الهدهد 2.. ماذا يعني أن تكون عيون إسرائيل تحت أنظار حزب الله؟
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
بيروت- نشر الإعلام الحربي التابع لحزب الله مشاهد جديدة حملت عنوان "الهدهد 2" وامتدت لـ10 دقائق، وتضمنت استطلاعا جويا لقواعد استخباراتية ومقرات قيادية إسرائيلية ومعسكرات في منطقة الجولان المحتلة استكمالا لما نشره الحزب في 18 يوليو/حزيران 2024 تحت عنوان "هذا ما رجع به الهدهد" في مقطع امتد لمدة 9 دقائق ونصف.
يُظهر "الهدهد 2" مشاهد واضحة لقواعد الإنذار المبكر الإسرائيلية أو ما تعرف بـ"عيون الدولة"، وتتضمن 6 محطات إستراتيجية للاستطلاع الإلكتروني ونقاطا مستحدثة للقوات الإسرائيلية خلال معركة طوفان الأقصى ومنصات القبة الحديدية الإسرائيلية ومرابض ثابتة لبطاريات المدفعية ورادارات رصد مدفعي وأخرى جوية ثلاثية الأبعاد للإدارة الجوية.
والمقطع الذي خُتم بآية قرآنية "والطير صافات" ومرفقا بكلمة "يتبع" جاء تزامنا مع المفاوضات الجارية بين إسرائيل وحركة حماس من أجل وقف الحرب في غزة وتبادل الأسرى وما يرتبط أيضا بجبهة الجنوب اللبناني، خصوصا بعد تصريحات لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بقوله "إن وقف الحرب في غزة لا يعني بالضرورة وقف الحرب في لبنان".
واعتبر خبراء إسرائيليون أن هذه المشاهد تمثل نوعا آخر من المعركة يظهر مدى القدرات التي يتمتع بها حزب الله، وعلقت وسائل إعلام إسرائيلية بأن المقطع يمثل "توثيقا جديدا من حزب الله لعيون إسرائيل"، وأنه إلى جانب الحرب التي تدار في الشمال فإن حزب الله يدير أيضا حربا نفسية، وقالت القناة الـ12 "ما يعرضه حزب الله مربك جدا لسكان الشمال".
رسالة ردع وتفوقوفي تحليله للمقطع المنشور، يرى الخبير العسكري والإستراتيجي العميد منير شحادة أنه تضمّن بنك أهداف جديدا ضمن سلسلة "حلقات الهدهد" التي عرضتها المقاومة "وهي رسالة ردعية لإسرائيل لتكون حذرة قبل الإقدام على أي عدوان تجاه لبنان"، وفق تعبيره.
كما اعتبر أن أهمية الفيديو اليوم تكمن في العناوين التي وضعتها المقاومة على المشاهد، حيث كُتب "مسح أول" و"مسح ثانٍ" و"مسح ثالث"، مما يعني أنها قامت بعمليات مسح لهذا الهدف 3 مرات، ويكمن الخطر في قدرة المقاومة على اختراق الأمن الإسرائيلي والوصول إلى مناطق إستراتيجية ومهمة.
و"تتفوق مقاومة حزب الله في لبنان بالاستخبارات والتجسس على إسرائيل"، حسب تحليل شحادة، حيث تمكنت من اختراق مناطق يُفترض أنها محمية أمنيا، ولا يمكن اختراقها بواسطة طائرات تجسسية كما فعلت المقاومة.
ويشير العميد شحادة إلى أن بنك أهداف حزب الله يوضح أنه في حال اندلاع حرب من قبل إسرائيل "ستكون الضربات قاسمة" بسبب استخدام صواريخ مختلفة، ويقول "حتى الآن استخدمت المقاومة صواريخ الفلق وبركان وكاتيوشا والماس، ولكن عندما تندلع الحرب ستبدأ المقاومة باستخدام أسلحة بعيدة المدى ودقيقة ومدمرة".
ويوضح أن إسرائيل بالمقابل تمتلك تقنيات عالية في وسائل التجسس والتنصت، حيث قامت بتتبع كوادر وقادة في المقاومة واستهدفتهم ونجحت في اغتيالهم "ومع ذلك لا يمكن مقارنة قدرة إسرائيل بقدرة المقاومة التي تمثلها هذه الفيديوهات من حيث مستوى التجسس".
وأكد الخبير أن المقاومة تقوم بالتجسس على أهداف إستراتيجية خطيرة، وليس على أفراد أو قادة في الجيش الإسرائيلي، وأوضح قائلا "نتحدث هنا عن تفوق تجسسي للمقاومة على العدو".
من جانبه، يعتبر المحلل السياسي حسن الدر أن الحلقة الثانية من الهدهد أكثر خطورة وتعقيدا وصعوبة من الحلقة الأولى التي كانت فوق مدينة حيفا.
وأوضح الدر للجزيرة نت أن الحلقة الثانية كانت فوق الجولان السوري المحتل، وأن طائرة الهدهد حلقت فوق قواعد عسكرية إستراتيجية من المفترض أن تؤمّن الحماية، ومن الأسهل على من يمتلك القدرة على التصوير بهذا الارتفاع أن يستهدف هذه القواعد.
ومن حيث التوقيت، قال إنه لا يمكن فصل نشر فيديو الهدهد عن مسار التفاوض وما يحدث في غزة، حيث قام الجيش الإسرائيلي بتصعيد يوم أمس، وهذا يعد جزءا من سياسة النار والرسائل التي يمارسها الاحتلال على الفلسطينيين لكسب المزيد من التنازلات.
أما من حيث السياق فاعتبر الدر أن الحلقة الثانية جاءت ردا على تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الذي كان في جبل حرمون بالجانب السوري المحتل، وحدد لبنان وحزب الله قائلا إن "وقف الحرب في غزة لا يعني بالضرورة وقف الحرب في لبنان".
ويرى المحلل السياسي أن حزب الله يهدف إلى إظهار عناصر القوة وخلق رأي عام إسرائيلي، فمقاطع الفيديو والصور تنتشر في المجتمع الإسرائيلي الذي يدعم فكرة الحرب على لبنان ويراهن على جيشه رغم تصريحات قيادة الجيش التي تشير إلى أنه بحاجة إلى إصلاح وتجديد قبل أن يكون قادرا على شن حرب رغم فرق القدرات بين غزة ولبنان.
وفي هذا السياق، يؤكد الدر أن حزب الله يدخل الهدهد ضمن منظومة الردع، حيث يرغب في تجنب الحرب الواسعة ويسعى إلى توجيه رسالة لإسرائيل مفادها "لا تخطئوا الحسابات، لدينا الكثير من المفاجآت والإمكانيات".
الجبهة الشرقية
من جهته، يرى الباحث السياسي هادي قبيسي اختلافا بين الفيديو الأول والثاني من حيث المكان، معتبرا أن هذه نقطة أساسية، فمنطقة الجولان تشكل منصة استخباراتية تضم العديد من القواعد وتتمتع بعمق جغرافي لجيش الاحتلال الإسرائيلي وتعتبر نقطة انطلاق تهديد مباشر للجبهة الشرقية.
ويوضح أن منطقة الجولان تمثل للمقاومة مساحة لهامش التحرك قبل الوصول إلى استهداف المدن الرئيسية، وتستخدم هذه المساحة لزيادة الضغط على الاحتلال لوقف الحرب في غزة ومنع التصعيد في لبنان، وأيضا لتثبيت معادلة قصف البقاع مقابل قصف الجولان.
ويعتبر الباحث السياسي أن الرسالة الأساسية هي التحضير النفسي والإعلامي والاستخباري أيضا لهذه المنطقة، وتهيئة الجمهور ككل والرأي العام لمرحلة جديدة من الاستهداف للجولان والتركيز عليها.
أما الرسالة الثانية -وفقا للباحث السياسي- فهي عدد القواعد ودقة المعلومات، فهناك مستوى من المعلومات يختلف عن السابق ويتضمن تفاصيل جزئية إضافية عن القواعد العسكرية والنقاط الحساسة والمهمة.
واعتبر قبيسي أن توقيت النشر يتزامن مع زيادة العمليات واستهداف كوادر ومقاتلين في البقاع، وفي السياق العام ضمن المسار التصعيدي التدريجي الجاري بوتيرة منضبطة نسبيا بين الطرفين على الجبهة اللبنانية.
ويضيف أنه مع اقتراب توقف أو تراجع العمليات في غزة كما هو متوقع ودخول جيش الاحتلال في المرحلة الثالثة هناك وبالتالي تصريحات الإسرائيليين المتزايدة عن زيادة التركيز على الجبهة الشمالية فإنه يتزامن أيضا مع تركيز إعلامي وعملياتي نحو الأهداف الإستراتيجية في الجولان والشمال الفلسطيني المحتل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات وقف الحرب فی غزة حزب الله فی لبنان من حیث
إقرأ أيضاً:
كيف تفضح طموحات نتنياهو نقاط ضعف الاحتلال الإسرائيلي؟
نشر موقع "فلسطين كرونيكل" تقريرًا يسلط الضوء على الأساليب التي يعتمدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للتغطية على نقاط ضعف "إسرائيل" وفشلها في تحقيق أهدافها، وذلك بالأساس من خلال استراتيجية "الهروب إلى الأمام" وإثارة المزيد من التوترات على أكثر من صعيد.
وقال الموقع في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن حملة نتنياهو ضد مصر مثال آخر على عجز إسرائيل عن حسم الحرب في غزة وتغيير الواقع السياسي في القطاع، بعد مرور 17 شهرًا على انطلاق الحرب المدمرة.
وحسب الموقع، فإن نتنياهو كان قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 في حالة من النشوة السياسية؛ حيث بدا أن دبلوماسيته في الجنوب العالمي قد كسرت عقودًا من العزلة الإسرائيلية، كما أن نجاحه في الحصول على الاعتراف الدولي دون تنازلات كبيرة أكسبه شعبية هائلة في الداخل، وكان المتطرفون المحيطون به يتطلعون لإعادة تشكيل المنطقة وتعزيز مكانة إسرائيل عالميا بدعم غير مشروط من الولايات المتحدة.
فشل إسرائيلي ذريع
لكن هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وما رافقه من فشل إسرائيلي ذريع على جميع الجبهات، كشف -وفقا للموقع- عن فشل نتنياهو في تحقيق تطلعاته، وسرعان ما تجلت الأزمة في غضب عالمي عارم ضد حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على الفلسطينيين، وأصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي مجرمًا مطلوبًا للمحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح الموقع أن نتنياهو اختار التصعيد في مواجهة هذه الإخفاقات، فقد أصر على مواصلة الحرب في غزة، والإبقاء على حضوره العسكري في لبنان، وتنفيذ حملات قصف متكررة وواسعة النطاق في سوريا، لكنه فشل حتى الآن في تحقيق أي من أهدافه المعلنة من الحرب المدمرة على غزة، والتي كلفت إسرائيل خسائر غير مسبوقة.
وفي الوقت نفسه، تتعمق الانقسامات بين النخب السياسية والعسكرية، وآخر مظاهر الانقسام إقالة العديد من كبار الضباط وإعادة ترتيب الأوراق في الجيش بما يتماشى مع طموحات نتنياهو السياسية.
وتزامنا مع تكثيف التهديدات تجاه غزة ولبنان وسوريا، صعدت إسرائيل لهجتها تجاه مصر رغم أنها ليست طرفا في النزاع الحالي وكانت أحد الوسطاء الثلاثة في محادثات وقف إطلاق النار.
وأكد الموقع أن السبب الأساسي لهذا التصعيد هو أن نجاح الاستراتيجية الإسرائيلية في ترحيل سكان غزة إلى صحراء سيناء يتطلب موافقة مصر، وقد بدأ كبار المسؤولين الإسرائيليين بتوجيه أصابع الاتهام إلى القاهرة في غياب أي بوادر على إمكانية تحقيق "نصر كامل" في حرب غزة.
التصعيد الإسرائيلي تجاه مصر
وأخذ التصعيد الإسرائيلي تجاه مصر منحى أكثر حدة -وفقا للموقع-، حيث اتهمت بعض الأطراف القاهرة بتسليح حماس، أو بعدم القيام بما يكفي لوقف تدفق الأسلحة إلى المقاومة الفلسطينية.
وعندما رفضت مصر الاتهامات الإسرائيلية وعارضت خطة التطهير العرقي وتهجير سكان غزة، بدأ القادة الإسرائيليون يتحدثون عن تهديد عسكري مصري، زاعمين أن القاهرة تحشد قواتها على الحدود مع إسرائيل.
واعتبر الموقع أن الهدف من توريط مصر في النزاع هو صرف الانتباه عن الفشل الإسرائيلي في ساحة المعركة، لكن هذا التكتيك تحول إلى عملية تضليل، أي إلقاء اللوم على مصر بسبب عدم قدرة إسرائيل على الانتصار في الحرب أو تحقيق هدفها بتهجير سكان غزة.
يضيف الموقع أن نتنياهو شعر أنه حصل على التزام أمريكي واضح بتصدير مشاكل إسرائيل إلى أماكن أخرى بعد أن طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته لتهجير سكان غزة نحو الأردن ومصر. كما لعب زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد ورقة مصر لصرف الانتباه عن فشله في منافسة نتنياهو سياسيا، حيث اقترح في مؤتمر له بواشنطن أن تشرف القاهرة على القطاع لعدة سنوات.
لكن ما لم ينتبه إليه كثيرون -وفقا للموقع- هو إسرائيل لم تأخذ تاريخيا الإذن من أحد لتهجير الفلسطينيين واحتلال أرضهم عندما كانت قادرة على القيام بذلك، ما يعني أن الضغوط التي تمارسها حاليا على الدول العربية للرضوخ لمخططات التطهير العرقي هو علامة على أنها تمر بأكثر اللحظات ضعفا في تاريخها.