الدولار والإجهاد الاقتصادي الأمريكي
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
الدولار والإجهاد الاقتصادي الأمريكي
تتوافق وكالات التصنيف الائتماني على أن الاجهاد الاقتصادي وتأكل الحوكمة بلغا حدهما الاقصى!
الاقتصاد الامريكي بات مرهقا مجهدا وعملته الدولار تعاني ضغوطا مستمرة لم تنقطع طوال العقد الماضي.
الاقتصاد الامريكي لن يخرج من الازمة كما كان قبلها مهما كانت الاجراءات المتبعة، والتي لن تزيد الاقتصاد الامريكي والدولار إلا إجهادا وتذبذبا.
الاقتصاد الامريكي يشهد منافسة قوية واستنزافا واضحا في حرب أوكرانيا، وتعاظم التنافس، والحرب التجارية مع الصين باعتبارها عوامل جديدة فاقمت الاستنزاف.
الإجهاد الاقتصادي الامريكي جعله غير قادر على الخروج من أزمته ودخول حالة الراحة، بسياسة التيسير الكمي، أو باتباع سياسة رفع الفائدة والسحب الكمي للدولار.
الحلول المقترحة لمعالجة أزمات الاقتصاد الامريكي حلقة مفرغة، لكن ما ميزها هذه المرة أزمات يواجهها النظام الدولي في حرب أوكرانيا وتوترات مضيق تايوان والمنافسة الدولية.
* * *
خفّضت وكالة فيتش الثلاثاء التصنيف الائتمانيّ للولايات المتحدة من (AAA) إلى (AA+)، مرجعة ذلك إلى "تآكل الحوكمة" خلال العقدين الأخيرين بعدما شهدت البلاد بشكل متكرّر خلافات على رفع سقف الدين العامّ والتدهور المتوقّع للماليّة العامّة خلال السنوات الثلاث المقبلة، الى جانب العبء المرتفع والمتزايد للدين العامّ الحكوميّ.
طبعا لم تخلُ التحليلات والتقديرات من اشارة إلى حرب أوكرانيا والتوترات الدولية التي تشمل العلاقة الصينية الامريكية كأسباب مؤثرة في خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة.
التصنيف قابله استياء وزيرة الخزانة الامريكية جانيت يلين للقرار واعتراض البيت الابيض على تصنيف الوكالة بحجة تجاهلها المؤشرات الحديثة للاقتصاد الامريكي، ومتهمة الوكالة بالاستناد الى مؤشرات قديمة تعود الى اشهر، واصفة الامر بالمعيب والمشين.
خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة لا يعد الاول من نوعه، إذ سبق وأن خفضت وكالة "ستاندرد اند بورز" احدى أكبر شركات التصنيف الائتماني في العالم علامة التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الامريكية في سلم تقييمها من درجة تصنيف (AAA) الى (AA+) في العام 2011 ما دفع وزارة الخزانة الامريكية في حينها للقول إن القرار معيب ومشين، مبررة الامر حينها بأن الشركة ستاندر اند بوز اخطأت في حساب 2000 مليار دولار امريكي عائدات للخزينة الامريكية.
التخفيض في الحالتين جاء في حقبة الرئاسة الديموقراطية للبيت الابيض وقبل عام من الانتخابات الرئاسية في الحالتين، علما ان الرئيس الامريكي اوباما حينها اطلق سياسة التسيل الكمي بضخ ما يقارب 800 مليار في السوق الامريكية لمعالجة آثار أزمة البنوك (ليمان برذرز في الـ2008)، وهي اعوام واجه فيها إغلاقات متكررة للحكومة بسبب الخلاف على الموازنة مع الكونغرس الامريكي في الآن ذاته.
استراتيجية التيسير الكمي في عهد باراك أوباما استبدلت بها في عهد الرئيس جو بايدن سياسة رفع الفائدة لسحب السيولة التي تم ضخها خلال السنوات العشر التي تلت أزمة البنوك، وعلى رأسها ليمان برذرز، وما تبعها من ضخ اموال لمواجهة وباء كورونا، ما خلق فائض وتضخم هائل في قيمة الدولار.
سياسة بايدن من حيث الظاهر جاءت معاكسة لسياسة اوباما التي اعتمدت على ضخ السيولة وخفض الفائدة الى ما يقارب الصفر او ما دون؛ فسحب السيولة ورفع الفائدة لسحب الاموال من السوق الامريكية كانت عماد سياسية الفدرالي في عهد بايدن بعد أن بلغ التضخم مستويات خطيرة، وهي سياسة وإن كانت متعارضة، إلا انها من حيث الجوهر تؤكد على حالة الاجهاد التي بلغها الاقتصاد الامريكي، والضغوط القوية التي يعاني منها الدولار.
