ميديابارت: الماكرونيون خسروا كل شيء باستثناء الغرور
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
قال موقع "ميديابارت" الفرنسي إن الأقلية الرئاسية، بعد أن دمرها حل الجمعية الوطنية، وتفوق عليها اليسار في الانتخابات التشريعية، لا تزال تتخيل نفسها مسيطرة على الوضع السياسي، وهي تواصل إلقاء المواعظ على الجميع من واقعها الموازي، غير قادرة على فهم الرسالة التي جاءت بها صناديق الاقتراع.
وأوضح الموقع، في تقرير بقلم الصحفية في الموقع إلين سالفي، أن المعسكر الرئاسي كان ينبغي له أن يشعر بالتواضع قليلا أمام نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة التي أفقدته عشرات المقاعد، وأكسبته عشرات المقاعد كذلك بفضل اليسار، كما أعطت أقصى اليمين 143 نائبا، وأخذ الوقت لفهم الدرس الذي ألقته عليه صناديق الاقتراع للتو.
واستغربت الكاتبة أن عددا من الشخصيات الماكرونية تحاول إغراق النقاش العام في الواقع الموازي الغريب الذي طوروه بهدوء خلال سبع سنوات، بحيث يمكنهم قلب الحجج بسهولة مثل السترات، حتى إن رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون تسنى له أن يقول عن النتائج "لا أستطيع أن أقول إنه فشل. الأمور لم تسر كما ينبغي".
وبدلا من إدراك إفلاسه السياسي -كما تقول الكاتبة- وجد الرئيس طريقة لتهنئة نفسه، وصرح لحاشيته بأن "ما أراده رئيس الجمهورية تم كما يريد، وأن زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبان لم تعد تتمتع بالمصداقية للفوز، قبل ثلاث سنوات من الانتخابات الرئاسية" ليقول أنصاره "شكرا على حل البرلمان"، غير نادمين على تجاهلهم لليسار الذي جاء أولا.
الخاسر يشترطوقالت الكاتبة إن رؤية الأشخاص الذين عانوا من هزيمة ساحقة يتصرفون كما لو أنهم ما زالوا يحتفظون بكل الأوراق أمر محرج، والغريب أن زعيم الحزب الرئاسي ستيفان سيغورني، رغم الهزيمة يضع "شروطه المسبقة لأي مناقشة تهدف إلى الحصول على أغلبية"، كما أن رئيس حركة "موديم" فرانسوا بايرو يرفض أدنى تغيير في البرنامج، وحتى إدوارد فيليب يضع نفسه كمحور لتجمع كبير، رغم أنهم فقدوا بالترتيب 73 و18 و8 نواب.
ومع أنه يبدو واضحا لمعظم الناس أن الماكرونية ماتت بالفعل، فإن الوحيدين الذين لم يفهموا هذه الحقيقة هم الماكرونيون أنفسهم، ولا زالوا يعتقدون أنهم يسيطرون على الوضع السياسي، ويحددون من يكون جديرا بالانضمام إليهم في مشروعهم وأفكارهم، من بين أعضاء الجبهة الشعبية الجديدة التي فازت في الانتخابات.
إنكار لشعبية اليساروعلى الرغم من الإخفاقات المتكررة، فإن أنصار ماكرون -كما ترى الكاتبة- مقتنعون مثله، بأن "الكتلة المركزية" تحظى بشعبية في صناديق الاقتراع، وأن الجبهة الشعبية الجديدة لم تتقدم إلا بفضل سد الطريق على أقصى اليمين، وهو ما تنفيه كل التحليلات، وإن كان الواقع الموازي لا يصدقها.
وعلى هذا قرّر الماكرونيون، الذين لا يزالون على القدر نفسه من الثقة بأنفسهم، فرض شروطهم على من تقدموا عليهم، فقد أعلنت النائبة البرلمانية عن حزب النهضة مود بريجون، على سبيل المثال، أنها "لن تشارك في ائتلاف يضم "حزب فرنسا الأبية" أو "أوروبا إيكولوجي لي فير".
وأضافت أنهم سيسألون الحزب الاشتراكي عما إذا كان يوافق على الانفصال عنهما، "وفي هذه الحالة يمكننا مناقشة الموضوعات الرئيسية"، والأمر الغريب أن وزير الداخلية جيرالد دارمانين الذي نجح بفضل اليسار يرى أنه من المشروع أن يطالب بمساءلة اليسار.
وخلصت الكاتبة إلى أن حسابات ماكرون مخيفة للغاية بالنسبة لأولئك الذين يتذكرون أنه كان على استعداد لاقتراح الأمين العام لحزب التجمع الوطني اليميني جوردان بارديلا لتشكيل الحكومة ولو بأغلبية نسبية، وما كان مقبولا مع أقصى اليمين أصبح فجأة صعبا عند فوز اليسار الموحد، وكأن الماكرونيين نسوا أن هذا اليسار هو الذي تم اختياره يوم الأحد الماضي عندما عُوقب معسكرهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات
إقرأ أيضاً:
ماذا حصل مع الفلسطينيين الذين عادوا إلى بيوتهم أخيرا؟
تتواصل عودة سكان مدينة غزة ومحافظات الشمال إلى الجزء الشمالي من قطاع بعدما أجبرهم الاحتلال الإسرائيلي على النزوح منه في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مع بداية حرب الإبادة التي استمرت لأكثر من 15 شهرا.
واصطدمت أحلام الغزيين بالعودة إلى بقايا منازلهم، بعد أن عانوا من أوضاع إنسانية كارثية خلال شهور الحرب والنزوح إلى أماكن مكتظة ضمن المنطقة المسماة بـ"الإنسانية أو الآمنة" جنوب القطاع، بواقع قد يكون أصعب، نظرا للتدمير الواسع الذي حل بأماكن سكنهم.
???? وصل | #صور فلسطينيون يعودون لمنازلهم ومزارعهم المدمرة في منطقة المغراقة وسط قطاع غزة.#فلسطين pic.twitter.com/npUrFVXc92 — وصل (@waslnew) February 1, 2025
ومنذ 27 كانون الثاني/ يناير الجاري، بدأ الفلسطينيون بالعودة إلى شمال قطاع غزة ضمن اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار،
"صنعت جسرا"
يقول بلال (34 عاما) إنه قضى كامل حرب الإبادة بعيدا عن عائلته التي أرسلها إلى جنوب القطاع مع بدء أوامر الإخلاء وقبيل إنشاء محور "نتساريم" وقسم قطاع غزة إلى نصفين شمالي وجنوبي، وذلك بهدف الاطمئنان عليهم وبقائه قريبا من البيت ومشروع "البقالة" الصغير الذي كان يملكه.
ويضيف بلال لـ"عربي21" أنه بعد أيام قليلة اضطر إلى مغادرة البيت الذي يقع في المنطقة الشمالية الغربية من المدينة ضمن حي النصر، حيث كان القصف على أشده والعملية والاجتياح البري يقترب من مكانه.
ويكشف "ذهبت إلى مناطق داخلية من مدينة غزة عند بعض الأقارب والمعارف، وذلك في تنقل مستمر طول شهور الحرب الأولى حتى الشهر الرابع من عام 2024، وحينها كان الجيش قد انسحب من منطقة سكني الأصلية".
ويوضح "مع الانسحاب سارعت مع أخٍ آخر لي بقي في غزة إلى زيارة البيت وتفقد أحواله، وبالطبع لم يكن أبدا مثلما تركته، فقد كان قد احترق من الداخل وتضرر بفعل عشرات القذائف والرصاص وحتى الصواريخ، لكنه بقي قائما".
ويشير إلى أن شعر بحالة من "التفاؤل" النسبي عندما تمكن أصلا من إيجاد البيت وتمييزه بكل دقيق على عكس عشرات البيوت والبنايات التي تدمرت بالكامل في المنطقة التي يسكن فيها، قائلا: "الحمد لله البيت موجود.. صحيح الدكان احترق لكن البيت موجود، وسارعت بالصعود إليه لتفقده من الداخل وهنا شعرت بالصدمة".
ويضيف بلال "لم انصدم من الرماد والسواد الناتج عن احتراق كل أثاث البيت ولا حتى تدمر كل النوافذ وما حولها ولا العمرات الكبيرة المحيطة في بيتي والتي تحولت الآن إلى كومة ركام، بل صُدمت من وجود فتحة كبيرة وسط البيت تكفي لابتلاع سيارة نصف نقل".
