الجزيرة:
2024-07-26@22:36:37 GMT

تركيا وأزمة سوريا المتفاقمة

تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT

تركيا وأزمة سوريا المتفاقمة

في عام 2013؛ دخلتُ سوريا كصحفي  – في أشد أوقات الحرب – من الحدود إلى حلب، ورأيتُ الاشتباكات داخل المدينة.

على طول الطريق، شهدتُ الاقتتال بين فصائل المعارضة نفسها، وجرائم نظام دمشق، ومليشيات إيران، ومناطق تنظيم الدولة، وتحركات اللاجئين. في ذلك اليوم، أدركتُ أن أزمة سوريا هي حدث كبير، عميق، طويل الأمد، وله تأثيرات إقليمية.

مع مرور الوقت، رغم أنّ جزءًا من الأزمة المتمثل في الصراع الساخن قد هدأ، فإن العوامل الأخرى ما زالت مستمرّة، وقد أضيفت إليها مشاكل جديدة. في الأيام الأخيرة، أصبحت تركيا تبحث عن حلّ لهذه المشاكل التي لم تعد تحتملها؛ بسبب الأزمة السورية.

حمل الأزمة السورية

قبل الحرب الأهلية السورية، كان للرئيس أردوغان صداقة وثيقة مع عائلة الأسد، وكنتُ حاضرًا في إحدى الولائم العائلية في حلب. ولكن، مع اندلاع الحرب الأهلية، تدهورت العلاقات بينهم، بل أصبحوا أعداء.

وعندما تدخلت إيران وروسيا في الحرب، تفاقمت آثار الأزمة. وهكذا، تحولت المشكلة إلى نزاع إقليمي.

واتبعت تركيا سياسة نبيلة، لكنها محفوفة بالمخاطر؛ بفتح أبوابها أمام اللاجئين العرب والتركمان والأكراد القادمين من سوريا. وبسياسة الباب المفتوح؛ استقبلت البلاد تدفقًا كبيرًا من اللاجئين فجأة. في تلك الفترة؛ كان الاقتصاد التركي في حالة جيدة، فلم يكن للاجئين تأثير كبير على المجتمع.

ولكن مع مرور الوقت؛ تسببت استخبارات إيران وروسيا وسوريا عبر عملائها في خلق إرهاب وفوضى واضطرابات كبيرة. وعندما أضيفت جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، بدأت المشاكل تشكّل عبئًا ثقيلًا.

اليوم؛ يقترب عدد اللاجئين السوريين من 3.5 ملايين، وهذا الوضع أصبح يُعدّ من كبرى المشاكل في تركيا، فحتى أصغر جدال يمكن أن يؤدي إلى أحداث كبيرة، كما حدث في الأسبوع الماضي في قيصري، وعنتاب، وأنطاليا، وبورصة، وهاتاي، حيث اندلعت فجأة أزمة كبيرة.

أردوغان يريد لقاء الأسد

فتحُ تركيا أبوابها أمام اللاجئين كان عملًا نبيلًا، ولكن عدم وضع سياسة جادة، وإستراتيجية، وتخطيط تجاه اللاجئين كان أحد أكبر أخطائها.

لهذا السبب تراكمت المشاكل، وأصبحت عبئًا كبيرًا، ونشأت أزمات مزمنة تنتظر الحل في العديد من المجالات، بدءًا من التعليم إلى الصحة، ومن شراء المنازل إلى الحياة العملية، ومن الحياة الاجتماعية إلى سوق العمل.

الأحداث التي بدأت الأسبوع الماضي في قيصري انتشرت بسرعة إلى عشر مدن؛ حيث تم الهجوم على محلات تجارية تعود للاجئين، وسقط قتلى وجرحى. للأسف، هناك من برّروا هذه الهجمات.

إن المجتمع تحت ضغط كبير، وأي شرارة صغيرة تؤدي إلى انفجار.

داخل المعارضة، هناك أحزاب تبني سياستها على معاداة اللاجئين. تقوم المعارضة بالدعاية المستمرة لإعادة اللاجئين إلى بلادهم، وحصلت على أصوات في الانتخابات الأخيرة بسبب هذا.

لذا، اعتقد الرئيس أردوغان أنه يمكنه حل مشكلة اللاجئين من خلال التفاوض مع الأسد، ودعا إلى لقاء مشترك، لكن الأسد لم يقبل ذلك.

