كيف رد بايدن على المطالبين بانسحابه من سباق الرئاسة؟
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
واشنطن- عاد أعضاء مجلس النواب والشيوخ الديمقراطيون إلى الكونغرس أمس الاثنين، وهم لا يزالون منقسمين بشدة حول لياقة الرئيس جو بايدن الصحية والعقلية ومستقبل ترشحه على بطاقة الحزب ضد غريمه الجمهوري دونالد ترامب.
وانشغل العديد من الديمقراطيين علنا وسرا في طرح أسئلة جادة حول صلاحية بايدن للمنصب بعد سلسلة من الظهور الإعلامي والفعاليات الانتخابية والاجتماعات الخاصة التي شارك فيها بايدن وأثارت مزيدا من الأسئلة عن تقدم عُمره وقدرته على القيادة، وذلك عقب أدائه الكارثي في المناظرة الانتخابية يوم 27 يونيو/حزيران الماضي.
وبدلا من تركيز النقاش الانتخابي الأميركي على إدانة ترامب الجنائية في الأشهر الأربعة المتبقية من عمر السباق كما خطط الديمقراطيون، يركز النقاش على صحة بايدن وتدهور قدراته الذهنية والعقلية.
ومنذ ظهوره الكارثي في المناظرة، ركز بايدن وكبار مساعديه على توجيه اللوم على وسائل الإعلام بسبب ما يعدّونه "إزدواجية في المعايير في تغطيته مقارنة بتغطيتهم لترامب".
ويدافع بايدن عن نفسه من خلال التذرع بماضيه، لكن هذه الحجة لم تعد تلقى صدى لأن الجدل حول ترشحه أصبح مفاده أنه غير قادر حتى على القيادة كما كان بإمكانه قبل عام.
خطاب حاسم
واستغل بايدن عودة أعضاء مجلسي النواب والشيوخ إلى العمل للمرة الأولى منذ المناظرة؛ ليبعث -أمس الاثنين- بخطاب إلى الأعضاء من الديمقراطيين هاجم فيه أولئك الذين يقترحون عليه التنحّي، وهاجم كذلك الصحافة والمعلقين والنقاد وكبار المانحين والمتبرعين، ومن عدّهم "مجموعة محددة من الأفراد".
وقال بايدن في رسالته إنه سيواصل محاولة إعادة انتخابه على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن لياقته العقلية وجدوى حملته، مضيفا "أريدكم أن تعرفوا أنه على الرغم من كل التكهنات في الصحافة وأماكن أخرى، فأنا ملتزم بشدة بالبقاء في هذا السباق، وإدارة هذا السباق حتى النهاية، وهزيمة دونالد ترامب".
وصاغ فريق بايدن رسالته بدقة ونبرة حاسمة، إذ قال "لدينا وظيفة واحدة، هي التغلب على دونالد ترامب. لدينا 42 يوما لمؤتمر الحزب الديمقراطي و119 يوما على الانتخابات العامة، أي ضعف في العزم أو عدم الوضوح بشأن المهمة المقبلة يساعد ترامب فقط ويؤذينا".
ودعا 6 من الديمقراطيين في مجلس النواب بالفعل علنا بايدن إلى الانسحاب من السباق الرئاسي، وبات النائب عن ولاية واشنطن آدم سميث آخر المنضمين إلى الدعوة بعد ظهر أمس، في حديث لشبكة"سي إن إن" (CNN).
وقال سميث "أعتقد أنه أصبح من الواضح أنه ليس أفضل شخص يحمل رسالة الديمقراطيين"، وأضاف "لدينا رسالة جيدة، إلا أن الرئيس أظهر أنه غير قادر على إيصال هذه الرسالة بطريقة فعالة".
منفصل عن الواقع
وفي حديث لشبكة "سي إن إن"، قال ديفيد أكسلرود، المعلق الشهير والمستشار السابق للرئيس باراك أوباما، إنه يعتقد أن بايدن منفصل عن الواقع.
وأضاف أكسلرود أنه عند "مشاهدة مقابلة بايدن مع شبكة إيه بي سي، بدا لي الرئيس كمن لا يعي ما يحدث حوله. إنه ينكر تدهور مكانته في كل استطلاعات الرأي، ويبدو أنه لا يستوعب مصدر القلق الكبير الذي يشعر به الناس".
وفسر أكسلورد سلوك بايدن بالقول "اسمحوا لي أن أقول عن الرئيس إنه طوال حياته تغلب على خسارات هائلة وصدمات كبرى (…) إلا أن الرئيس لم يستوعب الأمر بعد أنه لن يفوز بهذا السباق. من المرجح إذا نظرت فقط إلى البيانات وتحدثت إلى الناخبين والساسة في جميع أنحاء البلاد أن يخسر بأغلبية ساحقة".
وحذر أكسلرود ليس فقط من خسارة بايدن، بل "يمكن أن تمتد الخسارة إلى مجلس النواب ومجلس الشيوخ معه. هذا لن يكون إرثا يريده بايدن لنفسه، فهو لديه سجل عظيم وتاريخ طويل".
محاولات فاشلة
وأشار المعلق الديمقراطي إلى أن حملات الإقناع تتطلب أن تكون قادرا أيضا على استيعاب الأخبار السيئة والانسحاب عند الضرورة.
وفي ليلة الجمعة، جلس بايدن مع جورج ستيفانوبولوس -مذيع شبكة "إيه بي سي" (ABC)- في محاولة لإقناع الأميركيين بقوة الرئيس وأهليته لخوض السباق. ولكن بايدن طرح العديد من النقاط التي أساء عرضها في المناظرة نفسها مرة أخرى، كما لو أن شيئا لم يحدث قبل ذلك بـ8 أيام.
وقاوم البيت الأبيض أسئلة حول اللياقة العقلية لجو بايدن. ففي مؤتمر صحفي متوتر، رفضت المتحدثة كارين جان بيير، أمس الاثنين، تلميحات بأنه ربما يعاني من مرض لم يكشف عنه. في الوقت ذاته، من غير المرجح أن يتلاشى التدقيق هذا الأسبوع إذ يستضيف بايدن قمة في واشنطن لزعماء دول حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وطبقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، زار طبيب متخصص في مرض باركنسون -من مركز والتر ريد الطبي العسكري الوطني قرب واشنطن العاصمة- البيت الأبيض 8 مرات منذ العام الماضي. ولم تعلق المتحدثة جان بيير على هذه المسألة، مشيرة إلى الحاجة إلى حماية خصوصية الطبيب وأمنه الشخصي.
جدير بالذكر أنه خلال مقابلاته التلفزيونية منذ المناظرة، يكرر بايدن أن "الرب القدير" وحده هو الذي يمكنه إقناعه بإنهاء محاولته للفوز بالبيت الأبيض مرة أخرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
العودة إلى الدبلوماسية.. هل تقود المفاوضات الإيرانية الأميركية لاتفاق جديد؟
بينما كانت التهديدات المتبادلة -حول القصف والرد- سيدة الموقف بين واشنطن وطهران قبل أسابيع، انتقل الجانبان إلی موقف دبلوماسي يُرجح التفاهم مستقبلا. ولا يخرج الوضع القائم عن أولويات أي من الطرفين. فإيران تريد إلغاءً للعقوبات وواشنطن تريده اتفاقا يضع سقفا للتطور النووي في إيران.
وبدأت في 12 أبريل/نيسان الجاري، جولة جديدة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة بوساطة عمانية. ورغم اختلاف المقاربات حول طبيعة تلك الجولة وما سيُتفاوض فيه خلالها، فإن الراشح منها واتفاق الجانبين على استمرارها يوحي بإيجابيتها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أفريقيا ساحة تنافس عالمي متزايد على المعادن الإستراتيجيةlist 2 of 2السلام البارد أو التصعيد العسكري.. إلى أين تسير علاقات مصر وإسرائيل؟end of listوحول آفاق هذه الجولة وقدرتها على إيقاف خطاب التهديد، نشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان "جولة دبلوماسية جديدة بين إيران والولايات المتحدة: المستجد والمآلات" تناول الأستاذ بجامعة طهران حسن أحمديان الدوافع وراء العودة لهذه المفاوضات ومآلاتها المحتملة.
وكانت إيران قد وقعت للتو الاتفاق النووي حينما وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب للبيت الأبيض المرة الأولى عام 2016، وأجهز عليه بعد عامين معلنا إنهاء التزام بلاده ببنوده.
ويعود ترامب اليوم إلى المربع الأول بالتشديد على منع إيران من التسلح النووي، وهو ما تضمنه الاتفاق السابق، لكن المختلف هذه المرة هو السياق الذي يشمل نوعية العقوبات التي فرضها ترامب بولايته السابقة، والمتغيرات الإقليمية التي وصلت بالمواجهة إلى ذروتها خلال الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل خلال عام 2024.
وبينما واصل الرئيس الأميركي السابق جو بايدن ممارسة "الضغوط القصوى" ولم يعد إلى الاتفاق النووي، أبدت إيران مقاومة شرسة أمام العقوبات كادت أن تصل في بعض المناسبات إلى الصدام المباشر.
إعلانوبعد الخطاب المعادي الذي أبداه ترامب تجاه إيران، عاد مرة أخرى إلى فكرة مواءمة احتمالات التفاهم مع طهران بعد إظهار انفتاحها على الدبلوماسية الثنائية، وشرع ترامب في العبور من الضغوط القصوى إلى طاولة الحوار، واضعا إياها كخيار إستراتيجي للتعاطي مع طهران ومقايضتها.
بالنسبة لإيران، ثمة حاجة للحد من الضغوط الاقتصادية عبر تفاهم يقيد برنامجها النووي بصيغة مشابهة لاتفاق 2015، ويجب عليها بالمقابل إبداء الشفافية النووية التي توضح تراجع التقدم الواسع في برنامجها النووي.
وبالنظر إلى تعرض طهران للّدغ من ترامب عام 2018، فإن المفاوضات تشتمل في أغلب الظن على سبل وأدوات الضمان وتوثيق التزامات واشنطن بما يضمن عدم تنصلها في المستقبل، وهو ما يراه آخرون صعبا إن لم يكن مستحيلا.
وبالنسبة لواشنطن، لا هدف سوى منع طهران من امتلاك سلاح نووي. إلا أن هناك خلافا -بين من مستشار الأمن القومي مايكل والتز ووزير الخارجية ماركو روبيو من جهة، ورئيس فريق التفاوض ستيف ويتكوف وجيه دي فانس نائب الرئيس من جهة أخرى- حول استغلال حالة الضعف الإيرانية للحصول على كل المرجو منها، أو التعامل بواقعية والالتقاء في مساحة الممكن الإيراني، بينما يميل ترامب إلى الفريق الثاني بتأكيده أنه لا يريد سوى منع تسلح إيران نوويا.
وبين هذا الخلاف، تشق طهران طريقها في المفاوضات، فالمرشد الأعلى علي خامنئي يتكلم عن الوقوف بين التشاؤم والتفاؤل، في حين يطالب وزير الخارجية عباس عراقجي واشنطن بعدم وضع شروط غير واقعية على الطاولة.
ورغم أن إلغاء العقوبات يعد الهدف الأساسي من وراء المفاوضات مع واشنطن، فإن طهران تنظر إلى الحد من إمكانية المواجهة بوصفها هدفا قد يؤثر على موقفها.
إعلانويشترك الطرفان بالرغبة في تجنب المواجهة، فترامب يعلم أن كلفة الحرب باهظة، وقد حرص الإيرانيون في مناوراتهم على إظهار جوانب من قدراتهم وما قد تصل إليه كلفة الحرب.
ويظهر في تجاوز إيران لما كان محرما سابقا في عقد مفاوضات ثنائية -وإن كانت غير مباشرة مع الولايات المتحدة- أنها في حاجة ملحة لإلغاء العقوبات، خاصة وأنها مع الرئيس الذي تنصل من الاتفاق النووي وفرض عليها عقوبات قصوى واغتال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني.