قراءة نقدية لحال العرب اليوم
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
بدر بن علي الهادي
في عصرنا الحالي، تُواجه المجتمعات العربية المُسلمة تحديات عديدة، وتُعزى هذه التحديات غالبًا إلى عوامل خارجية أو إلى أعداء العرب والإسلام، لكن الحقيقة المؤلمة هي أن العديد من هذه المشاكل تنبع من داخلنا، من داخل قلوبنا وعقولنا وسلوكنا. وفي هذا المقال، سأتناول الجوانب المختلفة لهذه القضية، محاولًا تسليط الضوء على الأسباب الحقيقية وراء تدهور حال الأمة العربية الإسلامية.
حياة ملؤها الهروب من الحقيقة
نعيش اليوم حياة مليئة بالجُبْن والخوف، خوف من المُستقبل، من الفشل، ومن فقدان ما نملكه، هذه المخاوف جعلتنا نبيع الحياة الخالدة من أجل حياة فانية رغم تحذيرات الله لنا، نعم لقد نسينا أنَّ الحياة الدنيا ليست سوى ممر للحياة الآخرة، وأن التمسك بهذه الدنيا على حساب الآخرة هو خسران مبين.
حب الدنيا ونسيان حب الله
لقد أحببنا حياتنا الحالية، بكل مساوئها، وتركنا حب الله، ركضنا خلف الشهوات والماديات، ونسينا أن السعادة الحقيقية تكمن في القرب من الله واتباع أوامره، أصبحنا نرغب فيما عند الناس من مال وجاه، ونسينا ما عند الله من نعيم لا يزول.
الإسلام الحقيقي والشكلي
نعيش اليوم إسلامًا غير حقيقي، إسلامًا شكليًّا يفتقر إلى الروح والمضمون، نؤدي العبادات بشكل روتيني، دون أن يكون لها أثر حقيقي في حياتنا وأخلاقنا، حتى إنَّ أغلب علماء الإسلام إن صح التعبير، والذين من المفترض أن يكونوا قدوة لنا في الزهد والتقوى، أصبحوا ينافسون الإنسان العادي في التجارة والصناعة وجمع المال والتباهي بترف الحياة.
محاسبة النفس
قبل أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وهو من صميم عقيدة الإسلام، يجب أن نتحسس أنفسنا، هل نحن قدوة للآخرين؟ هل نلتزم بما أراده الله لنا وكلفنا به؟ يجب أن نكون نحن أول من يلتزم بأوامر الله وينتهي عن نواهيه قبل أن ندعو الآخرين لذلك.
النفاق والخيانة
أصبحتْ المجتمعات العربية اليوم تعج بالنفاق والخيانة، نرى الناس يظهرون ما لا يبطنون، يكذبون ويخدعون بعضهم البعض، وهذه السلوكيات عمّت المجتمعات؛ حيث أصبح الناس يتبعون نفس الأساليب من النفاق والكذب والخداع.
غياب الرؤية الإستراتيجية
إنَّ غياب الرؤية الإستراتيجية الشاملة عند أغلب القيادات السياسية في العالم العربي، أسهم في ضعف الدول أمام التدخلات الخارجية؛ حيث إنَّ وجود القادات التي تهتم برفاهية شعوبهم واستغلال الموارد بشكل مستدام يمكن أن يساعدوا في تقليل الاعتماد على القوى الخارجية وتعزيز السيادة الوطنية، إن تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي يتطلب قيادة رشيدة تهتم بمصلحة الشعب وبناء مؤسسات قوية قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية لا بقيادات تدمر الأوطان نتفني الإنسان لأجل كراسي السياسة مثل ما يحصل في الوقت الحالي في أغلب البلدان العربية.
لذا؛ فإنَّ التحديات التي تواجه المجتمعات العربية المسلمة اليوم هي في الأساس نتيجة لتقصيرها في الالتزام بتعاليم الإسلام، مُسترجعاً قول الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام"؛ حيث يشير رضي الله عنه إلى أن العرب لم يكن لديهم قومية تجمعهم قبل الإسلام، وأن الإسلام هو الذي وحّدهم وأعطاهم قوة وهيبة، حيث إنهم قبل الإسلام كانوا قبائل متفرقة تعيش في حالة من الانقسامات والصراعات كحالها اليوم تماما "حياة البؤس والحرمان"، وجاء الإسلام ليجمعهم تحت راية واحدة ويعزز مكانتهم.
