قمة الناتو تنطلق وبايدن في اختبار لإثبات نفسه
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
تنطلق اليوم الثلاثاء أعمال قمة زعماء حلف شمال الأطلسي (ناتو) بمراسم احتفال بالذكرى السنوية الـ75 لتأسيس الحلف في العاصمة الأميركية واشنطن وبمشاركة زعيم 32 دولة عضو، ومن المقرر أن تستمر3 أيام، وسط التهديدات الأمنية لحرب أوكرانيا وتزايد نفوذ الصين في آسيا والمحيط الهادئ.
ومن المتوقع أن يناقش الزعماء في القمة القضايا المتعلقة بتحسين قدرات الدفاع والردع للحلف وتعزيز الشراكات مع ممثلي الاتحاد الأوروبي وزعماء أستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية المدعوين لحضور القمة.
كما من المخطط أن يجتمع زعماء الناتو مع قادة أوكرانيا لمناقشة دعم كييف ماليا وعسكريا، إذ سيحل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ضيفا على القمة.
فرصة بايدنوتعد قمة الناتو فرصة الرئيس الأميركي جو بايدن لإقناع الحلفاء في الداخل والخارج بأنه لا يزال قادرا على القيادة بعد مناظرته التي لم تسر بشكل جيد مع خلفه دونالد ترامب.
وقال مسؤولون أميركيون إن خطاب بايدن الافتتاحي بالقمة سيسلط الضوء على ما تعتبره إدارته إنجازا رئيسيا، وهو أن حلف شمال الأطلسي صار أقوى وأكثر اتحادا تحت قيادة واشنطن وزاد عدد أعضائه وكذلك تصميمهم على حماية احتياجاتهم الأمنية الجماعية.
ظهور مهمكما تعد القمة الظهور الدولي الأول لرئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر، الذي فاز حزب العمال الذي ينتمي إليه في الانتخابات العامة الأسبوع الماضي بأغلبية ساحقة.
وسيكون حاضرا أيضا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعدما تقدّم معسكره على أقصى اليمين الفرنسي الذي كان يرجح حصوله على غالبية مطلقة في الجمعية الوطنية افي انتخابات الأحد الماضي.
غضب صينيوفي حين يعتبر حلف شمال الأطلسي روسيا أكبر تهديد له، لا سيما بعد حرب أوكرانيا، يولي اهتماما أكبر للتحدي الذي تشكله الصين متهما بكين بأداء دور أساسي على صعيد الإبقاء على قدرات موسكو الحربية من خلال إمداد قوات الكرملين بالتقنيات التي يحتاجها.
من جانبها، أدانت الصين بشدة تصريحات الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ الذي اتهم بكين بدعم الحرب الروسية في أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان "يدّعي الناتو أنه منظمة إقليمية ودفاعية فيما يواصل توسيع قواته خارج حدوده ويثير الاشتباكات وينخرط في أعمال ترهيب"، داعيا الحلف إلى التوقف عن خلق ما وصفه بالأعداء الوهميين.
يذكر أن الناتو أنشأ خلال الحرب الباردة عام 1949 لمواجهة التهديدات التي يشكلها الاتحاد السوفييتي.
وتلزم معاهدته الأعضاء بالدفاع العسكري الجماعي، والذي بموجبه يعتبر الهجوم على أحد الأعضاء هجوما على الجميع.
وقد نما التحالف منذ إنشاءه من 12 عضوا إلى 32، مع انضمام أحدث أعضائه السويد، في مارس/آذار الماضي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا والدرس الذي على العرب تعلمه قبل فوات الأوان
ليست السياسة إلا ترجمة لموازين القوى، ومن لا يملك القوة لا يملك القدرة على فرض موقف أو الحفاظ على تحالف؛ وليس هناك درس أشد وضوحا لهذا المبدأ من المشهد الذي جرى في البيت الأبيض بين الرئيس الأوكراني زيلينسكي والأمريكي ترامب.. كانت وعود أمريكا ودعمها يتهاوى ويتكشف المشهد عن حقيقة طالما أنكرها البعض ممن راهن على الحماية الخارجية وهي أن المصالح هي القانون الأوحد في العلاقات الدولية خاصة في زمن تآكلت فيه القيم والمبادئ وعادت إلى المشهد بشكل واضح حقبة البقاء للأقوى.
ما حدث للرئيس الأوكراني هو استعراض أمام العالم لما يمكن أن يفعله الأقوى بالضعيف أو الذي يبدو ضعيفا، حتى لو بدا وكأنه حليف استراتيجي، ما دام لا يملك ورقة تفاوضية، يُمكن المساومة عليها. بدا وكأن زيلينسكي لم يكن رئيس دولة، بل متهم في قفص ترامب، مطالبا بإثبات ولائه وتقديم التنازلات المطلوبة.
لكن هذا المشهد رغم مرارته ورغم أنه النموذج الذي لا بد أن يقرأ وفقه المستقبل يستحق أن تستخلص منه الدروس والعبر وخاصة بالنسبة للعالم العربي.
إن الحقيقة التي باتت واضحة ولا جدال فيها أن السياسة الأمريكية، كما كشفتها هذه الواقعة، لم تعد تُدار وفق المبادئ التي روّجت لها طيلة عقود: الدفاع عن الديمقراطية، حماية الحلفاء، نصرة الشعوب المضطهدة، بل هي اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، صفقة تجارية بحتة، يُقدَّم فيها الدعم وفق معادلة حسابية واضحة: كم ستدفع؟ وماذا ستقدّم في المقابل؟
ليس هذا وليد اللحظة، لكنه بلغ حد الخروج عن الأعراف الدبلوماسية التي تحكم العلاقات الدولية، حيث جرى تسليع التحالفات علنا، دون مواربة أو تجميل. وحين ينظر العرب إلى ما جرى مع أوكرانيا، عليهم أن يتساءلوا، إذا كانت واشنطن قد تخلّت عن أوكرانيا، وهي في قلب المعركة، فكيف يمكن لدول أخرى أن تثق في التزاماتها؟ وإذا كانت المصالح الاقتصادية هي التي تحكم، فأين يقف العرب في هذه المعادلة؟
لا يبنى القرار السياسي الاستراتيجي على استشعار العاطفة أو على حسن الظن، فحين جرى توقيع اتفاقية سايكس بيكو، وحين قُسمت فلسطين، وحين سقطت بغداد، وحين تُركت ليبيا وسوريا لمصيرهما، كان الدرس ذاته يتكرر: من لا يملك قراره، لا يملك مصيره.
وأكبر خطأ تقع فيه الدول هو الاعتقاد بأن هناك «حليفا دائما»، بينما الحقيقة أن هناك فقط مصالح دائمة يتم الموازنة بين أفضلها كل حسب قيمته في لحظة الموازنة، ولذلك لا بد أن تعي الدول العربية أن المصالح الحيوية والاستراتيجية لا تُحمى بالوعود إنما بالقدرة الذاتية على فرض الإرادة.
ولذلك لا خيار أمام الدول العربية من أن يكون لديها أدوات القوة التي تتمثل بدءا في الشعور بالتكامل وحقيقة المصير المشترك ثم بالاقتصاد القوي المستقل فمن يعتمد على الآخرين في رزقه، لا يستطيع الاعتراض على شروطهم، وببناء تكنولوجيا متطورة في كل الجوانب بما في ذلك الجوانب العسكرية حتى تستطيع هذه الدول الدفاع عن نفسها دون وصاية أو حماية من أحد وبناء تحالفات قائمة على فكرة الندية وليس التبعية لأن الدول الكبرى تحترم من يفرض احترامه، لا من يستجديه. ثم إن على العالم العربي أن يعمل جادا على بناء وعي سياسي ووعي ثقافي وإرادة جماعية تنطلق من رؤية هذه الدول باعتبارها كيانا مترابط التاريخ وتحيط به الأخطار نفسها وينتظره نفس المستقبل.
وإذا كانت السياسة لا تعترف بالفراغ الذي إن لم تملأه أنت ملأه غيرك فإن على العالم العربي أن يدرك أمام كل هذه الأخطار التي تحيط به وهذه التجارب التي تقدم له بالمجان أن مكانه في الخارطة لا يحدد فقط بموقعه الجغرافي، بل بمدى قدرته على امتلاك قراره بعيدا عن حسابات الآخرين. وهذه لحظة مفصلية لا بد أن يعي فيها الجميع الدرس.