البيِّنة من الله والدليل على من أنكر
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
إبراهيم بن عبد العزيز الزعبي
يقف العقل الإنساني مواقف مُختلفة ومتباينة أمام مسألة البرهنة على وجود الله تبارك وتعالى؛ حيث إنَّ جل هذه المواقف تنبني على جزئية واحدة وردت بالتنزيل الحكيم، وهي تقوم على أساس النظر والبحث بالآثار المشخصة من خلال حواسنا، ثم إخضاع هذا التشخيص لجملة من العمليات والتفكير التي من شأنها أن تُحدد المؤثر الذي نتجت عنه هذه الآثار.
وفي الحقيقة ما زال هذا المسلك لا يُعبِّر في نهايته عن وجود الله كحجة دامغة أمام المؤمنين به، فضلاً عن المنكرين لوجوده سبحانه وتعالى. وبنظرة سريعة إلى ما ورد في كتاب الله نجد أن الله تبارك وتعالى يصدر ذاته ويبين وجوده على أساس أنه الحق المطلق الذي لا يحتاج بيان وجوده إلى برهان أو دليل كما في الآية (ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلْبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِىُّ ٱلْكَبِيرُ) [الحج: 62]
فبين لنا الله تلك الحقيقة دون تدرج أو تموضع وراء ضرورة البرهان أو حتمية الدليل، كما في الآية (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) [البقرة: 255]
وفي كثير من الآيات، نرى أن الله لم يسلط الضوء على الأثر بالشكل والطريقة التي يتداولها الباحثون ولم يُبين لنا حقيقة وجوده المتعلق بذاته على أساس القاعدة التي تقول إنَّ الأثر هو الدليل على وجود المؤثر؛ بل إن الله تبارك وتعالى صرح بشكل دقيق وصريح ومباشر أنَّه هو الله ولم يذكر الأثر للبرهان على ذلك ابتداءً كما في الآية (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) [طه: 14].
فلا يمكن أن الله وهو الحق المطلق أن يبرهن على وجوده كنتيجة لوجود تلك الآثار المشخصة بحواسنا والخاضعة لمحاكماتنا ولا يُمكن أن يتعلق وجوده بها تعلقاً يجعل وجودها سبباً لوجوده أو للاستدلال على وجوده لأنَّ ذلك يجعل وجود الله متعلقاً بالأسباب والآثار ومتوقفاً عليها وهذا خلل في فهم ذات وخصائص الله الغني عن الأسباب ﴿لَّهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلۡغَنِیُّ ٱلۡحَمِیدُ﴾ [الحج: 64]
لذلك.. فإنه فيما يخص وجود الله في النص القرآني لا يمكن أن تجعل ذاته خاضعه للبرهان، فضلا عن أن يعتمد البرهان على آثاره من (خلق وإيجاد) والتي لن تصبح دليلًا، إلّا من خلال التفكير والبحث الذي تخضع له وهذا بالتأكيد (سواء شعرنا أولم نشعر) سيجعل وجود الله فكرة تتعرض إلى كل ما تتعرض له الأفكار الأخرى من نقد وتشكيك وتطور وتصحيح وغيره، وكأي مادة بحثية تخضع لقوانين العلم والمعرفة ومناهج التفكير والاستدلال في كل زمان ومكان، وهذا أحيانًا يكون ضربًا من العبث، وهذا لا يليق بربٍ وإلهٍ كما في الآية ﴿إِذۡ قَالَ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ رَبِّیَ ٱلَّذِی یُحۡیِۦ وَیُمِیتُ قَالَ أَنَا۠ أُحۡیِۦ وَأُمِیتُۖ﴾ [البقرة: 258] وهنا جعل الأثر دليلًا على المؤثر، وبالتالي خضع الدليل الذي هو الأثر كفكرة لعقلية فاسدة أدت إلى تلك المحاكمة الخاطئة، بينما الاستدراك السريع من النبي إبراهيم عليه السلام ونقل الأثر من كونه دليلًا على وجود الله، إلى جعله مساحة لإقامة الدليل على عدم وجود مؤثر غير الله أدى إلى إقامة دليل العجز على دحض بيان الله ﴿قَالَ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ یَأۡتِی بِٱلشَّمۡسِ مِنَ ٱلۡمَشۡرِقِ فَأۡتِ بِهَا مِنَ ٱلۡمَغۡرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِی كَفَرَۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ [البقرة: 258]
ولتوضيح ذلك لابد من طرح سؤال مهم جدا هو: إذا لم يخلق الله مخلوقاته ولم يظهر لنا آثاره، فهل يمكن القول بعدم وجود الله؟ بمعنى أنه إذا غاب الأثر فهل هذا دليل على عدم وجود المؤثر؟
وللإجابة على هذا السؤال لا بُد من فهم الطريق الذي حدده الله في كتابه لمعرفته؛ حيث إن الله صوَّر لنا هذه المعرفة وصاغها بشكل علني وجعلها مكتملة الأركان وبيَّن الأثر فيها ليس لنستدل من خلاله على أنه هو المؤثر؛ بل ليكون الأثر هو مجال البحث في العقل الإنساني في حال إنكار وجود الله.