إنَّ رؤية سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كانت صحيحة وتصلح لكل زمان؛ حيث كان يقصد أن عزة العرب وقوتهم جاءت من الإسلام وليس من الانتماءات القبلية أو العرقية؛ فالإسلام كان العامل الأساسي في توحيدهم وقوتهم وبناء حضارة عظيمة تمتد تأثيراتها حتى يومنا هذا.
لذا؛ نحن بحاجة إلى إعادة النظر في أنفسنا، في قيمنا وسلوكياتنا، والعودة إلى الطريق المستقيم ولا طريق سوى الإسلام الحقيقي لا النفاق الذي نعيشه. علينا أن نكون قدوة حسنة للآخرين، وأن نلتزم بما أمرنا الله به حتى نتمكن من بناء مجتمعات قوية ومستقرة ونعود لملك الله حتى تحترمنا الأمم الأخرى.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هؤلاء المرضى يجوز لهم عدم الصيام في هذه الحالة.. تعرف عليهم
أكد الدكتور محمود صديق، الأستاذ بكلية الطب ونائب رئيس جامعة الأزهر، أن الصيام فُرض لتحقيق التقوى، مستشهدًا بقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، موضحا أن الصيام عبادة عظيمة شُرعت للأصحاء القادرين، بينما منح الإسلام رخصة الإفطار لمن يعانون من أمراض قد تضرهم مشقة الصيام.
وأشار الأستاذ بكلية الطب ونائب رئيس جامعة الأزهر، خلال تصريح، إلى أن مرضى السكري، على سبيل المثال، يجب عليهم استشارة الطبيب قبل اتخاذ قرار الصيام أو الإفطار، حرصًا على صحتهم وسلامتهم، مبيّنا أن الإسلام رخص للحامل والمرضع والنساء في فترة الحيض الإفطار على أن يتم القضاء في أيام أخرى.
وأضاف أن مرضى الكبد والكلى، خاصة في الحالات المتقدمة التي تتطلب تناول أدوية في مواعيد محددة، قد يُرخص لهم بالإفطار بعد استشارة الطبيب، استنادًا إلى قوله تعالى: "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ"، وقوله: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ".
وأكد على أن الهدف من الرخصة الشرعية هو الحفاظ على صحة الإنسان، مؤكدًا أن الله سبحانه وتعالى يريد لعباده اليسر والرحمة، وداعيًا الجميع إلى الالتزام بتعاليم الدين بروحها الصحيحة التي تراعي مصلحة الإنسان وسلامته.
صيام المريض العاجزوأكد الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الفرح بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، والغيرة على دينه وسنته، من علامات المحبة الصادقة، مؤكدًا أن "المرء يُحشر مع من أحب"، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين بشَّر رجلًا قال إنه لم يُعِدَّ للآخرة كثير صلاة أو صيام، لكنه يُحب الله ورسوله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت مع من أحببت».
وأضاف مفتي الجمهورية، خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق ببرنامج "اسأل المفتي" الذي يذاع على قناة صدى البلد، أن الإسلام دين يسر ورحمة، وأنه لا يكلف الإنسان فوق طاقته، مستشهدًا بقوله تعالى: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]. وأكد أن المريض العاجز عن الصيام، الذي لا يُرجى شفاؤه، وليس لديه القدرة على دفع الفدية، يُرفع عنه الحرج، وليس عليه إثم.
وأشار إلى قصة الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشتكي أنه أتى أهله في نهار رمضان، فأمره النبي بالكفارة، لكنه لم يكن قادرًا عليها، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم صاعًا من تمر ليتصدق به، فلما أخبره الرجل أنه أفقر أهل المدينة، سمح له النبي بأخذه. وأكد فضيلته أن هذه القصة تدل على سعة رحمة الإسلام وتيسيره على المسلمين.
واختتم المفتي حديثه بالدعوة إلى التحلي بروح الشريعة الإسلامية التي تقوم على الرحمة والتيسير، والتأكيد على ضرورة الالتزام بالأحكام الشرعية بروح المحبة والاتباع، مع الاستفادة من التوجيهات النبوية في تحقيق السعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة.