قوات الاحتلال تنكل بالصحفيين الفلسطينيين
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
خيم الدهيشة"أ ف ب": بعد قرابة تسعة أشهر من الاعتقال، خرج الصحافي الفلسطيني معاذ عمارنة من السجن من دون أن توجّه إليه رسميا أي تهمة، وهو واحد من عشرات الصحافيين من الضفة الغربية وقطاع غزة المعتقلين في إسرائيل.
وتقول لجنة حماية الصحافيين التي تتخذ من نيويورك مقرّا إن تحقيقاتها الأولية أظهرت مقتل 103 صحافيين وعاملين في مجال الإعلام في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، في حين اعتقل بين السابع من أكتوبر والثالث من يوليو 51 صحافيا.
ومُنعت الزيارات عن معاذ عمارنة (37 عاما)، وهو مصوّر صحافي حرّ، خلال فترة اعتقاله. وشكت عائلته من أنه لم يُسمح لها بإدخال عين اصطناعية يستخدمها منذ أن اقتلعت رصاصة مطاطية من الجيش الإسرائيلي عينه في العام 2019.
وقالت زوجته ولاء عمارنة (34 عاما) قبل أسابيع "أرسلنا العين الاصطناعية مع المحامي، لكن لم يسمحوا بإدخالها".
وروت أن زوجها تعرّض "لتنكيل من الجنود الإسرائيليين في بداية الاعتقال" ما أدّى الى "كسر نظارته". وسُمح للعائلة بإرسال مبلغ 500 شيكل (نحو 133 دولارا أميركيا) لتوفير نظّارة له.
وقالت ولاء عمارنة إن زوجها يعاني من آلام حادة في الرأس جراء "استقرار الرصاصة في رأسه".
في العام 2019، كان عمارنة يغطّي تظاهرة ضد مصادرة إسرائيل أراضي في قرية صوريف في جنوب الضفة الغربية عندما أصيب برصاصة مطاطية أفقدته عينه اليسرى، وفق ما تقول عائلته.
واليوم، أكدت عائلة معاذ عمارنة الإفراج عنه من سجن النقب الصحراوي.
وأظهرت صور تمّ تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد الإفراج عنه عمارنة وقد بدا نحيلا مع لحية كثة وشعر طويل.
وأصدرت عائلته بيانا قالت فيه إنها ستنقل "معاذ الى المستشفى للمعاينة الطبية بسبب الحالة الصحية الصعبة التي أفرج عنه فيها"، مشيرة الى أنه لن يدلي بتصريحات للإعلام.
وكان اعتقل من منزله في مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين في مدينة بيت لحم في جنوب الضفة الغربية بعد أقلّ من أسبوع على اندلاع الحرب. ووضع في الاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر تمّ خفضها إلى خمسة قبل أن يجدّد في مارس الماضي اعتقاله الإداري لأربعة أشهر.
ويسمح الاعتقال الإداري لإسرائيل باحتجاز مشتبه بهم دون تهمة أو محاكمة، أو مع إبقاء التهم سرية، لفترة طويلة قد تمتد سنوات.
ولم تردّ مصلحة السجون الإسرائيلية على سؤال حول ما روته عائلة عمارنة.
ويقول نادي الأسير الفلسطيني إن إسرائيل تعتقل صحافيين "على خلفية ما يسمى بالتحريض عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي التي تحوّلت من أداة لحرية الرأي والتعبير إلى أداة لاستهداف الصحافيين والفلسطينيين عموما".
وبحسب رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحافيين الفلسطينية محمد اللحام، "90 في المئة" من الصحافيين المعتقلين "محكومون إداريا".
وتضمّ قائمة الصحافيين المعتقلين ست صحافيات بينهم أم لطفلة رضيعة وهي الصحافية رولا حسنين.
وفي فبراير، دان خبراء من الأمم المتحدة قتل الصحافيين وإسكاتهم في الأراضي الفلسطينية.
وجاء في بيان أصدروه "نعرب عن قلقنا البالغ حيال الارتفاع غير المسبوق في أعداد الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام الذين تعرّضوا للقتل والاعتداء والجرح والاحتجاز في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، لا سيما في غزة، خلال الأشهر الأخيرة في تجاهل صارخ للقانون الدولي".
