قرأت تخرصات كثيرة، ووقفت على قراءات متعددة للزيارات الدولية والإقليمية التي شهدها وسيشهدها مقر البرهان.

□ وبدأ لي أن الأغلب مما وقفت عليه من آراء يصب في اتجاه أن هؤلاء يهبطون إلي السودان من موقع القوي، فيطلبون مطالب، أو يحملون تهديدات وتحذيرات.

□ وعندي أن هذا التوجه في قراءة تلك الزيارات والتخرص بشأنها ما هو إلا تجلي لأطراف الهزيمة النفسية التي تملأ جوانح البعض؛ ربما بفعل الوقائع والمواجع الأخيرة في الدندر وسنجة.

□ ويقيني أن السودان الآن في موقف الأقوى الذي يتجه لفرض شروطه وليس العكس؛ فقط المطلوب أن تدرك قيادته ذلك وتحزم أمرها.

□ وذلك امر يخبر عنه واقع الصمود لأكثر من عام في وجه المؤامرة الدولية والإقليمية وبمشاركة طوائف من السودانيين العملاء.

□ هذا الصمود الذي ذهبت معه القوة الصلبة للدعم السريع وقيادات الصف الأول والثاني والثالث، بل ربما نستطيع القول صدقا إنه لم تعد ثمة قيادة.

□ وباستصحاب التحولات الإقليمية على مستوى الزعازع التي بدأت تهب على المنطقة، وخاصة المشهد الأثيوبي الذي يتجه لزيادة ضغوط المجموعات المسلحة لحكومة أديس التي تواجه بتصاعد المعارضة من الأمهرا والتيقراي والأرومو.

□ ومع وضع الاعتبار التحالف المتاح والمباح للسودان بالتوجه شرقاً، وما يمكنه أن يحدثه في إعادة تموضع لبوصلة الأوضاع في أمن البحر الأحمر والقرن الأفريقي والعمق الأفريقي.
□ وبالنظر إلي نتائج الانتخابات التي جرت في كل من فرنسا وبريطانيا وتلك التي يتوقع في الولايات المتحدة؛ فعلي المستوى الأوربي اتوقع تصاعد حملة الرأي العام ضد انتهاكات المليشيا والدفع بهذا الملف لمزيد من الضغوط على الدولة الداعمة للمليشيا .
□ ولعل قبل كل ذلك هي عدالة وحقانية موقف السودان وشعبه، مما يجعل الوطن في صف استحقاق الوعد الرباني الإلهي:

( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون أفبعذابنا يستعجلون فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون).

عصمت محمود أحمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

إدارة الحرب بين المناورة و الإستراتيجية

زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن الحرب الدائرة الآن في السودان، مرت بتطورات عديدة خلال الخمسة عشر شهرا الماضية، و إستخدمت فيها العديد من الأدوات، أهمها الإعلام بهدف تحطيم الروح المعنوية للخصم، و كما ذكرت سابقا تغيرت فيها الأجندة و الشعارات من مرحلة إلي أخرى، و تطورات مسرح العمليات هو الذي يؤدي لتغيير في الشعارات و الأجندة، و أيضا استخدم فيها النفوذ الخارجي في محاولة لفرض تسوية تخدم أجندته من جانب، و فرض قوى بعينها في المسرح بهدف رفعها لمقاعد السلطة دون البقية الأخرى.. و الخارج يخسر معركة و يعد لأخرى.
أن الجيش كمؤسسة يدير المعركة ضد الميليشيا، يحتم ذلك عليه؛ الإشراف الكامل على مسرح العمليات في كل ولايات السودان، و هي في ذلك يحاول أن يحطم القوى الضاربة لديه الميليشيا، و أيضا مطالب بتوفير كل المعدات العسكرية و الزخائر و التشوين التي تتطلبها المعركة و المقاتلين، و أيضا مطالب أن يحدث أختراق أستخباراتي في جسم العدو و معرفة تحركاته و خططه لكي يتصدى، و أيضا التصدي لإعلام العدو الذي يجد دعما كبيرا من الدولة الداعمة للميليشيا، بهدف التضيق على قيادة الجيش و تحطيم الروح المعنوية للمقاتيلين.. و في جانب أخرى نجد أن الجيش نفسه يدير مؤسسات الدولة السيادية، و يواجه تحديا كبيرا في محيط السودان الإقليمي و خارج الإقليم و أغلبيتهم مشاركين في المعركة من خلال إرسال المرتزقة و تقديم الإمداد العسكري المطلوب للميليشيا..
كل هذه التحديات، تجد أن السلطة الحاكمة تواجه العديد من الضغوط التي تمارس عليها للجلوس للتفاوض من خلال المنظمات المختلفة " الإيغاد التي مالت إلي جانب الميليشيا بحكم علاقة قيادتها بالدولة الداعمة للميليشيا، و الاتحاد الأفريقي الذي ذهب في طريق الإيغاد، و الأمم المتحدة المطالبة أن توقف الحرب و ترسل إغاثة للمواطنين السودانيين اينما كانوا، و أيضا الإمم المتحدة دخلت فيها توازنات إستراتيجية مؤثرة في القرارات التي أتخذت، و التي كان يجب أن تتخذ، هذه التوازنات حتمت على البعض التعامل مع السلطة الحاكمة في السودان إنها سلطة تمثل السودان، الأمر الذي جعل الجانب السياسي للميليشيا في مأزق.
أن الإستراتيجية الأولى التي اعتمدت عليها القوات المسلحة، هي كيف تفشل الإنقلاب، و ضرب كل مؤسسات الميليشيا " مؤسسة الاتصال بين مناطقه المختلفة- ضرب مقاره الرئيسية التي يتحرك و يخطط فيها – التصدي للهجمة الإعلامية حتى يحتفظ بالروح المعنوية للمقاتلين– عدم الدخول في أي مفاوضات سياسية – العمل على تفشيل وحدة القرار الخارجي" هذه المعركة استطاع الجيش أن يحدث فيها تغييرا كبيرا بدعم واسع من الشارع. أن دخول الميليشيا منازل المواطنيين و لجوءها لسرقة ممتلكات المواطنين و النهب و الاغتصاب.. هذه الأفعل جعلت الجماهير يلتفوا حول الجيش، و تطلق شعار " جيش واحد شعب واحد" و ظلت تستقبل قيادات الجيش أينما حلت بالهتاف المؤيد، هذا الدعم الجماهيري ثم الاستجابة لدعوة القائد العام للجيش للاستنفار، و قبول قطاع كبير من الشباب للتجنيد دفاعا عن مناطقهم " المقاومة الشعبية" هي التي جعلت الجيش يغير إستراتيجيته، و يعلنها بصوت عال من خلال خطب القيادات الأربعة العسكرية في مجلس السيادة " و هي إستراتيجية تحتوى على عاملين فقط.. الأول بعد وقف الحرب يجب أن لا يكون هناك وجودا للميليشيا لا عسكريا و لا سياسيا.. النقطة الثاني أن العملية السياسية يجب النظر فيها بعد وقف الحرب" و هاذان العاملان يمكن انجازهما بالعمل العسكري؛ هزيمة للميليشيا عسكريا، أو كسر شوكتها و قبولها بالشروط من خلال تفاوض في أضيق نطاق تقدم فقط ردها فيه على قبول الشروط .. هذه هي إستراتيجية القوات المسلحة، و قد تطورت و تعدلت في مرحلتين من خلال التطورات الجارية التي استطاعت أن تفك الحصار الذي كان مضروبا عليها، و استطاعت أن تناور بالشكل الذي لا يؤثر على الإستراتيجية أو يغير في مسار الشارع..
الغريب في الأمر: أن الجانب الأخر بعد الصراع الذي حدث في عملية " الإتفاق الإطاري" أن الميليشيا كانت على قناعة كاملة أنها تستطيع أن تقوم بعملية عسكرية خاطفة تستلم بها السلطة، و لذلك حشدت بشكل كبير، و عندما فشلت الميليشيا عجزت عن إدارة معركتها بالصورة المطلوبة، لذلك كانت تدار المعركة من خارج السودان تتمثل في " الدعم المتواصل لإمدادات السلاح عبر منافذ مختلفة، تعبئة و حشد عرب الشتات في كل من تشاد و النيجر و مالي و أيضا مرتزقة من دولة جنوب السودان و أثيوبيا و ليبيا حفتر و افريقيا الوسطى، الهدف إنهاك القوات المسلحة و جعلها تقبل بالتسوية.. الثاني عمل إعلام استخدمت فيه حتى عدد من القنوات التي تبث من الأمارات بهدف فصل اللحمة بين الجيش و الشعب و تحطيم الروح المعنوية للمقاتلين، و كلها فشلت رغم أن اعدادا من المدنيين استخدموا بوعي أو دون وعي في هذه الاستراتيجية في دعم الميليشيا و توزيع بوستراتها و رسائلها الإعلامية، و لكنها كلها بأت بالفشل..
فشل الميليشيا في خططها و توجيه حربها للمواطنين أدى إلي تخفيف الضغط على الجيش، خاصة في جانب القضية السياسية من قبل النفوذ الخارجي، لذلك حدث تعديل في الجانب السياسي استبدلت "قحت المركزي" بتكوين " تقدم" و هو تحالف أوكلت فيه القيادة للمستقلين ذوي الأجندة التابعة، الأمر الذي أكد ضعف القيادات الحزبية التي قبلت بإزاحتها، و تسليم العمل لمستقلين، مما يؤكد بالفعل أن هؤلاء ناشطين، في البداية تشددوا ثم بدأوا يقدمون تنازلات متواصلة حتى يجدو لهم موطيء قدم في العملية السياسية مستقبلا، و وفقا لإستراتيجية الجيش أعتقد عليهم أن يفكروا بعقلانية أكثر.و مهما حاول اعلام الميليشيا و مؤيدوها أن يحدثوا تغييرا في إستراتيجية الجيش يصبحوا واهمين. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • هاريس تمتنع عن حضور خطاب نتنياهو: خطوة تكتيكية أم موقف مبدئي؟
  • الرياشي: الصمود والوقت لمواجهة الظروف الصعبة
  • بيان من بلدية جران.. هذا ما جاء فيه
  • وزير الخارجية ونظيره السوداني يؤكدان تطابق موقف الدولتين تجاه ملف سدالنهضة
  • وزيرا خارجية مصر والسودان يؤكدان تطابق موقف البلدين تجاه سد النهضة
  • السودان بين الرنة الأولى والرنة الثانية !
  • أسامه حسني: فوز الأهلي على بيراميدز طبيعي والدوري لم يُحسم والحكم امتياز
  • تجفيف منابع العنف مسؤولية الجميع
  • الزايدي: يمكننا خلق توافق وطني على بناء دولة مستقرة دون الحاجة إلى خوض الحرب
  • إدارة الحرب بين المناورة و الإستراتيجية