حسابات أمنية ومواجهة تحركات مصرية.. لماذا ذهب آبي أحمد إلى السودان؟
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
جاءت زيارة آبي أحمد بعد يوم واحد من زيارة نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي إلى بورتسودان، الاثنين.
التغيير: وكالات
في أول زيارة له منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، وصل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الثلاثاء، إلى بورتسودان، المدينة الساحلية التي اتخذها قادة الجيش السوداني عاصمة لإدارة شؤون البلاد، وأجرى مباحثات مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان.
وجاءت زيارة آبي أحمد بعد يوم واحد من زيارة نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي إلى بورتسودان، الاثنين.
وقال البرهان إن “زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي تأتي للدلالة على عمق العلاقات بين شعبي البلدين، مبيناً أنها “امتداد لصدق القيادة الإثيوبية وحسن نواياها تجاه السودان”، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السودانية.
وذكرت الوكالة الرسمية أن البرهان شرح لرئيس الوزراء الإثيوبي الوضع في السودان “على خلفية التمرد الذي قادته مليشيا الدعم السريع الإرهابية ضد الدولة ومؤسساتها”، موضحاً أن “المليشيا ارتكبت جرائم ضد الشعب السوداني فضلا عن تدمير البنية التحتية للدولة”.
وبحسب وكالة الأنباء السودانية، فقد أكد آبي أحمد أن “زيارته للسودان تأتي للتضامن مع الشعب السوداني”، قائلا إن “الأصدقاء الحقيقيين يظهرون وقت الشدة”.
وأضاف أن “هذه الحرب ستنتهي وستبقى العلاقات بين البلدين راسخة ووطيدة”، مشيراً لأهمية السلام باعتباره أساس التنمية، ومؤكدا أن “مشكلات الدول يجب أن تُحل داخليا دون تدخل خارجي”.
مسار أمنييرى نقيب الصحفيين السودانيين، عبد المنعم أبو إدريس، أن “زيارة آبي أحمد جاءت لمناقشة أهداف وأجندة أمنية بامتياز”، مشيرا إلى أن القضايا الأمنية في حدود البلدين كانت حاضرة في المباحثات.
وقال أبو إدريس، المختص في شؤون القرن الأفريقي، لموقع الحرة، إن “التوترات الأمنية في إقليم أمهرا الإثيوبي، والاشتباكات التي تحدث بين ميليشيا فانو المنتسبة للأقليم والجيش الفيدرالي الإثيوبي تعتبر من الشواغل الرئيسية لدى آبي أحمد”.
وأضاف أن “ميليشا فانو الإثيوبية تنشط بالقرب من الحدود السودانية، ويمكن أن تتسرب إلى داخل تلك الحدود، ويبدو أن آبي أحمد يريد تنسيقا أكثر من الجيش السوداني للسيطرة على تلك الميليشيا”.
ولفت نقيب الصحفيين السودانيين إلى أن “التقدم الميداني الذي أحرزته قوات الدعم السريع بالسيطرة على مدن رئيسية بولاية سنار، واقترابها من الحدود الإثيوبية، يمثل أحد أهداف زيارة آبي أحمد”.
وأضاف “يخشى رئيس الوزراء الإثيوبي من تدفق اللاجئين السودانيين إلى أراضي بلاده، حال هاجمت قوات الدعم السريع ولاية القضارف الحدودية مع إثيوبيا، كما يخشى من توترات أمنية على الحدود”.
وهرب نحو 21 ألف سوداني إلى إثيوبيا، بعد اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، إذ جرى استقبالهم في معسكر “ترانزيت” بواسطة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بحسب تنسيقية اللاجئين السودانيين.
ويواجه أكثر من 6 آلاف لاجئ سوداني، بينهم أكثر من ألفي طفل، “واقعا مريرا” في غابات “أولالا” الإثيوبية، بعد أن غادروا معسكر “ترانزيت” في طريقهم إلى بعض المدن الإثيوبية، إذ منعتهم السلطات هناك من الوصول إلى تلك المدن، مما اضطرهم للمكوث في الغابات، وفق التنسيقية.
اللاجئون السودانيون في إثيوبيافي صورة أخرى لمعاناة المتضررين من الحرب السودانية، يواجه أكثر من 6 آلاف لاجئ سوداني، بينهم أكثر من ألفي طفل، واقعا مريرا في غابات “أولالا” الإثيوبية، وفق تنسيقية اللاجئين السودانيين.
وكان آبي أحمد دعا في يوليو 2023 إلى “إجراءات فورية تتضمن فرض منطقة حظر طيران ونزع المدفعية الثقيلة”، مما اعتبره الجيش السوداني موقفا داعما لقوات الدعم السريع.
وتصاعد التوتر بين الحكومة السودانية وبين الحكومة الإثيوبية، عقب زيارة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” إلى إثيوبيا، في ديسمبر الماضي.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، عز الدين المنصور، أن “زيارة آبي أحمد جاءت بعد معلومات ترددت عن مشاركة قوات إثيوبية بالقتال إلى جانب قوات الدعم السريع”.
وقال المنصور لموقع الحرة، “من الراجح أن يكون آبي أحمد جاء إلى بورتسودان، إما لنفي مشاركة قوات إثيوبية حكومية في القتال السوداني، أو أن يكون جاء لاستجلاء معلومات أكثر عن تلك القوات، إذ أن بعض الصحفيين السودانيين أشاروا إلى أن القوات المعنية تتبع ميليشيا فانو التي تعادي الجيش الإثيوبي”.
وأضاف: “إذا ثبت أن ميليشيا فانو تقاتل إلى جانب قوات الدعم السريع، فإن ذلك من شأنه أن يؤثر سلبا على علاقة آبي أحمد الراسخة مع “حميدتي”، وربما يتجه لتحالف أكبر من الجيش السوداني”.
مسار سياسيولا تقتصر زيارة آبي أحمد إلى السودان على الملفات الأمنية، وحدها، إذ أن القضايا السياسية حاضرة أيضا في أجندة وأهداف الزيارة، وفق ما يرى أبو إدريس، مشيرا إلى أن “رئيس الوزراء الإثيوبي يطمح لإعادة طرفي الحرب إلى طاولة التفاوض”.
وأضاف أن “آبي أحمد يريد التنسيق مع الجيش السوداني في ما يخص القمة التي يخطط الاتحاد الأفريقي لعقدها في 15 يوليو، بمشاركة القوى السياسية السودانية، بخصوص الأوضاع في السودان”.
ولفت أبو إدريس إلى أن “تحركات آبي أحمد في هذا المسار، يُنظر لها في إطار التنافس بين إثيوبيا ومصر، التي تمكنت من حشد قوى سياسية مؤثرة، في مؤتمر بالقاهرة مطلع الأسبوع الحالي، خاصة أن أديس أبابا هي المركز الرئيسي لنشاط القوى السياسية السودانية”.
لإنهاء حرب السودان.. مبادرات كثيرة ولكن “أين الحل؟”اجتمعت في القاهرة، السبت، القوى السياسية والمدنية السودانية في مؤتمر تبنته مصر، بهدف إيجاد حلول سياسية للأزمة في السودان، حيث نتج عنه بيان ختامي يدعو إلى “إيقاف الحرب”، دون عقد اجتماعات مشتركة بين الأطراف المشاركة.
ويتفق المنصور مع الوجهة التي مضى إليها أبو إدريس، عن أن آبي أحمد يهدف لضمان دعم الجيش لتحركات الاتحاد الأفريقي، الساعية لجمع القوى السياسية السودانية.
وأضاف “هذه التحركات، حال تمكنت مع جمع القوى السياسية المساندة للجيش، إلى جانب القوى الأخرى التي تقول إنها تقف على الحياد، يمكن أن تساعد في تلافي الخلافات التي برزت بين القوى السياسية السودانية بعد مؤتمر القاهرة”.
ورفضت قوى سياسية داعمة للجيش السوداني التوقيع على البيان الختامي في مؤتمر القوى السياسية المدنية الذي استضافته العاصمة المصرية، بحجة أن “البيان لم يتضمن إدانة صريحة للانتهاكات التي تقوم بها قوات الدعم السريع”.
وأدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلى مقتل أكثر من 14 ألف شخص وإصابة آلاف آخرين، بينما دفعت سكان السودان إلى حافة المجاعة.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، في يونيو الماضي، إن عدد النازحين داخليا في السودان وصل إلى أكثر من 10 ملايين شخص.
وأوضحت المنظمة أن العدد يشمل 2.83 مليون شخص نزحوا من منازلهم قبل بدء الحرب الحالية، بسبب الصراعات المحلية المتعددة التي حدثت في السنوات الأخيرة.
وأشارت المنظمة الأممية إلى أن أكثر من مليوني شخص آخرين لجأوا إلى الخارج، معظمهم إلى تشاد وجنوب السودان ومصر.
ويعني عدد اللاجئين خارجيا، والنازحين داخلياً، أن أكثر من ربع سكان السودان البالغ عددهم 47 مليون نسمة نزحوا من ديارهم.
الوسومآبي أحمد اثيوبيا البرهان حرب الجيش والدعم السريعالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آبي أحمد اثيوبيا البرهان حرب الجيش والدعم السريع القوى السیاسیة السودانیة رئیس الوزراء الإثیوبی قوات الدعم السریع الجیش السودانی زیارة آبی أحمد إلى بورتسودان فی السودان أبو إدریس أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع ترقص في احتفال على الجماجم والأشلاء
تحصد آلة القتل الفتاكة لمليشيا الدعم السريع أرواح الأبرياء من المدنيين والأهالي البسطاء في قرى ولاية النيل الأبيض بوسط السودان وتُسيل دماءَهم بالرصاص والقذائف المضادة للدروع التي يطلقها عليهم بصورة عشوائية جنودُ مليشيا الدعم السريع بلا رحمة وبلا تفريق بين كبار السنّ والنساء والأطفال والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة.
ويقول بيانٌ صادرٌ من وزارة الخارجية السودانية الثلاثاء 18 فبراير/ شباط، إن 433 مدنيًا، بينهم أطفال رضّع لقوا مصرعهم في هجمات لمليشيا الدعم السريع على قرى بولاية النيل الأبيض، فيما وصفته (بأسلوب المليشيا المعتاد في الانتقام من المدنيين العزّل في القرى والبلدات الصغيرة).
بينما تحدث هذه المشاهد المأساوية الموغلة في القتامة والبشاعة والفظاعة والفظاظة والغلظة والقسوة، يبدو مشهد سوداني آخر نقيضًا لذاك المشهد المأساوي، تدور أحداثه على خشبة مسرح آخر خارج حدود الدولة السودانية المثخنة بجراح حرب ضروس، أوقعت عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من المصابين والمفقودين، وملايين النازحين داخل السودان، ومثلهم من اللاجئين خارج السودان.
المشهد الآخر الذي تتزامن أحداثه مع تلك الأحداث الدرامية الدامية في ولاية النيل الأبيض، هو مشهد ثُلة من السياسيين وزعماء أحزاب سودانية في منافيهم الاختيارية خارج البلاد من الموالين لمليشيا الدعم السريع والمناصرين لها سياسيًا بزعامة (حمدوك)، وهم يرقصون داخل إحدى قاعات المؤتمرات الأنيقة في كينيا، وهم مبتهجون ويهتفون فرحين بشعارات وأهازيج تمجد قائد مليشيا الدعم السريع المعروف بحميدتي الذي ارتكبت قواته تلك المجازر البشعة، وتسببت في أسوأ حرب شهدها السودان في تاريخه الحديث، من أجل الوصول إلى السلطة.
إعلانيرقص هؤلاء ويتمايلون على أنغام وألحان وأغانٍ تنبعث من بين أركان القاعة الأنيقة فرحًا واحتفاءً بما يرونه إنجازًا تحقق تتويجًا لثلاثة وعشرين شهرًا من القتل وسفك الدماء وانتهاك الأعراض والتهجير القسري وتدمير البنى التحتية، التي ارتكبت بحق مواطنيهم وأهليهم بيد حليفهم العسكري؛ الدعم السريع.
إنه (الميثاق السياسي) المحتفى به والإنجاز الذي كان مهرُه عشراتِ آلاف الجماجم والأشلاء وأنهارًا من الدم المسفوح ظلمًا بغير حق، وأحزانًا متراكبة بعضها فوق بعض تئن بها صدور ذوي الضحايا من الثكالى والأرامل واليتامى والحرائر اللاتي فقدن أغلى ما يملكن على أيدي وحوش وذئاب في ثياب بشر أتوا كما قالوا كذبًا وزورًا من أجل جلب الديمقراطية والحكم المدني بزعمهم.
الميثاق السياسي المحتفى به والذي تأجلت مراسم التوقيع عليه، سيصبح أساسًا ومرجعية لتشكيل حكومة موازية للحكومة القائمة التي عجزوا عن إزاحتها ونزع الشرعية عنها بقوة السلاح طوال أشهر الحرب، وهذا هو مبعث فرحهم وابتهاجه.
فبعد أن كان الهدف حكم السودان كله من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، انكمش هذا الهدف وتقلص ليصير مجرد حكومة افتراضية كل وزرائها خارج حدود السودان، حكومة (جوالة) بلا أرض وبلا جماهير، حكومة وزراؤها بلا أعباء حقيقية، أيديهم ملطخة بدماء الضحايا، ولا تستطيع أقدامهم أن تطأ أرض السودان خوفًا وخشية ورهبة من مصير معلوم.
حكومة موازية بلا مقاعد في المحافل الإقليمية والدولية ولا تحمل هوية ولا تاريخًا ولا ثقافة، حكومة مصنوعة وسياساتها معلّبة تخدم مصالح صانعيها ولا شأن لها بمصالح السودان وشعب السودان.
إنها متلازمة حبّ السلطة حتى وإن أتت على الجماجم والأشلاء وأنين الضحايا، لا يهم ما دامت أنها تأتي، حتى وإن جاءت محمولة على أكف أيادٍ أجنبية مردت وتمرّست على نشر الخراب والدمار والموت حيثما حلّت، فأصبح ذاك شغلها الشاغل ومهنتها التي تدفع في سبيل مزاولتها أموالًا طائلة كان يمكن أن توجّه نحو الإعمار والتنمية والبناء والازدهار، فتقوى بها صلات القربى وتوثّق عُرى الأخوّة وروابط حسن الجوار .
إعلانإن أكثر الأسئلة إلحاحًا وإلحافًا والتي تدور في أذهان السودانيين الذين تلاحقت عليهم الأرزاء، وتكالبت عليهم المصائب والمحن جراء هذه الحرب المصنوعة القادمة من وراء الحدود، ولا يجدون لها جوابًا، هي: لماذا كل ذلك؟ .. ولا جواب.
ما هي الجناية التي اقترفتها أيديهم في حق أولئك الذين يصدرون لهم الموت والدمار والخراب؟
هل من المعقول أن يكون كل ذلك من أجل التسلية؟
هل من المعقول أن يكون كل ذلك من أجل (لا شيء)؟!
ولا جواب..
ولربما الفاعل نفسه لا يعرف الجواب.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline