مخاطر الشبكة العنكبوتية المُظلِمة
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
مفهوم الشبكة العنكبوتية المُظلمة (أو السوداء) ليس مألوفًا لدى كثير من الناس في عالمنا العربي ممن ليست لهم معرفة وثيقة بالتكنولوجيا الرقمية (وأنا واحد منهم)، ولكنه ترجمة حرفية لمصطلح Darknet، وهو مصطلح متداول ومتعارف عليه منذ عقود، وإن كنت قد سمعت به وتعرفت عليه مؤخرًا من خلال صديقة مثقفة على دراية بما يجري في عالم الإنترنت.
تتطلب الشبكة العنكبوتية المُظلمة أجهزة كومبيوتر مبرمجة لكي تتلقى الرسائل فقط دون إمكانية الرد عليها، أي أن محتواها يتطلب «سوفت وير» خاص، وبذلك فإنها تبقى غير مرئية قابعة في الظلام. والأصل في هذه الشبكة أنها كانت مصممة لأجل الاستخدامات العسكرية والأمنية؛ ولكن مجال استخدامها قد اتسع باعتبارها شبكة معلومات موازية تتطلب بروتوكولًا خاصًا لكي تسمح للمستخدم بالدخول عليها. هذا الجانب المظلم من شبكة المعلومات قد اتسع مجاله بحيث أصبح يشكل مسرحًا لكل ما لا يمكن أو ما لا يجب رؤيته في العلن باعتباره مسرحًا للأنشطة الإجرامية من قبيل: الاتجار في المخدرات وأساليب تداولها وتعاطيها، وممارسة العنف بكل أشكاله، بما في ذلك جرائم الاغتصاب، والقتل المدبَّر بصورة وحشية تبلغ حد التمثيل بجثث القتلى! وبطبيعة الحال فإن هذا المحتوى الإجرامي لمواقع الشبكة العنكبوتية المظلمة هو مادة مثيرة للنوازع الشريرة والفضولية لدى البشر، وبذلك أصبح هذا المحتوى مادة للمتاجرة بكل أنواع الجرائم والبضائع غير المشروعة التي يطلب العارضون لها أموالًا باهظة من المواقع التي تقوم بدورها بعرضها على المستخدمين مقابل مبلغ معين. والخطورة هنا أن مستخدمي هذه المواقع يمكن أن يخضعوا للملاحقة القضائية أو للاتصال بالمنظمات الإجرامية والوقوع في شراكها.
بدأنا نعي الآن خطورة هذه الشبكة العنكبوتية حينما وصلت إلينا آثارها الكارثية في حياتنا. لم يعد ذلك بعيد عنا، ومن ذلك تلك الحادثة المروعة التي نشرت تفاصيلها جريدة المصري اليوم بتاريخ 2/7/2024، والتي عُرِفت باعتبارها جريمة «الدارك ويب» التي أفضت إلى قتل طفل شبرا الخيمة والتمثيل بجثته. وخلاصة هذه القصة المروعة أن طفلًا مصريًّا يقيم مع والده في دولة الكويت قد أوعز إلى آخر يعمل في مقهى بحي شبرا الخيمة بأن يقتل طفلًا آخر بوحشية، فيقوم بشق صدره واقتلاع أحشائه والتمثيل بجثته، وتصوير هذه العملية من خلال الفيديو، بهدف إذاعتها على «الدارك ويب» نظير أرباح مادية هائلة. انهار والدي الطفل القتيل عند رؤيتهما المجرمين اللذين تم جلبهما إلى محكمة جنايات شبرا الخيمة، ولم يحتملا تذكر مشاهد جثة ابنيهما منزوعة الأحشاء. وبطبيعة الحال، فإن هذه الجريمة ليست الوحيدة التي تحدث في مصر، ولا هي تحدث في مصر وحدها؛ فمن المؤكد أن جرائم هذه الشبكة العنكبوتية تحدث الآن في البلدان العربية بأشكال مختلفة.
كل ذلك يستدعي التساؤل عن مسألة بالغة الأهمية وتتجاوز حدود الشبكة المظلمة إلى المجال الأكثر اتساعًا الذي تنتمي إليه، أعني: التساؤل عن دور التكنولوجيا في حياتنا وموقفنا منها. وبطبيعة الحال، فإننا هنا لا نقصد طرح التساؤل عن التكنولوجيا على طريقة هيدجر العويصة، الذي رأى أن التكنولوجيا تؤدي إلى اغتراب الوجود الإنساني في عالم استخدام الأدوات ووسائط الاتصال؛ وبالتالي تحجبه عن اللقاء المباشر بالوجود نفسه. والحقيقة أن هيدجر يطرح مسألة مخاطر التكنولوجيا من خلال رؤية بالغة العمق تتعلق بالوضع الوجودي للإنسان في عالم تتحكم فيه التكنولوجيا، وتلك مسألة تستحق مقالًا خاصًا، بل عدة مقالات. ولكننا هنا نطرح تساؤلنا عن التكنولوجيا على نحو أكثر بساطة ومباشرة، أعني: من حيث صلة التكنولوجيا بالأخلاق، وهي مسألة قد فرضها الواقع الراهن، وما آلت إليه التكنولوجيا واستخداماتها في حياتنا الراهنة. ولقد رأينا في المقالين السابقين بعنوان «الفن والذكاء الاصطناعي» و «أخلاقيات الذكاء الاصطناعي» كيف أتاحت التكنولوجيا مجالًا لاستخدام أدواتها وإمكانياتها في تزوير الأعمال الفنية. ومع ذلك، فإن التكنولوجيا لا غنى عنها رغم كل مخاطرها، وهي تظل برهانًا على تطور المعرفة الإنسانية وتقدمها؛ لأنها أصبحت تتدخل في كل مناحي الأنشطة الإنسانية، ولكنها تظل أيضًا أداة ممكنة لدمار المرء بل لدمار العالم نفسه، فما العاصم من هذا المآل ومن ذلك المصير؟ ويمكن أن نصوغ هذا التساؤل بشكل آخر: كيف ينبغي لنا كأفراد وكدول التعامل مع تلك الأداة المحايدة التي نسميها التكنولوجيا؟ ذلك تساؤل يستدعي أسئلة أخرى عديدة، ويعبر عن ضرورة ملحة في أن يعكف المتخصصون على دراسة الظواهر التي تتجلى فيها مخاطر التكنولوجيا، لنقف على أسبابها وسبل مواجهتها والتعامل معها؛ فليست «الشبكة العنكبوتية المظلمة» سوى ظاهرة من تلك الظواهر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشبکة العنکبوتیة هذه الشبکة
إقرأ أيضاً:
رسائل من مسلسل الأميرة.. مخاطر التسرع في إتمام الزواج
تخوض الفنانة ياسمين صبري السباق الرمضاني 2025 ببطولة مسلسل الأميرة الذي كان يحمل اسم ضل حيطة، وتدور أحداثه في إطار اجتماعي حول قضايا المرأة في المجتمع المصري، من أبرزها التسرع في الزواج وما يترتب عليه من مشكلات.
تجسد الفنانة ياسمين صبري خلال أحداث مسلسل الأميرة شخصية محامية من عائلة متوسطة تتعرض لمعاناة كبيرة بعد خيانة شريك حياتها لها مع صديقة عمرها مع إلقاء الضوء على قضية التسرع في الزواج، وفي إطار هذا نوضح مخاطر التسرع في إتمام مراسم الزواج.
ينبغي أن تقوم الحياة الزوجية على أسس وقواعد واضحة يحددها طرفا العلاقة في فترة التعارف والخطبة، وفق ما أوضحته الدكتورة ريهام عبد الرحمن، أخصائية الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، ويتطلب هذا التأني في اتخاذ قرار الزواج حتى يستطيع كل طرف التعرف على صفات وخصائص شريكه من مزايا وعيوب.
وأضافت أخصائية العلاقات الأسرية لـ«الوطن»، أنه ينبغي ألا تقل فترة الخطبة عن 6 أشهر، لأنه في حالة التسرع في إتمام مراسم الزواج قد يتفاجأ أحد الطرفين بخصال غير محمودة لا يُمكن تقبلها والتعايش معها، ما قد يؤدي إلى الطلاق المبكر، ومن الممكن أن يؤدي قرار الاستعجال في الزواج إلى اكتشاف تحكم عائلة أحد الطرفين في حياته وعدم قدرته على اتخاذ قرارته بشكل منفرد، ما يؤدي إلى الكثير من الخلافات التي تعجل بالطلاق أيضًا.
وقد يتفاجأ أحد طرفي العلاقة عند الاستعجال في إتمام الزواج، أن شريكه يُعاني من اضطراب أو مشكلة نفسية لا يُمكن التعايش معها، ما يجعل الحياة الزوجية لا تُطاق، لذا نصحت الدكتورة عبد الرحمن بالتأني ودراسة الشريك من مختلف الجوانب والتأكد من قبول عيوبه قبل محاسنه.
فريق عمل مسلسل الأميرةيشارك في بطولة مسلسل الأميرة عدد كبير من الفنانين من بينهم ياسمين صبري ونيقولا معوض ووفاء عامر وعابد عناني وهالة فاخر وعدد آخر من الفنانين والعمل من تأليف محمد سيد بشير وإخراج شيرين عادل.