تخيم الأزمات على سماء قمة الناتو الـ75 التى انطلقت أمس فى العاصمة الأمريكية واشنطن وتستمر ثلاثة أيام، حيث يواجه رؤساء الدول المركزية للحلف أزمات سياسية وداخلية بدأت بمواجهة الرئيس الأمريكى جو بايدن لاعتراضات صريحة من نخبة الحزب الديمقراطى على إعادة ترشيحه للانتخابات الرئاسية فى نوفمبر 2024، بعد أدائه الذى وصفوه بـ«الكارثى» خلال مناظرته التى انعقدت فى أتلانتا أمام منافسه الجمهورى دونالد ترامب، وكان عشرات المتبرعين لحملة بايدن قد أعلنوا سحب أموالهم فى اليومين الماضيين حسب شبكة أخبار «سى إن إن» بعد صعود مخاوفهم من أدائه الضعيف الذى ينذر بعدم قدرته على أداء واجبات منصبه الرفيع.

«ماكرون» يخسر رهانه ويواجه برلماناً «معلقاً»

كما يواجه الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أزمة حصول حزبه التجمع الوطنى وحلفائه من الليبراليين على المركز الثالث فى مواجهة تحالف حزب اليسار الفائز بالمركز الأول برئاسة جون ميلانشون، المعروف بتوجهاته المعادية لمساندة فرنسا لأوكرانيا فى حربها ضد الغزو الروسى للحرب انتقاده اللاذع لدولة الاحتلال الإسرائيلى وحربها على غزة، ووصل به الأمر رفعه للعلم الفلسطينى فى قلب الجمعية العامة الفرنسية، إلا أن مواقف ميلانشون المتشددة تنعكس حالياً على مستقبل تكوين حكومة جديدة برئاسته مع قرب افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية بعد 3 أسابيع، وتتزامن هذه الأزمة السياسية مع صعود وتكوين تحالف حزب اليمين المتطرف برئاسة مارين لوبان فى البرلمان الفرنسى الذى أصبح «معلقاً»، ما يعرقل صدور القوانين واتخاذ القرارات المفصلية فى حاضر ومستقبل الدولة الفرنسية، ويثير احتمال خروجها من الاتحاد الأوروبى نظراً لسيطرة اليسار فى الفترة الحالية الذى يفضل انفصال فرنسا عن الاتحاد، مع معاناة الاقتصاد الفرنسى من عجز الموازنة الذى سجل أعلى من 100% فى تاريخه وينذر بأزمة فى الحاضر والمستقبل كما تقول صحيفة بلومبيرج الأمريكية.
العمال يفوز بمباركة الأموال الصهيونية

ومن جانبه فاز حزب العمال فى بريطانيا بالأغلبية وقام رئيسه كير ستارمر بتكوين الحكومة منذ أوائل الأسبوع الحالى، وأطلق قراراته التى صدمت المجتمع الإنجليزى والأوروبى بإلغاء إجراءات ترحيل المهاجرين إلى رواندا بعد أن أنفقت حكومة المحافظين نصف تريليون دولار على تحقيقه، وتعد هذه التوجهات معادية للإجراءات التى أعلن عنها الاتحاد الأوروبى منذ يومين متضمنة مزيداً من الصرامة فى استقبال المهاجرين غير الشرعيين على أراضى الاتحاد، وكشفت صحيفة الصن البريطانية عن دعم وتمويل أباطرة الصهيونية العالمية من عائلة ميردوك الأب والابن لحزب العمال ودفعه للصعود خلال المرحلة الحالية كما فعلت فى عهد تونى بلير، ما يثير مخاوف نحو توجهات بريطانيا نحو دعم دولة الاحتلال واحتمال نشوب حرب على جبهة جنوب لبنان مع حزب الله.
ألمانيا قلقة من صعود ميلانشون فى فرنسا

وأضافت بلومبيرج فى نسختها الأوروبية شهد الشهر الماضى صعوداً لليمين المتطرف الألمانى فى البرلمان الأوروبى وحصوله على 20% من المقاعد ما ينذر بالخطر ودفع رئيس البرلمان لبذل مجهودات كبيرة لتكوين جبهة تحالف سياسى برئاسة حزب الجبهة الوطنية الفرنسى صاحب الاتجاهات القومية لمواجهة خطر صعود اليمين على مستوى أوروبا، وأعرب المستشار الألمانى أولاف شولتس عن مخاوفه من فوز ميلانشون رئيس جبهة اليسار فى فرنسا بعد تصريحاته المعادية للألمان والسامية وتهديد السيادة الألمانية وكذلك الفرنسية على أراضيها.
الناتو يواجه شبح الانقسام

وعلى الجانب الآخر أكدت بلومبيرج أن هناك حالة من الانقسام تسود حلف الناتو حيث قام فيكتور أوروبان رئيس الوزراء المجرى بزيارة روسيا، ثم الصين لمقابلة الرئيس الصينى جين بينج، ما اعتبره الحلفاء اختراقاً وخيانة لدول الحلف فى الوقت الذى تواجه فيه أوكرانيا الضربات الروسية المتلاحقة فى عمق العاصمة كييف، وانتهت بتسجيل أكثر من 44 ضحية إثر القصف الروسى لمستشفى للأطفال، وقد أكدت وكالة سبوتنيك للأخبار الروسية أن كل ادعاءات الرئيس الأوكرانى زيلينسكى بالتضحيات من أجل ضمان الأمن الأوروبى فى مواجهته للقوات الروسية الغاشمة لن تجدى ولن تفلح فى حصوله على ما يطلبه، موضحة أن كييف لن تحصل إلا على المتوافر من أموال وأسلحة بعد جدال طويل سوف تشهده جلسات الناتو.
اليمين يهدد الديمقراطية الأوروبية

وكشف مركز روبرت شومان الأوروبى عن الأهداف المرجو تحقيقها من اجتماع حلف الناتو الدائر ومن المفترض أن تحقق المصالح الأوروبية والأمريكية الملحة، والمتمثلة فى الوصول إلى استراتيجية عسكرية طويلة المدى فى مواجهة خطر روسيا الذى قال عنه الخبراء «علينا أن نخاف من هزيمة روسيا وليس العكس»، وتتركز هذه الاستراتيجية العسكرية فى توقف روسيا عن الزحف لمزيد من الأراضى الأوروبية فى ظل إستقطابها لأحزاب اليميم المتطرف فى إيطاليا وفرنسا وألمانيا، فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا، دعم وتأصيل القيم الديمقراطية فى المجتمعات الأوروبية بعدما واجهت صعود «السلطوية» المقنعة فى شكل ديمقراطى والتى أفرزت الأحزاب اليمينة عن طريق الاقتراع والانتخابات الحرة بإرداة الناخبين، كما تهدف القمة الحالية مواجهة للأزمات الاقتصادية التى تواجهها كبرى دول الحلف من بينها فرنسا وبريطانيا وكذلك إسبانيا التى قرر البنك الأوروبى أول أمس دعم ميزانيتها بـ350 مليون يورو بعد سلسلة من الدعم منذ العام الماضى، والتى بلغت 11،4 مليار يورو، بالإضافة إلى وصول عجز الموازنة إلى أكثر من 100% فى فرنسا، ومواجهة بريطانيا لأزمات نقص وتردى الخدمات بسبب تراجع الاستثمارات والتمويل فى هذا المجال وعجز الخزانة عن استكمالها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدول المركزية ه للانتخابات الرئاسية

إقرأ أيضاً:

ترامب وحلم السطوة

ظهر «ترامب» ملتحفا بحلم القوة الذى ظل يراوده منذ أن اعتلى سدة الرئاسة فى الولايات المتحدة الأمريكية. ومع فوزه بفترة ثانية تعمق الحلم وتعامل مع نفسه وكأنه القوة التى تهيمن على العالم وتفرض سطوتها على دوله. ولهذا خرج مؤخرا ليدعو إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم فى قطاع غزة إلى كل من مصر والأردن. نسى «ترامب» نفسه وظن أن بإمكانه فرض ما يراه على الآخرين. نسى أن الدول التى اختارها هى دول مستقلة وذات سيادة، وبالتالى لا يمكن أن تكون تابعة له لكى يفرض عليها سطوته. ولعل ما أراده هو أن يخلى الأرض الفلسطينية من أجل إسرائيل الكيان الغاصب الذى يتماهى معه ويحاول بقدر الإمكان تحقيق كل تطلعاته، بل يذعن لنزواته.

نسى «ترامب» أن الفلسطينيين لا يريدون الرحيل عن أرضهم ووطنهم، وأنهم رفضوا التهجيرلأن أحلامهم تظل مرتبطة بأرض الوطن. غاب عن « ترامب» أن يشاهد الفيديوهات التى أظهرت عودة أهل غزة إلى شمالها وهم يقبلون أرض الوطن، فهم يأبون الرحيل عن أرضهم. واليوم نقول لو أنصف «ترامب» فعليه أن يلوذ بالصمت وينسحب من المشهد بعد أن منيت مغامراته بالهزيمة.

لربما أراد «ترامب» أن يتظاهر بالإنسانية فخرج يقترح نقل نحو مليون ونصف المليون من سكان غزة إلى كل من الأردن ومصر لتكون تلك الخطوة وفق تصوره مقدمة ضرورية نحو الحل الدائم والعادل. تظاهر «ترامب» بالإنسانية، وأنه حريص على أن يعيش سكان غزة فى منطقة أكثر أمانا واستقرارا. نسى أن الجانب الآخر من مقترحه سيؤدى فيما إذا تم تنفيذه إلى إفراغ قطاع غزة من أغلبية سكانه ليكون ساحة مباحة أمام إسرائيل، وبالتالى يمكنها وقتئذ إعادة احتلالها له وتحويله إلى بؤر استيطانية للمتطرفين الصهاينة الذين يتحينون الفرصة للسطو على الأرض الفلسطينية. بل إن الخطوة إذا تحققت ستكون مقدمة لتشجيع الصهاينة على تنفيذها فى الضفة الغربية وتهجير سكانها إلى الأردن الذى لا يزال اليمين الإسرائيلى المتطرف ينظر له بوصفه الوطن البديل.

إن ما يقترحه «ترامب» هو نفسه مخطط التهجير الذى يحلم الكيان الصهيونى بتنفيذه لكى تؤول إليه الأرض الفلسطينية كاملة ويتم التخلص من الفلسطينيين بشكل كامل. لقد أسقط « ترامب» من اعتباره الأسس والثوابت الرئيسية والتى ترتكز على الالتزام بالقانون الدولى والمواثيق الإنسانية، والاعتبارات الأخلاقية والسياسية. لقد أراد «ترامب» بأطروحته تصفية القضية الفلسطينية بما يعنى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم عنوة ليتم ذلك تحت ذرائع واهية.

وحسنا ما فعلته مصر إذ شكلت حائط صد ضد التهجير سواء أكان قسرا أم طوعا. بل إن موقفها أماط اللثام عن المؤامرة التى رسمتها إسرائيل وشاركت الولايات المتحدة فى نسجها. فكان العدوان الإسرائيلى على غزة لكى يتم عبره استهداف الفلسطينيين بالتهجير، وهو مخطط جابهته مصر برفضها له بوصفه مشبوها لا يمكن تنفيذه لكونه يعنى عملية إحلال وتبديل يجرى بمقتضاها ترحيل الفلسطينيين من أرضهم ليتم ترسيخ الصهاينة فى الأرض الفلسطينية. ولقد عبرت مصر قيادة وشعبا عن رفض مخطط أمريكا الإجرامى الذى يحاول الزج بمصر فى مستنقع التهجير ليحملها آثامه. فمصر كانت وستظل حريصة على الفلسطينيين وعلى قضيتهم، وعلى أن ينال الفلسطينيون حقوقهم المشروعة كاملة ويأتى فى صدارتها حق تقرير المصير، وحق إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية وذلك تحقيقا للأمن والاستقرار لجميع دول وشعوب المنطقة.

مقالات مشابهة

  • ترامب وحلم السطوة
  • الأدب والفن بين الدمار والإبداع
  • ترامب يعلن الحرب التجارية على كندا والمكسيك والصين ويفتح باب الصراع الاقتصادي على مصراعيه .. وتخوف من أزمات
  • بسبب المهاجرين غير الشرعيين.. أزمات تواجه الولايات المتحدة بعد عودة ترامب
  • ترامب: الاتصالات مع قادة روسيا والصين تسير بشكل جيد
  • وزير الدفاع الأمريكي وأمين عام الناتو يؤكدان ضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي
  • الرئيس المقاول
  • «ترامب».. لا بد منه!
  • قضية القضايا
  • الصحف العالمية: تحديات أوروبا تتصاعد.. وقف إطلاق النار في غزة تحت الاختبار.. ومخاوف من أزمات جديدة في 2025