عام وبضعة أيام مرت على مأساة انفجار الغواصة «تيتان» في قاع المحيط الأطلسي، خلال رحلتها الأولى إلى حطام السفينة «تيتانيك» الشهيرة، 4 أيام سيطر خلالها الحادث على الرأي العام العالمي حينها، بينما لم تتوقف محاولات تفسير الحادث والبحث عن الغواصة، حتى الإعلان عن المأساة.

كان على متن الغواصة تيتان 5 أشخاص، وهي الوحيدة في العالم التي كانت قادرة على استعياب هذا العدد، أبرزهم الرئيس التنفيذي للشركة ستوكتون راش، وأصبح بعدها، ضمن قائمة أشخاص قتلتهم اختراعاتهم، رغم ما واجهه من تحذيرات حول انطلاق الرحلة قبل سنوات.

كانت رحلة الغواصة تيتان تهدف إلى اكتشاف الغموض في قاع المحيط، وهو الهدف الذي جرى إنشاء شركة «أوشن جيت» المالكة للغواصة بسببه، التي توقفت عن العمل نهائيًا بعد الحادث، ظل الطاقم بداخل الغواصة لمدة وصلت إلى ساعة و45 دقيقة، قبل أن تصل إلى نقطة عميقة من سطح البحر، وتنفجر، فكان الظلام الدامس في مساحة ضيقة بقاع المحيط، آخر ما رآه أفراد الطاقم.

مرت السنة على عائلات الضحايا الخمس ثقيلة، فمن رحلة سعيدة تهدف إلى المتعة والاستكشاف إلى كارثة إنسانية، وبدلًا من أن تنتظر عائلاتهم عودتهم لرواية ما شاهدوه خلال رحلتهم، استلموا رفاتهم، لتنهي مغامرة محفوفة بالمخاطر حياتهم.

«الوطن» تبحث عن الحقيقة في انفجار الغواصة تيتان

خاضت «الوطن» رحلة لمحاولة الوصول إلى الحقيقة ومعرفة الأسباب الرئيسية التي أدت إلى انفجار الغواصة، وكواليس الفترة التي بدأت شركة «أوشن جيت» ورئيسها ستوكتون راش في صناعة الغواصة، وهي ليست الرحلة الأولى التي تخوضها الشركة، لكنها الأولى لحطام «تايتانيك» على عمق أكثر من 4 آلاف متر تحت مستوى سطح البحر، إذ سبقت الغوص إلى مسافات تصل إلى 500 متر من قبل.

وتعرضت الغواصة إلى انفجار داخلي أو ما يعرف بـ«الانبجار» وليس انفجارًا، والفرق بينهما، أن الأول يشبه تأثير الديناميت، بينما الثاني هو الانهيار المفاجئ بسبب الضغط.

الغواصة «تيتان» صنعت من ألياف الكربون رخيصة الثمن

صنعت الغواصة تيتان من ألياف الكربون رخيصة الثمن، مع أغطية نهائية من مادة التيتانيوم، ولم تخضع لأي اختبارات سلامة أو تجارب كبيرة مقارنة بالسفن والغواصات التي تصل إلى أعماق المحيطات، وقبل إبحار الغواصات إلى الأعماق، يجب أن تخضع للفحص والتدقيق والاعتماد من قِبل المنظمات البحرية، وجمعية التصنيف، وهي منظمات دولية تقوم بمراجعة التصاميم والتحقق من تصنيع السفن والهياكل البحرية، والذي يشبه بشكل كبير قانون البناء، ولكن نظرًا لأنه مخصص للاستخدام في المياه الدولية حيث لا توجد ولاية قضائية، فهو ليس قانونًا محليًا، وفق ما ذكر خبير في الميكانيكا وآخر كان موظفا في الشركة لـ«الوطن».

لم تخضع الغواصة «تيتان» إلى الفحص والاختبار، ويرجع السبب في ذلك إلى ما كشفه المهندس الميكانيكي بارت كيمبر، لـ«الوطن»، الذي سبق أن حذر «أوشن جيت» قبل الرحلة، قائلًا إن الحصول على الترخيص من جمعية التصنيف أمرًا يعود لإرادة الشخص، ويجب على مالك الغواصة دفع الأموال مقابل تلك الخدمات.

«راش» يرفض التحذيرات: «الغواصة آمنة»

ورغم تحذيره، شعر «راش» أن الغواصة خاضعة لكل المعايير وآمنة للغاية، كما سيكون من الصعب محاولة الحصول على موافقة على نوع جديد من التصميم، والنوع الجديد هنا هو خطته الخاصة بهيكل غواصة جديدة مصنوع من ألياف الكربون، بحسب «كيمبر».

وبعد عام كامل على الحادث، علمت «الوطن» أن التحقيقات التي يجريها خفر السواحل في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا بشأن الحادث مستمرة، وذلك في محاولة للوصول إلى نتائج مباشرة ورئيسية بشأن انفجار الغواصة، واضعين في الاعتبار أنها انفجرت رغم وصولها إلى أعماق أخرى في المحيط عدة مرات من قبل، لكن لم يتم الإعلان عن أي نتائج نهائية، والجهود مستمرة للوصول إلى الحقيقة.

متي تُعلن نتائج التحقيقات في انفجار الغواصة تيتان؟

ومن المتوقع أن تعلن النتائج النهائية للتحقيقات الجارية خلال عام من الآن، كما يُمنع أي عامل في الشركة، أو موظف، أو مدير، من التحدث إلى أي وسائل إعلام، حتى بعد جلسات الاستماع المستمرة، وإلا فسيجري استبعاد شهادته.

وكشف «كيمبر» وبعض الخبراء الذين لهم صلة بالحادث، لـ«الوطن»، أن هناك نظرية شائعة حتى الآن حول سبب انفجار الغواصة تيتان، لكن لا تزال تخضع للتدقيق، وهي أن ألياف الكربون التي صنعت منها الغواصة قد تجاوزت العمر الافتراضي لها، ومعنى ذلك، أنها تجاوزت عدد المرات التي يمكن فيها استخدام عنصر معين قبل أن تنتهي صلاحيته، كما تحتوي العناصر الهندسية عمومًا على حمل تصميمي محدد يمكن استخدامه لتقدير مقدار الاستخدام الذي يمكن أن يتحمله التصميم عند هذا الحمل، وألياف الكربون، قد انتهى عمرها الافتراضي، مؤكدًا أنه مجرد تخمين.

مستشار سابق في «أوشن جيت»: تيتان لا تستوفي معايير الأمن

روب ماكالوم، مستشار سابق في شركة أوشن جيت، وأحد الأشخاص الذين وقعوا على رسالة جرت صياغتها وإرسالها إلى الشركة في عام 2018 شارك فيها مجموعة من الخبراء لتحذيرها من أن نهجها قد يسبب ضررًا وأن الغواصة لا تستوفي معايير السلامة، قال لـ«الوطن»، إنه وقّع على الرسالة التي توضح أن الغواصة تيتان لا تستوفي معايير الأمن والسلامة وأن نهجها الحالي يمكن أن يسبب ضررًا كبيرًا، لكن رد فعل الرئيس التنفيذي «راش» لم يكن مناسبًا، فلم يبد قبولًا لمناقشة التصميم أو مادة الصناعة، وكان معارضًا بشدة لخضوع الغواصة للتصنيف والاعتماد من قبل الهيئات المختصة.

يضيف «ماكالوم»: «عندما واجه راش لأول مرة قائمة من الأخطاء التي جمعها كبير غواصيه في الشركة والتي تحتاج إلى إصلاح قبل أن يتم اعتبار الغواصة مقبولة، قام بطرده، ثم اتخذ إجراءً قانونيًا لمنع تقريره من أن يصبح علنيًا، وهذا الشخص حتى الآن، يعد شاهدًا رئيسيًا في التحقيقات».

أخطر غواصة على الإطلاق

يصف «ماكالوم» تيتان بأنها أخطر غواصة جرى تصميمها على الإطلاق، وأن سبب عدم اهتمام ستوكتون راش بالأصوات المطالبة بفحص الغواصة هو الكبرياء والغطرسة، والضغط الاقتصادي، كما أن استخدام ألياف الكربون والعيوب في هيكله، وعدم تصنيف الغواصة أو تدقيقها، تعد أحد الأسباب وراء الحادث، يقول: «كانت شركة أوشن جيت الكيان الوحيد في العالم الذي يقدم خدمات الغوص التجارية في غواصة غير مصنفة، ولا توجد شركة أخرى تفعل ذلك».

رسالة تحذير للشركة من «تيتان» بتوقيع 38 خبيرا

صاغ الرسالة ويليام كوهنين، وهو رئيس مجموعة الغواصات التابعة لجمعية التكنولوجيا البحرية الأمريكية، ووقع عليها 38 شخصًا من خبراء ومهندسين وغيرهم، ووصلت إلى ستوكتون راش، حينها، تواصل مع «كوهنين» وأجريا مناقشة طويلة، واتفقا على بعض النقاط، كان أبرزها عدم الإشارة إلى أن الغواصة تيتان جرى تصنيعها دون العناصر الرئيسية في تصنيع الغواصات، وأنها لم تجتز أي عمليات تفتيش، وهو ما يكشف أيضًا، أن الرئيس التنفيذي للشركة، جرى تحذيره بالفعل قبل رحلة الغوص المأساوية، وفقًا لما كشفه بارت كيمبر، لـ«الوطن».

انفجار «تيتان».. لم يقلق الغواصات والشركات الأخرى

تحدثت «الوطن» أيضًا مع بعض الخبراء حول طبيعة بناء الغواصات، وقالوا إن انفجار «تيتان» لم يخلق حالة من القلق بشان الغواصات أو الشركات الأخرى، مؤكدين أن القيام بالغوص مغامرة ليست سهلة اقتصاديًا، كما يتضمن الوقت الذي يستغرقه بناء هذا النوع من الغواصات التي تغوص إلى قاع المحيط نحو 10 سنوات، والتي استغرقتها الغواصة الأمريكية الشهيرة «DSV Alvin»، والتي جرى تصنيعها لتصل إلى عمق 11 ألف متر تحت سطح البحر، وكان طول المدة الزمنية سببه الحفاظ على الغواصة في الخدمة قدر الإمكان، وخضعت لعدة سنوات أخرى من الاختبارات، كما تعد أعمق غواصة في العالم، وسبق أن وصلت إلى أعمق أجزاء المحيطات.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: تيتان انفجار تيتان الغواصة تيتان انفجار الغواصة ألیاف الکربون الغواصة تیتان لـ الوطن انفجار ا

إقرأ أيضاً:

نقابة الكيميائيين بلبنان: إسرائيل استخدمت قنابل محرمة دوليا

أكدت نقابة الكيميائيين في لبنان، اليوم الأحد، أن حجم الدمار واختراق المباني والأرض لعشرات الأمتار يؤكد أن إسرائيل استخدمت قنابل تحتوي على اليورانيوم المنضّب المحرم دوليا، محذرة من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض جراء استنشاق غبار هذا القصف.

وقالت في بیان تحذيري إن مجلس نقابة الكيميائيين في لبنان يستنكر العدوان الهمجي على المدنيين في لبنان، والمجازر التي تُرتكب بحق الشعب اللبناني، موجهة رسالة للاستنكار والتوعية حول آثار استنشاق غبار القصف الإسرائيلي على مناطق لبنانية عدة.

واعتبرت النقابة أن حجم الدمار واختراق المباني والأرض لعشرات الأمتار دليل على استخدام القنابل التي تحتوي على اليورانيوم المنضب، الذي يتمتع بقوة اختراق هائلة.

وشددت على أن استخدام هذه الأنواع من الأسلحة المحرمة دوليا، وخصوصا في العاصمة بيروت المكتظة بالسكان، يؤدي إلى دمار هائل، كما أن غبارها يتسبب بالعديد من الأمراض، خاصة عند استنشاقه.

وطالب مجلس نقابة الكيميائيين في لبنان المجتمع الدولي بوقف العدوان على لبنان، ووقف استخدام القنابل المحرمة دوليا.

النقابة وجهت رسالة للاستنكار والتوعية حول آثار استنشاق غبار القصف الإسرائيلي على مناطق لبنانية عدة (رويترز) تحذيرات

كما طالبت نقابة الكيميائيين الدولة اللبنانية برفع دعوى لدى مجلس الأمن ضد الانتهاكات التي تُمارس على أرض لبنان، ومحاولة القتل الجماعية للمدنيين الأبرياء فيه.

وحذر مجلس نقابة الكيميائيين المواطنين من الاقتراب من المناطق التي تتعرض لهذا العدوان بقطر يتجاوز الكيلومترين، وعلى المرغمين على الاقتراب لهذه المناطق الالتزام باللباس الواقي للغبار، ووضع الكمامات المختصة بالمواد الكيميائية.

وأكدت أنها تتابع عن كثب استخدام العدو الإسرائيلي الأسلحة المحرمة دوليا.

وأبرز ما تسببت به هذه القنابل المضادة للتحصينات هو اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في 27 سبتمبر/أيلول الماضي، إضافة إلى حديث منذ الجمعة عن اغتيال المرشح الأبرز لخلافته هاشم صفي الدين، الذي أُعلن عن انقطاع الاتصال به منذ الغارة الإسرائيلية العنيفة التي استهدفته في الضاحية الجنوبية لبيروت.

ومنذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي، وسّعت إسرائيل نطاق الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لتشمل جل مناطق لبنان، بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية غير مسبوقة عنفا وكثافة، كما بدأت توغلا بريا في جنوبه، ضاربة عرض الحائط بالتحذيرات الدولية والقرارات الأممية.

وأسفر التصعيد الإسرائيلي الحالي على لبنان حتى السبت عن مقتل 1204 أشخاص، وإصابة 3411، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، وأكثر من مليون و200 ألف نازح، وفق رصد الأناضول بيانات رسمية لبنانية.

مقالات مشابهة

  • «أماني» تطلب الطلاق بعد حضور فيلم في السينما.. «تصرفات الزوج كشفت الحقيقة»
  • الصناعة تتلف مواد غذائية منتهية الصلاحية في البيضاء
  • هل استخدمت إسرائيل اليورانيوم في ضرباتها على لبنان؟.. بيروت توضح
  • نقابة الكيميائيين بلبنان: إسرائيل استخدمت قنابل محرمة دوليا
  • الدبلوماسية العُمانية.. صوت العقل ولسان الحقيقة
  • ضبط 563 عبوة سلع غذائية منتهية الصلاحية بالفيوم
  • إتلاف خمسة أطنان من المواد الغذائية منتهية الصلاحية بالبيضاء
  • محافظ الدقهلية: نصر أكتوبر مازال يحمل الكثير من الأسرار العسكريه التي لم يعلن عنها
  • ضبط سلع غذائية منتهية الصلاحية وغير صالحة للاستهلاك بالفيوم
  • ضبط 1652 مخالفة مرورية و3150 عبوة مواد غذائية منتهية الصلاحية بكفر الشيخ