سواليف:
2024-12-23@16:24:51 GMT

من كلّ بستان زهرة – 70-

تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT

من كلّ بستان زهرة – 70-

#ماجد_دودين

العلم هو حياة القلوب ونور البصائر، وشفاء الصدور، ورياض العقول، ولذة الأرواح.

العلم…الميزان الذي به تُوزن الأقوال والأعمال والأحوال.

مقالات ذات صلة رسالة الى احمد حسن الزعبي 2024/07/09

العلم…الحاكم المفرق بين الشك واليقين، والغي والرشاد، والهدى والضلال.

العلم…به يُعرف الله ويُعبد، ويذكر ويُوحد، ويُحمد ويمجد.

التوحيد المطلوب من العبد هو الفرار من الله إليه.

طاعة الله ورسوله وتحكيم الله ورسوله هو سبب السعادة عاجلًا وآجلًا.

كل شر في العالم فسببه مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلّم والخروج عن طاعته.

كل خير في العالم فإنما هو بسبب طاعة الرسول.

لو أن الناس أطاعوا الرسول حق طاعته لم يكن في الأرض شرّ قط.

الشر والألم والغم الذي يصيب العبد في نفسه، فإنما هو بسبب مخالفة الرسول؛

لا نجاة للعبد ولا سعادة إلا باجتهاده في معرفة ما جاء به الرسول…علمًا والقيام به عملًا.

ينعّم المؤمن في البرزخ على حسب أعماله، ويُعذّب الفاجر فيه على حسب أعماله.

تُقرض شفاهُ المغتابين الذين يمزقون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم بمقاريض من نار، تُسجر بطون أكلة أموال اليتامى بالنار.

يُلقم أكلة الربا بالحجارة، ويسبحون في أنهار الدم كما سبحوا في الكسب الخبيث.

تُرضُّ رؤوس النائمين عن الصلاة المكتوبة بالحجر العظيم،

يُشقُّ شدق الكذاب الكذبة العظيمة بكلاليب الحديد قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه.

تُعلّق النساء الزواني بثديهن، وتحبس الزناة والزواني في التنور المحمي عليه،

تُسلط الهموم والغموم والأحزان والآلام النفسانية على النفوس البطالة

من فارق الدليل ضلَّ عن سواء السبيل ولا دليل إلى الله والجنة سوى الكتاب والسنة.

الحكمة: لها ثلاثة أركان: العلم، والحلم، والأناة.

وآفتها: الجهل، والطَّيش، والعَجَلة.

لا حكمة لجاهلٍ، ولا طائشٍ، ولا عجولٍ.

على قدر المعرفة يكون تعظيم الرب في القلب، فأعرفُ الناس به أشدّهم له تعظيماً وإجلالا.ً

ذمّ الله من لم يُعظمه حقّ عظمته، ولا عرفوه حقّ معرفته، ولا وصفوه حقّ صفته.

السكينة هي الطمأنينة والسُّكون الذي يُنزله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدة المخاوف.

أخبر سبحانه وتعالى عن إنزال السكينة على رسوله صلى الله عليه وسلّم، وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب.

السكينة إذ نزلت في القلب اطمأن بها وسكنت إليها الجوارح أنطقت اللسان بالصواب والحكمة.

المحبّة: التي فيها يتنافس المتنافسون، وإليها شخص العاملون، وإلى علمها شمر السابقون.

بروح نسيمها تروح العابدون، فهي قوت القلوب، وغذاء الأرواح، وقرة العيون. هي الحياة التي من حُرمها فهو من جملة الأموات، والنور الذي من فقده ففي بحار الظلمات. هي…الشفاء الذي من عدمه حلَّت بقلبه جميعُ الأسقام. هي اللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كلُّه هموم والآم.

سمى وحيه روحاً لما يحصُل به من حياة القلوب والأرواح. بالوحي حياة الروح، كما أن بالرُّوح حياة البدن. من فقد هذا الرُّوح فقد الحياة النافعة في الدنيا والآخرة.

الحياة الطيبة حياة القلب وسروره بالإيمان ومعرفة الله ومحبته والإنابة إليه والتوكل عليه.

إذا كانت حياة القلب حياةً طيبةً تبعته حياة الجوارح، فإنه مَلِكها.

