سودانايل:
2025-04-29@23:03:26 GMT

حجوا إلى جدة ولا تسعوا بين أديس والقاهرة

تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT

السودانيون في ماضيهم القريب عقدوا مؤتمراً للصلح بين الزعيم ناصر والملك فيصل، عرف باسم (مؤتمر اللاءات الثلاث)، الذي رفع فيه المؤتمرون الشعار الثلاثي الرافض للصلح والاعتراف والتفاوض مع الكيان الصهيوني، في ذلك العام لم تكن بعض البلدان قد رُسمت على خارطة أطلس العالم، ورغم ذلك فلقد تدهورت أوضاع هذا القطر الإفريقي – العربي حتى غرق في الحضيض، فاشتعلت الحرب بعد أن اختلفت نخبه السياسية والعسكرية واختصمت وفجرت في الخصومة، أي لعنة حلّت بهذا الشعب الكريم ودولته؟، بعد أن كان رمزاً من رموز رأب التصدعات التي أصابت جدران الدول المجاورة ونسيج الشعوب الصديقة، إنّه لأمر مزعج، أن تعلم بأن الوضع العام للدولة السودانية قبل أن يتركها البريطانيون، كان الأفضل على المستويين الإفريقي والعربي، وكانت الآمال الاقتصادية معقودة على نواصي هذه البلاد الجميلة، المحتوية على كنوز الأرض ظاهراً وباطناً والمملوءة بخيرات السماء، لذلك كانت ومازالت هدفاً لعمالقة السوق العالمية، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ينجح السودانيون هذه المرة في الالتفاف حول الطموحات الزائدة لأصحاب الغرض والمصلحة والمتربصين؟، وهل يقدرون على الخروج بصيغة جامعة وتوليفة كاملة، لهذا العدد الكبير من المنابر العديدة المطروحة في الساحة؟، المنابر التي تزعم حرصاً على إيجاد حل سريع وعاجل للمعضلة الأمنية والسياسية؟، وهل استوعب السودانيون الدرس المستفاد من نشوب هذه الحرب اللعينة؟، التي اشتعلت بسبب التباعد الوجداني والرؤيوي بين المكونات الاجتماعية والكيانات السياسية؟، إذا لم يستوعبوا كل ذلك فتأكد أن المحصّلة سوف تكون كسابقاتها من المحصلات غير ذات الجدوى، وهي الدوران حول الصنم القديم، والقنوط واليأس من تحقيق الإبداع والابتكار لرؤية جديدة مغايرة، تهز عرش الإخفاق التاريخي الذي اتسمت به الدولة القديمة المرفوضة رفضاً باتاً من جيل التغيير الجديد.


لقد آن الأوان للسودانيين أن يعلموا بأن قوتهم في وحدتهم، وطالما أنهم ما ينفكوا يصفون بعضهم بعضا بأولاد البلد وأبناء الشتات الدخيلين القادمين من وراء الحدود، لن يفلحوا في صناعة مجدهم الوطني، لاستشراء النزعات المناطقية وافتقارهم للقيمة الأخلاقية، وكما يقول المثل التقليدي (أكلت يوم أكل الثور الأبيض)، فإنهم لو لم يتركوا هذا المسلك المهلك سيأكلون، يوم أن قبلوا بأن يكون الكره والبغض هو الطريق لحلحلة نزاعاتهم السياسية ونزعاتهم الاجتماعية، ومادامت الجماعة والفرد منهم مرهون للدوافع الجهوية، لن يسلم الفرد ولن تنجو الجماعة من خبث الأجندة الوافدة، ومن زاوية النظر إلى المؤتمرين الذين انعقدا في الأيام المنصرمة بأديس أبابا والقاهرة، يرى المراقب وبكل وضوح الأسباب الحقيقية وراء التجاذب بين الجهتين، وهنا يمثل أمامنا واقع الأزمة المستحكمة – هشاشة الجبهة الداخلية، وأكذوبة وحدة الوجدان الوطني الذي تغنى بتماسكه الموسيقار محمد عثمان وردي، وقرض شعره هاشم صديق والفيتوري ومحمد المكي إبراهيم، فبعد كل هذا الجهد (الوطني) المقدّر والمنظور، ها هو السودان يرث الحرب، كيف حدث هذا؟، الإجابة بسيطة، وهي أن الزيف لا يصنع وطناً تتداعى أطرافه لتنعم بنعيم مركزه، والجبن لا يؤسس لجيش يحمي الدستور والوطن والمواطن، فما صنعناه بأيدينا عاد وبالاً علينا بما كسبت أيدينا، وما شدونا به لحناً وطنياً شجياً من أناشيد حفظناها على ظهر القلب، ارتد نشازاً وجدانياً ترك الغالب من أهلنا خارج منصة التأسيس، ما هكذا تورد الإبل يا روّاد تأسيس مؤتمري القاهرة وأديس، إنّ حلم الطفل السوداني أكبر من رؤية الحاضرين لمؤتمر القاهرة، وأعظم من الهتافات الصادرة من المعجبين الصائحين باسم الحرية والسلام، والعدالة المفقودة.
عليكم بجدة ولو طال سفركم وسعيكم إليها، وأنتم ما تزالون تهرولون بين صفا أديس أبابا ومروة قاهرة المعز، وعليكم بما اختارته أرض الحرمين من خيار، فهي وكما هو معلوم أنها من ساهمت في ايقاف مسلسل الدماء المنهمرة بين الأشقاء اللبنانيين، فوضعت حداً للمأساة التي طالت واستطالت بين الفصائل العسكرية والأحزاب السياسية، الحال الذي يشبه حال بلاد السودان اليوم، حدث ذلك بعد استجابة الفرقاء اللبنانيين وإذعانهم لنداء مؤتمر الطائف الشهير، وجميعنا أمل في أن يلعب منبر جدة الدور نفسه مع الفرقاء السودانيين، لما لأرض الحرمين من موقع يخفق به قلب هذا الشعب الطيب الكريم، فالمملكة العربية السعودية تعتبر من أكبر البلدان اكتظاظاً بالسودانيين، الذين تغربوا عن وطنهم بحثاً عن لقمة العيش والرزق الحلال، لذا آلت على نفسها أن تكون مكاناً محايداً لعقد لجان الصلح ورأب الصدع، وأن تبقى صالة مفتوحة لتواجد وفود المفاوضين المنوط بهم البت في حلحلة تعقيدات المشكل السوداني الطارئ، إنّها جدة وليست (الدجاجة) كما زعم وتهكم ذلكم الداج، ومن أبى جدة فقد أبى السلام.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

محافظات جديدة على الخارطة.. بين الحلم والمساومات السياسية

27 أبريل، 2025

بغداد/المسلة:

يطرح مجلس النواب العراقي في جلساته المقبلة مشروعات قوانين جدلية، أبرزها مشروع “استحداث محافظات جديدة”، في وقت تترقب فيه الكتل السياسية وصول جداول الموازنة العامة، وسط توقعات بتصاعد الخلافات مع اقتراب التصويت.

وتكال الاتهامات إلى جهات تعمل على استغلال مشاريع القوانين المهمة لتحقيق مكاسب حزبية، خاصة تلك المرتبطة بتحويل المناطق إلى محافظات مستقلة.

وهناك سلسلة من الطلبات الرسمية التي قدمتها مناطق عراقية مختلفة فيما الاستحقاقات الإدارية والديموغرافية باتت حاسمة لقبول بعض منها،  لكن موافقات وزارة التخطيط والمحافظات الأم لا تزال تشكل عائقاً أمام حسم الملفات العالقة.

وارتفعت الدعوات المحلية خلال الأشهر الأخيرة لإنشاء محافظات جديدة، أبرزها مطالبات أقضية تلعفر وطوزخورماتو والفلوجة وسهل نينوى، حيث تؤكد مصادر محلية أن تلعفر وحدها تتجاوز حاجز 300 ألف نسمة، وهو معيار أساسي لاعتماد التحويل بحسب قانون وزارة التخطيط لسنة 2018.

وانعكس الجدل حول الموضوع على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث غرّد الناشط أحمد التميمي عبر حسابه في “إكس” قائلاً: “استحداث المحافظات حق مشروع، لكنه يحتاج إلى نزاهة بعيداً عن الصفقات السياسية”، فيما كتب الإعلامي قاسم عبد الحسين: “تقسيم العراق إداريًا يجب أن يكون على أساس المصلحة العامة لا المصالح الضيقة”، مما يعكس المخاوف الشعبية من تسييس القضية.

وتحدث تقرير  عن توقعات خبراء بأن إنشاء محافظات جديدة قد ينعش بعض المناطق اقتصادياً، لكنه في المقابل قد يزيد من تعقيد الملفات الإدارية، نظراً لقلة التخصيصات المالية، حيث إن نسبة العجز في الموازنة المتوقعة تجاوزت 15% من الناتج المحلي الإجمالي بحسب تقرير صندوق النقد الدولي في نيسان 2025.

واعتبر الخبير الإداري علي السامرائي أن استحداث المحافظات يجب أن يرافقه تخطيط مدروس قائلاً: “التحويل الإداري دون بنية تحتية كافية سيكون عبئاً لا مكسباً”، مشدداً على ضرورة إعداد دراسات جدوى اقتصادية قبل أي قرار نهائي.

واستمر الشارع العراقي في مراقبة التطورات بحذر، بين ترحيب بإعطاء المناطق حقها في التمثيل الإداري، وتخوف من تفكك المنظومة الإدارية إذا لم تُبنَ هذه الخطوات على دراسات عميقة وتوافقات سياسية واضحة.

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • انتظام الدراسة اليوم بجامعات عين شمس والقاهرة وحلوان رغم تحذيرات الأرصاد
  • مدير الشؤون السياسية بحلب والمشرف على عمل مديريتي الصحة بحلب وإدلب يبحثان مع عدد من الصيادلة التحديات التي تواجه القطاع الدوائي
  • ترامب والبلطجة السياسية في تهديد قناتي السويس وبنما
  • انعقاد جولة المشاورات السياسية السابعة بين مصر وتايلاند
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • مصريون يهاجمون ترامب إثر تصريحاته عن قناة السويس.. والقاهرة تلتزم الصمت
  • أديس أبابا: المغرب يحصد 9 ميداليات، 3 منها ذهبية، في كأس رئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو
  • الطالبي العلمي: “الأحرار” الحزب واعٍ بالضغوط السياسية والهجمات التي تستهدفه ويقود الحكومة بثقة
  • محافظات جديدة على الخارطة.. بين الحلم والمساومات السياسية
  • احذروا القوي السياسية التي تعبث بالأمن