وترك تلك المساحة والأدوات اللازمة لإثبات أو نفي صلة الأثر بالمؤثر أو البرهنة على وجود مؤثر آخر، إنما هو لبيان استحالة نفي الصلة ﴿أَمۡ خُلِقُوا۟ مِنۡ غَیۡرِ شَیۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَـٰلِقُونَ﴾ [الطور: 35] واستحالة وجود مؤثر آخر كما في الآيات ﴿أَمَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَنۢبَتۡنَا بِهِۦ حَدَاۤىِٕقَ ذَاتَ بَهۡجَةࣲ مَّا كَانَ لَكُمۡ أَن تُنۢبِتُوا۟ شَجَرَهَاۤۗ أَءِلَـٰهࣱ مَّعَ ٱللَّهِۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمࣱ یَعۡدِلُونَ * َمَّن جَعَلَ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارࣰا وَجَعَلَ خِلَـٰلَهَاۤ أَنۡهَـٰرࣰا وَجَعَلَ لَهَا رَوَ ٰسِیَ وَجَعَلَ بَیۡنَ ٱلۡبَحۡرَیۡنِ حَاجِزًاۗ أَءِلَـٰهࣱ مَّعَ ٱللَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ * أَمَّن یُجِیبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَیَكۡشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَیَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَاۤءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَـٰهࣱ مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِیلࣰا مَّا تَذَكَّرُونَ * أَمَّن یَهۡدِیكُمۡ فِی ظُلُمَـٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَمَن یُرۡسِلُ ٱلرِّیَـٰحَ بُشۡرَۢا بَیۡنَ یَدَیۡ رَحۡمَتِهِۦۤۗ أَءِلَـٰهࣱ مَّعَ ٱللَّهِۚ تَعَـٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا یُشۡرِكُونَ * أَمَّن یَبۡدَؤُا۟ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ یُعِیدُهُۥ وَمَن یَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَـٰهࣱ مَّعَ ٱللَّهِۚ قُلۡ هَاتُوا۟ بُرۡهَـٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ﴾ [النمل: 64].
ومن المعلوم لدينا أن من بديهيات التفكير أن لا يتم البرهنة على الحق والحقيقة، لذلك فإن الله يعرض لنا وجوده على أنه الحق المطلق، وعلى من أنكر أو كذب أو لم يصدق ذلك أن يأتينا ببرهانه على ما يدعيه من تكذيب؛ إذ إن ترك مساحة الاثبات والنفي والتصديق والتكذيب لنا في تلك الآثار ليس للبرهنة على وجوده؛ بل للبرهنة على عدم وجود مؤثر آخر غير الله، أو على عدم صلة هذه الآثار بغير الله.. فيكون بذلك البينة على الله والدليل على من أنكر.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
جوابات للأحباب (3)
كانت الرسائل في السودان والي وقت قريب ذات اهمية كبرى لاتقل عن الاكل والشرب وقد دخلت في قاموس الغناء خاصة وهي الوسيلة الوحيدة للتواصل، اما ادب الرسائل نفسه فذاك شأن آخر إلفّت فيه الكتب والمراجع..وكنا قد بدأنا في هذه المراسلات
برسالتين وهذه هي الرسالة الثالثة ولن تكون الأخيرة ان شاء وكانت الرسالتان السابقتان بين وبين احد الاقارب..
ادناه مراسلة عامة بيني وبين السيده ندى رأيت انها مع مثيلاتها قد تكون مفيدة وتدفعنا للعوده لثقافة الرسائل وجمعها فهي تحكي عن واقع يمكن دراسته في المستقبل..
عزيزتي ندى ، بعد السلام التام،
والموده والاحترام،
اعلمي بداية ان الكتابة اليك فيها من المشقة ما يهد الحيل ويرهق هذا العقل المشحون بعمايل الدنيا العجيبة لا لشيء إلا لانك انسانة حكيمة والمرأة الحكيمة عندنا مابترضى بكلام زي عينة (تلت التلاتة كم) واخواتها، اي انك زولة على مزاجها..
وهنا يجب ان نعترف باننا جميعاً ندرك أن الحياة تمنحنا أحيانًا فرصاً نادرة لنلتقي بأناس يطيب لهم المقام في قلوبنا، فنشيد لهم بيوتًا من الود، ونبني معهم جسورًا من الألفة والمحبة، والكثير من الاحترام الذي فرضوه علينا بحلوِ معشرهم. هل انتِ احدهم؟ويلٌ لدروشتي فكيف اسال واجيب؟
عايز يا ندى اقول ليك قول، هو انه إنسان السودان، يتمتع بشخصية تبدو جميلة في ظاهرها، لكنها تحمل في دواخلها العجب العجاب؛ وتلك هي المعضلة الوحيدة التي حيّرت علماء النفس والاجتماع. واديك مثال لكلامي واعني هنا ذلك الخلط العجيب بين الأفراح والأتراح فقد كانت النساء يرقصن عند خروج جنازة الميت، وقد سماها البعض “ردحي”، وقد شاهدتُ يا سيدتي بأم عيني ام العروس تبكي في فرح بناتها، أوليس ذلك أمرًا محيرًا؟ ثم هل تعلمين أننا الشعب الوحيد الذي يتوشح باللباس الأبيض عند فقدان عزيز، وقد رأيتُ كيف ان كبير البيت يكسو فتيات بيته في فترة الحداد قطعة من القماش الأبيض؟! اليس في الامر عجب! اوليست تلك الشتارة بعينها؟..
بعد كل ما ذكرته، فلا تتعجبي إن قلت لكِ: شكرًا لأنك كنتِ السبب في أن أصبح جزءًا من ذاك المجتمع الافتراضي بكل ألوانه ، وقد تعلمت الكثير المفيد وسط علماء أجلاء..لكن ليس كل نبات يزهر والا لما كانت هناك اشواك وهنا بيت القصيد..
لقد تعبنا يا سيدتي من تلك الأشواك التي باتت تنخر فينا حتى كادت الافئدة ان تصبح كالثوب المثقوب.. وبعد هذا الجهد المضني بمشاركتكم في بعض المنابر فكرنا كثيراً ان نتوقف قليلاً لا لسبب إلا لان بعض تلك المنابر اخدت منّا جل وقتنا..علمي ان هذا الفعل ستكون له نتائج سلبية علينا وعلى البعض من اولئك الأبرار الذين تعارفنا معهم فحبونا وحبيناهم من قلوبنا..لكن شن نسو؟..
أظنكِ قد فهمتِ منا وبعد كل هذا الوقت الذي ليس بالقليل، أننا لا نطيق الأماكن التي يعلو فيها الصخب والنزاع؛ فهذا يعود إلى طبيعتنا التي جبلنا عليها، فكل إنسان يحمل في داخله شيئاً من إرث من كانوا سبباً في وجوده. وقد قيل في الأثر (اهجر قصور الذل ولو هي من ذهب وأسكن بيوت العز ولو كانت خراب)..وتذكري ياندى ان ما تبقى لنا من العمر، يا سيدتي، لا يكفي لأن نجعله ساحةً للمناكفات والشغب؛ فالوقت، يا ندى، بات كالشعرة الهشة لا يحتمل الشد والجذب
أسأل الله أن يمنحكِ القوة والصبر على تحمل هذا العبء المرهق. أنا لستُ مجبراً على محبة الجميع، فما أنا إلا بشرٌ يخطئ ويصيب، لكنني أحمد الله على نعمة منحني إياها، وهي محبة الصالحين. وكما قال أحد الحكماء:
“جالس جميل الروح، تصبك عدوى جماله.”
وختاماً ليس انتهاءً، ابقي طيبة ومتواصلة مع من تحبين، وفيما تحبين؛ ولكِ العتبى حتى ترضي. وأسلمي لغواليك.
**(عثمان يوسف خليل)
أستاذي عثمان يوسف
بعد التحية و الإحترام.
