لجريدة عمان:
2024-07-24@05:06:26 GMT

مخاطر الشبكة العنكبوتية المُظلِمة

تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT

مفهوم الشبكة العنكبوتية المُظلمة (أو السوداء) ليس مألوفًا لدى كثير من الناس في عالمنا العربي ممن ليست لهم معرفة وثيقة بالتكنولوجيا الرقمية (وأنا واحد منهم)، ولكنه ترجمة حرفية لمصطلح Darknet، وهو مصطلح متداول ومتعارف عليه منذ عقود، وإن كنت قد سمعت به وتعرفت عليه مؤخرًا من خلال صديقة مثقفة على دراية بما يجري في عالم الإنترنت.

أذهلني ما سمعت منها وعرفت عن هذا العالم الافتراضي الجديد على عالمنا العربي: فعلى الرغم من أن هذا العالم الافتراضي ينتمي إلى الشبكة العنكبوتية التي لها منافع عديدة لا غنى عنها، فإنه في الوقت ذاته يمثل الجانب السلبي لهذه الشبكة التي يمكن أن تنقل لنا عوالم من الشر المخيفة والموبقات التي تثير الجزع في النفوس على نحو لا يجافي الأخلاق وحدها، وإنما يجافي أيضًا الطبيعة الإنسانية ذاتها.

تتطلب الشبكة العنكبوتية المُظلمة أجهزة كومبيوتر مبرمجة لكي تتلقى الرسائل فقط دون إمكانية الرد عليها، أي أن محتواها يتطلب «سوفت وير» خاص، وبذلك فإنها تبقى غير مرئية قابعة في الظلام. والأصل في هذه الشبكة أنها كانت مصممة لأجل الاستخدامات العسكرية والأمنية؛ ولكن مجال استخدامها قد اتسع باعتبارها شبكة معلومات موازية تتطلب بروتوكولًا خاصًا لكي تسمح للمستخدم بالدخول عليها. هذا الجانب المظلم من شبكة المعلومات قد اتسع مجاله بحيث أصبح يشكل مسرحًا لكل ما لا يمكن أو ما لا يجب رؤيته في العلن باعتباره مسرحًا للأنشطة الإجرامية من قبيل: الاتجار في المخدرات وأساليب تداولها وتعاطيها، وممارسة العنف بكل أشكاله، بما في ذلك جرائم الاغتصاب، والقتل المدبَّر بصورة وحشية تبلغ حد التمثيل بجثث القتلى! وبطبيعة الحال فإن هذا المحتوى الإجرامي لمواقع الشبكة العنكبوتية المظلمة هو مادة مثيرة للنوازع الشريرة والفضولية لدى البشر، وبذلك أصبح هذا المحتوى مادة للمتاجرة بكل أنواع الجرائم والبضائع غير المشروعة التي يطلب العارضون لها أموالًا باهظة من المواقع التي تقوم بدورها بعرضها على المستخدمين مقابل مبلغ معين. والخطورة هنا أن مستخدمي هذه المواقع يمكن أن يخضعوا للملاحقة القضائية أو للاتصال بالمنظمات الإجرامية والوقوع في شراكها.

بدأنا نعي الآن خطورة هذه الشبكة العنكبوتية حينما وصلت إلينا آثارها الكارثية في حياتنا. لم يعد ذلك بعيد عنا، ومن ذلك تلك الحادثة المروعة التي نشرت تفاصيلها جريدة المصري اليوم بتاريخ 2/7/2024، والتي عُرِفت باعتبارها جريمة «الدارك ويب» التي أفضت إلى قتل طفل شبرا الخيمة والتمثيل بجثته. وخلاصة هذه القصة المروعة أن طفلًا مصريًّا يقيم مع والده في دولة الكويت قد أوعز إلى آخر يعمل في مقهى بحي شبرا الخيمة بأن يقتل طفلًا آخر بوحشية، فيقوم بشق صدره واقتلاع أحشائه والتمثيل بجثته، وتصوير هذه العملية من خلال الفيديو، بهدف إذاعتها على «الدارك ويب» نظير أرباح مادية هائلة. انهار والدي الطفل القتيل عند رؤيتهما المجرمين اللذين تم جلبهما إلى محكمة جنايات شبرا الخيمة، ولم يحتملا تذكر مشاهد جثة ابنيهما منزوعة الأحشاء. وبطبيعة الحال، فإن هذه الجريمة ليست الوحيدة التي تحدث في مصر، ولا هي تحدث في مصر وحدها؛ فمن المؤكد أن جرائم هذه الشبكة العنكبوتية تحدث الآن في البلدان العربية بأشكال مختلفة.

كل ذلك يستدعي التساؤل عن مسألة بالغة الأهمية وتتجاوز حدود الشبكة المظلمة إلى المجال الأكثر اتساعًا الذي تنتمي إليه، أعني: التساؤل عن دور التكنولوجيا في حياتنا وموقفنا منها. وبطبيعة الحال، فإننا هنا لا نقصد طرح التساؤل عن التكنولوجيا على طريقة هيدجر العويصة، الذي رأى أن التكنولوجيا تؤدي إلى اغتراب الوجود الإنساني في عالم استخدام الأدوات ووسائط الاتصال؛ وبالتالي تحجبه عن اللقاء المباشر بالوجود نفسه. والحقيقة أن هيدجر يطرح مسألة مخاطر التكنولوجيا من خلال رؤية بالغة العمق تتعلق بالوضع الوجودي للإنسان في عالم تتحكم فيه التكنولوجيا، وتلك مسألة تستحق مقالًا خاصًا، بل عدة مقالات. ولكننا هنا نطرح تساؤلنا عن التكنولوجيا على نحو أكثر بساطة ومباشرة، أعني: من حيث صلة التكنولوجيا بالأخلاق، وهي مسألة قد فرضها الواقع الراهن، وما آلت إليه التكنولوجيا واستخداماتها في حياتنا الراهنة. ولقد رأينا في المقالين السابقين بعنوان «الفن والذكاء الاصطناعي» و «أخلاقيات الذكاء الاصطناعي» كيف أتاحت التكنولوجيا مجالًا لاستخدام أدواتها وإمكانياتها في تزوير الأعمال الفنية. ومع ذلك، فإن التكنولوجيا لا غنى عنها رغم كل مخاطرها، وهي تظل برهانًا على تطور المعرفة الإنسانية وتقدمها؛ لأنها أصبحت تتدخل في كل مناحي الأنشطة الإنسانية، ولكنها تظل أيضًا أداة ممكنة لدمار المرء بل لدمار العالم نفسه، فما العاصم من هذا المآل ومن ذلك المصير؟ ويمكن أن نصوغ هذا التساؤل بشكل آخر: كيف ينبغي لنا كأفراد وكدول التعامل مع تلك الأداة المحايدة التي نسميها التكنولوجيا؟ ذلك تساؤل يستدعي أسئلة أخرى عديدة، ويعبر عن ضرورة ملحة في أن يعكف المتخصصون على دراسة الظواهر التي تتجلى فيها مخاطر التكنولوجيا، لنقف على أسبابها وسبل مواجهتها والتعامل معها؛ فليست «الشبكة العنكبوتية المظلمة» سوى ظاهرة من تلك الظواهر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشبکة العنکبوتیة هذه الشبکة

إقرأ أيضاً:

كيف تحمي هاتفك الذكي من مخاطر الشبكات العامة للواي فاي

يمانيون/ منوعات

مع تزايد اعتماد الأفراد على الإنترنت في حياتهم اليومية، يصبح تأمين الهواتف الذكية عند الاتصال بشبكات “Wi-Fi” العامة أمرًا حيويًا لحماية الخصوصية والبيانات الشخصية. تعد الشبكات العامة من أكبر المخاطر التي تهدد أمن الأجهزة الشخصية، حيث يمكن أن تكون بوابة رئيسية لاختراق البيانات.

ما هو الواي فاي العام؟
تعتبر تقنية “Wi-Fi” وسيلة تمكن الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية، أجهزة الكمبيوتر المحمولة، والأجهزة اللوحية من الاتصال بالإنترنت بشكل لاسلكي ضمن نطاق معين من نقطة الوصول أو جهاز التوجيه. تعتمد هذه التقنية على موجات الراديو، مما يسمح للمستخدمين بالوصول إلى الإنترنت دون الحاجة إلى كوابل فيزيائية.
الواي فاي العام يشير إلى نقاط الوصول لشبكة الإنترنت اللاسلكية المتاحة للجمهور في أماكن متعددة مثل المقاهي، المطاعم، المطارات، الفنادق، المكتبات، والمراكز التجارية. توفر الشركات والمؤسسات هذه الشبكات لجذب الزبائن والمارة الذين يرغبون في الاتصال بالإنترنت عبر أجهزتهم المحمولة.
كيفية تأمين الهواتف الذكية عند الاتصال بشبكات الواي فاي العامة
تشير هيئة الأمن السيبراني السعودية إلى أن الاتصال بشبكات الواي فاي العامة يمكن أن يعرض المستخدمين لخطر سرقة البيانات الشخصية، بما في ذلك المعلومات البنكية ومواقعهم. ولتجنب هذه المخاطر، يجب على مستخدمي الهواتف الذكية اتباع بعض الإجراءات الأمنية:
لأجهزة آيفون:
قم بإيقاف خاصية الانضمام التلقائي إلى الشبكات العامة لمنع اتصال الهاتف بها دون علمك.
فعل ميزة العنوان الخاص التي تساعد في تقليل تتبع البيانات وتشفير عنوان جهازك. يمكنك القيام بذلك من خلال الدخول إلى الإعدادات، ثم الواي فاي، اختيار الشبكة العامة، والنقر على علامة المزيد من التفاصيل، ثم إيقاف خيار الانضمام التلقائي.
لأجهزة أندرويد:
فعل ميزة “نسيان الشبكة” لتجنب الاتصال التلقائي بها دون علمك.
اضبط الإعدادات لاستخدام عنوان عشوائي بدلاً من العنوان الخاص. سحب الشاشة بالضغط مطولاً على الشبكة العامة، ثم النقر على علامة الإعدادات، وإلغاء تفعيل خيار إعادة الاتصال التلقائي.
بالإضافة إلى ذلك، يجب تحديث برامج الفيروسات بانتظام على هاتفك الذكي. التحديث المستمر يساعد على اكتشاف الفيروسات والاختراقات، ويتيح لك فحص معايير الأمان للشبكة، مثل إخفائها.
من خلال اتخاذ هذه الإجراءات، يمكن للمستخدمين تعزيز أمان أجهزتهم وحماية بياناتهم الشخصية أثناء الاتصال بشبكات الواي فاي العامة.

#الاندرويد#الايفون#الهواتف الذكية#الواي فاي

مقالات مشابهة

  • مخاطر تدريب الرضيع على النوم وحده في سن مبكرة
  • «شبكة أطباء السودان»: الدعم السريع نهبت ودمرت معدات كلية الطب بجامعة الجزيرة
  • محمد حامد جمعة: كيكل
  • كيف تحمي هاتفك الذكي من مخاطر الشبكات العامة للواي فاي
  • نبيل أديب لـ «التغيير»: لن أناقش مسألة فصلي من الجبهة الديمقراطية للمحامين
  • خالد بن محمد بن زايد يترأس اجتماع مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة
  • خالد بن محمد بن زايد يؤكد على أهمية دعم الكفاءات الوطنية في الابتكار التكنولوجي
  • “الدفاع”: المملكة ليس لها أي علاقة باستهداف الحديّدة.. الخارجية تدعو لضبط النفس والنأي بالمنطقة عن مخاطر الحروب
  • عماد الدين حسين: مسألة الحبس الاحتياطي مهمة ومتشعبة جدًا
  • خبراء يتجنبون أمراً يخص نصرالله!