العائدون الي الارض
ال الاف يعودون إلى شمال قطاع غزة pic.twitter.com/o7wwFiUkKx — kasem ahmed (@kasemahmed155) January 31, 2025
ويقول "عادت عائلتي الآن إلى غزة ونحن نقيم في البيت مع كل أخوتي، بعدما كانا نتشارق بيتا من طابقين وكل طابق يضم ثلاث شقق.. الآن قمنا ببناء جسر من الأخشاب وبقايا الركام حتى نمتكن من الانتقال من شقة إلى أخرى".
"بيت مزدوج"
يقول محمود (36 عاما) إنه يتوقع مدى بشاعة الدمار في شمال قطاع غزة، ولذلك فضل الذهاب وحده إلى بيته المستأجر ضمن منطقة "الكرامة" التي تم تسويتها بالأرض باستثناء بنايتين سكنيتين، وشقته في إحداهمها.
وتناول محمود صدمة عودة إلى غزة بنوع من الضحك والسخرية، نظرا لأنه عندما وصل شقته المستأجرة وجد العديد من أثاث منزله دون ضرر كبير، إلا أنه أيضا وجد فتحة كبيرة تتسع لبناء سلم داخلي يربطه مع الشقة في الدور السفلي".
ويضيف لـ"عربي21" أنه يعمل كمهندس وعندما وجد الفتحة رأي أنها لم تؤثر كثيرا على قوة ومتانة السقف، وأنها مناسبة جدا لتحول الشقة إلى دوبلكس"، مستئلا: "هل يقبل جاري أن يؤجرني شقته من أجل تحقيق ذلك؟".
ويؤكد محمود أنه سيقى عدة أيام فقط في غزة من أجل رؤية بعض الأقراب الأصدقاء، وأنه مضطر للعودة إلى دير البلح وسط القطاع نظرا لطبيعة عمله الإغاثي، وبسبب عدم وجود مقومات حياة كريمة في غزة".
نوعان من العائدين
يقول سامي إنه ذهب إلى مدينة غزة فقط في نهاية الأسبوع الماضي، رغم أن السماح بالعودة بدء في 27 كانون الثاني/ يناير الماضي، موضحا "لدي أطفال صغار ووالدي الكبار في السن، وتأمين وسيلة مواصلات لهم صعب للغاية في الأيام الأولى".
ويضيف سامي لـ"عربي21" إنه توجه إلى غزة بعدما تمكن من توفير سيارة تقلهم قرب محور "نيتساريم" ومن ثم المشي على الأقسام وتوفير سيارة أخرى تنقلهم إلى وسط مدينة غزة.
ويكشف "عرفت مدى الكارثة في غزة قبل الوصول إليها، لأن عدد العائدين إلى الجنوب كان أكثر من الذاهبين إلى الشمال، عرفت أن هؤلاء أهلنا في بيت لاهيا وجباليا وبيت حانون وبعض الأماكن الأخرى التي تم تدميرها بالكامل".
ويوضح "كنت أعرف مصير بيتي وما هي الأضرار فيه بشكل محدد، وطالبت من بعض الأصدقاء من الذين بقوا في غزة العمل على تنظيفه وتجهيزه قبل وصولي إلى غزة، الحمد لله مصيبتنا أهون بكثر من مصائب غيرنا، على الأقل لدينا بيت، وغيرنا لا يعرف أصلا أي ركام بيته".
بتكبيرات العيد.. عشرات آلاف النازحين يعودون من وسط القطاع إلى مدينة غزة#عودة_عز pic.twitter.com/7shhMYBcSA — تيسير البلبيسي (@Taysirbalbisi) February 1, 2025
ويكشف" تكلمت مع أقاربي ومعارفي من جباليا وبيت حانون وغيرها من هذه المناطق، هم لم يعرفوا بيتهم لأن المنطقة نفسها تغيرت معالمها، حتى الشوارع الرئيسية مختلفة، لأن الجيش عمل على شق طرق جديدة بين المباني المدمرة، لذلك حتى لو كنت عشت عمرك كله في منطقة معينة فأنت لن تتعرف حتى على ملامحها".
ويشير "تخيل أنك أصلا غير قادر على معرفة ركام بيتك؟ لو كان طلاء بيتك باللون الأبيض أو بدون طلاء ربما من المستحيل تمييز ركامك، أما لو كان بلون مختلف ربما تتمكن من تمييزه، وربما تجده على أرض غير أرضك بفعل التجريف، بسبب هذا يعود الناس إلى الجنوب مرة أخرى".