قال موقع "ميديابارت" الفرنسي إن الأقلية الرئاسية، بعد أن دمرها حل الجمعية الوطنية، وتفوق عليها اليسار في الانتخابات التشريعية، لا تزال تتخيل نفسها مسيطرة على الوضع السياسي، وهي تواصل إلقاء المواعظ على الجميع من واقعها الموازي، غير قادرة على فهم الرسالة التي جاءت بها صناديق الاقتراع.

وأوضح الموقع، في تقرير بقلم الصحفية في الموقع إلين سالفي، أن المعسكر الرئاسي كان ينبغي له أن يشعر بالتواضع قليلا أمام نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة التي أفقدته عشرات المقاعد، وأكسبته عشرات المقاعد كذلك بفضل اليسار، كما أعطت أقصى اليمين 143 نائبا، وأخذ الوقت لفهم الدرس الذي ألقته عليه صناديق الاقتراع للتو.

واستغربت الكاتبة أن عددا من الشخصيات الماكرونية تحاول إغراق النقاش العام في الواقع الموازي الغريب الذي طوروه بهدوء خلال سبع سنوات، بحيث يمكنهم قلب الحجج بسهولة مثل السترات، حتى إن رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون تسنى له أن يقول عن النتائج "لا أستطيع أن أقول إنه فشل. الأمور لم تسر كما ينبغي".

وبدلا من إدراك إفلاسه السياسي -كما تقول الكاتبة- وجد الرئيس طريقة لتهنئة نفسه، وصرح لحاشيته بأن "ما أراده رئيس الجمهورية تم كما يريد، وأن زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبان لم تعد تتمتع بالمصداقية للفوز، قبل ثلاث سنوات من الانتخابات الرئاسية" ليقول أنصاره "شكرا على حل البرلمان"، غير نادمين على تجاهلهم لليسار الذي جاء أولا.

الخاسر يشترط

وقالت الكاتبة إن رؤية الأشخاص الذين عانوا من هزيمة ساحقة يتصرفون كما لو أنهم ما زالوا يحتفظون بكل الأوراق أمر محرج، والغريب أن زعيم الحزب الرئاسي ستيفان سيغورني، رغم الهزيمة يضع "شروطه المسبقة لأي مناقشة تهدف إلى الحصول على أغلبية"، كما أن رئيس حركة "موديم" فرانسوا بايرو يرفض أدنى تغيير في البرنامج، وحتى إدوارد فيليب يضع نفسه كمحور لتجمع كبير، رغم أنهم فقدوا بالترتيب 73 و18 و8 نواب.

ومع أنه يبدو واضحا لمعظم الناس أن الماكرونية ماتت بالفعل، فإن الوحيدين الذين لم يفهموا هذه الحقيقة هم الماكرونيون أنفسهم، ولا زالوا يعتقدون أنهم يسيطرون على الوضع السياسي، ويحددون من يكون جديرا بالانضمام إليهم في مشروعهم وأفكارهم، من بين أعضاء الجبهة الشعبية الجديدة التي فازت في الانتخابات.

إنكار لشعبية اليسار

وعلى الرغم من الإخفاقات المتكررة، فإن أنصار ماكرون -كما ترى الكاتبة- مقتنعون مثله، بأن "الكتلة المركزية" تحظى بشعبية في صناديق الاقتراع، وأن الجبهة الشعبية الجديدة لم تتقدم إلا بفضل سد الطريق على أقصى اليمين، وهو ما تنفيه كل التحليلات، وإن كان الواقع الموازي لا يصدقها.

وعلى هذا قرّر الماكرونيون، الذين لا يزالون على القدر نفسه من الثقة بأنفسهم، فرض شروطهم على من تقدموا عليهم، فقد أعلنت النائبة البرلمانية عن حزب النهضة مود بريجون، على سبيل المثال، أنها "لن تشارك في ائتلاف يضم "حزب فرنسا الأبية" أو "أوروبا إيكولوجي لي فير".

وأضافت أنهم سيسألون الحزب الاشتراكي عما إذا كان يوافق على الانفصال عنهما، "وفي هذه الحالة يمكننا مناقشة الموضوعات الرئيسية"، والأمر الغريب أن وزير الداخلية جيرالد دارمانين الذي نجح بفضل اليسار يرى أنه من المشروع أن يطالب بمساءلة اليسار.

وخلصت الكاتبة إلى أن حسابات ماكرون مخيفة للغاية بالنسبة لأولئك الذين يتذكرون أنه كان على استعداد لاقتراح الأمين العام لحزب التجمع الوطني اليميني جوردان بارديلا لتشكيل الحكومة ولو بأغلبية نسبية، وما كان مقبولا مع أقصى اليمين أصبح فجأة صعبا عند فوز اليسار الموحد، وكأن الماكرونيين نسوا أن هذا اليسار هو الذي تم اختياره يوم الأحد الماضي عندما عُوقب معسكرهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات

إقرأ أيضاً:

بوليتيكو: هاريس قد لا تكون طوق النجاة المطلوب لغزة

قالت صحيفة بوليتيكو إن أنصار الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة ينتابهم القلق من أن دعم الرئيس جو بايدن القوي للحرب التي تشنها إسرائيل في غزة ربما يكلفهم خسارة الانتخابات الرئاسية المقبلة، لذا فهم يشعرون بأن نائبته كمالا هاريس قد تمثل طوق النجاة.

ولكن كبيرة مراسلي الصحيفة للشؤون الخارجية، نهال الطوسي، ترى في مقالها أن هذا الطوق أو شريان الحياة "أوهن" مما يظن الديمقراطيون.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"هذا ما ينبغي لها فعله كي تفوز".. واشنطن بوست: تريثوا في اختيار هاريسlist 2 of 2لاكروا: معضلات جندي احتياط إسرائيلي معارض للحربend of list

ورغم أن هاريس ليست من المعجبين برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلا أنها مؤيدة قوية لإسرائيل، ويتجلى موقفها هذا في تعبيرها الصريح عن قلقها بشأن محنة المدنيين الفلسطينيين العالقين وسط تبادل إطلاق النار في غزة، لكنها تعتقد أيضا أنه يجب هزيمة حماس وأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها.

وبرأي كاتبة المقال، فإن على هاريس أن تقلق من مواقف الناخبين في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان حيث يوجد عدد كبير من السكان العرب الأميركيين، ومن ثم فإنه يتعين عليها الموازنة بين مخاوف الناخبين المؤيدين لإسرائيل والجماعات التي ستقف ضدها بالانتخابات المزمع إجراؤها في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

غير أن هذه الموازنة تبدو صعبة حسبما يُفهم من كلام الكاتبة، التي تعتقد أن بقاء هاريس نائبة "مخلصة" للرئيس بايدن -الفترة المتبقية من ولايته- يجعل من العسير عليها أن تنأى بنفسها عن سياساته.

وتتوقع الكاتبة أن تُبرز زيارة نتنياهو إلى واشنطن، اليوم الثلاثاء، هذا الاحتقان، مشيرة إلى أن هاريس تنوي أن تلتقي نتنياهو في البيت الأبيض بمعزل عن بايدن. لكنها لن تترأس جلسة الكونغرس التي سيلقي فيها نتنياهو خطابا الأربعاء بسبب "تضارب في المواعيد".

وخلاصة القول في هذه النقطة أن سياسة هاريس تجاه الإسرائيليين والفلسطينيين لن تحيد كثيرا، بالضرورة، عن سياسة بايدن، حسب المقال.

وأفادت الكاتبة أن هذا هو الانطباع القوي الذي خرجت به من لقاءاتها مع المسؤولين والمحللين الأميركيين الحاليين والسابقين الذين يتابعون شؤون الشرق الأوسط عن كثب.

وكشفت أنها كلما حاولت، في تلك اللقاءات، الإشارة إلى أن هاريس قد تكون لديها وجهة نظر أكثر تأييدا للفلسطينيين من بايدن، كانوا يحذرونها من هذا النمط من التفكير "الذي يبدو أنه ينطوي على ازدواجية" في المواقف، حسب تعبيرها.

