على المرضى في مصر الذين يعانون من أمراض مزمنة أو عادية أن ينتظروا لشهور جديدة، لحين حل أزمة نقص الدواء غير المسبوقة التي تمر بها البلاد، ما أدى إلى تدهور الوضع الصحي لملايين المواطنين وأودت بحياة الكثيرين، في ظل غياب أي إحصاءات رسمية.

مع احتدام الأزمة وإطلاق مناشدات صحية وصرخات استغاثة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعد وزير الصحة المصري بقرب حل الأزمة، وأعلن مؤخرًا عن إجراءات لتخفيف الأزمة، متوقعا انتهائها خلال الأشهر القادمة، تتضمن هذه الإجراءات استيراد المزيد من الأدوية وتنشيط الإنتاج المحلي.



الأزمة ليست وليدة اليوم إذ تشهد مصر أزمة نقص حادة في الأدوية منذ أكثر من عام، أثرت على ملايين المرضى وحملت تداعيات خطيرة على الصحة العامة، وتلقي هذه الأزمة الضوء على القصور الحكومي واستغلال الشركات الدوائية.

تسبب النقص الحاد في أكثر من 50% من حجم الأدوية معظمها أدوية حيوية وملحة، ولا يوجد لها بدائل في صعوبة حصول المرضى على الأدوية الأساسية، وارتفاع أسعار بعضها، وانتشار ظاهرة بيع الأدوية في السوق السوداء.

ما هي أسباب الأزمة؟
أسباب نقص الأدوية في السوق المصري متعددة الأوجه، ولكن على رأسها كان تأخر رد فعل الجهات الرسمية والمسؤولة في الحكومة في التعامل مع الأزمة التي تفاقمت واستفحلت في مؤشر على فشل التخطيط وتراجع ملف الصحة في قائمة اهتمامات وأولويات الحكومة.

إلى جانب الأسباب الاقتصادية مثل أزمة الدولار التي تسببت في ارتفاع تكلفة استيراد المواد الخام الدوائية، ارتفاع أسعار الشحن بسبب التوترات الجيوسياسية في المنطقة وأزمة مرور السفن في البحر الأحمر مما زاد من تكلفة استيراد الأدوية، إلى جانب تسبب التضخم في ارتفاع تكلفة الإنتاج المحلي للأدوية.



العوامل الإدارية كانت أحد الأسباب المهمة في استمرار الأزمة، حيث أدى ضعف الرقابة على أسواق الأدوية إلى انتشار ظاهرة الاحتكار والتخزين.

كما تواجه الشركات المصنعة للأدوية صعوبات في الحصول على التراخيص، والموافقات اللازمة من الجهات الحكومية. وأخيرا نقص التمويل الحكومي للصناعة الدوائي، فلم تخصص الحكومة المصرية تمويلا كافيا لدعم صناعة الأدوية المحلية.

الإعلامي المصري، توفيق عكاشة، المثير للجدل، أطلق صرخة مدوية بسبب نقص أدوية الضغط والسكر والجهاز الهضمي، وقال في تغريدة عبر موقع "إكس" إنها "غير متوفر في أي صيدلية"، وتفاعل معها كثيرون في عرض مأساتهم مع نقص الأدوية.

انا لا اجد حقن السكر ولا دواء الضغط ولا دواء الجهاز الهضمى الخاص بى ولا باقى الادويه التى اتناولها يومياً هل مصر تشهد اكبر ازمه فى تاريخها منذ الفراعنه فى الادويه حتى ادوية البهايم التى اربيها لا اجدها فهل اصبحنا نحن والبهايم سواء

— توفيق عكاشة (@TawfikOkasha_) July 9, 2024

دكتور صيدلي: محدش يتعب.. لأنه مفيش علاج #مزيد pic.twitter.com/uyJMJUqYr7

— مزيد - Mazid (@MazidNews) June 28, 2024
 
تداعيات الأزمة
يواجه المرضى صعوبة في الحصول على الأدوية الأساسية، ما قد يُعرض حياتهم للخطر. وأدى نقص الأدوية إلى ارتفاع أسعار بعضها، ما زاد من تكاليف العلاج على المرضى.