الحلول المقترحة لمعالجة ازمات الاقتصاد الامريكي أشبه بحلقة مفرغة لا نهاية لها، إلا أن ما ميزها هذه المرة هو الازمات التي يواجهها النظام الدولي ممثل بحرب أوكرانيا والتوتر في مضيق تايوان والمنافسة من هياكل وأطر جديدة كمجموعة دول بريكس (الهند وجنوب افريقيا وروسيا والصين والبرازيل) التي ستعقد قمتها في جوهانسبيرغ في جنوب افريقيا في 22 من الشهر الحالي لضم المزيد من الاعضاء الى صفوفها.
الاهم ان الاعوام العشر الماضية شهدت انتقال الصين من كونها ثالث اقتصاد في العالم بعيد انتهاء العشرية الاولى من القرن الحادي والعشرين 2010 الى المرتبة الثانية مع بداية 2011 متخطية اليابان، تبعدها مسافة فلكية عن أمريكا حينها لتزاحم الولايات المتحدة الامريكية على المرتبة الاولى في العام 2023 أي بعد أقل من 15 عام.
تتباين وتتعارض الاسباب في الظاهر بين قرار وكالة ستاندر اند بوز ووكالة فيتش لتخفيض التصنيف الائتماني خلال السنوات الـ12 الماضية، غير انها تتوافق من حيث الجوهر على ان الاجهاد الاقتصادي وتآكل الحوكمة بلغا حدهما الاقصى.
فالاقتصاد الامريكي يشهد منافسة قوية واستنزافا واضحا كانت الحرب في افغاستان والعراق سببا مباشرا له، ثم حرب أوكرانيا، وتعاظم التنافس، والحرب التجارية مع الصين باعتبارها عوامل جديدة غذت وحافظت على حالة الاستنزاف والاجهاد للاقتصاد الامريكي الذي لم يعد قادرا على الخروج من أزمته، والدخول في حالة الراحة، سواء بسياسة التيسير الكمي، أو باتباع سياسة رفع الفائدة والسحب الكمي للدولار.
ختاما.. الاقتصاد الامريكي بات مرهقا مجهدا وعملته الدولار تعاني من الضغوط المستمرة التي لم تنقطع طوال السنوات العشر الماضية، وهي حقائق تؤكد أن الاقتصاد الامريكي لن يخرج من الازمة كما كان قبلها مهما كانت الاجراءات المتبعة، والتي لن تزيد الاقتصاد الامريكي والدولار إلا إجهادا وتذبذبا.
*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي
المصدر | السبيلالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا الدولار وكالة فيتش التصنيف الائتماني حرب أوكرانيا رفع الفائدة التصنیف الائتمانی الاقتصاد الامریکی للولایات المتحدة حرب أوکرانیا رفع الفائدة
إقرأ أيضاً:
أمير الرياض يفتتح اليوم منتدى الرياض الاقتصادي
البلاد – الرياض
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ونيابة عنه- حفظه الله- يفتتح صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، اليوم الاثنين، أعمال الدورة الحادية عشرة لمنتدى الرياض الاقتصادي، بمشاركة عددٍ من أصحاب المعالي الوزراء وجمع من المسؤولين الحكوميين، وقادة قطاع الأعمال والخبراء والأكاديميين الاقتصاديين، ورجال وسيدات الأعمال.
وبحسب “واس”، سيطرح أمام المنتدى، الذي يستمر ثلاثة أيام، جملة من القضايا الاقتصادية والتنموية الإستراتيجية، بما يضع الأسس الراسخة للخروج بحلول وتوصيات نهائية لدراسات تعالج القضايا المطروحة، دعمًا لأركان الاقتصاد الوطني، وإعادة هيكلته في مواجهة التحديات.
وأكد رئيس مجلس أمناء المنتدى الدكتور خالد بن سليمان الراجحي، أن رعاية خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله – للمنتدى تمثل أكبر دعم وتشجيع له وللقائمين عليه، وتعزز جهوده البحثية والعلمية؛ لتحقيق رسالته الرامية لتدعيم أركان الاقتصاد الوطني، والارتقاء بمساهمة القطاع الخاص في دفع جهود التنمية الاقتصادية الشاملة، في إطار مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وقال:” إن افتتاح أمير منطقة الرياض أعمال الدورة الـ 11 يشكل دعمًا إضافيًا للمنتدى، الذي نجح عبر مسيرته التي تزيد على 23 عامًا في الخروج بتوصيات ونتائج مهمة لخدمة الاقتصاد الوطني، من خلال إجراء (53) دراسة بحثية متميزة خرجت بعد مناقشات واسعة ومتخصصة بـ (332) توصية ومبادرة، كان لها أثرها الإيجابي والبناء في خدمة الاقتصاد الوطني”.
من جانبه، أكد الأمين العام لمنتدى الرياض الاقتصادي الدكتور يوسف بن عبدالله الرشيدي، أن المنتدى يتطلع لمزيد من النجاح في تحقيق أهدافه لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، موضحًا أن الدورة الحالية سترفع العدد الإجمالي للدراسات، التي أجراها خلال دوراته العشر السابقة من 53 إلى 57 دراسة، مؤملًا أن تضيف دراسات الدورة الـ 11 مجموعة جديدة من التوصيات، التي تسهم في رفع كفاءة الاقتصاد الوطني في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية.