تابعت باهتمام بالغ ، لا يخلو من توجس، مؤتمر القوي المدنية والسياسية الذي إستضافته الحكومة المصرية في يوم السبت ٦ يوليو ٢٠٢٤م.
" معا من أجل إيقاف الحرب" كان شعار المؤتمر كما نعلم جميعا وهو شعار يستوجب توسيع القاعدة المدنية الرافضة للحرب، وقد كان توافق أكبر عدد من القوي والمنظمات والشخصيات المدنية، كان هو الهدف الأول للمؤتمر.
إما فيما يخص شعار المؤتمر وهو " معا من أجل وقف الحرب" فقد فشل في تحقيق الهدف الأول وإن كسب بعض الناشطين إلي معسكر السلام وتوسيع التحالف المدني ضد الحرب.
ويمكن فهم هذا الفشل على ضوء معايير فض النزاعات conflicts resolution حيث يحتاج هدف بحجم " التوافق من أجل وقف الحرب المدمرة" علي تحقق الشروط التالية:
أولا توفر الحرية لكل المشتركين في الحوار والتفاوض بغرض الاتفاق الطوعي علي بيان ختامي يشكل رؤية الجميع حول كيفية وقف الحرب. لكن كان من الواضح أن ممثلى الكتلة الديمقراطية لديهم أجندة أخري غير معلنة، ولا تتوفر لهم حرية إتخاذ القرار، بدليل أن عقار وجبريل ومناوي كانوا قد رفضوا التوقيع علي البيان الختامي للمؤتمر رغم إن مجموعتهم كان لها الأغلبية في صياغته ( ستة أشخاص مقابل خمسة من تقدم).
ثانيا الجلوس سويا مع وجود وسطاء لإدارة حوار شفاف يطرح فيه كل طرف تصوراته ومخاوفه. لكن ممثلو الكتلة الديمقراطية كانوا قد رفضوا الجلوس مع ممثلي التنسيقية لإدارة حوار صادق وشفاف حول ضرورة وقف الحرب في السودان وفضلوا الجلوس داخل قاعة منفصلة.
ثالثا الإلتزام بمناقشة كل القضايا التي تشغل الفرقاء بصدق ، أي خلو النوايا من أي اجندة خفية.
علي ضوء ذلك يمكن رصد أسلوب وطريقة كل فريق قبل إطلاق الاحكام علي أي طرف ، وما إذا كان هذا الطرف أو ذاك ، حريصا علي تحقيق التوافق من أجل وقف الحرب أم لا.
في تقديري أن ممثلي تنسيقية القوي المدنية الديمقراطية "تقدم " كانوا يتبعون أسلوب ما عرف ب"الاستيعاب" و"التعاون" من أجل بلوغ الهدف accomodative and collaborative styles
وقد تبين ذلك من خلال حرصهم علي وجود وسطاء يحظون بالقبول impartial entities وتجسد ذلك في تقديم الكلمة الافتتاحية للمؤتمر بواسطة شخصية محايدة تمثلت في د. الشفيع خضر سعيد.
إضافة إلي ثلاث وسطاء آخرين يحظون بقبول كل الاطراف تقريبا بغرض تقريب وجهات النظر، وكان يمكن أن يساعد ذلك علي الخروج بتوافق مطلوب لوقف الحرب يستطيع ان يجد السند الاقليمي والدولي. وقد كانت هذه النقطة بالذات من أهم أجندة المؤتمر علي الإطلاق.
بينما إتبع الطرف الآخر المتمثل في ممثلى الكتلة الديمقراطية الاسلوب التنافسي في الحوار competitive approach وهو اسلوب متبع في ثقافة فض النزاعات لتغليب وجهة نظر معينة ولكنه لا يساعد علي التوافق، بقدر ما يميل إلي فرص التصورات والرؤي ومثال ذلك إنهم كانوا قد رفضوا تسجيل إدانة للجيش لدوره في القتل والانتهاكات التي حدثت في الحرب، والإصرار في ذات الوقت علي إدانة الدعم السريع. لكن قبول المشاركين من " تقدم" لمقترح الإكتفاء بإدانة الانتهاكات دون الإشارة إلي مرتكبيها كان من باب حرصهم علي حصول قبول من الطرف الآخر، وكان واضحا أنه بمثابة تنازلا من جانبهم يهدف إلي تحقيق التوافق، وهو ما يعرف بالاسلوب التعاوني collaborative style في الحوار .
الامثله متعددة لتاكيد وجهة نظرنا حول حرص تنسيقية تقدم وصدقها تجاه ما رفعته من شعارات وما طرحته من أهداف، وذلك بعكس الكتلة الديمقراطية التي لم تظهر أي نوع من الحرص تجاه وقف
الحرب والمعاناة والموت والدمار ، وهذا التقييم طبعا لا ينطبق علي الأفراد الذين وقعوا علي البيان الختامي للمؤتمر ممن انتموا إلي تلك الكتلة، بل أن موقفهم هذا يحسب لصالحهم.
أعتقد أن مثل هذه الملاحظات قد تم رصدها من قبل الضيوف والدولة المضيفة علي السواء، وربما كان ذلك وراء غضب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وربما يفسر كذلك، سبب عدم دعوته لكل من عقار ومناوي وجبريل لحضور اللقاء الذي جمعه في اليوم التالي مع المؤتمرين.
طلعت محمد الطيب
talaat1706@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الکتلة الدیمقراطیة وقف الحرب من أجل
إقرأ أيضاً:
بدء انسحاب قوات سادك من مدينة غوما في الكونغو الديمقراطية
بدأت القوات العسكرية التابعة لمجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية (سادك) عملية انسحابها من مدينة غوما الواقعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية أمس الثلاثاء، وفقا لما نقلته وكالة الأناضول. وقد تمت ملاحظة هذه العملية من دون صدور أي تصريحات رسمية من السلطات الكونغولية أو من مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية أو حتى من المتمردين في حركة إم 23 الذين يسيطرون على المدينة منذ 3 أشهر.
وشهدت المنطقة وصول قافلة مكونة مما لا يقل عن 7 شاحنات محملة بالمعدات العسكرية، تواكبها مركبات خفيفة تابعة للشرطة الرواندية. عبرت القافلة "المعبر الرئيسي" بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد تم تداول صور عبر وسائل الإعلام الرواندية تظهر آليات مدرعة وشاحنة نقل تحمل ذخائر أثناء دخولها الأراضي الرواندية.
وبحسب أحد المتحدثين باسم المنظمة الإقليمية الذي تم التواصل معه من قبل الأناضول، بدأ الانسحاب في وقت مبكر من صباح أمس الثلاثاء، وتم التفاوض بشأنه مع جماعة المتمردين إم 23 وحليفها السياسي "تحالف نهر الكونغو" الذين يسيطرون على المدينة منذ نهاية يناير/كانون الثاني. ولم يتم الكشف عن عدد الجنود الذين رافقوا هذه المعدات العسكرية أثناء انسحابهم.
إعلانوفي سياق متصل، أعلن وزير الخارجية الرواندي، أوليفييه ندوهيريه، في منشور على منصة "إكس"، أن رواندا قد ضمنت "المرور الآمن ومواكبة قوافل القوات والمعدات التابعة للبعثة المنسحبة من شرق الكونغو الديمقراطية إلى تنزانيا عبر رواندا". وأضاف أن وجود القوات "كان دائما عامل تعقيد في النزاع"، مؤكدا أن بداية "الانسحاب اليوم تمثل خطوة إيجابية لصالح عملية السلام الجارية".
وتُعد هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الانسحاب الرسمي لقوات "مهمة سادك في جمهورية الكونغو الديمقراطية". وكانت قد تم إجلاء حوالي 200 جندي مصاب من القوات في فبراير/شباط الماضي. وتم نشر هذه القوات في ديسمبر/كانون الأول 2023 لدعم الجيش الكونغولي في مواجهة تقدم حركة إم 23، وشملت التشكيلة العسكرية قوات من جنوب أفريقيا ومالاوي وتنزانيا، وكان العدد الإجمالي للقوات يقدر بنحو 1300 جندي.
ومنذ سقوط مدينة غوما، كانت القوات قد تراجعت إلى قاعدة تابعة لمهمة الأمم المتحدة في الكونغو (مونوسكو). وفي منتصف أبريل/نيسان، اتهم المتمردون الذين يسيطرون على غوما وبوكافو، قوات سادك بالمشاركة في الهجمات التي وقعت في 14 أبريل/نيسان مع مليشيات موالية للحكومة تحت مسمى "الوزالندو" بهدف محاولة استعادة غوما.
وفي وقت لاحق، تم إصدار دعوات من قبل المتمردين لانسحاب القوات "فورا ومن دون شروط" من مدينة غوما، حيث كانت قد فقدت 7 من جنودها في اشتباكات للسيطرة على عاصمة إقليم شمال كيفو".