة لتواجد وفود المفاوضين المنوط بهم البت في حلحلة تعقيدات المشكل السوداني الطارئ، إنّها جدة وليست (الدجاجة) كما زعم وتهكم ذلكم الداج، ومن أبى جدة فقد أبى السلام.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

أبو فاعور من دار الفتوى: للبحث عن المشترك بدل الاشتباكات السياسية

 استقبل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب وائل أبو فاعور الذي قال بعد اللقاء: "دائما نسعى للقاء سماحته للوقوف على رأيه والاستزادة من حكمته ومن معرفته. طبعا النقاش كان عميقا وكان تركيزه على الهموم الوطنية دون نسيان تلك الصورة المقززة التي رأيناها بالأمس لرئيس وزراء العدو المجرم نتنياهو في الكونغرس الأميركي، تلك الاحتفالية المشينة اللاأخلاقية التي بالتأكيد تمثل سقوطا أخلاقيا لمن قام بها، ولكن الأهم من ذلك بأنها على المستوى السياسية تشي بالكثير من المخاطر، وتفترض بنا كلبنانيين أن نبحث بما يجمع بيننا، وفيما يمكن أن يقودنا إلى أفضل موقع ممكن في مصائرنا الوطنية"، مؤكدا" أهمية الحوار ليس فقط حول مسألة الرئاسة بل حول كل الشؤون الوطنية المطروحة لأننا رغم كل هذه المخاطر ورغم ما يجري في الجنوب نحن في الداخل نتضور جوعا ونتضور فراغا ونتضور أزمة اقتصادية وشغور في كل المؤسسات".

وأمل أن "ننصرف جميعا كلبنانيين إلى بعض الحكمة في مقاربة أمورنا، الحوار بدل التراشق، والبحث عن المشترك بدل الاشتباكات السياسية المفتوحة في هذه الظروف الصعبة".

مقالات مشابهة

  • باسيل يخذل حزب الله…. والمعارضة تصدّ الابواب
  • نائب رئيس حزب المؤتمر: ملف الحبس الاحتياطي على قائمة أولويات الحوار الوطني
  • ورشة عمل حول تمكين الذكاء الاصطناعي لكبار المسؤولين الإثيوبيين
  • حزب المؤتمر: ملف الحبس الاحتياطي يتصدر قائمة أولويات الحوار الوطني
  • 5 نقاط في 12 ساعة.. ما الذي انتهى إليه الحبس الاحتياطي في الحوار الوطني؟
  • 5نقاط في 12 ساعة.. ما الذي انتهت إليه مناقشات الحبس الاحتياطي في الحوار الوطني؟
  • مَن يسابق مَن في نسف جسور الحوار؟
  • رئيس مجلس الدولة يلتقي تجمع الراية الشبابي
  • أبو فاعور من دار الفتوى: للبحث عن المشترك بدل الاشتباكات السياسية
  • مصادقة جوبا على اتفاقية عنتيبي.. أي خيارات أمام الخرطوم والقاهرة؟