سودانايل:
2024-12-25@00:58:59 GMT

حجوا إلى جدة ولا تسعوا بين أديس والقاهرة

تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT

السودانيون في ماضيهم القريب عقدوا مؤتمراً للصلح بين الزعيم ناصر والملك فيصل، عرف باسم (مؤتمر اللاءات الثلاث)، الذي رفع فيه المؤتمرون الشعار الثلاثي الرافض للصلح والاعتراف والتفاوض مع الكيان الصهيوني، في ذلك العام لم تكن بعض البلدان قد رُسمت على خارطة أطلس العالم، ورغم ذلك فلقد تدهورت أوضاع هذا القطر الإفريقي – العربي حتى غرق في الحضيض، فاشتعلت الحرب بعد أن اختلفت نخبه السياسية والعسكرية واختصمت وفجرت في الخصومة، أي لعنة حلّت بهذا الشعب الكريم ودولته؟، بعد أن كان رمزاً من رموز رأب التصدعات التي أصابت جدران الدول المجاورة ونسيج الشعوب الصديقة، إنّه لأمر مزعج، أن تعلم بأن الوضع العام للدولة السودانية قبل أن يتركها البريطانيون، كان الأفضل على المستويين الإفريقي والعربي، وكانت الآمال الاقتصادية معقودة على نواصي هذه البلاد الجميلة، المحتوية على كنوز الأرض ظاهراً وباطناً والمملوءة بخيرات السماء، لذلك كانت ومازالت هدفاً لعمالقة السوق العالمية، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ينجح السودانيون هذه المرة في الالتفاف حول الطموحات الزائدة لأصحاب الغرض والمصلحة والمتربصين؟، وهل يقدرون على الخروج بصيغة جامعة وتوليفة كاملة، لهذا العدد الكبير من المنابر العديدة المطروحة في الساحة؟، المنابر التي تزعم حرصاً على إيجاد حل سريع وعاجل للمعضلة الأمنية والسياسية؟، وهل استوعب السودانيون الدرس المستفاد من نشوب هذه الحرب اللعينة؟، التي اشتعلت بسبب التباعد الوجداني والرؤيوي بين المكونات الاجتماعية والكيانات السياسية؟، إذا لم يستوعبوا كل ذلك فتأكد أن المحصّلة سوف تكون كسابقاتها من المحصلات غير ذات الجدوى، وهي الدوران حول الصنم القديم، والقنوط واليأس من تحقيق الإبداع والابتكار لرؤية جديدة مغايرة، تهز عرش الإخفاق التاريخي الذي اتسمت به الدولة القديمة المرفوضة رفضاً باتاً من جيل التغيير الجديد.


لقد آن الأوان للسودانيين أن يعلموا بأن قوتهم في وحدتهم، وطالما أنهم ما ينفكوا يصفون بعضهم بعضا بأولاد البلد وأبناء الشتات الدخيلين القادمين من وراء الحدود، لن يفلحوا في صناعة مجدهم الوطني، لاستشراء النزعات المناطقية وافتقارهم للقيمة الأخلاقية، وكما يقول المثل التقليدي (أكلت يوم أكل الثور الأبيض)، فإنهم لو لم يتركوا هذا المسلك المهلك سيأكلون، يوم أن قبلوا بأن يكون الكره والبغض هو الطريق لحلحلة نزاعاتهم السياسية ونزعاتهم الاجتماعية، ومادامت الجماعة والفرد منهم مرهون للدوافع الجهوية، لن يسلم الفرد ولن تنجو الجماعة من خبث الأجندة الوافدة، ومن زاوية النظر إلى المؤتمرين الذين انعقدا في الأيام المنصرمة بأديس أبابا والقاهرة، يرى المراقب وبكل وضوح الأسباب الحقيقية وراء التجاذب بين الجهتين، وهنا يمثل أمامنا واقع الأزمة المستحكمة – هشاشة الجبهة الداخلية، وأكذوبة وحدة الوجدان الوطني الذي تغنى بتماسكه الموسيقار محمد عثمان وردي، وقرض شعره هاشم صديق والفيتوري ومحمد المكي إبراهيم، فبعد كل هذا الجهد (الوطني) المقدّر والمنظور، ها هو السودان يرث الحرب، كيف حدث هذا؟، الإجابة بسيطة، وهي أن الزيف لا يصنع وطناً تتداعى أطرافه لتنعم بنعيم مركزه، والجبن لا يؤسس لجيش يحمي الدستور والوطن والمواطن، فما صنعناه بأيدينا عاد وبالاً علينا بما كسبت أيدينا، وما شدونا به لحناً وطنياً شجياً من أناشيد حفظناها على ظهر القلب، ارتد نشازاً وجدانياً ترك الغالب من أهلنا خارج منصة التأسيس، ما هكذا تورد الإبل يا روّاد تأسيس مؤتمري القاهرة وأديس، إنّ حلم الطفل السوداني أكبر من رؤية الحاضرين لمؤتمر القاهرة، وأعظم من الهتافات الصادرة من المعجبين الصائحين باسم الحرية والسلام، والعدالة المفقودة.
عليكم بجدة ولو طال سفركم وسعيكم إليها، وأنتم ما تزالون تهرولون بين صفا أديس أبابا ومروة قاهرة المعز، وعليكم بما اختارته أرض الحرمين من خيار، فهي وكما هو معلوم أنها من ساهمت في ايقاف مسلسل الدماء المنهمرة بين الأشقاء اللبنانيين، فوضعت حداً للمأساة التي طالت واستطالت بين الفصائل العسكرية والأحزاب السياسية، الحال الذي يشبه حال بلاد السودان اليوم، حدث ذلك بعد استجابة الفرقاء اللبنانيين وإذعانهم لنداء مؤتمر الطائف الشهير، وجميعنا أمل في أن يلعب منبر جدة الدور نفسه مع الفرقاء السودانيين، لما لأرض الحرمين من موقع يخفق به قلب هذا الشعب الطيب الكريم، فالمملكة العربية السعودية تعتبر من أكبر البلدان اكتظاظاً بالسودانيين، الذين تغربوا عن وطنهم بحثاً عن لقمة العيش والرزق الحلال، لذا آلت على نفسها أن تكون مكاناً محايداً لعقد لجان الصلح ورأب الصدع، وأن تبقى صالة مفتوحة لتواجد وفود المفاوضين المنوط بهم البت في حلحلة تعقيدات المشكل السوداني الطارئ، إنّها جدة وليست (الدجاجة) كما زعم وتهكم ذلكم الداج، ومن أبى جدة فقد أبى السلام.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

طارق العوضي: العفو عن أبناء سيناء يعكس حكمة القيادة السياسية

ثمّن المحامي طارق العوضي، القرار الإنساني الصادر عن الرئيس عبدالفتاح السيسي بالعفو عن 54 من أبناء سيناء، مؤكدا أنّ الخطوة تعكس عظمة القيادة السياسية وحكمتها، وتعبر عن رؤية واضحة لبناء وطن يحتضن جميع أبنائه دون استثناء، مهما كانت الظروف التي مروا بها.

العفو عن 54 من أبناء سيناء

وقال العوضي، إنّ المبادرة التاريخية ليست مجرد قرار سياسي، بل رسالة أمل تحمل في طياتها معاني الرحمة والإنسانية لأسر هؤلاء المواطنين، وتأكيد على أنّ الدولة المصرية بحكمة قيادتها، تعطي الأولوية لتضميد الجراح وإعادة اللحمة الوطنية، في إطار من التسامح والوحدة.

وأضاف العوضي: «أدعو الرئيس إلى استكمال المبادرات الإنسانية التي تجسد قيم العدل والرحمة، وأنّ مصر الكبيرة بتاريخها وتنوعها، قادرة على استيعاب أبنائها، وإرسال رسالة قوية للعالم بأنها وطن الحرية والتسامح».

تعزيز الوحدة الوطنية

وأكد العوضي أنّ العفو عن المحبوسين في قضايا الرأي والتعبير رسالة إنسانية للعالم تؤكد أنّ مصر تظل منارة للحرية والعدالة، وخطوة مهمة نحو تعزيز الوحدة الوطنية، فضلا عن أنّها تأكيد على أنّ اختلاف الرأي لا يُفسد للوطن قضية، بل يُثري التجربة الوطنية، ودعوة صريحة لتحقيق مصالحة وطنية شاملة تُرسخ قيم الحوار والتفاهم.

واختتم بقوله: «حفظ الله مصر وشعبها العظيم، ووفق قيادتها إلى ما فيه الخير لهذا الوطن الذي يستحق منا جميعاً العمل من أجل مستقبل أكثر إشراقاً وعدلاً».

مقالات مشابهة

  • حلم بوتين الذي تحول إلى كابوس
  • طارق العوضي: العفو عن أبناء سيناء يعكس حكمة القيادة السياسية
  • مبادرة «صوتك مسموع» تستجيب لشكاوى تراكم القمامة وإشغالات الطرق في القاهرة والجيزة
  • في ذكرى الاستقلال.. البعثة الأممية تحث على إحياء العملية السياسية
  • قوات سوريا الديمقراطية: نتواصل مع الإدارة السياسية في دمشق
  • من هو كمال عدوان الذي سُمي مستشفى غزة باسمه؟
  • رؤية النخب السودانية حول الحراك الثوري والتحولات السياسية
  • تعرف على التطورات السياسية والدبلوماسية في سوريا
  • شياب ليبيا يناقشون سبل النهوض بالعملية السياسية والتصدّي لخطاب الكراهية
  • من هو النبي الذي قتل جالوت؟.. تعرف على القصة كاملة