باربي بطلة الفيلم الذي حمل اسمها، وحطم أرباح شباك التذاكر، لم تكن مجرد دمية عند ظهورها، هي آلهة متنكرة في دمية بلاستيكية، صنم على شكل لعبة. هي دمية طروادة. حرب طروادة كانت حربًا على امرأة، وعلى الشرف، لكن طروادة اليسار المعاصرة ضدهما. وكانت الآلهة الوثنية القديمة رمزًا للخصوبة، ومثّلتْ على شكل الجرة التي يخزن فيها الماء أو الزيت أو العسل، وصُنعت منها تماثيل وأيقونات وحليّ، وهي امرأة كبيرة الحوض، عظيمة الثديين، أما هذه الآلهة الهوليودية الجديدة، فطويلة الساقين وعقيم، ومن غير رحم، وصدرها ممسوح.
اسم باربي دلع من اسم بربارة، وهي قديسة شرقية، تقول أسطورتها: إنها كانت جميلة، حسّانة، وإن أباها الوثني عزلها ضنًّا بها. وتقول رواية أخرى: إنه أنكر رفضها لخطابها، ولمّا علم أنها موحدة، عرّاها ليجلدها أمام الناس، فسترها ربها بالنور.
باربي هي حفيدتها، وهي أسطورة أيضًا، تحمل بعض صفاتها، وتخالف أخرى، فهي عذراء مثلها، وتستعلي على خطّابها من جهة، وتمتنع منهم، ومن جهة أخرى، تتعرى تطوعًا، فتلفها هوليود بضوء الكاميرات. باربي هي آخر تجليات النسوية وبضائعها، وقد كبرت وبُعثت بشرًا سويًا.
وكان اليسار في أول عهده يدعو للمساواة الاقتصادية، تقية، للوصول إلى مآربه، فأمسى يدعو للمساواة الجنسية التامة. النسوية تعريفًا: هي التمركز حول الأنثى، لكنّ الأنثى المشتهاة بلا أنوثة، هي لعبة، والذكر بلا ذكورة. امبراطورية الخصيان نشأت في روسيا في القرن الثامن عشر، وكانت غايتها العودة إلى ما قبل الخطيئة الأولى. الخطيئة الأصلية ما تزال قارّة في النفس المسيحية، عن جنب وهم لا يشعرون.
أمست آلهة هوليود، فيتشية، عفيفة، لكنها عفة لا تبغي مرضاة الله، لعل السبب أن هذه الآلهة مخصية، وتريد رعية مثلها. تستعلف ولا تستنسل. تتبضع في السوق ولا تتبضع في النسل، بل تنفر من القبلة السينمائية الأثيرة، إنها رهبانية جديدة، لكن من غير إله معبود، سوى المعدة. يقول عبد الوهاب المسيري: إن الأمريكي كائن بطن لا كائن فرج. يدلل على ذلك بأنه يستتر لقضاء الحاجة، لكنه يمارس الجنس علنًا.
النسوية تعريفًا: هي التمركز حول الأنثى، لكنّ الأنثى المشتهاة بلا أنوثة، هي لعبة، والذكر بلا ذكورة. امبراطورية الخصيان نشأت في روسيا في القرن الثامن عشر، وكانت غايتها العودة إلى ما قبل الخطيئة الأولى. الخطيئة الأصلية ما تزال قارّة في النفس المسيحية، عن جنب وهم لا يشعرون.تعود ولادة باربي إلى سنة 1959، ثم كبرت وشبّت عن الطوق، بصراع النقاء، لا صراع البقاء، فلا بد من ذكر وأنثى حتى يستمر البقاء، لكن اليسار الجديد يريد عزل الجنسين عن بعضهما في حرب ساخنة بعد انتهاء الحرب الباردة بين القطبين. وقد تطورت من دمية يلهو بها الأطفال إلى دمية للكبار، وهي مثل ليليت الأسطورية تتناسخ في كل المهن والحرف، فهي مذيعة وطبيبة ورائدة فضاء، وهي جميلة، وردية، فارعة. هي لبوة بشرية تراجيدية وليست كوميدية مثل النمر الوردي. وقد تطورت كثيرًا في السينما، فكانت المرأة في بداية أمرها حسناء، شقراء معشوقة، وكان الفيلم الأمريكي ينتهي بقبلة بين البطل والبطلة، حتى صارت القبلة خاتمة نمطية. وكان الجنس في المسيحية خطيئة، فالشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، فتحول إلى هواية وإلى عمل. التعبير الأمريكي المعاصر عن الجماع هو ممارسة الجنس، لقد أضحى الجنس مهنة! السينما كانت أهم جبهات الثورة على الكنيسة.
البطل والبطلة في السينما عمومًا وسيمان في ربيع العمر، والقبلة هي الجنة، وهي المبتغى، وهي الخاتمة السعيدة، السينما هي الفردوس الأرضي، وقد جسّد الخاتمة أحسن تجسيد فيلم براديسو الإيطالي، الذي ينتهي بسيل من القبلات قصّتها رقابة الكنيسة، ولا بد أن تكون البطلة باربي، جميلة وردية. وكانت باربي الفيلم الإيطالي باراديسو امرأة خلفها زوجها في الحرب، فطمع بها الطامعون، حتى عاد، لكن مبتور الذراع لا يستطيع ضم زوجته ومعانقتها.
في السينما ـ وهي صناعة أمريكية ـ وفي كل فيلم لا بد من أنثى جميلة وذكر يحبها ويسعى إليها، يخطفها مجرمون، فيسعى لإنقاذها من الأشرار. تطورت الحسناء الحورية في فيلم "سيمون"، فصارت حلمًا ووهمًا، هي مجرد صورة، كائنًا إلكترونيًا، لكنها ما تزال أنثى جميلة ومشتهاة، أما فيلم باربي، فهو فيلم فكرته طفلية، لكن للكبار، طويل، ممل، مضجر، بطيء، خال من التشويق، ضعيف الدراما. الدراما هي في رسالة الفيلم، وليس في حبكته الواهية، أما المطاردة المدسوسة فيه، وهي ضرورة تشويقية في كل فيلم أمريكي، فمصطنعة. ومن حسن الحظ أن محافظين أمريكيين انتقدوه، لكنه انتقاد ليبرالي يعفو عن كثير، فهو نقد يثني على أزياء باربي، ومن حسن الحظ أيضًا أن مليارديرًا مثل أيلون ماسك يثور ويسخر من وردية لاند، وكذلك يضرب الله الظالمين بعضهم ببعض.
السينما الأمريكية تموت، وتندحر، بعد أن مثّلت كل القصص، وبرهان موتها فيلمان في هذه السنة، هما أوبنهايمر وباربي، وإن حصّل فيلم باربي أرباحًا كبيرة، فاقت أرباح فيلم آلام المسيح، فما أرباحه إلا جني الدعاية العملاقة. وقد ازدراه اليابانيون كما ازدروا فيلم أوبنهامير الذي ذكّرهم بآلام ناغازكي وهيروشيما، وهو أيضًا فيلم ممل، ومضجر، و"معلاق"، يصعب مضغه. قنبلة باربي أضر من قنبلة اوبنهايمر وأشرّ، لكنها ناعمة من غير دماء.
يرمي الفيلم إلى بناء سور عازل، بين الجنسين، وإشعال حرب بينهما، ومن طرف خفي إلى حل عقدة الأنثى، وهي حسدها للقضيب، الإفكة التي قال بها فرويد، بل يغرض إلى إخصاء الذكر بعد أن قتل أوديب أباه، وقتل ربه أيضًا، وسيقتل نفسه وينتحر. لكن جسد المرأة لا يزال سلعة في الفيلم، فباربي هي أميرة باربي لاند، وتدافع عن أرضها ضد غزو الذكور، ولها أمتعة باسمها من كل صنف، لنذكر أن مؤلفة القصة استأصلت ثدييها، وليس استئصال الثدي مثل استئصال ماري انطوانيت حرفًا في اللغة الفرنسية. وإن احتفالًا كبيرًا وقع على وسائل التواصل باستئصال أنجلينا جولي ثديها خشية الإصابة بالسرطان! صنّاع المصائر يريدون تحويل الإنسان إلى دودة تكتفي بنفسها. تقول أسطورة الين واليانغ: إن الإله يغار من اجتماع الذكر والأنثى، وإنه يخشاهما!
كان الذكر في الفيلم الكاوبوي فحلًا ووسيمًا، يدخن، والدخان نار، ويركب الخيول الصهالة، ويقتل الأشرار، وقلما يتحرش بالمرأة، فالمرأة هي التي تتحرش به، يصيبها في الفراش، أو واقفًا، وكأنه تمثال، فهو مشغول إما بالانتقام، أو بالمال.الذكر في فيلم باربي اسمه كين، وكان في أغنية "باربي جيرل" أصلع، وهي علامة من علامات زوال الفحولة رمزيًا، وهو خصيٌّ في الفيلم. الفلم يذكّر في المشهد الأول بفرعون الذي كان يذبح الأبناء ويستحيي النساء، وكان يذبح سنة، ويعفو سنة، أما الفرعون الجديد، الذي لا نراه، والذي يصوغ العقول، وأنهار المال تجري من تحته، فيدعو البنات إلى قتل الأطفال، برهان ذلك المشهد الأول في الفيلم الذي يصوّر تحطيم الطفلات ألعابهن، وتدمير أمومتهن، ورعاية أجسادهن.
بلغت أرباح الفيلم في الأسابيع الأولى من العرض، ما فاق أرباح آلام فيلم المسيح. باربي تبكي في الفيلم، فلها أيضًا آلام! تقول مقالات بحثية: إن باربي دمية تسبب الإحباط، فهي "سوبر ومن"، بجمالها وطولها ونحول خصرها، ومن الطريف أن مذيعة الجزيرة التي قدمت خبرًا عن الفيلم كانت ترتدي زيًّا ورديًا، وهي تعرض الآراء، والآراء المعارضة تساوي الآراء الموافقة. وكانت المذيعة تستدير كثيرًا في أثناء عرض الخبر، فالعجيزة أحد الوجهين، وهذا طارئ على قناة محافظة.
وتقول نقودات: إن باربي تسبب أمراضًا نفسية لدى البنات، مثل: تبكيت الذات، واضطرابات تناول الطعام، وتدمير الفطرة. يقول الباحث المصري صاحب الموسوعة اليهودية، عبد الوهاب المسيري: إن الشيطان يستقيل من رسالته، ولن يكون ثالث الذكر والأنثى في أمريكا بعد الآن، فمعدل الفردية يرتفع فيها، وإن المتوالية الرياضية ستنتهي بتقوّض الحضارة الغربية.
كان الذكر في الفيلم الكاوبوي فحلًا ووسيمًا، يدخن، والدخان نار، ويركب الخيول الصهالة، ويقتل الأشرار، وقلما يتحرش بالمرأة، فالمرأة هي التي تتحرش به، يصيبها في الفراش، أو واقفًا، وكأنه تمثال، فهو مشغول إما بالانتقام، أو بالمال.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير السينما فيلم باربي سينما رأي مكونات فيلم باربي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة صحافة صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الفیلم ا فیلم
إقرأ أيضاً:
ذكرى ميلاد عزيزة أمير.. صاحبة أول فيلم عربي صامت في تاريخ السينما
تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنانة عزيزة أمير هي الرائدة الأولى للسينما المصرية ومن أهم صناعها، اسمها دائماً مرتبط بتاريخ السينما المصرية، وهي صاحبة اول فيلم عربي صامت في تاريخ السينما المصرية “ليلى” الذي الذي عرض بدار سينما “متروبول” في 16 نوفمبر 1927م.
اسمها الحقيقي ” مفيدة محمد غنيم” ولدت في مدينة الإسكندرية ، لم ترى والدها توفى بعد ميلادها بخمسة عشر يوم إلى القاهرة، بالتحديد في شارع خيرت بالقرب من حي السيدة زينب، شملتها والدتها وأسرتها بالرعاية واهتموا بتعليم “عزيزة” القراءة والكتابة ومبادئ العزف على البيانو ثم وتعلمت أيضاً اللغة الفرنسية، بالرغم انه لم تحصل على مؤهل دراسي ، لكنها كانت على درجة عالية من الثقافة ، وكان لأسرتها صديق برلماني وسياسي معروف وقتها كان يرعاها وهناك أقوال تتحدث على أنها تزوجت منه لفترة ولم تطيل فترة زوجهم ،وسافرت “عزيزة ” معه إلى أوروبا.
وكان لهذا السفر دور كبير في اتساع دائرة تفكيرها ، أحبت “عزيزة” الأدب والفن، وزارت المسارح واستوديوهات السينما هناك ،وأسفرت هذه الرحلة على معرفتها بالمخرج العالمي دافيدوارك جريفيت، منشئ السينما في هوليوود، و عرض عليها الظهور في أحد أفلامه العالمية لكن لم يحدث نصيب وعادت إلى مصر .
ذات يوم قرأت “عزيزة” في الصحف في عام 1925م، بأن الفنان “يوسف وهبي “يطلب وجوهاً جديدة لفرقة رمسيس، التي كان قد أسسها قبل عامين فأرسلت إليه خطاباً ووضعت صورة لها ، وأعربت له عن رغبتها بالعمل في المسرح، وطلبت منه أن يعطيها دور بطولة ، أعجب “يوسف وهبي” بثقتها في نفسها ووافق واسند لها دور العروس الخجولة في مسرحية بعنوان “الجاه المزيف” ووقفت عزيزة لأول مرة على خشبة المسرح.
لكن “عزيزة” كان لديها طموح كبير وأحلام فلم تعمل مع يوسف وهبي إلا موسماً واحداً فقط ، وباتت تتنقل بين فرقتي “شركة ترقية التمثيل العربي” و”نجيب الريحاني”، و مثلت في الفرقة الأولى مسرحيات ليون الأفريقي، إحسان بيك، المجاهدون، فرانسيسكو، الشرف الياباني .
وشاركت مع الفرقة الأخرى بمسرحية “الآنسة بطاطا”، ثم عادت مرة أخرى لفرقة رمسيس وقامت ببطولة مسرحية “أولاد الذوات”، والتي تحول بعدها لفيلم سينمائي ، كانت مرشحة لتمثيل دورها فيه ، لكن الدور ذهب الى الفنانة أمينة رزق ، وكان آخر دور مثلته عزيزة أمير على المسرح هو دور “بريسكا” في مسرحية “أهل الكهف” لتوفيق الحكيم، والتي افتتحت بها الفرقة القومية موسمها الأول في عام 1935م.
عزيزة أمير طموحها لم ينتهي عند التمثيل لكنها أتجهت إلى الإنتاج السينمائي، وكان ذلك في بداية عام 1926م ، أنتجت أول فيلم بعنوان “ليلى” وأنتجت بعدها فيلم “بنت النيل” الذي عرض 1928م ، بداية الثلاثينات قامت بإنتاج فيلمها الثالث بعنوان “كفري عن خطيئتك” الذي عرض عام 1933م، والذي خسرت فيه عزيزة خسائر كبيرة ، فقد كان فيلماً صامتاً عرض في عهد الفيلم الناطق علماً بأن فيلم “ليلى” قد كانت مكاسبه أضعاف تكاليفه.
لم تيأس “عزيزة أمير” وأنتجت فيلم “بياعة التفاح” وكان أول أفلامها الناطقة وخلال هذا الفيلم، تعرفت على الفنان “محمود ذو الفقار” وتزوجت منه ، وكانت متزوجة قبله مرتين وانفصلت ، شاركها “ذوالفقار” شاركها أيضًا الكتابة السينمائية في أفلام “الورشة” 1940م و”عودة طاقية الإخفاء” 1947م و”خدعني أبي” 1952م.
استمرت عزيزة أمير في الإنتاج باسم شركتها “إيزيس فيلم”، فأنتجت خمسة وعشرين فيلماً، كان آخر أفلامها فيلم “آمنت بالله” الذي عرض لأول مرة سنة 1952م.
من اهم الافلام التي شاركت فيها قسمة ونصيب، نادية،فتاة من فلسطين،فوق السحاب، هدية ،شمعة تحترق و كفري عن خطيئتك، بياعة التفاح، ابن البلد، آمنت بالله وغيرها.
ورحلت عن عالمنا رائدة السينما المصرية والعربية بعد مشوار طويل ، في 28 فبراير عام 1952م .