الحياة الطيبة تكون في الدور الثلاثة، أعني: دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار القرار.

المعيشة الضنك أيضاً في الدور الثلاثة.

الأبرار في نعيم هاهنا وهناك، والفجار في الجحيم هاهنا وهناك.

البصيرة كالبصر تكون عمياء وعوراء وعمشاء ورمداء، وتامة النور والضياء.

قراءة سُورة بتدبُّر ومعرفة وتفهُّم وجمع القلب عليها أحب إلى الله من قراءة ختمة سردًا وهذًّا.

من أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدًى، فقد أساء إليه غاية الإساءة.

أكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قِبل الآباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه.

عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال: “يا أبت إنك عققتني صغيرًا فعققتك كبيرًا.

“الودود”: المتودّد إلى عباده بنعمه، الذي يودّ من تاب إليه وأقبل عليه.

“الودود” أيضًا؛ أي: المحبوب؛ قال البخاري في صحيحه: “الودود: الحبيب”.

والتحقيق: أن اللفظ يدل على الأمرين؛ على كونه وادًّا لأوليائه مودودًا لهم.

من كانت سريرته صالحة كان عمله صالحًا؛ فتبدو سريرته على وجهه نورًا وإشراقًا…

ومن كانت سريرته فاسدة كان عمله تابعًا لسريرته…فتبدو سريرته على وجهه سوادًا وظلمة.

كان عذاب كلّ أمة بحسب ذنوبهم وجرائمهم؛

عذب عادًا بالريح الشديدة العاتية التي لا يقوم لها شيء.

عذب قوم لوط بأنواع من العذاب لم يعذب بها أمة غيرهم.

عذب قوم شعيب بالنار التي أحرقتهم، وأحرقت تلك الأموال التي اكتسبوها بالظلم.

ثمود فأهلكهم بالصيحة، فماتوا في الحال.

النجاة في الدنيا والآخرة للذين آمنوا وكانوا يتقون.

أكثر الخلق…يعمّرون ما هم عنه منتقلون، ويخربون ما هم إليه صائرون.

القلب الذي لا يقبل العلم ولا الفقه إنما هو بمنزلة الأرض البوار التي لا تنبت ولا تحفظ الماء.

صحةُ الفهم وحسنُ القصد من أعظم نِعم الله التي أنعم بها على عبده.

صحة الفَهم نور يقذِفه الله في قلب العبد، يُميِّز به بين الصحيح والفاسد، والحق والباطل.

القلب الصحيح هو القلب السليم الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به، القلب السليم هوالذي قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه ومن كل شبهة تعارض خبره.

القلب الميت…لا يعرف ربه ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه بل هو واقف مع شهواته ولذاته

القلب الميت…. الهوى إمامه، والشهوة قائده، والجهل سائسه، والغفلة مركبه.

جنة الله غالية عالية بين الناس وبينها من العقبات والمفاوز والأخطار ما لا تنال إلا به.

قد جعل الله سبحانه لكل مطلوب مفتاحاً يفتح به.

مفتاح الصلاة: الطهور.

مفتاح الحج: الإحرام.

مفتاح البر: الصدق.

مفتاح الجنة: التوحيد.

مفتاح العلم: حسن السؤال وحسن الإصغاء.

مفتاح النصر والظفر: الصبر.

مفتاح المزيد: الشكر.

مفتاح الولاية والمحبة: الذكر.

مفتاح الفلاح: التقوى.

مفتاح التوفيق: الرغبة والرهبة.

مفتاح الإجابة: الدعاء.

مفتاح الرغبة في الآخرة: الزهد في الدنيا.

مفتاح حياة القلب: تدبر القرآن والتضرع بالأسحار، وترك الذنوب.

مفتاح حصول الرحمة: الإحسان في عبادة الخالق، والسعي في نفع عبيده.

مفتاح الرزق: السعي مع الاستغفار والتقوى.

مفتاح العزِّ: طاعة الله ورسوله.

مفتاح الاستعداد للآخرة: قصر الأمل.

مفتاح كل خير الرغبة في الله والدار الآخرة ومفتاح كل شرٍّ: حُب الدنيا وطول الأمل

هذا باب عظيم من أنفع أبواب العلم، وهو معرفة مفاتيح الخير والشر،

الله سبحانه وتعالى جعل لكل خير وشر مفتاحاً وباباً يُدخل منه إليه.

جعل الشرك والكبر والإعراض عما بعث الله به رسوله والغفلة عن ذكره والقيام بحقه مفتاحاً للنار

جعل الخمر مفتاح كلِّ إثمٍ.

جعل الغناء مفتاح الزنا.

جعل إطلاق النظر في الصور: مفتاح الطلب والعشق.

جعل الكسل والراحة: مفتاح الخيبة والحرمان.

جعل المعاصي مفتاح الكفر.

جعل الكذب: مفتاح النفاق.

جعل الشح والحرص: مفتاح البخل وقطيعة الرحم، وأخذ المال من غير حلِّه.

جعل الإعراض عمَّا جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مفتاح كل بدعة وضلالة.

ينبغي للعبد أن يعتني كل الاعتناء بمعرفة المفاتيح، وما جُعلت مفاتيح له.

فُسرت السياحة: بالصيام، وبالسفر في طلب العلم وبالجهاد، وفُسرت بدوام الطاعة.

أحب خلق الله إليه أكثرهم وأفضلهم له سؤالاً، وهو يحب المُلحين في الدعاء، كلَّما ألحَّ العبد عليه في السؤال أحبهُ وأعطاه.

القرآن كله شفاء…فهو شفاء للقلوب من داء الجهل والشك والريب.

لم ينزل الله من السماء شفاء قط أعظم ولا أنفع ولا أعظم ولا أنجع في إزالة الداء من القرآن.

لو أحسن العبد التداوي بالفاتحة لرأى لها تأثيراً عجيباً في الشفاء.

السبع المثاني

يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ المَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ [الحجر: 87].

كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «﴿الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوْتِيتُه»، رواه البخاري من حديث أبي سعيد بن المُعَلَّى رضي الله عنه.

فيها شفاء من كل داء

ويقول جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: «يَا جَابِرُ، أُخْبُرِكَ بِخَيْرِ سُورَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقُرْآنِ؟» قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَاتِحَةُ الْكِتَابِ»، قال راوي الحديث: وأحسبه قال: «فِيَها شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ» رواه البيهقي في شعب الإيمان.

سورة الفاتحة هي أم القرآن كما أنَّها تكفي عن غيرها ولا يكفي عنها غيرها، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أُمُّ الْقُرْآنِ عِوَضٌ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ غَيْرُهَا مِنْهَا عِوَضٌ» رواه الدارقطني والحاكم من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه. ومن أهم الدلائل على فضلها ما روى مسلمٌ والنسائي وغيرهما عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: بينما جبريلُ قاعدٌ عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمع نَقِيضًا -أي: صوتًا- مِن فوقه، فرفع رأسه فقال: «هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ»، فنزل منه مَلَكٌ فقال: «هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ»، فسَلَّم -يعني: الملَك- وقال: «أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ؛ لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ».

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: ماجد دودين صلى الله علیه ال ق ر آن رضی الله

إقرأ أيضاً:

حكم نسب الأعمال الكتابية لغير كاتبها .. الإفتاء ترد

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم نَسْب الأعمال الكتابية -كالكتب والمقالات- إلى غير كاتبيها؟ وهل هذا يُعد كذبًا وغشًّا؟".

لترد دار الإفتاء موضحة: إن من مقتضيات الأمانة العلمية ذكرَ النسبة الصحيحة للأقوال والمؤلَّفات، وإحالةَ كلِّ نقلٍ إلى مصدره، وبذلك يحصل الصدق وتتحقق الأمانة العلمية، وتَحُلُّ بركةُ العلم ونفعُه على ناقله، ويَحرُم شرعًا نسبة الأعمال الكتابية من نحو الكتب والمقالات وغيرها لغير كاتبيها، ومَن يفعل ذلك فإنه يُعدُّ متلبسًا بفعل مُحَرَّم فيه جملةٌ من المحاذير والمخالفات الشرعية: كالغش، والكذب، وادعاء ما للغير، وتشبُّع الإنسان بما لم يُعْط، وخيانة الأمانة العلمية، مما يستوجب المؤاخذة والمأثم.

إسناد الأقوال والجهود ونسبتها إلى أصحابها من جملة الأمانات

حرص الشرع الشريف على تحرِّي الأمانة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما خطبنا نَبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ» أخرجه الأئمة: أحمد وأبو يَعلَى في "المسند"، وابن خُزَيْمَة وابن حِبَّان في "الصحيح"، والبَيْهَقِي في "السنن الكبرى".

ومن جملة الأمانات: إسناد الأقوال والجهود ونسبتها إلى أصحابها، وشُرع لأجل ذلك جملةٌ من الأحكام ليُحفظ بها على الإنسان حقُّه في هذا الباب، فجاء الأمر باحترام حق الأسبقية، وجُعل للسابق ما ليس للمسبوق، فعن أَسمَرَ بن مُضَرِّسٍ رضي الله عنه قال: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فبايعتُه، فقال: «مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ» أخرجه الإمامان: أبو داود والبَيْهَقِي في "السنن".

وعلى ذلك درج أهل العلم والفضل في مؤلفاتهم وكتاباتهم بإضافة الأقوال وعَزْوِهَا إلى قائليها، وعدُّوا ذلك من بَرَكة العلم وشُكره، فعن سفيان الثوري [ت: 161هـ] رحمه الله أنه قال: "نسبة الفائدة إلى مفيدها مِنَ الصِّدق في العلم وشُكره، وأن السكوت عن ذلك مِنَ الكذب في العلم وكُفْره"، كما نقله عنه الحافظ السَّخَاوِي في "الجواهر والدرر" وصحَّحَه (1/ 181، ط. دار ابن حزم).

وقال الإمام ابن عبد البَر في "جامع بيان العلم وفضله" (2/ 922، ط. دار ابن الجوزي): [إن من بركة العلم أن تضيف الشيء إلى قائله] اهـ.

حكم نسب الأعمال الكتابية لغير كاتبها

لَمَّا كانت نسبة الأعمال الكتابية إلى غير كاتبيها تتعارض مع هذا الأصل الثابت والمنهجية العلمية المقررة في أصول الكتابة والتأليف، كان الكاتب الذي يتقدَّم بمؤلَّفٍ أو مقالٍ لم يُعِدَّه بشكل أو بآخر ولم يبذل فيه جهدًا حقيقيًّا، ناسبًا هذا الشيء لنفسه -في الحقيقة مُدَّعيًا ما ليس له، مساويًا نفسه مع غيره من الباحثين والكاتبين الذين اجتهدوا وألفو في هذا الفن؛ وقد ورد النهي عن ذلك والوعيد لفاعله، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ الغِفَارِي رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنِ ادَّعَى مَا ليْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا، وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» أخرجه الإمام مسلم.

والحديث يفيد "تحريم دعوى ما ليس له في كلِّ شيء، سواء تعلَّق به حقٌّ لغيره أم لا"، كما قال الإمام النَّوَوِي في "شرحه على صحيح الإمام مسلم" (2/ 50، ط. دار إحياء التراث العربي).

كما "يدخل فيه الدعاوى الباطلة كلُّها من المال والعلم والنسب وغير ذلك"، كما قال العلامة ابن العَطَّار في "العدة" (3/ 1379، ط. دار البشائر).

ومِن ثَمَّ كان ادعاء الإنسان ما ليس له من الأعمال الكتابية ونحوها ونسبتها إليه ضَربًا من ضروب الغش والكذب المُحَرَّمَين شرعًا:

فأما وجه الغش: فلإيهام القارئ بأن ذلك نتاج عقل وفكر مؤلفه، وهو في الحقيقة نتاج وثمرة جهد الآخرين، ومن الثابت في الشرع حُرمة الغش بكلِّ أشكاله وأنواعه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» أخرجه الإمام مسلم.

وفي رواية: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ فِي النَّارِ» أخرجها الإمامان: ابن حِبَّان في "صحيحه"، والطَّبَرَانِي في "المعجم الصغير" واللفظ له من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

فهذا النهي والوعيد يدُلَّان على تحريم الغش مطلقًا، سواء كان الغش في البيع أو في غيره من المعاملات بين الناس، حتى عَدَّ شيخ الإسلام ابنُ حَجَرٍ الهَيْتَمِي في "الزواجر" (1/ 393، ط. دار الفكر) الغشَّ من الكبائر.

وأما وجه الكذب: فلأن الكاتب أو الباحث الذي يتقدَّم بمؤلفٍ أو مقالٍ لم يُعِدَّه قد كَذَب على الآخرين من القارئين والمتابعين، سواء أكانوا أشخاصًا عاديين أم من أعضاء لجنة التحكيم والمناقشة -متى كان المؤلف أو المقال مُحَكَّمًا-، وهذا مما لا يخفى حرمته، واندراجه تحت مفهوم الكذب، وهو أمرٌ متفق على حرمته، ولا يرتاب أحدٌ في ذمه وقُبحه، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى اَلنَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا» متفق عليه.

قال الإمام النَّوَوِي في "الأذكار" (ص: 597، ط. دار ابن حزم): [قد تظاهرت نصوصُ الكتاب والسُّنَّة على تحريم الكذب في الجملةِ، وهو من قبائح الذنوب، وفواحش العيوب، وإجماعُ الأمةِ منعقدٌ على تحريمهِ مع النصوص المتظاهرةِ] اهـ. ولذا فهو معدودٌ من الكبائر أيضًا، كما في "الزواجر" لشيخ الإسلام ابن حَجَرٍ الهَيْتَمِي (2/ 322).

ولَمَّا حذَّر الشرعُ الشريفُ المسلمَ من الكذب حتى لا يُكتَب عند الله كذَّابًا، أمره بتحرِّي الصدق حتى يُكتَب عند الله صِدِّيقًا، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119].

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا» متفق عليه.

والأمر بأن يكون المسلم مع أهل الصدق وأن يجتنب الكذب يقتضي أن يلازم الصدق في أقواله وأفعاله، والتي منها نسبة الأقوال والأعمال الكتابية إلى أصحابها إن لم يكن هو مصدرها، وإلا فإنه يُعد كَاذِبًا غَاشًّا فيما يقول.

إضافة إلى أن المدعي إذ يُظْهِر نفسَه صاحبَ هذا الجُهْد العلمي المبذول، مُتَشبِّع بما لم يُعْط، متزينٌ بما لم ينل من أصول وأدوات وقواعد العلم الذي قدم فيه هذا العمل البحثي -ومن تلك الأصول والقواعد والأدوات: قدرته على البحث عن المعلومات والحصول عليها من مصادرها الصحيحة، ونسبتها إلى أصحابها، ومن ثَم صياغتها وترتيبها على شكل متقن للوصول إلى النتائج والأفكار المرجوة من العمل الصادر-، مما يعود عليه بالدرجة والمكانة التي لا يستحقها، ويساويه أمام غيره من الكتاب والباحثين والأساتذة الذين اجتهدوا وأبدعوا فيما وصلوا إليه -وخاصة فيما إذا تعلق الأمر بالأعمال الكتابية والمؤلفات البحثية التي تخضع للتحكيم كالرسائل الجامعية والأبحاث المحكمة التي يبنى عليها الدرجات وتولي المناصب العلمية-، وقد جاء عَنِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ» متفق عليه من حديث السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "«كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ» أي بأن يلبس ثوبَي وديعةٍ، أو عاريةٍ، فيَظُن النَّاسُ أنهما له، ولباسُهُما لا يدوم، أو بأن يلبس ثيابَ أهل الزهد وقصدُه أن يُظهِر للناس أنه مُتَّصِفٌ به وليس كذلك"، كما قال شيخ الإسلام زَكَرِيَّا الأنْصَارِي في "منحة الباري" (6/ 46، ط. مكتبة الرشد).

فأفاد الحديث: بأن المتزين بما لم ينل، المُتكثِّر بما ليس عندَه، بأن يظهر للناس بما ليس فيه، وبما لا يملكه؛ افتخارًا وتعاليًا: من ادعاءِ العلم وهو ليس بعالم، وادعاءِ الصلاح وهو ليس من أهله، وادعاءِ الجاه والوجاهة وهو ليس من أصحابها، ونحوِه -كلُّ ذلك "مذمومٌ كما يُذَمُّ من لبس ثَوْبَيْ زور"، كما قال الإمام النَّوَوِي في "شرحه على صحيح الإمام مسلم" (14/ 110)، وصار هذا المتشبِّع "بمنزلة الكاذب القائل ما لم يكن"، كما قال الإمام الخَطَّابِي في "معالم السنن" (4/ 135، ط. المطبعة العلمية).

فأمانةُ العِلم وصدقُ العالِم وإخلاصُه أن يَعزوَ كلَّ قولٍ إلى قائله، وأن يحيل كلَّ كلامٍ إلى مصدره ومرجعه، ومَن أخل بهذا فقد كذَب وحَادَ عن الأمانة العلمية، وسَلَكَ سبيلَ التأليف والتعلُّم الممقوت.

موقف القانون المصري من ذلك
إذا تقرر ذلك، فقد تكفَّل المشرع المصري بإصدار قانون لحماية حقوق المِلكية الفِكرية رقم 82 لسنة 2002م، وكفل في ثناياه -في الكتاب الثالث: حقوق المؤلف والحقوق المجاورة- حماية حق المؤلف الأدبي والفني، فجاء في المادة رقم (140) منه ما نصه: [تتمتع بحماية هذا القانون حقوقُ المؤلفين على مصنَّفاتهم الأدبية والفنية، وبوجهٍ خاصٍّ المصنفات الآتية: الكتب، والكُتَيِّبَات، والمقالات، والنشرات، وغيرها مِن المصنَّفات المكتوبة] اهـ.

كما منع أيَّ تعدٍّ يسلب هذا الحق بكافة الطرق والسبل، فنص في المادة (147) منه على أنه: [يتمتع المؤلف وخلفه العام من بعده بحق استئثاري في الترخيص أو المنع لأي استغلال لمصنفه بأي وجه من الوجوه وبخاصة عن طريق النسخ.. وغيرها من الوسائل] اهـ.

ووَضَع مجموعة من الضوابط والآليات التي تضمن ذلك، ويتعين على الناسخ والمقتبس الالتزام بها حال النسخ والاقتباس، ومنها: "أن يشار إلى اسم المؤلف وعنوان المصنف"، كما في المادة رقم (171) من ذات القانون.

وفي الإخلال بذلك والاعتداء على الحق المقرر للمؤلف من أن ينسب إليه مصنفه خطأٌ موجبٌ للمسئولية القانونية، وفقًا للفقرة السابعة من المادة رقم (181) من القانون المذكور.

الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن من مقتضيات الأمانة العلمية ذكرَ النسبة الصحيحة للأقوال والمؤلَّفات، وإحالةَ كلِّ نقلٍ إلى مصدره، وبذلك يحصل الصدق وتتحقق الأمانة العلمية، وتَحُلُّ بركةُ العلم ونفعُه على ناقله، ويَحرُم شرعًا نسبة الأعمال الكتابية من نحو الكتب والمقالات وغيرها لغير كاتبيها، ومَن يفعل ذلك فإنه يُعدُّ متلبسًا بفعل مُحَرَّم فيه جملةٌ من المحاذير والمخالفات الشرعية: كالغش، والكذب، وادعاء ما للغير، وتشبُّع الإنسان بما لم يُعْط، وخيانة الأمانة العلمية، مما يستوجب المؤاخذة والمأثم.

مقالات مشابهة

  • ما المادة التي تفرزها الغدة الدرقية؟
  • حكم نسب الأعمال الكتابية لغير كاتبها .. الإفتاء ترد
  • أحمد أيوب: وسام أبوعلي مفتاح حلول الأهلي.. ويجب استمرار عطية الله
  • أحمد أيوب: وسام أبوعلي أصبح مفتاح حلول الأهلي.. ويجب استمرار يحيى عطية الله
  • حصاد 2024.. أبرز الخواتم الذكية التي أطلقت في هذا العام
  • التقوى.. سر مفتاح الخير ومغاليق الشر
  • علي جمعة: التقوى مفتاح كل خير ومغلاق كل شر
  • أبرز القواعد التي يطبقها الأطباء «لإطالة العمر»
  • إنقاذ حياة مسن يعانى من ضعف شديد بعضلة القلب بمستشفى أبو المنجا المركزي
  • طعنتها في القلب.. حبس المتهمة بإنهاء حياة جارتها خلال "مشاجرة حريم" بأوسيم