تُباع بعض الأدوية بأسعار مرتفعة في السوق السوداء، ما يُشكل عبئا إضافيا على المرضى. وقد تكون بعض الأدوية المباعة في السوق السوداء مغشوشة أو غير صالحة للاستخدام.

قال أحد المتضررين ويدعى سيد عبد الفتاح لـ"عربي21": "حماتي مريضة سكر وعانت من نقص دواء الأنسولين وربما تدخل في غيبوبة سكر حياتها كانت معرضة للخطر بسبب نفاد الدواء لديها وأرقتنا لفترة طويلة بسبب غياب الدواء".




وتابع: "التقيت بأحد الأصدقاء الذين لديهم بعض ذويهم في السعودية وعرض عليّ المساعدة بإحضار أكثر من علبة لنا لحين انتهاء الأزمة، بالفعل خلال أيام كان قريبه قد جاء من الخارج وحصلنا على الدواء وكأنه حلم، لم نكن نتوقع ذلك".

نقص واحتكار وغياب الرقابة
والد أحد الأطفال اشتكى من عدم وجود غالبية الأدوية الموصوفة في الروشتة، وقال لـ"عربي21" من داخل إحدى الصيدليات بإحدى ضواحي الجيزة: "ابني يبلغ من العمر 5 سنوات يعاني من نزلة معوية، ووصف له الطبيب 5 أنواع من الأدوية لا يوجد منها سواء نوع واحد، ولا توجد بدائل".

ووصف الصيدلي الوضع بأنه "كارثي، لا توجد بالفعل روشتة كاملة لأي مريض، شركات الأدوية نفذ ما لديها من مخزون وهناك نقص في أكثر من ألف نوع على الأقل، ولا نملك حيال الأزمة أي شيء سوى أن تنتهي الحكومة من مفاوضاتها مع المصانع لتعديل قائمة الأسعار بسبب نقص الإنتاج وارتفاع تكاليف المواد الخام".

تأخر كبير في تحرك الحكومة
حمّلْ المدير التنفيذي في مركز الحق في الدواء، محمود فؤاد، الحكومة السبب في الأزمة بسبب "تأخرها في التحرك مبكرا مع علمها بأزمة نقص الدولار وقرار تحرير سعر الصرف منذ مارس 2022، والذي كان يجب أن يأخذ في الحسبان تداعياته على قطاع الصحة وسوق الدواء الكبير في مصر، والأخذ بعين الاعتبار حياة ملايين المصريين".

وأوضح لـ"عربي21": "أزمة الدواء بدأت قبل أكثر من سنة ولكنها زادت حدة في الآونة الأخيرة، و85% من الأدوية محلية وتؤمن احتياجات المرضى، لكن مع تفاقم أزمة الدولار ونقص المواد الخام ظهرت الأزمة خاصة أن أكثر من 95% من تلك المواد من الخارج بالتالي أي تأخير في استيرادها سوف يوقف خطوط الإنتاج".



وأشار فؤاد إلى أن "أحد أهم الأسباب في توقف تصنيع مئات الأصناف هو أن الأدوية مسعرة جبريا من الحكومة، ولم تتوصل المصانع مع الحكومة على تعديل الأسعار رغم ارتفاعها أكثر من مرة على سعر جديد إلا أنه مؤخرا تم التوافق على بدء زيادة آلاف الأصناف بشكل تدريجي، ولكن الاحتياطي لدى المخازن نفذ وبالتالي فإن فترة التصنيع الجديدة تحتاج لوقت حتى يتم ضخها في الأسواق".

وبخصوص حجم النقض بين أن "الوضع صعب، هناك عجز كبير في أدوية الأمراض المزمنة مثل الأمراض المناعية المزمنة وأمراض التصلب المتعدد وفرط الحركة، ثم أدى تأخير الحكومة إلى نقص في الأدوية المحلية الخاصة بأمراض الضغط والسكر وقطرات الأذن وأدوية الكحة وخفض الحرارة والمسكنات والمضادات الحيوية، أي روشتة تتسبب معاناة أصحابها لصرفها حتى هيئة التأمين الصحي والمستشفيات تعاني من نقص الأدوية الحيوية ورصدت مرضى بالطابور أمام هيئة التأمين لصرف محلول معالجة الجفاف بسبب موجة الحر على سبيل المثال".

أزمة نظام وأزمة وعود
حذّر أمين صندوق نقابة صيادلة مصر الأسبق، أحمد رامي الحوفي، من استمر أزمة "نقص الأدوية على الصحة العامة للمصريين، وهي مستمرة منذ فترة، ولا نستبعد أن يكون بيع مصانع الأدوية أن يساهم في تدمير اقتصاديات قطاع الصيدليات".

وأرجع أسباب الأزمة في حديثه لـ"عربي21": "عدم قيام الحكومة بتوفير الدولار لمصانع الأدوية لشراء المواد الخام بسعر مناسب يتفق مع التسعيرة التي تفرضها على المصانع، الحل يكمن في توفير الدولار بسعر مناسب، وبالتالي فإن تكلفة الإنتاج أعلى من سعر البيع للشركات".

واستبعد الحوفي أن "يكون الاحتكار هو السبب في تفاقم الأزمة؛ لأنه لا توجد أدوية بالأساس وخطوط الإنتاج شبه متوقفة لدى الكثير من المصانع"، وتساءل: "ماذا عن مدينة الدواء التي أنشأتها الحكومة وقال السيسي خلال افتتاحه عام 2021 أنها سوف توفر الأدوية، وتمكن الدولة من التحكم في الأسعار وضبطها وتقضي على الاحتكار، كل هذه الأهداف لم تتحقق".

وتقول الحكومة المصرية إن مدينة الدواء من أكبر المدن من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، وتقام على مساحة 180 ألف متر مربع، وتهدف إلى تحويل مصر إلى مركز إقليمي لصناعة الدواء في الشرق الأوسط.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر أزمة الدواء الحكومة العلاج مصر الحكومة أزمة الدواء العلاج المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المواد الخام نقص الأدویة فی السوق أکثر من

إقرأ أيضاً:

الحكومة تكشف تفاصيل أكبر قافلة مساعدات إنسانية لغزة عبر صندوق "تحيا مصر"

أعلن المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، أن مجلس الوزراء قد شارك في إطلاق أكبر قافلة مساعدات إنسانية عبر صندوق "تحيا مصر"، وذلك تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي استجابة للأوضاع الإنسانية في غزة.

رئيس الوزراء يشهد إطلاق "صندوق تحيا مصر" أكبر قافلة مساعدات للأشقاء الفلسطينيين وزيرة التنمية المحلية تشارك إطلاق أكبر قافلة مساعدات لقطاع غزة

وأكد  المتحدث باسم الحكومة، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية عزة مصطفى ببرنامج "الساعة6" على "الحياة"، أن هذه القافلة، التي تضم 305 شاحنات محملة بأكثر من 4200 طن من المساعدات و11 سيارة إسعاف، تأتي كتعبير عن التضامن المصري مع الأشقاء في غزة.

معاناة الشعب الفلسطيني في القطاع

أشار إلى أن الحكومة تدرك تمامًا حجم المعاناة التي يواجهها الشعب الفلسطيني في القطاع، وتعمل بلا كلل لتخفيف هذه المعاناة من خلال جهود مشتركة بين جميع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني وصندوق "تحيا مصر"، إلى جانب تعاون مع بيت الطعام والزكاة والصدقات والجمعية الشرعية.


وأوضح  المتحدث باسم الحكومة أن هذه المساعدات تتنوع بين الاحتياجات الأساسية، مثل الملابس والبطاطين والسجاد، وغيرها من المواد الضرورية التي تسعى لتخفيف وطأة الحياة اليومية على الأشقاء في غزة، وأضاف أن هناك رؤية واضحة وتنسيقًا مستمرًا مع الجهات الدولية والمسئولين الفلسطينيين لضمان تقديم المساعدات اللازمة وفق الاحتياجات الفعلية.

تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، واستجابةً لنداء الإنسانية لدعم الأشقاء الفلسطينيين بقطاع غزة، شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، إطلاق "صندوق تحيا مصر" أكبر قافلة مساعدات إنسانية شاملة من حي الأسمرات، تتألف من 305 شاحنات "تريلا" تحمل على متنها أكثر من 4200 طن من المساعدات، و11 سيارة إسعاف، تحت شعار "نتشارك من أجل الإنسانية"؛ وذلك من أجل دعم قطاع غزة بعد قرار وقف الحرب، إيمانًا بقيم التآخي والتكافل، وتحملاً لمسئوليتنا الإنسانية في ظل هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني، بالتعاون مع كل من "بيت الزكاة والصدقات"، و"بنك الطعام"، و"الجمعية الشرعية".

 

حضر فعاليات انطلاق القافلة الإنسانية السيد اللواء أركان حرب، أحمد علي، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، أمين صندوق تحيا مصر، وعدد من الوزراء، والمحافظين، والسفراء، وممثلي القطاع المدني.

وعلى هامش الفعاليات، ألقى رئيس مجلس الوزراء كلمة من حي الأسمرات، استهلها بتقديم التهنئة لفخامة السيد الرئيس والشعب المصري العظيم بمناسبة حلول ذكرى ليلة الإسراء والمعراج، مُعرباً عن سعادته بتزامن هذا الحدث المتمثل في إطلاق القافلة الإنسانية الشاملة لقطاع غزة مع هذه الذكرى الجليلة العطرة، معبرا أيضا عن شعوره بالسعادة لأن فعاليات "أسبوع الخير" انطلق اليوم من حي الأسمرات.

 

وقال الدكتور مصطفى مدبولي: حي الأسمرات له مكانة عزيزة للغاية على قلوبنا جميعا، لأنه كان بداية الفكرة التي وجه بها فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بعدم ترك أي أسرة في مصر تعيش في مناطق غير آمنة، أو تظل في المستوى الذي كانت عليه، ولذا كانت نقطة الانطلاق المهمة لبرنامج عظيم لم يتكرر على مستوى العالم، وهو ما أنهينا به معاناة كل من كان يقطن المناطق غير الآمنة، الذين تجاوز عددهم أكثر من 300 ألف أسرة.

وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي: اليوم من حي الأسمرات نشهد إطلاق "أسبوع الخير"، الذي يعد نموذجاً للتلاحم بين الدولة، بمؤسساتها المختلفة، والمجتمع المدني، وأذكر هنا جميع مؤسسات المجتمع المدني المشاركة، وعلى رأسها مؤسسة "بيت الزكاة والصدقات" التابع لمشيخة الأزهر، وأيضاً بنك الطعام المصري، حيث يقوم الجميع بدور إنسانيّ كبير للغاية لخدمة المواطن المصري، إلى جانب الجهود التي تقوم بها الدولة ومؤسساتها، وبالتالي يعد هذا نموذجاً رائعا للشراكة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في هذا الأسبوع "أسبوع الخير".

واستكمل رئيس الوزراء حديثه بالإشارة إلى أننا نتحدث عن تغطية خدمات كثيرة جداً لعدد 20 ألف أسرة موجودة بحي الأسمرات، فضلا عن القوافل الطبية التي تقدم الفحوص الطبية اللازمة لأهالينا ويتم إصدار قرارات علاج على نفقة الدولة لهم، كما يتم توفير النظارات الطبية وسماعات الأذن والأجهزة التعويضية، وأيضاً رعاية أبنائنا من ذوي الهمم، وجميع الخدمات الطبية الأخرى الموجودة.

مقالات مشابهة

  • الحكومة تكشف تفاصيل أكبر قافلة مساعدات إنسانية لغزة عبر صندوق "تحيا مصر"
  • البابا فرنسيس: نزاع السودان تسبّب بأسوأ أزمة إنسانية في العالم
  • بينها أكثر من 20 وقود.. دخول 260 شاحنة مساعدات إنسانية إلى معبري العوجة وكرم أبو سالم
  • «الهلال الأحمر»: مصر قدمت أكثر من 360 ألف طن مساعدات إنسانية لقطاع غزة 
  • أزمة الصناديق الاجتماعية تعصف بالتونسيين.. نقص الأدوية وضعف المعاشات
  • وسط أزمة اقتصادية خانقة والتضخم المرتفع.. إيران تواجه تحديات رفع الأجور
  • أزمة جديدة في الرجاء المغربي
  • أستاذ علاقات دولية: الدور المصري في أزمة غزة يتطور وفقًا للتفاعلات
  • «أستاذ علاقات دولية»: الدور المصري في أزمة غزة يتطور وفقًا للتفاعلات «فيديو»
  • أستاذ علاقات دولية: الدور المصري في حل أزمة غزة يتطور بشكل متكامل