تمثل التهديدات التي وجهها زعيم مليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، للمملكة العربية السعودية، الأحد، حصاد نتائج دلالها للحوثيين، كما هو حال المجتمع الدولي الذي حصد هذه النتائج بالهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن.

وعلى مدى أكثر من عامين عملت السعودية على تقديم التنازلات للمليشيا الحوثية في سبيل إنهاء الحرب وإحلال السلام، وكانت هذه التنازلات على حساب الحكومة الشرعية التي تعتبر السعودية حليفتها والداعمة لها.

هذه التنازلات شملت العديد من الجوانب السياسية والاقتصادية والإنسانية، أبرزها: إيقاف الحرب ومنع القوات الحكومية من التقدم على الرغم من الهجمات المستمرة التي تشنها المليشيا الحوثية، وفتح مطار صنعاء الدولي والسماح بدخول السفن التجارية إلى ميناء الحديدة دون تفتيش، وهو ما انعكس سلباً على الموانئ المحررة خاصة بعد قرارات المليشيا بمنع دخول الصادرات من المنافذ البرية التي تربطها بالمناطق المحررة.

التنازلات السعودية وصلت إلى حد التزامها بدفع مرتبات سنة كاملة لموظفي القطاع العام في المناطق الخاضعة للحوثيين الذين قاموا بنهبها على مدار تسع سنوات، على الرغم من قيام المليشيا الحوثية بمحاصرة الشرعية اقتصادياً ومنعها من تصدير النفط من خلال استهداف موانئ التصدير في شبوة وحضرموت.

ومع اندلاع أحداث غزة في السابع من أكتوبر 2023، وبدء المليشيا في نوفمبر من نفس العام باستهداف السفن التجارية المارة في البحر الأحمر، استخدمت السعودية نفوذها لمنع أي محاولات لإغلاق ميناء الحديدة الذي حولته المليشيا إلى ميناء عسكري لتنفيذ هجماتها على السفن، كما أنها رفضت الانخراط في تحالف "حارس الازدهار" الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية للحد من هجمات وتهديدات الحوثي للملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن.

كما أن السعودية، بحسب صحف أجنبية، لم تسمح للولايات المتحدة باستخدام مطاراتها لقصف مواقع المليشيا الحوثية وأجبرت واشنطن على استقدام حاملة طائرات لتنفيذ عملياتها، بالتزامن مع استمرارها بالضغط على الشرعية للقبول بخارطة طريق إحلال السلام التي تمنح الحوثي مكاسب سياسية واقتصادية كبيرة.

كما مارست السعودية ضغوطاً كبيرة على الحكومة الشرعية من أجل إيقاف قرارات البنك المركزي اليمني في عدن بشأن نقل مقرات البنوك التجارية والأهلية والإسلامية من صنعاء ومعاقبة البنوك الرافضة لقرار النقل، وكذا قراره بإيقاف كافة شبكات التحويلات المالية وإغلاق الشركات المخالفة، وهي ضغوط قوبلت بالرفض من قيادة البنك المركزي باعتبار القرارات الصادرة هي قرارات سيادية ضرورية لحماية الاقتصاد من عبث المليشيا.

السعودية كان لها دور أيضاً في إيقاف قرار وزارة النقل بشأن منع بيع تذكر السفر عبر الخطوط الجوية اليمنية من منافذ البيع الواقعة في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية، خاصة بعد قيام الحوثي باختطاف ثلاث طائرات واحتجازها في مطار صنعاء أواخر يونيو الماضي.

وجاء إيقاف القرار ضمن اتفاق ينص على قيام الحوثي بإرجاع الطائرات لتشغيلها في الرحلات التجارية، لكن المليشيا كعادتها نكثت بالاتفاق وهو ما جعله ملغياً.

إزاء هذه التنازلات التي قدمتها السعودية، ظلت المليشيا الحوثية تهاجم القيادة السعودية عبر مسؤوليها ونشطائها على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهامهم بالعمالة لإسرائيل والانبطاح للغرب ووصولاً إلى محاولة تسييس شعائر الحج من خلال الدفع بعناصرها الذين استضافتهم المملكة لترديد الشعارات الطائفية وقسم الولاية لزعيمهم خلال أداء الشعائر، قبل أن تتهمها بالفشل في تنظيم الحج وتتبنى مطالب إيران والإخوان بشأن تدويل الأراضي المقدسة.

هجوم الحوثي على السعودية لم يقتصر على النشطاء والمسؤولين، بل وصل إلى قيادات الصف الأول مثل محمد علي الحوثي القيادي البارز وعضو ما يسمى المجلس السياسي للمليشيا وكذا مهدي المشاط رئيس المجلس وأخيراً زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي الذي وجه تهديدات صريحة بقصف الأراضي السعودية واستهداف مطاراتها وبنوكها وموانئها إذا لم تتدخل لإيقاف قرارات البنك المركزي في عدن.

ويرى نشطاء وسياسيون أن السعودية تحصد حالياً نتائج دلالها للحوثيين كما هو حال المجتمع الدولي الذي ظل يحمي المليشيا الحوثية على مدار تسع سنوات وأوقف حرب تحرير الحديدة عام 2018 وهي كانت في أيامها الأخيرة من خلال إعلان اتفاق السويد الذي تم استخدامه للضغط على الشرعية والتحالف العربي واستفادت منه المليشيا بإعادة ترتيب صفوفها.

كما تدخل المجتمع الدولي وتحديداً الأمم المتحدة لإيقاف الحرب التي قادتها قوات العمالقة الجنوبية مطلع العام 2022 لتحرير مديريات بيحان على الرغم من سكوتها على مدار عام ونصف العام من الهجمات التي شنتها المليشيا على مأرب وأسقطت فيها معظم مديرياتها إلى جانب إسقاط مديريات الجوف التي كانت محررة بشكل شبه كلي.

وأشار النشطاء إلى أن الحوثيين ردوا الجميل للمجتمع الدولي باستهداف السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن وتكبيد العالم خسائر مالية فادحة بسبب ارتفاع أسعار الشحن والنقل البحري.

ويعتقد سياسيون أن السعودية ارتكبت نفس الخطأ الذي ارتكبه المجتمع الدولي وأن التهديدات الحوثية باستهداف أراضيها والابتزاز الذي تمارسه ضدها هو نتاج لهذا الخطأ.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الملیشیا الحوثیة فی البحر الأحمر السفن التجاریة المجتمع الدولی

إقرأ أيضاً:

عماد الدين حسين: خطة مصر لإعادة إعمار غزة دون تهجير أهله تحظى بدعم المجتمع الدولي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة "الشروق"، إن القمة العربية ناقشت بشكل أساسي خطة مصر لإعادة إعمار غزة، مشيرًا، إلى أنّ خطة مصر لإعادة إعمار غزة دون تهجير أهله تحظى بدعم المجتمع الدولى.

وأوضح، خلال مداخلة هاتفية على فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن هناك موقفًا عربيًا واضحًا برفض السياسات الصهيونية الأمريكية التي تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، مضيفًا، أن القمة وجهت دعوة للمجتمع الدولي للتدخل والضغط على إسرائيل للالتزام بمراحل الهدنة والانسحاب الكامل من جنوب لبنان.

وأشار إلى أن إسرائيل تمارس ضغوطًا على الفلسطينيين والدول العربية عبر منع وصول المساعدات الإنسانية.

https://www.youtue.com/watch?v=SZjOAIZLCw

مقالات مشابهة

  • طالبة سعودية تحصد المركز الثاني في “الاستوديو الدولي”
  • جابر لبلاسخارت: المجتمع الدولي مطالب بمساعدة لبنان
  • عبد الرحمن المطيري يشيد بالإنجازات التي حققها لاعبو ولاعبات الكويت في الأولمبياد الخاص “تورينو 2025”
  • الإدارة الأمريكية تتوعد بإستهداف السفن الإيرانية التي تحاول تقديم الدعم للحوثيين
  • سلطنة عمان تحذر من تداعيات استمرار النهج العسكري الأمريكي الذي يستهدف مليشيا الحوثي
  • البيت الأبيض: أخطرنا إيران بإنهاء دعمها للحوثيين بعد الضربات التي تلقتها
  • وزير الخارجية الأمريكية يبلغ نظيره الروسي بالضربة ضد الحوثي ويناقش اجتماع السعودية
  • رئيس الجمهورية بذكرى قصف حلبجة: نحث المجتمع الدولي على منع انتشار أسلحة الدمار الشامل
  • الراعي: من المهم أن يعترف المجتمع الدولي بسيادة لبنان وحياده
  • عماد الدين حسين: خطة مصر لإعادة إعمار غزة دون تهجير أهله تحظى بدعم المجتمع الدولي