بزشكيان أمام جملة مطالب بإيران.. إليك أبرزها
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
طهران- بعد فوز السياسي الإصلاحي مسعود بزشكيان في رئاسيات إيران المبكرة 2024، تطرح الأوساط السياسية في طهران تساؤلات عن أبرز أولويات حكومته في المرحلة الراهنة داخليا وخارجيا، ومطالب التيارات السياسية والاجتماعية منه، فضلا عن التحديات التي تقف عقبة في طريقه.
ما الملفات التي لا تحتمل الانتظار عقب ظفر بزشكيان بالرئاسة؟يعتقد الباحث في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية عباس أصلاني أن ثمة ملفات داخلية وخارجية لا بد من العمل على معالجتها فور الانتهاء من احتفالات النصر، ويحل تأليف المجلس الوزاري وترتيب أوراق السياسة الخارجية في صدارة قائمة أولويات الرئيس المنتخب.
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير أصلاني إلى التطورات الدقيقة في الشرق الأوسط من جهة ومطالب الناخبين بشأن تحسين الوضع المعيشي من جهة أخرى.
وبرأيه، لا يمكن التريث حتى تأليف الحكومة لمعالجة الملفات العالقة، مما يبرر توجه الرئيس المنتخب إلى تشكيل مجموعات عمل للتنسيق مع الحكومة المنتهية لا سيما بشأن تسيير أمور البلاد خلال الفترة الانتقالية والقيام بالخطوات التمهيدية لضمان مصالحها في الخارج.
ويشير الباحث الإيراني إلى مواقف بزشكيان خلال حملته الانتخابية، التي تولي أهمية كبيرة لرفع العقوبات كونها تشكل سببا أساسيا للضغوط الأجنبية على اقتصاد طهران وعلاقاتها مع القوى الكبرى. وتوقع أن يبدأ الرئيس المنتخب العمل لإنجاح هذا المهمة ووضع خيارات بديلة للتعامل مع ملف العقوبات في حال لم يلق توجهه ترحيبا غربيا.
ما أولويات الحكومة الإصلاحية المقبلة في السياسة الخارجية؟يعتبر أصلاني رسالة بزشكيان إلى الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله وتجديده دعم الجمهورية الإسلامية لمحور المقاومة والقضية الفلسطينية، أولى خطواته العملية في سياسة حكومته الخارجية.
وتوقع أن تليها خطوات لتنشيط قنوات الاتصال مع القوى الغربية بشأن المفاوضات النووية ورفع العقوبات التي يراها جائرة بحق الشعب الإيراني. كما سيضع بزشكيان خطة لتفعيل الاتفاقيات الموقعة مع القوى الشرقية وتعزيز العلاقات أكثر مع دول المنطقة.
ما الوعود التي قطعها بزشكيان خلال الحملة الانتخابية والتي ساهمت في إقبال الناخب الإيراني عليه؟
يقول الباحث ومدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري إن الناخب الإيراني يتوقع من بزشكيان العمل على تحسين الوضع المعيشي فور تشكيله المجلس الوزاري، مضيفا أن السياسة الداخلية تتصدر هواجس المواطن الإيراني سواء كان من أنصار التيارين الإصلاحي أو المحافظ.
وفي حديث للجزيرة نت، يرى زواري أن الثنائية القطبية التي تكونت في المجتمع الإيراني خلال السنوات الماضية وتعززت خلال الحملات الانتخابية الأخيرة، تفرض على الرئيس المنتخب اتخاذ خطوات تمهد للمصالحة الوطنية لا سيما بين جيل الشباب والسلطات الحاكمة.
وتابع أن الاقتصاد الوطني يتصدر سلم أولويات الحكومة المقبلة على صعيد السياسة الداخلية، مستدركا أن جزءا من تحسين الاقتصاد مرهون بنجاح السياسة الخارجية وقدرتها على تحييد الضغوط الأجنبية.
ورأى مدير معهد العلاقات الدولية أن المجتمع الإيراني تجاوز التكتلات السياسية والأحزاب المتمثلة في التيارين الإصلاحي والمحافظ، وأنه يبحث عمن يتناغم مع مطالبه وتطلعاته. وأوضح أن السبب الأساسي وراء عجز أي من مرشحي الرئاسة في الجولة الأولى من الانتخابات الماضية، يعود إلى عدم وضوح برنامجهم تجاه تطلعات الشعب لا سيما جيل "زد".
ووفق زواري، فإن الوعود التي قطعها بزشكيان بخصوص عدد من الملفات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية قبيل الجولة الثانية، حفزت الطبقة الرمادية على المشاركة والتصويت لصالحه.
وأكد أن نسبة كبيرة من المجتمع الإيراني تنتظر بفارغ الصبر اتخاذ قرارات تضع حدا لتقييد الإنترنت وإنهاء عمل دوريات شرطة الأخلاق، "ولابد أن تشكل أولوية للحكومة المقبلة".
وخلص الباحث إلى أن العديد من المعضلات الاجتماعية -ومنها الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية- يمكن حلها عبر إنفاق الميزانيات الضخمة التي تخصص لمواجهة الشعب وعلى رأسها تقييد الإنترنت وفرض الحجاب، علی حد قوله.
ما مطالب الإصلاحيين من الرئيس المنتخب بعد عودتهم إلى السلطة؟يستذكر الناشط السياسي الإصلاحي النائب الأسبق في البرلمان جاسم شديد زاده تميمي، الوضع المعيشي داخل البلاد ومكانة طهران في المنطقة وتعزيز علاقاتها مع القوى الشرقية والغربية خلال حقبتي الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، مطالبا بزشكيان بتقديم نموذج إصلاحي للحكم انتظرته الأجيال الجديدة منذ زهاء عقدين.
وبعد انتقادات طالما يوجهها الإصلاحيون للحكومات المحافظة بسبب انفرادها بالسلطة، يوجه تميمي نصيحة لزملائه بتوظيف الطاقات المتخصصة من شتى التيارات السياسية في المجلس الوزاري والسلطات المحلية في المحافظات، والعمل على تحقيق مصالحة وطنية تعيد الاستقرار والسكينة إلى المجتمع الإيراني.
ولدى مطالبته الحكومة الإصلاحية بالعمل دون كلل لتعزيز العلاقات مع دول المنطقة والعالم الغربي وحلحلة القضايا الشائكة معه، يعتقد شديد زاده أن الوقت قد حان لمواجهة التحركات غير القانونية وعلى رأسها ما تُعرف بـ"حكومة الظل".
ماذا يريد التيار المحافظ من الحكومة الإصلاحية؟تقول الناشطة السياسية المحافظة زهرة إلهيان، التي تقدمت بأوراق ترشحها للانتخابات الرئاسية الماضية، إنه بعد انتهاء فترة التنافس الانتخابي لا يفكر تيارها السياسي إلا بالوفاق والوئام الوطني، وإنه لن يألو جهدا إلا وسيبذله في سبيل مساعدة الحكومة المقبلة من أجل المصالح الوطنية.
وطالبت الناشطة السياسية بزشكيان بمواصلة السياسات التي بدأها الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي لخدمة المواطن عبر التعامل البناء مع القارات الخمس. وأوضحت للجزيرة نت أنه لا ينبغي وضع "جميع البيض" في سلة التعامل مع الدول الغربية والإصرار على إنقاذ الاتفاق النووي.
وتابعت إلهيان أن تيارها السياسي يعلن استعداده لتقديم يد العون للحكومة المقبلة قبل أن يطرح مطالبه من الرئيس المنتخب، بالرغم من أنه ينتمي للتيار السياسي المنافس. وأكدت أن مهمة إعلاء مكانة إيران الإسلامية أكبر من أن يشغل التنافس السياسي بال التيار المحافظ ويمنعه من تقديم ثرواته البشرية المتخصصة تحت تصرف الحكومة المقبلة.
ما الطموحات التي تسعى المرأة الإيرانية لتحقيقها من نافذة الحكومة الإصلاحية؟تلخص الباحثة السياسية الناشطة في مجال المرأة برستو بهرامي راد، مطالب المرأة الإيرانية من الرئيس المنتخب في محورين:
الأول: أن يثق بقدراتها في إدارة البلاد وأن يوكل إليها عددا من الحقائب الوزارية. الثاني: أن يستمع إلى مطالبها الاجتماعية لا سيما بخصوص نضالها من أجل مواجهة سياسة فرض الحجاب الإجباري.وفي حديثها للجزيرة نت، أضافت بهرامي راد أنه بالرغم من مشاركة عدد من المؤسسات الرسمية في اتخاذ القرارات والسياسات العليا في البلاد، فإن للرئيس صلاحيات كبيرة تمكنه من التأثير وترك بصمة بارزة في القرارات التي تُتخذ بشأن النساء. وطالبته بإشراك الناشطات لدى اتخاذ السلطات قرارات تهم المرأة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحکومة الإصلاحیة المجتمع الإیرانی الرئیس المنتخب للجزیرة نت مع القوى لا سیما
إقرأ أيضاً:
ما الرسائل التي حملها ممثل الرئيس الروسي للجزائر؟
الجزائر– حملت زيارة نائب وزير الخارجية والممثل الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف إلى الجزائر دلالات عدة عن طبيعة العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة مع ظهور مؤشرات توتر غير معلن خلال الأشهر الماضية على خلفية وجود قوات فاغنر الروسية ونشاطها في مالي.
ووصف بوغدانوف علاقات بلاده بالجزائر بالجيدة وعلى مستوى إستراتيجي، مؤكدا أن اللقاء الذي جمعه رفقة نائب وزير الدفاع الروسي إيونوس بيك إيفيكوروف، بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ورئيس أركان الجيش الفريق أول السعيد شنقريحة، ووزير الخارجية أحمد عطاف، لم يناقش فقط العلاقات الثنائية بل الأحوال في المنطقة ومنطقة الساحل إلى جانب تبادل الرؤى والنصائح، مشيرا إلى استعداد روسيا لمواصلة اللقاءات والتعاون مع الجزائر بما في ذلك النقاش السياسي.
وتأتي زيارة المسؤول الروسي إلى الجزائر بالتزامن مع تقارير إعلامية حول سحب روسيا عتاد عسكري متطور من قواعدها في سوريا ونقله إلى ليبيا بعد أيام من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وعقب تجديد الجزائر دعوتها بمجلس الأمن إلى انسحاب القوات الأجنبية والمقاتلين والمرتزقة الذين يفاقم وجودهم حدة التوترات ويهدد سيادة ليبيا.
الجانبان الجزائري والروسي ناقشا العلاقات الثنائية وعددا من الملفات الإقليمية والدولية (الخارجية الجزائرية) تنشيط بعد فتوريقول أستاذ العلاقات الدولية والخبير في القضايا الجيوسياسية محمد عمرون إن زيارة ممثل الرئيس الروسي إلى الجزائر تُعد "مهمة" إذا ما وضعت في سياقها الإقليمي والدولي الذي يشهد عدة تطورات، منها سقوط نظام الأسد، والأوضاع في غزة، والحرب الأوكرانية الروسية المتواصلة، إلى جانب الوضع المتأزم في منطقة الساحل الأفريقي.
ويؤكد عمرون، في حديثه للجزيرة نت، أن الزيارة تعد مهمة أيضا بالنسبة للعلاقات الثنائية بين البلدين كونها اتسمت بالفتور الأشهر الماضية لاعتبارات عديدة، من بينها وجود قوات فاغنر الروسية في شمال مالي.
وتطرق إلى العلاقات التاريخية التقليدية بين الجزائر وروسيا في جميع المستويات السياسية والدبلوماسية وحتى العسكرية، مما يجعل روسيا "بحاجة إلى التشاور مع شركائها الموثوقين مثل الجزائر بخصوص التطورات في سوريا، وهو ما سيرفع حالة البرودة والفتور عن العلاقات الجزائرية الروسية".
إعلانواعتبر أن انعقاد الدورة الرابعة للجنة المشتركة الجزائرية الروسية فرصة لترميم الثقة بين الجانبين بعد فترة من الفتور، والتباحث حول واقع منطقة الساحل، ورفع التنسيق والتشاور وتبادل الرؤى في ما يتعلق بمجمل الملفات.
رسائل وتوضيحاتوأشار أستاذ العلاقات الدولية والخبير في القضايا الجيوسياسية إلى أن ممثل الرئيس الروسي قد حمل دون شك مجموعة من الرسائل من الرئيس بوتين إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تضاف إلى قضايا التعاون وكيفية تقريب وجهات النظر، وتتعلق بتقديم تفسيرات وتوضيحات من الجانب الروسي، خصوصًا فيما يتعلق بمنطقة الساحل، والاستماع للرؤية الجزائرية في هذا السياق.
وبخصوص إذا ما حملت هذه الزيارة تطمينات للجزائر، يقول إن الجزائر أثبتت عدة مرات أنها قادرة على حماية أمنها القومي بنفسها، مما يجعل مسألة التطمينات الروسية فيها نوع من المبالغة.
وأشار إلى أن الجزائر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تُستبعد من ترتيبات منطقة الساحل لاعتبارات كثيرة، كما أن الرؤية الجزائرية القائمة على ضرورة الحوار والتعاون، ورفض التدخلات العسكرية، ورفض اللجوء إلى القوة لحل الأزمات، تعتبر في كثير من الأحيان رؤية صائبة، مما يجعل روسيا مطالبة بالتنسيق بشكل أكبر مع الجزائر.
من جانبه، توقع الخبير في القضايا الجيوسياسية والأمنية وقضايا الهجرة، حسان قاسمي، أن يكون ملف فاغنر قد طوي نهائيا بعد ردود الفعل القوية للطرف الجزائري على نشاط القوات الروسية في مالي، مؤكدا أن روسيا بلد حليف للجزائر، ولو كان هناك عدم توافق في بعض الأحداث التي تطورت على حدود الجزائر.
قواعد روسية بليبياواعتبر قاسمي، في حديثه للجزيرة نت، أن الأخبار المتداول لوسائل إعلام غربية حول نقل القواعد العسكرية الروسية بسوريا إلى ليبيا هي محاولات مغرضة لنقل الصراع إلى ليبيا، لعدم وجود لتهديد مباشر للقواعد العسكرية الروسية في سوريا، مع إمكانية تطور الصراعات الجيوسياسية في المستقبل.
إعلانومع ذلك، اعتبر أن نقل روسيا المحتمل لقواعدها العسكرية من سوريا إلى ليبيا لا يمكن أن تشكل تهديدا لأمن الجزائر كونها ليست عدوا لها، مما يفرض التنسيق والتشاور مع الجزائر بالموضوع إلى جانب الأطراف الأخرى على غرار السلطة الليبية ومصر.
وقال الخبير حسان قاسمي إن التطورات التي حدث في مالي مع وجود قوات فاغنر الروسية هناك لا يمكن أن تتكرر في ليبيا.
ويرى المحلل السياسي علي ربيج أن موقف الجزائر واضح جدًا فيما يخص القواعد العسكرية في منطقة الساحل أو في منطقة المغرب العربي بشكل عام، كونها رفضت أن تكون هناك قواعد عسكرية على ترابها، أو في ليبيا أو تونس أو مالي، لتأثير مثل هذه التجارب على أمن البلدان بتحولها لمدخل مباشر للانتشار العسكري للقوات الأجنبية.
ويقول ربيج، في حديثه مع الجزيرة نت، إن موقف الجزائر ثابت فيما يتعلق بالقواعد العسكرية، مما قد يجعله أحد النقاط الخلافية بينها وبين روسيا، التي ربما ترغب في إقامة قاعدة عسكرية في ليبيا، معتبرا أن هذا قد يزيد التوتر بين الجزائر وروسيا، وبين أي دولة أخرى تريد إقامة قواعد عسكرية في المنطقة.
بالنسبة للرسائل التي قد يحملها الطرف الروسي بالنسبة للجزائر في القضية الليبية، اعتبر أنها لن تخرج عن محاولة إقناع الجزائر لتغيير موقفها، فروسيا لا يمكنها التنازل عن وجودها في ليبيا.
وأشار إلى أن الجزائر ستبقى صامدة ومتمسكة بموقفها كونها تؤمن بنظرية واحدة، وهي أنه "لا يمكن الخروج من الأزمة الليبية إلا عن طريق جلوس الأخوة الليبيين معًا، والليبيين فقط، لإجراء حوار ومفاوضات وتقديم تنازلات فيما بينهم من أجل التوصل إلى حل يفضي إلى إجراء انتخابات دون تدخل أجنبي".