ومنذ نوفمبر والصحافية الفلسطينية سمية جوابرة رهن الحبس المنزلي غير المحدّد بسقف زمني في نابلس في شمال الضفة الغربية، بعد اعتقال لأسبوع بتهمة التحريض عبر "فيسبوك". وقال زوجها الصحافي طارق يوسف إن المحكمة قالت إن المنشورات مرتبطة بهجوم السابع من أكتوبر.
وبحسب يوسف، اعتقلت جوابرة التي كانت تعمل كصحافية حرّة بعد أن "طالها تحريض مستوطنين نشروا صورتها وكأنها مطلوبة".
وأفرج عن الصحافية التي كانت حاملا في شهرها السابع بشروط أهمها الحبس المنزلي وعدم استخدام الهاتف المحمول أو اقتنائه أو استخدام الإنترنت وعدم الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، إلى جانب دفع كفالة بقيمة 50 ألف شيكل (13443 دولارا) تقريبا.ويقول يوسف "بسبب هذه الشروط، انتهى مستقبلها المهني".
ولم يتسنّ الاطلاع على المنشورات بسبب حذف جوابرة حسابها على فيسبوك.
وفي نوفمبر، وافقت إسرائيل وحركة حماس على هدنة في قطاع غزة استمرت أسبوعا أفرج خلالها عن أكثر من مئتي معتقل فلسطيني من سجون إسرائيلية مقابل 105 رهائن لدى حماس خطفوا خلال هجوم السابع من أكتوبر.
حينها، كان المصور الصحافي المتعاون مع فرانس برس مصعب شاور في طريقه إلى مدينة يطا قرب الخليل في جنوب الضفة الغربية لتغطية وصول ثلاثة من المفرج عنهم، قبل أن يوقفه حاجز إسرائيلي.
ويقول شاور (33 عاما) "تمّ توقيفي مع زميلين صحافيين واحتجاز المركبة وتفتيشها وفحص بطاقاتنا الشخصية ومصادرة هواتفنا المحمولة وتفتيش محتوياتها".
ويضيف "تمّ اقتيادنا، ونحن مقيّدو الأيدي بأربطة بلاستيكية ومعصوبو الأعين، إلى برج عسكري".
وبحسب شاور، فإن مهمة التصوير تحوّلت إلى سبع ساعات من الاحتجاز قبل أن يفرج عنهم.
ويشير إلى أنه كان أصيب في اليوم الأول من الحرب "برصاصة مطاطية في الفخذ الأيسر" في الخليل.
بالنسبة لشاور، أصبحت التغطية بعد الحرب "مخيفة" بسبب التضييق الذي يمارسه الجيش ضد الصحافيين.
ويقول "بعد الحرب أصبح كلّ شيء مخيفا... نفكّر مرتين قبل التوجّه الى تغطية".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
تصيبهم وتمنع إسعافهم.. هكذا تتعمد إسرائيل إعدام أطفال الضفة الغربية
جنين- على بعد 5 أمتار فقط من نافذة حجرته، دفنت عائلة الشهيد الطفل محمد حمارشة جثمانه اليوم الاثنين، في مقبرة بلدة يعبد جنوب مدينة جنين، وأمام القبر وقف ربيع حمارشة يدعو لولده، ويقول إن الزمن بين مغادرة محمد المنزل وبين صوت إطلاق النار لم يتجاوز 5 دقائق، وإن المسافة بين منزله وموقع استشهاده لا تتجاوز 100 متر.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد قتلت الطفل حمارشة البالغ من العمر 13 عاما أمام منزله خلال اقتحامها بلدة يعبد ليلة أمس الأحد، حيث أطلقت النار عليه من مسافة قريبة وبطريقة متعمدة، ثم أطلقت النار أيضا على الشاب أحمد زيد (20 عاما) حين حاول الاقتراب من حمارشة لسحبه وإسعافه، فاستشهد هو أيضا.
ويصف جيران حمارشة ما حدث بأنه "إعدام بدم بارد" لطفل لا يمكن أن يشكل أي خطر لمجموعة من الجنود المدججين بالسلاح، الذين كانوا أصلا داخل جيب عسكري مصفح.
"تركوه ينزف"يقول أحد السكان الملاصقين لمنزل حمارشة، "كنت في الحي حين اقتحمت قوات الاحتلال البلدة، فجأة سمعنا صوت إطلاق النار بشكل كثيف وقريب، ثم سمعنا صوت صراخ، حاولنا تفقد ما يجري، شاهدنا الجيب العسكري بالقرب من الشهيد الطفل حمارشة، وإطلاق النار لم يتوقف، حاول الشاب أحمد مساعدته لكنهم بدؤوا برشه بالرصاص فسقط فوق حمارشة، لذا لم نستطع الاقتراب أكثر، خوفا من استهدافنا نحن أيضا".
ويؤكد الجار في شهادته على ما حدث أن جيش الاحتلال واصل إطلاق النار على جثمان الشهيدين، ومن ثم منع سيارات الإسعاف من الوصول إليهما حتى تأكد من استشهادهما.
ويصف والد محمد ما حدث للجزيرة نت قائلا: "تفاجأ محمد بوجود جيش الاحتلال في حينا، لأن عادة الجنود حين اقتحام البلدة أن يدخلوا من مدخلها الرئيسي، بينما نحن نسكن في شمالها"، ويضيف: "قتلوه على الفور، لم يسألوه ماذا تفعل؟ ولم يسمحوا له أن يقول لهم إنه خرج من المنزل للتو، وسوف يعود على الفور".
ويقول حمارشة "سمعت صوت الرصاص، وحين خرجت، كان الجيب العسكري فوق رأس ابني، والإسعاف في الخلف، ولم يتحرك الجيب العسكري حتى تأكدوا من أن محمد قد سلم روحه، لقد تركوه ينزف لأكثر من ربع ساعة".
أحمد زيد استشهد في أثناء محاولته إسعاف الطفل محمد حمارشة (مواقع التواصل) عنف مستمريقول رئيس بلدية يعبد أمجد عطاطرة، للجزيرة نت، إن ما حدث جريمة إعدام بحق طفل "من المفترض أن كل المواثيق الدولية والعالمية تضمن له الحق بالعيش بحرية وبأمان في بلده"، مذكرا أنه قبل أيام كانت مناسبة اليوم العالمي للأطفال، "بينما أطفالنا يقتلون، ويعذبون، ويحرمون من التعليم والأمان والكرامة وأن يعيشوا طفولتهم بشكل طبيعي كبقية أطفال العالم".
ويؤكد عطاطرة أن حادثة إعدام الطفل حمارشة يمكن أن تتكرر مرات ومرات، "لأن العالم كله يصمت أمام كل ما تقوم به إسرائيل من جرائم، في كل فلسطين".
ويضيف رئيس البلدية أن يعبد محاصرة من جهاتها الثلاث بالمستوطنات الإسرائيلية، وتعاني بشكل شبه يومي من اقتحام قوات الاحتلال، ومداهمة منازل المواطنين وتخريب ممتلكاتهم، كما يهاجم المستوطنون الأهالي والمزارعين في ظل توسع السعي لمصادرة الأراضي والاستيلاء عليها، مما يعني إمكانية تكرار تعرض أهالي البلدة للإصابات والقتل.
وذكرت منظمة "يونيسيف" في تقرير، نشر أواخر يوليو/تموز الماضي، أن الخسائر في أرواح الأطفال تصاعدت في الضفة الغربية منذ بداية الحرب على غزة بوتيرة كبيرة، موضحة أنه منذ ذلك الحين "تقتل إسرائيل طفلا فلسطينيا واحدا كل يومين في الضفة الغربية والقدس"، وهو ما يمثل 3 أضعاف ونصف ما تم تسجيله قبل الحرب على غزة.
وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة يونيسيف كاثرين راسل في التقرير إن "الأطفال الذين يعيشون في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، بقوا معرضين منذ سنوات لعنف فظيع، وقد تدهور الوضع بشكل شديد تزامنا مع تصاعد الأعمال العدائية داخل غزة".
وأضافت راسل أن المنظمة تحصل على أخبار بشكل متواتر "بشأن أطفال فلسطينيين يُحتجزون في طريق عودتهم من مدارسهم إلى منازلهم، أو يتعرضون لإطلاق الرصاص بينما يسيرون في الشوارع"، وتقول "يجب أن يتوقف هذا العنف الآن".
