السومرية نيوز – دوليات

نشرت صحيفة "هآرتس" مقالا مطولا كتبه في عام 1999 المؤرخ الإسرائيلي رون بونداك، الذي يعد أحد مهندسي اتفاقيات أوسلو، تضمن توقعات "مرعبة" لمستقبل إسرائيل في عام 2025.
وقالت الصحيفة إن توقعه كان دقيقا إلى حد "مؤلم"، وبدا اليوم قريبا من التحقق على أرض الواقع "بشكل مرعب"، وذلك بعد مرور عقد من الزمن على وفاته.



وقد شاءت الأقدار ألا يعيش بونداك ليتأكد إذا كان توقعه سيصبح حقيقة أم مجرد أضغاث أحلام، فقد وافته المنية في تل أبيب يوم 14 أبريل/نيسان 2014 عن عمر ناهز 59 عاما بعد صراع مع السرطان.

وتخيل المؤرخ الإسرائيلي في مقاله أنه في عام 2025 يستيقظ ذات صباح على وقع سؤال ظل يراوده مفاده: ألم يحن الوقت لأجمع ما تبقى لي من متاع قبل الفرار؟

ولم يكن هذا السؤال يدور في ذهنه من فراغ.. فقد تخيل في مقاله أن الأوضاع في إسرائيل تدهورت بشدة حتى إن "معظم أصدقائي غادروا" البلاد، حسب تعبيره، والمغادرة "تبدأ عادة عندما يهاجر أبناؤهم وأحفادهم، فبعض منهم هاجر إلى أوروبا، ومعظمهم إلى الولايات المتحدة، وآخرون إلى مناطق أبعد من ذلك مثل شرق آسيا".

لقد أُفرغت إسرائيل من أغلب مواردها البشرية في "عدد كبير من الصناعات القائمة على المعرفة، وقد كانت في السنوات الأولى من القرن الـ21 رائدة في هذا المجال"، كما يقول المؤرخ الإسرائيلي.   وانتقد الكاتب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك الأولى (1999-2001) بسبب ارتكابها العديد من الأخطاء عندما "كان كل شيء جاهزا للتوقيع وتنفيذ الصفقة التاريخية الكبرى مع الفلسطينيين، والتي كان من الممكن أن تغير مجرى التاريخ".

غير أن الحكومة قررت التمسك بالخطة المحدودة التي تفتقر إلى الرؤية، والتي فُرضت على الفلسطينيين وألقت الشرق الأوسط في أتون اضطرابات "ندفع ثمنها حتى يومنا هذا"، كما يقول مهندس أوسلو.

وسرد رون بونداك بعض الملابسات التي صاحبت عملية التفاوض التي أجريت في عام 2000، للتوصل إلى تسوية سلمية مع الفلسطينيين.

وقال إن الحكومة الإسرائيلية لم تكن مستعدة للسماح للفلسطينيين بإقامة دولة على معظم أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، وكانت تهدف من وراء ذلك إلى التقليل من حق عودة اللاجئين إلى دولتهم المستقبلية، وأصرّت على الحفاظ على السيادة الإسرائيلية في قطاع واسع من الأراضي على طول وادي الأردن، ورفضت تمكين الفلسطينيين من أن يكونوا شركاء حقيقيين في إدارة المياه في طبقة المياه الجوفية التي هي تحت أقدامهم.

وأضاف أن المناقشات بشأن القدس تعثرت أيضا عندما طالبت إسرائيل بالسيادة على المدينة بأكملها، بما في ذلك 65 كيلومترا مربعا التي ضمتها من الضفة الغربية عام 1967، فضلا عن السيطرة الكاملة على السكان العرب في المدينة، الذين كان يبلغ عددهم آنذاك 200 ألف نسمة.

وفي نهاية المطاف، بدا واضحًا للحكومة الإسرائيلية أن السبيل الوحيد للتوصل إلى اتفاق هو الضغط على الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وإجباره على قبول إملاءات "السلام" الإسرائيلية، وهو الذي "كان يدرك أن أيامه باتت معدودة بسبب مرضه، وكان يريد أكثر من أي شيء آخر أن يكون هو المؤسس لدولة فلسطينية مستقلة"، بحسب ما ورد في المقال.

ولكن عرفات استسلم -وفق المقال- للضغوط التي مارسها عليه إيهود باراك والرئيس الأميركي بيل كلينتون، ووافق على الصفقة بعد أن حصل على وعد بأن إبرامها سيجعل بالإمكان استئناف مناقشة القضايا المؤجلة في اتفاق الوضع النهائي على الفور، ومن بينها وضع مدينة القدس واللاجئين، وأراضي الضفة الغربية التي احتفظت إسرائيل بـ40% منها ضمن الاتفاق.

وأشار بونداك إلى أن الحكومة الإسرائيلية بدأت في بناء سياج عالٍ متاخم لطريق مزود بمعدات مراقبة إلكترونية لكشف التسلل، وكانت الفكرة إنشاء حاجز دائم يفصل إسرائيل عن الدولة الفلسطينية. وفي الوقت نفسه، واصلت إسرائيل اتباع سياستها المتمثلة في "خفض عدد العمال الفلسطينيين في البلاد" إلى الحد الأدنى. ولم تشجع الحكومة الإسرائيلية المشاريع التعاونية الإسرائيلية الفلسطينية المشتركة، "وبدأ الاقتصاد الفلسطيني في التدهور".

وأسهب الكاتب في رصد المحطات الرئيسة التي مرت على اتفاقيات أوسلو ومواقف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منها وكذلك الفصائل الفلسطينية لا سيما حركتي المقاومة الإسلاميتين (حماس والجهاد) وحركة فتح والسلطة الفلسطينية.

ومضى المقال في سرده التاريخي ليقف عند أعمال العنف التي شنّها المستوطنون في الضفة الغربية على القرى الفلسطينية "التي كان يُشتبه بأنها تساعد حركتي حماس والجهاد الإسلامي. وشهدت المنطقة الواقعة بين العفولة ومدينة جنين، على طول الحدود، أعمال عنف نفذها فلسطينيون وإسرائيليون على حد سواء، "مما حدا بالحكومة الإسرائيلية إلى احتلال جنين ونابلس لبضعة أيام".

وأوضح المقال أن الأحزاب الدينية ظلت تستند في حملاتها الدعائية والتسويقية إلى نصوص من التوراة، على غرار ما ورد في سفر التثنية 2 الذي جاء فيه" فأسلمه الرب إلهنا إلينا [سيحون ملك الأموريين] فهزمناه وجميع أبنائه ورجاله في ذلك الوقت، استولينا على جميع مدنه، ودمرنا كل مدينة -رجالا ونساء وأطفالا- ولم نترك أي ناجٍ".

وكان الشعار الذي أوصل رئيس الوزراء التالي إلى السلطة هو: "تذكروا ما فعله بكم عماليق. فعرب الداخل وعرب الخارج خطر على دولة إسرائيل".

ويمضي مقال "هآرتس" إلى التأكيد أن محاولات المجتمع العربي للاندماج في الحياة المدنية بدولة الاحتلال، وأن يصبح أفراده مواطنين يتمتعون بحقوق متساوية تماما، قد باءت بالفشل. ولم يتمكن النظام السياسي الإسرائيلي من التعامل مع المشاكل والفوارق التي ظهرت، ونشأت حالة من الغليان بين جيل الشباب العربي.

وتطرق المقال إلى ما كان يدور من أحاديث عن حكم ذاتي عربي داخل إسرائيل. وفي ذلك يقول الكاتب إن الحكم الذاتي الذي طالب به أنصار هذا النهج لم يكن جغرافيا بالضرورة؛ بل كان ذا طبيعة ثقافية ووظيفية.

وأيّد بعض اليهود الإسرائيليين هذه الفكرة، ومن بينهم أشخاص من اليسار عدّوها السبيل الوحيد لتطبيع العلاقات داخل البلاد "التي كانت على شفا انهيار كارثي"، وكذلك بعض المعتدلين الدينيين الذين كانوا يطمحون ببساطة إلى الحفاظ على إسرائيل. لكن الحكومة اليمينية عارضت هذه الفكرة بشدة.

ونتيجة للتوترات السياسية والدبلوماسية بين إسرائيل والولايات المتحدة، توقفت واشنطن عن تحويل التمويل المدني والأمني إلى إسرائيل، كما بدأ الحوار مع يهود الشتات يتلاشى، بحسب المقال الذي يضيف أن الجيل اليهودي الجديد في الولايات المتحدة وأوروبا لم يعد معجبا بالتحول الذي بدأ يتشكل في المجتمع الإسرائيلي.

ثم لم تلبث الأمور في إسرائيل "اليهودية" أن بدأت بالانهيار، حيث فاقم التدهور الاقتصادي في البلاد من ظاهرة كراهية الأجانب "التي توشك أن تكون عنصرية الطابع".

ولفت بونداك إلى أن أعداد العمال الأجانب في إسرائيل آخذة في الازدياد بعد أن توقف أرباب العمل الإسرائيليون عن توظيف العمال من "الدولة الفلسطينية"، ومن عرب إسرائيل.

الكاتب توقع أن تبدأ إسرائيل بالانحدار، من عام 2017، إلى أتون الفوضى، على الصعيدين المحلي والدولي، مما سيدفعها إلى إطلاق نداء يدعو إلى "استعادة الأمل الذي لاح مع مطلع القرن"

ولعل الأسوأ من ذلك -برأي مهندس أوسلو- أن المواجهة بين الأقلية العلمانية الليبرالية والمؤسسة الدينية في إسرائيل باتت أشد حدّة، واضطر الائتلاف اليميني الهش إلى الخضوع لإملاءات الحاخامات، وأصبحت الدولة أقل يهودية من الناحية الديمغرافية وخاضعة لقيود دينية صارمة.

وتوقع الكاتب أن تبدأ إسرائيل بالانحدار، من عام 2017، إلى أتون الفوضى، على الصعيدين المحلي والدولي، مما سيدفعها إلى إطلاق نداء يدعو إلى "استعادة الأمل الذي لاح مع مطلع القرن".

وستكون السنوات السبع التالية هي الأصعب التي تمر على إسرائيل منذ تأسيسها؛ إذ سيشن جيشها حربا "صعبة ومعقدة" على الفصائل الفلسطينية في الأراضي المحتلة.

وعزا المقال تراجع إسرائيل إلى جملة أسباب؛ من بينها إنفاقها مبالغ طائلة للتصدي للتوتر المستمر على حدودها. ومن ناحية أخرى، اضطر الجيش إلى التعامل مع آلاف الأشخاص الذين رفضوا التجنيد، وتلاشى التماسك الوطني الإسرائيلي اليهودي تدريجيا.

وعلى الصعيد الدولي، وصل التدهور في إسرائيل إلى أعماق جديدة. وأعلنت الدول الأوروبية فرض عقوبات مختلفة على إسرائيل، مع سماح الاتحاد الأوروبي لكل دولة أن تقرر بنفسها طبيعة علاقاتها التجارية والثقافية مع إسرائيل.

سيناريوهات
ويتساءل المقال: ماذا سيحدث من الآن فصاعدا؟ ويجيب الكاتب راسما بعض السيناريوهات الرئيسة "السلبية"، منها تراجع عملية السلام إلى الحد الذي يضع الدول العربية على حافة حرب من "نوع أو آخر"، وربما تعود مصر والأردن إلى دائرة العداء أو العنف ضد إسرائيل، وأن تخضع الضفة الغربية وقطاع غزة لعملية "لبننة".

وتوقع بونداك اندلاع انتفاضة بأشكال مختلفة إذا لم تحسن إسرائيل التعامل مع "مواطنيها" العرب.

وسوف تتعزز القوى القومية إلى الحد الذي قد يجعل حكومة تتبنّى توجهات محافظة بل حتى فاشية تصل إلى السلطة وتضم عناصر دينية متطرفة.

وفي هذه الحالة ستكون النتيجة مجتمعًا ممزقًا من الداخل. وفضلا عن ذلك، سيشتد الصراع بين "الدولة" وأقليتها العربية وكذلك الصراع بين الحكومة والقوى التقدمية والليبرالية.

وهنا ستجد إسرائيل نفسها معزولة دوليا، وسوف يضعف اقتصادها بشكل كبير وسيتبع ذلك هروب النخب ورجال الأعمال، ويمكن أن يحدث هذا السيناريو بشكل منفصل أو بالتزامن مع السيناريو المذكور سابقا، وفقا للكاتب.

وبغض النظر عن أي عملية دبلوماسية يتم اختيارها، من المرجح أن يتصاعد الصراع بين الطوائف الدينية والعلمانية داخل المجتمع الإسرائيلي ويتفاقم بشدة إلى حد العنف الذي قد يؤدي إلى ظهور جيوب لحرب أهلية.

في مثل هذه الحالة، يختم الكاتب يتوقع حدوث عملية انفصام داخل الجمهور الإسرائيلي وربما تبرز فيه "كانتونات" مختلفة لكل منها مجموعة سكانية منفصلة جغرافيا ووظيفيا على أساس أنظمة تعليمية وثقافية مختلفة، وقد يصل هذا السيناريو إلى حد الانفصال فتصبح هناك "يهوذا وإسرائيل".

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: الحکومة الإسرائیلیة الضفة الغربیة فی إسرائیل فی عام

إقرأ أيضاً:

مجلة بريطانية تهاجم الطاقة المتجددة: مؤيدوها مصابون بـ"العمى"

الاقتصاد نيوز - متابعة

ما زالت الطاقة المتجددة تشكل قلقًا وجوديًا حتى الآن، رغم مُضي حكومات ومؤسسات عالمية قدمًا في إستراتيجيات وخطط ومستهدفات بدأت الشركات تحولها إلى واقع.

ورغم أن اندلاع الحرب الأوكرانية، وتقلب الإمدادات بعد فرض عقوبات على روسيا، يعدان درسًا عمليًا لضرورة تنويع مصادر الطاقة ونقطة تحول في هذا المضمار؛ فإن الجدلية بين الفريق الداعم لها وفريق الوقود الأحفوري لم تُحسم بعد.

وطرح مقال تحليلي- تساؤلًا يبدو في غاية البساطة والتعقيد في آنٍ واحد "هل تطوير الموارد المتجددة أمثل مسار لخفض الانبعاثات؟".

وأثارت الإجابة عن هذا السؤال الرئيس محاور أخرى فرعية، برهنت جميعها على أن الصراع بين كل ما هو أحفوري ومتجدد لن ينتهي بسياسات التحول فقط، إذ أشار كاتبا المقال إلى أن مؤيدي الموارد المتجددة انساقو وراء الحملات المناخية، وقيموا الموارد وفق معايير "عمياء".

اعتقاد مُضلل

بنى مؤيدو الطاقة المتجددة رؤيتهم للتحول وجدوله الزمني وفق اعتقاد خاطئ وغير دقيق، ما ينعكس على إدراك سياسات الوقود والاستثمارات المتعلقة لها.

وربما أربك هذا الاعتقاد تقدير جدوى التحول بصورة واقعية، ودفع الغالبية للانحياز إلى الموارد المتجددة على حساب محاربة نظيرتها الأحفورية والنووية.

ويعد هذا الانحياز "مبالغة وتضليل للحقائق"، حسب وصف مقال نشرته مجلة ذا كريتيك أو الناقد (The Critic) الشهرية البريطانية.

ونسف مقال لأخصائية علم النفس المعرفي "ديبرا ليبرمان"، ومدير المؤسسة الخيرية للطاقة المتجددة في بريطانيا "جون كونستابل"، الافتراض بأنه لا سبيل للحياة دون الطاقة المتجددة من أساسه.

وقال الكاتبان إن معضلة الموارد المتجددة أنها لا تمثل المستقبل، وإذا مثلته فإنها تحتاج إلى الدعم الدائم، ما يسبب أضرارًا لسياسات المناخ العالمية.

ما السبب؟

يمكن القول إن دعم الطاقة الخضراء أصبح كارثة سياسية واقتصادية و"مجتمعية" أيضًا، ما دام أنه بقي خارج نطاق المنطق والتدقيق العقلي والعلمي.

ودافع الكاتبان في المقال عن موارد الطاقة التقليدية بوصفها "ضرورة لراحة وسلامة ورفاهية الإنسان والبشرية".

وأكدا أن الفريق الآخر روّج للموارد منخفضة الكربون لأهداف خاصة بجني المكاسب، خاصة أن هذه الموارد لا تؤدي في النهاية إلى ضمان رفاهية الإنسان.

واعتبر داعمو الاتجاه المتجدد أنه افتراض مسلم به عالميًا سواء على الصعيد السياسي أو المالي والاقتصادي، خاصة في الغرب.

ومن شأن ذلك أن يثير تساؤلات حول مستوى الإدراك اللازم للإفلات من قبضة التبعية الجمعية دون تفكير، ومحاولات "الإسكات" للفريق المتمسك بالطاقة التقليدية، واستشهد الكاتبان بالترهيب الذي تعرض له مدير مؤسسة تمويل بريطانية بعد تشكيكه في الرياح البحرية، عبر معاقبته بتخفيض راتبه.

حقائق فيزيائية وكونية

فنّد كاتبا المقال جانبًا من الحقائق الكونية والفيزيائية الداعمة لتمسكهم بالطاقة التقليدية، مؤكدين أن الشمس والرياح تتسمان بـ"قصور التحول الحراري" أو ما يعرف علميًا بـ"الإنتروبيا".

ومن شأن ذلك أن يجعل الموردين ينتجان طاقة منخفضة، ومن ثم عدم مواكبة الطموحات العالمية.

ورغم توافر الموردين وجاذبيتهما؛ فإن الطاقة المنخفضة المتوقعة منهما و"عشوائية" العمليات الفيزيائية المرتبطة بهما، تجعلها أكثر ملاءمة للنباتات وليس الكائنات الحية مثل الإنسان.

ومقابل هذه العشوائية، تأتي الموارد التقليدية (النفط والفحم والطاقة النووية) أكثر انضباطًا في العمليات الفيزيائية، وتشتهر بمستويات عالية من الطاقة مع انخفاض احتمالات القصور الحراري، ما يجعلها مضمونة أكثر في تلبية الطلب.

وقال الكاتبان إن الحقائق السابق ذكرها احتاجت لسنوات للتوصل إليها، محذرين من أن محاولة إعادة تكيف المجتمعات على مسارات ذات إنتاج أكثر انخفاضًا قد تسلب البشرية بعض الميزات مثل الراحة والرفاهية.

كما أن التحول من "الراحة إلى ترشيد الاستهلاك" في ظل موارد منخفضة أو محدودة (الموارد المتجددة) يعد سياسة مناخية غير جيدة، لأنها تغلب أهداف خفض الانبعاثات على راحة الإنسان.

ويعني هذا البحث عن إستراتيجية أفضل لخفض الانبعاثات تراعي الأهداف المناخية، وتقدر رفاهية الإنسان وراحته أيضًا.

خدعة "الأخضر"

يعد الترويج لـ"الطاقة الخضراء" بمثابة خدعة، إذ إنه -وفق الحقائق الفيزيائية السابقة- يحتاج تطوير موارد الشمس والرياح لاستثمارات طائلة، سواء لتوفير الألواح الشمسية ونشرها في مساحات واسعة أو شراء التوربينات وخطوط شبكات الكهرباء والبطاريات.

ويشكل تحويل الإنتاج المتجدد "العشوائي" إلى أنظمة كهرباء تنتج بانتظام "عبئًا" ماليًا واستثمارًا عالي المخاطرة، مقارنة بتوليد الكهرباء عبر الموارد التقليدية.

ويضيف تطوير الموارد الخضراء تكلفة جديدة لكاهل المستهلك ودافع الضرائب، ما يضيق الخناق على مستويات المعيشة.

وأبدى كاتبا المقال اندهاشهما من الانخراط في فهم الطاقة المتجددة والتحول وتحميلهما أكبر من قدرهما الحقيقي، رغم العلوم الفيزيائية والمعرفية والتطور الذي شهدته البشرية.

وأكدا أن هناك حالة من "العمى" خلال الحديث عن "الطاقة" تؤدي إلى تضليل المستهلك، مستنكرين تقييم البعض لإمدادات الوقود وفق معايير: اللون أو الانطباع النفسي لرائحة المورد أو شكله.

وأشارا إلى الانحياز للطاقة الشمسية أو الرياح بالنظر إلى معايير التأمل والنقاء والدفء، وحكموا -سلبًا- على النفط والفحم للونهما أو رائحتهما.

وامتد الأمر إلى أن بعض المجتمعات باتت تدير انحيازها إلى موارد الطاقة المتجددة أو التقليدية وفق "معايير أخلاقية" بتقسيم أهداف المناخ والانبعاثات وسياسات الوقود حسب "الخير والشر".

إدارة أميركا وبريطانيا للتحول

تعد أميركا وبريطانيا نموذجين لإدارة عملية تحول الطاقة بطريقة مثيرة للجدل، خاصة في السنوات الأخيرة.

وأقرت أميركا قانون خفض التضخم في أغسطس/آب 2022، وسخر الخبير الاقتصادي "بول كروغمان" آنذاك من عدم التوازن الذي تتعامل به إدارة الرئيس جو بايدن مع نقاشات سياسات الطاقة.

ولا يشير تنصيب حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز في منصب "نائب الرئيس" -حال فوز كامالا هاريس- بتغيير في الأفق، خاصة أن "والز" دعم قانون يلزم الجهات في ولايته بخفض انبعاثات محطات الكهرباء بنسبة 100%، بحلول عام 2040، وحرص على تسهيل تراخيص البناء اللازمة لمشروعات الطاقة المتجددة.

وفي بريطانيا، جاءت حكومة حزب العمال الجديدة برؤية تحمل تعهدات توسع كبير في مشروعات الرياح "البرية والبحرية" والطاقة الشمسية، مقابل قيود على الهيدروكربونات والطاقة النووية، ما كبد المستهلك فاتورة فائقة.

وتُشير إجراءات الإدارتين الأميركية والبريطانية إلى "تجذر وتعمق" سياسات الطاقة المتجددة الخاطئة، وفق المقال.

ولا يبدو نجاح هذا الاتجاه حاضرًا، إذ إن الاعتماد على الآلات والمعدات (مثل الألواح الشمسية والتوربينات) في ظل إنتاج "منخفض" متوقع قد يؤدي إلى انهيار هذه المعدات وحاجتها المتكررة إلى الصيانة، ما يشكل أيضًا تهديدًا لراحة الإنسان.

مقالات مشابهة

  • مؤرخ أميركي: واشنطن أهدرت الفرصة التي خلفتها أحداث 7 أكتوبر
  • المفكر الشيعي ”الحسيني” الذي تنبأ بمقتل نصر الله: ”اقتربت ساعة الصفر”
  • مجلة بريطانية تهاجم الطاقة المتجددة: مؤيدوها مصابون بـ"العمى"
  • ما الفظائع التي يجب أن ترتكبها إسرائيل ليخرج قادتنا عن صمتهم؟
  • قيادي بمستقبل وطن: نصر أكتوبر نقطة فارقة في تاريخ مصر المعاصر
  • أستاذ قانون دولي: مصر وضعت حدا لعبارة «الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر»
  • تسجيل مرعب عن مخيم جباليا.. ماذا ترك الصحفي حسن حمد قبل استشهاده؟
  • ما هي القواعد العسكرية الإسرائيلية التي استهدفتها إيران في ضرباتها؟
  • ماكرون: يجب وقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل التي تستخدم في غزة
  • بايدن: بوجود الحوثيين وحزب الله يصعب التنبؤ بمستقبل الشرق الأوسط