لماذا قد يتعب الأسد نفسه؟

في الأسبوع الماضي، كان أحد أهم المواضيع في اجتماع أردوغان وبوتين في أستانا هو هذا الموضوع؛ حيث طلب أردوغان الدعم من بوتين في هذا الشأن، وقد وعده بوتين بذلك.

ولكن من منظور آخر، أسباب رفض الأسد الاجتماعَ مع أردوغان مهمة جدًا بالنسبة له.
فأولًا، الأسد سعيد جدًا بإخراج 8 ملايين سني سوري من البلاد الذين ذهبوا إلى تركيا ودول أخرى. في الماضي، كان هناك حكم الأقلية، والآن أصبح العلويون يشكلون الأغلبية تقريبًا، عدم وجود هذا العدد الكبير من السكان يجعل إدارة البلاد أسهل بكثير أيضًا، فلماذا يعيد هؤلاء الناس إلى البلاد ويعكّر صفوه؟

بفضل "الدولة المحلية" الصغيرة التي أنشأتها أميركا للأحزاب الانفصالية في منطقة روجافا، تعاني تركيا من مشاكل مع الولايات المتحدة، وتواجه اضطرابات كبيرة. بالإضافة إلى ذلك، يشكّل 3.5 ملايين لاجئ عبئًا كبيرًا على تركيا ويعدون قنبلة قابلة للانفجار، ويمكن أن يسبّب ذلك صراعات داخلية؛ فلماذا ينهي الأسد هذه الأوضاع التي تضايق عدوه؟

عودة اللاجئين تعني تعديل الدستور، وتقاسم السلطة الحكومية، والدخل، ومخاطر الإدارة الإقليمية؛ لماذا يقبل الأسد كل هذا؟

لهذا السبب، ليس للأسد أي نية للقاء أردوغان، أو حتى لحل المشاكل إن التقيا.

لن يحصل شيء دون موافقة روسيا وإيران

كان النظام السوري على وشْك الانهيار لولا تدخل إيران وروسيا اللتين أنقذتاه، وكلتاهما أصبحتا شريكتين في إدارة البلاد؛ حيث دخلت روسيا إلى المياه الدافئة التي كانت تسعى إليها منذ قرون، وأنشأت واحدة من أكبر قواعدها في البحر الأبيض المتوسط في طرطوس. أما إيران، فقد أصبحت شريكة في التجارة والمجال العسكري والإدارة في دمشق.

وبدون هذين البلدين، لا يمكن لنظام الأسد أن يصمد. إذا لم تضغط روسيا، فلن تتفاوض حكومة دمشق مع تركيا أبدًا.

لكن لماذا ترغب روسيا في حل مشاكل تركيا، وإنشاء إدارة جديدة في سوريا، أو إضافة عناصر جديدة إلى الحكومة؟ ماذا ستكسب في المقابل؟

لم يُرَ أن روسيا قامت بأي شيء من أجل صداقة أردوغان وبوتين، لذا يجب أن يكون هناك موقف دبلوماسي آخر لكي تضغط روسيا على الأسد.

وكذلك، لماذا ترغب إيران في تخفيف الضغط عن تركيا؟ لماذا تشارك القوة التي تسيطر عليها في دمشق مع الآخرين؟

لإقناع إيران، يجب أن تحصل على مكاسب أكبر بكثير لحل أزمة سوريا واللاجئين، التي تعتبر أكبر صداع لتركيا والتي تُعتبر أكبر منافس لها في المنطقة.

الحل ليس قريبًا حتى وإن التقيا

يبدو أن أردوغان والأسد سيلتقيان وجهًا لوجه، وهذا سيؤدي إلى تفاعلات كبيرة داخل تركيا. ومع ذلك؛ حل المشاكل ليس بالسهولة المتصورة، فقد يشارك الأسد في الاجتماع بضغط من بوتين، لكنه لن يرغب أبدًا في حل المشاكل بشكل كامل، وسيترك الأمور دون نتيجة.

حل المشاكل بطريقة دولية بعيدًا عن روسيا وإيران قد يكون ممكنًا، لكن الوضع الحالي لا يسمح بذلك، خاصة مع استمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ولا يبدو أن هناك أي احتمال لهذا.

يبدو أن تركيا ستستمر في مواجهة هذه المشكلة لفترة طويلة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حل المشاکل

إقرأ أيضاً:

3162 لاجئا سوريا غادروا الأردن إلى بلادهم خلال ستة أشهر

#سواليف

غادر 3162 لاجئا سوريا #الأردن خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي للعودة إلى بلادهم، وفق بيانات #المفوضية_السامية للأمم المتحدة لشؤون #اللاجئين (UNHCR)، بزيادة قدرها 63% مقارنة بالفترة الزمنية ذاتها في 2023.

وتحدثت بيانات المفوضية الأممية، عن عودة 19729 لاجئا سوريا من #الأردن ومصر ولبنان وتركيا والعراق إلى #سوريا في 2023، مقابل 16529 مقارنة بالفترة الزمنية ذاتها في 2023، أي بزيادة قدرها 19.36%.

يبلغ معدل العودة اليومي إلى سوريا في العام الحالي 108، فيما يبلغ المعدل الشهري 3288UNHCR
ويستضيف الأردن أكثر من 1.3 مليون سوري منذ بداية الأزمة السورية في 2011، بينهم أكثر من 628 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى المفوضية، وذلك حتى نهاية حزيران/يونيو الماضي.

مقالات ذات صلة مدعوون للتعيين 2024/07/24

في 2023، بلغ عدد #اللاجئين_السوريين #العائدين إلى سوريا من مختلف الدول المستضيفة للاجئين 37552، مقابل 50966 في 2022، و35624 في 2021، و38235 في 2020، و94971 في 2019.

وأفادت دراسة مسحية نفذتها الأمم المتحدة العام الماضي، أن 97% من اللاجئين السوريين في الأردن المشاركين في الدراسة لا ينوون العودة إلى بلادهم خلال الـ12 شهرا المقبلة، وأجاب قرابة ربع الرافضين للعودة في غضون عام أن لديهم الرغبة في الرجوع لسوريا خلال الخمس سنوات المقبلة.

وشكلت قضايا السلامة، والأمن، وسبل العيش، والعمل، والخدمات الأساسية، والإسكان في سوريا العوامل الرئيسية المؤثرة على عملية اتخاذ قرار العودة.

وتقول المفوضية، إنها لا تشجع أو تسهل عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم في هذا الوقت، مبينة أن موقفها ينبع من “حقيقة أن الأوضاع الحالية في سوريا غير مناسبة لعودتهم الآمنة” مؤكدة أن قرار العودة إلى بلد الأصل هو طوعي تماما.

إعادة التوطين

وعلى صعيد إعادة توطين اللاجئين السوريين، غادر 10605 لاجئين إلى بلد ثالث، كان من بينهم 3625 لاجئا من الأردن.

وشدد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، الشهر الحالي، على التزام الأردن بتوفير حياة لائقة للاجئين، لكنه لن يغفل عن ضرورة عودتهم إلى بلدانهم، لافتا إلى أن أي انخفاض في دعم اللاجئين سينعكس على قدرة الأردن على تقديم الحياة التي يستحقها اللاجئون.

وقال الصفدي إن “حل مشكلة اللاجئين السوريين هي بالعودة الطوعية إلى بلادهم، ولن نقبل باستمرار الوضع القائم”، ودعا ، خلال أعمال الاجتماع الوزاري لمؤتمر بروكسل الثامن حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة، إلى إنشاء صندوق يدعم العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم.

وقال الصفدي إن الأردن بذل كل ما بوسعه لتوفير الأمن والكرامة لقرابة 1.3 مليون لاجئ سوري، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي تخلى عن اللاجئين السوريين مع تضاؤل التمويل اللازم لدعمهم في الدول المضيفة.

مقالات مشابهة

  • اقتصاد الزومبي.. هكذا باتت حبوب الكبتاغون تجارة نظام الأسد المُربحة
  • مجلس الأمن القومي التركي يصدر بيانًا عن سوريا وأوكرانيا وإسرائيل وعدد من الملفات
  • بوتين يستقبل الأسد في ظلّ تصاعد التوترات في الشرق الأوسط
  • بوتين يستقبل الرئيس السوري بشار الأسد في موسكو  
  • الأسد يلتقي بوتين في موسكو.. تأكيد على متانة العلاقة
  • بوتين يجتمع مع الأسد في موسكو
  • تركيا تنظم لقاء بين أردوغان والأسد لإعادة النفط للسوريين
  • هل تعرقل إيران لقاء أردوغان بالأسد في موسكو؟
  • أنقرة تتوقع فوز ترامب وتفضِّله
  • 3162 لاجئا سوريا غادروا الأردن إلى بلادهم خلال ستة أشهر