وطبقا للمقال، فإنه إذا كان الناس منزعجين من الطريقة التي تعامل بها بايدن مع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، ولكنهم يشعرون بالخوف أيضا من احتمال فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب "الأكثر تأييدا لإسرائيل" فإنهم بذلك قد يكونون بحاجة إلى طوق نجاة.

ونقلت مراسلة الصحيفة عن ياسمين طيب، الناشطة التقدمية التي ساعدت في تنظيم الجهود خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، القول إن "أمام هاريس الفرصة لرسم مسار جديد وأن تكون أكثر استعدادا للإصغاء للشعب الأميركي.

وستكون هذه القضية بالذات من وجهة نظر كاتبة المقال "أشد تعقيدا" مجالات العمل السياسي التي ستخوضها هاريس الأشهر المقبلة، وسيطلب منها كل طرف من أطراف القضية توضيح موقفها.

وقد تُدعى لزيارة القدس ورام الله، ومهما ستقوله هناك فسوف يصمها ترامب وحلفاؤه بمعاداة إسرائيل مثلما درجوا على ذلك مع بايدن.

ويحمل هذا الأسبوع بالذات في طياته مخاطر محتملة على المشهد السياسي الأميركي بسبب زيارة نتنياهو، وفق زعم مقال بوليتيكو، ذلك أن نتنياهو "الذي كاد أن يعلنها صراحة أنه يريد عودة ترامب إلى منصبه" يمكن أن يسبب لهاريس كل أنواع المشاكل الأيام المقبلة سواء كان ذلك من خلال خطابه، أو التسريبات الإعلامية من مكتبه أو سياساته تجاه غزة.

بايدن وهاريس يحضران احتفالا بشهر التراث اليهودي الأميركي في البيت الأبيض (رويترز)

وعلى نتنياهو أن يتحلى بالحكمة -على حد تعبير المقال- ويفكر مليا إذا كان يسعى لإضعاف فرص هاريس الانتخابية، فهي في نظر الكاتبة "أقوى وأكثر انسجاما" من بايدن، مع قواعد الحزب الديمقراطي التي "تتعاظم شكوكها في إسرائيل" وقد تؤدي محاولات تقويض فرص هاريس لزيادة تآكل الدعم الديمقراطي لدولة الاحتلال.

وتزعم كاتبة المقال أن هاريس لا تتفق مع بعض الأفكار اليسارية اليوم التي يمكن أن تميل إلى التشكيك في وجود إسرائيل، لكنها -مع ذلك- لا تتجاهل المخاوف بشأن الكيفية التي يمكن أن تضر بها تصرفات إسرائيل بأمنها على المدى الطويل.

وتشير إلى أن دوغلاس إمهوف (زوج هاريس) اليهودي كان من أبرز الأصوات المعارضة لمعاداة السامية، وله تأثير كبير على تفكيرها.

وتقول الكاتبة إن شعورها بعد تحدثها مع المحيطين بهاريس وقراءة تعليقاتها السابقة أن نائبة الرئيس لا ترى أن حماية المدنيين الفلسطينيين تتعارض مع دعم إسرائيل.

لكن مثل هذا "الفارق الدقيق" -تقول الكاتبة- غالبا ما يضيع في أتون صراع يتسم بالكثير من القتل والصدمات على الجانبين، ويختفي -أغلب الظن- في حملات الانتخابات الرئاسية.

مقالات مشابهة

  • السودان بين الرنة الأولى والرنة الثانية !
  • بوليتيكو: هاريس قد لا تكون طوق النجاة المطلوب لغزة
  • ما بعد الديمقراطية المعاصرة | المراجعات الضرورية
  • غرور النجاح
  • كاتبة تونسية: الشعوب العربية المقهورة تنظر إلى اليمنيين أنهم أنصار فلسطين في زمن الخذلان
  • لاكروا: معضلات جندي احتياط إسرائيلي معارض للحرب
  • هآرتس: على إسرائيل تجنيد المتشددين اليهود بدون أي مرونة
  • صحن الضحك وايجابية الطاولة
  • الله أكبر.. سقطت “خيبر”
  • بالإنفوغراف.. تعرف على أبرز الرؤساء الأميركيين الذين تعرضوا لاغتيال