موسكو- تحت عنوان "روسيا والهند: شراكة قوية ومتوسعة" انتهت، أمس الثلاثاء، في موسكو أعمال القمة السنوية الـ22 بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي وصل موسكو في زيارة رسمية ليومين، هي الأولى له إلى الخارج منذ إعادة انتخابه لولاية ثالثة، والأولى منذ 5 سنوات إلى روسيا.

وتوجت هذه القمة أعمالها بالإعلان عن برنامج ثنائي حتى عام 2030، يشمل تعزيز التعاون في مجالات الصناعة والتجارة والزراعة والغذاء والطاقة والتكنولوجيا الفائقة، والتوقيع على اتفاقية مع صندوق الاستثمار المباشر بشأن البرامج التعليمية والاعتراف بمؤهلات المتخصصين.

كما تم الاتفاق على تحفيز الإنتاج المشترك في الهند لقطع الغيار اللازمة لصيانة الأسلحة روسية الصنع، والتعاون في تطوير وإنتاج واستخدام محركات الصواريخ.

انهيار آمال

ورغم أن تعزيز العلاقات الثنائية متعددة الأوجه بين موسكو ونيودلهي شكل الصبغة الأساسية للقمة، إلا أن عددا من المراقبين الروس شددوا على أنها حملت رسائل سياسية بالغة الأهمية.

وبرأي محلل الشؤون الدولية ديمتري بابيتش، فإن هذه القمة تُعتبر انهيارا لآمال الولايات المتحدة في أن يصبح الصراع مع أوكرانيا سببا لتفاقم العلاقات بين روسيا والهند.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال بابيتش إن الأمر الأكثر إثارة للخوف بالنسبة للأميركيين هو وجود دليل إضافي على أن سياسة "فرّق تسد" التي استعاروها من البريطانيين أصبحت تعمل بشكل أقل، وإن نفوذ واشنطن -التي كانت ذات يوم القوة المهيمنة الوحيدة- يتراجع باستمرار.

وباعتقاده، فإن الهند أكدت للعالم -من خلال هذه القمة ونتائجها- أن علاقتها مع روسيا مهمة للغاية، خاصة وأنها حجر الزاوية في السياسة الخارجية والنظرة الهندية للجغرافيا السياسية العالمية.

ويشير الخبير الروسي إلى أن رئيس الوزراء الهندي أراد من خلال هذه الزيارة أيضا تعزيز العلاقات بما يقلل من المخاوف بشأن ما تعتقد نيودلهي أنه انجراف روسي نحو الصين.

تعاون تجاري

ووفقا لنائب رئيس الديوان الرئاسي الروسي مكسيم أوريشكين، يُتوقع أن يتجاوز حجم التجارة مع الهند 100 مليار دولار، بعد أن بلغ 65 مليارا نهاية عام 2023.

وزادت مؤشرات التجارة بين البلدين عدة مرات منذ بدء الحرب مع أوكرانيا بسبب قفزة واردات النفط الروسي بسعر منخفض بعد فرض العقوبات الغربية. وأصبحت الهند السوق الأول لإمدادات النفط لروسيا عام 2023، وقد نمت 20 مرة مقارنة بعام 2021.

لكن في المقابل، أدى ذلك إلى عجز تجاري كبير، حيث بلغت الواردات الهندية حوالي 60 مليار دولار مقابل 4 مليارات فقط من الصادرات الروسية الفترة بين 2023 و2024.

وقبل القمة بأيام، صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن الهند وبلاده تقدمان ما يصل إلى 60% من مدفوعات التجارة الثنائية بالعملتين الوطنيتين. كما أعلن بنك "سبيربنك" عن تسهيل المدفوعات في الأشهر الأخيرة بفضل فتح حسابات من قِبَل الشركات الهندية.

وبعد اختتامها، قال لافروف إن موسكو تواصل دعم ترشيح الهند لعضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي.

مواقف مشتركة

في ملف السياسة الدولية، خرجت "قمة بوتين مودي" بعدة مواقف مشتركة أبرزها الدعوة إلى إنشاء دولة مستقلة في أفغانستان ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وبخصوص الأزمة مع أوكرانيا، دعا مودي بوتين إلى السعي من أجل التوصل إلى حل سلمي للصراع من خلال الدبلوماسية والحوار، وقال إن بلاده مستعدة لتقديم أي مساعدة لإحلال السلام هناك.

من جانبه، قال مدير مركز التنبؤات السياسية دينيس كركودينوف -للجزيرة نت- إن موسكو مهتمة بإظهار استقلال سياستها الخارجية عن بكين، لأن الحديث عن "جريها" وراء المصالح الصينية أصبح منتشرا على نطاق واسع بالغرب، ومن الطبيعي أن يكون الكرملين منزعجا من هذا الأمر.

ويضيف أن زيارة رئيس وزراء الهند، التي لها تاريخ طويل من العلاقات المعقدة مع الصين، هي أفضل وسيلة لإثبات عدم التبعية من الجانبين، سواء من روسيا للصين أو الهند للغرب، مشيرا إلى أن نيودلهي لا تطلب الإذن من أحد بشأن كيفية التصرف على الساحة الدولية "وهذا أمر نادر في عصرنا".

ولفت المتحدث إلى أن القمة تصب كذلك باتجاه توفير خارطة طريق وتخطيط إستراتيجي روسي هندي، يمنح قوة إضافية لقمة "بريكس" التي ستُعقد في أكتوبر/تشرين الأول المقبل في قازان.

من جهة أخرى، نقلت صحيفة "غازيتا رو" الروسية عن ما وصفتها بالمصادر أن موسكو وافقت على تسريح جميع المواطنين الهنود الذين يخدمون بالجيش الروسي (في الحرب مع أوكرانيا) بعد أن أثار مودي هذا الموضوع خلال العشاء الخاص الذي أقامه بوتين على شرفه، ووعد الرئيس الروسي بتسهيل عودة العسكريين الهنود إلى وطنهم.

يُشار إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استبق قمة بوتين مودي، ووصفها بأنها "خيبة أمل كبيرة وضربة ساحقة لجهود السلام".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مع أوکرانیا إلى أن

إقرأ أيضاً:

بوتين: العلاقات بين روسيا وأوروبا ستتعافى بالتأكيد عاجلا أم آجلا

يمانيون../
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته في فعالية الماراثون التعليمي “المعرفة أولا”، أن العلاقات بين روسيا وأوروبا ستتعافى بالتأكيد عاجلا أم آجلا.

ونقل موقع روسيا اليوم عن بوتين قوله اليوم الاربعاء : “الوضع الآن أكثر تعقيدا مما كان عليه خلال الحرب الوطنية العظمى (الحرب العالمية الثانية) حيث كان كل شيء واضحا: أبيض وأسود، أحمر وبني.. لكن ليس لدي أدنى شك في أن علاقاتنا مع أوروبا ستعود عاجلا أم آجلا – وهذا أمر مؤكد”.

ولفت الرئيس الروسي إلى أنه هناك الكثير من الأشخاص في أوروبا الذين يدعمون روسيا رغم الضغوط، قائلا: “في أوروبا ككل، هناك الكثير ممن يشاركوننا موقفنا، البعض يصمت، أما البعض فيقولون شيئا ما بشكل متواضع للغاية، بحيث لا يسمع، بالطبع، هناك عدد قليل من الناس الذين، رغم الضغط من السلطات الرسمية، لديهم الجرأة للتعبير عن وجهة نظرهم، وليس فقط للتعبير، ولكن لإظهار أن لديهم وجهة نظرهم الخاصة”.

يذكر أنه تم تخصيص حدث هذا العام من جمعية “المعرفة” الروسية للاحتفال بالذكرى الثمانين للانتصار في الحرب العالمية الثانية المعروفة أيضا باسم الحرب الوطنية العظمى، وكذلك دورها في التاريخ وأهميتها بالنسبة لحاضر روسيا ومستقبلها.

وتقام فعاليات الماراثون من 28 إلى 30 أبريل في عشر مدن روسية وهي: موسكو وقازان وفلاديكافكاز أومسك وبيرم وسيفاستوبول وريازان وسالخارد وسان بطرسبورغ ويوجنو ساخالينسك. وفي موسكو، سيقام الماراثون في متحف النصر.

مقالات مشابهة

  • نجل حفتر في موسكو بحث ملفات عسكرية وأمنية مع نائب وزير الدفاع الروسي
  • سيف بن زايد يلتقي في موسكو المدعي العام الروسي
  • بوتين: العلاقات بين روسيا وأوروبا ستتعافى بالتأكيد عاجلا أم آجلا
  • وزير خارجية أفغانستان للجزيرة: لن نكون ساحة للتنافس السلبي بين القوى الكبرى
  • بمشاركة ممثلين عن 48 دولة.. انطلاق منتدى الحوار المفتوح في موسكو لرسم ملامح الاقتصاد العالمي الجديد
  • مساعد الرئيس الروسي: محاولات لـ الناتو لتوسيع فرض الحصار البحري على روسيا
  • باكستان والهند على حافة الحرب.. وعمران خان يبعث رسالة من السجن
  • أوكرانيا ترفض هدنة بوتين وتتهم موسكو بالتمويه العسكري
  • سيف بن زايد يلتقي وزير الداخلية الروسي في موسكو ويشهدان إطلاق الحوار الشرطي الاستراتيجي
  • سيف بن زايد يلتقي وزير الداخلية الروسي في موسكو