الخرطوم- مع اقتراب مرور 15 شهرا على اندلاع الحرب في السودان في أبريل/نيسان من العام الماضي، وتصاعد تداعياتها الإنسانية والأمنية، نشطت تحركات دبلوماسية وسياسية بزيارات مسؤولين من دول مجاورة إلى بورتسودان ودول المنطقة، وأقيمت مؤتمرات للقوى المدنية والسياسية لتقريب مواقفهم باتجاه حل الأزمة التي تعيشها البلاد.

وفي إطار الحراك السياسي لإنهاء الحرب يستضيف الاتحاد الأفريقي بمقره في أديس أبابا، الأربعاء، ولمدة 5 أيام، مؤتمرا تحضيريا للقوى السياسية والمدنية السودانية، وذلك بعد 4 أيام من مؤتمر مماثل في القاهرة جمع فرقاء السودان للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، لكن الخلافات طغت على بيانه الختامي.

من جهته، أعلن تحالف القوى المدنية الديمقراطية السودانية "تقدم" اليوم اعتذاره عن حضور المؤتمر الأفريقي لعدة أسباب، أبرزها أن التشاور لم يكن كافيا بشأن الأطراف المشاركة المدعوة، كما أن هناك تحفظات من جانب التحالف على أجندة المؤتمر، وإشراك الاتحاد الأفريقي عناصر يعتبرها داعمة لاستمرار الحرب.

البرهان وآبي أحمد تجاوزا خلافا سابقا تعلق بتصريحات إثيوبيا حول النزاع في السودان (مجلس السيادة) الموقف الإثيوبي

في أول زيارة له إلى مدينة بورتسودان في شرق السودان منذ اندلاع المواجهات، أجرى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الثلاثاء، محادثات مغلقة مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، لبحث الأزمة السودانية وإنهاء الحرب، قبل أن ينضم لهما وزراء ومسؤولون كبار في المخابرات والاستخبارات العسكرية.

وكشفت مصادر في مجلس السيادة للجزيرة نت، أن الجانبين تجاوزا التوتر في العلاقات عقب تصريحات آبي أحمد في يوليو/تموز 2023 عن الفراغ في قيادة السودان، ثم استقباله قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" في أديس أبابا والاحتفاء به.

وأوضحت المصادر ذاتها أن رئيس الوزراء الإثيوبي عرض لعب دور لتقريب المواقف بين البرهان وحميدتي لاستئناف محادثات السلام، كما أقر الجانبان إجراءات للتعاون والتنسيق الأمني للمحافظة على الاستقرار في حدود البلدين، ولا سيما منع تسلل مسلحين على جانبي الحدود، خصوصا بعد اقتراب المواجهات العسكرية بين الجيش والدعم السريع من الحدود الإثيوبية.

وكان آبي أحمد قد صرح أمام برلمان بلاده في 4 يوليو/تموز الجاري بأن إثيوبيا لم تستغل الصراع الدائر بالسودان "لاستعادة أراضٍ دخلها الجيش السوداني، مستغلا حربنا مع جبهة تحرير تيغراي، لكننا أخلاقيا لن نستغل ظروف الحرب التي يمر بها الشعب السوداني، الذي وقف إلى جانبنا في جميع الأوقات العصيبة، باستضافته للإثيوبيين في أراضيه".

وأكد أن موقفهم من الصراع في السودان محايد، ويتمثل في مساندته لجلب طرفي الصراع إلى طاولة الحوار والسلام وإنهاء الحرب، حيث سبق أن توسط رئيس الوزراء الإثيوبي بين المدنيين والعسكريين بعد سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير، كما نشط أيضا في جهود السلام المبذولة عبر منظمة الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا "إيغاد".

ومن المنتظر أن يزور بورتسودان أيضا رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت خلال اليومين المقبلين لإجراء مشاورات مع البرهان، حسب مصادر في الخارجية السودانية للجزيرة نت.

إنعاش منبر جدة

وبحث البرهان مع نائب وزير الخارجية السعودي وليد بن عبد الكريم الخريجي، الاثنين في مدينة بورتسودان، استئناف مفاوضات جدة لوقف الحرب.

وقال وكيل وزارة الخارجية السوداني حسين عوض، إن المباحثات تناولت الدعوة لاستئنافه، وإن البرهان أكد حرص السودان على إنجاح المنبر، لكنه وفي إطار توسيع دائرة الرعاة أبدى تحفظه على وجود أي طرف يساند الدعم السريع.

وكانت الوساطة السعودية الأميركية في منبر جدة قد علقت التفاوض في 3 ديسمبر/كانون الأول 2023، بعد تبادل اتهامات بين الجيش السوداني والدعم السريع بعدم تنفيذ إجراءات بناء الثقة وإنهاء الوجود العسكري للدعم السريع في المدن الرئيسية والمرافق المدنية.

وفي جيبوتي استقبل سكرتير منظمة "إيغاد" ورقني قبيهو، المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي مايك هامر، وبحثا الوضع الراهن في الإقليم مع التركيز على السودان، وشددا على ضرورة تسريع عملية السلام.

كما دعت الأمم المتحدة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى مفاوضات غير مباشرة نهاية الأسبوع الجاري في جنيف السويسرية، لبحث تسهيل وصول المساعدات للمتضررين من القتال وحماية المدنيين.

فشل الوكلاء

يعتقد المحلل السياسي والمتحدث باسم وزارة الخارجية السابق العبيد أحمد مروح، أن الولايات المتحدة اقتنعت بأن "تقديرات وكلائها لنتائج حرب السودان أتت بما لا يشتهون، وأن إدارة بايدن تريد نهاية للحرب قبل الانتخابات الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل".

ورغم أن الشأن الخارجي لا يشكل إلا جزءا بسيطا من اهتمامات الناخب الأميركي، فإن المحلل يرى في حديث للجزيرة نت، أن فشل الإدارة الأميركية في تحقيق أي إنجاز لصالح السلم الدولي، كما في حالتي أوكرانيا وغزة، يجعلها ترى في مشروع وقف الحرب في السودان حافزا لتحسين صورتها، وضمان استمرار تأييد الأميركيين من أصول أفريقية، ومجموعات الضغط الأخرى المهتمة بإقليم دارفور.

ويضيف المتحدث أن المعنيين بالملف السوداني من الدول الكبرى والإقليمية يرغبون في تسوية النزاع السوداني في أقرب وقت، ليتفرغوا لقضايا ونزاعات أخرى تؤثر عليهم وعلى مستقبل المنطقة، لكنه لا يتوقع تسوية نهائية قريبا، بسبب عمق الخلاف بين الفرقاء السودانية.

وفي الوقت نفسه، لا يستبعد الوصول إلى تسوية وتحديد موعد لوقف إطلاق النار وتمرير المساعدات الإنسانية خلال الشهرين المقبلين، في حال استمر الزخم الدولي والإقليمي.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي خالد سعد، أن التحركات السياسية الأخيرة مدفوعة برؤية المجتمع الدولي والإقليمي، بأن الوضع في السودان كارثي ومربك، وقد يصل إلى حافة الهاوية، وأن الحرب يمكن أن تستكمل دورتها وتجرف معها المصالح الدولية والإقليمية.

وحسب المحلل للجزيرة نت، فإن تجاهل الحرب في المرحلة السابقة كان مقصودا لإنهاك طرفي الحرب، لكن المصالح المتناقضة زادت من تأزيم الوضع، وبدأ القلق يتنامى بعد اقتراب الخرطوم من موسكو، وارتفاع الهواجس بشأن أمن البحر الأحمر، فضلاً عن مخاوف من نشوء جماعات متطرفة مستغلة الأوضاع الأمنية في السودان.

ويرى المتحدث أن مؤتمر القاهرة للقوى السودانية ثم مؤتمر أديس أبابا محاولات لرأب الصدع بين الفرقاء لإنهاء الأزمة، لأن استمرار الانقسام السياسي يسهم في إطالة أمد الحرب.

غير أنه يعتقد أن الدوافع المختلطة لرعاة المؤتمرات قد تعقّد الحل الشامل للأزمة، مما يتطلب إرادة أكثر استقلالية من الفرقاء لتخفيف وطأة الضغوط الدولية الساعية لوقف الحرب من دون حلول جذرية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی السودان للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

في ندوة بالقاهرة: مجمل الخسائر السودانية 127 مليار دولار ومصر الأولى بإعادة الإعمار

نظم مركز التكامل المصري السوداني ندوة مساء أمس “السبت” عن إعادة الإعمار في السودان، بمشاركة الملحق الثقافي بالسفارة السودانية بالقاهرة الدكتور عاصم أحمد حسن ممثلا للسفير عماد الدين عدوي، وبحضور عدد من الإعلاميين المصريين والسودانين والمهتمين بالعلاقات بين البلدين.

تشبيك إقتصادي

وابتدر اللقاء ممثل السفير السوداني الدكتور عاصم أحمد حسن، مشددا على الروابط الممتدة بين مصر والسودان منذ قديم الزمان، مقدما الشكر لمصر لوقوفها مع السودان في وقت الشدة، وقال نسعى لتطوير العلاقات لخدمة شعبي البلدين، مضيفا كنا ضيوف على مصر على مدى عامين لم نجد سوى الترحاب، ونريد التشبيك الإقتصادي مع مصر، وتابع لدينا إمكانيات ومواد خام تحتاج إلى عمل جديد، ونتطلع أن يكون لدينا إقتصاد المعرفة يعتمد على التعليم والتدريب والابتكار واستخدام التكنولوجيا، مؤكدا أن الاقتصاد السوداني يحتاج إلى نظرة أخرى خارج الصندوق بسبب ما دمرته الحرب، وقال نحتاج إلى عمل طفرة في الإنتاج من خلال اقتصاد المعرفة.

الواقع والمأمول

وتحدث رئيس مجلس إدارة المركز السوداني المصري للتكامل الدكتور عادل عبد العزيز عن إعادة الإعمار في السودان ومؤتمر رجال الأعمال المصري السوداني الأول الذي عقد بالقاهرة نوفمبر الماضي، وعن النسخة الثانية ببورتسودان والمتوقع انعقادها في شهر أبريل المقبل – وفق ما أعلنه السفير المصري بالسودان هاني صلاح – وقال عبد العزيز إن مصر لها الحق والأولوية في إعادة الإعمار للسودان، ولابد أن يكون لمصر جانب من المكاسب مقابل المساعدة والوقفة الحقيقية مع السودان في وقت الشدة، وعرض عبد العزيز ورقة المركز عن اسهام المؤسسات والشركات المصرية في إعادة إعمار السودان الواقع والمأمول، وأبانت الورقة أن مجمل الخسائر التي خلفتها الحرب في القطاعات الإقتصادية المختلفة في السودان حتى اللحظة بلغ 127 مليار دولار قابلة للزيادة.

الأولوية لمصر

وأوضح عبد العزيز أن مصر هي الأولى بإعمار السودان لسببين، وقال إن السبب الأول يرجع إلى أن العمليات الحربية في نهاياتها الآن، وماتبقى من عمليات تمشيط وتنظيف يجرى على قدم وساق، مضيفا أن السبب الثاني هو أن الدول والمنظمات والشركات الكبرى تحتاح للمعلومات قبل فترة معقولة للتخطيط للاسهام في إعادة الإعمار، واستعرض عبد العزيز من خلال الورقة مقومات الشراكة بين مصر والسودان، فيما يخص الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية والطاقة الشمسية والمياه والأمطار والموقع المتميز التي يمتكلها السودان، في مقابل الامكانات والخبرة والمصانع والقدرة على حشد التمويل وفتح الأسواق التي تمتلكها مصر، كما استعرضت الورقة الأعمال الجاري تنفيذها بين البلدين في الربط الكهربائي والسككي والفرص المتاحة للتمويل في إطار الإعمار، إضافة إلى المشروعات الإقتصادية الأساسية لمرحلة مابعد الإعمار.

جاهزية السودان

وتساءل الحضور عن مدى جاهزية السودان الآن لاستقبال رجال الأعمال المصريين، وعن المناطق الآمنة التي يمكن الاستثمار بها، مؤكدين أن رأس المال جبان، ولا يمكن إقامة مشروعات في السودان الآن في ظل الحرب الدائرة، وأوضح الحضور أن هناك تساؤلات كثيرة من رجال الأعمال المصريين عن كيفية إقامة مشروعات في السودان في ظل الحرب وعن التوقيت المناسب لذلك. من جانبه أكد المستشار الفني بالسفارة السودانية بالقاهرة قريب الله عبد العزيز أن الوقت مناسب الآن للإعمار في السودان، وأن القوات المسلحة هي المسيطرة بصورة كبيرة على البلاد ولم يتبق لها في العاصمة سوى جيوب صغيرة للتمرد، وسوف تقضي عليها في الأيام القليلة المقبلة، وقال قريب الله إن الحرب الآن على مشارف النهاية، وإن القوات المسلحة الآن تمتلك زمام الأمر، مجددا التأكيد على أن مصر هي الأحق بأن تعيد الإعمار في السودان لوقوفها بجانبه في هذه الأزمة، مضيفا أن معظم الولايات في البلاد مرشحة الآن لإعادة الإعمار وخاصة الخرطوم التي أحدث بها الدعم السريع دمارا كبيرا، ماعدا ولايات دارفور والتي مازالت الحرب دائرة فيها.

تخفيف التعقيدات

وعاد المستشار الثقافي بالسفارة مجددا للحديث عن هروب رؤوس الأموال السودانية إلى كل من رواندا وسلطنة عمان واثيوبيا، وعن مغادرة 3000 آلاف طالب سوداني إلى رواندا بسبب التعقيدات في مصر، داعيا إلى تسهيل الإجراءات والتخفيف من التعقيدات في مصر منعا لهروب هذه الأموال، ومغادرة الطلبة وقال لابد من تسهيل التحويلات المصرفية، مؤكدا أن مصر هي الدولة التي وقفت جانب الشعب السوداني، وقال نشكر الرئيس السيسي وللحكومة والشعب المصري هذه الوقفة التي سجلها التاريخ، مضيفا أن الهدف الأساسي من هذا اللقاء هو دعوة الجانب المصري للاستثمار في السودان وإعادة الإعمار، ونحن نحتاج اقتصاد المعرفة في السودان، مطالبا بتسهيل حركة رجال الأعمال السودانيين والحصول على الإقامة بمصر، وقال إن رجل الأعمال لم يأتي سائحا، وإنما يحتاج إقامة تمكنه من الدخول والخروج وهذا هو أساس الاستثمار، مؤكدا أن السودان آمن الآن، وقال إن قائد مليشيا الدعم السريع “حميدتي” لديه آلة عسكرية وآلة إعلامية، وإن الآلة العسكرية انتهت، ولازالت الآلة الإعلامية موجودة، لافتا إلى أن هناك قصور في عمل الآلة الإعلامية في السودان ومصر تجاه الحرب، ووعد بتنظيم زيارات للصحفيين ورجال الأعمال المصريين إلى السودان لمعرفة الأوضاع على الأرض، وقال نريد عمل سوق حرة بين السودان ومصر، لأن لدينا منتجات كبيرة جدا هذا العام ومصر هي المنفذ الوحيد الآن للسلع السودانية.

متابعة التوصيات

بدوره أشار المدير العام لمركز التكامل السوداني المصري الدكتور عبد الله محمد عثمان إلى الإتفاق على تشكيل لجنة فنية لرؤساء المجموعات الاستشارية لمتابعة توصيات الملتقى الأول لرجال الأعمال المصريين والسودانيين، وقال إنهم في انتظار الإسراع بتشكيلها وصدور قرار من السفارة بذلك، مضيفا نتلقى يوميا إتصالات من رجال الأعمال المصريين عن ماذا بعد المنتدى الاقتصادي.

القاهرة- المحقق- صباح موسى

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • في ندوة بالقاهرة: مجمل الخسائر السودانية 127 مليار دولار ومصر الأولى بإعادة الإعمار
  • خلاف سعودي إماراتي حاد.. ما علاقة الدعم السريع ووكالة الأنباء السودانية؟
  • بعد هزائم الدعم السريع.. هل ينجح البرهان في فرض سيطرته؟
  • “عافية”.. خطوة من القنصلية السودانية في أسوان لتخفيف معاناة المهجرين
  • وزير الخارجية يعبر عن ارتياحه للتقدم السريع للعلاقات السودانية الإيرانية 
  • منصة محايدة!!
  • البعث السوداني يرفض ويعارض حكومه الأمر الواقع والحكومه الموازيه
  • مقتل 4 مدنيين وإصابة العشرات بقصف لـالدعم السريع غرب العاصمة السودانية
  • مناوي يقول إنه ناقش مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي أوضاع الحرب السودانية
  • على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (12 – 20)