نقص الدواء يشعل أزمة إنسانية في مصر وتساؤلات عن دور الحكومة
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
على المرضى في مصر الذين يعانون من أمراض مزمنة أو عادية أن ينتظروا لشهور جديدة، لحين حل أزمة نقص الدواء غير المسبوقة التي تمر بها البلاد، ما أدى إلى تدهور الوضع الصحي لملايين المواطنين وأودت بحياة الكثيرين، في ظل غياب أي إحصاءات رسمية.
مع احتدام الأزمة وإطلاق مناشدات صحية وصرخات استغاثة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعد وزير الصحة المصري بقرب حل الأزمة، وأعلن مؤخرًا عن إجراءات لتخفيف الأزمة، متوقعا انتهائها خلال الأشهر القادمة، تتضمن هذه الإجراءات استيراد المزيد من الأدوية وتنشيط الإنتاج المحلي.
الأزمة ليست وليدة اليوم إذ تشهد مصر أزمة نقص حادة في الأدوية منذ أكثر من عام، أثرت على ملايين المرضى وحملت تداعيات خطيرة على الصحة العامة، وتلقي هذه الأزمة الضوء على القصور الحكومي واستغلال الشركات الدوائية.
تسبب النقص الحاد في أكثر من 50% من حجم الأدوية معظمها أدوية حيوية وملحة، ولا يوجد لها بدائل في صعوبة حصول المرضى على الأدوية الأساسية، وارتفاع أسعار بعضها، وانتشار ظاهرة بيع الأدوية في السوق السوداء.
ما هي أسباب الأزمة؟
أسباب نقص الأدوية في السوق المصري متعددة الأوجه، ولكن على رأسها كان تأخر رد فعل الجهات الرسمية والمسؤولة في الحكومة في التعامل مع الأزمة التي تفاقمت واستفحلت في مؤشر على فشل التخطيط وتراجع ملف الصحة في قائمة اهتمامات وأولويات الحكومة.
إلى جانب الأسباب الاقتصادية مثل أزمة الدولار التي تسببت في ارتفاع تكلفة استيراد المواد الخام الدوائية، ارتفاع أسعار الشحن بسبب التوترات الجيوسياسية في المنطقة وأزمة مرور السفن في البحر الأحمر مما زاد من تكلفة استيراد الأدوية، إلى جانب تسبب التضخم في ارتفاع تكلفة الإنتاج المحلي للأدوية.
العوامل الإدارية كانت أحد الأسباب المهمة في استمرار الأزمة، حيث أدى ضعف الرقابة على أسواق الأدوية إلى انتشار ظاهرة الاحتكار والتخزين.
كما تواجه الشركات المصنعة للأدوية صعوبات في الحصول على التراخيص، والموافقات اللازمة من الجهات الحكومية. وأخيرا نقص التمويل الحكومي للصناعة الدوائي، فلم تخصص الحكومة المصرية تمويلا كافيا لدعم صناعة الأدوية المحلية.
الإعلامي المصري، توفيق عكاشة، المثير للجدل، أطلق صرخة مدوية بسبب نقص أدوية الضغط والسكر والجهاز الهضمي، وقال في تغريدة عبر موقع "إكس" إنها "غير متوفر في أي صيدلية"، وتفاعل معها كثيرون في عرض مأساتهم مع نقص الأدوية.
انا لا اجد حقن السكر ولا دواء الضغط ولا دواء الجهاز الهضمى الخاص بى ولا باقى الادويه التى اتناولها يومياً هل مصر تشهد اكبر ازمه فى تاريخها منذ الفراعنه فى الادويه حتى ادوية البهايم التى اربيها لا اجدها فهل اصبحنا نحن والبهايم سواء
— توفيق عكاشة (@TawfikOkasha_) July 9, 2024دكتور صيدلي: محدش يتعب.. لأنه مفيش علاج #مزيد pic.twitter.com/uyJMJUqYr7
— مزيد - Mazid (@MazidNews) June 28, 2024تداعيات الأزمة
يواجه المرضى صعوبة في الحصول على الأدوية الأساسية، ما قد يُعرض حياتهم للخطر. وأدى نقص الأدوية إلى ارتفاع أسعار بعضها، ما زاد من تكاليف العلاج على المرضى.
تُباع بعض الأدوية بأسعار مرتفعة في السوق السوداء، ما يُشكل عبئا إضافيا على المرضى. وقد تكون بعض الأدوية المباعة في السوق السوداء مغشوشة أو غير صالحة للاستخدام.
قال أحد المتضررين ويدعى سيد عبد الفتاح لـ"عربي21": "حماتي مريضة سكر وعانت من نقص دواء الأنسولين وربما تدخل في غيبوبة سكر حياتها كانت معرضة للخطر بسبب نفاد الدواء لديها وأرقتنا لفترة طويلة بسبب غياب الدواء".
وتابع: "التقيت بأحد الأصدقاء الذين لديهم بعض ذويهم في السعودية وعرض عليّ المساعدة بإحضار أكثر من علبة لنا لحين انتهاء الأزمة، بالفعل خلال أيام كان قريبه قد جاء من الخارج وحصلنا على الدواء وكأنه حلم، لم نكن نتوقع ذلك".
نقص واحتكار وغياب الرقابة
والد أحد الأطفال اشتكى من عدم وجود غالبية الأدوية الموصوفة في الروشتة، وقال لـ"عربي21" من داخل إحدى الصيدليات بإحدى ضواحي الجيزة: "ابني يبلغ من العمر 5 سنوات يعاني من نزلة معوية، ووصف له الطبيب 5 أنواع من الأدوية لا يوجد منها سواء نوع واحد، ولا توجد بدائل".
ووصف الصيدلي الوضع بأنه "كارثي، لا توجد بالفعل روشتة كاملة لأي مريض، شركات الأدوية نفذ ما لديها من مخزون وهناك نقص في أكثر من ألف نوع على الأقل، ولا نملك حيال الأزمة أي شيء سوى أن تنتهي الحكومة من مفاوضاتها مع المصانع لتعديل قائمة الأسعار بسبب نقص الإنتاج وارتفاع تكاليف المواد الخام".
تأخر كبير في تحرك الحكومة
حمّلْ المدير التنفيذي في مركز الحق في الدواء، محمود فؤاد، الحكومة السبب في الأزمة بسبب "تأخرها في التحرك مبكرا مع علمها بأزمة نقص الدولار وقرار تحرير سعر الصرف منذ مارس 2022، والذي كان يجب أن يأخذ في الحسبان تداعياته على قطاع الصحة وسوق الدواء الكبير في مصر، والأخذ بعين الاعتبار حياة ملايين المصريين".
وأوضح لـ"عربي21": "أزمة الدواء بدأت قبل أكثر من سنة ولكنها زادت حدة في الآونة الأخيرة، و85% من الأدوية محلية وتؤمن احتياجات المرضى، لكن مع تفاقم أزمة الدولار ونقص المواد الخام ظهرت الأزمة خاصة أن أكثر من 95% من تلك المواد من الخارج بالتالي أي تأخير في استيرادها سوف يوقف خطوط الإنتاج".
وأشار فؤاد إلى أن "أحد أهم الأسباب في توقف تصنيع مئات الأصناف هو أن الأدوية مسعرة جبريا من الحكومة، ولم تتوصل المصانع مع الحكومة على تعديل الأسعار رغم ارتفاعها أكثر من مرة على سعر جديد إلا أنه مؤخرا تم التوافق على بدء زيادة آلاف الأصناف بشكل تدريجي، ولكن الاحتياطي لدى المخازن نفذ وبالتالي فإن فترة التصنيع الجديدة تحتاج لوقت حتى يتم ضخها في الأسواق".
وبخصوص حجم النقض بين أن "الوضع صعب، هناك عجز كبير في أدوية الأمراض المزمنة مثل الأمراض المناعية المزمنة وأمراض التصلب المتعدد وفرط الحركة، ثم أدى تأخير الحكومة إلى نقص في الأدوية المحلية الخاصة بأمراض الضغط والسكر وقطرات الأذن وأدوية الكحة وخفض الحرارة والمسكنات والمضادات الحيوية، أي روشتة تتسبب معاناة أصحابها لصرفها حتى هيئة التأمين الصحي والمستشفيات تعاني من نقص الأدوية الحيوية ورصدت مرضى بالطابور أمام هيئة التأمين لصرف محلول معالجة الجفاف بسبب موجة الحر على سبيل المثال".
أزمة نظام وأزمة وعود
حذّر أمين صندوق نقابة صيادلة مصر الأسبق، أحمد رامي الحوفي، من استمر أزمة "نقص الأدوية على الصحة العامة للمصريين، وهي مستمرة منذ فترة، ولا نستبعد أن يكون بيع مصانع الأدوية أن يساهم في تدمير اقتصاديات قطاع الصيدليات".
وأرجع أسباب الأزمة في حديثه لـ"عربي21": "عدم قيام الحكومة بتوفير الدولار لمصانع الأدوية لشراء المواد الخام بسعر مناسب يتفق مع التسعيرة التي تفرضها على المصانع، الحل يكمن في توفير الدولار بسعر مناسب، وبالتالي فإن تكلفة الإنتاج أعلى من سعر البيع للشركات".
واستبعد الحوفي أن "يكون الاحتكار هو السبب في تفاقم الأزمة؛ لأنه لا توجد أدوية بالأساس وخطوط الإنتاج شبه متوقفة لدى الكثير من المصانع"، وتساءل: "ماذا عن مدينة الدواء التي أنشأتها الحكومة وقال السيسي خلال افتتاحه عام 2021 أنها سوف توفر الأدوية، وتمكن الدولة من التحكم في الأسعار وضبطها وتقضي على الاحتكار، كل هذه الأهداف لم تتحقق".
وتقول الحكومة المصرية إن مدينة الدواء من أكبر المدن من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، وتقام على مساحة 180 ألف متر مربع، وتهدف إلى تحويل مصر إلى مركز إقليمي لصناعة الدواء في الشرق الأوسط.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر أزمة الدواء الحكومة العلاج مصر الحكومة أزمة الدواء العلاج المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المواد الخام نقص الأدویة فی السوق أکثر من
إقرأ أيضاً:
ضبط صيدلية تطمس الأسعار الرسمية لعبوات الأدوية بالفيوم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شنت مديرية التموين والتجارة الداخلية بمحافظة الفيوم، بالتنسيق مع الجهات المعنية، عدة حملات مكبرة قبل عيد الفطر المبارك، وذلك تنفيذاً لتوجيهات الدكتور أحمد الأنصاري، محافظ الفيوم، بتشديد الرقابة على الأسواق لضبط الأسعار ومجابهة جشع واحتكار التجار للسلع.
وقال سامح شبل، وكيل وزارة التموين والتجارة الداخلية بالفيوم، أن مديرية التموين قد تمكنت خلال الفترة من 27 إلى 30 مارس الجاري 2025 ، من ضبط صيدلية يقوم مدير الصيدلية بطمس الأسعار الرسمية من على علب الأدوية لبيعها بأسعار أعلى من سعرها الرسمى، وجرى تحرير 69 عبوة ادوية، وتحرير محضر بمعرفة هيئة الدواء المصرية.
وخلال الحملة تم ضبط ٤٨٠ كيلو دقيق بلدى مدعم خاص بالمستودعات الأهلية قبل بيعة بالسوق السوداء، و 6 شكائر دقيق بلدي بإجمالي 300 كجم - 7 شكارة دقيق مخابز ، وخلال المرور على محلات الرنجة والاسماك الممملحة تم ضبط ١٥ كيلو جرام رنجة فاسدة وغير صالحه للاستهلاك الادمي - 110 كجم أسماك منتهية الصلاحية - 11 كجم اسماك رنجة منتهية الصلاحية.
كما تم تحرير 35 محضرا للمخابز ما بين تصرف ، نقص وزن، مواصفات، عدم وجود ميزان حساس، عدم وجود قائمه و عدم نظافة ادوات العجين كما تم المرور على المخابز السياحية لمتابعة الأسعار والأوزان، والمرور على مطاعم الفول والطعمية، ومحال السوبر ماركت، ومستودعات صرف الدقيق المدعم، ومستودعات البوتاجاز، ومحطات الوقود، لمتابعة مدى التزام التجار بالأسعار، وتم عمل جرد لمحطات البترول والتنبيه على الرخص والسجلات ومتابعة التوزيع وضبط الأسعار، وكذلك المرور على محال الجزارة لمتابعة أسعار اللحوم البلدية الطازجة وكذا المرور على الأسواق والشوادر وضبط الأسعار وخاصة أسواق الخضار والفاكهة.
1b12a163-720d-4aa9-91de-fd32bbae792a - Copy 1b12a163-720d-4aa9-91de-fd32bbae792a 4e10f80e-4959-4f09-b371-1f262e1b7e66 6de23953-16f2-4e29-8671-5ac8f6aeded1 6ebf7071-7653-4b4e-9a3a-9e1e6f738723 58d0d995-8130-4b50-a212-83ecd4b5fb20 - Copy 58d0d995-8130-4b50-a212-83ecd4b5fb20 86b0bff0-76bd-4416-ad01-bca02ade4c7b 163e7fd6-7581-4b04-a50a-f2113b4555f1 254b3e73-aa79-4199-80f9-db3dcd2bff35 0331d2de-cd9b-40ff-a0f7-0904741ca427 621c9ddd-abcd-4c3f-9b4d-062bf5139de8 682ff020-189d-49ec-bac6-9e5714e1c64b 004913f9-20fd-4cc1-a7ab-6dc20aa141e7 92207a80-d0cf-4622-9c7e-06a67fb5103b 8807265e-eccc-4310-a615-ca2c14502ddc 64880088-3b9c-4fd5-ac4e-01d27b3c5e92 d5aad653-b3b8-47ff-ae21-490bdf1bbaa8 d89f6796-aad1-409f-844c-02594ba0b4e9 dc2afa39-9648-42f3-ad6f-9053e05ca68d ebdf9c51-c99f-40c9-b888-d66a9fc535c9 ef5a413b-d16c-4964-96a9-5ef72ad460bd