يشهد وادي السيليكون، الذي يعتبره كثيرون مركز الابتكار العالمي للتقنيات الحديثة، موجة جديدة من انتشار الروبوتات الشبيهة بالبشر التي يدعمها الذكاء الاصطناعي، وسط توقع الخبراء بأن تُستخدم تلك الروبوتات في مواجهة نقص الأيدي العاملة على مستوى العالم، وفقا لتقرير من "سي إن بي سي".

وتستثمر شركات التقنية الكبرى، مثل تسلا وأمازون ومايكروسوفت وإنفيديا، مليارات الدولارات في تطوير تلك الآلات الحديثة التي تُستخدم حاليًا في أعمال المستودعات، لكنها تملك القدرة على العمل جنبا إلى جنب مع البشر داخل بيئات عمل مختلفة منها المنازل والمكاتب.

روبوتات شبيهة بالبشر

تُصمم تلك الروبوتات الشبيهة بالبشر لمحاكاة حركات الإنسان وأداء المهام التي ينفذها البشر عادة. يدعم قادة صناعة التقنية هذه الروبوتات بصورة ملحوظة، ومن أشهرهم بالطبع إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، الذي يعبر عن حماسه الدائم للروبوت الذي تنتجه شركته وتطلق عليه اسم "أوبتيموس".

يعتقد ماسك أن بإمكان الروبوت "أوبتيموس" إحداث ثورة في الصناعات المختلفة، وأنه سيسهم بصورة هائلة في ارتفاع القيمة السوقية لشركة تسلا لتصل إلى 25 تريليون دولار في المستقبل، كما يتصور إيلون ماسك، مؤكدا أن تلك الروبوتات ستؤدي دورا حيويا في حياة البشر اليومية في المستقبل، ويرى أنها ستغير حياتنا أكثر مما فعلت السيارات بكثير.

أما بالنسبة لشركة أمازون، فهي تضخ استثمارات بكثافة في هذه التكنولوجيا أيضا، إذ تدعم شركة "أجيليتي روبوتكس" (Agility Robotics)، وتستخدم أمازون الروبوت "ديجيت" الذي تطوره الشركة في مراكز تسليم الطلبيات.

تعكس توقعات السوق هذا الحماس للروبوتات الجديدة، إذ يقدر محللو بنك غولدمان ساكس أن سوق هذه الآلات قد يصل إلى 38 مليار دولار خلال العقدين المقبلين، ويتوقعون أن تصبح الروبوتات الشبيهة بالبشر أساسية في مجالات التصنيع، وتنفيذ الأعمال الخطرة، ورعاية المسنين، والتخفيف من مشكلة نقص العمالة في المصانع.

يعد نقص الأيدي العاملة عالميا أحد العوامل الرئيسية التي تدفع تلك الشركات نحو تطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر. مثلا في الولايات المتحدة، يوجد نحو 8.5 ملايين وظيفة وفقا للغرفة التجارية الأميركية، مع اتساع تلك الفجوة أكثر في قطاع التصنيع، إذ يقدر بنك غولدمان ساكس نقصا يبلغ 500 ألف عامل في هذا القطاع، وقد يرتفع إلى مليوني عامل بحلول عام 2030.

يرى المؤيدون لهذه الروبوتات بأنها قد تسهم في سد هذه الفجوات عبر تولي الوظائف الروتينية والخطرة. كما يذكر جيف كارديناس، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة "أبترونيك" (Apptronik) الناشئة في مجال الروبوتات لشبكة "سي إن بي سي": "نبدأ في التركيز على المهام المملة والروتينية والخطرة، تلك المهام التي تعاني اليوم من نقص كبير في العمالة".

روبوتات بالذكاء الاصطناعي

كانت تلك الروبوتات الشبيهة بالبشر منتشرة ومتوفرة فعلا منذ عقود، ولكن يسود تفاؤل متجدد بهذه الصناعة، بفضل الطفرات التقنية الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي.

تتيح نفس التقنيات التي تدعم روبوت المحادثة "شات جي بي تي"، من تطوير شركة "أوبن إيه آي"، لهذه الروبوتات إمكانية فهم اللغة البشرية والأوامر التي يقولها الإنسان، وتساعدها في اتخاذ القرارات المتعلقة بكيفية العمل وتنفيذ المطلوب منها باستقلالية ودقة أكبر. كما تعتمد هذه الآلات على الرؤية الحاسوبية وتتدرب على سيناريوهات العالم الحقيقي مثل البشر، وفقا لما ذكره التقرير.

كما يذكر هنريك كريستنسن، أستاذ علوم وهندسة الحاسب في جامعة كاليفورنيا بسان دييغو: "الروبوتات هي المجال الذي يلتقي به الذكاء الاصطناعي مع الواقع. هذا التقارب يخلق إمكانيات جديدة لم نكن نتخيلها قبل 5 سنوات فحسب".

سباق الهيمنة

يشير التقرير إلى أن سباق الهيمنة على سوق الروبوتات الشبيهة بالبشر هو سباق عالمي، تسيطر الصين فعلا على هذا المجال، بعد أن تجاوزت اليابان في عام 2013 كأكبر مُورد للروبوتات الصناعية، وتشكل الآن أكثر من نصف الإجمالي العالمي، وفقًا لتقرير مؤشر الذكاء الاصطناعي الصادر عن جامعة ستانفورد.

ويؤكد توم أندرسون، المحلل في شركة "ستايل إنتليجنس" (Styleintelligence): "السوق الصينية هي الأكبر في العالم"، مضيفا أن الشركة الوحيدة في الغرب التي تملك منتجًا مشابهًا لما تنتجه الصين هي شركة أمازون، لكن الشركات الصينية تلاحقها بوتيرة متسارعة، كما ذكر التقرير.

ورغم حالة التفاؤل، لا تزال هناك تحديات كبيرة يجب مواجهتها، فالروبوتات الشبيهة بالبشر مكلفة، كما تظهر مخاوف بشأن سلامة دمجها في بيئات العمل. وما زال الطريق طويلا إلى تبني هذه الروبوتات على نطاق واسع، إذ يتوقع بعض الخبراء أن الأمر قد يستغرق على الأقل عقدا آخر من الزمن لانتشار مثل هذه الروبوتات على نطاق واسع.

ويمثل تطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر والمدعومة بالذكاء الاصطناعي تقدما تقنيا ملحوظا قد يعيد تشكيل القوى العاملة على مستوى العالم. ورغم تلك العقبات التي يجب تجاوزها أولا، فإن الاستثمارات والابتكارات الحالية قد تمهد الطريق لمستقبل تؤدي فيه تلك الروبوتات دورا مهما في حياتنا اليومية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الذکاء الاصطناعی تلک الروبوتات هذه الروبوتات

إقرأ أيضاً:

تعرف على أساليب الحرب النفسية التي مارسها الاحتلال ضد سكان غزة (شاهد)

على مدار عام على العدوان المتواصل على قطاع غزة، لجأ الاحتلال لممارسة الحرب النفسية على الفلسطينيين، من أجل ترهيبهم وضرب روحهم المعنوية، فضلا عن الحصول على معلومات استخبارية عن أسراه.

ومنذ اليوم الثالث للعدوان، بدأ الجيش الإسرائيلي تكثيف استخدامه أساليب الحرب النفسية على الفلسطينيين، ورفع وتيرة استهداف السكان، عبر العديد من الوسائل الحديثة والقديمة.

وتنوعت أساليب الاحتلال في حربها النفسية على الفلسطينيين في غزة، واعتمدت بصورة كبيرة على الاتصالات والتقنيات الحديثة، لكنها لم تغفل الوسائل القديمة والتقليدية في ممارسة هذا النوع من الحرب على المدنيين.



ومن وسائل الاحتلال، عمليات التلاعب العاطفي، عبر رسائل إلى الأشخاص وعائلاتهم تحمل تهديدات بالقتل، واجتياح المناطق أو قصفهم بالطائرات، فضلا عن تضخيم بعض المعلومات لصناعة انتصار وهمي من خلالها.

ونستعرض في التقرير التالي، جانبا من أبرز الوسائل التي استخدمت خلال العدوان الجاري على قطاع غزة، منذ 7 تشرين أول/أكتوبر 2023، وحتى الآن.

قطع الإنترنت والاتصالات

مع انطلاق العدوان البري على قطاع غزة، في 27 تشرين أول/أكتوبر، أقدمت قوات الاحتلال، على قطع الاتصالات كافة عن قطاع غزة، سواء الهاتفية أو شبكات الإنترنت، وفقد سكان غزة الاتصال بالعالم الخارجي بالكامل، ولم تخرج من غزة صورة سوى تلك التي تبثها بعض قنوات الأخبار المرتبطة بالأقمار الصناعية مباشرة، والتي تضمنت مشاهد قاسية لعمليات القصف الوحشي لكافة مناطق شمال قطاع غزة تمهيدا لدخول القوات البرية.

وأدى انقطاع الاتصالات لحالة هلع بين السكان، فضلا عن عدم القدرة على الاطمئنان على بعضهم البعض، إضافة لعدم قدرة المناطق التي يتواجد بها مصابون شهداء على إبلاغ طواقم الإسعاف بسبب انعدام الاتصالات.

وانتشرت الرسالة الشهيرة، على موقع شركة الاتصالات الفلسطينية "بالتل" والتي قالت فيها "يؤسفنا أن نعلن عن انقطاع كامل لجميع خدمات الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة" فضلا عن رسائل أخرى من شركة جوال التي تشغل الهواتف الخلوية.

ومن جوانب الحرب النفسية التي لا يزال الاحتلال يمارسها حتى اليوم في غزة، طريقة إلقاء المنشورات، وهي وسيلة تقليدية ظهر في الحروب قبل عقود طويلة، بهدف التأثير على السكان، سواء بتوجيه تهديدات لهم، أو بهدف بث الرعب ومحاولة استدراج البعض لتقديم معلومات للعدو.



ومن أشكال المنشورات التي ألقيت على غزة:

منشورات أوامر الإخلاء:

وهي أوراق، تحمل خريطة للمنطقة المستهدفة، وتقسم على بلوكات، وبداخل المنشورات تفصيلات تتعلق بأمر إخلاء المنطقة والمكان الذي يجبر الفلسطينيون على النزوح إليه.

ورغم أن بعض المنشورات التي طلبت إخلاءات للمناطق، لم يعقبها عدوان بري على المنطقة المستهدفة، إلا أنها خلقت حالة هلع لدى المدنيين ودفعتهم للخروج من المنطقة تجنبا للقصف الوحشي الممارس ضدهم.



منشورات الأموال:

لجأ الاحتلال، إلى إلقاء منشورات على شكل عملته "الشيكل"، من الفئات الورقية الكبيرة، لإغراء سكان غزة في التقاطها وقراءة ما فيها، وهو واحد من الأساليب التقليدية كذلك للمنشورات.

وتضمنت المنشورات النقدية التي ألقيت في أغلب رسائلها، عبارات تتهم قيادات المقاومة الفلسطينية بسرقة أموال الشعب الفلسطيني، وبناء الأنفاق بها، وترك الشعب فقيرا ويتعرض للحرب، بهدف بث الفرقة وإيهام الفلسطينيين بأن المقاومة ضدهم.



منشورات الأسرى:

ومن جملة ما ألقاه الاحتلال، منشورات تحمل صورا لكافة أسراه في قطاع غزة، وتضمنت تفاصيل حول جهات اتصال عبر واتس آب والهاتف الخلوي، مع جهاز مخابرات الاحتلال الشاباك، وعرض مكافآت مالية، بغرض استدراج الأشخاص للاتصال بهم والحصول منهم على معلومات سرية.



مكبرات الصوت

من الأساليب النفسية التي لجأ إليها الاحتلال، خلال عدوانه البري على غزة، وخاصة في خانيونس، إقامة حواجز لعبور النازحين من المنطقة، ونصب منصة تحمل مكبرات صوت يستخدمها جندي يتحدث اللغة العربية، ويبدأ بترديد عبارات تهاجم المقاومة الفلسطينية، وقيادات المقاومة، ويذكرهم بصورة شخصية وبالأسماء، ويبدأ بزعم أنهم يعيشون في منازل مرفهة ويرتدون أفضل الثياب، ويخبر النازحين أنهم يسيرون على الطين وبيوتهم تدمرت، من أجل زرع الإحباط في نفوسهم وتوجيه غضبهم تجاه المقاومين.

ويعد هذا الأسلوب من الأساليب التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية، بين الألمان والسوفييت، خلال حصار ستالين غراد، عبر بث بيانات متبادلة بعد التأثير على الروح المعنوية للجنود، من خلال قصص مختلقة لخلق بلبلة.

صحيفة ورقية

كما لجأ الاحتلال إلى إلقاء صحيفة ورقية على سكان غزة، في مناطق النزوح، أطلق عليها اسم الواقع، تضمنت بث رسائل تحمل المقاومة مسؤولية الوضع المأساوي الذي يعيشه النازحون، وانعدام الطعام والشراب والمأوى، إضافة إلى رسوم كاريكاتورية تصور المقاومة بأنها تعيش تحت الأرض ويتوفر لديها كل المستلزمات والفلسطينيون محرومون منها.

ومن ضمن الحرب النفسية التي تضمنتها تلك الصحيفة، نشر صور لفلسطينيين من غزة، وتهديدهم بشكل رسمي بكشف تفاصيل خاصة عن حياتهم، إضافة إلى نشر صور لأشخاص آخرين، ووصفهم بأنهم أفراد في أجهزة الأمن الفلسطينية بغزة، واتهامهم بالتجسس على حياة الفلسطينيين، لكن تلك الوسيلة تعرضت لضربة بعد نشر صور لأشخاص متوفين فضلا عن معلومات عن أطفال في سن 8 سنوات و12 عاما باعتبارهم مقاومين.




إلقاء السجائر

ولجأ الاحتلال إلى استغلال انقطاع بعض المواد من غزة، وخاصة السجائر، إلى إلقاء أكياس تحتوي على سيجارتين، ورسالة للمدخنين، بهدف استدراجهم للحصول على معلومات، فضلا عن اتهام المقاومة، بأنها السبب من وراء حرمانهم من السجائر.




صور المعتقلين والشهداء

ومنذ بدء العدوان على قطاع غزة، تعامل الاحتلال مع ملف المعتقلين من القطاع، بصورة سرية، ونادرا ما كانت تعرف أسماء الأسرى، لكنه في محطات عديدة، لجأ إلى نشر عشرات الصور، بادعاء أنها لأسرى وأخرى لشهداء.

لكن بعد مراجهة الجهات الحكومية بغزة، للصور التي كان ينشرها الاحتلال، ظهر مرارا وجود صور لأشخاص غير موجودين بالأساس في قطاع غزة، وبعض الأشخاص متوفين قبل العدوان، وصور أخرى لأشخاص يدعي الاحتلال قصفهم في استهداف محدد ويتبين أنهم استشهدوا قبل تلك الحادثة بأيام وأسابيع.


مقالات مشابهة

  • تعرف إلى العقوبات التي تواجه الزوج المتهرب من النفقة؟
  • هل ينافس الذكاء الاصطناعي مستقبلا العلماء على جوائز نوبل؟
  • تعرف على أساليب الحرب النفسية التي مارسها الاحتلال ضد سكان غزة (شاهد)
  • Movie Gen من ميتا يمثل قفزة هائلة للأمام في مجال الفيديو بالذكاء الاصطناعي
  • تصميم جذاب ومدعوم بالذكاء الاصطناعي.. مواصفات هاتف سامسونج الجديد Samsung Galaxy S24 FE
  • سعر الدولار اليوم السبت 5 أكتوبر في ظل استمرار التحديات التي تواجه الأسواق العالمية وتأثيراتها على الاقتصاد المصري
  • التأمينات الاجتماعية تطلق منصة البيانات المفتوحة المدعمة بالذكاء الاصطناعي وخدمات دعم التوظيف والتطبيق الشامل
  • «ميتا» تطرح نموذجها الجديد «موفي جن» لتوليد الفيديو بالذكاء الاصطناعي
  • البوسنة تواجه أسوأ فيضان منذ سنوات.. وفيات وانهيارات أرضية (شاهد)
  • اكتشف الميزات الجديدة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في واتساب لتحسين تجربتك