أشكرُ لكَ مكتوبك الذي حرّكَ حواراتٍ متعدّدة في داخلي لذا آثَرتُ أن أرد عليه بعد تأنٍ و ترتيبٍ لهاتِيك الحوارات.
ما ذَكـرْتَه عن شخصية الإنسان السوداني فسأتركه لوقتٍ لا حق لما يتطلّبه من كثير حوار و مِن الإستعانة بأهلِ الذكرِ من المختصّين.
صحيح الدنيا فيها من تقلّب الأحوال ما عهدناه لكنّنا تمرّسنا على مواجهة هذه الأحوال بالصبر و عدم التسرع أو الإستجابة لِهَوى النفس الأمّارة بالسوء و من هنا تأتي الحكمة التي أشكرك لأنك وصفتني بها فإن كنتُ كذلك فهذا خيرٌ كثيرٌ أحمد الله على أن وهبنيه و إن لم أكُن فأسأل الله أن يرزقنيه.
لطالما نَشَدْتُ هذه الحكمة لي و لكل سوداني خاصّةً أصحاب القرار عندنا فبِها تستقيم أمور الحياة التي طال اعوجاجها بسبب وسوسة الشيطان التي لم يَنْجُ منها حتى الأنبياء عليهم أفضل الصلاة و لهم أتّم التسليم غيرَ أنّ الله نَسَخَ ما يُلقِي الشيطان منها و أحْكَم آياته ( النسخ هنا لما في الأمنيات من عمل الشيطان و لا علاقة له بنسخ الآيات التي كثر الجدل في معناها).
أمّا قولُك أنني إنسانة على مزاجي فقد سبق أن قالها أستاذنا عبد القادر الكتيّابي( على كَيْفي)، الكيف الواعي المسؤول المحكوم مِن قِبَل العقل و المُراعي لقيم العدل فلا يَظلِم و لقِيَم الرحمة فلا يتجبر و لا يطغى. (على كيفي) بمسؤولية و بحرّية كاملة غير منقوصة حتّى أكون فاعِلةً إيجاباً في مجتمعي ما وَسِعَني الأمر. ليتنا كلّنا نكون على كيفنا بوَعي، لا نجور على غيرنا و لا نفرض عليهم قناعاتنا و معتقداتنا بِدَعوَى أننا أصحاب الحق المطلق و غيرنا لا يعي و لا يفقه شيئاً؛ لنهذّب انفسنا بنفس مستوى رغبتِنا في أن يتهذّب الآخرون في تعاملهم معنا و لنستحضر ما للأخلاق الطيّبة من مَراقٍ لا نبلغ نهايتها ما حيينا فلنرتقيها ما وَسِعَنا الأمر. أمّا قولَك أنك لست مجبراً على محبة الجميع فلا أحد يُمكن أن يُحِب جَبراً لأنّ للقلوب شأنٌ آخَر تتحقق فيه الحرية الحقيقية.
يا أستاذي أنا كذلك لا أحبّ الصخب و النزاعات لكن علّمتني الحياة أنها ليست زلالاً صافياً فلا بدّ من بعض المنغّصات. تلك المنغّصات قد تضطر الإنسان للإنسحاب طلباً للهدوء و قد تدفع الإنسان للصبر و الإصرار على المواصلة إن كان الأمر متعلّقاً برسالة يؤمن بأنّ اداءها فرضٌ عليه و لا خيار أمامه سوى التحمل و محاولة الإصلاح ما استطاع.
ِمثلَك لا ينسحب يا أستاذي لكنك تحتاج لاستراحة المحارب التي لا بد منها مِن حينٍ لآخَر؛ بعدها أثِقُ أنّك ستعود بعزيمةٍ و إصرارٍ على المواصلة فالعمر الذي لم يتبقَّ منه الكثير كما تقول يجب أن نقضيه كما ينبغي و تذكّر انّه طالما كان العقل سليماً فلا تعب الجسد يعيق العطاء و لا الإستسلام مطلوب.
يظل حبل الودّ موصولاً بيننا و تبادل المعارف و الخبرات مبذولاً بكل ما في الأنفس من طيبٍ و صفاء.
أسأل الله لك و لي التوفيق و حسن السداد.
كن بخير.
كن فاعٍلاً كما عهِدتك.
ندى أحمد.
osmanyousif1@icloud.com