جانب من تشييع جنازة الطفل الشهيد محمد حمارشة (الجزيرة) غياب المساءلةخلال الأشهر الماضية، سجلت حالات إعدام لأطفال في عدة مدن فلسطينية، كان من آخرها مشهد استشهاد الطفل عبد الله هواش (11 عاما) الشهر الماضي، الذي أطلق عليه قناص إسرائيلي رصاصة نحو الصدر في أثناء انسحاب قوات الاحتلال من البلدة القديمة في نابلس، مما أدى لاستشهاده على الفور.
ورغم أن عملية جنود الاحتلال كانت في البلدة القديمة لاعتقال أحد المقاومين، فإن القناص الإسرائيلي تعمد إصابة هواش، في شارع فطاير، البعيد نسبيا عن البلدة القديمة وسط المدينة، وذلك في أثناء انسحاب الجيش.
وفي بلدة كفر دان غرب جنين، أعدم الاحتلال الطفلة جنى عابد داخل غرفتها بعد أن أطلق قناص إسرائيلي رصاصة على رأسها، في أثناء حصاره منزلا في البلدة.
ومنذ تاريخ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى اليوم، قتلت إسرائيل قرابة 167 طفلا في الضفة الغربية، حسب إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية.
وعلى مدى السنوات الماضية، سجلت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عددا كبيرا من جرائم الإعدام بحق أطفال في مدن الضفة الغربية، وعلى الرغم من توثيقها وتقديم عدة أدلة بحق جنود الاحتلال من قبل الحركة، فإنه لم يتم النظر بشكل جدي لهذه القضايا في المحاكم الإسرائيلية، ولم يعاقب أي جندي إسرائيلي بتهمة قتل طفل فلسطيني، حسب مدير برنامج المساءلة في الحركة عايد قطيش.
ويؤكد قطيش للجزيرة نت أن غياب المساءلة القانونية لإسرائيل وحكومتها هو السبب في استمرارها باستهداف الأطفال، ويقول إن "كل حوادث إطلاق النار على الأطفال الفلسطينيين تكون بالضرورة لقتلهم بشكل مباشر، وفي كلها لم يكن الطفل يشكل خطرا على جنود الاحتلال، لكن عملية استسهال القتل وعدم المساءلة هي ما تعطي المبرر بشكل دائم للجنود لتكرار هذه العمليات".
ويضيف "خلال السنوات العشر الأخيرة لم تتم مسائلة أي جندي قام بإطلاق النار وقتل طفلا في الضفة وغزة، وعلى العكس لم تقم المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ولا المحاكم بأي تحقيق حقيقي ومهني لهؤلاء الجنود، والتحقيقات التي تمت كانت فقط لذر الرماد في العيون".
ويذكر قطيش أنه خلال سنوات عمله في المؤسسة، تم فقط فتح تحقيق واحد عام 2014 بحق جندي أطلق النار على طفلين بالقرب من سجن عوفر في ذكرى النكبة من ذلك العام، "وعلى الرغم من محاولة إسرائيل التنصل من الجريمة حينها واتهام شرطي فلسطيني بالأمر، فإننا قدمنا تسجيلات تثبت قيام جندي إسرائيلي بقتل الطفلين".
ويؤكد مدير برنامج المساءلة أنه بعد تاريخ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإن ثلث الحالات التي تم فيها إطلاق النار على الأطفال بشكل خاص والمواطنين بشكل عام في الضفة مُنعت سيارات الإسعاف من نقل المصابين وتركوا للنزف فترات طويلة بهدف قتلهم.
ووفق الحركة، فإن كل التقارير الدولية التي صدرت عن لجان التحقيق أدانت إسرائيل لاستهدافها المباشر للأطفال، "لكن المجتمع الدولي لم يقم بأي تصرف لمحاسبة إسرائيل ومحاكمتها على هذه الجرائم ضد الأطفال، رغم صدور أحكام في المحاكم الدولية باعتبارها جرائم" يقول قطيش.
ويضيف المتحدث ذاته أنه رغم مرور ذكرى اليوم العالمي للأطفال في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، فإن جرائم الاحتلال من قصف مراكز الإيواء وتجويع الأطفال وحرقهم، وإطلاق النار من المسيرات عليهم في غزة، وإعدام الأطفال في الضفة وترويعهم وحرمانهم من مدارسهم في القرى النائية، كلها لم تلق أي تحرك من قبل الدول الموقعة على قانون حماية الطفولة.