قراءة في وثيقة إنشاء الكيان الصهيوني (صك الانتداب)
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
تكاملت جهود الحلفاء في إيجاد وإنشاء الكيان الصهيوني بعد الانتصارات التي تحققت لهم، تنفيذاً لمخططات سابقة وتفاهمات اعتمدت على الأهمية الاستراتيجية التي تعود عليهم من إنشاء هذا الكيان والدور الذي سيلعبه كقاعدة متقدمة لحماية ورعاية مصالح الدول الأوروبية والغربية بشكل عام، وهنا نجد التزام دول الحلفاء لصالح إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
خطوات تأسيس الكيان الصهيوني
لم يكتف الحلفاء بالموافقة على إنشاء وطن قومي لليهود، بل حددوا خطوات الإنشاء بشكل واضح لا لبس فيه ولا غموض، فقد أعطى صك الانتداب لبريطانيا التدخل في شؤون فلسطين، فنصت المادة (2) على أن تكون الدولة المنتدبة مسؤولة عن وضع البلاد في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية تضمن إنشاء الوطن القومي لليهود وفقا لما جاء في ديباجيته .. بمعنى أن السلطات تعمل على تهيئة الأوضاع السياسية والإدارية والاقتصادية التي تساعد على استقبال اليهود من أقطار العالم ومنع المعارضة وتمكينهم من الاقتصاد حتى يفرضوا وجودهم ويقبل بهم الآخرون، ولذلك فقد تحرك الجيش البريطاني إلى جانب العصابات الصهيونية لإفراغ المدن والقرى الفلسطينية من سكانها باستخدام القتل والإبادة لهم، مما جعل الفلسطينيين يقاومون ذلك وينظمون الثورات، لكن استطاع الإنجليز والعصابات الصهيونية القضاء عليها بسبب التفوق في الأسلحة والتنظيم والبطش والإجرام، وغياب الدعم والمناصرة والتأييد من الشعوب العربية والإسلامية.
أما عن بقية الفقرات (ترقية مؤسسات الحكم الذاتي، وصيانة الحقوق المدنية والدينية لجميع السكان)، فكانت هناك مؤسسات قائمة، وأما عن ترقيتها، فمعنى ذلك- وفقا لصك الانتداب- إحلال اليهود في هذه المؤسسات ومنع المعارضة لهم، وعن صيانة الحقوق، فتعني حماية اليهود لا حماية أهل فلسطين، وإلا كيف سيتم ضمان وصيانة حقوق الآخرين وهم سكان فلسطين عندما تتم مصادرة حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية لصالح المستعمرين الجدد؟
فالصك أثبت لهم حقوقا في فلسطين على حساب أهلها وأيضا حمى حقوقهم في البلاد الأخرى التي يتواجدون فيها، بمعنى أنه صك (حماية ورعاية لليهود أينما كانوا) بقوله (بالحقوق أو الوضع السياسي مما يتمتع به اليهود في أي بلاد أخرى) واستندوا إلى المادة (22) الفقرة الثامنة من ميثاق عصبة الأمم.
صلاحيات تامة في الإدارة والتشريع
أعطاها الصك للدولة المنتدبة في المادة (1) ورغم أنه يؤكد مسؤولية بريطانيا عن صيانة الحقوق المدنية والدينية لجميع سكان فلسطين بغض النظر عن الجنس والدين وهي مزاعم كاذبة وسياسة إجرامية تعتمد على أن (الغاية تبرر الوسيلة)، وفي المادة (4) اعتراف بالوكالة اليهودية ملائمة عامة لإسداء المشورة إلى إدارة فلسطين والتعاون معها في كل الأمور، فالمستشار هيئة يهودية، تعترف لها دولة بالشخصية المعنوية، وتستشيرها في كل أمور فلسطين ولصالح اليهود وتسكينهم وتسليمهم فلسطين وخاصة (الأمور التي قد تؤثر في إنشاء الوطن القومي لليهود ومصالح اليهود في فلسطين) وأيضا يعترف بالجمعية الصهيونية كوكالة ملائمة، ويمنحها الصلاحية للقيام على أمر دعم اليهود الراغبين في المساعدة في إنشاء الوطن القومي لليهود، وجاءت المادة (5) لتؤكد عدم جواز التنازل عن أي جزء من فلسطين لدولة أجنبية أو تأجيره، أما اليهود فهم ملاك بموجب الصك، والمادة (6) أوجبت تسهيل هجرة اليهود وفي أحوال ملائمة، وتسكينهم في الأراضي الأميرية، والأراضي الموات، بمعنى تسليم الأرض لهم وتحت تصرفهم ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان لمنشآت عمومية، فكل الأرض صالحة للمستوطنين وبرعاية أممية.
إعطاء الجنسية الفلسطينية لليهود
منح الصك إدارة فلسطين المشكَّلة من المندوب السامي اليهودي البريطاني، ومستشاريه من الوكالات اليهودية، حق منح الجنسية الفلسطينية لليهود الذين قد يتخذوا فلسطين مقاما دائما لهم، المادة (7) وبموجب قانون وهنا نجد أن جميع اليهود حصلوا على الجنسية الفلسطينية أولا، ولما استولوا على الأراضي والممتلكات وطردوا أصحابها سنوَّا قوانين الجنسية التي تجعل اليهود جنسية راقية (أ) يتمتعون بكامل الحقوق، والفلسطينيون مواطنون فئة (ب) محرومون من جميع الحقوق، ما يؤكد النظام العنصري في التمييز والفصل بين السكان.
وأطلق صك الانتداب سلطة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، كما جاء في المادة (11) وأوجب عليها مراعاة (الرغبة في تشجيع حشد السكان في الأراضي وتكثيف الزراعة)، وبالاتفاق مع الوكالة اليهودية (بإنشاء أو تسيير الأشغال والمصالح العمومية وترقية مرافق بالبلاد)، بمعنى تسليم الإدارة وكل شيء لليهود وأيضا توزيع الأرباح، وتشكيل القضاء والعلاقات الخارجية، وإنشاء القوات الأمنية تحت إشراف لجنة الانتداب والمستشارين اليهود، ولأن فلسطين كانت مكتملة البنية التحتية من طرق وسكك حديد ومرافئ، فإن استخدام ذلك يكون لمصلحة اليهود، فقد أعطى الصك في المادة (18) منه مواطني وشركات الدولة المنتدبة والدول الأجنبية حقوق المواطنين في الضرائب والتجارة والملاحة والبضائع.
ضمان الحفريات والتنقيبات
والذي يسعى اليهود من خلاله لإثبات نواياهم في هدم المسجد الأقصى وبناء هيكل سليمان، فقد ألزمت المادة (21) جميع الدول الداخلة في عصبة الأمم المساواة في المعاملة فيما يتعلق بالحفريات والتنقيبات الأثرية وعرفت الفقرة (1) الآثار.. كل ما أنشأته أو أنتجته أيدي البشر قبل (1700) سنة ميلادية، لذلك فقراءة فقرات صك الانتداب (28) مادة تمثل عملية تسليم واستلام بين اليهود (الصهيونية العالمية) وبين الحلفاء (الحلف الصليبي الجديد الذي تقوده بريطانيا، وهو حلف قذر يتغير رأسه عندما يشيخ أو يسقط لكن أهدافه ثابتة.
ذلك الحلف أسس الكيان الصهيوني واستعان بالخونة والعملاء، وهو اليوم يحميه من السقوط والانهيار حتى لا تتضرر مصالحه، يحافظ على أمنه القومي ويرى ترديد الصرخة في منطقة معزولة من العالم كمرَّان صعدة خطراً يستوجب سفك الأبرياء، ويتعامى عن الإبادة الجماعية في فلسطين وغزة لذات السبب.
خونة العرب وعملاؤهم لا تعنيهم حماية أمن دولهم حتى لو وصل الأمر إلى التدخل في شؤونها الداخلية مهما كانت، المهم البقاء والحفاظ على الكراسي والسلطة حتى لو تم تدمير الأخلاق والمبادئ والقيم، غزة وفلسطين اليوم دمرت مبانيها وأبيد رجالها وأطفالها ونساؤها، لكن لم يستطع القتلة والمجرمون تدمير عقيدة أهلها ولا أخلاقهم ولا مبادئهم، لم تستطع الدبابات ولا الصواريخ ولا الطائرات أن تزحزح قناعاتهم بربهم ولا بجهادهم وذلك هو الأهم، أما الآخرون فقد خسروا أخلاقهم وقيمهم ودينهم بموجب أوامر وتوجيهات الحلف الصهيوني الصليبي، بدون خسارة طلقة واحدة، بل بموجب مراسيم الخيانة والعمالة والنفاق، وهنا يمكن القول: إن من باع فلسطين هم العملاء والخونة، أما أهلها فلم يفرطوا فيها وسفكت دماؤهم قرابين للحرية والإيمان والشهادة في سبيل الله.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
كاتب أمريكي: ليس كل اليهود مشمولون بحماية ترامب.. فقط من يؤيد من إسرائيل
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للصحفي، بيتر بينارت، الذي كان أحدث كتاب له هو "أن تكون يهوديا بعد تدمير غزة"، قال فيه إن تيس سيغال، وهي طالبة في السنة الثانية بجامعة فلوريدا تبلغ من العمر 20 عاما، انضمت إلى زملائها النشطاء في ساحة بارزة بالحرم الجامعي في 29 نيسان/ أبريل 2024، مطالبة الجامعة بسحب استثماراتها من شركات تصنيع الأسلحة ومقاطعة المؤسسات الأكاديمية في "إسرائيل".
درس بعض المتظاهرين أو لعبوا الورق. لاحقا، قرأوا نعي فلسطينيين قتلوا في قطاع غزة.
ثم تدخلت قوات إنفاذ القانون. ورغم أن سيغال تقول إنها لم تقاوم الاعتقال، إلا أنها كبلت بالأصفاد واقتيدت إلى السجن، حيث احتجزت طوال الليل.
وقد واجهت سيغال تهمة مقاومة الاعتقال دون عنف. أسقطت الولاية قضيتها لاحقا. إلا أن جامعة فلوريدا كانت قد حظرت دخولها إلى الحرم الجامعي.
وكان مسؤولو الجامعة قد حذروا المتظاهرين من احتمال معاقبتهم إذا انتهكوا القيود الصارمة الجديدة على الاحتجاج. كما قال المسؤولون إن ضباط الشرطة أمروا المتظاهرين بالتفرق. وقالت سيغال إن الضجيج كان مرتفعا جدا بحيث لم يمكن بالإمكان سماع هذا التوجيه.
وقالت سيغال أنها منعت من أداء امتحانها النهائي للفصل الدراسي والمشاركة في برنامج صيفي ترعاه الجامعة والذي تم قبولها فيه.
وقضت لجنة تأديبية بالجامعة بأنها لم تتصرف بطريقة مخلة بالنظام، لكنها اعتبرتها مسؤولة عن انتهاك سياسة الجامعة، من بين أمور أخرى. واقترحت اللجنة إيقافها عن الدراسة لمدة عام. وذهب عميد الطلاب المعين حديثا في الجامعة إلى أبعد من ذلك؛ ففي رسالة شاركتها مؤسسة الحقوق الفردية والتعبير، أعلن أن سلوك سيغال "تسبب في اضطراب كبير في الوظائف العادية للجامعة ومنع ضباط إنفاذ القانون من أداء واجباتهم على الفور" وزاد إيقافها إلى ثلاث سنوات.
تشترط جامعة فلوريدا على أي طالب يتغيب لأكثر من ثلاثة فصول دراسية إعادة التقدم بطلب الالتحاق. صرحت سيغال أنها كانت حاصلة على منحة دراسية كاملة. تعمل الآن في مجال خدمات الطعام ولا تعرف كيف أو متى ستعود إلى الجامعة.
ويعلق بينارت أنه في عصر يختطف فيه عملاء فيدراليون الطلاب الذين لا يحملون الجنسية الأمريكية من الشارع، قد تبدو عقوبة سيغال خفيفة نسبيا. لكن قضيتها تنطوي على مفارقة خاصة، فسيغال يهودية.
منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، طالبت العديد من المنظمات اليهودية البارزة وحلفاؤها السياسيون الجامعات مرارا وتكرارا بحماية الطلاب اليهود من خلال معاقبة انتهاكات السلوك والاحتجاج في الحرم الجامعي، بما في ذلك الإيقاف عن الدراسة أو حتى الطرد.
سيغال هي حفيدة أحد الناجين من الهولوكوستوهي خريجة معسكر صيفي يهودي، لماذا لم تشعر المنظمات اليهودية بالقلق بشأنها؟ لأنه على مدار السنوات القليلة الماضية، قام قادة اليهود الأمريكيين الرئيسيين - بالشراكة مع سياسيين متعاطفين - بشيء غير عادي: لقد أعادوا تعريف معنى أن تكون يهوديا بشكل فعال. ولإسكات إدانة "إسرائيل"، ساوا بين دعم الدولة واليهودية نفسها.
قليلون هم من عبروا عن إعادة التعريف هذه بشكل أكثر صراحة من الرئيس ترامب. في الشهر الماضي، في إشارة واضحة إلى دعم زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر غير الكافي المزعوم لـ"إسرائيل"، أعلن ترامب، "إنه لم يعد يهوديا".
ترامب ببساطة يوضح ما كان القادة اليهود يلمحون إليه لسنوات. في عام 2023، أعلن الرئيس التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير، جوناثان غرينبلات، أن "الصهيونية أساسية لليهودية". في عام 2021، شارك المنشق السوفيتي المؤثر ووزير الحكومة الإسرائيلي السابق ناتان شارانسكي في كتابة مقال يصف فيه اليهود الذين يعارضون الصهيونية بأنهم "غير يهود".
تحدث إعادة تعريف اليهودية هذه بالتزامن مع واحدة من أقسى حملات القمع في التاريخ على النشاط اليهودي الأمريكي.
يحمل العديد من اليهود الأمريكيين، وخاصة اليهود الشباب، آراء ناقدة لـ"إسرائيل".
وجد استطلاع للرأي أجراه المعهد الانتخابي اليهودي الوسطي عام 2021، والذي يراقب مشاركة اليهود في التصويت، أن 38% من البالغين اليهود الأمريكيين الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما يعتبرون "إسرائيل" دولة فصل عنصري، مقارنة بـ 47% ممن لم يفعلوا ذلك.
وعندما وُجهت إلى "إسرائيل" تهمة ارتكاب إبادة جماعية في غزة في استطلاع أجري العام الماضي، وافق 38% من البالغين اليهود الأمريكيين الذين تقل أعمارهم عن 44 عاما على ذلك.
بالنظر إلى هذه الأرقام، فليس من المستغرب أن يلعب اليهود دورا قياديا في الاحتجاجات ضد هجوم "إسرائيل" على غزة.
بعد أحد عشر يوما من 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، جمعت الجماعات اليهودية التقدمية والمعادية للصهيونية، بما في ذلك "صوت يهودي من أجل السلام" ما يقرب من 400 متظاهر، كان العديد منهم يرتدي قمصانا كُتب عليها "ليس باسمنا"، واحتلوا مبنى الكونغرس.
في وقت لاحق من ذلك الشهر، قادت منظمة "صوت يهودي من أجل السلام" وحلفاؤها عملية استيلاء على محطة غراند سنترال في نيويورك.
وفي جامعة براون، اقتصر الاعتصام الأول للمطالبة بسحب الاستثمارات من الشركات التابعة لـ"إسرائيل" على الطلاب اليهود فقط.
لا يعتبر الطلاب اليهود عموما عرضة للخطر كنظرائهم الفلسطينيين والعرب والمسلمين والسود وغير المواطنين، ولكن هذا الافتراض تحديدا بتوفر قدر أكبر من الأمان هو ما جعلهم أكثر استعدادا للاحتجاج في المقام الأول. وقد دفع الكثيرون ثمنا باهظا.
ومن المستحيل معرفة نسبة الطلاب اليهود الذين عوقبوا بسبب نشاطهم المؤيد للفلسطينيين، نظرا لأن الإجراءات التأديبية الجامعية غالبا ما تكون سرية. لكن الأدلة المروية تشير إلى أهمية هذا الأمر.
وبغض النظر عن آراء المرء حول كيفية تعامل الجامعات مع النشاط الطلابي في الحرم الجامعي، هناك أمر غريب في قمعه باسم سلامة اليهود، في حين أن عددا من الطلاب الذين يتعرضون للقمع هم من اليهود.
منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، علّقت أربع جامعات على الأقل مؤقتا أو وضعت تحت المراقبة فروع منظمة "صوت يهودي من أجل السلام".
في عام 2023، في احتجاجات "يهود من أجل وقف إطلاق النار الآن" بجامعة براون، تم اعتقال 20 عضوا(تم إسقاط التهم).
في فعالية مؤيدة لإسرائيل في كلية روكلاند المجتمعية بجامعة ولاية نيويورك في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ورد أن طالبا يهوديا صرخ لفترة وجيزة "من النهر إلى البحر، ستكون فلسطين حرة" و"يهود من أجل فلسطين" قد تم إيقافه عن الدراسة لبقية العام الدراسي. في أيار/ مايو 2024، قالت أستاذة يهودية دائمة في الأنثروبولوجيا بكلية مولينبيرج إنها طردت بعد أن أعادت نشر منشور على "إنستغرام" جاء فيه جزئيا: "لا تخشوا الصهاينة. افضحوهم. لا ترحبوا بهم في أماكنكم ولا تجعلوهم يشعرون بالراحة".
وفي أيلول/ سبتمبر، وجه المدعي العام في ميشيغان تهما جنائية لمقاومة أو عرقلة ضابط شرطة، بالإضافة إلى تهم جنحية بالتعدي على ممتلكات الغير، ضد ثلاثة ناشطين يهود - بالإضافة إلى أربعة آخرين - بتهمة ارتكاب جرائم تتعلق بمخيم تضامن مع غزة في جامعة ميشيغان في آن أربور. (دفعوا جميعا ببراءتهم).
حتى عندما اتخذ الاحتجاج شكلا دينيا يهوديا، غالبا ما أُغلقت أبوابه. في خريف العام الماضي، عندما بنى طلاب يهود معارضون للحرب خلال عيد العرش (سوكوت) أكواخا تضامنية مع غزة، وهي هياكل مؤقتة تشبه الأكشاك يأكل فيها اليهود ويتعلمون وينامون خلال العطلة، قامت ثماني جامعات على الأقل بتفكيكها بالقوة، أو ألزمت الطلاب بذلك، أو ألغت الموافقة على بنائها. (أعلنت الجامعات أنه لم يُسمح للمجموعات بإقامة هياكل في الحرم الجامعي).
على الرغم من ذلك، أشادت المنظمات اليهودية المؤيدة لـ"إسرائيل" بالجامعات التي قمعت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين.
عندما علّقت جامعة كولومبيا فرعها من منظمة "صوت يهودي من أجل السلام" إلى جانب منظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، هنأت رابطة الدفاع عن الحقوق الجامعة على وفائها "بالتزاماتها القانونية والأخلاقية بحماية الطلاب اليهود".
بعد أن فرقت شرطة نيو هامبشاير مخيم دارتموث التضامني مع غزة، شكرت رابطة الدفاع عن الحقوق رئيس الكلية على "حماية حق جميع الطلاب في التعلم في بيئة آمنة".
لكن التجربة لم تكن آمنة بالنسبة لأنيليس أورليك، الرئيسة السابقة لبرنامج الدراسات اليهودية في الكلية، التي قالت إنها قيدت بقيود بلاستيكية وتعرضت للضرب على جسدها وسحبت بالقوة من قبل ضباط الشرطة عندما دخلوا.
بعد أن أعلنت المدعية العامة للولاية أنها ستوجه اتهامات ضد المتظاهرين في مخيم جامعة ميشيغان الذين زعم أنهم انتهكوا القانون، أشاد بها مسؤول في الاتحاد اليهودي لمدينة آن أربور الكبرى لتصرفها "بشجاعة".
ومع ذلك، يواصل اليهود الاحتجاج. في أوائل نيسان/ أبريل، قامت مجموعة صغيرة من الطلاب اليهود بتقييد أنفسهم ببوابات جامعة كولومبيا احتجاجا على استمرار احتجاز محمود خليل، طالب الدراسات العليا السابق وحامل البطاقة الخضراء، والمحتجز الآن في مركز احتجاز تابع لهيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك في لويزيانا بسبب مشاركته في احتجاج في الحرم الجامعي.
وقبيل عطلة عيد الفصح، وقّع أكثر من 130 طالبا وعضوا في هيئة التدريس وخريجا يهوديا من جامعة جورج تاون رسالة احتجاج على اعتقال بدر خان سوري، وهو زميل ما بعد الدكتوراه متهم بنشر دعاية حماس والترويج لمعاداة السامية.
هناك مفارقة عميقة في التشكيك الواضح من جانب المؤسسة اليهودية الأمريكية في يهودية هؤلاء المعارضين الشباب. لأن ما يميز نشطاء الطلاب اليهود اليوم عن الأجيال السابقة من اليساريين اليهود الأمريكيين هو بالتحديد اهتمامهم بدمج الطقوس اليهودية نفسها في احتجاجاتهم.
في نيويورك وحدها، نشأت ما لا يقل عن 10 مجتمعات صلاة، غير صهيونية أو معادية للصهيونية، في السنوات القليلة الماضية. يسكنها في الغالب يهود لا يتجاوز عمرهم بكثير عمر الطالبة تيس سيغال.
أقامت منظمة "يهود جامعة براون من أجل وقف إطلاق النار الآن" خيمة تضامن مع غزة في الخريف الماضي.
بدأت إحدى الطالبات اليهوديات، خوفا من تخريب الخيمة أو تفكيكها، بحراستها ليلا. حتى أنها انضمت إلى طلاب آخرين ناموا في المبنى المتهالك، الذي يرمز إلى الضعف البشري والحماية الإلهية، كما فعل اليهود منذ آلاف السنين، على الرغم من حظر الإدارة.
لقد أفلتت من الإجراءات التأديبية دون عقاب، لكنها سرعان ما دبرت خطة أخرى تربط يهوديتها بدعمها للقضية الفلسطينية: أن تجري طقوس (بات ميتزفاه) متأخرة، حيث يتم الاحتفاء بالتزام البنت بالشريعة اليهودية عندما تصل سن البلوغ.
في شباط/ فبراير الماضي، دُعيت إلى التوراة لأول مرة، في حفل أقامه بالكامل أعضاء منظمة يهود [جامعة] براون من أجل وقف إطلاق النار الآن، والتي تُسمى الآن "يهود براون من أجل تحرير فلسطين".
بالنسبة لترامب وقادة المؤسسة اليهودية الأمريكية، قد لا تكون يهودية حقيقية. ولكن مثل الكثيرين في جيلها، فهي تثبت لهم خطأهم بغضب وفرح.